السلام عليكم
قبل ان نقيم الصفقة من خلال نظرتنا الهاوية و ليست بالخبيرة اسرد عليكم قصة الغواصة HMS Super البريطانية التي كانت تتحرك في البحر الاحمر سنة 2008 و بسبب خطئ في الخريطة الملاحية التي تعود للخمسينات سارت الغواصة بعمق 250 متر ظان طاقمها بانها امام مياه ذات عمق يفوق 300 متر لتصطدم بجرف صخري منتصب تسبب بكارثة لها اخرجتها من الخدمة و كادت تسببت بكارثة مشابهة لكارثة كورسك
سبب ذكري للحادثة ليس اعتباطيا بل لتبيان احدى فوائد تواجد سفينة ابحاث محيطية ضمن اسطول اي قوة عسكرية فسفن الابحاث لها مهام عدة و تعتبر سندا حقيقيا لعمل القطع الحربية في اي بحرية محترمة بعيدا عن الارتجال و مؤشر على ان البحرية السعودية تسعى لادخال الغواصات و طائرات الدورية البحرية و قطع برمائية قريبا في اسطولها
فمن مهامها رسم خرائط مفصلة للشذوذات المغناطيسية و شكل التضاريس البحرية و درجات حرارة و شكل و احجام و خصائص الكتل المائية و تغيراتها و سرعة و اتجاه التيارات و تغيرها حسب الفصول و المواسم
فمثلا وضع خريطة للتضاريس و معدلات العمق يعطي ادراكا لبيئة الاعماق و ذلك لتجنب الكمائن من جهة و نصب اخرى من جهة اخرى و الملاحة الآمنة و السلسة لقطع الاعماق و اختيار المسارات الانسب لاقتراب سفن الاقتحام البرمائية و تكوين رؤوس الشاطئ لمشاة البحرية
اما خريطة الشذوذات المغناطيسية فهي تعطي ادراكا بالمحيط من ناحية كشف اي دخيل ذي بصمة معدنية سواء كان غواصة معادية او لغم زرع في مسار القطع الصديقة من جهة و من جهة اخرى يعطي ادراكا جيدا للمحيط و ذلك لنشر الالغام بتمويه جيد مستغلة مناطق الشذوذ المغناطيسي العالي كحطام السفن او الصخور المتبلورة حتى يصعب كشف حقل الآلغام و مباغتة العدو بالاضافة الى توفير خريطة مغناطيسية لطائرات الدورية او مروحيات المضادة للغواصات تضيق من مساحة التغطية و تعفيها من التعامل مع الاهداف الوهمية
اما بالنسبة للكتل المائية فمعرفة خصائصها حرارة و كثافة و ملوحة ' الاملاح الذائبة في الماء مؤشر فارق في الموصلية ' و تغيراتها لا من حيث التموضع و لا من حيث الحجم و التوزع يفيد في عمل السونارات ' السلبية منها و الايجابية ' بكفائة لا من حيث دقة الاشارات او الترددات المناسبة حسب الكثافة فكل تغير في خصائص وسط الانتقال يؤثر على سرعة و صيانة الموجة الصوتية و انعكاسها كما انه يفيد الغواصة او سفينة السطح في تجنب السونار و ذلك باللعب في منطقة تداخل الكتل المائية لتلعب على تشتيت الموجات في حيز التداخل لتعدم الموجات المتوافقة على الطور بعضها فتضعف الاشارات و تقل جودتها
و اخيرا اتجاه و تغير التيارات المائية حسب الفصول و المواسم و استغلالها يكمن في زيادة نجاعة الغواصة و فترة بقائيتها عبر انسيابها مع التيارات المائية مستغلة زخمها لتوفير الوقود و الاكسجين اللآزم للاحتراق و ما يوفره من وسط اخماد ممتاز حيث تقل الاشارة الصوتية للغواصة من جهة عبر خفظ قوة الدفع و من جهة اخرى خلفية صوت التيار تغطي على صوت المحركات و سفن السطح قد تستغل ايضا معرفتها بالتيارات لتجعل المسارات البحرية من اولوياتها في التعقب و بالتالي خفظ نطاق دورية الاعماق و حصرها في حيز مجالي اكثر نجاعة و عملياتيا
من خلال نقاط القوة هذه يتبين الحكمة من ادخال سفن الابحاث المحيطية و التي يفضل ان تعمل معها بالتوازي سفن الهيدروغرافيا و كاسحات الالغام و طائرات الدورية البحرية لتكون الذراع اللوجيسية و الاستطلاعية سواء لسلاح الغواصات او المضادة لها كو هو مؤشر على نضج اي بحرية و تكامل عناصرها
و نعود هنا لسردي قصة الغواصة البريطانية فلو كانت البحرية البريطانية تملك خرائط حديثة رسمت بواسطة سفن ابحاث بحرية حديثة لما تعرضت لهذا الحادث المروع فسفن الاسناد اللوجيستي في الحقيقة لا يقل قيمة عن السفن القتالية بل ان الفرع القتالي يعتبر قاصرا و غير كامل ان غابت مثل هذه القطع من بحريته
و ختاما مبروك للبحرية السعودية الشقيقة بهذا الخبر السعيد حقا و الذي ان دل على شيئ انما يدل على بعد نظر و تفكير استراتيجي يفتخر به
في أمان الله