معركة السقيقة الخالدة

إنضم
15 يونيو 2008
المشاركات
342
التفاعل
243 0 0
احتل الايطاليون ترهونة للمرة الأولى عقب معاهدة أوشي لوزان بين إيطاليا وتركيا في يوم 18 ديسمبر 1912 وظلت حاميتهم مقيمة بها إلى أن اندلعت ثورة استرداد المناطق بعد هزيمة الايطاليين في موقعة القرضابية الشهيرة يوم 29 ابريل 1915 والتي قاتلت فيها قبائل ترهونة تحت قيادة المجاهد الساعدي بن سلطان الصالحي حيث ارتفعت الروح المعنوية لليبيين في جميع المناطق وقاموا بمعارك باسلة استردوا فيها كل مناطقهم المحتلة في الدواخل والجبل الغربي والجبل الأخضر بلا استثناء وبقيت القوات الايطالية في بعض المدن المحصنة في الساحل. ونتيجة لمعركة القرضابية سجلت انتصارات باهرة ضد الايطاليين ولا يعرف في سجلات مركز جهاد الليبيين حتى الآن هزيمة نكراء أكبر من هزيمتهم وسحقهم في معركة الشقيقة والتي تعرف عند أهل ترهونة بهذا الاسم وكانت ترهونة آنذاك تحت زعامات متضافرة وهم احمد المريض من قبيلة العواسة ويتزعم المنطقة الشرقية من ترهونة (ربع أولاد أمسلم) والشيخ عبد الصمد النعاس من قبيلة أولاد أمعرف ويتزعم منطقة مجي و(ربع أولاد أمعرف) والمناطق القريبة منها والهادي المبروك المنتصر من قبيلة الحمادات ويتزعم (ربع الدراهيب) وقد كان للمجاهد سويدان الحاتمي من (ربع الحواتم) دور المخادع للقوة الايطالية تماما كما فعل السويحلي في القرضابية وتحقيق الانتصار في معركة الشقيقة.

حيث حوصرت الحامية الايطالية المتمركزة في ترهونة بكاملها مما دفع الحكومة الايطالية إلى محاولة إنقاذها وفك الحصار عنها وسحبها إلى الساحل وعمدت القيادة الايطالية إلى إعداد قوة كبيرة بقيادة الكولونيل روستي في محاولة لدعم الحامية المذكورة وتزويدها بالإمدادات والتموين بعد أن انقطعت عنها كل سبل الاتصال وقد خرجت هذه القوة الكبيرة من العزيزية يوم 12 مايو1915 متجهة نحو ترهونة لفك الحصار عن الحامية المذكورة ولكنها أوقفت في اليوم التالي 13-5-1915 في سيدي بوعرقوب (الرقيعات) و(فم ملغة) واضطرت إلى الانسحاب من شدة المواجهات وتكبدت خسائر فادحة وأسر فيها 200 أسير ايطالي، وقد هبت قوة أخرى من العزيزية لنجدتها بقيادة كولونيل آخر وهو بيليا وقد تمكن هذا من الوصول إلى ترهونة يوم 16-5-1915 إلا أن قافلة الإمداد التابعة له قد انفصلت عنه مما زاد عدد أفراد القوات الايطالية المحاصرة على الحامية الأصلية فبعد أن انفصلت قافلة الإمدادات التابعة لقوة الكولونيل بيليا والتي وصلت إلى ترهونة ولم تتمكن من اللحاق به حيث حوصرت يوم 17-5-1915 في سوق الأحد ترهونة فأبادوها وغنموا ما كان معها من الإمدادات، فاضطرت القيادة الايطالية إلى تجريد قوة أكبر بقيادة الكولونيل مونتي لحراسة قافلة أخرى من الإمدادات ولكنها هوجمت هي الأخرى وقابلت نفس المصير وبعد فشل كل المحاولات لإنقاذ الحامية المحاصرة في ترهونة اتجه الايطاليون إلى إرسال قوة أخرى من القصبات (أمسلاته) بقيادة الكولونيل كاسينس ولكن هذه القوة لم تتمكن من الوصول إلى ترهونة نتيجة للمقاومة العنيفة التي واجهتها في المنطقة، فأبلغت القيادة هذه القوة بقيادة كاسينس للعمل على شغل المقاتلين في ترهونة وجرهم إلى منطقة الداوون شرق ترهونة وذلك لتسهيل انسحاب الحامية المحاصرة والخروج إلى عين زارة عن طريق سوق الأحد على أن تقوم القوات الايطالية في العزيزية وعين زارة بعمليات تشغل المقاتلين عن عملية الانسحاب للحامية المحاصرة.
وفى يوم 18 يونيو تحركت الحامية المحاصرة بعد أن وفرت لها كافة الضمانات من القيادة الايطالية باللاسلكي زيادة على يأسهم من وصول النجدة اضطروا إلى الخروج بعد نفاد ما عندهم من زاد وتموين محاولين الوصول إلى طرابلس مهما كانت التضحية، وقد تركهم المجاهدون عمدا يخرجون إلى المنطقة الجبلية بعد اتصالهم بدليل القوات الايطالية علي سويدان الحاتمي والذي تولى نفس دور رمضان السويحلي في القرضابية المتمثل في خداع العدو وذلك حينما أخبر المجاهدين بمسار القوات بحجة طلبه من قائد الحامية إحضار والدته لتوديعها فسمح له بذلك تحت حراسة مشددة فاخبر والدته بكلمة السر وهي (وادي الشقيقة) ثم أخبرت المجاهدين بما قاله لها ابنها.. ووادي الشقيقة وادي صغير ضيق يقع بالقرب من الشرشارة في منطقة (الثلة) أولاد بوزيد ويمكن لأي شخص زيارته عن طريق مفرق يقع بحوالي 1 كم قبل مفرق مجي سيدي الصيد إلى اليسار من الطريق المزدوج المؤدى إلى ترهونة المدينة وعندما ضاق هذا الوادي بالحامية وأصبحت في منطقة يصعب التحرك فيها انهال الرصاص على الايطاليين من كل جانب وأصبحوا محاصرين في قاع الوادي، وبذلك تم القضاء على معظم أفراد الحامية البالغ عددهم 5000 مقاتل وقد أسر في هذه المعركة المسماة وادي الشقيقة 473 جنديا و31 ضابطا أي ما مجموعه 504 أسير إضافة إلى 200 أسير محتجزين من قبل في معركة بوعرقوب وفم ملغة وقتل في الشقيقة 4061 من الحامية الايطالية. وقد بقى الأسرى ألـ 700 خدما عاملين لمدة سنة لدى عائلات المجاهدين.
وبمناسبة تبادل الأسرى في ترهونة بعد ما يزيد من عام على المفاوضات يوم 28 يوليو 1916 أذاعت وكالة ستيفاني الايطالية ما يلي:
على اثر مفاوضات طويلة أجراها والى طرابلس الغرب بكثير من الصبر والحكمة بموافقة وزير المستعمرات الايطالية تم تبادل الأسرى العرب الذين لدينا بعدد من رجالنا الأسرى في ترهونة وقد بلغ عددهم 31 ضابطا و704 جندي كلهم أسرى وجميعهم في حالة جيدة وقد قوبلوا بمظاهر الفرح والترحاب وقد أبرق معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير المستعمرات إلى الجنرال اميلليو والي طرابلس الغرب وأعرب له باسم الحكومة عن التهاني الحارة.
وتلقت نفس الوكالة يوم 30يوليو 1916 إشعارا يفيد الآتي "تشعر الجالية الايطالية بارتياح كبير لإطلاق الأسرى الايطاليين في ترهونة وتعرب عن ابتهاجها وعرفانها بالجميل والتقدير لحكمة الجنرال اميلليو السياسية وقد أشرفت لجنة من نخبة من المواطنين تحت رعاية لجنة البلدية على احتفالات اشترك في موكبها مختلف فئات الايطاليين وعدد من العرب واليهود يتقدمهم الجنود نافخي الأبواق وحملة الأعلام الوطنية وبيارق مختلف المدن الايطالية وقد أخترق الموكب شوارع المدينة هاتفا بحياة الوالي في حماس شديد وقد ألقى كل من مندوب البلدية الأول والحامي كارتيني خطابين نوها فيهما بالمفاوضات المضنية التي دامت حوالي سنة والتي أجراها الوالي وأشاد بالنجاح الباهر الذي أعلن إحرازه الجنرال اميلليو والي طرابلس الغرب الحازم والمتسم بالصبر الجميل على حد قولهم." هكذا أرادت إيطاليا أن تجعل من هزيمتها النكراء نصرا واحتفالا باسترداد أسراهم المحتجزين في ترهونة في المعركة المنسية الشقيقة.
 
رد: معركة السقيقة الخالدة

مشكور يا اخي ,,,,,ومزيد من الابداع
 
عودة
أعلى