تطرقت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين دمشق وموسكو بشأن بقاء القوات الروسية في سوريا؛ مشيرة إلى معارضة طهران تعزز نفوذ روسيا في البحر الأبيض المتوسط.
جاء في مقال الصحيفة:
وقعت دمشق وموسكو وثيقة بشأن بقاء القوات الروسية في سوريا بصفة شرعية. بيد أن بعض جوانب هذه الاتفاقية تثير بعض الأسئلة. فمثلا، أعلن نائب وزير الدفاع الروسي نيقولاي بانكوف، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، أن المشاورات جارية حول مشروع اتفاق روسي–سوري بشأن إنشاء قاعدة عسكرية بحرية روسية دائمة في ميناء طرطوس، ولكن يبدو أن هذا لن يتحقق.
فالاتفاق الذي توصل إليه الجانبان يتضمن توسيع مساحة نقطة الإمداد المادي والتقني التابعة للأسطول الحربي الروسي في طرطوس، وكذلك دخول السفن الحربية الروسية إلى المياه الإقليمية للجمهورية العربية السورية ومياهها وموانئها، شريطة ألا يزيد عدد السفن الروسية في الميناء، بموجب الاتفاقية الجديدة، عن 11 سفينة، بما فيها السفن الحربية، التي تعمل بمحركات نووية (بشرط مراعاة الأمن النووي والبيئي). ولكن الاتفاقية الجديدة تخلو من أي إشارة إلى الغواصات النووية. وسوف تراقب دمشق دخول ومغادرة السفن الروسية مياه سوريا الإقليمية. كما أن على الجانب الروسي إخطار الجهات السورية المعنية بحركة السفن الروسية (قبل ما لا يقل عن 12 ساعة عند دخولها و6 ساعات عند مغادرتها). وتسري هذه الشروط حتى إذا كانت "الضرورة العملياتية" تتطلب حركتها المفاجئة، ولكن بفترة أقصر (ثلاث ساعات عند الدخول وساعة واحدة عند المغادرة).
وهذه الاتفاقية مهمة جدا وضرورية وتسمح من دون مقابل ببناء واستخدام الأرصفة والمستودعات والملاجئ وغيرها في طرطوس. ولكن "مدة سريان مفعول الوثيقة الجديدة، خلافا للاتفاقية السابقة، الموقعة في يونيو/حزيران 1983، حددت بـ 49 سنة، ويمكن أن تمدد تلقائيا 25 سنة أخرى، إذا لم يخطر أي من الطرفين الطرف الآخر قبل سنة تحريريا عبر القنوات الدبلوماسية عن عدم رغبته بتمديدها".
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشروط تضمَّنها أيضا البروتوكول الإضافي بشأن وجود القوة الجو-فضائية الروسية في قاعدة حميميم السورية.
وتفيد "نيزافيسيمايا غازيتا" بأن مصادر عسكرية–دبلوماسية، تشير إلى أن هذا الموقف المتشدد من جانب دمشق بشأن وجود القوات البحرية والجوية الروسية في سوريا، جاء نتيجة الضغوط الإيرانية. فطهران حساسة من تعاظم نفوذ موسكو في منطقة الشرق الأوسط، وغير راضية عن قرار موسكو بشأن مشاركة تركيا في تسوية النزاع السوري، وكذلك الرغبة الروسية بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول التحالف الدولي.
كما أن طهران استاءت، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، من نشر وسائل الإعلام الروسية معلومات عن إعداد روسيا وسوريا مشروع اتفاقية لإنشاء قاعدة بحرية حربية روسية متكاملة في طرطوس. فقد أعلن رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد حسين باقري، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أن القوات البحرية الإيرانية قد تطلب قريبا إنشاء قواعد لها في سوريا واليمن. وبحسب قوله، فإن "إنشاء قواعد بعيدة عن الأراضي الإيرانية، سيكون له تقريبا نفس التأثير الرادع للقنبلة الذرية ولكن بدرجة أقوى".
يقول الخبير العسكري الفريق يوري نيتكاتشيف إن "من غير الواضح سبب نشر وسائل إعلامنا معلومات عن إعداد موسكو ودمشق مشروع اتفاقية بشأن إقامة قاعدة للقوات البحرية الروسية في طرطوس، ما تسبب فورا بظهور معارضين لهذه الوثيقة وراء الكواليس".
وبحسب الخبير العسكري، في الظروف الحالية يجب أن تكون المعلومات العسكرية – الدبلوماسية المهمة كافة، وخاصة في الجانب العسكري والتعاون العسكري–التقني سرية. وأضاف: "لقد ساعدنا فيتنام في نضالها ضد المحتل الصيني عام 1979، ووقعت هانوي اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي بشأن إقامة قاعدة حربية بحرية في خليج كامران من دون مقابل. وقد بنينا القاعدة وجهزناها بالمعدات اللازمة. ولكن فيتنام بعد فترة ونتيجة لضغط الولايات المتحدة والصين، طلبت من روسيا سداد إيجار لقاء استخدام القاعدة، ما اضطر روسيا إلى الانسحاب منها قبل انتهاء مدة العقد الموقع مع فيتنام. والشيء نفسه حصل مع كوبا. والخوف الآن أن يحصل الأمر نفسه مع سوريا".
https://arabic.rt.com/press/859938-طرطوس-لن-تصبح-قاعدة-بحرية-روسية/