أضخم صفقة نفطية جزائرية خليجية.. هل بدأت مرحلة تغيير قواعد اللعبة؟
مع اقتراب عام 2025 من نهايته، يبرز مشروع “إليزي جنوب” كأحد أهم التحولات الطاقوية التي غيرت قواعد اللعبة في الجزائر، بعد دخوله مرحلة قراءة جديدة خارج منطق الصفقة التقليدية. فالعقد الموقع بين سوناطراك وشركة “مداد للطاقة – شمال أفريقيا” لم يعد مجرد استثمار ضخم بقيمة 5.4 مليارات دولار، بل يبدو اليوم بداية إعادة رسم خريطة الشراكات في شمال أفريقيا، وورقة قوة للمشهد الطاقوي الجزائري خلال العقد المقبل.
ويمتد عقد تقاسم الإنتاج لمدة 30 عامًا قابلة للتمديد لعشر سنوات إضافية، مع فترة بحث واستكشاف مدتها 7 سنوات. ويستند المشروع إلى تمويل كامل من الشركة السعودية، بما يشمل 288 مليون دولار مخصصة لأعمال البحث والتنقيب، وهو ما يضعه في خانة الاستثمارات المباشرة طويلة الأمد.
ويقع حوض “إليزي جنوب” على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب أميناس قرب الحدود الجزائرية مع ليبيا، في منطقة تُعد من الأحواض الواعدة في خارطة الاستغلال الطاقوي بالجنوب.
ويرى مختصون أن المشروع يعكس انتقال الجزائر من مرحلة البحث عن شركاء ظرفيين إلى مرحلة اختيار شركاء استراتيجيين يرتبطون بالتحولات الجيوطاقوية في أسواق الطاقة.
وبالنظر إلى موقع الحقل وحجم احتياطاته، يتوقع أن تمنح الصفقة الجزائر قدرة تفاوضية أكبر في أسواق الغاز والنفط المكرر، خصوصًا مع تغير السياسات الطاقوية الأوروبية واتساع هامش الطلب على مصادر مستقرة وقريبة جغرافيا من القارة العجوز.
كما أن حجم المشروع وطبيعة التمركز الاستثماري تجعله مرشحًا للدخول في منظومة مشاريع مرافقة تشمل منشآت المعالجة، خطوط النقل، وربما مشاريع تحويلية مرتبطة بالهيدروجين الأخضر مستقبلًا. وهو ما يمنح الصفقة بعدًا صناعيًا أبعد من مجرد إنتاج تقليدي، ويضعها ضمن مسار التحول الذي تعيشه الجزائر لزيادة حضورها الطاقوي في الأسواق الإقليمية والدولية.
وتمثل هذه الصفقة خطوة مفصلية بالنظر إلى حجم الاحتياطات المستهدفة، إذ تشير بيانات سوناطراك إلى أن الإنتاج المأمول بنهاية الفترة التعاقدية يبلغ نحو 993 مليون برميل مكافئ نفط.
ويشمل ذلك 125 مليار متر مكعب من الغاز الموجه للتسويق، وهو حجم يعكس توجهًا واضحًا نحو تعزيز مكانة الجزائر في سوق الغاز الموجه للتصدير، إلى جانب إنتاج مرتبط بالمحروقات السائلة يقدر بنحو 204 ملايين برميل موزعة بين 103 ملايين برميل من غاز البترول المسال و101 مليون برميل من المكثفات، وهي مواد تدخل في سلاسل القيمة الصناعية وقطاع البتروكيماويات.
في المقابل، تستند الخطة الاستثمارية إلى اعتماد حلول تكنولوجية ورقمية في مراحل التنفيذ، مع مراعاة المتطلبات البيئية المرتبطة بالنشاط الطاقوي.
ويعزز طول المدة الاستثمارية، الممتدة لثلاثة عقود قابلة للتمديد، تصنيف المشروع ضمن خانة الاستثمارات الهيكلية التي تراهن عليها الجزائر لرفع الإنتاج وتطوير البنية التحتية، بدل المشاريع قصيرة الدورة الإنتاجية.
وبهذه المعطيات، لا يظهر مشروع “إليزي جنوب” كصيغة تقليدية لعقد استكشاف فقط، بل كبداية مرحلة جديدة في حضور الاستثمارات الخليجية في الجنوب الجزائري، ما يفسر ظهوره في نهاية 2025 كملف محوري داخل قراءة الخريطة الطاقوية المقبلة للبلاد
"سهم ميديا" جريدة الكترونية متخصصة في الاقتصاد وشعارها "نافذة على اقتصاد الجزائر الجديدة". معتمدة رسميا من طرف وزارة الاتصال وتعد واحدة من أهم المؤسسات الإعلامية القليلة المتخصصة في الميدان الاقتصادي في الجزائر. بالإضافة الى المقالات التحليلية والتقارير الميدانية والروبورتاجات التعريفية...
www.sahm-media.dz