تطور اتجاهات التدريب في القوات المسلحة الحديثة

k.g.b

صقور الدفاع
إنضم
30 يوليو 2008
المشاركات
3,736
التفاعل
252 0 0
بسم الله الرحمن الرحيم
...............................
تطور اتجاهات التدريب في القوات المسلحة الحديثة
.....................................​


ينظر إلى التدريب على أنه حجر الزاوية في القضايا المتعلقة بالموارد البشرية في القوات المسلحة الحديثة، حيث ثبت أن تحقيق مستوى تدريب أفضل يضاعف القدرة العسكرية، ووجود أعداد أقل من الوحدات ذات التدريب الممتاز يحقق وفراً في حجم الإنفاق العسكري، وهو ما تنشده جميع دول العالم غنيها وفقيرها.
والتقدم التكنولوجي السريع في المعدات العسكرية يبرز العديد من القضايا المرتبطة بذلك، ليس أقلها ارتفاع تكاليف التدريب اللازم لتعريف المقاتلين بهذه التكنولوجيا وتمكينهم من استخدامها إلى الحد الأقصى. ومن المعروف أن عمر التكنولوجيا في المعدات العسكرية يسبق عمر المعدات العسكرية نفسها، ولذا فمن الضروري أن يتم تدريب العاملين علي المعدات العسكرية تدريباً متواصلاً لمجاراة التكنولوجيا المتطورة التي يتم تركيبها وتعديلها في المعدات العسكرية على فترات مختلفة.
ونتيجة للتطور العلمي والتكنولوجي الكبير الذي تحقق في تصنيع نظم التسليح المختلفة، أصبح من اللازم تدريب الكوادر القادرة على التعامل مع هذه النظم المعقدة، ولا يتأتى هذا إلا عن طريق التدريب الواقعي والمستمر، والذي بدوره يستلزم نفقات وتكاليف، نتيجة استهلاك الأسلحة الجديدة في أغراض التدريب. ونظراً لهذا التعارض بين ضرورة التدريب الواقعي وارتفاع التكاليف، ظهرت الاتجاهات الحديثة في التدريب العسكري.
كما أن التوسع في تطبيقات نظم القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات وسرعة تغير المواقف في المعارك الحقيقية وكثافة النيران، وتزايد قوة تدمير الأسلحة، وتزايد أعمال التحكم الآلي في مختلف نظم التسليح، كل ذلك يستدعى تواجد قيادات وضباط وفنيين ذوي نظرة شاملة، واسعة الأفق، في مجال التدريب.
وكان لتطور وتعقيد نظم التسليح الحديثة أثره الكبير على تطوير أساليب التدريب، فتطورت الوسائل التكنولوجية المستخدمة لتدريب المستويات المختلفة، واتسمت بالواقعية، وتنوعت أساليب التدريب من المشبهات Simulators إلى تمثيل الجو الواقعي بأساليب مختلفة، ثم استخدمت برامج الحاسبات لاختيار وتدريب وتقييم الأفراد والقيادات وأخيراً استخدم أسلوب الدمج في الحاسبات بين المعلومات المتوفرة من مصادر مختلفة، مع تمثيل أسلوب التدريب المتكامل، بما فيه التقييم وتصحيح الأخطاء. ثم يصل التدريب إلى مستويات التدريب على العمليات الشاملة، باستخدام المباريات الحربية War Games.
وتحتاج تكنولوجيا التدريب المتطورة إلى تطبيق العلوم الحديثة في مجالات نظم المعلومات والحاسبات والنظم الخبيرة Expert Systems والذكاء الاصطناعي، وتحليل النظم Analysis System وهندسة الاتصالات، وعلوم الإدارة الحديثة وعلم النفس.
ومع أن الحاجة إلى أنواع من التدريب المتخصص تتطلب إنفاق المزيد من الأموال، فإن الإنجازات في تكنولوجيا التدريب تدل على أن كلفة التدريب آخذة في التراجع، ذلك لأن استخدام وسائل تدريب مبرمجة على الحاسب، ومعدات رقمية بدلاً من المعدات التقليدية، وأنظمة رؤية منخفضة التكاليف، كلها عوامل تساعد على تحقيق مستوى تدريب فعال وبأسعار معقولة.

منظومة التدريب الحديثة

تعرف منظومة التدريب الحديثة بأنها: "مجموعة الأدوات، والأساليب، والخبرات، التي تستخدم لتدريب الأفراد، في أحد المجالات، بطريقة اقتصادية ودقيقة، للوصول بهؤلاء الأفراد إلى مستوى معين من الكفاءة في الأداء، مع توفير الوقت والتكاليف والجهد". ويتطلب بناء هذه المنظومة خلق الكوادر القادرة على استخدام أساليب التدريب الحديثة، وتطبيق أساليب الإدارة بحيث تكون الأهداف التدريبية واضحة، على كافة مستويات المنظومة، وبحيث تتم عمليات التقويم بصفة مستمرة، لتحقيق هذه الأهداف. ويتضمن ذلك تقويم أداء كل من المدرب والأفراد الذين يجري تدريبهم، باستخدام أحدث الأساليب مثل: بنوك الأسئلة، وتسجيل مستوى أداء الفرد، وتحليل ذلك بالأساليب العلمية.
وتتضمن منظومة التدريب الحديثة أساليب وطرق التدريب الجماعي، كالمحاضرة، والطابور، والندوة، والمناظرة، والعمل ضمن فريق، واستخدام المشبهات للتدريب على المعدات والأسلحة. ويؤدي ذلك إلى تخزين ونقل المواد الخاصة بالتدريب في صور مضغوطة، توفر الوقت والحجم والتكاليف، مع توفير مصادر للمعلومات التدريبية، لا تتأثر بتتابع المدربين، وتحقق هذه المنظومة كذلك تنميط إنتاج مواد التدريب والأنشطة التدريبية، وأساليب التقويم، أو إمكانية التعلم الذاتي، والتعلم عن بعد Remote Learning، مما يعطي للمتدربين دوراً أكثر إيجابية في العملية التدريبية، خاصة مع تعدد وسائل عرض مواد التدريب، التي ترفع درجة الاستيعاب، دون الحاجة لوجود المدرب بصفة مستمرة.
وبتطوير أساليب التدريب، تطور دور المدرب التقليدي في التلقين والشرح، وأصبح هناك دور أكبر للمبرمج، الذي يصمم المنهج التدريبي وأساليب كل من المدرب والأفراد الذين يجري تدريبهم.
وتنوع وسائل التدريب يحقق مواءمة المادة التدريبية وأساليب عرضها الحقيقية، ويحقق وفراً كبيراً في تكاليف استهلاك هذه المساعدات، خصوصاً إذا كانت معدات عسكرية، مثل الطائرات، أو السفن، أو وسائل الدفاع الجوي والمدرعات.
وأصبحت منظومة التدريب الحديثة تعتمد على علم تحليل النظم، وبناء النماذج Models لميكنة أدوات الإدارة المشرفة على أنشطة التدريب، بغرض تحويل نظام التدريب التقليدي إلى نظام قائم على تقنية التدريب المتكاملة، مع تطبيق نظريات وقواعد التعلم المختلفة، لتطوير المهارات اللازمة لإتقان العمل، ويحقق استخدام علم تحليل النظم في مجال التدريب التأكد من أن الفرد لن ينقل من التدريب على جزئية معينة إلى جزئية أخرى إلا بعد إتقان الجزئية الأولى، وهذا التتابع يحقق الإتقان المطلوب في التدريب.

توفير المعلومات اللازمة للتدريب

التطور في تقنيات الاتصالات أدى إلى تعدد وسائل الاتصال التقليدية، وبالتالي إمكانية توفير وتجديد المعلومات الخاصة بالتدريب، عن طريق الأقمار الصناعية، التي تحقق الاتصال بأماكن التدريب الأخرى، المحلية والعالمية. ويتركز دور القائمين على اختيار المعلومات المناسبة لتحقيق الأهداف، وتنظيم الاستفادة منها بعد ترجمتها ومعالجتها، لتصبح ملائمة لنوعية المعلومات ولمستوى الأفراد المطلوب تدريبهم.
وأصبحت هناك حاجة لتوفير قواعد بيانات لأنظمة التسليح الجديدة، تخدم أغراض التدريب عليها، وتبادل المعلومات في شأنها مع الدول المتقدمة في مجالها. وعلى سبيل المثال تزايد استخدام أشعة الليزر في المجالات العسكرية، سواء في التدمير، أو في إضاءة الأهداف، وتعمية أجهزة الرصد والاستشعار، خصوصاً بالنظارات الليلية، ولأن تأثير هذه الأشعة يتم بسرعة الضوء، أصبح من الصعب اتخاذ الإجراءات المضادة، وزاد العبء على النظم والأفراد، الذين يتعرضون لتهديداتها، وخصوصاً أطقم الطائرات، الذين يجب أن يكونوا على دراية كاملة بهذه التهديدات، وطرق التغلب عليها، وتأثيرها البيولوجي، وطرق الحماية، والإجراءات المضادة، ولمواجهة كل ذلك يقوم مركز الطيران العسكري الأمريكي بإعداد برامج تدريبية لهذا الغرض، لتصبح جزءاً من برامج تدريب أطقم الطائرات.
ومع كثرة وسائل توفير المعلومات الخاصة بالتدريب، وكذلك وسائل التصنيف والتخزين والمعالجة لهذه المعلومات، ظهرت الحاجة إلى تصميم بنوك معلومات للتدريب، تعتمد أساساً على قواعد البيانات المتعددة المصادر مثل: الشرائح، والصور، والرسوم، والأفلام، والخرائط والمطبوعات، والشرائط المسجلة على: كاسيت، فيديو ميكروفيلم ميكروفيش.
وأدى تعدد وسائل تخزين المعلومات إلى إمكانية اختيار الأسلوب المناسب لتخزينها واسترجاعها بالسرعة المطلوبة، ووفقاً لظروف التدريب المتاحة. وأصبح من المفضل أن يتصل مكان التدريب ببنوك المعلومات المتخصصة، وبأماكن التدريب الأخرى، لتحقيق الاستفادة المستمرة ، وتطوير المناهج والموضوعات.
وأصبح هناك العديد من الأماكن المناسبة لممارسة التدريب، حسب نوعية ومستوى المادة التدريبية وكذلك حسب الصور المتاحة لعرض هذه المادة، ومدى إمكانية استيعاب بعض هذه الصور داخل المكان المخصص للتدريب، سواء كان فصلاً أو ورشة، أو معملاً، أو ميدان تدريب، أو ميدان رماية إلكترونية.

مساعدات التدريب المتطورة

تطورت تقنيات إنتاج مساعدات التدريب، وأصبحت تشمل المطبوعات الحديثة، التي تجهز بالطباعة الإلكترونية، والوسائل السمعية والمرئية، مثل الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، وحزم البرامج الخاصة بالتدريب، وإعداد المناهج التي تعتمد على التفاعل بين الدارس والحاسب. وأصبح إنتاج مواد التدريب المتطورة يتم باستخدام وسائل آلية، بالاعتماد على أسلوب التدريب المبرمج. وبذلك ازدادت الحاجة إلى المبرمج، الذي يحدد جميع تعليمات برنامج التدريب، ويصمم سيناريوهات التدريب، ويحلل المواقف التدريبية، ويحدد أدوات التدريب المناسبة، التي يعتمد إنتاجها على تطور التقنيات الإلكترونية الدقيقة في مجالات إنتاج الرسومات بالحاسبات Computer Graphics والتصميم بمساعدة الحاسبات Computer Aided Design.

الواقعية في التدريب

تعتبر الواقعية أهم مبادئ النجاح في التدريب القتالي، حيث يتم التدريب مسبقاً على المواجهة والإحساس بظروف المعركة المتوقعة، وذلك عن طريق نقل الشعور للمقاتل بأنه متواجد بالفعل داخل وعلى أرض المعركة، إضافة إلى إحساسه بالمناخ النفسي والعصبي، مما يجعله يعرف ويلمس بنفسه مراحل سير المعركة المقبلة، وهذا يؤدي بالتالي إلى اتخاذ القرار السليم. ونظراً لأن عملية التفكير التي يقوم بها المقاتل بهدف الوصول إلى القرار الصحيح، تعد في حقيقة الأمر نوعاً من تشبيه الواقعية في الموقف التدريبي، لذلك فإن أنماط التدريب التقليدية تخلو من التمثيل الصادق لجو الواقعية لتلك المواقف، وكذا الإحساس بالحالة النفسية والعصبية أثناء سير القتال. وهذا يجعل القرارات مخالفة لتلك القرارات التي سيتحتم اتخاذها حينما تحدث المعركة الفعلية.
وبناء على ذلك تطورت تقنيات تمثيل جو الواقعية بصورة سريعة، وسوف تنخفض تكاليف امتلاكها وتشغيلها. ولن يمضي وقت طويل حتى تكتظ مكتبة الحاسبات العسكرية بشرائط وأقراص Disks تحوي برامج وقواعد بيانات متعددة، تختص بالتدريب القتالي والفني على جميع المستويات التنظيمية، شاملة لكافة التخصصات التكتيكية والفنية، ولكل أنواع الأسلحة والمعدات.
ويعتمد تمثيل جو الواقعية على الحاسبات الآلية في بناء نماذج للوسائط البيئية، تكون ملموسة ومجسمة، ويمكن التعامل معها بالرؤية والسمع واللمس، ويتم تطبيقها في التعليم والتدريب، من خلال الاتصال بمستشعرات خاصة بالجسم البشري. ويمكن استخدام هذه التقنية لأكثر من شخص، في نفس الوقت، وهي تتميز عن نماذج أخرى للتدريب باستخدام الحاسبات الإلكترونية، من حيث إنها أكثر تطوراً في مجال تطبيقات هندسة الإلكترونيات الدقيقة Microelectornics في مجالي المكونات المادية والبرامج، بالإضافة إلى أنها تعتمد على نماذج تفاعلية مع البيئة.
ويمكن باستخدام هذه التقنية تصميم، ثم بناء، أرض لمسرح العمليات بالكامل، بما فيها من مواقع محصنة، ومعدات وأجهزة معادية وصديقة، وذلك من حيث طبيعة الأرض وتضاريسها، والطقس المتوقع وقت بدء وأثناء سير العمليات الحربية. وبذلك يمكن للقائد أن يسير على هذه الأرض، مستشعراً صعوبة السير على الأراضي الرملية أو الملاحات، ويتعايش مع درجة الحرارة، ارتفاعاً وانخفاضاً، ويمكن أن يركب المدرعات، أو يطير في الجو، مستطلعاً لكل ما ينتشر على مسرح العمليات من مواقع ومعدات، وبإمكانه الدخول إلى أي منها، ولمسها، وتشغيلها.
ويؤدي كل ذلك إلى الوصول إلى القرار الأمثل، بعد تنفيذ إجراءات الاستعداد للمعركة، وتنظيم التعاون. وبذلك يكون القرار الذي يتخذه في المعارك التشبيهية، مطابقاً لما يمكن أن يتخذه تحت ضغط ظروف المعركة الحقيقية، بعد الإحساس بالمناخ النفسي والعصبي للمعركة.

الترابط بين التعليم والتدريب

الفرق الأساسي بين تعريف كلمتي التعليم والتدريب هو أن التدريب يركز على المواصفات المحددة التي يقوم الفرد بتطبيقها، بينما يهدف التعليم إلى رفع مستوى الفرد الأكاديمي، ومع ظهور العولمة، وحرية استخدام معلومات الأقمار الصناعية وأنواع وسائل الإعلام الأخرى، فقد أصبح التعليم، وبشكل متزايد، جزءاً من أسلوب الحياة. كما أن التعليم يعتبر من الأمور التي يمكن للمرء أن يغذي نفسه بها، وأن يرفع مستواه لإشباع حاجته، والسعي نحو فرص تعليمية أخرى.
ولقد أدركت القوات المسلحة في غالبية دول العالم أهمية التعليم، خاصة في صفوف الضباط، وذلك عن طريق دورات الأركان التي يتلقى فيها الضباط تعليماً عاماً، وتعليماً في المجالات العسكرية، التي قد لا تكون ضمن تخصصاتهم. وقد أصبح هذا التعليم، في بعض القوات المسلحة يتخذ صفة رسمية. ومن الأمثلة على ذلك أن الترقية إلى رتبة عقيد، في البحرية الأمريكية، يعتمد على حصول الضابط على شهادة الماجستير، إما في موضوع محدد كالهندسة، أو في الأغلب، شهادة عامة، كالماجستير في الأدب، وهناك المزيد من الدول التي أخذت تتبنى تطبيق هذا الشرط.
والتعليم يزود الفرد العسكري بإمكانيات وقدرات تساعده علي المناقشة المنطقية والقيام بإجراء بحوث متعلقة بأية مشكلة. والأهم من ذلك كله، تزويده بإمكانية تقدير الاحتمالات، التي تؤثر على أي قرار. ولا شك بأن بإمكان كبار القادة العسكريين إظهار هذه المهارات والقدرات بشكل هائل، في الوقت الذي يمكن فيه تعزيز دافعية واهتمام الضباط عن طريق تزويدهم، خلال فترة خدمتهم، ببعض الدورات التدريبية.
ويمكن تلخيص ما يتم التركيز عليه في مجال تدريب وتعليم المقاتل فيما يلي:
أ أن يكون على دراية باستخدام الكمبيوتر بفاعلية.
ب أن يكون مفكراً نظامياً، وهذا التفكير النظامي بنبغي أن يبدأ بفهم سلسلة العمليات المتعاقبة. ويجب أن يبدأ التفكير النظامي مبكراً في عملية إعداد المقاتل، وأن يتخلل كل الخبرات التعليمية والعملياتية المتتالية.
ج أن يتصف بالرشاقة الذهنية، وهذه الملكة يمكن تطويرها من خلال التدريب الذهني المثير، الذي يحفز المقاتل سريعاً وشمولياً لإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل في أرض المعركة.
د. على المقاتل معرفة وفهم نوعية المهمة، والتعليمات الخاصة بها، والتأثير الذي تحدثه القيادة علي المرؤوسين. فالمنظمة التعليمية سوف تستفيد بشكل كبير من التنفيذ اللامركزي للعمليات، التي تم تخطيطها مركزياً.
ه أن يكون للقائد خبرة تدريبية متنوعة وواقعية، بما يمكنه من العمل في الظروف العادية، أو في المواقف غير الواضحة والمستجدة.

تزايد دور الحاسبات في مجالات التدريب

أصبحت الحاسبات الإلكترونية تستخدم على نطاق كبير في كافة أنشطة التدريب مثل:
أ التخطيط وتنفيذ التدريب المبرمج على جميع المستويات، وذلك وفقاً لسيناريوهات عديدة، تضمن سرعة التنفيذ السليم والدقيق للمهام، والاعتماد على النفس، وفاعلية الأداء، والتفاعل السليم بين أفراد فريق العمل في كافة المواقف.
ب إنتاج مواد التدريب المتطورة، وإعداد المطبوعات اللازمة، وإعداد برامج تشغيل مشبهات التدريب.
ج التحكم في منظومة التدريب المتعددة العناصر، حيث يمكن التحكم في تشغيل العناصر بالتتابع.
د تستخدم الحاسبات نفسها كأداة تدريب متطورة، حيث تحقق التفاعل مع الدارس، وبحيث يمكن أن يحل الحاسب مكان المدرب، في بعض الأنشطة، بتتبع المتدرب للتعليمات التي يقدمها البرنامج.

استخدام المباريات الحربية في تدريب القادة وهيئات الأركان

تستخدم المباريات الحربية War Game لتدريب القادة، وهيئات الأركان، في جميع المستويات، على اتخاذ القرار المناسب، في الوقت المناسب، وإصدار التوجيهات والأوامر والتعليمات للمرؤوسين، لتنفيذ هذه القرارات، والإشراف عليها، ومتابعة تنفيذها، وكيفية التحضير والتنظيم والتخطيط لإدارة العمليات والأعمال القتالية، على المستويات المختلفة: التكتيكية، والتعبوية، والاستراتيجية. وفي هذه الحالة يزود الحاسب بمعلومات عن طرفي الصراع، وتوضع السيناريوهات للمواقف المختلفة، ويقوم القادة بتقدير مواقفهم، وتعطى البيانات للحاسب، وتتوالى العملية، وفي النهاية يقوم الحاسب بتحليل القرارات وتقييم النتائج، خلال كل مرحلة من مراحل المباراة، للخروج بالدروس المستفادة.
وتستخدم النظريات الرياضية في المباريات الحربية، بهدف الوصول إلى الحل الأمثل لاستخدام الإمكانات المتاحة، وذلك بإيجاد قيم ومقاييس محددة للعوامل والمتغيرات المؤثرة، وبتحديد العلاقة بين هذه القيم، يمكن تحديد النتائج الفعلية والعملية لاستخدام القوات والوسائل، في ظروف محددة، باتباع أساليب التحليل الكمية Quantitative والنوعية Qualitative.
وتعتمد المباريات الحربية على استخدام نظرية المباريات وأسلوب "مونت كارلو" Mont Carlo للتشبيه، ونظرية المباريات التفاضلية Differential Games، التي تعتمد على وصف العمليات الحربية بنماذج رياضية Mathematical Models تبنى من معادلات تفاضلية Differential Equations، وتتضمن أعداد القوات، ومقياس كفاءتها.
ولإجراء المباراة الحربية، تستخدم شبكة حاسبات تتميز بالسرعة الهائلة، والقدرة التخزينية الكبيرة، والدقة العالية في معالجة البيانات، والقدرة على العمل لفترات طويلة دون أعطال، مع آلية الأداء، من خلال مجموعة من البرامج Software لتنفيذ مختلف التطبيقات المستخدمة في تقييم أعمال القتال للقوات المتصارعة لكلا الجانبين، وذلك بتقييم الأسلحة والمعدات، وعناصر الإنذار، والاستطلاع، والتأمين الفني، والإداري، والكيماوي، والتأمين ضد أعمال الإعاقة، والشوشرة المستخدمة في الحرب الإلكترونية.
ويتم الاستفادة الكاملة بتقنيات الوسائل المتعددة Multimedia، وذلك بتمثل وتخزين الأفكار والمعارف بصورها المختلفة: تصوير فوتغرافي الفيديو الرسومات المتحركة النصوص المكتوبة والصوت، مع إمكانية استخراجها والتفاعل معها. وتستخدم الرؤية المجسمة في تجسيم شكل الهيئات الأرضية، والأهداف الجوية، والبحرية، والبرية، كما تستخدم في محاكاة مجسمات الإشعاع الراداري، ومناطق تدمير الصواريخ، وذلك بالإضافة إلى استخدام الشاشات الإلكترونية، والبروجيكتورات، ونظم المعلومات الجغرافية Geographic Information Systems- (GIS).

استخدام المشبهات للتدريب

أدى التعقيد المتزايد في جميع الأسلحة والمعدات العسكرية، وما ترتب عليه من ارتفاع أسعارها، وزيادة تكاليف تشغيلها إلى الحاجة الشديدة لاستخدام المشبهات، بغرض التغلب على مشكلة استخدام مساحات كبيرة من الأرض كميادين للتدريب بالذخيرة الحية. وحدث تقدم كبير في تقنيات المشهبات، فأصبح الطيار يستطيع قيادة طائرته بصورة شبه تامة، دون أن يستقلها، وأن يتعلم الجندي كيفية قيادة الدبابة أو مركبة القتال دون أن يركبها، أما الضابط البحري، فيستطيع قيادة سفينته، دون الإبحار على متنها، وكذلك تصميم بعض المشبهات لتقويم عناصر القيادة والأركان، حيث تمكن هذه المشبهات من دراسة مراحل القتال بالتفصيل، وتتضمن اختبارات في العمليات المعقدة، مثل فتح الثغرات في حقول الألغام، أو عبور المواقع المائية.
وتتجلى الأهمية القصوى للمشبهات في حاجة القوات المسلحة إلى إعطاء المقاتلين التدريبات الأساسية والمتقدمة، قبل مغادرة مكان التدريب. وعندما يكونون جاهزين للتدريب بالمعدات، على مهام العمليات، فإن سلسلة أخرى من المشبهات، وعناصر تمثيل جو المعركة، تشترك في ذلك، وهي لا تحقق الواقعية فقط في التدريب، ولكنها أيضاً تسجل درجة الكفاءة القتالية في استخدام السلاح.
وتغطي المشبهات مختلف المجالات مثل:
أ قيادة الطائرات، والسفن، والمركبات، والدبابات، وتدريب أطقمها على العمل الجماعي، والإجراءات المشتركة.
ب استخدام الأسلحة المختلفة، مثل المدافع، والمقذوفات الموجهة، والصواريخ، والتحكم في نيرانها.
ج التدريب القتالي، والقتال الجوي، والهجوم جو-أرض.
د تدريب الأفراد على الأسلحة الصغيرة.
ه تدريب أطقم القيادة والسيطرة والاتصالات.
و تقليد جو المعركة الحقيقي، مثل إنتاج الصوت والدخان والانفجارات وطلقات الإشارة، ونيران الأسلحة، والألغام، وتوليد الصور المتحركة.
ز صيانة المعدات والأسلحة والمركبات.
ح الحرب الإلكترونية.
وفي مجال تدريب الطيارين، يحظى استخدام المشبهات باهتمام متزايد، دفع منتجي هذه الأنظمة إلى العمل على تطويرها والإبداع في ابتكار الأنظمة المرئية والسمعية المكملة للتشبيه. ولقد كانت الأسلحة الجوية رائدة في التدريب باستخدام المشبهات، بعد أن ثبت بصفة قاطعة، ما للتشبيه من مزايا عديدة تميزه عن التدريب التقليدي بواسطة الطائرات.
وتعتبر مشبهات الطيران من مساعدات التدريب الهامة التي لا غنى عنها للطيار، نظراً لازدياد درجة الواقعية في هذه الأجهزة، ولقدرة مشبهات الطائرات الحديثة علي تشبيه بيئة الطيران، لكافة أنواع الطائرات، كما أنها تقلد بشكل واقعي، عمل الرادار، والإجراءات الإلكترونية المضادة، ونظام إدارة النيران.
وترجع أهمية استخدام المشبهات في التدريب على قيادة الطائرات إلى خفض عدد مصابي الحوادث من الطيارين وغيرهم، والأضرار المادية، وتوحيد أسس التدريب، وتقليص الوقت الضائع من سوء الأحوال الجوية.
ونظراً لأن المشبه يمكن استعماله على مدار الساعة، فقد تبين أن مشبه طيران واحد يوازي بفعاليته 81 طائرة تدريب، وتتيح أدوات التشبيه كذلك ليونة أكبر بالنسبة للمتدربين، بحيث إن المدرب بات قادراً على تدريب الطيارين على الطيران الليلي، وفي ظل الرياح والأعاصير.
النموذج الأمريكي في التدريب
لدى القوات المسلحة الأمريكية برنامج، واسع النطاق، للتعليم والتدريب. وهو يبدأ بفرصة الحصول على تعليم جامعي للأفراد الموجودين في الخدمة الفعلية. وكل سلاح من الأسلحة يشجع أفراده على حضور الدورات الدراسية الجامعية، التي تقدم لبعض الوقت، ويوفر المساعدة المالية، ويقوم في بعض الأحيان بتعديل الجدول حتى يجعل ذلك ممكناً. ويكون ترتيب ذلك بالنسبة للأفراد العسكريين المتمركزين في الولايات المتحدة، ولكن الأسلحة المختلفة أعدت أيضاً برنامجاً للدراسة الجامعية للأفراد الموجودين وراء البحار. وتقوم بتنظيم البرنامج لصالح الأفرع العسكرية جامعة "ماريلاند" التي أنشأت مراكز لتلقي الدراسة الجامعية في ألمانيا واليابان وكوريا، حيث يتمركز معظم الأفراد الأمريكيين، الموجودين في الخارج. وقد أعدت القوات المسلحة دراسات بالمراسلة لمن لا يستطيعون الوصول إلى الأماكن المعدة للدراسة. فالأسطول مثلاً أنشأ قاعات بها أجهزة للكمبيوتر في كل سفنه الحربية، لمساعدة العاملين في الأسطول والبحرية على مواصلة دراساتهم الجامعية أثناء وجودهم في البحار.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك برنامج واسع النطاق للتعليم والحصول على شهادة في المجالات الفنية، التي تهم القوات المسلحة، بما في ذلك مدرستان للدراسات العليا، وفي سنة يتقدم الآلاف من العسكريين والمدنيين لهاتين المدرستين العسكريتين، وهناك آلاف أكثر يحضرون في أرقى المدارس المنتشرة في كل أنحاء الوطن.
وتقوم الجهات العسكرية الأمريكية أيضاً بتنفيذ برنامج، فريد من نوعه، للتدريب على القيادة. فكل واحد من ضباط الصف، قبل ترقيته- أو ترقيتها إلى الدرجة الأعلى يشترط أن يتلقى دورة في القيادة، تتولى الإعداد بالتحديد للتحديات اللازمة للدرجة الأعلى، وبعض هذه الدورات يمتد لفترات طويلة. وهناك أقل من واحد في المائة من ضباط الصف في الجيش مرشحون للترقية لدرجة رقيب، ولكنهم قبل أن يحصلوا على شرائطهم يجب أن ينجح كل منهم في برنامج مكثف مدته تسعة أشهر على قيادة ضباط الصف.
وقد أنشأ الجيش الأمريكي مرافق كاملة المعدات للتدريب، جعلت في الوسع الوصول إلى مستوى لم يسبق له مثيل في الواقعية القتالية. ويجري كل لواء عامل في الجيش التدريب القتالي المكثف مرة كل 18 شهراً. ويوجد لدى الأسطول ومشاة البحرية أيضاً برنامج للتدريب، واسع النطاق، للمشتغلين بالخدمة الفعلية. فكل مجموعة حاملة طائرات، مثلاً، تقضي بضعة شهور في البحر قبل إرسالها إلى موقع عملها، في تدريبات تنتهي باشتباك قتالي مفترض.
النموذج الألماني في التدريب
في إطار الاتجاه الألماني، ومن أجل الوفاء بجميع المهمات المستقبلية، فإن الجيش الألماني يرى أنه في حاجة إلى قادة على مستوى أعلى يتمتعون بمهارات قيادية فائقة جنباً إلى جنب مع التشكيل الجديد. فمن أجل تطوير وتدعيم الحفاظ على العقيدة القتالية الأساسية، يجب أن يكون القادة مرنين ومبدعين وقادرين على التأقلم مع ظروف المعركة وتنفيذ المهمات الموكلة إليهم.
ولذلك فإن تدريب القادة في الجيش الألماني هو العنصر الأساسي في الخطة رباعية المراحل، الهادفة إلى رفع مستويات التدريب، فقادة السرايا والفصائل يكتسبون خبرات قيادية عملية من خلال التدريب مع وحداتهم وتشكيلاتهم، في مراكز التدريب على المناورات القتالية، التي تكسب التدريب أكبر قدر من الواقعية، من خلال ظروف ميدانية ونفسية حقيقية، فقادة الفصائل والسرايا سوف يخدمون في هذه المراكز لمدة ثلاث سنوات، مما سيجعل منهم في المستقبل قادة على أعلى مستوى، وكذلك سيتم دعم تدريب القادة من خلال تطوير التفكير العملياتي، لعدم فرض الظروف العملياتية على القائد، إنما يكون عليه أن يختار هو المعركة، بحيث يكون الميدان وتميز القوات في صالحه
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى