نهضة الخليج العربي: التصنيع الدفاعي في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة

عبير البحرين 

بــــــاحــثـــة الــــدفــــاع
خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
30 يوليو 2012
المشاركات
11,392
التفاعل
53,917 666 0
الدولة
Bahrain
توضيح
قبل سنة تقريباً، أو أكثر بقليل، نشرت الصحف العربية مقالاً نقلاً عن مجلة فورن أفيرز الأميركية عن أن "السعودية والإمارات تسعيان للاستقلال العسكري عن أمريكا عبر بناء صناعات عسكرية محلية في البلدين". ومجلة فورن أفيرز قدمت في عرضها ملخص مقتضب جداً عن جزئية صغيرة جاءت في دراسة بحثية ضمن سياق أشمل وأوسع عن الصناعات العسكرية في السعودية والإمارات. في حين أن الدراسة عبارة عن ورقة بحثية شاملة وموسعة عن جميع جوانب الصناعات الدفاعية في السعودية والإمارات، إلا أن فورن أفيرز في ذلك المقال ركزت فقط على جزئية تداعيات التصنيع العسكري في السعودية والإمارات على سياسات واشنطن في الشرق الأوسط بوجه عام وفي الخليج العربي بوجه خاص، وقدمت ملخص مقتضب مع إشارات بسيطة عن التصنيع العسكري في السعودية والإمارات.

ولكن، كما هو معروف أن الصحف العربية اعتادوا على النسخ واللصق من مجلات وصحف غربية دون الرجوع إلى المصدر الأساسي وفي هذه الحالة المصدر هو الدراسة الموسعة والشاملة عن التصنيع العسكري في السعودية والإمارات. والمضحك أيضاً أن بعض الصحف العربية جيرت الخبر أو المقال لصالح الدول العربية بوجه عام في محاولة منهم للإيحاء إلى قرائها بأن الدول العربية تقوم ببناء صناعات عسكرية تهدد عرش السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، في حين أن الدراسة تحدد بالإسم "السعودية والإمارات".

أما صحفنا الخليجية – وعلى حد علمي – لم تتطرق لهذه الدراسة لا من بعيد ولا من قريب وكأنهم ليسوا معنين بالأمر، على الرغم من أن الدراسة عن السعودية والإمارات وتهم دول الخليج العربي بالدرجة الأولى. وهذا ما جعلني أن أخذ على عاتقي مهمة عناء الترجمة نظراً لما تحتويها من تحليل ووصف وشرح وتقييم وتوصيات للصناعات الدفاعية في الدولتين السعودية والإمارات، ويسرني إدراجها على صفحات هذا الصرح العسكري العربي الأول لإثراء محتواه، وأيضاً أشارك بها مع أعضاء المنتدى الكرام.

الدراسة عبارة عن ورقة بحثية تضبطها أحكام وشروط البحث العلمي، صادرة عن مركز برنت سكوكروفت للأمن الدولي، بالمجلس الأطلسي. من إعداد كبير الباحثين بالمركز بلال صعب المتخصص في قضايا الأمن بالشرق الأوسط.

تنقسم الدراسة إلى أربعة أقسام رئيسية : 1 - الدوافع، 2 - الركائز، 3 - الإنجازات، 4 - التوصيات والآثار المترتبة على السياسة الأميركية. بالإضافة إلى: 1 - الاستهلال (وهو ملخص تنفيذي)، 2 - تقديم للرئيس التنفيذي للمركز، 3 – مقدمة، 4 – الخاتمة.

وتحتوي الدراسة على كم هائل من المصادر، الأولية والثانوية، بالإضافة إلى مقابلات شخصية للباحث مع مسؤولين رفيعي المستوى بدولة الإمارات العربية المتحدة أثناء زيارته للامارات، والباحث له عدة زيارات خليجية – وحسب معلوماتي كانت له أيضاً زيارة للبحرين – لكن لا أعلم إن زار السعودية أو لا لإجراء مقابلات مع المسؤولين، ولكن لربما التقى بمسؤوليين سعوديين في الخارج مثلاً في واشنطن لأن الباحث عند تناوله لمسألة التصنيع العسكري السعودي يوحي إلى أنه كانت له مقابلات مع بعض المسؤولين السعوديين.

بما أن الدراسة نشرت قبل سنة تقريباً، أو اكثر بقليل، فبالتالي الدراسة لم تتطرق لعهد الملك سلمان والانجازات الكبيرة في ميدان التصنيع العسكري التي حدثت منذ توليه الحكم في السعودية. وأعتقد أنه من المفيد التفاعل والتجاوب من الأخوة الأعضاء الكرام المهتمين بالصناعات العسكرية في السعودية والإمارات بإدراج الانجازات الجديدة في البلدين في هذا الموضوع، حتى لو بوضع روابط المواضيع التي تتحدث عن الصناعات الدفاعية في البلدين، فالمنتدى يزخر بكم هائل من هذه المواضيع، وستكون إضافة نوعية للكثيرين من الباحثين والمهتمين في الشأن الخليجي خصوصاً وأن العديد منهم يترددون على هذا الصرح العسكري العربي الكبير للقراءة والمتابعة لما ينشر من جديد.

استخدم الباحث في عنوان دراسته كلمة (Rising) ومعناها في العربية: ارتفاع، صعود، نهوض، نهضة ..
وأنا فضلت ترجمتها إلى نهضة لأن بين ثنايا الدراسة تشير إلى ذلك، ولأنني أجد أن "نهضة" أكثر مناسبة لهكذا حالات، حالة الصناعات العسكرية في السعودية والإمارات.

أعرف تماماً أن البعض من الأخوة الكرام في هذا المنتدى لديهم تحفظات على أطروحات بلال صعب، لربما بسبب تعليقاته ومداخلاته في المؤتمرات والندوات، ولربما أيضاً لمقالاته الصحفية التي تنشر في المجلات والصحف، ولربما ولربما ولربما ...، ولكن ينبغي أن نعرف شيئين، الأول أن معظم الكتاب والباحثين الغربيين (حتى لو كانوا من اصول عربية) لن يكتبوا مدح وثناء بقدر القدح والذم، والثاني علينا أن نميز ونفرق بين المقالات الصحفية والمداخلات في المؤتمرات والندوات وبين الدراسات البحثية والتقارير الاستراتيجية التي تحكمها مجموعة من الضوابط والأحكام. وإذا كانت الدراسة البحثية تتمتع بـ 70% من المصداقية فهذا عمل جيد ويستحق عناء وتعب الترجمة والقراءة.

نظراً لأن الدراسة طويلة جداً، تقريباً عدد صفحاتها 57 صفحة، ولذلك قمت بحذف الهوامش لأن لو أدرجت الهوامش ستكون العملية مرهقة جداً بالنسبة لي وسيصبح الموضوع طويل جداً.

أخيراً، لأن الدراسة طويلة جداً، ساقوم بتقسيمها إلى عدة أقسام وإدراجها تباعاً في شكل ردود، وأطلب منكم لطفاً أن تصبروا معي قليلاً لحين ادراجي الموضوع بالكامل .. وشكراً.




نهضة الخليج العربي: التصنيع الدفاعي في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة

المجلس الأطلسي
مركز برنت سكوكروفت للأمن الدولي


ترجمة : عبير البحرين




143zuib.jpg



اسْتِهْلاَلُ

نظراً لمواردهما المالية الكبيرة، علاقاتهما الوثيقة مع واشنطن، وامتياز وصولهما إلى أعلى الشركات الدفاعية بين ضفتي الأطلنطي، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في وضع فريد من نوعه مكنتهما من استكشاف الفرص وتحقيق خطوات واسعة ومهمة في ميدان الصناعة العسكرية، في حين أن دول أخرى أخفقت ولم تتمكن من تحقيقها بسبب سوء الإمكانية. وعلاوة على ذلك، إن تعاظم دور العولمة وثورة تقنية المعلومات في الشؤون العسكرية على مدى السنوات العشر الماضية فتحت أسواق الدفاعا لدولي وجعلتها أقل حصرية، وهو ما سمح للمملكة العربية السعودية ودولةالإمارات العربية المتحدة التغلب على بعض التحديات العلمية والتقنية الأساسية التي عادة ترافق عملية بناء الصناعات الدفاعية المحلية المستدامة.

ولإنشاء صناعات عسكرية حديثة في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ويمكنها المنافسة في سوق الدفاع الدولي، يتطلب تعزيز مجموعة من السياسات الداخلية والخارجية ذات المصلحة. أولاً، معالجة تهديدات الأمن الوطني، وكلا البلدين يسعيان لتطوير قدراتهما في تصنيع أسلحة لمواجهة مجموعة من التهديدات الأمنية المحتملة الداخلية والخارجية، ثانياً، الحد من التبعية السياسية للولايات المتحدة والقوى الأخرى المؤثرة التي تهيمن على سوق الدفاع العالمي، ثالثاً، تنويع اقتصادياتهما، رابعاً، تأكيد مكانتهما الإقليمية وهيبتهما، خامساً، تعزيز المصداقية العسكرية، وأخيرا زيادة نفوذهما الدبلوماسي.

الاكتفاء الذاتي في الصناعات العسكرية ليس هدفاً واقعياً للمملكة العربية السعودية ولدولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن بعض المجالات الأمنية والدفاعية المحدودة بما فيها قطع الغيار والذخيرة، وبناء السفن (لدولة الإمارات العربية المتحدة)،جعلت كلا البلدين تحققان خطوات إلى الأمام.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدولتان تقومان الآن بتصميم وتصنيع وتحديث المركبات العسكرية، والاتصالات والأنظمة الإلكترونية، والأنظمة غير المأهولة بما في ذلك طائرات بدون طيار. وأيضاً إلى حد كبير قامت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بترقية قدراتهما في قطاع الطيران، مثل الصيانة والإصلاح والعمرة في قطاع صناعة الطيران. ونظراً لتحسين قدرات الفرد السعودي والإماراتي في هذا القطاع، فإن القول المأثور القديم "العرب لا تقوم بالصيانة" لم يعد يعكس الواقع. وعلاوةعلى ذلك، فإن الأفراد العسكريين في كلا البلدين تعززت تدريباتهم العسكرية وكفاءاتهم بشكل كبير، ويمكنهم الآن تشغيل بعض أنظمة الأسلحة الأكثر تطوراً. وقد زادت أيضاً وباطراد الإنفاق الدفاعي لدى البلدين كجزء من الناتج المحلي الإجمالي للفرد، واستوعبت الدولتين نقل بعض التقنيات بنجاح.

إن تطور الشراكة الاستراتيجية على مدى سنوات طويلة مع واشنطن ولندن وباريس وبعض شركات الدفاع العالمية الرائدة، منحت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة فرصة قوية للسعي بلا هوادة نحو تأسيس صناعات دفاعية في البلدين. ولكن من بين كل عوامل التمكين، فإنه مما لا شك فيه أن برامج التعويض أو التوازن "الأوفست" الكبيرة والمتطورة لكلا البلدين والتي تؤكد على نقل التقنية ساهمت وبشكل كبير في جهودهما الرامية لتطوير قدراتهما الدفاعية المحلية. ومن المتوقع خلال العقد المقبل أن تكون المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من بين أفضل عشرين من الأسواق العسكرية العالمية للأوفست. ومن خلال برامج الأوفست كلا البلدين أصبحا قادرين على ربط القطاعات الدفاعية المحلية مع منتجي الدفاع العالميين، وقد تم تمكينهما في اكتساب المعرفة الأساسية والدراية الصناعية. النتائج حتى الأن مختلطة، ولكن في بعض المجالات مشجعة للغاية، ففي الرياض وأبوظبي ومناطق أخرى من البلدين تم إنشاء عدد من الصناعات المحلية لمشاريع مشتركة مع الشركات العالمية العملاقة في صناعة الدفاع.

لكن، على الرغم من هذه الإنجازات، فإن للشروع في مسار التصنيع العسكري المحلي الناجح يتطلب على الأقل الجهد الكلي للدولة والتحول المجتمعي. الاستقرار السياسي والقيادة الوطنية والوفرة النسبية لرأس المال في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة كانت لهم الأهمية الحاسمة لإنطلاقة التصنيع العسكري في كلا البلدين من على الأرض. بيد أن للتطوير والترشيد والاستدامة لفترة زمنية طويلة فإن للبلدين فرصة أفضل للنجاح إذا ما طبقتا المجموعة التالية من التوصيات:


وضوح الهدف والاستراتيجية: ينبغي أن يكون لدى التصنيع العسكري السعودي والاماراتي هدف استراتيجي وتكتيكي أكثر دقة. التكنولوجيا الفائقة والصغيرة الحجم هي أفضل طريقة للمضي قدماً لكلا البلدين، لكن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة يجب أن يفكرا بصورة أكثر جدية حول سبل الاندماج بشكل فعال في عملية إنتاج الأسلحة المحلية ضمن سياق أوسع لسياسة الدفاع الوطنية واكتساب الأسلحة.

سياسة الانتاج الدفاعي: يجب على الرياض وأبوظبي صياغة سياسات إنتاجية دفاعية أكثر وضوحاً، وإنشاء هيئات شاملة للتخطيط الدفاعي على المدى الطويل. وهذا أمر مهم للاتساق والتطابق بين القرارات القصيرة المدى والخطط الطويلة الأجل.

مؤسسة الدفاع: على الرياض وأبوظبي تنظيم مؤسساتهما الدفاعية الوطنية وإضفاء الطابع المؤسسي على العمليات الصناعية الدفاعية من خلال إنشاء مؤسسات موثوقة وذات مصداقية وتتمتع بالأطر القانونية والإدارية الصلبة. وإذا ما وزارتي الدفاع في الرياض وأبوظبي أخذتا على عاتقهما مفاتيح القوة المتعلقة بالدفاع وعدم حصرها في الملوك أو القادة العسكريين، فإن التصنيع العسكري سيكون مربحاً.

نقل التقنية: اتباع نهج متنوع لنقل التقنية التي تعالج الاحتياجات والحقائق الفعلية، ستكون أكثر فائدة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى الرياض وأبوظبي الاستمرار في تبني سياسة مدروسة لتدريب المواطنين وتشجيعهم على تعلم المهارات في العمل.

البحوث والتطوير، والعلوم والتقنية:على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تطوير قدرات محلية أقوى في مجال البحوث والتطوير، والتي ستزيد من التفاعل المباشر بين مستخدمي القوات المسلحة والعملاء الأجانب. ولكن التقدم في البحوث والتطوير يجب أن يتوافق مع المستويات العلمية والتقنية لدى المستخدمين. ويتحتم على كلا البلدين إنشاء روابط أكثر ديناميكية بين المؤسسات العلمية (الجامعات، المجمعات البحثية والمعاهد ... الخ،) والصناعة الدفاعية.


مشاركة القطاع الخاص: المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بحاجة لضمان دور أكبر للقطاع الخاص في تمويل مشروع التصنيع العسكري. وخلاف ذلك، فإن الإنتاج الدفاعي سيبقى مملوكاً بالكامل للدولة وسيكون ضد المسارالانسيابي لحركة وفعالية التصنيع الدفاعي.

برامج الأوفست: ينبغي على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة زيادة دمج برامج "الأوفست" في الاستراتيجيات الوطنية للتنمية الصناعية، للحد من اعتمادهما على موردي التكنولوجيا من الخارج، وكلا البلدين العمل عليهما تعظيم وخلق فرص العمل والتأثيرعليه.


الصيانة، الإصلاح، والعمرة: لأن عدد الفنيين والمهندسين السعوديين والإماراتيين قليل، لذا فإن المملكة والإمارات لا تزالان غير قادرتين على الحفاظ على أنظمة الأسلحة الأمريكية وغيرها من الأسلحة الغربية الحديثة دون مساعدة من العمال الأجانب، وهذا يحتاج للمزيد من التركيز على، والاستثمار في قدرات الصيانة والاصلاح والعمرة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

التعاون الصناعي العسكري الثنائي أو على نطاق أوسع بين دول مجلس التعاون الخليجي: بإمكان المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الاستفادة من تطوير قاعدة مشتركة للصيانة والاصلاح والعمرة، والخدمات المتكاملة أو التكميلية والبنية التحتية للإنتاج. وهذا من شأنه أن يكون مربح للغاية اقتصادياً، كما أنه سيسمح أقصى تبادل من الخبرات والمهارات والقوى العاملة المؤهلة، وكذلك استخدام أكثر للمرافق ولمدة أطول.



الآثار المترتبة على السياسة الأمريكية

استدامة الشراكة بين الولايات المتحدة ودول الخليج هي مسؤولية مشتركة، على الرغم من موقف كبار صناع السياسة في واشنطن

إن الجهود التي بذلتها كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على مدى العقد الماضي برفع مستوى قدراتهما الدفاعية الوطنية عبر شراء الأسلحة والسعي نحو التصنيع العسكري المحلي، تساهم أيضاً في الخطط الإستراتيجية للولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الأوسط وتتسق مع التزامات الولايات المتحدة بتوسيع قاعدة شركائها في العالم عموماً وتعزز القدرات الدفاعية لأصدقائها وحلفائها. ومع ذلك، فإذا ما استمرت الشكوك السياسية الراهنة في العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج، وإذا ما حدث خلاف استراتيجي جذري بين واشنطن والرياض وتطور في المستقبل بسبب خلافات سياسية كبرى وتكثفت عملية التصنيع الدفاعي الخليجي، فإن هذا قد يحمل في طياته مخاطر لمصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية في الشرق الأوسط.

ومن الأهمية الإشارة إلى أن أحد دوافع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة للدخول في ميدان التصنيع العسكري هو الحد من التبعية السياسية للولايات المتحدة. أحياناً الأحادية من جانب أصدقاء الولايات المتحدة وحلفائها يمكن أن تقوض المصالح الأمنية الأميركية، كما تتضح من الأعمال العسكرية الإسرائيلية الأحادية في لبنان وسوريا، والأراضي الفلسطينية. والولايات المتحدة في الغالب تفضل وتدعو إلى حلول إقليمية للكثير من المشاكل الأمنية في الشرق الأوسط، وسوف ترتاح واشنطن إذا ما تقدمت السعودية و/ أودولة الإمارات العربية المتحدة واستخدمتا مواردهما الدفاعية والدبلوماسية لنزع فتيل أزمة محتملة في المستقبل. إلا أن، إذا ما إندلعت أزمة كبرى أخرى على غرار حرب الخليج 1990 – 1991، وقرر السعوديون و/ أو الإماراتيون أن يتصرفوا من تلقاء نفسهم لحماية مصالحهم خارج حدود الشراكة التي بين الولايات المتحدة ودول الخليج، فعندها ستتعرض المصالح الاستراتيجية الأميركية للخطر وستكون بمثابة انهيار للنفوذ السياسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.

في حين أن القدرة السعودية الحالية للتصرف بإستقلالية أكثر عن الولايات المتحدة تبدو أقل، إلا أن رغبتها ستزيد في حال فشل تحسين علاقاتها مع واشنطن وتطور جهدها الصناعي الدفاعي بوتيرة أسرع. هذه المعادلة تقريباً عكسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، فقدرة أبوظبي للتصرف باستقلالية أكثرعن الولايات المتحدة تبدو أعلى (القوات المسلحة الإماراتية أكثر كفاءة من الناحية الفنية والجاهزية للقتال)، وسوف تتعزز هذه القدرة مع مرور الوقت، إلا أن رغبتها للقيام بذلك أقل من السعودية، لأن علاقاتها مستقرة مع واشنطن وتفضل كثيراً العمل مع الائتلافات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة. وهذا ما يفسر لماذا أبوظبي مهتمة بتعزيز شراكتها مع منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والعكس بالعكس. وتماماً مثل المملكة العربية السعودية، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً لديها طموحات للقيادة الإقليمية، ولكنها تسعى إلى قدوة تحتذي بها، وآفاق سياستها الخارجية تميل إلى أن تكون أكثرعالمية وكونية عن المملكة العربية السعودية.

وبالرغم من موقف كبار صناع السياسة في واشنطن، فإن استدامة الشراكة بين الولايات المتحدة ودول الخليج هي مسؤولية مشتركة. دول الخليج العربية، والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص، عليهم التزامات أيضاً. يجب بناء علاقات أمنية أوثق، وتكامل القدرات الدفاعية الوطنية (والأهم فيه الدفاع الجوي والصاروخي، والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع) وأن تكون هذه هي الأولويات الأكثر إلحاحاً لزعماء دول الخليج العربية. وعلينا أن ندرك أن التوافقية ليست طريق باتجاه واحد. كانت واشنطن تلح على شركائها في الخليج للحفاظ على توافق مع أنظمة الدفاع الأميركية، ومع ذلك، في كثير من الأحيان، عندما يتقدمون بطلبية لشراء بنود عسكرية من الولايات المتحدة والتي من شأنها أن تدعم العمل المشترك بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وداخل دول مجلس التعاون الخليجي، فإن واشنطن لا تلبي طلباتهم. ويرجع ذلك لسببين رئيسيين: قيود صارمة على الصادرات، والسياسة الأميركية الاسرائيلية المتعلقة بـ "التفوق العسكري النوعي" والتي تهدف إلى الحفاظ على التفوق العسكري الاسرائيلي في المنطقة ودعم الردع الاسرائيلي. من وجهة نظر الشركاء الخليجيين، فإن المشكلة لا تقتصر فقط في رفض الولايات المتحدة ولكن أيضاً في بطء واشنطن أو عدم الرد. ففي بعض الاحيان تستغرق سنوات للحصول على رد من واشنطن لشراء بنود عسكرية محددة، وبعد مرور الوقت يأتي الرد من واشنطن مع السعر لتجد أن احتياجات وظروف الشركاء الخليجيين قد تغيرت.

لكن، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لا ينبغي أن تعتمدا فقط على التعاون مع الولايات المتحدة. هناك مجالاً واسعاً للتعاون الصناعي الدفاعي، والتعاون بين الرياض وأبوظبي وعواصم أخرى من دول مجلس التعاون الخليجي، سواء كان ذلك في القوى العاملة والخبرات الماهرة، والصناعات التحويلية و/أو الصيانة والاصلاح والعمرة، والتي يمكنها معالجة بعض أوجه القصور. المشكلة تكمن في أن السياسة والتنافس والنفوذ وقفت في الطريق نحو تحقيق الهدف. والولايات المتحدة تضغط على دول مجلس التعاون الخليجي للمزيد من التفكير بشكل جماعي لبعض الوقت، ولكن الخلافات بين أعضائها، سواء كان ذلك في سوريا، مصر أو إيران، هي حقيقية. وطالما يسود الخلاف السياسي في دول مجلس التعاون الخليجي وفي الشراكة الأميركية الخليجية، مع عنصر الصناعة الدفاعية، فسوف لن تلتقي الامكانيات الحقيقية وستبقى الشراكة والتعاون مع الولايات المتحدة مقتصرة على الشؤون الثنائية وكل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي على حده.


الاستنتاج

التصنيع العسكري في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة نتيجة طبيعية لطموحات البلدين، ولتأكيد وضعهما المتزايد في الإقليم، وكذلك لجهودهما الحثيثة على مدى سنوات لتحديث مجتمعاتهما وتنويع اقتصادياتهما. إن وتيرة ونطاق وفعالية جهود التصنيع العسكري في المملكة والإمارات ستواصل الاعتماد، في كثير من النواحي، على التغييرات المجتمعية الأوسع في كلا البلدين. ولكن سيكون مضللاً القول بأن الأنظمة السياسية السعودية والإماراتية – بسبب السمات السائدة مثل المقيدة بالسرية، المركزية المفرطة، الإقصاء والفساد وانعدام المساءلة – هي التي تساهم بالمطلق في عرقلة التصنيع العسكري. عندما يتعلق الأمر بصناعة عسكرية ناجحة، فإن أكثر ما يهم هو العزم والرؤية والموارد ومجموعة صحيحة من الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والعسكرية. والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة مازالتا تكافحان في صياغة هذه الاستراتيجيات، لكنهما منطلقتين نحو التحسن التدريجي للتعلم من الشركات الدفاعية الأعلى تطوراً في العالم، وذلك عن طريق التعاون والشراكة.
ومن الجدير بالذكر أن التصنيع العسكري في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، عملية طويلة الأجل. في الواقع، من المرجح أن تستغرق ما بين خمسة إلى خمسة عشر عاماً قبل أن تتمكن أي من الدولتين تصدير منتجات عسكرية على نحو فعال وبشكل مستدام، والاعتماد على قواها العاملة المحلية وقدراتها الفردية لإنتاج الأسلحة لتلبية الاحتياجات الأمنية الوطنية. لكن الرياض وأبوظبي حريصتان كل الحرص على عدم التسرع في العملية وتدركان أن المسألة مجرد مسألة وقت حتى تتمكنا من إنتاج صناعات دفاعية، ولديهما كل الأسباب ليكونا واثقين بالمستقبل.



تقديم

تخفيض الميزانيات وتقليص الجيوش تلك هي بعض خصائص تحديات البيئة الدفاعية، والتي على الولايات المتحدة وأصدقائها وحلفائها عبر الأطلسي التعايش معها في المستقبل المنظور. وحالياً الرؤية البعيدة المدى للعديد من الصناعات الدفاعية الوطنية عبر الأطلسي وحول العالم في محل شك، نتيجة لزيادة الضغوط السياسية والمالية، فضلاً عن التغييرات الجذرية في عالم الدفاع. حتى حلفاء الولايات المتحدة الأكثر تقدماً صناعياً يواجهون صعوبة في متابعة أهدافهم الدفاعية والأمنية، ونتيجة لذلك، فإنهم اضطروا إلى اتخاذ خيارات صعبة جعلتهم أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة أو تقليص قدراتهم.

في هذه البيئة الدفاعية القاسية، فمن الصعب أن نرى كيف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، دولتين حديثتين وقدراتهما الصناعية وقواعدهما العلمية والتكنولوجية أضعف بكثير، أن تنجحا حيث دول أخرى أكثر تقدماً منهما فشلت في الماضي أو تعاني في الوقت الحالي من التحجيم والتقليص والتسرب من هذا المجال. بيد أن مع أهداف مرسومة بعناية، توقعات متواضعة، استراتيجيات ذكية، إدارة مالية فعالة، وبالتعاون مع واشنطن يمكن للرياض وأبوظبي الابحار في بعض تعقيدات التصنيع العسكري والتغلب على بعض التحديات الرئيسية. فالتكنولوجيات الحديثة، مثل الأنظمة غير المأهولة والاتصالات والتقنيات المستمدة تجارياً، جعلت التسلسل الهرمي الدفاعي الحالي في تحدي. وإن ظهور قاعدة صناعية دفاعية جديدة ناشئة قد تحمل المزيد من الفرص للداخلين الجدد نسبياً مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وقد تجعل منحنيات تعلمهما أقل حدة.

الولايات المتحدة الأميركية لديها مصلحة قوية في رؤية شركائها في الخليج ينجحون في تحقيق أهدافهم الدفاعية والأمنية. ويمكن للتصنيع العسكري في المملكة العربية السعودية أن يساهم، وكذلك الجهود التي تبذلها دولة الامارات العربية المتحدة، في تنويع اقتصادياتهما وتعزيز النمو الاقتصادي في البلدين إذا ما اقتربت مع جرعة صحية من العقلانية، والصدق، والدقة، والتبصر. وبنفس القدر من الأهمية، فإنه يمكن رفع مستوى قدراتهما المحلية الدفاعية والأمنية بحيث تسمح للولايات المتحدة الاعتماد عليهما بشكل متزايد، وليكون كلا البلدين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من مقدمي وموردي الأمن في منطقة الخليج العربي.

هذه الورقة البحثية من إعداد بلال صعب، المتخصص في دراسات وبحوث الأمن في الشرق الأوسط، وهو زميل رفيع المستوى في مركز سكوكروفت برنت بالمجلس الأطلسي للأمن الدولي، يقدم فيها تحليل جديد ورؤى سياسية رئيسية عن التصنيع العسكري في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ويضيف فيها بعداً مهماً، وإن كان الكثير من الباحثين يتجاهلون مناقشة سياسة الولايات المتحدة بشأن الشراكة بين الولايات المتحدة ودول الخليج والتصنيع العسكري في دول الخليج العربي.

وهذا الجهد هو جزء من مبادرة الأمن والسلام في الشرق الأوسط لمركز سكوكروفت التي نظمته المجلس الأطلسي، ويساهم مباشرة في مبادرة مركز سكوكروفت للأمن عبر الأطلسي، من خلال استكشاف الفرص لتعاون أوثق في مجال الصناعة الدفاعية والتعاون بين المجتمعات عبر الأطلسي وشركائنا في الخليج العربي.

فيرد كيمبي
الرئيس التنفيذي
المجلس الأطلسي




البقية سأضعها تباعاً في المشاركات القادمة
يرجى الإنتظار قليلاً
 
مقدمة
التصينع العسكري المحلي يتطلب مشروع خرافي وعادة يكون حكراً على نخبة من الدول المتقدمة للغاية حول العالم. لكن حالة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الفريدة من نوعها منحتهما استكشاف الفرص وتحقيق خطوات واسعة ومهمة في ميدان التصنيع العسكري، وهذا بسبب مواردهما المالية الكبيرة، علاقاتهما الوثيقة مع واشنطن، وامتيازات وصولها إلى أفضل الشركات الدفاعية بين ضفتي الأطلنطي. وعلاوةعلى ذلك، فإن سوق الدفاع العالمي أصبح اليوم أقل هرمية وحصرية بسبب العولمة وثورة تكنولوجيا المعلومات في الشؤون العسكرية. وبالتالي، سمح للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة التغلب على بعض التحديدات الرئيسية في العلوم والتكنولوجيا أو إدارة وترويض هذه التحديدات والتي عادة ترافق عملية بناء الصناعات الدفاعية المحلية المستدامة.


إن الاكتفاء الذاتي ليس هدفا واقعياً للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن في نهاية المطاف هو هدف الرياض وأبوظبي وهو السياسة المعلنة للدولتين. في بعض المجالات الأمنية والدفاعية المحدودة، بما في ذلك قطع الغيار والذخيرة وبناء السفن (لدولة الإمارات العربية المتحدة)، كلا البلدين حققا خطوات إلى الأمام. وبالإضافة إلى ذلك، فإنهما الآن يقومان بتصميم وتصنيع وتحديث المركبات العسكرية، والأنظمة الإلكترونية، والاتصالات، والأنظمة غير المأهولة بما في ذلك طائرات بدون طيار. وأيضاً، وإلى حد كبير في قطاع صناعة الطيران قاموا بترقية قدراتهما في صيانة وإصلاح وإعادة تحديث الطائرات. ولذلك، اليوم القول المأثور القديم الذي يقول "العرب لا تقوم بالصيانة" لم يعد يعكس الواقع.

ومن الأهمية الإشارة إلى أن لا هذا ولا ذاك من البلدين غافل عن التحديات الهائلة اجتماعياً ومالياً وتنظيمياً وتكنولوجياً، والتي تقف في طريق رؤيتهما الدفاعية. القادة في الرياض وأبوظبي أيضاً يدركون جيداً أن صناعاتهم الدفاعية الوطنية ليست هي الأولى من نوعها في المنطقة لكي تختبر طموحاتهم الدفاعية الوطنية وتوضع على المحك. دول مثل إسرائيل والعراق ومصر وإيران وتركيا، تعتبر من القوى التقليدية في الشرق الأوسط، سبقت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال قبل عدة عقود من الزمن، وكانت لهم محاولات حثيثة في ميدان التصنيع العسكري المحلي، إلا أن في النصف الثاني من القرن العشرين فشل البعض في تلبية وتحقيق أهدافهم الطموحة. ونتيجة لذلك، اضطروا إلى إعادة النظر في استراتيجيات صناعاتهم الدفاعية، والقبول بالأمن و/أو التبعية التكنولوجية. بيد أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تأملان التعلم من تجارب الدول المجاورة وتجنب تكرار نفس الأخطاء. وكما يبدو إنهما حذرتين، ففي هذا التوقيت بالذات، ومع الاضطرابات الكبيرة اجتماعياً وسياسياً التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والحاجة الملحة لاستثمارات قوية ومستمرة في حركة اقتصادية سليمة وضمان الاستقرار الإجتماعي، فإن تبذير الموارد المالية بإسم التصنيع الدفاعي على المدى الطويل سيكون الثمن باهظاً في حال عدم تحقيق التوقعات والطموحات.

تناول الكثير من الباحثين والكتاب موضوع "المجمعات الصناعية العسكرية" لإسرائيل، والعراق، ومصر، وإلى حد أقل إيران وتركيا، نظراً لأن قطاعات الدفاع والأمن في هذه البلدان أقدم وأكبر في المنطقة، ولعبت دوراً بارزاً في المجمتع والسياسة الداخلية في بلدانهم. وما يثير الاستغراب، أن قليل من يذكر ويعرف عن الخبرات الصناعية العسكرية لدول الخليج العربية، وتحديداً المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة اللتين من أسرع القوى الإقليمية الصاعدة في منطقة الشرق الأوسط. ونظراً للإنفاق العسكري المرتفع نسبياً في كلا البلدين تمكنا من تأسيس اللبنة الأولى لقاعدة الصناعات العسكرية، السعودية تنفق ما يصل إلى 10 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهي الأكثر إنفاقاً من أي دولة أخرى في المنطقة، وسابع أكبر جيش من حيث الانفاق في العالم. أما دولة الإمارات العربية المتحدة فهي رابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وقدرة عسكرية متزايدة، والرائدة إقليمياً في القيادة والسيطرة للقوة الجوية. كما أن لديها "أقصى ما إنتهى إليه العلم" مركز دفاعي محلي لتصدير بنود عسكرية وتعرض تقنياتها في معارض رئيسية للدفاع في العديد من المناطق حول العالم.

من وجهة نظر السياسة الأمريكية، فإنه من المهم دراسة تطلعات وتجارب الصناعة العسكرية في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، نظراً لشراكتهما الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وتحسين جذري لقوتهما العسكرية، وزيادة دورهما في سياسات وأمن الشرق الأوسط. في الواقع، قضايا الدفاع الوطني في الرياض وأبوظبي هي بالكاد محلية، لأنها تؤثر على الأهداف والمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ولتعزيزالاستقرار والأمن في منطقة الخليج، الولايات المتحدة تحتاج شركائها العرب للمشاركة بشكل فعال في تحمل العبء والمسؤولية تجاه الشراكة. ولتحقيق هذه الغاية، إن تطوير القدرات الدفاعية المحلية لشركاء الولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية.

وفي هذه الورقية البحثية سنحلل مسارات منفصلة للتصنيع العسكري المحلي التي اتبعتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على مدى العقد الماضي، وسنشرح الدوافع الأساسية لكلا البلدين نحو الانخراط في مجال التصنيع العسكري المحلي. وسنستعرض ركائز الصناعة العسكرية في كلا البلدين. وسوف تعكف الدراسة على وصف التحديات الرئيسية التي واجهت البلدين، والإنجازات التي حققوها على طول الطريق. وسوف تختم الدراسة بمجموعة من التوصيات لكلا البلدين وأيضاً للولايات المتحدة، مع تقييم الأثار المترتبة على الأهداف والمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط جراء التصنيع العسكري السعودي والإماراتي. ومن الجدير بالذكر أن الدراسة استفادت من عدد من المقابلات مع ممثلي الصناعات الدفاعية عبر الأطلسي، كما واستفادت من وجهة نظر المشاركين في ورشة عمل عقدت في المجلس الأطلسي في 13 مارس 2014، حول الصناعات الدفاعية في المملكة العربيةالسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.




الدوافع


لإنشاء صناعات عسكرية وطنية حديثة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ويمكنها التنافس في سوق الدفاع الدولي، ينبغي تعزيز مجموعة من المصالح ذات العلاقة بالسياسة الداخلية والخارجية – البعض ملموس، والبعض رمزي – وتشمل: الأمن القومي؛ الاستقلال السياسي؛ التنويع الاقتصادي؛ الهيبة؛ المصداقية العسكرية؛ وأخيراً النفوذ الدبلوماسي.


الأمن القومي: المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تسعيان للحصول على، وتصنعان الأسلحة الحديثة لمعالجة مجموعة واسعة من التهديداتا لأمنية الوطنية المحتملة. الدولتان تعيشان في بيئة إقليمية خطيرة وتنظران للتهديدات الأمنية بأنها منبثقة من مصدرين أساسيين: خارجياً من إيران، وداخلياً من الإرهابيين كتنظيم القاعدة والجماعات التابعة لها، وجماعة الإسلام السياسي المنظم والتي يمكنهم تحدي الشرعية وحكم الأسر الحاكمة.



لكن،إذا كان من الممكن أن تتحقق أهداف الأمن القومي للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من خلال شراء أفضل الأسلحة من الولايات المتحدة وأماكن أخرى، فهنا يحق لنا أن نتساءل لماذا من الضروري لكلا البلدين السعي لإنشاء برنامج التصنيع العسكري المكلف والصعب داخل الوطن والذي قد لا يعطي أفضل النتائج. كما أن، طالما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة شريكتان استراتيجيتان مع الولايات المتحدة فإن بقاءهما واستمرارهما لا ينبغي أن يكون في خطر، وبالتالي ليس هناك حافز يذكر بالنسبة لهما لمواصلة العسكرة. صحيح أن الولايات المتحدة ليس لديها معاهدة دفاع رسمية مع أي الدولتين، ولكن التزام واشنطن بأمن شركائها في الخليج لم يكن أبداً في محل شك (على الأقل في أذهان صناع السياسة الأمريكيين). فالواقع، أن السبب الرئيسي وراء عدم إظهار إيران عدوان أو هجوم عسكري علني ومباشر ضد جيرانها الخليجيين هو الشراكة بين الولايات المتحدة ودول الخليج.


وعلى الرغم من هذه الشراكة، إلا أن ليس هناك بديل عن القدرات الدفاعية الوطنية. فالقدرةعلى صنع أسلحة قوية داخل الوطن لتحمل هجوم مفاجئ، غزو هائل، أو أي نوع من نزاع عسكري رئيسي ولفترة طويلة هي ذات أهمية استراتيجية قصوى. وعلاوة على ذلك، فإن البيئة السياسية الراهنة في المنطقة غير مستقرة خصوصاً والشراكة بين الولايات المتحدة ودول الخليج تشهد اضطرابات وشكوك وعدم اليقين بسبب انعدام الثقة في المقام الأول من الجانب الخليجي. وهذا بحد ذاته، رفع وبقوة درجة الادراك والتصورات في الرياض وأبوظبي عن التهديدات المحتملة. وحفز القادة السعوديين والإماراتيين بالبدأ في التفكير بأكثر استقلالية وبعيداً عن المدافع أو الحامي الأميركي.


في حين أن إيران ليست في حرب مباشرة مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن التوترات موجودة. طهران ند شرس وفي مواجهة إقليمية بالوكالة، ونزاع إقليمي قديم على جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى والتي لم تحل بعد. هذه العوامل وحدها تعطي دافع وزخم إضافي للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير صناعاتهما العسكرية الوطنية، خاصة إذا ما استمر التوترفي الشراكة بين الولايات المتحدة ودول الخليج. قدرات ايران الذاتية في إنتاج الأسلحة المحلية جديرة بالذكر (وتحديداً في مجالات الصواريخ الباليستية والأنظمة غير المأهولة)، وهذه تزيد من دوافع السعوديين والإماراتيين أكثر للحاق بغريمتهما وربما تجاوزها. وفي هذا السياق، التصنيع العسكري يتبع نهج مألوف "الفعل ورد الفعل"، على غرارسباق التسلح.

الاستقلال السياسي: الاكتفاء الذاتي في مجال الدفاع والأمن، على الرغم من أنه قد لايتحقق بالكامل، إلا أنه مسار في غاية الأهمية للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة للحد من التبعية السياسية للولايات المتحدة والقوى الأخرى المؤثرة التي تهيمن على سوق الدفاع العالمي.



ووفقاً لما قاله الأمير السعودي خالد بن سلطان، مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية في فبراير 2010: "كل بلد يهدف لتحقيق الإنتاج المحلي من الأسلحة بنسبة مئة في المئة لضمان اتخاذ قرارات سياسية مستقلة وتجنب المفاجآت أثناء النزاعات المسلحة". وأيضاً الطيارالعقيد الركن طارق البناي من القوات المسلحة الإماراتية صرح لصحيفة إماراتية محلية في 21 فبراير2013 بالقول: "نحن نبذل قصارى جهدنا لنكون مكتفيين ذاتياً من خلال المشاريع المشتركة التي توفر لنا الكوادر الوطنية مع المعرفة والدراية الكافية لابتكار المعدات والأجهزة التي تلبي احتياجاتنا المستقبلية".


بالنسبة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، إن إنتاج الأسلحة المحلية يعني أيضا الحد من تأثيرات القيود الأمريكية الواردة على مبيعات الأسلحة والرقابة الصادرة على السياستين الخارجية والعسكرية للسعودية والإماراتية، على الرغم من أن – كما سيتم مناقشته لاحقاً – الاعتماد التكنولوجي على الموردين الأجانب سيستمر للحد من قدرة كلا البلدين نحو انتهاج سياسات خارجية مستقلة حقيقية. وهذه السياسات الرقابيةالأمريكية على الصادرات التي تؤثر على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة (وغيرها من الشركاء العرب) تستهدف مجموعة من الصواريخ، ورادارات الصد الدفاعية، وأنظمة الحرب الإلكترونية. وبالرغم من الشراكة مع الولايات المتحدة، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي تواجه قيود هامة عندما يتعلق الأمر بشراء الأسلحة من واشنطن، على الرغم من أن مؤخراً تم إدخال بعض التحسينات ويرجع ذلك جزئيا إلى شروع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالبعض من الإصلاحات.


التنويع الاقتصادي: المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تدركان أن سعيهما لتحقيق التصنيع العسكري المحلي وسيلة أخرى هامة للوصول إلى الهدف الحيوي للتنويع الاقتصادي.



وفقاً لرؤية أبوظبي الاقتصادية 2030، الحكام الإماراتيون يأملون تحويل اقتصاد بلادهم وجعله خالي من الاعتماد على الصادرات النفطية مع عام 2030. هي رؤية طموحة، وأبوظبي وحدها واثقة من إمكانية تحقيقها. حتى الآن، دولة الإمارات العربية المتحدة قامت بعمل أفضل من جيرانها منتجي النفط في تنويع مصادر إيراداتها. هذه الجهود للتنويع تشمل المشاريع الضخمة المستدامة للطاقة مثل مصدر Masdar، السياحة (والنجاح الأبرز في هذا القطاع هو تأسيس مدينة دبي الطبية في عام 2012)، والتكنولوجيا الحيوية والتي نمت من "دوبايو تك" DuBioTech في دبي وهي تكنولوجيا حيوية رئيسية، ومجمعات البحوث.

بيد أن التصنيع العسكري في دولة الإمارات العربية المتحدة أثبت أيضا بأنه محرك آخر لهذه الحملة نحو التنويع الاقتصادي. ووفقاً لمركز الإحصاء – أبوظبي، "الإدارة العامة، الدفاع، والضمان الاجتماعي الإجباري، تمثل فيها نسبة 23.5 في المائة من القوة العاملة في إمارة أبوظبي في عام 2011 ويعمل فيها 6 مواطنين من أصل 10".


تنويع القاعدة الإنتاجية أيضا لها أهمية قصوى للاقتصاد الوطني في المملكة العربية السعودية (والذي يعد الاقتصاد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)،وتحسين مستويات المهارة لدى العمال هو الهدف الذي أكدت عليه الحكومة السعودية في سياستها الرسمية لأكثر من ثلاثين عاماً. ووفقاً للاستراتيجية الاقتصادية 2025 للمملكة (وتسمى أيضا استراتيجية المدى الطويل 2025)، ركزت خطط التنمية السعودية باستمرار على تطوير دور القطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني. وعلى غرار نظيره الإماراتي، لقد لعب القطاع الخاص السعودي دوراً متواضعاً في تحفيز النمو الاقتصادي والحد من البطالة. ووفقاً لصندوق النقد الدولي (IMF)، في عام 2012 كان المعدل الإجمالي للبطالة في المملكة العربية السعودية 5.8 في المئة، والذي ظل مستقراً على نطاق واسع منذ نهاية عام 2009، إلا أن وظائف كثيرة – وخاصة الوظائف الجديدة التي تم إنشاؤها – شغلت من قبل الأجانب. وهو ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وسط السعوديين، حيث ارتفعت من 10.5 في المئة في نهاية عام 2009 إلى 12.1 في المئة في نهاية عام 2012، وخاصة وسط الشباب والنساء.


وعلى الرغم من العديد من الإنجازات لتنويع الاقتصاد السعودي على مر السنين، إلا أن لا يزال يتطلب الكثير من الجهد للقيام به خصوصاً في مجالات الغاز الطبيعي والتعدين والسياحة. ومن الأهمية الإشارة إلى، على الرغم من أن إنتاج المملكة العربية السعودية في عام 2011 كان حوالي 10 مليون برميل من النفط يومياً، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد في المملكة العربية السعودية يعتبر هو الأدنى من بين دول مجلس التعاون الخليجي. البطالة وسط الشباب، انخفاض مستويات المعيشة، وتزايد الفقر، هي بعض من المشاكل التي تصارعها المملكة لعدة سنوات. وعلى الرغم من تركيز خطط التنمية السعودية المتعاقبة على زيادة دورالقطاع الخاص، وعلى الرغم من مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي ما يقرب من 59 في المئة في عام 2013، إلا أن الاقتصاد السعودي لا يقود السوق وجزء كبير من النشاط الاقتصادي لا يزال يعتمد على إنفاق القطاع العام. وبالتالي القطاع الخاص ليس المحرك الرئيسي لعجلة النمو، والاقتصاد لايزال يعتمد على انفاق القطاع الحكومي.


الهيبة: أهمية تصنيع الأسلحة محلياً، وعلى وجه التحديد الأسلحة الرمزية، ليس شيئاً جديداً في تاريخ الحروب. خلال الحرب الباردة، سيئة السمعة، كانت الولايات المتحدة تعتبرها "نافذةالضعف" في ما يتعلق بالاتحاد السوفيتي ومنطقهم الإستراتيجي الخاطئ الذي كان يستند في المقام الأول على مفاهيم الشرف والهيبة. السوفيت كانوا على خطأ لمثل هذا التفكير، فقد كان هوسهم متعلق بالصواريخ الكبيرة والثقيلة وأيضاً المزودة بالرؤوس النووية وكان يعتبر عنصررمزي فالهدف من هذه الصواريخ لم يكن فقط للردع وإنما أيضا لإرهاب العدو الأمريكي وعرض القدرة السوفيتية في تكنولوجيا الصواريخ. واليوم، الهيبة الإقليمية تلعب دور كبير في سباق الفضاء النامي والتنافس في آسيا بين الهند والصين، الصين واليابان، وبين الكوريتين.



وفي الشرق الأوسط، الهيبة تحمل تأثير كبير في العلاقات السياسية والعسكرية، وبالتالي، يجب أن نأخذها في الاعتبار عند شرحنا لسلوك الدول. في حالة دول الخليج العربي، ولفهم كامل أسبابهم لشراء أنواع معينة من الأسلحة الحديثة جداً من الولايات المتحدة أو من أي مكان آخر يتطلب تقييم دورالهيبة لتأكيد مكانتهم الإقليمية عند اتخاذ القرارات المصيرية. المحلل العسكري انطوني كوردسمان كثيراًما انتقد هذه الظاهرة، ظاهرة مبيعات الأسلحة العسكرية الأميركية والغربية الحديثة والمتقدمةً لدول الخليج العربي، بإدعائه أنها "عامل بهرجة" وهذا يعني أن دول الخليج العربي في المشتريات الدفاعية تعطي أولوية في كثير من الأحيان للحداثة والحجم على مدى الفعالية وتكامل النظم. لكن، "سياسة الهيبة" كما المنظر الألماني هانز مورغنثاو تحدث عنها بأن القصد من وراءها إقناع الخصم – وفي هذه الحالة إيران – بالقدرات العسكرية والسلطة الوطنية للدولة.


ما وراء هذه المبيعات العسكرية، بناء الأسلحة الحديثة محلياً والحصول على اعتراف من المجتمع الدولي بالتطورات التكنولوجية والعلمية لتعزيزالمكانة الوطنية. وفي الواقع انعقاد معرض ومؤتمر الدفاع الدولي (أيدكس) في أبوظبي كل سنتين، ليس فقط يمنح دولة الإمارات العربية المتحدة امتياز شراء أحدث المعدات العسكرية من كبرى الشركات الدفاعية المشاركة في الحدث، وإنما أيضاً فرصة ممتازة لدولة الإمارات العربية المتحدة لعرض إنجازاتها في الصناعات الدفاعية، وبالتالي ترفع مكانة جيشها وهيبتها الدولية.


المصداقية العسكرية: بما أن دفاع الدولتين، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، هما الأثقل وزناً داخل دول مجلس التعاون الخليجي فمن حقهما ومن مصلحتهما عرض قوتهما العسكرية إقليمياً وتبيانه للشريك الأميركي بأنه يمكن الاعتماد عليهما في مسائل الدفاع والأمن. شراءالأسلحة من الولايات المتحدة والتدريب مع أفراد الجيش الأميركي تلعب دوراً كبيراً في ترسيخ الشراكة بين الولايات المتحدة ودول الخليج، ولكن بناء وتوطين قطاع دفاع حديث يمكنه تصميم وانتاج أنظمة الدفاع المتطورة عبرمشاريع مشتركة مع كبرى الشركات الأميركية، فإنه أيضاً يغرس ثقة أكبر لدى الولايات المتحدة تجاه قدرات السعوديين والإماراتيين ومسؤولياتهم نحو الشراكة. والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً تسارعت جهودهما في تطوير قدراتهما على تشغيل أنظمة متطورة. على سبيل المثال، وفقاً لخدمة أبحاث الكونغرس الأميركي إن مشغلي بطاريات صواريخ أرض – جو (هوك) من الإماراتيين أصبحوا "على قدم المساواة مع نظرائهم الأميركيين". وطياري المقاتلات الإماراتية لديهم "جهوزية القتال" كما وضحت العمليات العسكرية في ليبيا عام 2011، وأيضاً مؤخراً نجاحهم التام في تدريبات العلم الأحمر في نيفادا، وهو تمرين بين الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها ويشمل على القوات الجوية والفضاء والسيبراني. وهذا يضيف القوة والمصداقية للشراكة الإماراتية الأميركية. نفس الأمر يذكر عن التقدم والتطور السعودي في مجال التدريب العسكري وقابليية التشغيل والتكامل والأداء التي يتمتع بها الجانب السعودي منذ حرب الخليج الأولى.



النفوذ الدبلوماسي: الجيوش القوية تجلب النفوذ الدبلوماسي للقادة المدنيين، ولكن قطاع الصناعة الدفاعية أيضاً يعطي وزناً للجهود الدبلوماسية للدولة. ستيفاني نيومان، المتخصص في الصناعة الدفاعية يلخص دور قطاع الصناعة الدفاعية الأميركي الذي يمد الولايات المتحدة بالمزيد من القوة العسكرية وبالتالي المزيد من النفوذ الدبلوماسي: "إن قطاع الصناعات الدفاعية القوي، أقل ما يقال عنه أنه أداة دبلوماسية في الترسانة السياسية الأميركية". إن حيازة الدولة آلة الصناعة الدفاعية الجيدة والتي يمكن أن تنتج أسلحة قوية وبكفاء، ستمكنها من ردع الخصوم عن شن حرب أو تغييرحسابات الخسارة والربح والاستراتيجيات العسكرية. حالياً قدرات الصناعة الدفاعية للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة متواضعة، وبالتالي فإن أي نفوذ دبلوماسي لهما قد يكون في الحد الأدني إن لم يكن معدوماً، لكن الرياض وأبوظبي تأملان من تطوير قدراتهما مع مرور الوقت وفي نهاية المطاف تحقيق أهدافهما المرجوة.



يرجى الإنتظار قليلاً
سأضع البقية تباعاً
 
الركائز


على الرغم من عدم وجود مسار خطي محدد أوصيغة عالمية لتحقيق النجاح في التصنيع الدفاعي المحلي، إلا أن بعض الركائز أو السمات الحاسمة يتعين توفيرها للنزول على قدمين صحيحين والانطلاق في المسير نحو الهدف. وتشمل – ولكن لا تقتصر فقط على هذه القائمة – الاستقرار السياسي؛ القيادة الوطنية الحكيمة؛ قدرة مؤسسية قوية؛ التنمية البشرية (التعليم، القوى العاملة العلمية والتقنية، البحوث والتطوير)؛ قاعدة صناعية مدنية؛ قاعدة المعلومات؛ الاستثمار في العلوم والتقنية؛ وسياسة إنتاجية قابلة للحياة. أما الأموال وراأس المال، والتي بدونها يكاد يكون إنشاءالصناعة الدفاعية المحلية من المستحيل، تم استبعادها من القائمة بقصد لأنها موجودة في حالة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية وبوفرة نسبية (على الأقل في المستقبل المنظور) وذلك بسبب العوائد النفطيةالضخمة.


الاستقرارالسياسي: استقرارإلى حد أنها تتخلل في جميع نواحي الحياة العامة، وجودها مهم وخصوصاً في مجال التنمية الاقتصادية والصناعية، لأنها توفرمستوى من القدرة على التنبؤ والتخطيط على المدى الطويل وتحسين مناخ قطاع الأعمال التجارية للاستثمارات الداخلية والخارجية، وكلاهما ضروريان للتصنيع الدفاعي المحلي.


على حين أن الأنظمة السياسية في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة غير ديمقراطية، إلا أن كلا البلدين لم يشهدا اضطراب سياسي خطير منذ الاستقلال والنشأة، مما يجعلهما من بين أكثر بلدان المنطقة استقراراً في الناحية السياسيةً. وبطبيعة الحال، مثل هذا الاستنتاج، ينبغي أن يذكر مع الحذر والترقب في ضوء الحقائق الراهنة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وظروف الأزمة الحادة التي ولدتها الانتفاضات العربية على مدى السنوات الماضية.

في حالة المملكة العربية السعودية، الاستقرار إلى حد كبير هو نتاج الأسرة الحاكمة من إدارة الأموال ورأس المال الهائل واستراتيجياتهم السياسية والاقتصادية الفعالة في الداخل، والتي خلقت أنظمة رعوية كبيرة ومع مرور الوقت أصبحت قوة موحدة في أيدي آل سعود. لكن التهديدات المحتملة لبقاء النظام في المملكة موجودة دائما، ويمكن القول إن كل شيء يبدأ من الاقتصاد. على الرغم من الاحتياطات النفطية الهائلة في المملكة العربية السعودية إلا أن لايزال النفط سلعة محدودة ولا يمكن مجرد الاعتماد عليه وإلى أجل غير مسمى للحفاظ على الاقتصاد الوطني والاستقرار السياسي. فضلاً عن الانخفاض الحاد والمستمر في أسعار النفط يمكن أن يؤدي إلى أزمة اقتصادية من شأنها أن تؤدي إلى تدهور كبير في قدرة المملكة على توفير احتياجات مواطنيها بشكل فعال والحفاظ على قاعدتها الشعبية، والتي يمكن ان تؤدي الى انتفاضة شعبية. سياسياً، حدوث أي انشقاق محتمل داخل الاسرة الحاكمة سيؤدي إلى المشاكل وفتح الباب لزعزعة الاستقرار، وهذا مثير للجدل في المملكة. علاوة على ذلك، أن سخط الشباب يرجع لسببين رئيسين: البطالة،وعدم وجود إصلاحات ذات مغزى على مدى سنوات، وهذين عاملين آخرين ينبغي على الرياض التصدي لهما بجدية أكثر قبل أن تنفجرا. ومن وجهة نظر أمنية، تمرد آخر للمتشددين الاسلاميين ضد حكم آل سعود، مثل الذي شنه تنظيم القاعدة برئاسة أسامة بن لادن في عام 2004، ليس مستبعد. في الواقع، نظراً للتيارات المتطرفة الراهنة في المنطقة وامتدادها من سوريا، فمن المرجح حدوث مثل هذا التمرد. أخيراً وليس آخراً، نشوب حرب مباشرة أو بالوكالة مع إيران على الأراضي السعودية التي يمكن أن تشعل ثورة شيعية عارمة في المنطقة الشرقية وهي احتمال دائم. وعلى الرغم من أن هذه التهديدات حقيقية ولكن يمكن القول أن لا شيء بات وشيكاً، وعلى حد تعبير المحلل السياسي المتخصص في شؤون دول الخليج غريغوري غوز، إن المملكة العربية السعودية "وراء مصادر القوة الكامنة والسيطرة"، ووقفت أمام اختبار الزمن، ومن المرجح أن تستمر في توفيرالاستقرار لسنوات.

وعلى الرغم من أن النظام السياسي في دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر قابلية للتنبؤ من المملكة العربية السعودية، إلا أن الإمارات يجب أن تقلق بشأن العديد من القضايا التي يمكن أن تهدد استقرارها السياسي في المستقبل المنظور. باعتبارها واحدة من الاقتصادات الأكثر انفتاحاً في الخليج، وبالتالي، هي معرضة بشكل خاص لمخاطر تعطل الأسواق العالمية وهروب رأس المال. الانهيارالاقتصادي في دبي عام 2009 في أعقاب أزمة الائتمان الدولي لا تزال حية في الذاكرة الجماعية من الإماراتيين، وخاصة في ذاكرة إمارة أبوظبي التي أنهت الأزمة بإنقاذها الإمارة الشقيقة دبي. مثل المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً عليها أن تراقب عن كثب نشاط الإسلام السياسي في الداخل، والجماعات السياسية وعلى وجه التحديد التي على علاقة مع الإخوان المسلمين. الإرهاب الداخلي الناجم عن الجماعات المتطرفة هو مصدر قلق أيضاً، على الرغم من أن البلاد لم تشهد مستوى من العنف الطائفي والتطرف الإسلامي التي تعاني منها بعض دول المنطقة. أيضاً على غرار المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة ترى في إيران خطراً سياسياً، والحقيقة أن البلدين لديهما نزاع إقليمي طويل على جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى وهذا النزاع يشكل مصدر قلق دائم لأبوظبي. ولكن من أجل الحفاظ على مصالحها الأمنية، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة براغماتية في تعاملها مع إيران. في الواقع، هي كانت من أوائل الدول في المنطقة التي رحبت بمحادثات الاتفاق النووي الإيراني في نوفمبر عام 2013.

ومنذ ذلك الحين، عُقدت عدداً من الاجتماعات رفيعة المستوى بين مسؤولين ايرانيين وإماراتيين في إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة، ونوقشت مجموعة واسعة من القضايا بدءًا من التجارة والأمن إلى النزاع على الجزر. والأهم من ذلك، وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في اجتماع عقد في أوائل ديسمبر 2013 مع حاكم دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في أبوظبي، صرح بأن إيران تأمل في "مأسسة" العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة.


القيادة الوطنية: التصنيع العسكري المحلي يتطلب أفراد ذو كفاءة عالية في أعلى الهرم السياسي، ولديهم الاستعداد للالتزام بكمية كافية من المواردالبشرية والمواد اللازمة للبدء في هذا المشروع واستدامته على المدى الطويل. على حين أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لا تحتاجان لمحمد علي آخر من مصر أو عباس ميرزا من بلاد فارس لإنشاء الجيوش الكبيرة والقوية، قادة يمكن أن يساعدوا في تحويل أفكار الدفاع السعودي والإماراتي إلى واقع، مثل هاتين الشخصيتين التاريخيتين من الشرق الأوسط اللذين أظهرن في الماضي القيادة الماهرة والبصيرة الثاقية.


5dms1t.jpg


في الواقع، دولة الإمارات العربية المتحدة لا تفتقر للقيادة السياسية وهي الثروة الوطنية الأكثر أهمية في البلاد. هذه القيادة أظهرت كفاءتها في مجالات التنمية الاقتصادية والتطور التكنولوجي، والتحديث الصناعي، بما في ذلك الدفاع الوطني، وبشكل أفضل مما كانت عليه، والكثيرمن الفضل في ذلك يرجع إلى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرئيس الراحل (وأول) رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقيادته، وكما يحكم عليه مواطنين بلده والأقران الذين غالباً ما يشيرون إليه باسم "أبو الأمة"، لعب دوراً كبيراً في تشكيل الاتحاد في عام 1971، ووضع أسس النجاح المستقبلي للبلاد. بعد وفاته في نوفمبر 2004، عين إبنه الشيخ خليفة رئيساً للدولة من قبل المجلس الاتحادي.

في مجال الدفاع، خطط التصنيع العسكري في أبوظبي إلى حد كبير تعكس رؤية الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. والشيخ محمد تلقى تدريبه في ساندهيرست، الأكاديمية العسكرية الملكية البريطانية المرموقة، وقام بالدفع التدريجي لتحديث مختلف القطاعات داخل الدولة. على الرغم من أن شقيقه هو الرئيس والحاكم المطلق للبلاد، إلا أن الشيخ محمد بن زايد في نواحي كثيرة يعتبر هو الرجل الذي "يدير العرض" في دولة الإمارات العربية المتحدة.
2s6mvyh.jpg


أيضاً القادة السعوديون عملوا بنشاط وهمة نحو تطبيق رؤيتهم الدفاعية الوطنية وتسويقها إلى أقصى حد ممكن، وقاموا بأنواع مختلفة من التغييرات الثقافية والعلمية والاقتصادية والسياسية التي تساعد على تحقيق صناعة عسكرية محلية ناجحة. في الواقع، جهود تسريع عملية تطوير الصناعة الدفاعية السعودية مرتبطة كثيراً بالأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي توفى في عام 2011، وإبنه الأمير خالد بن سلطان والذي أعفى عن منصبه نائب وزير الدفاع في وقت سابق في ربيع 2013. لكن تحدي التغييرات السياسية في المملكة فريد من نوعه – ما قد يسميه البعض "العوائق الهيكلية" – تجعل من الصعب على القيادة السعودية التفوق أو تطابق الإنجازات معنظرائهم الإماراتيين في مجال التصنيع الدفاعي.

وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على حد سواء أنظمة ملكية، إلا أن ثمة عمليات سياسية مختلفة إلى حد كبير بينهما. هناك في المملكة المركزية المفرطة للسلطة في أيدي آل سعود، في حين أن في دولة الإمارات العربية المتحدة النظام الفيدرالي يتقاسم السلطة ومع أن لا يمكن القول في أي حال من الأحوال أن هذا النظام الفيدرالي ديمقراطي أو شمولي، لكن النظام يسمح لدرجة صغيرة من تداول السلطة وزيادة فرص سياسية للمواطنين. وعلى النقيض من نظرائهم الإماراتيين، حكام المملكة العربية السعودية أكثر انشغالاً في موازنة التحالفات بين الجهات الفاعلة المحلية والأجنبية، عوضاً عن في الواقع قيادة واقتراح مبادرات وطنية جديدة وجريئة. العمر هو عامل آخر عند تقييم القيادة والتفكير الإبداعي لدى القادة، ونوعية الحكم، فالقادة السعوديين هم أكبر سناً ويمكن القول أنهم أقل تناغماً مع أحدث الاتجاهات العالمية من الجيل الحاكم في الإمارات.



القدرات المؤسسية: تنظيم الدفاع الوطني يتطلب مؤسسات موثوقة وذات مصداقية فضلاً عن الإطار القانوني والإداري الصلب (يمكن القول نفس الأمر بالنسبة لمنظمة العلوم، وهو أمر حاسم لفعالية البحوث والتطوير).


بشكل عام، القدرات المؤسسية في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ضعيفة نسبياً، وتشكل تحدي لمستقبل النشاط الصناعي الدفاعي في كلا البلدين. تحتاج الدولتان إلى المزيد من إضفاء الطابع المؤسسي على العمليات الصناعية الدفاعية، بغض النظر عن مستوى الكفاءة والإبداع التي أظهرتها القيادات الوطنية، فإن التصنيع الدفاعي يتطلب العقلانية والسلاسة لسيرمجموعة من الهيئات الحكومية، والبيروقراطيات، ومؤسسات قوية يقودها مدني وينتسب إليها موظفين جيدين. بدونهذه المؤسسات التي "مكلفة لوضع وإدارة السياسات الدفاعية وكذلك ممارسة الرقابة على العمليات العسكرية"، وبدون "علاقة منظمة بين القادة السياسيين والعسكريين التي تحفز الاستقرار والدعم" فإن قطاع الصناعات الدفاعية في الرياض وأبوظبي لن يحققا أفضل النتائج.

السياق المؤسسي للدفاع في دولة الإمارات العربية المتحدة يفتقر إلى الشفافية، لكن هذا هو النهج السائد في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من المناطق النامية. ماهو معروف عنه في دولة الإمارات العربية المتحدة، ووفقاً للمرسومالاتحادي رقم 12 لعام 1986 أن متطلبات مشتريات دولة الإمارات العربية المتحدة تحددها لجنة المشتريات بهيئة الأركان العامة في الجيش. من المفترض، أن يتم ذلك بالتزامن مع الفروع ذات الصلة يالجيش. ومع ذلك، فإنه من غير الواضح كيف يتم في الممارسة العملية، كما أن لا يوجد دليل على أن المجلس الاتحادي أو لجنة الداخلية والدفاع في مجلس الشورى لديهم تأثير ذو معنى على التدقيق في السياسة الدفاعية.

صورة المؤسسة الدفاعية في المملكة العربية السعودية واعدة أكثر بقليل عن دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن لا تزال بعض نقاط الضعف الصارخة لدى المملكة. ففي محاولة منها لرفع مستوى قدراتها الدفاعية المؤسسية وترشيد عملية التنظيم العسكري والتصنيع، أنشأت الرياض في فبراير 2010 هيئة مركزية للتصنيع المحلي، ووفقاً لما قاله العقيد عطية أن الهيئة تضم قادة من رجال الأعمال ومسؤولي الدفاع وتشجعهم على "تطوير القدرات المحلية، وضمان تسليم سريع وخفض التكاليف". وبعد ذلك بعام، أعلن الأمير السعودي خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أن قيادة القوات المسلحة السعودية أنشئت إدارة عامة جديدة لتكون مسؤولة عن التصنيع المحلي ونقل التقنية. وفي 2 يوليو 2013، وافق مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، على قانون جديد لتنظيم المؤسسة العامة للصناعات العسكرية. وقال مجلس الوزراء السعودي "يجب على الهيئات العسكرية والأمنية إعطاء الأولوية للمؤسسة العامة للصناعات العسكرية عندما تنوي شراء احتياجاتهم من الأسلحة والذخائر والمعدات، والآلات، والمركبات، وكذلك الخدمات التي تقع في نطاق أنشطة المؤسسة". ووفقا للقانون الجديد، فإن المؤسسة العامة للصناعات العسكرية سوف تكون مؤسسة مستقلة تقدم تقاريرها إلى وزير الدفاع. وأضاف مجلس الوزراء "إن الغرض الرئيسي من المؤسسة العامة للصناعات العسكرية يكمن في دعم [الأمن القومي] من خلال إنشاء صناعة عسكرية متطورة لتلبية احتياجات كافة القطاعات العسكرية".


التنمية البشرية: العنصر البشري هو بلا شك أهم المتغيرات التي لا غنى عنها في المؤسسة العسكرية والتحديث والتصنيع. والتقدم السعودي والإماراتي في التنمية البشرية على مدى العقد الماضي جدير بالملاحظة وجدير بالثناء، لكن لاتزال ثمة ثغرات كبيرة في بعض المناطق، ولملئها يتطلب مزيد من الوقت ومزيد من الاستثمار فيها. القادة السعوديون والإماراتيون لا يخجلون من الاعتراف بأنهم يفتقرون للموارد البشرية المدربة، كماً ونوعاً. في حديث لنائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بمعرض أيدكس 2013، أكد على الأهمية الحاسمة للعنصر البشري، وقال "أنا أعتبرالموارد البشرية الوطنية المؤهلة لدينا العنصرالأهم في تأسيس صناعة معارض ناجحة لدينا".



العاملين في القطاع الهندسي العسكري، هو القيد البشري الكبير ما يجعله وبشكل خاص تحدياً ليس فقط للتشغيل والحفاظ على المعدات الدفاعية المعقدة للغاية والتي تم شراؤها من مصادر أجنبية، ولكن أيضا لتصميم وتصنيع وصيانة معدات دفاعية محلية. إن تكوين القوات المسلحة السعودية والإماراتية يوضح أكثر مدى التحدي الذي يواجه الموارد البشرية في كلا البلدين. بالنظرفي هذا، أثناء حرب الخليج الأولى، "القوات السعودية المشاركة في الحرب تحت قيادة القوات الامريكية المشتركة كانت تتألف من اثنين من كتائب الحرس الوطني، وسرب من طائرات التورنادو ولواء ميكانيكي من 5500 رجل، ومن بين المشاركين في اللواء الميكانيكي عدد منهم كانوا من الباكستانيين .... ". وبعد مرور أكثر من عقدين من الزمن لاتزال المملكةالعربية السعودية تعتمد بشكل كبيرعلى عدد من المهندسين الأجانب لتحقيق أهداف الدفاع والأمن. في دولة الإمارات العربية المتحدة، حوالي 30 في المئة من القوات المسلحة من المغتربين، إلا أن الجدير بالذكر، أن القوتين الجوية والبحرية "وطنيتين" ويعمل فيهما مواطنون إمارتيون.


المملكة العربية السعودية لديها شريحة واسعة من الموارد البشرية، لاختيارهم للعمل بالقوات المسلحة وبقطاع الصناعة الدفاعية، أكبر بكثير من دولة الإمارات العربية المتحدة نظراً لحجم وتعداد السكان المواطنين في المملكة. في دولة الإمارات العربية المتحدة تعداد المواطنيين الإماراتيين أقل بقليل من مليون نسمة، في حين أن في المملكة العربية السعودية تعداد المواطنيين نحو 20 مليون مواطن سعودي. ومع ذلك، فإنه لا يزال هناك العجز النوعي الهائل، لأن ببساطة لا توجد أعداد كافية من المهندسين والعلماء والمدراء، والإداريين والمصنعين والمدربين العسكريين ذو المهارات في كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. ويرجع ذلك لأسباب عديدة ولكن الكثير منها لها علاقة بالتدريب التعليمي العالي ومحدودية البحوث والتطوير.


التعليم: التدريب التعليمي والتربوي في مجال العلوم والتكنولوجيا ضروري للتصنيع العسكري. لقد حققت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الكثيرمن التقدم على مدى العقد الماضي في مجال التعليم، وعلى وجه التحديد في مجال تعليم العلوم والتكنولوجيا، ولكن مثل بقية العالم العربي، مازالوا متأخرين في هذا المجال.



إحدى التحديات والأولويات الرئيسية للمملكة العربية السعودية في المستقبل مواصلة تطوير وفتح نظامها التعليمي من أجل تلبية المعايير الدولية. في الوقت الحاضر، المملكة العربية السعودية تفتقر إلى مجال المعرفة المستقلة، المعرفة التي يمكن لها أن تنتج ويتم تبادلها مع الأخرين بدون التدخل السياسي. واذا ما كانت الحكومة السعودية حقاً جادة بشأن التحديث وخطط التصنيع العسكري، فعليها الإلتزام بخلق وتعزيز بيئة شاملة من شأنها أن تسمح وتشجع المواطنين السعوديين على روح المبادرة الخلاقة والإبداع وتنظيم المشاريع والتجميع بحرية، وهذا يعني توافر جميع متطلبات الابتكار وتنمية العلوم والتكنولوجيا.

في بلد مثل المملكة العربية السعودية حيث يصل تعداد من هم أقل من سن خمسة وعشرين إلى أكثر من 50 في المئة من إجمالي تعداد المواطنين، فإنه من الصعب أن نبالغ في تقديرنا مدى أهمية التعليم. التمويل الحكومي للتعليم زاد بشكل كبير في السنوات الأربع الماضية، ووزارة التعليم السعودية لديها خطة استراتيجية لمدة عشر سنوات (2004-2014)، لإصلاح نظام التعليم، والدلائل تشير إلى التحسن الملموس والأفضل قادم في المستقبل. ميزانية التعليم في المملكة ارتفعت من 28 مليار دولار في عام 2008، 32.5 مليار دولار في عام 2009، 36.5 مليار دولار في عام 2010، و 40 مليار دولار في عام 2011 حتى وصلت لأعلى مبلغ 54.4 مليار دولار في عام 2012 وأيضاً 54.4 مليار دولار في عام 2013. ووفقا لدراسة أجراها صالح عبد الكريم، أستاذ مساعد في قسم المناهج وطرق التدريس في جامعة الملك سعود، أن ميزانية التعليم في عام 1970 بلغت 9.8 في المائة من إجمالي الميزانية، في حين كان معدل الإلمام بالقراءة والكتابة 15 في المئة للرجال. حالياً، الإنفاق السعودي للتعليم يصل إلى 25 في المئة من الميزانية الكلية ومعدل الإلمام بالقراءة والكتابة يصل إلى 96 في المئة.


ولأفضل تعليم وتدريب للقوى العاملة الوطنية، دخلت المملكة العربية السعودية في شراكة مع اليونسكو، الهيئة الفنية للتعليم والتدريب المهني التابعة لليونسكو، والتي متخصصة في تنمية البرامج الفنية الوطنية للتعليم والتدريب المهني. ومن خلال البرنامج الفني للتعليم والتدريب المهني في المملكة العربية السعودية، فإن 50 من الكليات التقنية، و 50 من المعاهد التقنية العليا للفتيات، و 180 من المؤسسات الصناعية الثانوية سيتم الانتهاء من إنشاؤها مع عام 2017. استراتيجية البرنامج الفني الوطني للتعليم والتدريب المهني في المملكة العربية السعودية تساهم إلى حد كبير في رفد خطط التصنيع العسكري للحكومة لأنها تدرب الشباب السعودي على الأعمال المهنية الضرورية مثل تكنولوجيا المعلومات،والتعامل مع المعدات الطبية، والميكانيكيا والهندسة الكهربائية.

وعلى غرار الرياض، أبوظبي أيضاً تأخذ التعليم على محمل الجد. في مقابلة أجريت مؤخراً مع الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم السابق في دولة الإمارات العربية المتحدة ووزير الثقافة الحالي، قال: "نحن نركزعلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة. نحن نستثمر في شعبنا، الذين سوف يدفعون باقتصادنا ومجتمعنا إلى الأمام مع ما نشهده من تحول في الاتجاهات العالمية".

وللتوضيح كيف طورت دولة الإمارات العربية المتحدة بسرعة وفعالية قطاع التعليم على مدى السنوات، لا بد من دراسة مستويات التعليم في بداية السبعينيات عندما تم تشكيل اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة. في عام 1971، كان لديهم فقط أربعة وسبعون مدرسة حكومية وخاصة. وفي عام 2013 أصبح لديهم 1200 مدرسة حكومية وخاصة. أيضاً في عام 1971 لم تكن توجود جامعات في دولة الإمارات العربية المتحدة. اليوم، وفقاً لعبد الله العوضي، الذي يعمل مستشاراُ لدى الهيئة الوطنية لتنمية الموارد البشرية والتوظيف، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تستضيف ثلاث وسبعين من الجامعات والكليات وتنتسب إليها عشرات الآلاف من الطلاب. من حيث الإنفاق الحكومي، تخطط دولة الإمارات العربية المتحدة لصرف حوالي 21 في المئة من ميزانيتها الاتحادية البالغ قيمتها 12.5 مليار دولار لعام 2014 على قطاعات التعليم العام والعالي.

سعت دولة الإمارات العربية المتحدة نحو تطوير قدراتها التكنولوجية عبر تأسيسها كلية التقنية العليا في عام 1988، وهي أكبر مؤسسة للتعليم العالي في البلاد. ووفقاً لموقعها الرسمي، "الكليات التقنية العليا توفر العديد من مختلف المجالات ذات الصلة بالعمل، مثل البرامج التي تدرس باللغة الإنجليزية في الاتصالات التطبيقية، إدارة الأعمال والأعمال التجارية، الحاسوب وعلم المعلومات، تكنولوجيا الهندسة، العلوم الصحية، والتعليم على مختلف المستويات". العوضي يستعرض لمحة عن تعليم التكنولوجيا الحكومي في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال النظر في أعداد المسجلين للعام الدراسي 2012 – 2013: "عدد الطلاب والطالبات الذين يدرسون مختلف التخصصات في العلوم الصحية والهندسية في 17 كلية يصل إلى 6,265 طالب وطالبة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الأرقام تتعلق بمختلف التخصصات العليا المرتبطة بالتكنولوجيا، مثل العلوم التطبيقية في تكنولوجيا الهندسة الطبية الحيوية، التكنولوجيا الكيميائية والهندسة المدنية، تكنولوجيا صناعة الطيران، وغيرها".


القوى العاملة العلمية والتقنية: إذا كان التعليم هو المدخلات، والقوى البشرية العلمية والتقنية هي المخرجات، فالدولة التي لديها قطاع تعليمي قوي ومعدلات محو الأمية مرتفعة للغاية، ولكن لايزال لديها عجز في القوى العاملة المدربة والماهرة، وبالتالي، نتيجة لذلك تواجهها تحديات كبرى في مجال التصنيع العسكري. كما ذكرنا في القسم السابق، أن دور معاهد التعليم العالي – الجامعات، المعاهد الفنية، ومعاهد التقنية – والمدارس الثانوية المهنية والتقنية، مهم جداً ولكنه غير كاف. في معظم الدول الصناعية، الجزء الأكبر من الفنيين لا يتم جلبهم مباشرة من المؤسسات التعليمية الرسمية ولكن من خلال "تجهيزات تصمم محلياً لتدريب الفنيين وهم على رأس العمل أو التدريب المهني". وهذه النوعية من الترتيبات تقريباً نادرة أو غير موجودة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. مثال واحد في دولة الإمارات العربية المتحدة، مركز التدريب في شركة توازن الذي يدرب المواطنين والمقيمين في مجال الصناعة، ومركز تدريب توازن لديه برامج فنية وتصنيعية، والبرامج الهندسية، وبرامج ما بعد الهندسية، فبعض من هذه البرامج تشمل البرامج التعليمية التي تجمع بين التدريب التعليمي والتدريب على رأس العمل لإكتساب الخبرة العملية وخلق مجموعة من المتدربين الموهوبين في مجال الميكانيكا والهندسة الكهربائية.


لقد حققت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تقدماً كبيراً في قطاع التعليم المهني، ولكن الأمر سيستغرق خمس إلى عشر سنوات أخرى على الأقل للاستثمار في هذا القطاع وثم الحصول على عوائد ذات آثار إيجابية على جهد التصنيع العسكري. في الوقت الحاضر، هناك وببساطة لا يكفي عدد الخريجين من حملة درجة التقنية و / أوالتدريب الذي يمكن توظيفهما في قطاعي إنتاج الأسلحة والصيانة. هذا النقص لايؤثر سلباً فقط على إنتاج الأسلحة، وإنما أيضاً يقوض وبشكل خطير خدمات الدعم الحيوية مثل الصيانة والإصلاح في قطاعي إنتاج الأسلحة والمستخدمين. وفي دراسة عن الصناعات الدفاعية العربية، كتب المحلل الأمني في الشرق الأوسط يزيد صايغ، "يجب أن تكون النسبة والتناسب بمعدل مائة من الفنيين الى كل مهندس في الصناعة، من أجل تحقيق النتائج الكاملة من حيث الحجم والنوعية (وكذلك الكفاءة الكلية) للإنتاج". ولكن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربيةالمتحدة (وبقية العالم العربي) ليسوا قريبين من هذا المعدل.


البحوث والتطوير: البحوث والتطوير من صميم الاقتصاد القائم على المعرفة وأي عملية للتصنيع العسكري، ولإستيعاب التكنولوجيا الأجنبية بنجاح والدراية بالتصنيع يجب الاستثمار في البحوث والتطوير وتنمية القدرات المحلية. وبدون وجود قاعدة وطنية أصيلة للبحوث والتطوير، فإن الابتكار على المستوى الوطني من المرجح أن يعاني وتصبح عملية التحول إلى إنتاج منتجات عسكرية ذات تقنيات عالية تقريباً من المستحيل. قاعدة البحوث والتطوير في المجتمعات السعودية والإماراتية (الاثنين، المدنية والعسكرية) قد قطعت شوطاً طويلاً منذ السبيعينيات والثمانينيات، ولكنها لاتزال ضعيفة نسبياً. القضية ليس مجرد نقص في التمويل والقوى العاملة، وإنما أيضاً في التنظيم والهيكل. على الرغم من عدم توافر معلومات عامة عن البحوث والتطوير العسكري السعودي والإماراتي، ولكن يعتقد أن تكون محدودة، وفقاً لمصادر من داخل الخليج.



في عام 2008 أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤسسة البحوث الوطنية، والتي من رؤيتها "دعم الأنشطة البحثية ذات المستوى العالمي، وخلق بيئة بحثية قادرة على المنافسة دولياً، ونظام الابتكارفي دولة الإمارات العربية المتحدة". وتتمثل مهامها في "بناءالقدرات البحثية التنافسية على الصعيد الدولي من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولة الإمارات العربية المتحدة". ومؤسسة البحوث الوطنية تقدم المنح البحثية والجوائزعلى أساس تنافسي، ولكن فقط عدد قليل من الفائزين السابقين كانوا من مجالات العلوم والتقنية. ووفقاً لدراسة UNSEAD في مارس 2012، "فقط 13 في المائة من خريجي الجامعات بالإمارات العربية المتحدة من حملة درجة العلوم".

المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية، مثل بقية دول العالم العربي، تتخلفان في المنشورات العلمية، ولديهما أعداد غير كافية من مراكز البحوث والتطوير، وتوظفان أعداد قليلة في مجال البحوث والتطوير، وانفاقهما على البحوث والتطوير لا يوازي المتوسط العالمي للانفاق. وفقاً لإحصاءات البنك الدولي في المنطقة، في حين أن إسرائيل تنفق 9 في المئة من ميزانيتها العسكرية على البحوث والتطوير، فإن المملكة العربية السعودية، والتي تعتبر خامس أعلى المعدلات في المنطقة من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، صنفت في المرتبة الثانية قبل الأخير في عام 2007 وفي عام 2009 كان معدل إنفاقها على البحوث والتطوير 0.08 في المئة من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. وعلى النقيض من ذلك، فإن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تحث الدول على تخصيص نحو 2.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبحوث والتطوير. ووفقاً للبنك الدولي، فإن عدد المقالات الصحفية العلمية والتقنية التي أصدرتها المملكة العربية السعودية في عام 2014 كان 710.20 وهو نسبياً جداً منخفض حتى داخل المنطقة. وإحصاءات البنك الدولي، تظهر أن دولة الإمارات العربية المتحدة أنفقت في عام 2011 على البحوث والتطوير 0.47 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، خمسة أضعاف ما أنفقتها المملكة العربية السعودية، ولكن ماتزال غير كافية لتحقيق الهدف المطلوب نحو التصنيع العسكري.

البطالة داخل مجتمع البحوث والتطوير السعودي والإماراتي (وأيضاً في العالم العربي) مرتفعة، خاصة بين النساء الباحثات اللاتي يشكلن نحو 35 في المئة من مجموع مجتمع الباحثين العرب، ووفقا لتقديرات معهد اليونسكو في التقرير الإحصائي لعام 2010 قيّمت الحالة السيئة للبحوث والتطوير في العالم العربي وخلصت إلى أن "الجامعات العربية ومراكز البحوث لم تتمكن من تطوير بيئة البحوث والتطوير الذكية على مدى العقود الأربعة الماضية".



القاعدة الصناعية المدنية: التصنيع العسكري يستند على وجود قاعدة صناعية مدنية. وبدون قاعدة صناعية كبيرة ومتباينة، وإنتاج الأسلحة المحلية على الأقل على نطاق واسع، فلا يمكن أن يتحقق التصنيع العسكري. فقط تلك البلدان التي تدرك إداركاً كاملاً أهمية الروابط الديناميكية بين القطاعات الصناعيةالعسكرية والمدنية وتأتي معها استراتيجيات صناعية متماسكة تنجح في التصنيع العسكري. القدرة الصناعية المدنية كانت دائما أضعف ركيزة من ركائز الاقتصادات العربية. في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، التصنيع حديث نسبياً، والأمر سيستغرق على الأرجح قرابة عقد من الزمن قبل أي من البلدين يدمج بشكل كامل قطاع الصناعات المدنية والعسكرية وثم يتحرك صعوداً على سلم الإنتاج الدفاعي. ولكن من أجل تقييم عادل للنشاط الصناعي السعودي والإماراتي يجب أن يؤخذ في الاعتبارالتاريخ السياسي القصيرنسبياً لكلا البلدين وأيضاً مع عدم تجاهل التقدم والتطور الهائلين التي أحرزتهما البلدين في السنوات الأخيرة. قبل عقدين من الزمن، كانت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بالقرب من أسفل التسلسل الهرمي للانتاج الدفاعي، وكان السائد شراء أنظمة عسكرية متطورة دون القدرة على تشغيلها، حالياً وصلت مستوياتهما ما بين الطبقة الثانية والثالثة للتسلسل الهرمي، فالبلدين قادرتين وببراعة على استخدام معظم الأسلحة التي يشترونها، ولديهما إنتاج، وتصدير، وتكييف مع التقنيات المتوافرة حالياً في الأسواق، ومتطلبات الأمن.


r7jhmt.jpg


جدول رقم 1 : التسلسل الهرمي للإنتاج الدفاع



تطورت المملكة العربية السعودية ونمت نمواً مطرداً وتوسعت قدرتها الصناعية على مدى العقود الأربعة الماضية. ومن الواضح أن القطاع الصناعي قد حظى على دعم كبير من الحكومة، وهو ما سمح لبناء البنية التحتية، وبناء المدن الصناعية في جميع أنحاء المملكة بما في ذلك مدينتي الجبيل وينبع، وإنشاء صندوق التنمية الصناعية السعودي. كما شارك القطاع الخاص السعودي، بالتعاون مع خطط الرياض واستجاب للاحتياجات الصناعية في البلاد. تشير بيانات صندوق التنمية الصناعية السعودي إلى نمو القطاع الصناعي منذ السبعينيات، على سبيل المثال ازداد عدد الوحدات الصناعية العاملة في المملكة العربيةالسعودية من 198 في عام 1974 إلى 5,043 في عام 2011. وبالإضافة إلى ذلك، فإن رأس المال الذي تم استثماره في القطاع الصناعي تشير التقارير بأنه ارتفع من 3.2 مليار دولار في عام 1974 إلى نحو 135 مليار دولار في عام 2011. وفيا لوقت نفسه، ازداد عدد الموظفين في القطاع الصناعي من 34000 في عام 1974 إلى 638,000 في عام 2011.


ولكن، بالرغم من تلك التحسينات، فلا ينبغي أن تخفي علينا نقاط الضعف المتبقية في النشاط الصناعي بوجه عام في المملكة. إذ يهيمن على الصناعة في المملكة العربية السعودية قطاع البترول، قطاع التعدين و المعادن غير الفلزية، قطاع الأغذية والمشروبات، وقطاع الكيماويات. وإذا ما استمر التصنيع العسكري يمضي قدماً بوتيرة أسرع، فعلى الرياض المزيد من الاستثمار في الإنتاج الصناعي من المواد الضرورية للحفاظ على قطاع الدفاع، مثل المعادن الأساسية، الآلات المختلفة، والإلكترونيات، ومعدات الاتصالات. وأيضاً التقدم في هذا الصدد مرتبط بنمو القوى العاملة والخبرات المحلية.


على الرغم من التقدم الهائل الذي حققته دولة الإمارات العربية المتحدة على مدى العقدين الماضيين في القطاع الصناعي، إلا أن تحديات الصناعة التحويلية ماتزال قائمة. باختصار،عدد المصانع والمعامل الموجودة حالياً لتصنيع الأدوات الأساسية ومقومات الدفاع أو القوة البشرية الكافية والخبرة للقيام بذلك غير كافية. بقاءالنفط والغاز والمواد الخام الأكثر أهمية في الصناعة في دولة الإمارات العربيةالمتحدة، على الرغم من أنه من المرجح أن يتغير تدريجيا في السنوات المقبلة مع التوجه الحاسم الذي تدفع به الامارات نحو التنويع الإقتصادي في البلاد. ومع ذلك، قطاع الدفاع والطيران في دولة الإمارات العربية المتحدة، لديها عنصر ثمين في قطاع الألمنيوم. دولة الإمارات العربية المتحدة لديها واحد من أكبر مصاهر الألمنيوم في العالم، فالإمارات تصدر معدن الألمنيوم إلى أكثر من 124 بلدا في جميع أنحاء العالم (واحتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المركز الرابع والثلاثين عالميا في صادرات الألمنيوم في عام 2011، وهو تقدم سبع مراتب عن العام السابق)، ويعتبر الألمنيوم ثاني بند من أهم بنود الصادرات الإماراتية بعد النفط. وقد لعبت هذه الصناعة المتطورة دوراً هاماً في تدريب مواطني دولة الإمارات في مجال التكنولوجيا.

وفي سعيها لتعزيز قدراتها الصناعية، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة ببناء مدينةخليفة الصناعية في أبوظبي، وتهدف إلى جذب الأسماء الصناعية الدولية لتشكيل شراكات محلية مع مدينة خليفة الصناعية في أبوظبي، ومن المتوقع أن تساهم إلى حد كبير في خطة 2030 الإماراتية وعلى وجه التحديد مساهمة 15 في المئة من العائدات غير النفطية في الناتج الاجمالي المحلي.

قاعدة المعلومات: ترشيد النشاط الصناعي الوطني يتطلب نشر المعلومات بصورة فعالة، من شراء المواد الخام أو شحنها إلى تجميع وتسويق المنتجات النهائية، لذا، فإن قاعدة معلومات متينة وآمنة ضرورية جداً. وهي مهمة ضخمة، ولكن لحسن الحظ هناك شبكة الإنترنت. وفي نظرة سريعة على إحصاءات الإنترنت في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تظهر أنهما واعدتان في هذا الصدد. دولةالإمارات العربية المتحدة هي القائدة لجميع الدول العربية في استخدام الإنترنت مع معدل تغلغل 75 في المئة (وهذا ارتفاع كبير عن الرقم المتواضع 28.3 في المئة والمسجل في عام 2002)، بينما في المملكة العربية السعودية ما يقرب من نصف السكان كانوا من مستخدمي الانترنت في عام 2012 (وهو رقم مرتفع قياساً مع عام 2002 كانت النسبة ضئيلة 6.4 في المئة). أيضاً المملكة العربية السعودية والإماراتالعربية المتحدة لديهما أعلى معدلات انتشار للهواتف الذكية بنسة 63 في المئة و61 في المئة على التوالي.



تقوم المملكة العربية السعودية بهدوء رعاية جيل جديد من رواد الأعمال بهدف خلق المزيد من اقتصاد قائم على المعرفة. ورواد الأعمال في المملكة العربية السعودية من فئة الشباب "المهوسين تكنولوجياً"، وسوف يكون لدورهم ونموهم آثار واسعة على التنمية المستقبلية لخطط قاعدة المعلومات والأمن السيبراني في المملكة. إحدى المبادرات التي تستحق تسليط الضوء عليها هي ArabNet’s Jeddah TechNight، والتي استضافتها غرفة جدة للتجارة والصناعة بالتعاون مع برنامج قطوف وبادرللحاضنات التقنية، حيث تجمع أكثر من 150 من رجال الأعمال السعوديين الشباب وكبار القادة من رجال الأعمال في القطاع الرقمي لمناقشة ريادة الأعمال الحالية في المملكة العربية السعودية والتعلم من نجاح وفشل الأخرين.


ولكن من الملاحظ، على الرغم من فوائد المعلومات والاتصالات عبر الشبكة الإلكترونية، إلا أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات غير الآمن قد يتسبب في مضار كثيرة للاقتصاد وللأمن القومي والقوات العسكرية وقاعدة المعلومات. وعلى مدى العامين الماضيين حدثت هجمات الكترونية رفيعة المستوى في عدد من البلدان (تعرضت وزارة المالية والداخلية والخارجية والعمل وكذلك شركة ارامكو السعودية وراس غاز لهجمات الكترونية) والمملكة العربية السعودية اعتادت على مثل هذه الهجمات الإلكترونية، وأصبحت هذه التهديدات مألوفة لديها.

وعلى الرغم من النقص في القوى العاملة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخبرات المحلية، سعت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة لتطوير قدراتها في أمن الفضاءالسيبراني بالتعاون مع الشركات العالمية. ووفقاً للعميد السعودي نايف بن أحمد آل سعود، أن كبار الشركات الدولية لتكنولوجيا المعلومات لديها وجود كبير في المملكة، وساعدت على إنشاء شبكات كمبيوتر متطورة للغاية للدفاع عن البلاد والبنية التحتية الاقتصادية، بما فيها شبكات الكهرباء وإمدادات المياه وصيانة حقول النفط، وخطوط أنابيب البترول إلى محطات الشحن.

المملكة العربية السعودية لديها الآن استراتيجية وطنية لأمن المعلومات، المركزالوطني للأمن الإلكتروني برئاسة صالح المطيري، وفريق الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي التشغيلي. بالإضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن المملكة قامت ببناء مركز عمليات آمن عبر الإنترنت في شراكة مع شركة آي بي إم، ومن المرجح أن تزيد من تركيزها على مبادرات المدن الذكية. وما يساعد ذلك، بطبيعة الحال، أن الرياض لديها رأس مال عميق يسمح لها بالقيام باستثمارات كبيرة في هذا المجال. ووفقاً للإحصاءات الرسمية، المملكة العربية السعودية أنفقت أكثر من 6 مليارات دولار في العام الماضي وحده على الأمن السيبراني. ونظراً لأهميته الحاسمة في عالم اليوم، فمن المرجح أن يزداد الإنفاق السعودي على تكنولوجيا معلومات البرامج الأمنية في المستقبل، وفقا للمحلل المتخصص في أمن الخليج تيد كاراسيك "من المتوقع أن تستثمر السعودية 1.4 تريليون دولارفي أنظمة الأمن والسلامة على مدى السنوات العشر المقبلة".

بوصفها البلد الأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية في العالم العربي، دولة الإمارات العربية المتحدة معرضة بشكل خاص للتهديدات السيبرانية. المسؤولون الإماراتيون مثل نظرائهم السعوديين يسعون إلى تعزيز أمن نظم الاتصالات الرقمية لمواجهة أي تهديد للأمن القومي. بالإضافةإلى ذلك، أنشأوا في عام 2008 فريق الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي التشغيلي (مع مساعدة من الشركات الأجنبية)، وأدخلت دولة الإمارات العربية المتحدة تشريعات في عام 2012 (المرسومالاتحادي رقم 3 لعام 2012) لإنشاء هيئة وطنية للأمن السيبراني (هيئة الأمن القومي الإلكترونية ومقرها في أبوظبي). ولكن دولة الإمارات العربية المتحدة لا تزال تفتقر للعقيدة السيبرانية الدفاعية.

على حين تواصل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة شراء الأسلحة المتطورة التي تعتمد على الشبكات المتقدمة ونظم الاتصالات، إلا أن الدولتان تضطران للاعتماد على قدراتهما المحلية والخاصة بهما في القيادة والسيطرة والاتصالات والكمبيوتر والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (C4ISR) للدفاع ضد التهديدات السيبرانية. ذلك لأن الاعتماد على شركات أجنبية لتأمين وإدارة هذه النظم حساسة للغاية وهي بطبيعتها محفوفة بالمخاطر. أحد أكبر الأخطار وفقاً للمحلل الأمني الكسندر ميتريسك بشركة أنجيما أن "مثل هذه الأنظمة المتقدمة قد تحتوي على مفتاح القتل الخفي [والذي يملكه الموردين] الذي يمكن إيقاف تشغيل النظام (أو أجزاء منه) ويمكن تفعيله عن بعد ويبدو أن هناك سبب لذلك".



العلوم والتكنولوجيا: ركيزة أخرى أساسية لأي نشاط صناعي عسكري. والمهمة الرئيسية لأي دولة نامية لديها تطلعات الصناعة الدفاعية ضمان الحصول على المعرفة العلمية والتي غالبا ما تأتي عبر نقل التكنولوجيا.



124u6pd.jpg


المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو يزور مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في يناير 2013.



مع محدودية المؤسسات العلمية والتكنولوجية، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة كافحتا بقوة وعلى مر السنين في خلق البنية التحتية العلمية والتكنولوجية. والتحدي الرئيسي في كلا البلدين يتمثل في نظام التعليم العالي والذي وفقاً لتقرير اليونسكو 2010، "أداء نظام التعليم العالي كان ضعيف نسبياً عندما يتعلق الأمر في توليد المعرفة". ومع ذلك، فإن كل شيء يبدأ مع النية والاستراتيجية، وثمة دلائل ملموسة تشير إلى التحسن الكبير في هذا المجال وفي كلا البلدين.


في حين أن الإنفاق السعودي على العلوم والتكنولوجيا منخفض جداً بالمقارنة مع بلدان نامية أخرى، إلا أن المملكة تؤكد على الدور العلمي والتكنولوجي في المجمتع والحكومة. أستاذ العلوم والهندسة الميكانيكية في جامعة الملك سعود، صالح عبدالرحمن العذل، يوضح التقدم النسبي الذي حققته المملكة في هذا المجال: "على مدى العقد الماضي، عدد الكليات في المملكة العربية السعودية المتخصصة في العلوم والهندسة تضاعفت من ثلاثة وثلاثين إلى أربعة وسبعين. كذلك ارتفع عدد الطلاب الذين يسعون للحصول على درجة العلوم والتكنولوجيا من تقريباً 39000 إلى 76000 (في عام 1975 كان العدد أقل من 6000). اليوم، المملكة العربية السعودية لديها أكثر من مائة معهد ومركز، وهذه المعاهد والمراكز 90 في المئة منها ترتبط بالجامعات الممولة من القطاع العام أو الهيئات الحكومية. ومع ما يقرب من 730 باحث لكل مليون نسمة، فإن النسبة المئوية للباحثين في المملكة العربية السعودية ضعف المتوسط في البلدان النامية، وهو رقم من المتوقع أن يزيد كلما ارتفع الإنفاق على البحث العلمي فيالمستقبل".

وفي محاولة لرفع مستوى القدرات العلمية والتكنولوجية الوطنية، اعتمدت المملكة العربية السعودية في عام 2003 السياسة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا. وأنشئت على الساحل الغربي للمملكة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وهي المنظمة الوطنية السعودية للبحوث والتطوير. لديها رؤية "لتصبح المنظمة العالمية للعلوم والتكنولوجيا وترعى الابتكاروتعزز مجتمع قائم على المعرفة في المملكة". والمدينة تضم المختبرات والمعدات البحثية الأكثر تطوراً وحداثة في العالم وتستقطب الباحثين والعلماء من جميع أنحاء العالم. في ديسمبر 2010 وفي مدينة الرياض، وقعت مدينة الملك عبدالعزيز مع شركة بوينغ إتفاق لإنشاء "مركز دعم القرار" وفي أواخر عام 2011 وقعت اتفاق لإجراء النمذجة المتقدمة، والمحاكاة، وتحليل الأنشطة مع العملاء والشركاء في مجال الطيران في المملكة. أيضاً مؤخراً توصلت مدينة الملك عبد العزيز مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى تأسيس مركز هندسة النظم المعقدة والذي مهمته يتمثل في تحسين فهم هذه الأنظمة وإجراء أبحاث مشتركة على مستوى العالم (والمركز يقع ما بين مدينة الملك عبدالعزيز ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا). في فبراير 2013، دخلت مدينة الملك عبدالعزيز في شراكة مع شركة لوكهيد مارتن للسماح لنقل الخبرات في العديد من المجالات المتخصصة بما في ذلك قطاع الدفاع، ويهدف الاتفاق إلى تدريب الموظفيين السعوديين المؤهلين في مجال معرفة البحوث والتكنولوجيا. وفي وقت لاحق، في أكتوبر، وافقت مدينة الملك عبدالعزيز وشركة لوكهيد مارتن على تخصيص تمويل مشترك للاستثمار في البحوث في الجامعات السعودية وعلى مدى ثلاث سنوات.


1z6ruc6.jpg



منظرمن مكتبة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا



وإنشاء المزيد من المجمعات العلمية والمعاهد موجودة على جدول مشاريع الرياض. اليوم، من بين المجمعات العلمية البارزة في المملكة: وادي الرياض للتقنيةRiyadh Techno-Valley ، وادي الظهران للتقنية Dahran Techno-Valley، ومجمع عبد الله بن عبد العزيز للعلوم. ومن أكبر وأكثر الجامعات تخصصاً في العلوم هي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، والتي افتتحت في سبتمبر 2009 مع مشروع مجمع البحوث والذي يركز على أربعة مجالات استراتيجية: الطاقة والبيئة، العلوم الحيوية والهندسة الحيوية، علوم وهندسة المواد، والرياضيات والعلوم الحاسوبية التطبيقية.

العلوم والتكنولوجيا هما أيضاً من الأولويات للقادة في دولة الإمارات العربية المتحدة. في عام 2010 أنفقت الإمارات العربية المتحدة حوالي 5 مليارات دولار على الاستثمارات في التكنولوجيا. وزيرة التجارة الخارجية في الإمارات، الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي قالت "إن تركيزالبلاد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وقد تحولت إلى واحدة من أكثر الدول التي تعتمد على التكنولوجيا في الشرق الأوسط". وزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، أكد على أن بلاده ملتزمة كونها في الطليعة على استخدام التقنيات الحديثة، وقال "لقد أصبحت أبوظبي مركزاً إقليمياً هاماً للتكنولوجيا والابتكار، وخاصة في مجالات التكنولوجيا المستدامة والمحافظة على البيئة، وتنويع مصادر الدخل القومي وفي نشر الثقافة والعلوم ونوعية التحسينات الدائمة لعموم المجتمع".


2edxruq.jpg


مشهد من حرم معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي

وعلى غرار المملكة العربية السعودية، أنشئت دولة الإمارات العربية المتحدة على مر السنين الجامعات، والمعاهد للعلوم، و المراكز البحثية. جامعة زايد، الجامعة الأميركية في الشارقة، جامعة الإمارات العربية المتحدة، جامعة أبوظبي، جامعة الحصن، وجامعة السوربون فرع أبوظبي هي بعض من المؤسسات الوطنية المعروفة التي تعلم العلوم. ومن ناحية أخرى، الكليات التقنية العليا، اثنى عشرة كلية مجهزة تجهيز جيد ومنتشرة في جميع أنحاء البلاد،وتهتم بالتعليم أكثرمن الناحية الفنية. في أبريل 2013، وافقت جامعة الإمارات العربية المتحدة للدخول في شراكة مع مبادلة لصناعة الطيران لتوفير التدريب للفنيين الإماراتيين في إنتاج مركب الطائرات.


في عام 2007، أنشت أبوظبي صندوق وطني للعلوم والتقنية تسمى مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، والصندوق لديه هبة مالية أولية بقيمة 10 مليارات دولار و"سوف تستثمر في المعرفة العلمية وفي ترجمة المعرفة وتحويلهما إلى سلع وخدمات، وكذلك في التنمية البشرية". ودولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً تستضيف معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا، والذي تم تطويره بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومعهد الريف للوجستيات والتكنولوجيا التطبيقية، و مجمع التقنية في دبي، و دبي للتقنيات الحيوية والبحوث.

لكن، على الرغم من التقدم السعودي والإماراتي في العلوم والتقنية على مدى العقد الماضي، كلا البلدين لايزالان غير قادرين على إنشاء الروابط الديناميكية بين المؤسسات العلمية (الجامعات والمجمعات البحثية والمعاهد، الخ،) وصناعة الدفاع. وهي النتيجة التي قوضت قدرتهما على المتابعة بنجاح في نقل التكنولوجيا. وأخيراً، معظم نشاطات البحوث والتطوير، والعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة يتم تخصيصها في القطاعين العام والجامعات، مع مساهمات صغيرة فقط من القطاع الخاص.



سياسة الإنتاج الدفاعي: بدون سياسة وطنية للإنتاج الدفاعي القابل للحياة، فإن التصينع العسكري من السهل أن يفقد روح الغرض والاتجاه التي أنشئت من أجله، وتطوير الصناعات العسكرية لا يحدث إلا عبر صياغة سياسات إنتاجية أكثر وضوحاً. مما لا شك فيه، أن تطلعات الصناعة الدفاعية في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قوية، لكن يبدو أن ولا واحدة من الدولتين لديها سياسة رسمية للانتاج الدفاعي.



وللنجاح في التصنيع العسكري، على القادة الإمارتيين والسعوديين طرح هذا السؤال على أنفسهم: ما هو الهدف الاستراتيجي والتكتيكي الحقيقي لإنتاج الأسلحة؟، فمن غير الممكن أن الرياض وأبوظبي أنشأوا التصنيع العسكري لمجرد الفوائد المتوقعة من التصنيع العسكري. الدقة مهمة جداً لأنها تحدد العناصر التالية: التوقعات؛ واختيار الاستراتيجية الصناعية؛ ومستوى الإنفاق؛ والنوع والعدد؛ وتكلفة الأسلحة المنتجة. على سبيل المثال، نسب القوى العاملة إلى المعدات يجب أن تكون لها معنى. بعبارة أخرى، الكثير من المعدات العسكرية، سواء المنتجة محلياً أو تم شراؤها من مصادر أجنبية، والتي لا يمكن استخدامها بطريقة رشيدة والحفاظ عليها يشكل عبء على الجيش والاقتصاد. المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأيضاً دول أخرى في الشرق الأوسط، يشترون أسلحة أكثر من امكانية استيعابهم أو امتصاصهم لهذه الأسلحة بشكل مفيد، وهذا اتجاه سائد منذ بداية التسعينيات.


وتحقيق النسبة الصحيحة مهمة ضرورية جداً، حتى معظم المؤسسات الدفاعية الحديثة حول العالم في صراع مع هذه المعادلة. في الغرب الدراسات والتقارير والدوريات والبحوث العسكرية الشاملة تصدر بشكل دوري لتحقيق المستوى الأمثل من الكفاءة والفعالية في التخطيط الاستراتيجي الدفاعي. ومثل هذه الكفاءة والفعالية في التخطيط الاستراتيجي السعودي والإماراتي بعيدة المنال في الوقت الراهن، ولكن بالمشورة والتعاون مع واشنطن فإن من المؤكد لن يكون عسير،والولايات المتحدة لديها كل المصلحة في لعب هذا الدور الاستشاري.


يرجي الإنتظار قليلاً
سأضع الأجزاء الباقية تباعاً

 
الإنجازات

قبل عقد فقط، كان يمكن أن يكون من الصعب وتقريباً من الطنانة الحديث عن الصناعات الدفاعية المحلية في المملكة العربية السعودية أو دولة الإمارات العربية المتحدة. كانت محاولات البلدين مألوفة في تطوير قدراتهما الدفاعية الوطنية والتي من شأنها أن تقتصر على شراء الأسلحة الحديثة من مصادر في المقام الأول الغربية، وكثير من هذه الأسلحة كانوا يضطرون إلى الاعتماد على المغتربين لاستخدامها، وكانوا غير قادرين على الحفاظ على أنفسهم. بيد أن في الوقت الحاضر، تعززت بشكل كبير قدرات الأفراد العسكريين في كلا البلدين وتكثفت تدريباتهم العسكرية وبإمكانهم تشغيل أنظمة الأسلحة الأكثر تطوراً، وأيضا استوعبوا وبنجاح بعض عمليات النقل التكنولوجي وانخرطوا في تصميمم وانتاج الأسلحة وصيانتها. ونظراً لزيادة الإنفاق على الدفاع على مر السنين وتطوير الشراكات الاستراتيجية مع واشنطن ولندن وباريس وبعض الشركات الدفاعية الأكثر تقدماً بين ضفتي الأطلنطي، منحت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الفرصة للسعي بلا هوادة نحو التصنيع الدفاعي.



الإنفاق الدفاعي: لحماية بنيتهما التحتية الحساسة، وردع إيران، وتأمين صناعاتهما النفطية والغاز، ومتابعة مجموعة من المبادرات السياسية الخارجية في منطقة الخليج وفي الدول الأخرى خارج منطقة الخليج، كلا البلدين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة رفعا تدريجياً من إنفاقهما الدفاعي على مدى السنوات.


xdfgr5.jpg


الجدول رقم 2 : الإنفاق العسكري في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية
(بالدولار الأمريكي خلال الأعوام 2002-2012 )



في الوقت الذي ميزانيات الدفاع في الدول المتقدمة تخضع للضغوط بسبب القيود المالية، نجد في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة استأثرت حصة قطاع الدفاع من الناتج المحلي الإجمالي للفرد واستمرت في الصعود. في دولة الإمارات العربية المتحدة، ارتفعت من 5.1 في المئة في عام 2008 لتصل إلى 5.6 في المئة في عام 2011. ومن المتوقع أيضاً أن ترتفع إلى 6.8 في المئة بحلول نهاية 2017.

والمملكة العربية السعودية، استمرت في تخصيص ما لا يقل عن 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للفرد لمشتريات الدفاع منذ عام 2004. ووفقاً لتقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية لعام 2014، فإن المملكة العربية السعودية في عام 2014 أنفقت 59.6 مليار دولار، وجاءت قبل المملكة المتحدة وفرنسا في الانفاق العسكري واحتلت المركز الرابع على مستوى العالم، بعد الولايات المتحدة والصين وروسيا. وفي عام 2013 قدر إنفاقها الدفاعي 52.9 مليار واحتلت المركز السابع بين العشرة الأوائل الأكثر إنفاقاً على الدفاع، ويتوقع أن يزداد إنفاقها الدفاعي بمعدل نمو سنوي مركب تبلغ نسبته 7.92 في المئة، لتصل إلى 77.3 مليار دولار بحلول عام 2018.


برامج التعويض "الأوفست": لعبت برامج الأوفست دوراً بارزاً في العلاقات الدفاعية بين الغرب ودول الشرق الأوسط. في منطقة الخليج، استطاعت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من تطوير بعض سياسات برامج الأوفست المعقدة جداً، مع التركيز على نقل التكنولوجيا. ويمكن القول، أن بدون هذه البرامج من الأوفست، ما كان يمكن لخطط التصنيع الدفاعي السعودي والإماراتي أن ترى النور.


ووفقاً لدراسة أجرتها شركة الاستشارات الأميركية فروست أند سوليفان، من المتوقع أن تكون كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من بين أفضل عشرين من أسواق الأوفست العسكرية العالمية. وأيضاً من المتوقع أن يكون معدل النمو السنوي المركب لدى المملكة العربية السعودية 3.9 في المئة خلال الفترة 2012 – 2021، وبالتالي فمن المتوقع أن تتجاوز القيمة التراكمية لبرامج الأوفست العسكرية لدى المملكة لتصل إلى 62 مليار دولار مع حلول عام 2021. ومن المتوقع أن تكون القيمة التراكمية لبرمج الأوفست العسكرية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر بقليل من 31 مليار دولار خلال الفترة 2012 – 2021، ومع معدل النمو السنوي المركب 4.3 في المئة.


برنامج الأوفست السعودي

بدأ برنامج الأوفست الاقتصادي للمملكة العربية السعودية رسمياً في منتصف الثمانينيات، على الرغم من أن يمكن للمرء أن يجادل في تاريخ نشأته، كون أن بداياته يمكن أن تعزى إلى قبل عقدين من الزمن من هذا التاريخ، عندما قامت شركة الطائرات البريطانية بتزويد القوات الجوية الملكية السعودية ستة طائرات لايتننغ مستعملة وستة طائرات مقاتلة هوكر هنتر، بالإضافة إلى منصات إطلاق الصواريخ في إطارالبرنامج الذي أصبح معروفاً باسم البساط السحري (Magic Carpet).ومع ذلك، فأن برنامج البساط السحري والذي كان قيمته 25 مليون دولار لم يكن رسمياً مرتبط بالأوفست.
1551b1v.jpg


الجدول رقم 3: برنامج الأوفست السعودي


برنامج الأوفست الاقتصادي السعودي هو أول برنامج للأوفست في دول مجلس التعاون الخليجي، وثم تبعتها دولة الإمارات العربية المتحدة في 1991 – 1992. والمملكة العربية السعودية كانت ومازالت تنظر إلى برنامج الأوفست الاقتصادي السعودي بأنه وسيلة لتحفيف العبء الاقتصادي الذي نشأ من جراء عقود الاستبراد الأساسية للدفاع. والبرنامج صمم لانشاء عدد من المشاريع التجارية للقطاع الخاص والشراكات ذات المنفعة المتبادلة بين الشركات السعودية والأجنبية، وعادة ما تكون في شكل مشاريع مشتركة. الحكومة السعودية تتطلع في المقام الأول لنقل التكنولوجيا لكي تطور قدراتها الذاتية في التنويع العام وتعزيز الاقتصاد. وأيضاً لها أهداف أخرى، منها تحقيق أفضل استخدام للموارد الطبيعية في البلاد، وتحسين إمكانيات التصدير على المدى الطويل، وتطوير مختلف الصناعات الخدمية اللازمة لدعم البنية التحتية. ولكن يجب التأكيد بأن أهداف برنامج الأوفست الاقتصادي السعودي هي نقل التكنولوجيا و "السعودة" والتعليم التكنولوجي، وهذه الأهداف أكدتها الرؤساء المتعاقبين على رئاسة البرنامج على مر السنين، بما فيهم وزير الاقتصاد والتخطيط محمد الجاسر الرئيس الحالي للبرنامج.

في عام 1983، أنشأت الرياض لجنة الأوفست الاقتصادي السعودي،لتسهيل ومراقبة موازنات الدفاع في المملكة وتنفيذ سياسات اللجنة الوزارية، ويرأسها وزير الدفاع والطيران. واللجنة تضم ممثلين عن الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، وصندوق التنمية الصناعية السعودي، ووزارت التجارة، والتخطيط والصناعة، والدفاع، وتمنح وزارة الدفاع السعودية لجنة الأوفست الاقتصادي السعودي بميزانية كبيرة ولكنها غير محددة.

وعلى مدى السنوات، اتبعت سياسة الأوفست السعودي في الغالب نهج غير مباشر (أي، مع التركيز على نقل التكنولوجيا وتدريب العمالة المحلية). وقد تطورت من خلال عدد من البرامج بما في ذلك درع السلام الأول والثاني (1984 – 1985 و 1991)، اليمامة الأول والثاني (1986 و 1988)، برنامج جنرال داينامك الاقتصادي للتوازن (1992)، ماكدونل دوغلاس بيس سن التاسع (1993)، الصواري الأول والثاني (1994 و 1997)، و أوفست أيه تي آند تي (1994). ومن أكبر هذه البرامج هي درع السلام الأميركية، اليمامة البريطانية والصواري الفرنسية. وهذه الثلاث برامج للأوفست السعودي تمثل أكبر محاولة خططت لها في تاريخ العالم لنقل التكنولوجيا الدولية، واعتبر النموذج الأول لبرامج أكبر مقترحة للأوفست في الدول الخليجية الأخرى.

ووفقاً للأمانة العامة لبرنامج الأوفست الاقتصادي السعودي، في نهاية عام 2006 تم إنشاء ما يصل إلى ستة وثلاثين من المشاريع الصناعية الخدمية، باستثمارات تقدر حوالي 4.5 مليار دولار. وهذه المشاريع التي تم إنشاؤها وفرت أكثر من 6500 فرصة عمل جديدة، مع لا يقل عن 56 في المئة من العاملين فيها من المواطنين السعوديين. وقد تم إنشاء مجمع صناعي متقدم للطيران مع تأسيس شركة السلام للطائرات، وشركة اكسسوارات ومكونات الطائرات، وشركة الشرق الأوسط لمحركات الطائرات والشركة الدولية لنظم الهندسة، وهذه الشركات توفرالصيانة الشاملة، التصليح ، وخدمات العمرة للقوات المسلحة السعودية والخطوط الجوية السعودية. وبالنظر في برامج الأوفست السعودي على مدى العقود الثلاثة الماضية، الدكتور محمدرمادي من قسم الاقتصاد والمال في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، يقيّم الناتج الإجمالي ويكشف الصورة متواضعة.

ووفقاً للرمادي فإن "من بين اثنين وعشرين من المشاريع التي نفذت والتي قيد الإنشاء، واحدة فقط أنتجت التدريب التقني المتقدم ووظائف ذات قيمة عالية للسعوديين، في حين ثلاثة مشاريع تمكنت من نقل المعرفة التكنولوجية من خلال البحوث والتطوير وعملية سير التصنيع، ولكن من أكثر المشاريع الواعدة، أربعة مشاريع عززت إحلال الواردات والصادرات، في حين ستة مشاريع ساهمت في تطوير المعرفة التقنية من خلال البحوث والتطوير وعملية سير التصنيع، أما فيما يتعلق بمستوى نقل التكنولوجيا من خلال الأثنين والعشرين مشروع للأوفست فإن النتيجة نسبياً إيجابية". تقريباً 86 في المئة من مجموع هذه المشاريع تندرج في فئات النقل الأعلى (أي نقل التكنولوجيا الأشمل) و 14 في المئة فقط في فئة النقل المنخفض. وينبغي الإشارة إلى أن قطاع الصناعة والقطاع الإلكتروني المتطور، فضلاً عن التدريب التقني المتخصص لا تشملهم هذه النتيجة كونهم من برامج الفئات الأعلى لنقل التكنولوجيا.

وقد ساهم برنامج الأوفست الاقتصادي السعودي أيضاً بمبلغ 8.5 مليون دولار لدعم المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في تطوير البرنامج الوطني لمعايير المهارات المهنية. وأسفر البرنامج عن وضع المعايير الفنية لـ 250 من المهن المختلفة جنباً إلى جنب مع تدريب المواد المرتبطة بها. وأخيراً، لعب برنامج الأوفست الاقتصادي السعودي دوراً هاماً في تأسيس جامعة الفيصل، والجامعة تقدم برامج البكالوريوس والدراسات العليا في الطب، والعلوم، والهندسة.



برنامج الأوفست الإماراتي
بدأ برنامج الأوفست لدولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1992، بعد عام من حرب الخليج الأولى، وقام بتأسيسه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لغرض استخلاص القيمة الاقتصادية والتجارية من برنامج المشتريات الدفاعية الواسعة في البلاد.
2qk6scy.jpg


جدول رقم 4: برنامج الأوفست الإماراتي

خلال المرحلة الأولى، كان برنامج الأوفست لدولة الإمارات العربية المتحدة يدار من قبل مجموعة أوفست الإمارات العربية المتحدة وترعاها الحكومة الإماراتية، وكان ينظر إليها على أنها جمعية لتعزيز الاقتصاد ولكنها كانت تعتبر مشروع مالي. في عام 1992 أجريت سلسلة كبيرة من التنقيحات والتغييرات على المبادئ التوجيهية، وثم في عام 1994 أجريت تغييرات أخرى على تنقيحات وتغييرات عام 1992. حتى الآن، نتج عن برنامج الاوفست إنشاء العديد من المشاريع المشتركة بقيمة عدة ملايين من الدولارات في مختلف القطاعات الاقتصادية والصناعية.

مكتب برنامج الأوفست هو المسؤول عن إدارة جميع جوانب برنامج الأوفست الإماراتي. في عام 2007 أنشأ مكتب برنامج الأوفست شركة فرعية مملوكة بالكامل للبرنامج وتعتبر الذراع الاستثماري الاستراتيجي تدعى توازن القابضة. وأهداف شركة التوازن تسترشد من أجندة السياسة العامة لحكومة أبوظبي، والتي تركز على تنويع الاقتصاد، ونقل التكنولوجيا، وبناء قاعدة صناعية، وتطوير مهارات مواطني دولة الإمارات. بعد ثلاث سنوات، أعلن مكتب برنامج الأوفست مبادئ توجيهية جديدة سمحت له في "الانتقال من نموذج يستند كلياً على الأرباح الناتجة من المشاريع المدعومة من قبل أطراف متعهدي برنامج أوفست إلى جهة واحدة حيث التكنولوجيا وإنتاج السلع ستكون مركزية للبرنامج، وبالتالي توفيرالمزيد من المرونة لـ [متعاقدي الدفاع العالميين]". وبسبب هذا، اضطرت العديد من الشركات الدفاعية التي لديها مصلحة في ممارسة الأعمال التجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة لتجسيد استراتيجية أكثر تركيزاً وتماسكاً والتي من شأنها أن تعالج الإصلاحات الجديدة.

ووفقاً لتصريح مدير مكتب برنامج الأوفست مطر علي الرميثي. في عام 2012، أن مكتب برنامج الأوفست حتى عام 2011 نجح في اطلاق أكثر من ثمان وأربعين مشاريع عمل جديدة في الإمارات وتستثمر مبلغ يزيد عن 1.6 مليار دولار. في عام 2012، استحوذ مكتب برنامج الأوفست رسمياً على اسم جديد: مجلس توازن الاقتصادي (وتوازن في اللغة العربية تعني التوازن والموازنة)، واستخدم هذا الإسم للتوضيح والتوكيد على أن المجلس يهتم بالتوازن والموازنة بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. ومجلس توازن الاقتصادي وشركة توازن القابضة رئيسهما التنفيذي سيف محمد الهاجري، ويركزعلى المساعدة في بناء العمود الفقري للتصنيع المتخصص والهندسة الصناعية في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومجالات تركيز توازن هي أنظمة الطيران والذخيرة ونظم الأسلحة، نظم البرية، نظم البحرية، أنظمة الحكم الذاتي، المعادن والمواد المتقدمة، الرادارات، والاتصالات، القيادة والسيطرة، والإلكترونيات. وفي وقت لاحق أنشأت أبوظبي لجنة اقتصادية تسمي بلجنة توازن الاقتصادية ومهامها مكلفة ببناء روابط أكثر فعالية وديناميكية بين القوات المسلحة ومجلس توازن الاقتصادي.


نقل التكنولوجيا: لقد كانت برامج الأوفست حاسمة لخطط الدفاع في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لأنها سمحت لهم باكتساب: التحديد وفي بعض الحالات التعديل، واستيعاب أحدث التقنيات في عالم الطيران والدفاع، وبالتالي، ساعد على تحفيز التصنيع العسكري المحلي في كلا البلدين. لكن عملية الاستيعاب السعودية والإماراتية لم تكن سهلة أو خالية من المشاكل. في النهاية وبوجه عام، التوظيف الفعال للتكنولوجيا يتطلب قوة عاملة ماهرة ومتعلمة تعليم عالي والتي، كما ناقشناها سابقا، كلا البلدين يفتقرانها حاليا.


على الرغم من هذه التحديات، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً تقدموا في مجال التكنولوجيا منذ السبيعينات. في الماضي، استيعاب التكنولوجيا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة (وبقية دول الشرق الأوسط) كان يقتصر على القدرة على العمل والمحافظة على التقنيات والمعدات المستوردة من الخارج. لم يكن لدى الرياض وأبوظبي إلى حد كبير القدرة على التصميم أو التكيف مع هذه التقنيات نفسها. لقد تغير هذا الوضع بشكل كبير، فأصبح للتكيف وتعديل التكنولوجيات بفعالية مكان في كلا البلدين على مدى العقد الماضي.

ووفقاً لتقرير صدر من قبل مكتب تقييم التكنولوجيا بالكونغرس الأميركي في عام 1984، إن الاستيعاب السعودي للتكنولوجيا كان كبير نسبياً في قطاع نظم دعم الطائرات التجارية،حيث بعض القدرات مثل الممرات، ومرافق تخزين الوقود، والرادارات من الممكن أنها تحتوي على تطبيقات الدفاع. في الواقع، أكثر من نصف الطيارين السعوديين، الخطوط الجوية العربية السعودية، كانوا من المواطنين في ذلك الوقت (1984)، وأيضاً تقلد السعوديون في ذلك الوقت مناصب إدارية رئيسية في هذه الشركات للطيران. ويمكن للمرء أن يتخيل بعد ثلاثة عقود أن التقيم والأرقام – بطبيعة الحال – ستكون أكثر واعدة (علماً أن البيانات الحالية بالكونغرس ليست متاحة للجمهور). ولكن المشكلة ما زالت تتمثل في أن العديد من غير المواطنين يؤدون الأعمال الخدمية مثل الصيانة والميكانيكا. لذلك،على الرغم من استيعاب السعوديين للتكنولوجيا بمستويات عالية نسبياً، إلا أن بعض الأعمال التشغيلية للطائرات ربما لن تصبح بشكل كامل مهن للسعوديين ولسنوات عديدة. في قطاع الاتصالات، تم نقل التكنولوجيا بنجاح وإلى حد كبير. وعلى عكس الحال مع أنظمة الطائرات، فإن السعوديين يقومون بإنتاج معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية، بما في ذلك الكابلات والمحولات العارضة، وأجهزة التلفزيون. من خلال برامجهما الأوفست الكبيرة، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أصبحتا قادرتين على ربط القطاعات الدفاعية المحلية مع منتجي الدفاع العالميين وتمكنوا من اكتساب المعرفة الأساسية والدراية الصناعية. النتائج مختلطة، ولكن في بعض المناطق مشجعة، ففي الرياض وأبوظبي، ومواقع أخرى أنشئت عدد من الصناعات لمشاريع مشتركة مع كبرى الصناعات العالمية.


شركات الدفاع السعودية: لقد أبرم برنامج الأوفست الاقتصادي السعودي على مر السنين عدد من الاتفاقيات الصناعية المحلية السعودية والتي أصبحت شركات خاصة ناجحة. مع ما يقرب من 100 مليار دولار في صفقات شراء الأسلحة الجديدة التي وقعت من قبل الحكومة السعودية في السنوات القليلة الماضية، والعقود ذات القيمة العالية (بمافي ذلك أكبر صفقة أسلحة تورد للخارج في تاريخ الولايات المتحدة في عام 2010 ورسمياً في عام 2012 والتي تصل قيمة الطلبية إلى 60 مليار دولار لتجديد وترقية منظومات أسلحة الطائرات) سوف لا تمنح فقط للمملكة العربية السعودية فرص جديدة لبرنامج الأوفست الاقتصادي، ولكن من المحتمل أيضاً أن تعني العقود الجارية للشركات التي أنشأت من قبل برنامج الأوفست الاقتصادي مثل شركة السلام للطيران وحماية البيئة البحرية. وهذا محتمل جداً أن يؤدي إلى تشكيل عهد جديد لتعاون برنامج الأوفست الاقتصادي السعودي وشركائه التجاريين، وتمنح المزيد من الزخم للاكتفاء الذاتي في قطاع الدفاع والتكنولوجيا. الجدول أدناه يتضمن قائمة لبعض الشركات الكبرى ذات العلاقة بالدفاع والتي تمكنت المملكة العربية السعودية من تأسيسها على مدى العقدين الماضيين عن طريق نقل التكنولوجيا والمشاريع المشتركة.


16hord3.jpg


جدول رقم 5: الشركات السعودية ذات العلاقة بالدفاع والتي تأسست عن طريق نقل التكنولوجيا والمشاريع المشتركة

لقد حققت المملكة العربية السعودية بعض التقدم الملحوظ منذ الثمانينات في قطاعات الصيانة والاصلاح والعمرة، وإنتاج مركبات المشاة القتالية المدرعة والأنظمة غير المأهولة ونظم التعديل (على وجه التحديد الدرونز طائرات بدون طيار).


الطائرات: بدأ تاريخ الصيانة والإصلاح والعمرة، والتعديل للطائرات في المملكة العربية السعودية مع شركة السلام للطائرات، التي أنشأت في عام 1988 كجزء من برنامج الأوفست الاقتصادي السعودي من خلال مشروع مشترك بين شركة بوينغ، الخطوط الجوية العربية السعودية، الشركة السعودية للصناعات المتطورة، مؤسسة الخليج للاستثمار، وشركة الاستثمارات الوطنية. ومنذ تأسيسها حققت شركة السلام خطوات هامة في سوق الطيران في منطقة الشرق الأوسط، ونمت الشركة على مر السنين ليصل عدد العاملين في مجال الصيانة والاصلاح والعمرة للطائرات إلى 3500 عامل (55 في المئة منهم من المواطنين السعوديين).في حين أن الأعمال الأساسية لشركة السلام في الأصل تستمد من خدمة الطائرات العسكرية، إلا أن الشركة تشعبت إلى المزيد من الأعمال المدنية، ووقعت عقود صيانة مع شركة أرامكوالسعودية لصيانة طائراتها للنقل C-130، وكذلك طائرات بوينغ 747 للطيران السوري وطيران أتلانتا الايسلندي. وعملت شركة السلام أيضاً بشكل جيد في السنوات الأخيرة مع العقود العسكرية، فقد وقعت في أغسطس 2011 عقداً مع القوات الجوية الملكية السعودية لمدة خمس سنوات بقيمة 145.2 مليون دولار للعمل على أسطول النقل C-130، فضلاً عن عقد بقيمة 378.4 مليون دولار لصيانة الطائرات المقاتلة F-15 للقوات الجوية الملكية السعودية. وشركة السلام لديها مرافق في المنطقة الصناعية في مطار الملك خالد الدولي في الرياض وتشمل على ثلاث حظائر ذات الجسم العريض مع نظام تحكم المناخ، وهذه المرافق مجهزة بأحدث التقنيات في هذا المجال.


33vzszo.jpg


توقيع اتفاق بين شركة السلام للطائرات ومارشال للطيران لصالح مشروع للقوات الجوية الملكية السعودية

وحالياً قطاع الدفاع الجوي السعودي يعمل بالكامل على تطوير قدرات طائراته المقاتلة والطائرات بدون طيار. وفي حديث للرئيس التنفيذي لشركة السلام محمد نور فلاته، قال: أن الشركة بدأت في تصنيع سبعين طقم من الأجنحة التي سيتم تركيبها على طائرات بونيغ من طراز المقاتلة النسر F-15S (السعودية) للقوات الجوية الملكية السعودية، وأيضاً تقوم الشركة بإنجاز أعمال أخرى تهدف إلى تحديث ورفع مستوى هذه الطائرات إلى المستوى المتقدم الخاص بالسعودية F-15SA. وينبغي الإشارة إلى أن القوات الجوية الملكية السعودية ستقوم بشراء أربعة وثمانين طائرة أخرى جديدة البناء من طراز F-15SA مباشرة من الولايات المتحدة.


مركبات المشاة القتالية المدرعة: أول إنتاج صناعي سعودي محلي في قطاع مركبات المشاة القتالية المدرعة هي مدرعة الفهد ذات الثماني عجلات، والفهد تم تطويرها من قبل شركة عبدالله الفارس للصناعات الثقيلة، ومقرها في الدمام بالقرب من ساحل الخليج. هناك نوعين مختلفين من الفهد، مدرعة نقل الجندAF-40-8-1 ما تعرف بـ (APC) ومركبة القتال والاستطلاع المدرعةF-40-8-2 ما تعرف بـ (AFRV)، والمدرعتين دخلوا الانتاج في عام 1988. وهناك عدد غير محدد من هذها لمركبات تم تسليمها إلى الحرس الوطني في المملكة العربية السعودية، والحرس الوطني يخدم على حد سواء كقوة دفاع ضد التهديدات الخارجية وكقوة أمنية ضد التهديدات الداخلية. شركة عبد الله الفارس أيضاً قامت بتصنيع مدرعة نقل الجند 400-8 الفارس، وهي تستخدم من قبل القوات البرية السعودية. في إبريل 1997 أصدرت الحكومة السعودية قرار بوقف إنتاح العربات المدرعة لنقل الجند (6×6) من عائلة الفارس 400-8.


ومصنع العربات المدرعة والمعدات الثقيلة تابع للمؤسسة الصناعية العسكرية، والمؤسسة مملوكة للدولة ومهتمتها تطوير المصانع الحربية في المملكة من خلال نقل التكنولوجيا. وتنتج العربات المدرعة الشبل 1 والشبل 2 (4×4)، ومن المفترض أن يتم استخدامها من قبل القوات البرية الملكية السعودية ووحدات عمليات النخبة الخاصة في المملكة من الكتيبة 85، (والشبل 1 و 2 ظهرا لأول مرة في أيدكس 2010).

في حين أن السعوديين يقولون أنهم كانوا قادرين على صنع المركبة المدرعة الفهد محلياً، إلا أنه غير واضح كم عدد المكونات التي قاموا باستيرادها من الخارج لتصنيع هذه العربة العسكرية. فمن المرجح أن الجيش السعودي استورد من الخارج المحركات، جهاز نقل الحركة، أنظمة التعليق، والأسلحة الثقيلة، ولكن من الواضح أن الفهد ملحومة بالحديد الصلب المحلي. وأيضاً من غير الواضح كم العدد الإجمالي للمدرعة الفهد التي صنعها السعوديين. بعض المطلعين على شؤون الدفاع لديهم شك في أن العدد لا يتجاوز المائة. وعلاوة على ذلك، عندما يتعلق الأمر بمركبات المشاة القتالية المدرعة فإن الجيش السعودي لا يعتمد على المنتجات المحلية وإنما على الواردات الأجنبية. على سبيل المثال، مؤخراً قامت الحكومة الكندية بتوقيع عقد بمليارات الدولارات لمدة أربعة عشر عاماً لتزويد الجيش السعودي بالمركبات المدرعة الخفيفة. ولكن، بطبيعة الحال، فإنه ليس من العدل مقارنة الفهد بالدبابات الأعلى تطوراً مثل الدبابة أبرامزM1A1 الأمريكية و"السعودية M1A2S" أو ليوبارد 2 الألمانية، ولكن ما هو واضح أن المدرعة السعودية تتخلف في المنحنى التكنولوجي ويمكن القول لا يمكن الاعتماد عليها لأغراض قتالية حقيقية.



الطائرات بدون طيار: تكنولوجيا الطائرات بدون طيار يمكن أن تساعد المملكة العربية السعودية في تلبية بعض الاحتياجات الأمنية الوطنية. ومع مساعدة من الطائرات بدون طيار، يمكن للمملكة العربية السعودية تعزيز مراقبتها على الحدود الجبلية مع اليمن لمواجهة التسلل، لا سيما من قبل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (القاعدة في جزيرة العرب)، وهي جماعة إرهابية تسعى، من بين أمور أخرى، للاطاحة بالاسرة الحاكمة في السعودية. وطبقاً لتقارير معهد الأمير سلطان للبحوث والتقنيات المتقدمة، والتي تأسست في عام 2008 من قبل القوات الجوية السعودية وجامعة الملك فهد في الرياض، بأنه "يجري العمل على نشر مشروع طائرات المراقبة بدون طيار على حدود المملكة العربية السعودية".


في سبتمبر 2013، أفادت صحيفة الحياة بأن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية قامت بصناعة طائرة غير مأهولة ويمكنها أن تطير ثلاثة وتسعين ميل من دون طيار ولمدة ثماني ساعات وبخمسة وسبعين ميل في الساعة وتطير على ارتفاع 16400 قدم، وينظر إلى هذه الطائرة غير المأهولة على أنها أحدث خطوة تطويرية لطائرة بدون طيار تقوم بها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. بعد شهر، كشفت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والمركز الوطني لتكنولوجيا الطيران أنهم صنعوا ثمانية وثلاثين نظم الطائرات غير المأهولة تدعى صقر 2، صقر 3، وصقر 4 لأغراض البحث. وهذه الطائرات خفيفة ومصنوعة من الألياف الزجاجية وألياف الكربون، ومبرمجة من خلال غرفة التحكم الأرضية، وأفادوا بأنها لا تكتشف بواسطة أجهزة الرادار والاستطلاع. ومع ذلك، يشتبه في أن الشركة الجنوب أفريقية دينيل دايناميك التي تقوم بتصنيع الصواريخ والطائرات بدون طيار لربما قامت بمساعدة السعودية في تطوير برنامجها الوطني للطائرات بدون طيار من خلال نقل التقنية.

يعتقد أن التعاون التقني والهندسي قائم منذ فترة بين وزارة الدفاع السعودية وشركة دينيل، وهذا يرجع جزئياً إلى رفض واشنطن تزويد الرياض مثل هذه الأنظمة غير المأهولة. الرياض فشلت في السابق إقناع واشنطن ببيعها طائرة البريداتور MQ-1والتي تستخدم من قبل سلاح الجو الأميركي والاستخبارات المركزية، وتحمل صواريخ هيلفاير ACM-114 من لوكهيد مارتن. ولكن يقال أن واشنطن زودت طائرة البريداتور ببرمجة هندسبة خصيصاً لجعلها من الصعب للغاية تحميلها بالأسلحة. على الرغم من أنه غير واضح إذا ما كان التعاون بين السعوديين ودينيل قائماً بالفعل، وما هو مقدار هذا التعاون، لكن شيء واحد مؤكد بأنه قد يكون هناك بعض القيد على الجانب السعودي، إذ يعتمد على أي نوع من الطائرات بدون طيار المملكة العربية السعودية مهتمة في التطوير المشترك (ويفترض أن هذه النوعية من طائرات بدون طيار مناسبة لمهمة اغتيال نشطاء القاعدة في جزيرة العرب)، لكن لا يوجد لدى الرياض أنظمة الاتصالات الفضائية العسكرية لتشغيل أي من الطائرات بدون طيار من النوع القاتل.


شركات الدفاع الإماراتية: من الذخيرة، الرادارات الاستراتيجية، معدات الاتصالات المتقدمة، إلى عربات الصحراء المدرعة، الطائرات بدون طيار، قاذفات الصواريخ الموجهة، والسفن البحرية الحربية، تشارك شركات الدفاع الإماراتية بنشاط في الإنتاج والإنتاج المشترك لبعض المنتجات الدفاعية التي تأمل الإمارات العربية المتحدة الاعتماد عليها للحفاظ على أمنها القومي. والدافع وراء هذه القائمة المتزايدة من الشركات الإماراتية العاملة في النشاط الصناعي العسكري، مبادرات الأذرع الاستثمارية الاستراتيجية المدعومة من أبوظبي مثل شركة مبادلة للتنمية، شركة توازن القابضة، المجموعةالذهبية الدولية، شركة الإمارات المتقدمة للاستثمار.


123798n.jpg



زوار ينظرون إلى البنادق التي عرضتها شركة التوازن لأنظمة الدفاع المتقدمة ففي معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية 2012


أنشأت شركة مبادلة للتنمية (التي تعني المبادلة أو التبادل في اللغة العربية) في عام 2002 من قبل أبوظبي، وكلفت بالهدف الاستراتيجي لتنويع وتحويل اقتصادها. وتعمل مع نطاق أوسع من توازن، مبادلة تستثمر عبر قطاعات وطنية عدة – الطيران، الاتصالات، التقنية والخدمات الدفاعية، الاستثمار المالي، الرعاية الصحية، الصناعة، العقارات والبنية التحتية، التكنولوجيا المتقدمة، الطاقة المتجددة، واستكشاف النفط والغاز – في محاولة لتحقيق أرباح مستدامة لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة. ووفقا لموقعها الرسمي، تبلغ قيمة محفظتها أكثر من 55 مليار دولار وتعمل في أكثرمن سبعة عشر بلداً حول العالم، ويقودها الرئيس التنقيذي خلدون خليفة المبارك. تهدف مبادلة إلى توفير 11000 فرصة عمل للعلماء الإماراتيين والمهندسين والفنيين وملتزمة بميزانية سنوية للبحوث والتطوير، بلغت في عام 2015 مقدار 10 مليون دولار، وفي شراكة مع شركات المعدات المصنعة الأصلية (مصنعي المعدات الأصلية) والمؤسسات الأكاديمية. ووفقاً لأحد كبار ممثلي صناعة الدفاع الأميركية والتي عملت شركته عن قرب مع مبادلة وتوازن، أن "توازن ... تعمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة الإماراتية ولكن أرباح شركة مبادلة للتنمية أعلى، والأخيرة لديها نموذج الأعمال التجارية أكثر فعالية ومحفظتها أكثر تنوعاً".

تعاونت مبادلة مؤخراً مع شركة أبوظبي للمطارات للعمل على بناء مركز الطيران في مدينة زايد العسكرية، حيث الموقع الذي تقوم شركة توازن القابضة بتطوير مجمعها الصناعي توازن. والمتوقع من هذا المشروع الضخم أن يوفر 10,000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة على مدى العقد المقبل، وبقيادة الرئيس التنفيذي راشد هلال الدرمكي، المجمع سيركز على صناعة الأسلحة، وأنشئت لإنشاء "مركز المعرفة" لصناعة الدفاع والدقة في أبوظبي. خلال معرض دبي للطيران عام 2013، أعلنت شركة بوينغ أنها دخلت في شراكة مع توازن للصناعات الدقيقة لإنشاء مركز لصناعة الطيران لمعالجة الأسطح المعدنية للطائرات في مجمع توازن الصناعي. وهذا المشروع الضخم سمح بها مجلس توازن الاقتصادي ومن المقرر أن يتم في عام 2016، وأيضاً خلال معرض دبي للطيران 2013، استطاعت مبادلة أن تأمن صفقات بقيمة 11.8 مليون دولار، من خلال قطاعاتها التالية: الطيران، الاتصالات، والتكنولوجيا وقطاعالدفاع (ACTDS)، وعقدت الاتفاقيات مع ايرباص، بوينغ، جنرال إلكتريك، رولز رويس. وأبرزت القوات المسلحة أن هدف الشركة لتصبح مورد رائد في قطاع الطيران العالمي. وتهدف ACTDS لتكون من بين أهم ثلاث شركات مصنعة في العالم للأجزاء المركبة والمعادن للطائرات بحلولعام 2020.

qzll3m.jpg





2pydieo.jpg


جدول رقم 6: الشركات الإماراتية ذات العلاقة بالدفاع والتي تأسست عن طريق نقل التكنولوجيا والمشاريع المشتركة


تستثمر دولة الإمارات العربية المتحدة في، وتركز على مركبات المشاة القتالية المدرعة، الذخائر، والأنظمة غير المأهولة (طائرات بدون طيار على وجه التحديد), هذه الصناعات الثلاث هي حاليا المجالات المتخصصة فيها دفاع أبوظبي وهي من أهداف التنمية المحلية في المستقبل. لكن أبوظبي أيضاً تستكشف مجالات دفاعية أكبر وأكثر تعقيداً مثل بناء السفن والصواريخ.



مركبات المشاة القتالية المدرعة: تعتبر مركبات المشاة القتالية المدرعة الوسيلة الأساسية للبقاء للجيش الإماراتي. وقامت أبوظبي بتحديث قواتها المسلحة باطراد مع مشتريات كبيرة من مركبات المشاة القتالية المدرعة على مر السنين (ويقال أن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها أسطول من مركبات المشاة القتالية المدرعة يتكون من أكثر من 2,000 مركبة). إذاً، هي ليست مفاجأة، أن تجد الظهور الثابت والبارز لهذه المركبات القتالية المدرعة في معرض أيدكس في السنوات الأخيرة.



بتمويل واسع من شركة مبادلة ومجموعة الجابر، الشركات الإماراتية المحلية تقوم بتصنيع مركبات المشاة القتالية المدرعة 4×4 و 6×6 مع مساعدة من التكنولوجيا الغربية. المصنعين مقرهم في أبوظبي ودبي والفجيرة يطورون قطاع أعمالهم وانتاجهم تطوراً مطرداً لتصدير الشاحنات والمركبات المدرعة إلى البلدان المجاورة مثل الجزائر وليبيا والأردن. في سبتمبر 2012، دخلت المجموعة الذهبية الدولية، والتي تعمل بشكل وثيق مع حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، في مشروع مشترك مع بي ايه اي سيستمزلتصنيع RG31s والتي هي ناقلات جند مدرعة مضادة للألغام (4×4). إن الاستخدام المكثف لهذه الأنواع من المركبات في العراق وأفغانستان لفتت انتباه الإماراتيين لتصنيعها في دولة الإمارات العربية المتحدة بغرض استخدامها في إزالة الألغام والحماية من العبوات الناسفة على الطريق، بالاضافة الى ميزة التنقل السريع التي تتميز بها هذه المركبات. أيضا في عام 2012، مجموعة الجابر دخلت في شراكة مع أوشكوش للدفاع لتصنيع ودعم العربة أوشكوش العالمية "هيت"HET.
289h3jt.jpg




المركبة المدرعة نمر المصنعة من قبل الإمارات العربية المتحدة



في عام 2011 انضمت جهود الجابر مع الشركة التركية (اف إن إس إس) للوفاء بمتطلبات القوات المسلحة الإماراتية المحتملة، وتضمنت هذه الشراكة إنتاج المركبات المدرعة المدولبة ودعمها الوجيستي الكامل، ويغطي انتاج كامل لعائلة المدرعة المدولبة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وخلال المعرض الدولي للأمن والمرونة الوطنية 2012 في دبي، عرضت المجموعة الذهبية المنتجات الأكثر تطوراً وحداثة في العالم من التقنيات ومعدات لمنصات المركبات المأهولة وغير المأهولة، وأنظمة الأسلحة عن بعد وأنظمة الأسلحة ذو الأبراج، ومعدات لمكافحة الإرهاب واستجابة الطوارئ، ونظم أسلحة قوات المهمات الخاصة، ونظم مراقبة البنية التحتية الحرجة، ونظم الكشف والحماية، وخدمات الأمن العام.

شركة الإمارات ماهيندرا لتصنيع المركبات المصفحة، مقرها في رأس الخيمة، ومتخصصة في مجموعة متنوعة من التطبيقات التقنية ولديها نخبة من ذوي الخبرة في مجالات الهندسة وتصنيع النماذج والسيارات المصفحة وعربات مدرعة أخرى. وشركة نمر للسيارات مقرها أبوظبي تزود القوات المسلحة الإماراتية بالعربات المدرعة، وهذه المركبات هي أولى المعدات العسكرية التي بنيت وصنعت بالكامل في دولة الإمارات العربية المتحدة. حكومة الإمارات ووسائل الإعلام المملوكة للدولة قامت بترويج كبير للمركبة نمر خلال معرض أيدكس 2013، ووصل الأمر إلى شرائهم 1800 مركبة نمر في فبراير 2013 بقيمة 1.09 مليون دولار. دول أخرى تبدو أيضاً مهتمة بالمركبة نمر مما يدل على فرص إمكانية التصدير. في عامي 2012 و 2013 وقعت توازن القابضة اتفاقات مع الحكومتين الجزائرية والتركية لإقامة المشاريع المشتركة للمركبة نمر.



الذخيرة: تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة للاكتفاء الذاتي في مجال الذخيرة، ويبدو أنها تتحرك قدماً وبسرعة نحو هدفها المعلن. بعد بضعة أشهر من إنشاءها في عام 2007، استحوذت توازن على تصنيع السلاح الدولي ADCOM (أدكوم للتصنيع) وتم تغييرالإسم إلى كاراكال لتصنيع الأسلحة الخفيفة مثل المسدسات والبنادق القناصة التكتيكية والبنادق الهجومية وذخائر "الشوزن". ثم فيما بعد استحوذت على الشركة الألمانية التابعة "ميركل"، وهي واحدة من أشهر المصنعين في العالم للمسدسات والبنادق القناصة.


في عام 2010، قامت كاراكال بتصدير أول شحنة مكونة من 5000 مسدس من ذخيرة عيار 9mm الى نوكسفيل بولاية تينيسي في الولايات المتحدة. وفي محاولة للتوسع أكثر في الولايات المتحدة، وقعت الشركة في فبراير 2013 اتفاقية توريد مع "القرن للأسلحة"، أكبر مستورد لفائض الأسلحة النارية والذخائر والاكسسوارت في أمريكا الشمالية. أيضاً تشير التقارير أن كاراكال حالياً توفر المسدسات لقوة غير معلومة من الشرطة الايطالية. ودشنت كاركال في معرض أيدكس 2013 كاراكال الذخيرة النارية (تشبه الألعاب النارية) تلبية لمطالب ما يسمى بالذخيرة غيرالقاتلة وتنفيذأً للقانون وأجهزة الأمن الوطنية في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة. وكاراكال الناري سوف تصنع أعيرة نارية مزودة بمؤشر، قنابل الصوت، والدخان الملون، وبنود أخرى من الذخائر غير القاتلة.

في نوفمبر 2007 دشنت شركة أنظمة بركان للذخائر (بركان ميونيشنز سيستمز) وهي شركة أخرى من شركات توازن القابضة، ومتخصصة في صناعة الذخائر المتوسطة والثقيلة ومتعددة الاستخدامات. والمصنع يتخذ من ابوظبي مقراً له، وهو الأول من نوعه في دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، ليس فقط يقوم بإنتاج الذخائر للقوات المسلحة الإماراتية ولكن أيضاً يوظف ويدرب المواطنين الإماراتيين في نطاق البحوث والتطوير. مثل كاركال، بركان مشروع مشترك بين توازن ومؤسسة الجابر التجارية ورينميتال لنظم الذخائر. في أغسطس 2010 بنت بركان مصنع يقدر بالملايين من الدولارات، وبعدها بسنة بدأت بإنتاج أحجام مختلفة من الذخائر الصغيرة، بما في ذلك 9mm و 5.56mm و 7.62mm. أيضاً تجرى التجارب لقنابل الطائرات، الصواريخ، مدفعية الدبابات، مدافع الهاون، وذخيرة المشاة والقوات البحرية. وتأتي القيادة العامة للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة في مقدمة المتعاقدين والشركاء الاستراتيجين مع بركان وهي أهم عملاء الشركة ووقعت معها عقد للضمان المستقبلي لاستلام ذخائر من المستوى الصغير، فيما تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي من أهم الأسواق المستقبلية للشركة في المنطقة، وتوازن كذلك تهدف لتلبية احتياجات الذخيرة لدول المنطقة.


الطائرات بدون طيار: بدأت شركة أدكوم للأنظمة بتصنيع الأنظمة غير المأهولة في دولة الإمارات العربية المتحدة. أنشئت في أواخر الثمانينيات من قبل المواطن الإماراتي علي الظاهري، كانت الشركة تقوم بتصنيع قائمة متنوعة تشمل ولا تقتصرعلى المنتجات المتقدمة في صناعة الطيران مثل الطائرات بدون طيار والتي تعمل بالتحكم عن بعد، وتستخدم كأهداف من قبل متدربين من سلاح الجو. وأدكوم أنتجت الآلاف من الطائرات بدون طيار لحوالي اثني عشرة دولة من الزبائن. الشركة أيضاً تركز على المركبات الجوية غير المأهولة UAVs وتتضمن شراكة مع شركة ماليزية، بحوث التقنية المركبة الماليزية. ووفقاً لتقرير صادر عن أخبار الدفاع Defense News فإن أدكوم أيضاً في محادثات لبيع اثنين من الطائرات بدون طيار Yabhon "الاتحاد 40" للجيش الروسي. ولكن قبل وضع اللمسات الأخيرة على العقد، فإن الجيش الروسي سيجري اختبارات تجريبية للطائرة بدون طيار لتقييم أدائها وما إذا كانت تلبي الاحتياجات التشغيلية.

axil4j.jpg


طائرة بدون طيارمن انتاج أنظمةأدكوم.


في أوائل عام 2013، وقعت شركة أبوظبي الإستثمارية للأنظمة الذاتية وبوينج اتفاقاً بين الشركتين لمعالجة الطلب المتزايد في سوق الشرق الأوسط للأنظمة غيرالمأهولة. والاتفاقية وقعت في معرض أيدكس 2013 بين الشركة التابعة لتوازن والتي يترأسها حميد الشمري، والصانع الأمريكي الكبير للطائرات. ممثلو الشركة قالوا أن الاتفاقية ستمكن أبوظبي الإستثمارية للأنظمة الذاتية من توفير التدريب والدعم وخدمات التسويق للطائرات من دون طيارلطائرة البوينغScanEagle ودمج نظم الطائرات غير المأهولة في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع احتمالات للتوسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقبل ذلك بعام،أعلنت توازن القابضة عن أنها دخلت في شراكة مع دينيل دايناميك لبناء أول منشأة في الشرق الأوسط لتطوير وتصنيع وتجميع وتكامل النظم الموجهة بدقة للذخائر الجوية التقليدية. ويعرف هذا المشروع المشترك بإسم توازن دايناميكس، وتملك توازن 51 في المئة و دينيل 49 في المئة. وأول زبون لهذا النظام الأولى سيكون سلاح الجو الإماراتي، وسوف تقوم توازن دايناميكس بتزويد سلاح الجو الإماراتي ودول أخرى في العالم بالأنظمة الموجهة بدقة وفضلاً عن خدمات إدارة نظام المنتج. في نوفمبر 2013، طلب الجيش الإماراتي عدد من صاروخ الطارق الموجه، والطارق هو عبارة عن عائلة من انظمة توجيه القنابل بطريقة الـ kit، ووفقاً لمديرعام الشركة الأم توازن، حمد المرار، فإن الصفقة بلغت قيمتها 490 مليوندولار،وطبقا لما نشر فإنه يعتبر أكبرعقد لتوازن دايناميكس منذ تأسيسها في سبتمبر 2012. وأعلنت توازن دايناميكس في 19 نوفمبر 2013 أنها ادمجت بنجاح صاروخ الطارق على طائرة ميراج 2000 لسلاح الجو الإماراتي. ومن المنطقي أن الشركة ستدرس الاحتمال القادم لادماج الطارق على مقاتلة لوكهيد مارتن صقر الصحراء F-16E/F من سلاح الجو الإماراتي كما ادمحت على الميراج. أويمكن في المستقبل أن يدمج الطارق على الرافال، أو على التايفون، أو على سوبر هورنيت.



بناءالسفن: في عام 1996 تم إنشاء شركة أبوظبي لبناء السفن، ومهامها بناء السفن، وإصلاحات وتجديدات السفن في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج. والشركة 40 في المئة مملوكة من قبل شركة مبادلة و 10 في المئة من قبل حكومةأ بوظبي و 50 في المئة من قبل العديد من المستثمرين الإماراتيين، وتشير التقارير إلى أن العاملين فيها أكثر من 1200 شخص وتضم حوض بناء السفن وهو الوحيد في المنطقة وتقدم منتجات وخدمات معقدة لدول مجلس التعاون الخليجي مثل القوات البحرية وحرس السواحل وغيرهم من العسكريين والقوات شبه العسكرية، ومشغلي السفن التجارية، في جميع أنحاء المنطقة. وفي عام 2002 افتتح الحوض الجديد لبناء السفن، وتسعى أبوظبي لتحويله إلى منشأة عالمية المستوى قادرة على بناء مجموعة واسعة من السفن الحربية، شبه العسكرية والتجارية من الحديد الصلب والألمنيوم والمواد المركبة.


في يوليو 2012، دشنت أبوظبي لبناء السفن، الشركة الرائدة في مجال بناء السفن وتوفير خدمات الدعم البحري في منطقة الخليج العربي، أول سفينة محلية الصنع من طراز "غناطة" Ghannatha ومجهزة بالصواريخ، وهي من الزوارق الدورية السريعة وتم تطويرها محلياً لصالح البحرية الإماراتية. وكانت شركةأ بو ظبي لبناء السفن قد حصلت على عقد لبناء اثنى عشر من سفينة غناطة جديدة ومطورة ومحدثة ومجهزة بالصواريخ لصالح القوات البحرية الإماراتية بقيمة 254.5 مليون دولار، ومن المتوقع أن تستلم البحرية الإماراتية الاثني عشر سفينة في عام 2014. والصفقة كانت تنقسم لمرحلتين؛ المرحلة الأولى تحويل سفن ناقلات الجنود إلى زوارق قتالية وزوارق مدفعية. وأما برنامج المرحلة الثانية فهو عقد ضخم وقد حصلت عليه أبوظبي لبناء السفن في عام 2009 ولأن المشروع ضخم فلم يكن من الممكن تنفيذه إلا عبر شراكة مع الشركة السويدية "سويدشيب مارتن" وهي الشريك الاستراتيجي لأبوظبي لبناء السفن وتقع عليهما مسؤولية إنشاء سفن المرحلة الثانية، ويعد برنامج تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع غناطة أحد أهم مشاريع بناء السفن، ويشتمل البرنامج على عمليات تجهيز السفن بأحدث أنظمة الدفع المساعدة والتقنيات المتقدمة والأسلحة المتطورة، إلى جانب أجهزة الاستشعار عن بعد، ونظام الإدارة القتالية، ما يجعلها من أبرز وأهم المنصات البحرية القتالية الصغيرة المدمجة المتاحة حالياً، وتحمل السفن منظومة صواريخ ومدفعية. أبوظبي للأنظمة الإلكترونية والتكامل والشركة الايطالية سيليكس سيستميز للتكامل هما المسؤولين عن جميع أنشطة التكامل. والشركة السويدية للسفن البحرية قدمت التصميم الأساسي وقامت ببناء ثلاثة زوارق من فئة غناطة. وفي أوائل عام 2003 كلفت بالمهام، وتم تسليم السفن الاحدى عشرة المتبقية في الأشهر الثمانية عشر اللاحقة. وهذه القوارب قادرةعلى المناورة في جميع السرعات وتعمل في المياه الضحلة، وتهدف لنشر قوات مباشرة على الساحل عبر منحدر القوس هيدروليكيا. ولكنها يمكن أيضا أن تكون بمثابة القيادة والسيطرة، ومركز الاتصال والمراقبة والاعتراض، والعمليات الحربية المضادة للسطح في المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة. أبوظبي لبناء السفن بصدد الانتهاء من تصنيع اثنين وعشرين من الزوارق الاعتراضية السريعة للأبنية التحتية الحرجة والهيئة العامة للحماية الساحلية.
برنامج بينونة الستة سفن من طراز كورفيت، وهو البرنامج البحري الأبرز في الإمارات العربية المتحدة. وتفيد التقارير بأنه المشروع الأكبر والأكثر طموحاً لبناء السفن البحرية في الخليج. بينونة السفينة الحربية، التي يتم تطويرها من قبل الشركة الفرنسية CMN ولكن بنائها يتم في أبوظبي لبناء السفن، ولديها قدرات متعددة المهام بما في ذلك الدوريات والمراقبة والكشف عن الألغام وتجنبها، وعمليات طائرات الهليكوبتر، فضلاً عن القدرات المضادة للطائرات والمضادة للسطح. في فبراير 2014، أبوظبي لبناء السفن دشنت كورفيت "الهيلي" وهي السفينة السادسة والأخيرة من مشروع بينونة.



الصواريخ: شركة الإمارات المتقدمة للإستثمارات التي أنشئت في عام 2006، هي في طليعة المصنعين للصواريخ في دولة الإمارات العربية المتحدة، وحالياً تقوم بتطوير صواريخ موجهة بالليزر بالشراكة مع شركة الدفاع الأمريكية رايثيون. القيادة العامة للقوات المسلحة في دولة الإمارات منحت توازن القابضة عقد لتصنيع صاروخ تالون الموجه بالليزر. وبموجب بنود العقد، فإن توازن سوف تحافظ على الادماج الكامل لنظام تالون في أنظمة الصواريخ الموجودة لدى القوات المسلحة الإماراتية وتمنح برنامج تدريبي لأفراد القوات المسلحة الإماراتية على النظام الصاروخي. ونظام تالون هو أقل تكلفة، وهو خفيف الوزن ومن عيار 2.75 بوصة ويوجد بداخله جهاز البحث الليزري الذي يساعده في اصابة الهدف بدقة. كانت الشركات الإماراتية المحلية قادرة على تلبية متطلبات دولة الإمارات العربية المتحدة الفريدة من نوعها مع التطورات الهائلة مثل أنظمة "جوبارية" Jobariaللدفاع التي صنعت مدفعية صاروخية غير موجهه، وهو نظام غير عادي واطلاق المقذوفات متعددة وقادر على إطلاق 240 قذيفة مدفعية صاروخية متعددة غير موجهة في دقيقتين. النظام عرض في أيدكس 2013 للمرة الأولى، وقد طورت محلياً خلال ثلاث سنوات وهي في الخدمة لدى الجيش الإماراتي.




يرجى الإنتظار قليلاً
سأضع الأجزاء الباقية تباعاً

 
التوصيات

خلال العقد الماضي عملت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية بهدوء على تطوير قدراتهما الصناعية العسكرية، وهو ما ظهرت نتائجه في الوقت الحاضر. لكن، على الرغم من الإنجازات التي حققتها الصناعات الدفاعية في كلا البلدين، فإن للشروع في مسار التصنيع العسكري المحلي الناجح يتوقف على الأهداف المرجوة التي تتطلب على أقل تقدير جهد مكثف للدولة وتحول مجتمعي. الاستقرار السياسي والقيادة الوطنية والوفرة النسبية لرأس المال في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة كانت لهم الأهمية الحاسمة لإنطلاقة التصنيع العسكري في كلا البلدين، لكن للتطوير والترشيد والاستدامة لفترة زمنية طويلة فإن للبلدين فرصة أفضل للنجاح إذا ما طبقتا المجموعة التالية من التوصيات:



وضوح الهدف والاستراتيجية: لتحقيق نتائج أفضل في عملية التصنيع العسكري السعودي والإماراتي، يجب أن يكون الهدف الاستراتيجي والتكتيكي أكثر وضوحاً ودقة. ويبدو أن الرياض وأبوظبي قد قررتا، وهما محقتان في ذلك، أن التكنولوجيا الفائقة والصغيرة الحجم هي أفضل السبل للمضي قدماً نحو تحقيق تصنيع عسكري ناجح، ولكن للمواصلة في هذا النموذج فإن كلتا العاصمتين تحتاجان إلى محددات أكثر وضوحاً للاستراتيجيات الاقتصادية والصناعة العسكرية.



إذا كان الأمن القومي هو السبب المهيمن لبناء الصناعة الدفاعية المحلية، فإن على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة التفكير بجدية أكثر حول سبل الاندماج بشكل فعال في عملية إنتاج الأسلحة المحلية وفي السياق الأوسع للسياسة الدفاعية الوطنية واكتساب الأسلحة. في الوقت الحاضر، لا يبدو أن هناك ربط حقيقي بين عملية اكتساب الأسلحة وعملية تصنيع الأسلحة، فالعمليتين على حد سواء غالباً ما تعملان في طرق منفصة وكل عملية لها منطقها الاستراتيجي والاقتصادي الخاص بها.
نضعها ببساطة ونقول، ينبغي على الرياض وأبو ظبي أن تدركا إن ما تقرران شرائه له تأثير على ما يرغبون إنتاجه وتصنيعه.


سياسة الإنتاج الدفاعي: يبدو أن كلتا العاصمتين لا الرياض ولا أبو ظبي لديهما سياسات إنتاجية دفاعية واضحة. صياغة السياسات الإنتاجية الدفاعية مهمة في رسم جدول أعمال وزارتي الدفاع في البلدين بشكل مقتضب وبشفافية لدعم القاعدة الصناعية الدفاعية المحلية، بدلاً من وضع هذه النوايا في وثائق الشراء الضبابية. وعلاوةعلى ذلك، فإن هذه السياسات تسلط الضوء على الحاجة إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص (بما في ذلك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم) وأيضاً توسيع قاعدة البحوث والتطوير الدفاعية في كلا البلدين. إن خطط وقرارات السعوديين والإماراتيين لشراء الأسلحة تستند على سيناريو التهديدات والذي في المقام الأول مدفوع من قبل الجيش الإيراني والاحتمال غير المتماثل. ونتيجة لذلك، فإن في الغالب شراء الأسلحة يكاد يكون على وجه الحصر رد الفعل. وليس من الواضح إذا ما كان الهيكل الرئيسي للتخطيط طويل الأجل موجود في الرياض وأبوظبي، أو أي وثيقة شاملة للسياسة الأمنية. ولذا، فإن صياغة سياسة واضحة أمر مهم من أجل التناسق بين القرارات القصيرة المدى والخطط الطويلة الأجل.



مؤسسة الدفاع: الصناعة الدفاعية لا يمكن أن تنشأ وسط فراغ مؤسسي. أن عملية التصنيع العسكري ستكسب الكثير إذا قامت الرياض وأبوظبي بتنظيم مؤسساتهما الدفاعية الوطنية من خلال إنشاء مؤسسات ذات مصداقية وموثوقية، وكذلك تتمع بالأطر القانوينة والإدارية الصلبة، لا بد من إضفاء الطابع المؤسسي على عملية الصناعات الدفاعية. وعلى وزارتي الدفاع في الرياض وابوظبي النظر إلى مفاتيح القوة المتعلقة بالدفاع والابتعاد عن حصرها في الملوك أو القادة العسكريين، وعندها ستكون عملية التصنيع العسكري مربحة. وبالتالي ستكون مؤسسات الدفاع مناسبة بشكل مثالي لتنظيم قوات الدفاع وإعداد أهداف وخطط واستراتيجيات الدفاع، وحتى العقيدة الدفاعية.

بإمكان الولايات المتحدة مساعدة شركاءها السعوديين والإماراتيين من خلال وضع الهياكل التنظيمية التي تساعد على دعم علاقات مدنية – عسكرية سليمة. ومع ذلك، نظراً للاختلافات العميقة بين الولايات المتحدة وبين الأوجه السياسية والعسكرية والنظم الثقافية في كلا البلدين السعودية والإمارات، فإن "النقل الجراحي" لن يكون مجدي وبالتالي يجب تجنبه.


نقل التقنية: النهج المتنوع يلبي الاحتياجات الفعلية والحقيقية، وسيكون أكثر فائدة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرياض وأبو ظبي الاستمرارية في تبني سياسة ممنهجة لتدريب المواطنين وتشجيعهم على تعلم المهارات في العمل. وهذا يتطلب المزيد من الاهتمام في تطوير قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. ولرفع المستوى فيما يتعلق بالتعليم العلمي والتقني السعودي والإماراتي يتطلب جهوداً ليس فقط في تحسين نوعية التعليم وأهمية المناهج الدراسية، ولكن أيضا إجراء تدابير محددة وتقديم حوافز للسكان للانضمام إلى مدارس التعليم العلمي والتقني في المرحلتين الابتدائية والثانوية. لقد كان للنقل التكنولوجي عائد بالنفع على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ولكنه أيضا ليس دواء لكل داء. هناك حاجة لقوة عاملة محلية أكثر تعليمأ وأفضل تدريباً لتحقيق أعلى النتائج لنقل التكنولوجيا في المملكة العربية السعودية والإماراتالعربية المتحدة.




البحوث والتطوير، والعلوم والتكنولوجيا: التطوير الأكثر قوة وقدرة لقطاع البحوث والتطوير المحلي ينبغي أن تكون أولوية أخرى للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. ما هو موجود حالياً في كلا البلدين ببساطة غير كافي. يجب إنشاء هيئة تنسيقية في كل بلد لتعزيز القدرة البحثية والعلمية وللمزيد من التفاعل المباشر مع مستخدمي القوات المسلحة والعملاء الأجانب، ولتسهيل وإدارة هذه العملية التفاعلية. أيضاً يجب أن يتوافق التقدم في البحوث والتطوير مع مستويات العلوم والتقنية في المنظمات المستخدمة. ليس هناك فائدة في تعزيز قدرات البحوث والتطوير المحلية إذا ما كان الاستيعاب والتكيف ونشر التكنولوجيات المتقدمة متأخر أو لا يحدث على الإطلاق.




مشاركة القطاع الخاص: لحسن الحظ أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، حكوماتهما لا تفتقران رأس المال، وإمكانياتهما المالية تسمح لهما للسعي وبقوة نحو التصنيع العسكري. ولكن توافر موارد مالية كبيرة هو شيء واحد، ومعرفة كيف وما هي مجالات التمويل لتعزيز العملية هو شيء مختلف تماماً. المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في حاجة إلى ضمان دور أكبر للقطاع الخاص في عملية التمويل. خلاف ذلك فإن الإنتاج الدفاعي سيبقى مملوكاً بالكامل للدولة، وهذا سيكون ضد مسار النشاط الصناعي الدفاعي. المزيد من التنسيق بين الجانب الحكومي والخاص في قطاعات الدفاع السعودية والإماراتية أمر لا بد منه.




برامج التعويض "الأوفست": ينبغي على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة زيادة إدماج برامجهما التعويضية "الأوفست" في الاستراتيجيات الوطنية للتنمية الصناعية. حالياً، من الصعب أن نرى الربط الحقيقي بين برامج الأوفست السعودية والإماراتية، والاستراتيجيات الصناعية الوطنية.


على حين كانت الشركات الدفاعية السعودية والإماراتية قادرة على تأمين عدد من الصفقات الدولية في الآونة الأخيرة، إلا أن يبقى السؤال الكبير ما إذا كان يمكن لهذه الشركات أن تنجح في القيام بذلك دون امتيازات سياسية وتدخلات من حكوماتهم. وعلاوةعلى ذلك، فإن قوة شركات الأعمال التجارية السعودية والإماراتية المحلية في القدرات التقنية العالية ستظل تعتمد على الشركات الأميركية وعبر الأطلسي، على الأقل في المدى المتوسط. ومن أجل الحد من هذه التبعية، يجب على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تحقيق أقصى قدر من التأثير لخلق فرص العمل. وعلى كلا البلدين الاستفادة من الدرس من كوريا الجنوبية عن طريق تحويل نموذج سياسة التعويض "الأوفست" من النقل الحالي للتكنولوجيا الدفاعية الأساسية إلى خلق فرص العمل والتصنيع للتصدير والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.


من وجهة نظر الصناعة الدفاعية الأمريكية، أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ستستفيدان أيضا إذا ما جعلوا برامجهما الأوفست أكثر مرونة وسياسات الأوفست أكثر قدرة على التكيف للشركات. وكما يقول أحد البارزين والتنفيذين في الصناعة الدفاعة الأمريكية "إنهم حالياً يطلقون النار على أنفسهم في القدم"، ويضيف "... بقدر ما نتفق مع سياساتهم التي تأكد على تدريب مواطنيهم وتوظيف شركات مشتركة مع المواطنين، إلا أن التحدي في الوقت الحاضر هو أن ليس هناك عدد كافي من المدراء والخبراء والإداريين والمصنعين والعلماء والفنيين المحليين، وحتى المتوافر منهم لا يصلحون لشغل الوظيفة". منظور آخر من أحد الممثلين في الصناعة الدفاعية البريطانية والذي أعرب بقلق شديد إزاء عدم وجود الشفافية والمساءلة فيما يتعلق ببرامج الدفاع السعودية والإماراتية. قال: "ما مدي حقيقية هذه البرامج؟"، وأضاف: "تفتقد للشفافية وتؤثر سلباً على الاستثمار في الأعمال التجارية. وهناك أيضاً عدم وضوح في عملية إجراء الاستحواذ ... كيف يمكنك استعادة استثمارك؟ وما هي الاستدامة لهذه البرامج؟".



الصيانة، الإصلاح، والعمرة: لقد أدركت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الآثار الإيجابية للصيانة والاصلاح والعمرةعلى الاقتصاد الوطني وخلق المزيد من فرص العمل، والتخطيط الدفاعي، وبالتالي عززت قدرات الصيانة والإصلاح والعمرةعلى مدى سنوات. لقد أنشأت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة العديد من شركات الصيانة والإصلاح والعمرة التي ساعدت على ضمان الاستعداد العملي لجيوشهما، على الرغم من أنه جزئي. الأهم من ذلك، وقعت شركة مبادلة الإماراتية وشركة توازن القابضة وشركة إمارات التقدم الاستثمارية مذكرة تفاهم، في 3 أبريل الماضي في أبوظبي، لاستكشاف فرص التعاون التي يمكن أن تنشأ عن طريق توحيد أعمالهم التجارية الدفاعية وعلى وجه التحديد توطيد عمليات الصيانة والإصلاح والعمرة. إن إنشاء منصة للصناعة الدفاعية المتكاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة تجلب فوائد اقتصادية كبيرة، وترشد سلسلة التوريد، وتحدد نقطة اتصال واحدة للعملاء.



ولكن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل أن يكون لدى الفنيين والمهندسين السعوديين والإماراتيين (حيث في الوقت الحاضرعددهم قليل) القدرة على الحفاظ على أنظمة الأسلحة الأميركية الحديثة وغيرها من أنظمة الأسلحة الغربية بدون مساعدة من العمال الأجانب. على سبيل المثال، التحدي المتمثل في الحفاظ المستقل على نظم الأسلحة الأميركية، يمكن أن يكون تحدياً بشكل خاص وذلك نظراً لتعقيداته، تجربة نظام الإنذار المبكر والتحكم المحمول جواً (أواكس) الأميركي، وكيف كان السعوديون يجدون صعوبة كبيرة في الحفاظ على النظام منذ الثمانينيات. في مايو 2006، تم إجراء تمرين كبير يسمى "سيف السلام" لاختبار الكفاءة على تشغيل أسطول طائرات الأواكس السعودية، ووفقاً لدراسة مؤسسة راند عام 2009، التمرين حدد أوجه قصور خطيرة في الصيانة ومناطق الخدمات اللوجستية الأخرى. وهو ما دفع إلى عملية مشتركة بين الولايات المتحدة والسعودية "عبر مراجعة متينة" لتقييم الحالة. بعض أنظمة الأسلحة الأميركية، مثل الأواكس، تجلب معها إجراءات محددة للصيانة والخدمات اللوجستية، والسياسات، وحتى الفلسفة، وجميعها تستند على الثقافة الأميركية. هذا المثال وغيره يشير إلى الحاجة للمزيد من التركيز على، والاستثمار في قدرات الصيانة والإصلاح والعمرة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.



التعاون الصناعي العسكري الثنائي أو على نطاق أوسع بين دول مجلس التعاون الخليجي: لأن عمليات الشراء والإنتاج الحربي السعودية الإماراتية لديهم الكثير من القواسم المشتركة، فهناك مجال للتعاون والتعاون الثنائي، مما قد يؤدي إلى تطوير قاعدةمشتركة للصيانة والإصلاح والعمرة والخدمات المتكاملة أو التكميلية والبنية التحتية للإنتاج. وهذا من شأنه أن يكون مربح للغاية اقتصادياُ، كما أنه سيسمح لأقصى تبادل من الخبرات والمهارات، وكذلك أوفى، لاستخدام المرافق والقوى العاملة المؤهلة أكثر ولفترات أطول.



منطق التعاون الصناعي في تطوير الأسلحة والصناعات التحويلية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وربما مع دول الخليج العربية الأخرى في دول مجلس التعاون الخليجي سليم، ولكن أيضا ليس جديد. فقد تناولت قمة دول مجلس التعاون الخليجي هذه المسألة عدة مرات في الماضي ولكن لم يتم إحراز أي تقدم حتى الآن. نموذج السبعينيات للتعاون الصناعي العربي، الذي كان على رأسه مصر، فشل ليس لأسباب اقتصادية ولكن لأسباب سياسية. ومع ذلك، فمن الممكن، أن تهديد إيران وعدم اليقين في الشراكة بين الولايات المتحدة ودول الخليج أصبحت عوامل مساعدة لمزيد من التماسك العسكري بين دول الخليج العربية. في ديسمبر 2013، أعلنت في ختام قمة مجلس التعاون الخليجي أن أعضاءه من شأنهم أن ينشأوا قيادة عسكرية مشتركة للتنسيق الدفاعي. ولكن ليس من الواضح كيف ستدار الخلافات السياسية وإذا ما كان المشروع سيرى النور. بعد كل شيء، دول مجلس التعاون الخليجي كانت تدعو لمثل هذه الشبكة الدفاعية المشتركة منذ أوائل الثمانينيات عندما تشكلت مجلس التعاون الخليجي.



الخاتمة


التصنيع العسكري في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة هو نتيجة طبيعية لطموحات البلدين لتأكيد وضعهما الإقليمي المتزايد وكذلك جهودهما على مدى سنوات لتحديث مجتمعاتهما وتنويع اقتصاداتهما.


وعلى الرغم من الإنجازات السعودية والإماراتية في قطاع الدفاع على مر السنين، العديد في واشنطن لا يزالون غير راضين أو مشككين. البعض يعبر عن شكوك جدية حول قدرة أي من البلدين للحد من الاعتماد التكنولوجي على الولايات المتحدة والاعتماد الكبير على الخبرات الخارجية والقوى العاملة الأجنبية. البعض أيضاً لا يعتقد أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قادرتان على إجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية الضروريتين والتي من شأنها أن تسمح لجهود صناعاتهما الحربية تحقيق أعلى مستويات الفعالية والكفاءة. لا يزال البعض الآخر يعزو الضعف الحالي في الصناعات الدفاعية السعودية والإماراتية إلى اختلاف الثقافات مع المجتمعات الغربية ويرون ان الأمل ضعيف في المستقبل.

بعض هذه المخاوف مشروعة، ولكن كثير من الانتقادات متسرعة جداً في رفضها التقدم الصناعي العسكري الكبير في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على مدى العقد الماضي. والبعض يبالغ، أو لا يشخص التحديات القائمة، وبدون عدالة يحدد سقفاً عالياً جداً بمقارنته الظروف الحالية للصناعة العسكرية السعودية والإماراتية بالولايات المتحدة الأميركية وحلفائها وشركائها الأوروبيين. بيد أن ادراج الانجازات السعودية والإماراتية في التصنيع العسكري على قدم المساواة أيضاً من شأنه أن يكون غير دقيق. هناك إجماع بين خبراء الصناعات الدفاعية أن دولة الإمارات العربية المتحدة متقدمة بفارق كبير في جهود الصناعة العسكرية، على الرغم من أن المملكة العربية السعودية لديها امكانات أكبر نظراً لحجم سوقها وأهميتها أكثر، وإن كانت غير مستغلة للموارد البشرية.

إن وتيرة ونطاق وفعالية جهود التصنيع العسكري السعودي والإماراتي سوف تواصل الاعتماد، في كثير من النواحي، على التغيير المجتمعي الأوسع في كلا البلدين. ولكن سيكون مضللاً القول أن الأنظمة السياسية السعودية والإماراتية – بسبب السمات السائدة، بما في ذلك السرية، المركزية المفرطة، الإقصاء، الفساد، وانعدام المساءلة – هي التي تعرقل تماماً عملية التصنيع العسكري. الديمقراطية الليبرالية ليست شرطاً أساسياً للتصنيع العسكري الناجح. وعلاوة على ذلك، فإن الحجج التي تستند على الحتمية الثقافية الغربية غير مفيدة. أكثر ما يهم عندما يتعلق الأمر بالتصنيع العسكري الناجح هو العزم والرؤية والموارد ومجموعة من الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والصناعة العسكرية السليمة. المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة مازالتا تكافحان في صياغة هذه الاستراتيجيات، لكنهما آخذتين في التحسن تدريجياً والتعلم من أعلى شركات الدفاع في العالم، وذلك عن طريق التعاون والشراكة.

ومن الجدير بالذكر أن التصنيع العسكري في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة عملية طويلة الأجل. ومن المرجح أن تستغرق ما بين خمسة إلى خمسة عشر عاماً قبل أن تتمكن أي من الدولتين تصدير منتجات عسكرية على نحو فعال وبشكل مستدام، وأيضاً الاعتماد على قواها العاملة المحلية وقدراتها الفردية لإنتاج الأسلحة لتلبية الاحتياجات الأمنية الوطنية.

أن الرياض وأبوظبي لديهما من الحكمة ما يجعلهما عدم التسرع في هذا العملية، ويدركان أن المسألة مجرد مسألة وقت حتى يتمكنا من إنتاج صناعات دفاعية، ولديهما كل الأسباب ليكونا واثقين بالمستقبل.


المصدر

المجلس الأطلسي
مركز برنت سكوكروفت للأمن الدولي



ترجمة عبير البحرين

 
‘‘‘
‘‘

تم الانتهاء من إدراج الدراسة ولله الحمد
أي سؤال أي استفسار أي توضيح .. أنا حاضرة
 
‘‘‘
‘‘

تم الانتهاء من إدراج الدراسة ولله الحمد
أي سؤال أي استفسار أي توضيح .. أنا حاضرة


الله يوفقك أختي عبير علي كل هذا الجهد الجبار والله يعينا علي قرايتها خلال هاليومين هاذي

شكراً + تقييم
 
مجهود كبير تقومين به اختي عبير وماقصرتي على هذا الموضوع المهم جدا والحساس وفعلا نحن نمر بتحول جذري في شتى المجالات وخاصه في بلدي السعوديه اصبح هناك خطط واستثمار بشكل جدي بشكل عام فالصناعة وبشكل خاص بصناعة الاسلحه ونرى هناك شراكات صناعيه مع كثير من الدول المتقدمه لنقل التقنيه والمعرفه الصناعيه
ومشكوره اختي اخيراً على هذا الطرح الرائع والمهم
 
جزاك الله خير وبيض الله وجهك اختي الفاضلة ..

كلمات الشكر لا توفيك حقك على هذا المجهود الكبير
 
ابداع شكرا عبير البحرين ومجهود رائع بالتوفيق للامارات والسعودية وجميع العرب والمسلمين.
 
يمكن أن نلخص المهم في التقرير:-

- حسب الأمانة العامة لبرنامج الأوفست الاقتصادي السعودي في نهاية عام 2006 تم إنشاء ما يصل إلى ستة وثلاثين من المشاريع الصناعية الخدمية باستثمارات تقدر حوالي 4.5 مليار دولار. وهذه المشاريع التي تم إنشاؤها وفرت أكثر من 6500 فرصة عمل جديدة مع لا يقل عن 56 في المئة من العاملين فيها من المواطنين السعوديين


- من فوائد الأوفست السعودي إنشاء مجمع صناعي متقدم للطيران مع تأسيس شركة السلام للطائرات، وشركة اكسسوارات ومكونات الطائرات، وشركة الشرق الأوسط لمحركات الطائرات والشركة الدولية لنظم الهندسة، وهذه الشركات توفر الصيانة الشاملة و التصليح وخدمات العمرة للقوات المسلحة السعودية والخطوط الجوية السعودية.

- كلا البلدين حققا خطوات إلى الأمام وبالإضافة إلى ذلك فإنهما الآن يقومان بتصميم وتصنيع وتحديث المركبات العسكرية والأنظمة الإلكترونية والاتصالات والأنظمة غير المأهولة بما في ذلك طائرات بدون طيار وأيضاً وإلى حد كبير في قطاع صناعة الطيران قاموا بترقية قدراتهما في صيانة وإصلاح وإعادة تحديث الطائرات. ولذلك اليوم القول المأثور القديم الذي يقول "العرب لا تقوم بالصيانة" لم يعد يعكس الواقع.

- إيضاً التقرير عرج على تطور أداء الأفراد في الدولتين و القدرة الأن على تشغيل كافة النظم التسليحية المتطورة ذاتياً بدون مساعدة من الخبراء الأجانب.


 
اتذكر في بداية التسعينات عندما بدأت أولى خطوات الأوفست كان الكثيرين من المحللين الإقتصاديين يتهكمون على البرنامج وأنه راح يفشل لانعدام الفرص الاستثمارية والبنية التحتية العلمية في البلدين ولكن الأيام أثبتت نجاح رؤية القادة في البلدين وإن شاء الله القادم أحلى ..
** كل الشكر للأخت عبير البحرين على الموضوع الجيد
 
اولا اهلا وسهلا باالاخت الفاضله عبير البحرين

ثانيا عودتك لهذه الكوكبه سوف تضيف الكثير والكثير جدا لهذا المنبر الجميل

حقيقتن اثلج صدري كثيرا عودة قلمك المميز للكتابه من جديد

تحيه خاصه لشخصك ولكافة اهلنا الشرفاء في البحرين الحبيبه

نسال الله ان يديم علينا وعليكم نعمة الامن والامان وان يحفظ كافة بلدان المسلمين من عبث العابثين وشر كل من به شر

تقديري لشخصك الراقي
 
عودة
أعلى