المغرب وميلاد موريتانيا

صقر_04

عضو جديد
إنضم
25 مايو 2015
المشاركات
27
التفاعل
103 0 0
Ould-OIUMER-et-MOHAMED-5-ETHASSEN-2-672x372.png


لم يعترف المغرب بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، إلا سنة 1969. حينها، كان مضى على استقلالها تسع سنوات كاملة، ظل المغرب خلالها يعتبرها إقليما مغربيا، معددا الحجج. فما قصة المطالب المغربية بموريتانيا؟ وكيف انتهى به الأمر إلى الاعتراف بها.

كان 28 من نونبر سنة 1960 يوم حداد في المغرب. في منتصف ليل ذلك اليوم، وعلى بعد ألفي كيلومتر من الرباط، كان المختار ولد داداه، بحضور عشرة رؤساء دول ووفود ثلاث وثلاثين دولة من القارات الخمس، يعلن استقلال بلاده: موريتانيا. “ها قد تحقق الحلم الذي طالما راود كل موريتاني وموريتانية. وفي هذه العاصمة الوليدة، أدعوكم للاعتراف برمز إرادة شعب كله ثقة بمستقبله”. في أعين الرباط، لم تكن هذه الدولة الجديدة التي طفت على الساحة الدولية سوى كيان مصطنع خلقته الإدارة الاستعمارية الفرنسية، بعد أن اقتطعت جزءا كبيرا من التراب المغربي.

الهدف موريتانيا
لطالما اعتبر المغرب أنه وقع ضحية عملية تقسيم ممنهج لأراضيه خلال المرحلة الاستعمارية. فقد كانت أوصاله مشتتة بين حماية فرنسية في الوسط، و”حماية” إسبانية في الشمال (ينضاف إليها إقليما سيدي إيفني وطرفاية)، ومنطقة دولية في طنجة، ومستعمرة إسبانية في واد الذهب، واحتلال عسكري في الساقية الحمراء، ثم أراضي للسيادة الإسبانية في مدينتي سبتة ومليلية. وأخيرا، مستعمرة فرنسية في أقصى جنوب الصحراء تمتد إلى نهر السنيغال. وضمن المجال الأخير تقع موريتانيا، أو بلاد شنقيط قديما، على مساحة 1,17 مليون كلم مربع. عندما وقع المغرب وثائق استقلاله مع فرنسا وإسبانيا في مارس وأبريل 1956، كان يفترض-من المنظور المغربي- أن تستقل هذه المناطق السبع دفعة واحدة، مشكلة المغرب بحدوده “التاريخية والطبيعية”، كما كان عليه الحال قبل سنة 1912. لكن هذا لم يحدث، واستقل المغرب على مراحل. الشيء الذي جعله يفقد أجزاء من أراضيه، على رأسها، الجزء الواسع الممتد جنوب الصحراء الإسبانية، وصولا إلى نهر السنيغال، الذي فضلت فرنسا أن تقتطعه وتمنحه في شتنبر 1958 استقلالا داخليا في إطار المجموعة الفرنسية، ثم استقلالا كاملا بعد سنتين، معلنة عن ميلاد “الجمهورية الإسلامية الموريتانية”.
حتى قبل أن تعلن موريتانيا استقلالها عن فرنسا في نونبر 1960، كانت المطالب المغربية بهذا “الإقليم” مرفوعة. يقودها الزعيم الاستقلالي علال الفاسي، الذي طرح في الشهور الأخيرة من سنة 1955 مشروعه لـ”المغرب الكبير”. وسرعان ما التف حوله حزب الاستقلال في مؤتمره لشهر شتنبر 1956، ثم انحازت إليه الحكومة ذات الأغلبية الاستقلالية، حيث طالب مندوب المغرب في الأمم المتحدة رسميا في أكتوبر 1956 بـ”حقوق” بلاده على موريتانيا،. وبعد شهر، أسست مديرية للشؤون الصحراوية والحدودية تابعة لوزارة الداخلية في الرباط. ثم جاء خطاب محمد الخامس، من محاميد الغزلان في 25 فبراير 1958، ليشكل الإعلان الرسمي، من أعلى سلطة في البلاد، عن تبني المغرب لمطالبه بخصوص موريتانيا. ومنذ ذلك التاريخ، أصبحت هذه القضية الركيزة الأساسية في السياسة الخارجية للمملكة المغربية لسنوات طويلة.
كان العمل الدبلوماسي هو الواجهة الأساسية للمطالب المغربية بخصوص موريتانيا. لكن هذا لا ينفي وجود نشاط عسكري مكثف قاده جيش التحرير في الصحراء. فمنذ النصف الثاني من سنة 1956، عرفت المنطقة انسلال عناصر من جيش التحرير إلى المناطق التي تحتلها إسبانيا (الصحراء الإسبانية) ومنها إلى موريتانيا. ونفذت عمليات ضد القوى الفرنسية في الشمال الموريتاني (مدينة أطار) في معارك شرسة أحيانا. وكان الرد الفرنسي هو العملية المشتركة مع الجيش الإسباني، في فبراير 1958، المعروفة بـ”إيكوفيون”، والتي وضعت حدا لجيش التحرير في الجنوب. رغم أن الخيار العسكري فيما بعد صار مستبعدا إلى حد كبير، إلا أن التهديد به ظل قائما دائما في الخطاب المغربي. في نهاية غشت 1960، كتب علال الفاسي في جريدة حزبه الناطقة بالفرنسية افتتاحية تحت عنوان “موريتانيا، بالقوة إذا دعت الحاجة”، يؤكد فيها أنه “يجب على المغرب أن يعتمد على نفسه، وأن يشرع في مقاومة مسلحة ضد المحتل”. وهي التهديدات نفسها التي لمح إليها في 19 شتنبر 1960 السفير المغربي في عمان، الفاطمي بن سليمان، بالقول: “إذا فشلت الجهود السلمية، فإن المغرب مستعد للقتال من أجل استرجاع موريتانيا”.

“حجج” السيادة
للتأكيد على “مغربية” موريتانيا، لم يعدم المغرب تعداد الحجج التاريخية والقانونية والدينية التي تثبت “مشروعية” مطالبه. هذه الحجج نجدها مفصلة في “كتاب أبيض عن موريتانيا” نشرته وزارة الخارجية المغربية في نونبر 1960، وردت عليه الحكومة الموريتانية بـ”كتاب أخضر”، صدر في باريس أياما قليلة بعد ذلك. وتسير جميع هذه الحجج في اتجاه إثبات وجود روابط اتصال دائمة بين المغرب وموريتانيا، لم تنقطع إلا بعد مجيء الاستعمار الفرنسي. تستند الحجج القانونية المغربية على المعاهدات التي تم توقيعها بين الدول الكبرى في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كالبروتوكول الفرنسي الإسباني لـ1900 ومعاهدة الجزيرة الخضراء لسنة 1906. ويشدد المغرب على أن جميع هذه النصوص القانونية تؤكد أن حدوده تمتد إلى حدود نهر السنيغال، مشتملة بالتالي على إقليم موريتانيا.
فيما يتعلق بالحجج التاريخية، يشدد الكتاب الأبيض على أنه منذ قرون (في عهد المرابطين والسعديين) وسيادة ملوك المغرب الروحية والزمنية تمتد حتى نهر السنيغال. وفي عهد العلويين، تكرست هذه السيادة من خلال البعثات والسرايا التي كان السلاطين المغاربة يرسلونها (فادان 1665، تاكنت 1680، شنقيط 1730، تيشت 1789)، وكذا الزيارات التفقدية التي كانوا يقومون بها في النواحي الموريتانية (المولى الرشيد، المولى إسماعيل، المولى عبد لله). ينضاف إلى هذا، تنصيب أمراء بعض الإمارات الموريتانية، مثل أدرار والترارزة. هذه الأخيرة استمر أمراؤها في علاقاتهم بالسلاطين العلويين، وزار أكثر من واحد منهم سلاطين المغرب حتى عهد المولى عبد الحفيظ. ومن إمارة الترارزة، ينحدر الأمير محمد فال ولد عمير الذي التحق بالمغرب سنة 1958، معلنا بيعته للملك محمد الخامس ومتبنيا مطالب المغرب بضم موريتانيا.
في المقابل، تقوم “الحجج” الدينية على الاختلاف القائم بين المفهوم الغربي للتراب أوالإقليم، المبني على معطيات جغرافية وتاريخية تؤكد سيادة سلطة أو دولة معينة على إقليم ما، وبين المفهوم الإسلامي الذي يربط السيادة برابطة دينية، هي البيعة. هكذا، يعتبر المغرب أن بيعة الموريتانيين، أو جزء منهم على الأقل، التي كان يتلقاها السلاطين العلويون، إضافة إلى إقامة الخطبة باسمهم، دليل على سيادة المغرب على هذا الإقليم.

المواطنون “التائهون”
سيتعزز الموقف المغربي في أواسط ونهاية الخمسينات، إضافة إلى الحجج أعلاه، بوجود شخصيات موريتانية، على أعلى مستوى، تتبنى مغربية موريتانيا. في مقدمتها، يأتي كل من حرمة ولد بابانا، ومحمد المختار ولد با، والداي ولد سيدي بابا، ثم الأمير محمد فال ولد عمير أمير الترارزة. هؤلاء الأربعة مثل حضورهم في الرباط أكبر دليل على وجاهة المطالب المغربية. وشكلوا واجهة للدعاية في المحافل الدولية، خاصة في الأمم المتحدة. وهم الذين سيطلق عليهم المختار ولد داداه أول رئيس للجمهورية الإسلامية الموريتانية، في مذكراته، لقب “المواطنين التائهين”.
كان حرمة ولد بابانا أول الملتحقين بالمغرب سنة 1956. طبع هذا الرجل الحياة السياسية في موريتانيا بعد الحرب العالمية الثانية، باعتباره أيقونة مقاومة الاستعمار. فبعدما عمل مترجما في الإدارة الكولونيالية، ترشح في الانتخابات البرلمانية باسم الحزب الاشتراكي، وصار أول موريتاني يلج البرلمان الفرنسي. ولم يستمر طويلا في الحزب الاشتراكي إذ سرعان ما غادره إلى الاتحاد الديمقراطي والاشتراكي للمقاومة (حزب فرنسوا متيران) الذي كان ينقصه عضو واحد ليشكل فريقا برلمانيا. كان الحزب الجديد أكثر نشاطا وحماسة في قضايا الاستعمار، لكنه يفتقد لقاعدة شعبية في أقاليم ما وراء البحار. فخسر ولد بابانا انتخابات 1951 ثم 1956 على التوالي أمام مرشح مدعوم من الإدارة الكولونيالية والأعيان.
مع موجات الاستقلال، ربط ولد بابانا علاقات وطيدة مع جبهة التحرير الجزائرية وجيش التحرير المغربي. وذهب أبعد من ذلك عندما تبنى مشروع “المغرب الكبير” الذي رفعه علال الفاسي. وكرد فعل، تعرض للطرد من حزب الوفاق الموريتاني الذي أسسه سنة 1950. وانطلاقا من المغرب، أسس ولد بابانا حزبا آخر هو الجبهة الوطنية للتحرير الموريتاني، في انسجام مع المطالب المغربية بخصوص موريتانيا، ليحكم على ولد بابانا بالإعدام غيابيا، غير أنه أثناء تسوية العلاقات بين المغرب وموريتانيا، تم العفو عنه وعاد إلى نواكشوط وقابل ولد داداه.
سنتان بعد ذلك، في 28 مارس 1958، كان المغرب على موعد مع مجموعة أخرى اختارت أن تسير على نهج ولد بابانا وتلتحق بـ”الوطن الأم”. كان على رأسها وزيران من حكومة المختار ولد داده هما محمد المختار ولد با وزير التعليم، والداي ولد سيدي بابا وزير التجارة والمعادن، ومعهما شخصية لا تقل وزنا، هو محمد فال ولد عمير أمير الترارزة، الذي ما يزال شارع كبير في الرباط يحمل اسمه. قدم هؤلاء الثلاثة بيعتهم للملك محمد الخامس، وعينوا في مناصب عليا في الدولة المغربية (أبرز مثال هو تعييين فال ولد عمير وزيرا للدولة في نونبر 1960، ثم تكليفه بوزارة الشؤون الإفريقية والصحراء ابتداء من مارس 1961).
في أكتوبر 1958، التقى هؤلاء القادة الأربعة في نيويورك بالمختار ولد داداه الذي كان يفاوض البنك الدولي للحصول على قرض لصالح شركة معادن حديد موريتانيا “ميفرما”. وقد أوفدتهم الرباط للحيلولة دون حصول ولد داداه على القرض المطلوب، لما يمثله ذلك من اعتراف منظمة دولية بموريتانيا التي كان المغرب يطالب بها. ودار بينهم وبين ولد داداه نقاش “لم يتمكنوا فيه”، يقول الرئيس الموريتاني، “من إقناعنا أن موريتانيا لا يمكن أن تعيش، وأنها مجرد اختراع للاستعمار الفرنسي، وأن أملها الوحيد هو في الانضمام إلى الوطن الأم المغرب. كما لم نتمكن نحن أيضا من إقناعهم بأنهم قد خانوا الوطن وباعوه وشعبه النبيل إلى بلد أجنبي… كان حوارنا إذن حوار الصم كما يقال”. إضافة إلى هذه الشخصيات، كان للمغرب تأثير في الشأن الداخلي الموريتاني عبر حزب النهضة الوطنية الموريتانية، الذي أسسه سنة 1958 بوياگي ولد عابدين، رفيق حرمة ولد بابانا في حزب الوفاق السابق. كان هذا الحزب قريبا من الأطروحة المغربية بخصوص موريتانيا، قبل أن يتعرض للحل سنة 1960، ثم ينصهر مؤسسوه وأعضاؤه فيما بعد في حزب الشعب الذي تم تأسيسه في دجنبر 1961، ليكون الحزب الوحيد في موريتانيا، برئاسة ولد داداه.
حرب في الأمم المتحدة
كانت سنة 1960 حاسمة في تاريخ قضية موريتانيا. فقد كانت فرنسا تحضر لمنح موريتانيا استقلالها بحلول نهاية السنة وتمكينها من مقعد في الأمم المتحدة، يكرس الاعتراف الدولي بها ويقضي على أية آمال متبقية للمغرب. في المقابل، بذلت الدبلوماسية المغربية كل ما في وسعها للحيلولة دون ذلك، خاصة حصول موريتانيا على مقعد دولي. وهكذا، شهدت هذه السنة سباقا محموما بين المغرب وفرنسا، كانت هيأة الأمم المتحدة مسرحا له.
في 20 غشت، وجه المغرب طلبا إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة بإدراج القضية الموريتانية في جدول أعمال الدورة 15 للجمعية العمومية، باعتبارها تمس وحدة التراب الوطني. ناقشت اللجنة السياسية القضية دون أن تتخذ قرارا في الموضوع (أقفل النقاش يوم 26 نونبر 1960). في المقابل، طرحت فرنسا، بدعم من تونس والدول الإفريقية الفرنكفونية (مجموعة برزافيل)، طلبا بقبول موريتانيا عضوا في الأمم المتحدة.
لقد استغرق المغرب عاما كاملا وهو يحضر لهذه المواجهة في الهيأة الأممية. فمنذ فبراير 1960، وهو يحشد حلفاءه، حيث قاد الملك محمد الخامس جولة إلى الشرق الأسط دامت شهرا كاملا. وبعدها مباشرة، أعلن رئيس الحكومة عبد لله إبراهيم، لأول مرة، عزم بلاده اللجوء إلى الأمم المتحدة. نجح المغرب فعلا، خلال سنة 1960، في ضم الدول العربية إلى صفه، حيث صادق مؤتمر شتورة (بلدة لبنانية) لوزراء الخارجية العرب على توصية تؤكد “مساندة المغرب في مطالبته باستعادة موريتانيا بوصفها جزءا لا يتجزأ من أراضيه، ودعم موقف المغرب في الأمم المتحدة”. وحدها تونس عارضت هذا القرار واعترفت بموريتانيا، مما تسبب في قطع العلاقات بين البلدين وسحب السفير المغربي في تونس.
وعقب النجاح العربي الذي حققه، بادر المغرب، أياما قبل إعلان الاستقلال الرسمي لموريتانيا، إلى إرسال بعثات ود وصداقة إلى مختلف أنحاء العالم لشرح وجهة نظره. قاد علال الفاسي إحداها إلى قارة آسيا والشرق العربي، وقاد أحمد بلافريج بعثة أوربا، وعبدالخالق الطريس بعثة أمريكا اللاتينية، وعبدالكبير بن المهدي الفاسي بعثة إفريقيا.
في نهاية السنة، كللت الجهود المغربية بنصر سياسي صغير، عندما قرر الاتحاد السوفياتي يوم 3 دجنبر 1960 أن يضع حق الرفض (الفيتو) ضد الطلب الفرنسي بدخول موريتانيا إلى الأمم المتحدة، في إطار حسابات سياسية بين الكتلتين الشرقية والغربية. لكن إذا كانت فرنسا، التي كان يقودها الجنرال شارل ديغول، فشلت (فقط إلى حين) في ضمان مقعد دولي لموريتانيا، بعد الفيتو السوفياتي، فإن لا أحد كان بإمكانه أن يمنعها من إعلان موريتانيا دولة مستقلة في الـ28 نونبر 1960. وهو إعلان وقفت الحكومة المغربية أمامه مكتوفة الأيدي، مكتفية ببيان إدانة.

مساومة بين الشرق والغرب
انتهت سنة 1960 وأعلنت موريتانيا استقلالها الذي رفض المغرب الاعتراف به، وبدأت كل الأطراف التحضير لجولة جديدة في الأمم المتحدة. أسس المغرب بين 4 و7 يناير 1961 مجموعة الدار البيضاء، بعضوية كل من غانا (رغم اعترافها بموريتانيا)، الجمهورية العربية المتحدة، الحكومة الجزائرية المؤقتة، غينيا، مالي، ليبيا، وسيلان (سريلانكا لاحقا)، لدعمه في مطالبه ومعارضة انضمام موريتانيا إلى الأمم المتحدة. في المقابل، سبقه معارضوه في منتصف دجنبر 1960 إلى تأسيس مجموعة برازافيل التي تضم 12 دولة إفريقية من الدول الناطقة بالفرنسية. وستلعب هذه المجموعة دورا حاسما في حصول موريتانيا على الاعتراف الدولي وتمكينها من مقعد في الأمم المتحدة.
عندما وضع الاتحاد السوفياتي الفيتو ضد موريتانيا في دجنبر 1960، لم يكن ذلك في الواقع من منطلق الاقتناع بوجاهة القضية المغربية. بل، كان ذلك في إطار شد الحبل بينه وبين الكتلة الغربية. فقد عارضت هذه الأخيرة، عبر الصين الوطنية (تايوان)، انضمام منغوليا الشيوعية إلى الأمم المتحدة. وعندما طرحت قضية موريتانيا للمرة الأولى، وجدها الاتحاد السوفياتي فرصة مناسبة للضغط على المعسكر الغربي لرفع المنع عن منغوليا، فاستخدم حقه في النقض أمام موريتانيا في مساومة طبعت العلاقات الدولية حينها.
لقد كان دور مجموعة برازافيل هو الضغط على الصين الوطنية، التي كانت عضوا دائما في مجلس الأمن وتتمتع بالفيتو، وتهديدها بأنها إذا لم تسحب الفيتو في وجه منغوليا، فإن جميع دول المجموعة الـ12 ستمنح صوتها للصين الشعبية (بقيادة ماوتسي تونغ) التي كانت تطالب بمقعد تايوان الدائم في مجلس الأمن. وبهذه الطريقة يتحقق مراد الاتحاد السوفياتي وتغيب حججه في معارضة موريتانيا. وهذا ما تم فعلا: سحبت تايوان الفيتو أمام منغوليا، وسحب الاتحاد السوفياتي الفيتو أمام موريتانيا. ودخلت الدولتان معا إلى الأمم المتحدة يوم 27 أكتوبر 1961.
بالأرقام، صوتت لصالح موريتانيا 68 دولة، مقابل 19 دولة (كوبا، غينيا، دول الجامعة العربية ما عدا تونس)، وامتنعت 20 دولة عن التصويت على رأسها دول الكتلة الشيوعية.

لا مفر من الاعتراف
شكل قبول موريتانيا عضوا كاملا في الأمم المتحدة محطة فارقة في هذه القضية. وبعده مباشرة، بدأت الأمور تسير في اتجاهين متناقضين. بالتوازي مع تزايد حجم الاعتراف بالدولة الجديدة وتسلقها سلم السياسة الدولية، كان مؤيدو المغرب يتناقصون واحدا بعد الآخر. جمال عبد الناصر، آخر من بقي إلى جانب المغرب في مجموعة الدار البيضاء، انتهى باستقبال المختار ولد داداه رسميا في القاهرة في مارس 1967.
لقد نجح الرئيس و لد داداه في أن يفرض اسم موريتانيا في الساحة الدولية ويجعل من قضية وجودها مسألة متجاوزة. فموريتانيا عضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي الملغاشي (مدغشقر 1961)، وفي منظمة الوحدة الإفريقية (إثيوبيا 1963)، وفي منظمة الدول المطلة على نهر السنيغال (غينيا 1968). وحتى في المغرب، كانت ممثلة في المعهد الإفريقي للتدريب والبحوث الإدارية للإنماء (كافراد) الذي كان يتخذ من طنجة مقرا. داخليا، بسط ولد داداه يدا حديدية على مقاليد الحكم في البلاد، فانتخب رئيسا للجمهورية في 20 غشت 1961 (قبل ذلك كان رئيسا للحكومة)، وضم المعارضة، بما فيها حزب النهضة المنحل ذو الميولات المغربية، إلى صفه في حزب وحيد حمل اسم حزب الشعب الموريتاني.
رغم كل هذه المستجدات، لم تتغير سياسة المغرب تجاه الدولة الوليدة. فقد رفض الملك الحسن الثاني حضور القمة التأسيسية لمنظمة الوحدة الإفريقية سنة 1963. وهي القمة نفسها التي أقرت مبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار، متسببة في تأزيم الموقف المغربي. ومن سخرية القدر، أن الترتيب الأبجدي للمشاركين كان سيجعله يجلس جنبا إلى جنب مع غريمه الموريتاني. ولم يفت المغرب، في شتنبر من السنة ذاتها وهو يوقع على ميثاق المنظمة الإفريقية، أن يبدي بعض الملاحظات بخصوص القضية الموريتانية بالذات.
مع حلول 1964، بدأت العلاقات بين المغرب وموريتانيا تتململ شيئا ما، وتوقفت الحرب الإعلامية بين البلدين. ثم كان أن التقى المختار ولد داداه في أكتوبر 1967، ولأول مرة وزيرا مغربيا، هو مولاي أحمد العلوي. جرى ذلك خلال زيارة عمل كان يقوم بها الرئيس الموريتاني إلى ألمانيا الاتحادية.
وجاءت سنة 1969، لتشهد تطبيع العلاقات المغربية الموريتانية. واستقبل ولد داداه وزير الخارجية المغربي الطيب بنهيمة خلال القمة السابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية بأديس أبابا. كان الأخير يحمل رسالة من الملك الحسن الثاني، مفادها أن العاهل المغربي يسعى إلى طي ملف موريتانيا نهائيا، ويعتزم دعوة نظيره الموريتاني إلى القمة الإسلامية، المزمع عقدها بالرباط في نهاية شتنبر. رد ولد داداه، كما يورد في مذكراته، كان مختصرا: “إذا تلقيت من الملك دعوة مماثلة لتلك التي ستوجه إلى رؤساء الدول المدعوة لحضور المؤتمر، فسأرد بالإيجاب وبكل سرور”. وفي 10 شتنبر 1969، بعث الملك إلى ولد داداه برقية يقول فيها: “إلى فخامة الرئيس السيد المختار ولد داداه، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية”. كان ذلك بمثابة إعلان صريح وواضح باعتراف المغرب بموريتانيا.
قرر الرئيس الموريتاني قبول الدعوة رغم بعض التحفظات التي أبداها رفاقه في الحزب والحكومة. و”في 22 شتنبر، يقول ولد داداه، هبطت بمطار الرباط، وحين رأيت الملك الحسن الثاني محاطا بلجنة الاستقبال عند سلم الطائرة التي تقل وفدنا، وعلمنا يرفرف إلى جانب العلم المغربي وسط الأربعين من أعلام مختلف الدول الإسلامية، ثم استمعت إلى نشيدنا الوطني يردده الجوق المغربي خلال استعراضي مع الملك وحدة من القوات المسلحة الملكية، خامرني شعور بالارتياح والعزة قلما شعرت به”. خلال القمة، تقرر تطبيع العلاقات بين البلدين. فعين قاسم الزهيري سفير المغرب السابق في السنيغال، سفيرا للرباط في نواكشوط، وعين أحمد ولد جدو أول سفيرا لموريتانيا في المغرب. وفي 8 يونيو من السنة الموالية، وقع الحسن الثاني والمختار ولد داداه اتفاقية تعاون وحسن جوار بين البلدين، معلنين بذلك نهاية حكاية “إقليم” و”جزء لا يتجزأ من التراب الوطني” كان المغرب يطالب به اسمه موريتانيا. بعد 5 سنوات على القمة الإسلامية، أصبحت موريتانيا عضوا بالجامعة العربية في قمة الجزائر سنة 1974.

تبريرات الموقف الجديد
يعتبر كثيرون، ومن بينهم أحمد العراقي وعبد الهادي بوطالب وزيرا خارجية المغرب (على التوالي) سنة 1969، موقف الملك الحسن الثاني الجديد من قضية موريتانيا بأنه نوع من “السياسة الواقعية”، التي كان المستشار الألماني فيليه براندت سباقا إليها. فقد كان من الأفضل للمغرب حينها الوصول الى تسوية مع موريتانيا وكسب حليف في قضية الصحراء التي كانت إسبانيا تستعد لمغادرتها. يقول بوطالب في مذكراته: “الاعتراف بموريتانيا كان نوعا من التسويات… كما أنه (أي الحسن الثاني) راهن على كسب موريتانيا إليه وتقريبها إلى المغرب عن طريق التعاون السلمي الودي معها دولة مستقلة حليفة بدلا من تراب تابع لا يزيد المغرب شيئا ولا ينقص منه، أي أنه غير طبيعة المعادلة من المواجهة والاستنكار على موريتانيا أن تكون لها دولة إلى دولة أُخت للمغرب متعاونة معه يدا في يد” .
لقد كانت قضية موريتانيا حملا ثقيلا على ظهر الملك الحسن الثاني. وإذا صدقنا الرئيس ولد داداه، فإن العاهل المغربي هو من طلب من نظيره السعودي، الملك فيصل، التنازل له عن استقبال مؤتمر القمة الإسلامي الأول، حتى يجد “الفرصة المواتية للاعتراف باستقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية، دون أن يفقد ماء وجهه”. لكن، إذا كان الملك الحسن الثاني انتظر ثمان سنوات كاملة من حكمه حتى يجد “الفرصة المواتية” للاعتراف بموريتانيا، فإنه على ما يبدو لم يكن متحمسا منذ البداية لهذه القضية التي ترفعها بلاده. وهو نفسه يعترف بذلك.
في حوار مع جريدة لوموند الفرنسية، يوم 9 يونيو 1960، أعلن الحسن الثاني، وكان حينها ما يزال وليا للعهد، بشكل صريح أنه يقبل تنظيم استفتاء في موريتانيا، قائلا: “نقبل تماما حق تقرير المصير للموريتانيين”. وأضاف: “ليس من مصلحة المغرب أن يحكم موريتانيا قواد مغاربة. وأملنا أن نوفق إلى تحقيق نوع من الشراكة التي تقام بين دولة وأخرى”. فيما بعد، أكد الملك هذه التصريحات في أكثر من مناسبة. ففي الندوة الصحافية التي عقدها عقب لقائه بالرئيس الموريتاني، أعلن قائلا: “في يونيو 1960 قلت في مقابلة صحفية أجرتها معي صحيفة لوموند إن المغرب يفضل أن يعرض استقلال موريتانيا على الاستفتاء، وأن تمنح حق تقرير المصير… ولسوء الحظ، البعض كان يدعي أن نواكشوط هي فاس (في إشارة إلى تصريحات علال الفاسي)، ولهم ذلك. أما من جانبي، كابن محترم وكمواطن مستقيم، فقد عرضت جميع الأسباب الشخصية والمعقولة في نظري، لا لأجل الاعتراف ولا لأجل معارضة الانضمام إلى الأمم المتحدة، ولكن لأجل إجراء الاستفتاء. وبعد ذلك رضخت لإرادة والدي المرحوم المقدس. ولم أكن أستطيع أن أقدم المثل على طاعة الإبن واحترام المواطن إلا بالذهاب إلى الأمم المتحدة، بوصفي نائب رئيس الحكومة ورئيس الوفد المغربي، لأدعم بصورة قوية مطلبا كنت أعرف أنه، حتى ولو كان مشروعا، فإنه غير قابل للتحقيق”.
ويبرر الحسن الثاني انتظار ثمان سنوات للاعتراف بموريتانيا، بالقول: “إذا كانت سياسة بلاد تتغير عندما يتغير رئيسها، فإن الإرث الذي ورثته عن والدي أكبر من ذلك، لأنه يجري في دمي وجوهري في حياتي. ويصعب في هذه الحالة علي أن أغير هذا الاتجاه، اللهم إذا وقع حدث هام غير منتظر”. وقد كان الحدث هو مؤتمر القمة الإسلامي الأول في الرباط.

خالد الغالي
المصدر:
 
نفس الموقف الحالي يتكرر في طلب المغرب الانضمام للاتحاد الافريقي ونفس التبريرات والمواقف

Ould-OIUMER-et-MOHAMED-5-ETHASSEN-2-672x372.png

رغم كل هذه المستجدات، لم تتغير سياسة المغرب تجاه الدولة الوليدة. فقد رفض الملك الحسن الثاني حضور القمة التأسيسية لمنظمة الوحدة الإفريقية سنة 1963. وهي القمة نفسها التي أقرت مبدأ الحدود الموروثة عن الاستعمار، متسببة في تأزيم الموقف المغربي. ومن سخرية القدر، أن الترتيب الأبجدي للمشاركين كان سيجعله يجلس جنبا إلى جنب مع غريمه الموريتاني. ولم يفت المغرب، في شتنبر من السنة ذاتها وهو يوقع على ميثاق المنظمة الإفريقية، أن يبدي بعض الملاحظات بخصوص القضية الموريتانية بالذات.
مع حلول 1964، بدأت العلاقات بين المغرب وموريتانيا تتململ شيئا ما، وتوقفت الحرب الإعلامية بين البلدين. ثم كان أن التقى المختار ولد داداه في أكتوبر 1967، ولأول مرة وزيرا مغربيا، هو مولاي أحمد العلوي. جرى ذلك خلال زيارة عمل كان يقوم بها الرئيس الموريتاني إلى ألمانيا الاتحادية.
وجاءت سنة 1969، لتشهد تطبيع العلاقات المغربية الموريتانية. واستقبل ولد داداه وزير الخارجية المغربي الطيب بنهيمة خلال القمة السابعة لمنظمة الوحدة الإفريقية بأديس أبابا. كان الأخير يحمل رسالة من الملك الحسن الثاني، مفادها أن العاهل المغربي يسعى إلى طي ملف موريتانيا نهائيا، ويعتزم دعوة نظيره الموريتاني إلى القمة الإسلامية، المزمع عقدها بالرباط في نهاية شتنبر. رد ولد داداه، كما يورد في مذكراته، كان مختصرا: “إذا تلقيت من الملك دعوة مماثلة لتلك التي ستوجه إلى رؤساء الدول المدعوة لحضور المؤتمر، فسأرد بالإيجاب وبكل سرور”. وفي 10 شتنبر 1969، بعث الملك إلى ولد داداه برقية يقول فيها: “إلى فخامة الرئيس السيد المختار ولد داداه، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية”. كان ذلك بمثابة إعلان صريح وواضح باعتراف المغرب بموريتانيا.
قرر الرئيس الموريتاني قبول الدعوة رغم بعض التحفظات التي أبداها رفاقه في الحزب والحكومة. و”في 22 شتنبر، يقول ولد داداه، هبطت بمطار الرباط، وحين رأيت الملك الحسن الثاني محاطا بلجنة الاستقبال عند سلم الطائرة التي تقل وفدنا، وعلمنا يرفرف إلى جانب العلم المغربي وسط الأربعين من أعلام مختلف الدول الإسلامية، ثم استمعت إلى نشيدنا الوطني يردده الجوق المغربي خلال استعراضي مع الملك وحدة من القوات المسلحة الملكية، خامرني شعور بالارتياح والعزة قلما شعرت به”. خلال القمة، تقرر تطبيع العلاقات بين البلدين. فعين قاسم الزهيري سفير المغرب السابق في السنيغال، سفيرا للرباط في نواكشوط، وعين أحمد ولد جدو أول سفيرا لموريتانيا في المغرب. وفي 8 يونيو من السنة الموالية، وقع الحسن الثاني والمختار ولد داداه اتفاقية تعاون وحسن جوار بين البلدين، معلنين بذلك نهاية حكاية “إقليم” و”جزء لا يتجزأ من التراب الوطني” كان المغرب يطالب به اسمه موريتانيا. بعد 5 سنوات على القمة الإسلامية، أصبحت موريتانيا عضوا بالجامعة العربية في قمة الجزائر سنة 1974.

تبريرات الموقف الجديد
يعتبر كثيرون، ومن بينهم أحمد العراقي وعبد الهادي بوطالب وزيرا خارجية المغرب (على التوالي) سنة 1969، موقف الملك الحسن الثاني الجديد من قضية موريتانيا بأنه نوع من “السياسة الواقعية”، التي كان المستشار الألماني فيليه براندت سباقا إليها. فقد كان من الأفضل للمغرب حينها الوصول الى تسوية مع موريتانيا وكسب حليف في قضية الصحراء التي كانت إسبانيا تستعد لمغادرتها. يقول بوطالب في مذكراته: “الاعتراف بموريتانيا كان نوعا من التسويات… كما أنه (أي الحسن الثاني) راهن على كسب موريتانيا إليه وتقريبها إلى المغرب عن طريق التعاون السلمي الودي معها دولة مستقلة حليفة بدلا من تراب تابع لا يزيد المغرب شيئا ولا ينقص منه، أي أنه غير طبيعة المعادلة من المواجهة والاستنكار على موريتانيا أن تكون لها دولة إلى دولة أُخت للمغرب متعاونة معه يدا في يد” .
لقد كانت قضية موريتانيا حملا ثقيلا على ظهر الملك الحسن الثاني. وإذا صدقنا الرئيس ولد داداه، فإن العاهل المغربي هو من طلب من نظيره السعودي، الملك فيصل، التنازل له عن استقبال مؤتمر القمة الإسلامي الأول، حتى يجد “الفرصة المواتية للاعتراف باستقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية، دون أن يفقد ماء وجهه”. لكن، إذا كان الملك الحسن الثاني انتظر ثمان سنوات كاملة من حكمه حتى يجد “الفرصة المواتية” للاعتراف بموريتانيا، فإنه على ما يبدو لم يكن متحمسا منذ البداية لهذه القضية التي ترفعها بلاده. وهو نفسه يعترف بذلك.
في حوار مع جريدة لوموند الفرنسية، يوم 9 يونيو 1960، أعلن الحسن الثاني، وكان حينها ما يزال وليا للعهد، بشكل صريح أنه يقبل تنظيم استفتاء في موريتانيا، قائلا: “نقبل تماما حق تقرير المصير للموريتانيين”. وأضاف: “ليس من مصلحة المغرب أن يحكم موريتانيا قواد مغاربة. وأملنا أن نوفق إلى تحقيق نوع من الشراكة التي تقام بين دولة وأخرى”. فيما بعد، أكد الملك هذه التصريحات في أكثر من مناسبة. ففي الندوة الصحافية التي عقدها عقب لقائه بالرئيس الموريتاني، أعلن قائلا: “في يونيو 1960 قلت في مقابلة صحفية أجرتها معي صحيفة لوموند إن المغرب يفضل أن يعرض استقلال موريتانيا على الاستفتاء، وأن تمنح حق تقرير المصير… ولسوء الحظ، البعض كان يدعي أن نواكشوط هي فاس (في إشارة إلى تصريحات علال الفاسي)، ولهم ذلك. أما من جانبي، كابن محترم وكمواطن مستقيم، فقد عرضت جميع الأسباب الشخصية والمعقولة في نظري، لا لأجل الاعتراف ولا لأجل معارضة الانضمام إلى الأمم المتحدة، ولكن لأجل إجراء الاستفتاء. وبعد ذلك رضخت لإرادة والدي المرحوم المقدس. ولم أكن أستطيع أن أقدم المثل على طاعة الإبن واحترام المواطن إلا بالذهاب إلى الأمم المتحدة، بوصفي نائب رئيس الحكومة ورئيس الوفد المغربي، لأدعم بصورة قوية مطلبا كنت أعرف أنه، حتى ولو كان مشروعا، فإنه غير قابل للتحقيق”.
ويبرر الحسن الثاني انتظار ثمان سنوات للاعتراف بموريتانيا، بالقول: “إذا كانت سياسة بلاد تتغير عندما يتغير رئيسها، فإن الإرث الذي ورثته عن والدي أكبر من ذلك، لأنه يجري في دمي وجوهري في حياتي. ويصعب في هذه الحالة علي أن أغير هذا الاتجاه، اللهم إذا وقع حدث هام غير منتظر”. وقد كان الحدث هو مؤتمر القمة الإسلامي الأول في الرباط.

خالد الغالي
المصدر:
 
عودة
أعلى