بوابة تركيا الاقتصادية

كلامك صحيح وذاك ذبابة تعمل على الكذب والتشويه وتزوير التاريخ كما يطلب منه مشغلوه





سكة حديد الحجاز
===




قبل قرن كامل مضى، وبالتحديد عام 1908م، كانت القطارات البخارية تنطلق من محطة قطار "حيدر باشا" بإسطنبول إلى المدينة المنورة، معلنة أن حلماً صعب المنال قد أضحى حقيقة تدركها الأبصار والأسماع.

فقد كان الأول من سبتمبر عام 1908م، هو يوم اكتمال خط حديد الحجاز وانطلاق رحلته الأولى بعد ثمانية أعوام من عمل شاق متواصل أسفر عن خط سكة حديدية تجاوز طوله 1400 كم. فاستحال به خريف عام 1908م -مع ما فيه من الأزمات والمشكلات- مسرحا تزاحمت فيه آمال المسلمين وطموحاتهم في شتى ربوع الأرض مستبشرين ببعث جديد. وأضحى حلم مشاهدة سحب الدخان الكثيفة وهي تنبعث من القطار البخاري المنطلق من إسطنبول إلى الأراضي الحجازية، حقيقة قد تجسدت على أرض الواقع بعد أن كان ضربا من الخيال.


فكرة المشروع
==

عُرف خط حديد الحجاز في السجلات العثمانية باسم " خط شمندفر الحجاز "، أو " خط حديد الحجاز الحميدي "، وامتد بين الشام (دمشق) والمدينة المنورة. حيث ينطلق الخط من الشام ماراً بعمَّان ومعان ثم بتبوك ومدائن صالح وصولا إلى المدينة المنورة. وكان في خطة المشروع الحجازي أن يمتد بعد ذلك إلى مكة المكرمة ومن هناك إلى جدة، بيد أن أياً من ذلك لم يتحقق.

وإن تكن فكرة إنشاء الخط الحجازي قد طُرحت أول ما طُرحت في عهد السلطان عبد العزيز، إلا أنها تحققت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. ولما كانت جهود السلطان عبد الحميد الثاني منصبة على العمل من أجل إيقاف تمزق الدولة العثمانية وانهيارها أو تعطيله على الأقل، فقد أخذ على عاتقه إنجاز مشروع الخط الحجازي.

أوكل السلطان عبد الحميد الثاني مهمة تنفيذ هذا المشروع العملاق لـ" أحمد عزت باشا العابد الدمشقي" والمعروف في التاريخ باسم " عزت باشا العربي ". ويتضمن المشروع، إنشاء خط سكة حديد الحجاز ليربط بين خط سكة حديد الأناضول وخط سكة حديد بغداد، وكذلك تأسيس شبكة اتصال تلغرافية بمحاذاة ذلك الخط الحديدي؛ حيث كان السلطان عبد الحميد الثاني يؤمن بأن هذا سيحقق له سهولة وسرعة في عمليات الاتصال والمتابعة بين مركز الدولة العثمانية وولاياتها في الشام والحجاز.



البواعث والأهداف
==


ثمة مجموعة من البواعث والأهداف دفعت السلطان عبد الحميد الثاني لإنشاء الخط الحجازي والشبكة التلغرافية. وتنوعت هذه الأهداف بين دينية وعسكرية واقتصادية وحضارية وسياسية.ويأتي الهدف الديني في مقدمة هذه الأهداف، حيث استهدف مشروع الخط الحجازي خدمة حجاج بيت الله الحرام من خلال توفير وسيلة سفر يتوفر فيها الأمن والسرعة والراحة، وحماية الحجاج من غارات البدو ومخاطر الصحراء التي كانوا يتعرضون لها في الطريق البري ومن هجمات القراصنة في الطريق البحري، إضافة إلى توفير إمكانات وفرص أكبر للراغبين في أداء فريضة الحج نتيجة انخفاض تكلفة الحج الذي سيحققها ذلك المشروع، مما سيزيد من عدد حجاج بيت الله الحرام.

ويحتل الهدف العسكري مكانة متميزة بين أهداف الخط الحجازي، إذ كان يستهدف تسهيل التحركات العسكرية وحشد الجيوش بُغية التصدي لأية هجمات خارجية قد تتعرض لها مناطق الحجاز والبحر الأحمر واليمن، وإحكام السيطرة على البقاع الجغرافية ذات التوتر السياسي الدائم. وبهذه الكيفية تشعر المنطقة بقوة الإدارة المركزية للدولة العثمانية.

أما الهدف التجاري فتمثل في إنعاش الاقتصاد الراكد بالمنطقة من خلال تحقيق نهضة تجارية واقتصادية لمدن الحجاز وكافة المدن الواقعة على امتداد الخط، وإحداث عملية رواج للمنتجات التجارية والزراعية من خلال نقلها نقلاً سريعا بالقطار إلى المناطق الأخرى، بل وكان من المخطط له مد الخط الحديدي تجاه أحد موانئ البحر الأحمر؛ ما يؤدي إلى زيادة الأهمية الاقتصادية والتجارية للخط زيادة واضحة. وبهذه الكيفية كانت طرق التجارة ستنتقل من قناة السويس إلى خط حديد الحجاز.

ومع إنجاز هذا المشروع العملاق بتمويل وكوادر عثمانية، كان سيثبت للدول التي تطمع إلى تفريق الدولة العثمانية وتريد التهامها وعلى رأسها الدول الأوربية، أن ثمة منجزات حضارية عظيمة يمكن للعثمانيين تحقيقها دون الحاجة إلى اللجوء إليها.

وكان للسلطان عبد الحميد الثاني أهدافٌ سياسية مهمة وراء إنشاء الخط الحجازي. إذ اعتقد بأن إنجاز هذا المشروع يعني تحقيق قدر من الاستقلالية للدولة العثمانية عن أوربا، عسكريا وسياسيا واقتصاديا وتقنيا. فالسلطان عبد الحميد الثاني والذي عُرف بتميزه عن سابقيه بحرصه على بقاء الخلافة العثمانية وحمايته لها، كان يبذل ما بوسعه بُغية توحيد صفوف المسلمين وتشكيل "اتحاد إسلامي" لمواجهة الأطماع الأوربية الاستعمارية وهجماتها الغاشمة على الدولة العثمانية، إضافة إلى دعمه لحركة "الجامعة الإسلامية" التي دعت إلى تكتيل جميع المسلمين داخل الدولة العثمانية والمناطق المختلفة من العالم خلف راية الخلافة العثمانية.

ولعل خط حديد الحجاز يعتبر من أروع إنجازات السلطان عبد الحميد الثاني الرامية إلى الحفاظ على وحدة أراضي الدولة العثمانية.


الإنشاء والتنفيذ
==


يتحدث السلطان عبد الحميد الثاني عن الخط الحجازي في مذكراته بقوله: " أخيراً تحقق الخط الحجازي؛ ذلك الحلم الذي طالما راود مخيلتي. فذلك الخط الحديدي لم يكن فقط مصدرا اقتصاديا للدولة العثمانية، بل كان في الآن ذاته يمثل مصدراً بالغ الأهمية من الناحية العسكرية من شأنه تعزيز قدرتنا العسكرية على امتداده ".

وقد أصدرت الإدارة السلطانية الخاصة قراراً بالبدء في إنشاء خط حديد الحجاز في الثاني من مايو عام 1900م، وفي الأول من سبتمبر عام 1900م، والذي يوافق العام الخامس والعشرين لجلوس السلطان عبد الحميد الثاني على عرش الدولة العثمانية، تم تدشين العمل في خط الحديد بين الشام ودرعا في احتفال رسمي مهيب.

ووصل خط الحجاز إلى عمّان عام 1903م، وإلى معان عام 1904م. وفي الأول من سبتمبر عام 1905م اكتملت المرحلة الأولى من خط الحجاز، وانطلقت أولى رحلات القطار بين الشام ومعان لنقل الركاب والبضائع.

وفي الأول من سبتمبر 1906م وصل الخط إلى مدائن صالح، ثم في 31 أغسطس 1908م وصل إلى المدينة المنورة. وخلال الثمانية أعوام التي جرى فيها تنفيذ خط الحجاز وصل طول الخط إلى 1464 كم. ومع إضافة الخطوط الفرعية الأخرى في المراحل اللاحقة بلغ طول الخط 1900 كم عام 1918م.




القوى البشرية العاملة
===


وكان الجيش العثماني هو المصدر الرئيسي للقوة العاملة في إنشاء خط حديد الحجاز. وساهم أيضاً في إنشاء هذا الخط عمال توافدوا من مناطق جغرافية مختلفة من العالم الإسلامي في مقدمتها سوريا والعراق. ولما كانت أعداد أولئك العمال الوافدين محدودة، فقد تحمل الجنود العثمانيين معظم أعباء ذلك المشروع. وكان الجنود يتقاضون أجوراً ضئيلة خلال فترة عملهم في المشروع، في مقابل السماح لهم بالانتهاء من الخدمة العسكرية قبل عام من موعدها المحدد.


تولى منصب كبير مهندسي الأعمال الفنية، مهندس ألماني يُدعى " مايسنر باشا "، وعمل تحت قيادته أربعة وثلاثون مهندسا، سبعة عشر منهم عثمانيون والآخرون كان معظمهم من الألمان، بالإضافة إلى مهندسين من إيطاليا وفرنسا والنمسا وبلجيكا واليونان.

وبعد وصول الخط الحديدي إلى محطة مدائن صالح أصبح الجزء المتبقي من الخط داخل حيز المنطقة الحرام. ولما كان من المحظور شرعاً دخول غير المسلمين إلى هذه المنطقة، فقد جرى إنشاء الخط الواقع بين مدائن صالح والمدينة المنورة كله بأيدي مهندسين وعمال مسلمين.

ومع تقدم العمل في المشروع ازدادت خبرة العثمانيين، وعليه قلت أعداد المهندسين الأجانب في المراحل المتقدمة منه أمام أعداد المهندسين المسلمين التي كانت تزداد يوما بعد يوم. ومن ثم تميز خط حديد الحجاز بوصفه مشروعا عمل فيه الكثير من المهندسين المسلمين، قياسا بخط حديد الأناضول وخط حديد بغداد.


تضحيات بطولية
==

استغرق إنشاء الخط الرئيسي لطريق الحجاز ثمانية أعوام، وعمل فيه نحو خمسة آلاف عامل معظمهم من الأتراك وبعضهم من العرب وبعضهم من أجناس مسلمة أخرى. ولا شك أن قيام الجنود العثمانيين بالعمل في هذا المشروع قد خفض كثيراً من النفقات.


وهو ما يأتي في مقدمة العوامل المهمة في إنجاز هذا الخط الحديدي. كما كان لتدين الجنود العثمانيين وحبهم للنبي صلى الله عليه وسلم دوره البالغ في إنجاز هذا العمل في فترة تُعد قصيرة، حيث قاموا بشق الطرق عبر الفيافي والقفار والجداول والوديان.


ولعل الفضل في إنشاء هذا الخط الحديدي يرجع إلى أولئك الشجعان البواسل الذين قدموا من الأناضول لإنشاء وتركيب تلك الخطوط الحديدية في صحاري شبه الجزيرة العربية.


وإذ يقوم أولئك البواسل بنصب قضبان السكك الحديدية وأعمدتها وتشييد محطاته، كانوا ينصبون أيضاً الشواهد لقبور شهدائهم؛ حيث استشهد خلال إنشاء خط السكة الحديدية الكثير من الجنود العثمانيين، إما عطشاً تحت نيران الشمس الحارقة بسبب نقص المياه، وإما من سوء التغذية، فضلاً عمن استشهدوا بسبب حوادث العمل أو غارات البدو.


ولقد انتشرت شواهد قبور هؤلاء الشهداء العثمانيين البواسل على امتداد خط السكة الحديدية حتى المدينة المنورة جنباً إلى جنب مع محطات القطار. وإن تكن آثار وبقايا هذا الخط الحديدي لا تزال موجودة إلى اليوم، فإن قبور معظم أولئك البواسل وأسماءهم قد طوتها صفحة النسيان ولم يعد لها وجود.


فيكفي أن نعلم أن عام 1908م وحده قد شهد أكثر من 126 غارة من غارات البدو على خط حديد الحجاز، فضلاً عن مشكلات نقص المياه وظهور بعض الأمراض وتدخلات الدول الأجنبية.. وهو ما يعطي لنا مؤشراً مهماً لفهم أسباب البطء في تنفيذ المشروع.


الموقف الأوربي
=


تلقت أوربا الإعلان عن الخط الحجازي بدهشة بالغة، واعتبرت إقدام الدولة العثمانية على مشروع مثل هذا ضرباً من الخيال، حيث كانت الدولة العثمانية آنذاك في وضع اقتصادي متدهور أوشكت فيه على الإفلاس بسبب ديونها الخارجية والداخلية؛ حتى أن بعض الصحف الأوربية آنذاك قد تطاولت عبر صفحاتها على المشروع والسلطان عبد الحميد الثاني بالاستهزاء والسخرية، وخصصت لذلك أخباراً مطولة ورسوما كاريكاتيرية بذيئة.

ومع التقدم في إنشاء الخط وإظهار القائمين عليه لتضحيات كبيرة، أخذت الدول الأوربية تضع العراقيل للحيلولة دون إكمال العثمانيين لهذا المشروع. وكانت بريطانيا وفرنسا في مقدمة هذه الدول.


فأسرعت تلك الدول ولا سيما بريطانيا للحيلولة دون مساندة الشعوب التي تخضع للاستعمار البريطاني لهذا المشروع، حيث قامت بنشر الشائعات بين المسلمين الهنود الذين يقومون بالتبرع لإقامة الخط الحجازي، وأطلقت شائعات مثل أن "التبرعات لا تُستخدم في إنشاء الخط الحجازي".

بيد أن هذه المحاولات قد باءت بالفشل التام، واستمر المسلمون الهنود في جمع التبرعات وإرسالها إلى الدولة العثمانية. كما حظر الاستعمار البريطاني على مسلمي الهند تعليق "وسام خط حديد الحجاز" الذي يُمنح لكبار المتبرعين.

وقد سعت بريطانيا إلى استعمال شتى الطرق من أجل انسحاب العثمانيين من الأراضي المقدسة بعد الحرب العالمية الأولى. ومما يلفت النظر هنا أن تعطيل خط حديد الحجاز كان أول ما قامت به بريطانيا بعد انسحاب العثمانيين من مكة والمدينة المنورة؛ إذ كانت تنظر إلى الخلافة العثمانية باعتبارها التهديد الأكبر ضد طموحاتها الإمبريالية في الشرق الأوسط والشرق الأقصى، ومن ثم فقد شعرت بارتياح شديد بعد أن قامت بقطع الروابط بين الأناضول وشبه الجزيرة العربية من خلال تعطيل الخط الحجازي.


أما فرنسا فقد سعت لفرض القيود والعقبات أمام إنشاء خط حديد الحجاز من خلال الموانئ التابعة لإدارتها؛ حيث فرضت ضرائب جمركية باهظة على مستلزمات خط الحديد، وعطلتها داخل الموانئ فترات طويلة.

وإن تكن كل هذه العقبات قد أبطأت من معدل إنجاز الخط، إلا أنها لم تستطع أبداً إيقاف عجلة التقدم نحو الانتهاء من تنفيذ المشروع. واكتمل خط حديد الحجاز رافعاً راية العصيان والتحدي في وجه الاستعمار الأوربي، ومعلناً أن قلب "الرجل المريض" لا يزال ينبض بالحياة.



المصادر المالية
==

كان فترة سلطنة السلطان عبد الحميد الثاني من أصعب فترات الدولة العثمانية من الناحية الاقتصادية. ولم يأل السلطان عبد الحميد جهداً من أجل سداد الديون الخارجية الضخمة التي ورثها عن أسلافه. ورغم أنه قد اضطر للحصول على قروض خارجية ضئيلة في بعض الأوقات، إلا أن ما قام بسداده كان يفوق بكثير ما اقترضه. وكان يدرك أن الديون الخارجية تزعزع هيمنة الدولة، والديون الداخلية تزعزع سلطتها. ومن ثم لم يفكر في الحصول على أي قروض خارجية لتمويل إنشاء خط حديد الحجاز.

وكانت التبرعات -وللمرة الأولى في تاريخ الدولة العثمانية- هي المصدر الأول لتمويل هذا المشروع الضخم. فكان تمويل خط حديد الحجاز من تبرعات المسلمين في شتى أنحاء العالم دون أن تشوبه أي مساهمة من الدول الأجنبية على النقيض من خطي سكة حديد الأناضول وبغداد اللذين أقيما بتمويل أجنبي.


وكانت الدولة العثمانية قد خصصت 18% من ميزانيتها لإنشاء هذا الخط، بيد أن تلك النسبة اعتُبرت ضئيلة للغاية عندما تم الإعلان عن أن إنشاء الخط سيتكلف نحو ثمانية مليون ليرة عثمانية. ومن ثم برز الاحتياج الشديد للأموال اللازمة لتنفيذ المشروع. ذلك المشروع الذي اعتبره المسلمون بمثابة "مسألة عزة وكرامة" أمام أوروبا. وأراد السلطان عبد الحميد أن يجنب دولته المزيد من الاستدانة، وأن يكون تمويل المشروع الحجازي بأموال إسلامية تماماً. فوجه نداءً إلى العالم الإسلامي من أجل التبرع للمشروع، ليدشن بذلك حملة تبرعات قلّ أن نجد لها نظيراً في تاريخ العالم.


وبدأت حملة التبرعات الأولى في مايو عام 1900م، بأن تبرع السلطان عبد الحميد الثاني من جيبه الخاص بخمسين ألف ليرة عثمانية، ودعا المسلمين كافة للمشاركة في هذه الحملة، سواءً كانوا ممن يعيشون في الأراضي العثمانية أو في غيرها.


ومن بعد السلطان تبرع الباشاوات العثمانيون، ثم أقبل موظفو الدولة والتجار والبائعون والجنود والشعب على المشاركة في هذا التنافس الخيري. ولقي نداء السلطان عبد الحميد استجابة تلقائية وفورية بين كافة المسلمين في شتى بقاع العالم، حيث اقتطع المسلمون من أقواتهم ومدخراتهم للمساهمة في تمويل الخط الحجازي.

بل إن دولة ذات صراع تاريخي مع الدولة العثمانية مثل إيران قد جمعت أيضاً مقداراً من التبرعات -وإن كان ضئيلاً- وأرسلته إلى إسطنبول. وانهالت التبرعات التي جاءت من مناطق مترامية الأطراف مثل الهند وأفغانستان، ومن دول أخرى مثل الجزائر والسودان وتونس وليبيا وإندونيسيا وماليزيا. وتدفقت التبرعات من كافة أرجاء العالم؛ فجاءت التبرعات من الشعوب التركية في آسيا الوسطى، ومن مسلمي أوربا وأفريقيا وأمريكا.


وذلك رغم كل المحاولات التي قامت بها الدول الأوربية لصرف هذه الشعوب المسلمة عن هذا المشروع وإقناعهم بعدم جديته. وأصبحت التبرعات التي تم جمعها من الضخامة ما تكفي لإنشاء ثلث الخط الحجازي.

وحرصت الدولة العثمانية على تكريم المتبرعين من خلال منحهم نياشين وأوسمة مصنوعة من الذهب والفضة تخليداً لذكرى الخط الحجازي. وإضافة إلى ما تم جمعه من تبرعات، فقد اضطرت الدولة العثمانية إلى الاقتطاع الإجباري من مرتبات موظفي الدولة من أجل الإسهام في إنشاء الخط. وجدير بالذكر هنا أننا لا نكاد نجد شكوى واحدة من أولئك الموظفين بسبب هذا الاقتطاع الإجباري من رواتبهم. وهو ما يُعد إشارة واضحة على أن الأمة التي تلتف حول هدف واحد، قادرة على التضحية بكل غالٍ ونفيس في سبيل تحقيق ذلك الهدف. وتاريخ الأتراك في الفترات اللاحقة يشهد على أحداث مشابهة لتلك التضحيات، تجلت فيها هذه الروح والفكرة والعقدية دون أن يعتريها خلل أو عطب.

كما حرصت الدولة أيضاً على اقتطاع جزء من دخلها العام لتمويل المشروع الحجازي، فأصدرت طوابع تمغات متعددة الفئات المالية في كافة دوائرها الحكومية والبيروقراطية، وجمعت جلود الأضاحي وباعتها وحملت عائداتها إلى ميزانية المشروع. إضافة إلى أن نظام البدء الفوري في تشغيل رحلات الركاب والبضائع في الأجزاء التي اكتملت من الخط الحديدي، كانت مصدراً آخر من مصادر التمويل.

ورغم الانتهاء من إنشاء المشروع الحجازي، وانسحاب العثمانيين من المنطقة مع حلول عام 1918م، وتخريب الخط ونسف جسوره وانتزاع قضبانه مع نشوب الثورة، إلا أن التبرعات لم تتوقف وظلت تتدفق من مختلف أنحاء العالم. ولا ريب أن هذه الهمة العالية والتنافس في فعل الخيرات قد أظهر للعالم كله مدى عمق الأخوة الإسلامية وقوتها ورحابتها.



حركة القطار
==


في الأول من سبتمبر عام 1908م والموافق للعام الثاني والثلاثين من جلوس السلطان عبد الحميد الثاني على عرش الدولة العثمانية، قام بافتتاح خط حديد الحجاز وسط مراسم رسمية مهيبة. وكانت قبل ذلك "لجنة خط حديد الحجاز" قد قامت نيابة عن السلطان بافتتاح المحطات الممتدة على خط سكة الحديد في احتفالات رسمية أيضاً.

وكان لغير المسلمين أيضاً الحق في استخدام المحطات البينية الموجودة على خط حديد الحجاز، غير أنه لم يكن من المسموح لهم الوصول بالقطار إلى المدينة المنورة، وكان للخط دور في نقل الأموال. وأسدى قطار الحجاز خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام، واستُخدم أيضاً في بعض الأغراض العسكرية مثل نقل الجنود من منطقة إلى أخرى. كما قام القطار بنقل البضائع بين المناطق المختلفة، وهو ما أحدث انتعاشة في الحياة الاقتصادية والتجارية.


وتحددت أوقات تحرك القطارات وفقاً لمواقيت الصلاة. فكانت القطارات تتحرك على نحو لا يخل بأوقات الصلاة. فإذا ما دخل وقت الصلاة توقف القطار وتوجه الركاب لأداء الصلاة في العربة المخصصة لذلك.


الدلالة الدينية
====


قد تكون نظرتنا قاصرة إذا نظرنا إلى البعد الديني للخط الحجازي في نقله للحجاج فحسب. فالقطار الحجازي كان يؤدي في الوقت ذاته مهمة عريقة، ويحافظ على تقليد يضرب بجذوره في التاريخ وهو إرسال "الصرة السلطانية" إلى الحجاز.


وكان السلاطين العثمانيون كلهم تقريباً يقومون بتجهيز قدر كبير من الأموال عُرف بـ" الصرة السلطانية " وإرسالها إلى الحجاز.

وهو تقليد يرجع بجذوره إلى العباسيين ثم إلى العثمانيين اعتباراً من السلطان العثماني "يلديرم بايزيد".



وكانت " الصرة السلطانية " قديما تبدأ رحلتها في بداية كل ثلاثة أشهر عبر الطريق البري. وعرفت الطريق البحري مع استخدام السفن البخارية منذ عام 1864م، ثم أصبح لها مكانها الخاص في القطار الحجازي بعد عام 1908م. وكانت أموال "الصرة السلطانية" مخصصة للإنفاق على كافة الخدمات في مكة المكرمة والمدينة المنورة، مثل شؤون الإعمار والإصلاح وغيرهما، ودفع رواتب العاملين هناك. كما كانت أيضاً مصدراً من مصادر توفير الراحة وتيسير مناسك الحج لزوار بيت الله الحرام. إضافة إلى أن القطار الحجازي قد وفر لوفد "الصرة السلطانية" رحلة سريعة ومريحة وآمنة.

وأخيرًا وبهذه المناسبة نتوجه بخالص العرفان بالفضل والدعاء بالرحمة لأولئك الذين عملوا على إنشاء خط سكة حديدية الحجاز، وأولئك الذين سقطوا شهداء خلال أداء واجبهم فيه، وأولئك الذين اقتطعوا من أقواتهم ومدخراتهم للمساهمة فيه، وأولئك الذين بذلوا النفس والنفيس بكل تجرد وإخلاص لذلك المشروع.
ــــــــــــــــ



(*) الترجمة عن التركية: د. طارق عبد الجليل.
--------------------------------
(*) كاتب وباحث تركي.




منقول
http://www.hiramagazine.com/archives...D=323&ISSUE=16




باشاوات الدولة العثمانية في دمشق يوم تدشين محطة الحجاز عام 1908

show_53402f51-a631-4e77-96e3-196da3366a70.jpg


لوفد السلطاني جلوساً من اليمين: الفريق بحري باشا - مندوب السلطان عبد الحميد الثاني رحمي باشا - المدير العام للخط الحجازي كاظم باشا - المشير رضا باشا.

وقوفاً من اليمين: الأمير ألاي ناجي بك - مدير المدفعية زري باشا - عبد الرحمن باشا اليوسف أمير الحج الدمشقي - محمد باشا العظم - جواد باشا مشير الشام.


نصهم دمشقية وحلبية ومقدسية .... غريب مو


أحمد عزت باشا العابد (( دمشقي)) مستشار السلطان عبد الحميد الثاني - 1900 المشرف على مشروع سكة حديد الحجاز

show_4e9472a8-b338-4e80-aadc-312a7f12ef07.jpg



وزير الأوقاف العامة في الدولة العثمانية فوزي باشا العظم ( دمشقي من اصل ادلبي ) عام 1911

show_0e41c067-3cbc-40e7-a44c-9e358d928164.jpg


كان محمد فوزي باشا العظم (( معرة النعمان - ريف ادلب)) واحداً من العرب الأكثر تأثيراً في بلاد الشام في زمن الدوله العثمانية ، والمقرب جداً من السلطان عبد الحميد الثاني.


تولى مديرية الأشغال العامة في السكة الحجازية , ثم رئيس مجلس بلدية دمشق , ثم تقلد وزارة الأوقاف العامة والشؤون الدينية في الدولة العثمانية سنة 1911 .



انطلاق أول قطار من محطة الحجاز بدمشق الى المدينة المنورة عام 1913

show_ee704a01-a659-42a5-ad23-17a56adeb978.jpg



 
كلامك صحيح وذاك ذبابة تعمل على الكذب والتشويه وتزوير التاريخ كما يطلب منه مشغلوه





سكة حديد الحجاز
===




قبل قرن كامل مضى، وبالتحديد عام 1908م، كانت القطارات البخارية تنطلق من محطة قطار "حيدر باشا" بإسطنبول إلى المدينة المنورة، معلنة أن حلماً صعب المنال قد أضحى حقيقة تدركها الأبصار والأسماع.

فقد كان الأول من سبتمبر عام 1908م، هو يوم اكتمال خط حديد الحجاز وانطلاق رحلته الأولى بعد ثمانية أعوام من عمل شاق متواصل أسفر عن خط سكة حديدية تجاوز طوله 1400 كم. فاستحال به خريف عام 1908م -مع ما فيه من الأزمات والمشكلات- مسرحا تزاحمت فيه آمال المسلمين وطموحاتهم في شتى ربوع الأرض مستبشرين ببعث جديد. وأضحى حلم مشاهدة سحب الدخان الكثيفة وهي تنبعث من القطار البخاري المنطلق من إسطنبول إلى الأراضي الحجازية، حقيقة قد تجسدت على أرض الواقع بعد أن كان ضربا من الخيال.


فكرة المشروع
==

عُرف خط حديد الحجاز في السجلات العثمانية باسم " خط شمندفر الحجاز "، أو " خط حديد الحجاز الحميدي "، وامتد بين الشام (دمشق) والمدينة المنورة. حيث ينطلق الخط من الشام ماراً بعمَّان ومعان ثم بتبوك ومدائن صالح وصولا إلى المدينة المنورة. وكان في خطة المشروع الحجازي أن يمتد بعد ذلك إلى مكة المكرمة ومن هناك إلى جدة، بيد أن أياً من ذلك لم يتحقق.

وإن تكن فكرة إنشاء الخط الحجازي قد طُرحت أول ما طُرحت في عهد السلطان عبد العزيز، إلا أنها تحققت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني. ولما كانت جهود السلطان عبد الحميد الثاني منصبة على العمل من أجل إيقاف تمزق الدولة العثمانية وانهيارها أو تعطيله على الأقل، فقد أخذ على عاتقه إنجاز مشروع الخط الحجازي.

أوكل السلطان عبد الحميد الثاني مهمة تنفيذ هذا المشروع العملاق لـ" أحمد عزت باشا العابد الدمشقي" والمعروف في التاريخ باسم " عزت باشا العربي ". ويتضمن المشروع، إنشاء خط سكة حديد الحجاز ليربط بين خط سكة حديد الأناضول وخط سكة حديد بغداد، وكذلك تأسيس شبكة اتصال تلغرافية بمحاذاة ذلك الخط الحديدي؛ حيث كان السلطان عبد الحميد الثاني يؤمن بأن هذا سيحقق له سهولة وسرعة في عمليات الاتصال والمتابعة بين مركز الدولة العثمانية وولاياتها في الشام والحجاز.



البواعث والأهداف
==


ثمة مجموعة من البواعث والأهداف دفعت السلطان عبد الحميد الثاني لإنشاء الخط الحجازي والشبكة التلغرافية. وتنوعت هذه الأهداف بين دينية وعسكرية واقتصادية وحضارية وسياسية.ويأتي الهدف الديني في مقدمة هذه الأهداف، حيث استهدف مشروع الخط الحجازي خدمة حجاج بيت الله الحرام من خلال توفير وسيلة سفر يتوفر فيها الأمن والسرعة والراحة، وحماية الحجاج من غارات البدو ومخاطر الصحراء التي كانوا يتعرضون لها في الطريق البري ومن هجمات القراصنة في الطريق البحري، إضافة إلى توفير إمكانات وفرص أكبر للراغبين في أداء فريضة الحج نتيجة انخفاض تكلفة الحج الذي سيحققها ذلك المشروع، مما سيزيد من عدد حجاج بيت الله الحرام.

ويحتل الهدف العسكري مكانة متميزة بين أهداف الخط الحجازي، إذ كان يستهدف تسهيل التحركات العسكرية وحشد الجيوش بُغية التصدي لأية هجمات خارجية قد تتعرض لها مناطق الحجاز والبحر الأحمر واليمن، وإحكام السيطرة على البقاع الجغرافية ذات التوتر السياسي الدائم. وبهذه الكيفية تشعر المنطقة بقوة الإدارة المركزية للدولة العثمانية.

أما الهدف التجاري فتمثل في إنعاش الاقتصاد الراكد بالمنطقة من خلال تحقيق نهضة تجارية واقتصادية لمدن الحجاز وكافة المدن الواقعة على امتداد الخط، وإحداث عملية رواج للمنتجات التجارية والزراعية من خلال نقلها نقلاً سريعا بالقطار إلى المناطق الأخرى، بل وكان من المخطط له مد الخط الحديدي تجاه أحد موانئ البحر الأحمر؛ ما يؤدي إلى زيادة الأهمية الاقتصادية والتجارية للخط زيادة واضحة. وبهذه الكيفية كانت طرق التجارة ستنتقل من قناة السويس إلى خط حديد الحجاز.

ومع إنجاز هذا المشروع العملاق بتمويل وكوادر عثمانية، كان سيثبت للدول التي تطمع إلى تفريق الدولة العثمانية وتريد التهامها وعلى رأسها الدول الأوربية، أن ثمة منجزات حضارية عظيمة يمكن للعثمانيين تحقيقها دون الحاجة إلى اللجوء إليها.

وكان للسلطان عبد الحميد الثاني أهدافٌ سياسية مهمة وراء إنشاء الخط الحجازي. إذ اعتقد بأن إنجاز هذا المشروع يعني تحقيق قدر من الاستقلالية للدولة العثمانية عن أوربا، عسكريا وسياسيا واقتصاديا وتقنيا. فالسلطان عبد الحميد الثاني والذي عُرف بتميزه عن سابقيه بحرصه على بقاء الخلافة العثمانية وحمايته لها، كان يبذل ما بوسعه بُغية توحيد صفوف المسلمين وتشكيل "اتحاد إسلامي" لمواجهة الأطماع الأوربية الاستعمارية وهجماتها الغاشمة على الدولة العثمانية، إضافة إلى دعمه لحركة "الجامعة الإسلامية" التي دعت إلى تكتيل جميع المسلمين داخل الدولة العثمانية والمناطق المختلفة من العالم خلف راية الخلافة العثمانية.

ولعل خط حديد الحجاز يعتبر من أروع إنجازات السلطان عبد الحميد الثاني الرامية إلى الحفاظ على وحدة أراضي الدولة العثمانية.


الإنشاء والتنفيذ
==


يتحدث السلطان عبد الحميد الثاني عن الخط الحجازي في مذكراته بقوله: " أخيراً تحقق الخط الحجازي؛ ذلك الحلم الذي طالما راود مخيلتي. فذلك الخط الحديدي لم يكن فقط مصدرا اقتصاديا للدولة العثمانية، بل كان في الآن ذاته يمثل مصدراً بالغ الأهمية من الناحية العسكرية من شأنه تعزيز قدرتنا العسكرية على امتداده ".

وقد أصدرت الإدارة السلطانية الخاصة قراراً بالبدء في إنشاء خط حديد الحجاز في الثاني من مايو عام 1900م، وفي الأول من سبتمبر عام 1900م، والذي يوافق العام الخامس والعشرين لجلوس السلطان عبد الحميد الثاني على عرش الدولة العثمانية، تم تدشين العمل في خط الحديد بين الشام ودرعا في احتفال رسمي مهيب.

ووصل خط الحجاز إلى عمّان عام 1903م، وإلى معان عام 1904م. وفي الأول من سبتمبر عام 1905م اكتملت المرحلة الأولى من خط الحجاز، وانطلقت أولى رحلات القطار بين الشام ومعان لنقل الركاب والبضائع.

وفي الأول من سبتمبر 1906م وصل الخط إلى مدائن صالح، ثم في 31 أغسطس 1908م وصل إلى المدينة المنورة. وخلال الثمانية أعوام التي جرى فيها تنفيذ خط الحجاز وصل طول الخط إلى 1464 كم. ومع إضافة الخطوط الفرعية الأخرى في المراحل اللاحقة بلغ طول الخط 1900 كم عام 1918م.




القوى البشرية العاملة
===


وكان الجيش العثماني هو المصدر الرئيسي للقوة العاملة في إنشاء خط حديد الحجاز. وساهم أيضاً في إنشاء هذا الخط عمال توافدوا من مناطق جغرافية مختلفة من العالم الإسلامي في مقدمتها سوريا والعراق. ولما كانت أعداد أولئك العمال الوافدين محدودة، فقد تحمل الجنود العثمانيين معظم أعباء ذلك المشروع. وكان الجنود يتقاضون أجوراً ضئيلة خلال فترة عملهم في المشروع، في مقابل السماح لهم بالانتهاء من الخدمة العسكرية قبل عام من موعدها المحدد.


تولى منصب كبير مهندسي الأعمال الفنية، مهندس ألماني يُدعى " مايسنر باشا "، وعمل تحت قيادته أربعة وثلاثون مهندسا، سبعة عشر منهم عثمانيون والآخرون كان معظمهم من الألمان، بالإضافة إلى مهندسين من إيطاليا وفرنسا والنمسا وبلجيكا واليونان.

وبعد وصول الخط الحديدي إلى محطة مدائن صالح أصبح الجزء المتبقي من الخط داخل حيز المنطقة الحرام. ولما كان من المحظور شرعاً دخول غير المسلمين إلى هذه المنطقة، فقد جرى إنشاء الخط الواقع بين مدائن صالح والمدينة المنورة كله بأيدي مهندسين وعمال مسلمين.

ومع تقدم العمل في المشروع ازدادت خبرة العثمانيين، وعليه قلت أعداد المهندسين الأجانب في المراحل المتقدمة منه أمام أعداد المهندسين المسلمين التي كانت تزداد يوما بعد يوم. ومن ثم تميز خط حديد الحجاز بوصفه مشروعا عمل فيه الكثير من المهندسين المسلمين، قياسا بخط حديد الأناضول وخط حديد بغداد.


تضحيات بطولية
==

استغرق إنشاء الخط الرئيسي لطريق الحجاز ثمانية أعوام، وعمل فيه نحو خمسة آلاف عامل معظمهم من الأتراك وبعضهم من العرب وبعضهم من أجناس مسلمة أخرى. ولا شك أن قيام الجنود العثمانيين بالعمل في هذا المشروع قد خفض كثيراً من النفقات.


وهو ما يأتي في مقدمة العوامل المهمة في إنجاز هذا الخط الحديدي. كما كان لتدين الجنود العثمانيين وحبهم للنبي صلى الله عليه وسلم دوره البالغ في إنجاز هذا العمل في فترة تُعد قصيرة، حيث قاموا بشق الطرق عبر الفيافي والقفار والجداول والوديان.


ولعل الفضل في إنشاء هذا الخط الحديدي يرجع إلى أولئك الشجعان البواسل الذين قدموا من الأناضول لإنشاء وتركيب تلك الخطوط الحديدية في صحاري شبه الجزيرة العربية.


وإذ يقوم أولئك البواسل بنصب قضبان السكك الحديدية وأعمدتها وتشييد محطاته، كانوا ينصبون أيضاً الشواهد لقبور شهدائهم؛ حيث استشهد خلال إنشاء خط السكة الحديدية الكثير من الجنود العثمانيين، إما عطشاً تحت نيران الشمس الحارقة بسبب نقص المياه، وإما من سوء التغذية، فضلاً عمن استشهدوا بسبب حوادث العمل أو غارات البدو.


ولقد انتشرت شواهد قبور هؤلاء الشهداء العثمانيين البواسل على امتداد خط السكة الحديدية حتى المدينة المنورة جنباً إلى جنب مع محطات القطار. وإن تكن آثار وبقايا هذا الخط الحديدي لا تزال موجودة إلى اليوم، فإن قبور معظم أولئك البواسل وأسماءهم قد طوتها صفحة النسيان ولم يعد لها وجود.


فيكفي أن نعلم أن عام 1908م وحده قد شهد أكثر من 126 غارة من غارات البدو على خط حديد الحجاز، فضلاً عن مشكلات نقص المياه وظهور بعض الأمراض وتدخلات الدول الأجنبية.. وهو ما يعطي لنا مؤشراً مهماً لفهم أسباب البطء في تنفيذ المشروع.


الموقف الأوربي
=


تلقت أوربا الإعلان عن الخط الحجازي بدهشة بالغة، واعتبرت إقدام الدولة العثمانية على مشروع مثل هذا ضرباً من الخيال، حيث كانت الدولة العثمانية آنذاك في وضع اقتصادي متدهور أوشكت فيه على الإفلاس بسبب ديونها الخارجية والداخلية؛ حتى أن بعض الصحف الأوربية آنذاك قد تطاولت عبر صفحاتها على المشروع والسلطان عبد الحميد الثاني بالاستهزاء والسخرية، وخصصت لذلك أخباراً مطولة ورسوما كاريكاتيرية بذيئة.

ومع التقدم في إنشاء الخط وإظهار القائمين عليه لتضحيات كبيرة، أخذت الدول الأوربية تضع العراقيل للحيلولة دون إكمال العثمانيين لهذا المشروع. وكانت بريطانيا وفرنسا في مقدمة هذه الدول.


فأسرعت تلك الدول ولا سيما بريطانيا للحيلولة دون مساندة الشعوب التي تخضع للاستعمار البريطاني لهذا المشروع، حيث قامت بنشر الشائعات بين المسلمين الهنود الذين يقومون بالتبرع لإقامة الخط الحجازي، وأطلقت شائعات مثل أن "التبرعات لا تُستخدم في إنشاء الخط الحجازي".

بيد أن هذه المحاولات قد باءت بالفشل التام، واستمر المسلمون الهنود في جمع التبرعات وإرسالها إلى الدولة العثمانية. كما حظر الاستعمار البريطاني على مسلمي الهند تعليق "وسام خط حديد الحجاز" الذي يُمنح لكبار المتبرعين.

وقد سعت بريطانيا إلى استعمال شتى الطرق من أجل انسحاب العثمانيين من الأراضي المقدسة بعد الحرب العالمية الأولى. ومما يلفت النظر هنا أن تعطيل خط حديد الحجاز كان أول ما قامت به بريطانيا بعد انسحاب العثمانيين من مكة والمدينة المنورة؛ إذ كانت تنظر إلى الخلافة العثمانية باعتبارها التهديد الأكبر ضد طموحاتها الإمبريالية في الشرق الأوسط والشرق الأقصى، ومن ثم فقد شعرت بارتياح شديد بعد أن قامت بقطع الروابط بين الأناضول وشبه الجزيرة العربية من خلال تعطيل الخط الحجازي.


أما فرنسا فقد سعت لفرض القيود والعقبات أمام إنشاء خط حديد الحجاز من خلال الموانئ التابعة لإدارتها؛ حيث فرضت ضرائب جمركية باهظة على مستلزمات خط الحديد، وعطلتها داخل الموانئ فترات طويلة.

وإن تكن كل هذه العقبات قد أبطأت من معدل إنجاز الخط، إلا أنها لم تستطع أبداً إيقاف عجلة التقدم نحو الانتهاء من تنفيذ المشروع. واكتمل خط حديد الحجاز رافعاً راية العصيان والتحدي في وجه الاستعمار الأوربي، ومعلناً أن قلب "الرجل المريض" لا يزال ينبض بالحياة.



المصادر المالية
==

كان فترة سلطنة السلطان عبد الحميد الثاني من أصعب فترات الدولة العثمانية من الناحية الاقتصادية. ولم يأل السلطان عبد الحميد جهداً من أجل سداد الديون الخارجية الضخمة التي ورثها عن أسلافه. ورغم أنه قد اضطر للحصول على قروض خارجية ضئيلة في بعض الأوقات، إلا أن ما قام بسداده كان يفوق بكثير ما اقترضه. وكان يدرك أن الديون الخارجية تزعزع هيمنة الدولة، والديون الداخلية تزعزع سلطتها. ومن ثم لم يفكر في الحصول على أي قروض خارجية لتمويل إنشاء خط حديد الحجاز.

وكانت التبرعات -وللمرة الأولى في تاريخ الدولة العثمانية- هي المصدر الأول لتمويل هذا المشروع الضخم. فكان تمويل خط حديد الحجاز من تبرعات المسلمين في شتى أنحاء العالم دون أن تشوبه أي مساهمة من الدول الأجنبية على النقيض من خطي سكة حديد الأناضول وبغداد اللذين أقيما بتمويل أجنبي.


وكانت الدولة العثمانية قد خصصت 18% من ميزانيتها لإنشاء هذا الخط، بيد أن تلك النسبة اعتُبرت ضئيلة للغاية عندما تم الإعلان عن أن إنشاء الخط سيتكلف نحو ثمانية مليون ليرة عثمانية. ومن ثم برز الاحتياج الشديد للأموال اللازمة لتنفيذ المشروع. ذلك المشروع الذي اعتبره المسلمون بمثابة "مسألة عزة وكرامة" أمام أوروبا. وأراد السلطان عبد الحميد أن يجنب دولته المزيد من الاستدانة، وأن يكون تمويل المشروع الحجازي بأموال إسلامية تماماً. فوجه نداءً إلى العالم الإسلامي من أجل التبرع للمشروع، ليدشن بذلك حملة تبرعات قلّ أن نجد لها نظيراً في تاريخ العالم.


وبدأت حملة التبرعات الأولى في مايو عام 1900م، بأن تبرع السلطان عبد الحميد الثاني من جيبه الخاص بخمسين ألف ليرة عثمانية، ودعا المسلمين كافة للمشاركة في هذه الحملة، سواءً كانوا ممن يعيشون في الأراضي العثمانية أو في غيرها.


ومن بعد السلطان تبرع الباشاوات العثمانيون، ثم أقبل موظفو الدولة والتجار والبائعون والجنود والشعب على المشاركة في هذا التنافس الخيري. ولقي نداء السلطان عبد الحميد استجابة تلقائية وفورية بين كافة المسلمين في شتى بقاع العالم، حيث اقتطع المسلمون من أقواتهم ومدخراتهم للمساهمة في تمويل الخط الحجازي.

بل إن دولة ذات صراع تاريخي مع الدولة العثمانية مثل إيران قد جمعت أيضاً مقداراً من التبرعات -وإن كان ضئيلاً- وأرسلته إلى إسطنبول. وانهالت التبرعات التي جاءت من مناطق مترامية الأطراف مثل الهند وأفغانستان، ومن دول أخرى مثل الجزائر والسودان وتونس وليبيا وإندونيسيا وماليزيا. وتدفقت التبرعات من كافة أرجاء العالم؛ فجاءت التبرعات من الشعوب التركية في آسيا الوسطى، ومن مسلمي أوربا وأفريقيا وأمريكا.


وذلك رغم كل المحاولات التي قامت بها الدول الأوربية لصرف هذه الشعوب المسلمة عن هذا المشروع وإقناعهم بعدم جديته. وأصبحت التبرعات التي تم جمعها من الضخامة ما تكفي لإنشاء ثلث الخط الحجازي.

وحرصت الدولة العثمانية على تكريم المتبرعين من خلال منحهم نياشين وأوسمة مصنوعة من الذهب والفضة تخليداً لذكرى الخط الحجازي. وإضافة إلى ما تم جمعه من تبرعات، فقد اضطرت الدولة العثمانية إلى الاقتطاع الإجباري من مرتبات موظفي الدولة من أجل الإسهام في إنشاء الخط. وجدير بالذكر هنا أننا لا نكاد نجد شكوى واحدة من أولئك الموظفين بسبب هذا الاقتطاع الإجباري من رواتبهم. وهو ما يُعد إشارة واضحة على أن الأمة التي تلتف حول هدف واحد، قادرة على التضحية بكل غالٍ ونفيس في سبيل تحقيق ذلك الهدف. وتاريخ الأتراك في الفترات اللاحقة يشهد على أحداث مشابهة لتلك التضحيات، تجلت فيها هذه الروح والفكرة والعقدية دون أن يعتريها خلل أو عطب.

كما حرصت الدولة أيضاً على اقتطاع جزء من دخلها العام لتمويل المشروع الحجازي، فأصدرت طوابع تمغات متعددة الفئات المالية في كافة دوائرها الحكومية والبيروقراطية، وجمعت جلود الأضاحي وباعتها وحملت عائداتها إلى ميزانية المشروع. إضافة إلى أن نظام البدء الفوري في تشغيل رحلات الركاب والبضائع في الأجزاء التي اكتملت من الخط الحديدي، كانت مصدراً آخر من مصادر التمويل.

ورغم الانتهاء من إنشاء المشروع الحجازي، وانسحاب العثمانيين من المنطقة مع حلول عام 1918م، وتخريب الخط ونسف جسوره وانتزاع قضبانه مع نشوب الثورة، إلا أن التبرعات لم تتوقف وظلت تتدفق من مختلف أنحاء العالم. ولا ريب أن هذه الهمة العالية والتنافس في فعل الخيرات قد أظهر للعالم كله مدى عمق الأخوة الإسلامية وقوتها ورحابتها.



حركة القطار
==


في الأول من سبتمبر عام 1908م والموافق للعام الثاني والثلاثين من جلوس السلطان عبد الحميد الثاني على عرش الدولة العثمانية، قام بافتتاح خط حديد الحجاز وسط مراسم رسمية مهيبة. وكانت قبل ذلك "لجنة خط حديد الحجاز" قد قامت نيابة عن السلطان بافتتاح المحطات الممتدة على خط سكة الحديد في احتفالات رسمية أيضاً.

وكان لغير المسلمين أيضاً الحق في استخدام المحطات البينية الموجودة على خط حديد الحجاز، غير أنه لم يكن من المسموح لهم الوصول بالقطار إلى المدينة المنورة، وكان للخط دور في نقل الأموال. وأسدى قطار الحجاز خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام، واستُخدم أيضاً في بعض الأغراض العسكرية مثل نقل الجنود من منطقة إلى أخرى. كما قام القطار بنقل البضائع بين المناطق المختلفة، وهو ما أحدث انتعاشة في الحياة الاقتصادية والتجارية.


وتحددت أوقات تحرك القطارات وفقاً لمواقيت الصلاة. فكانت القطارات تتحرك على نحو لا يخل بأوقات الصلاة. فإذا ما دخل وقت الصلاة توقف القطار وتوجه الركاب لأداء الصلاة في العربة المخصصة لذلك.


الدلالة الدينية
====


قد تكون نظرتنا قاصرة إذا نظرنا إلى البعد الديني للخط الحجازي في نقله للحجاج فحسب. فالقطار الحجازي كان يؤدي في الوقت ذاته مهمة عريقة، ويحافظ على تقليد يضرب بجذوره في التاريخ وهو إرسال "الصرة السلطانية" إلى الحجاز.


وكان السلاطين العثمانيون كلهم تقريباً يقومون بتجهيز قدر كبير من الأموال عُرف بـ" الصرة السلطانية " وإرسالها إلى الحجاز.

وهو تقليد يرجع بجذوره إلى العباسيين ثم إلى العثمانيين اعتباراً من السلطان العثماني "يلديرم بايزيد".



وكانت " الصرة السلطانية " قديما تبدأ رحلتها في بداية كل ثلاثة أشهر عبر الطريق البري. وعرفت الطريق البحري مع استخدام السفن البخارية منذ عام 1864م، ثم أصبح لها مكانها الخاص في القطار الحجازي بعد عام 1908م. وكانت أموال "الصرة السلطانية" مخصصة للإنفاق على كافة الخدمات في مكة المكرمة والمدينة المنورة، مثل شؤون الإعمار والإصلاح وغيرهما، ودفع رواتب العاملين هناك. كما كانت أيضاً مصدراً من مصادر توفير الراحة وتيسير مناسك الحج لزوار بيت الله الحرام. إضافة إلى أن القطار الحجازي قد وفر لوفد "الصرة السلطانية" رحلة سريعة ومريحة وآمنة.

وأخيرًا وبهذه المناسبة نتوجه بخالص العرفان بالفضل والدعاء بالرحمة لأولئك الذين عملوا على إنشاء خط سكة حديدية الحجاز، وأولئك الذين سقطوا شهداء خلال أداء واجبهم فيه، وأولئك الذين اقتطعوا من أقواتهم ومدخراتهم للمساهمة فيه، وأولئك الذين بذلوا النفس والنفيس بكل تجرد وإخلاص لذلك المشروع.
ــــــــــــــــ



(*) الترجمة عن التركية: د. طارق عبد الجليل.
--------------------------------
(*) كاتب وباحث تركي.




منقول
http://www.hiramagazine.com/archives...D=323&ISSUE=16






راسمال مال المشروع كان اموال عامة وتبرعات المسلمين


يعد خط سكة حديد الحجاز من أروع إنجازات السلطان العثماني عبد الحميد الثاني من الناحية السياسية والدينية والحضارية؛ إذ استطاع هذا المشروع العملاق الذي استغرق العمل فيه ثماني سنوات متتالية أن يقدم خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام، تمثلت في اختصار وقت هذه الرحلة الشاقة التي كانت تستغرق شهورًا، يتعرضون فيها لغارات قطاع الطرق، فأصبحت الرحلة بعد إنشاء هذا الخط الحديدي الذي بلغ طوله (1320) كم تستغرق أيامًا معدودة ينعمون فيها بالراحة والأمان.


وعمل بعض الحاقدين والناقمين علي السلطان ممن عاصروه أو المؤرخين من خصومه علي تشويه صورته من خلال تفسيرات تعسفية ادعوا فيها أن هدف إنشاء الخط الحجازي كان قمع الثورات في الحجاز، ولخدمة أهدافه العسكرية، وتوجهاته الاستبدادية.


كان إنشاء خطوط السكك الحديدية لربط أجزاء الدولة العثمانية المترامية الأطراف سياسة عليا للسلطان عبد الحميد الثاني، فالشام والحجاز لم يشهدا خطوطًا حديدية إلا في عهده، فكان الخط الحديدي من يافا إلي القدس سنة (1306ه = 1888م) أول الخطوط الحديدية في الشام، واستهدف السلطان من إنشائه خدمة الحجاج المسيحيين القادمين من أوروبا بحرًا إلي يافا، وبلغ طول هذا الخط (87) كم، كذلك تم إنشاء خط حديدي بين دمشق وبيروت بطول (147) كم كان يقطعها القطار في ست ساعات.

كان الحجاج المسلمون يلاقون صعوبات كبيرة أثناء تأديتهم هذه الفريضة قبل إنشاء الخط الحجازي، منها طول المسافة حيث كان طريق الحج العراقي يقترب من (1300) كم، وتستغرق الرحلة فيه شهرًا كاملاً.


أما طريق الحج المصري فيبلغ من سيناء (1540) كم، ويستغرق أربعين يومًا، ويزيد خمسة أيام من طريق عيذاب.

وطريق الحج الشامي يمتد (1302) كم، وتستغرق الرحلة فيه أربعين يومًا.

وبحسب المؤرخين فان أهداف السلطان عبد الحميد في إنشاء الخط الحجازي تكاد تنحصر في هدفين أساسيين مترابطين، أولهما: خدمة الحجاج بإيجاد وسيلة سفر آمنة ومريحة. أما الهدف الثاني: فهودعم حركة الجامعة الإسلامية التي كانت تهدف إلي تكتيل جميع المسلمين وتوحيد صفوفهم لتقوية الخلافة العثمانية لمواجهة الأطماع الأوروبية في العالم الإسلامي.

وقامت حركة الجامعة الإسلامية علي دعامتين أساسيتين، هما: الخلافة والحج، لذلك أراد أن يتخذ من الحج وسيلة عملية كي يلتف المسلمون حول الخلافة، وربط إنشاء الخط الحديدي الحجازي بحركة الجامعة؛ فيظهر أمام العالم الإسلامي بصورة الخليفة حامي وخادم الحرمين الشريفين، وبذلك يستقطب المسلمين نحو حركة الجامعة الإسلامية.

لم يكن التنفيذ سهلا علي السلطان عبد الحميد الثاني اذ واجهت المشروع صعوبات تمويلية، منها ضخامة تكلفته التي قدرت بنحو 3.5 ملايين ليرة عثمانية لكنها زادت عن ذلك ، وكذلك الأزمة المالية التي كانت تواجهها الدولة العثمانية، فضلاً عن ذلك فإن السلطان عبد الحميد أراد أن يضفي علي مشروعه الطابع الإسلامي؛ ومن ثم أراد أن يتم إنشاء المشروع برأسمال إسلامي دون اللجوء إلي بيوت المال الأجنبية الربوية، فوجه عبد الحميد نداءً إلي العالم الإسلامي عبر سكرتيره "عزت باشا العابد" للتبرع للمشروع. ولقي هذا النداء استجابة تلقائية من مسلمي العالم وانهالت التبرعات، وكان اتساع نطاق هذه التبرعات مظهرًا عمليًا لحركة الجامعة الإسلامية.


تبرع السلطان من ماله الخاص بمبلغ (320) ألف ليرة. وتبرع شاه إيران بخمسين ألفًا، وأرسل خديوي مصر عباس حلمي الثاني كميات كبيرة من مواد البناء، وتألفت في سائر الأقطار الإسلامية لجان لجمع التبرعات.

وأصدرت الدولة العثمانية طوابع لمصلحة المشروع، وأصدرت أوامر بقطع 10% من رواتب موظفي الدولة لصالح المشروع، وجمعت جلود الأضاحي وبيعت وحولت أثمانها إلي ميزانية الخط، وبذلك انتقلت حماسة إنشاء الخط الحجازي إلي العالم الإسلامي، وكان مسلمو الهند من أكثر المسلمين حماسة له؛ وهو ما أثار غضب بريطانيا، فوضعت العراقيل أمام حملات جمع التبرعات حتي إنها رفضت أن يرتدي المسلمون الهنود الذين اكتتبوا في الخط الأوسمة والنياشين العثمانية.

ولم تقتصر تبرعات وإعانات المسلمين علي الفترات التي استغرقها بناء الخط فحسب، بل استمر دفعها بعد وصوله إلي المدينة المنورة؛ أملاً في استكمال مدّه إلي مكة المكرمة.

تشكلت لجنتان -بعد قرار السلطان عبد الحميد- للإشراف علي تنفيذ المشروع، الأولي برئاسة عزت باشا العابد ومقرها إستانبول، والأخري للتنفيذ ومقرها دمشق برئاسة والي الشام. وقام مهندس عثماني بمسح المنطقة التي يمر بها الخط بين دمشق والمدينة المنورة، وكانت سياسة الدولة العثمانية آنذاك هي الاعتماد علي المهندسين المسلمين وعدم جلب مهندسين أجانب إلا عند الضرورة.

وتتبع الخط الحجازي بصفة عامة الطريق القديم الذي كانت تسلكه قوافل الحجاج، ولم يحد عنه إلا في بعض المناطق الوعرة، وتم تخصيص بعض القوات العسكرية لحماية العاملين في المشروع من غارات البدو.

واحتفل ببدء المشروع في (جمادي الآخرة 1318ه = سبتمبر 1900م) وابتدأ العمل في منطقة المزيريب في منطقة حوران بسوريا، ثم قررت الحكومة العثمانية إيصال الخط الحجازي إلي دمشق، لذلك قررت إنشاء خط درعا - دمشق، وباشرت العمل من دمشق ومزيريب في وقت واحد، وعهدت إلي مهندسين ألمان بإنشاء الخط، لكنها لم تسمح إلا للمهندسين المسلمين بالعمل في مد الخط في المنطقة الواقعة بين العلا والمدينة المنورة.

ومن ضمن العقبات التي صادفت المشروع نقص المياه، لكنه أمكن التغلب علي ذلك بحفر آبار وإدارتها بمضخات بخارية أو طواحين هواء، وجلبت المياه في صهاريج تسير علي أجزاء الخط التي فرغ من مدّها.

ولمواجهة نقص العمال وتوفير النفقات استخدمت قواتٌ من الجيش العثماني بلغ عددها زهاء ستة آلاف جندي ومائتي مهندس كانوا يعملون في الخط بصفة دائمة. كذلك كانت السيول الجارفة إحدي العقبات التي شكلت خطورة كبيرة وحقيقية علي الخط الحجازي في مرحلتي البناء والتشغيل؛ لذلك قام المهندسون بإنشاء مصارف للسيول علي طول الخط الرئيسي.

أما الرمال المتحركة التي تعرض صلابة الخط للخطر وتؤدي إلي انقطاع الحركة بتحرك الخط عن مكانه فأمكن التغلب عليها بتغطية منطقة الرمال المتحركة بطبقة من الصلصال، وبُني سد حجري ضيق يمتد موازيًا للخط الحجازي ليحول دون خطر تغطيته بالرمال المتحركة. أما مشكلة الوقود فتم استيراد الفحم من الخارج وأقيمت مستودعات ضخمة لتخزينه.

2_244885_1_209.jpg


ووصفت تكاليف الخط الحجازي بأنها من أقل تكاليف خطوط السكك الحديدية في الدولة العثمانية علي الإطلاق رغم ضخامة وكثرة منشآته، فقد بلغ مجموع تكاليفه -بما في ذلك القطارات والعربات وسائر المباني علي طول الخط- حوالي أربعة ملايين و283 ألف ليرة عثمانية.

كما تميزت معدلات الإنجاز في إنشاء الخط بارتفاع ملحوظ؛ إذ وصل متوسط معدل الإنجاز السنوي حوالي (182) كم وهو معدل مرتفع جدًا آنذاك،مقارنة بمعدلات الإنجاز الأخري.

وقد وصل أول قطار إلي المدينة المنورة في (22 رجب 1326ه = 23 أغسطس 1908م) وأقيم الاحتفال الرسمي لافتتاح الخط الحديدي بعد ذلك بأسبوع ليصادف تولي السلطان عبد الحميد الثاني السلطنة.

ولأن الخط حشد عاطفة المسلمين خلف شعار الجامعة الإسلامية، قام السفير البريطاني في إستانبول بالتأكيد في تقرير لحكومته أن عبد الحميد ظهر أمام ثلاثمائة مليون مسلم بمظهر الخليفة والزعيم الروحي للمسلمين حين مد سكة حديد الحجاز.

و علاوة علي ذلك ساعد الخط الحجازي في نهضة تجارية واقتصادية لمدن الحجاز، وكافة المدن الواقعة علي امتداد الخط، ومنها مدينة حيفا التي تحولت إلي ميناء ومدينة تجارية هامة، وكذلك المدينة المنورة. كما ادي الخط الي ظهور مجتمعات عمرانية نتيجة استقرار بعض القبائل والتجمعات البدوية علي جانبي الخط في بعض الجهات واشتغالهم بالزراعة.

ومن مظاهرة حركة العمران التي صاحبت إنشاء الخط إضاءة المدينة المنورة بالكهرباء لأول مرة، حيث ابتدأت إنارة الحرم النبوي الشريف يوم افتتاح سكة الحديد، وتم جعل المدينة المنورة محافظة مستقلة مرتبطة مباشرة بوزارة الداخلية العثمانية.

وقد استخدم الخط الحجازي في بعض الأغراض العسكرية، ولا يتنافي هذا مع كونه أنشيء أساسًا لأغراض غير عسكرية، فأسهم في توطيد سلطة الدولة في المناطق الثائرة في بعض المناطق في قلب الجزيرة العربية، ووفر حماية قوية للأماكن المقدسة في مكة والمدينة.

استمرت سكة حديد الحجاز تعمل بين دمشق والمدينة المنورة نحو تسع سنوات نقلت خلالها التجار والحجاج، وعندما نشبت الحرب العالمية الأولي ظهرت أهمية الخط وخطورته العسكرية علي بريطانيا؛ وعندما تراجعت القوات العثمانية أمام الحملات البريطانية، كان الخط الحجازي عاملاً هامًا في ثبات العثمانيين في جنوبي فلسطين نحو عامين في وجه القوات البريطانية المتفوقة.

كان الخط الحجازي يمر في أراضي الدولة العثمانية، وعقب انتهاء الحرب العالمية الأولي أصبح الخط يمر في أراضي أربع دول نتيجة لتغير الخريطة السياسية للشرق العربي الآسيوي وتفتيته إلي عدة دول وكيانات سياسية، وهي سوريا والأردن وفلسطين والسعودية، فسيطرت كل دولة علي الجزء الذي يمر في أراضيها، وأيدت عصبة الأمم ذلك التقسيم علي يد القانوني السويسري أوجين بورل سنة (1344ه = 1925م).

وتعددت محاولات إعادة الحياة لهذا الخط الحجازي، ومنها عقد مؤتمر في الرياض سنة (1375ه = 1955م) جمع سوريا والأردن والسعودية، ولم توضع قراراته موضع التنفيذ، وتوقف العمل بالمشروع، وبعد أحد عشر عامًا من نسيان المشروع، تشكلت لجان وعقدت اجتماعات وصدر مرسوم بتشكيل هيئة عليا للخط الحجازي من وزراء المواصلات في البلدان الثلاث لكن لم تظهر أية بوادر واقعية لتشغيله.

وفي عام (1399ه = 1978م) تم الاتفاق بين البلدان الثلاثة علي إنشاء خط عريض جديد يربط بين هذه الأقطار، ووضعت دراسات المشروع، ووقع الاختيار علي شركة "دوش كنسول" لتحضير دراساته وخرائطه، وكانت نتيجة الدراسات إيجابية، فتوالت اجتماعات اللجان واعتمدت قرارات بأن تنفذ كل دولة من الدول الثلاثة علي نفقتها الجزء الذي يمر في أراضيها، لكن يبدو أن مشروع الخط الحجازي قد وضع في قبر النسيان.

كان أكبر تهديد يواجهه قطار الحجاز، هو توماس ادوارد لورانس أو (لورانس العرب) ومجموعة المتمردين العرب، التي قادها والتي كانت تخرب الخط الحديدي الذي ينقل الجنود الأتراك، أما الآن فيواجه القطار ذاته، خطر الإهمال، والصدأ، وتطور الأحوال.
 
جدل في تركيا عقب تخصيص موازنة هائلة لـ”رئاسة الشؤون الدينية” تعادل 5 أضعاف موازنة المخابرات

11 - نوفمبر - 2018

إسماعيل جمال

6

حجم الخط

إسطنبول ـ “القدس العربي”:

تصاعد الجدل في الآونة الأخيرة بتركيا حول رئاسة الشؤون الدينية عقب ارتفاع مصروفاتها بشكل هائل خلال السنوات الماضية ورفع موازنتها بشكل كبير للسنوات المقبلة، لتصبح أكبر من موازنة عدد من الوزارات الهامة وتعادل 5 أضعاف موازنة جهاز المخابرات في البلاد، بحسب المعارضة التركية التي انتقدت توجهات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هذا الإطار بشدة، لا سيما مع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد في الأشهر الأخيرة.

أردوغان بنى في عهده 13 ألف مسجد جديد ورفع عدد طلاب المدارس الدينية إلى 1.3 مليون

وبحسب حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية الذي شارك نوابه في النقاشات حول الموازنة المقدمة للعام المقبل، فإن الموازنة المقترحة لرئاسة الشؤون الدينية لعام 2019 أكبر من الموازنة المقترحة لعد من الوزارات الهامة ومنها وزارات الطاقة الموارد الطبيعية والخارجية والصناعة والسياحة.

وبالتزامن مع ذلك، طالب حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة وآلاف المغردين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بإقالة رئيس الشؤون الدينية علي إرباش بسبب قيامه، السبت، بزيارة داعية ومؤرخ تركي اشتهر بما تقول المعارضة بـ”احتقار أتاتورك”، وذلك بالتزامن مع إحياء الأتراك الذكرى الـ80 لوفاة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال اتاتورك.

وفي تركيا لا يوجد وزارة أوقاف أو وزارة للشؤون الدينية، وتتولى رئاسة الشؤون الدينية التابعة بشكل مباشر لرئاسة الجمهورية الشؤون الدينية في البلاد التي يشكل المسلمون فيها ما نسبته 99٪ من السكان. والموازنة الحالية تعتبر أول موازنة يتم العمل عليها بموجب النظام الجديد الذي بدأ تطبيقه فعلياً عقب فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة منتصف العام الجاري.

وفي عام 2017 بلغت ميزانية رئاسة الشؤون الدينية 7.3 مليار ليرة، وبينما كان مخصصاً موازنة بقيمة 7.7 مليار ليرة لعام 2018، رفعت الرئاسة توقعاتها لمصروفاتها إلى 8.4 مليار ليرة، في التقييم الذي جرى منتصف العام بعدما صرفت أكثر من 4مليار ليرة في النصف الأول من العام الجاري.

وفي الموازنة التي يجري مناقشتها في البرلمان التركي لعام 2019، تقول المعارضة إنها تحتوي على طلب يقضي برفع موازنة رئاسة الشؤون الدينية إلى 10.4 مليار ليرة، وهو الرقم الذي يتجاوز موازنة 29 وزارة وهيئة مهمة في البلاد، وبحسب تقرير نشرته صحيفة جمهورييت المعارضة، فإن موازنة رئاسة الشؤون الدينية باتت توازي 5 أضعاف موازنة رئاسة الاستخبارات التركية على الرغم من أهميتها.

ويبلغ عدد العاملين في رئاسة الشؤون الدينية قرابة 145 ألف موظف، منهم حوالي 100 ألف إمام ومؤذن يعملون في مساجد البلاد، وقرابة 20 ألف مدرس للقرآن إلى جانب وظائف أخرى تتعلق بالإفتاء والتعليم الديني وغيرها. والأحد، أعلنت رئاسة الشؤون الدينية، انها سوف توظف 6100 موظف جديد بوظائف كاملة وعقود في دوائرها بعموم البلاد خلال عام 2019.

ويتهم معارضون لا سيما أنصار حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة حزب “العدالة والتنمية”، والرئيس رجب طيب أردوغان بالاهتمام ببناء المساجد والمدارس الدينية على حساب دعم التعليم وبناء المدارس وتطوير الجامعات والبحث العلمي، وهو ما ينفيه أردوغان بقوة ويذكر أرقاماً يقول إنها تظهر النهضة الهائلة التي قام بها في رفع عدد المدارس والجامعات وبناء المطارات والمستشفيات وغيرها من المرافق الخدماتية في البلاد.

عدد العاملين في رئاسة الشؤون الدينية قرابة 145 ألف موظف، بينهم 100 ألف إمام ومؤذن يعملون في 90 ألف مسجد في كافة أنحاء البلاد

وبحسب الأرقام الرسمية التي استقتها “القدس العربي” من الموقع الرسمي لرئاسة الشؤون الدينية في البلاد، فإن عدد المساجد حتى عام 2018 بلغ 90 ألف مسجد في كافة أنحاء البلاد، مقارنة بـ77 ألف و151 في عام 2004، أي أن قرابة 13 آلف مسجد تم بنائهم في عهد حزب العدالة والتنمية الذي تسلم الحكم عام 2003.

وعلى مدار العام تقوم رئاسة الشؤون الدينية بالعمل على تطوير وترميم عشرات المساجد التاريخية الضخمة في إسطنبول والمحافظات الأخرى، كما تعمل على بناء مساجد جديدة بطراز معماري تاريخي مستلهم من الطراز العثماني، ويتركز البناء على المرتفعات ليبدو المظهر العام للمحافظات مليء بالقباب والمآذن، ويعتبر مسجد تشامليجا على أعلى قمة مطلة على مضيق البوسفور في الجانب الآسيوي من إسطنبول الأبرز في البلاد حيث سيكون عقب اكتمال بنائه بشكل نهائي الأضخم والأكبر في عموم البلاد، وضمن الأكبر في العالم.

وحرص أردوغان على بناء مسجد ضخم سماه “مسجد الأمة” في قصر الرئاسة الجديد الذي أثير حوله الكثير من الجدل بسبب ضخامته ورقيه واتهمت المعارضة الرئيس بتبذير المال العام في بناء القصر.

ارتفع عدد الطلاب في المدارس الدينية “إمام خطيب” من 71 ألف طالب عام 2004، إلى “مليون و300 ألف طالب” عام 2018

كما ارتفع عدد الطلاب في المدارس الدينية “إمام خطيب” التي تخرج منها الرئيس رجب طيب أردوغان من 71 ألف طالب عام 2004، إلى 474 ألف طالب في عام 2014، وصولاً لـ”مليون و300 ألف طالب” في عام 2018، وهي زيادة هائلة في عدد الطلاب رافقها بناء عشرات المدارس الدينية وتحويل الكثير من المدارس الحكومية العادية إلى مدارس “إمام خطيب” الدينية.

ومن غير المعروف إلى أي مدى ممكن ان تؤثر هذه الأرقام على حظوظ حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية/البلدية المقررة في آذار/مارس المقبل، لكن الحزب يعتمد على شريحة “الأتراك المحافظين” الذين يدعمون الحزب من منطلقات فكرية وخدمية، ويؤيدون الإجراءات التي قام بها أردوغان لا سيما السماح للمحجبات بالدراسة في الجامعات والعمل بجميع دوائر الدولة وتوسيع قاعدة الحريات الدينية، وزيادة الاهتمام بالشؤون الدينية، وتمكن من خلال الترويج لهذه الأعمال من الفوز بجميع الانتخابات التي شهدتها البلاد طوال الـ16 عاماً الماضية.
 
شركة "إريكسون" العالمية تفتتح مختبرا لها في تركيا

2018-12-04اقتصاد

ترك برس

افتتحت شركة "إريكسون" السويدية الرائدة والمتخصصة بمجال صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم، اليوم الثلاثاء، مختبرها الـ11 في تركيا المتخصص في الأبحاث العلمية لإنتاج التقنيات.

وافتتح المركز بالتعاون مع مؤسسة البحوث العلمية والتكنولوجية التركية (TÜBİTAK)، والتي تهدف إلى جعل تركيا قاعدة للتكنولوجيا العلمية.

وأوضح نائب وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، محمد فاتح كاجر، في تصريح له، أن افتتاح مختبر الأبحاث يهدف إلى جعل تركيا ضمن الدول العشر الأولى الأقوى اقتصاديا في العالم، من خلال مواصلة الأنشطة البحثية ومواكبة التغيرات في صناعة التكنولوجيا الرقمية العالمية.

وأضاف كاجر أن "أهدافنا للفترة ما بين 5-10 أعوام هي أن تكون بلادنا قاعدة لإنتاج التكنولوجيا الصناعية والرقمية، كما أن المختبر سيخلق قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد التركي."

وبدورها أوضحت ممثلة شركة إريكسون في الشرق الأوسط وأفريقيا، رفيعة إبراهيم، أن إنشاء الشركة مختبرها الجديد في تركيا سيساهم في زيادة خدمات الشركة على المستوى العالمي، مشيرة إلى أنه تم البدء بتعيين 10 بالمئة من المهندسين الأتراك في المرحلة الأولى.

وأشارت إلى أهمية التعاون مع مؤسسة البحوث العلمية والتكنولوجية التركية، وهذا التعاون سيقدم مساهمة كبيرة في تطوير المعرفة في تركيا والعالم.

وأضافت قائلة: " جئنا لنستثمر في تركيا لاننا نؤمن بوجود إمكانات ومواهب كبيرة في هذا البلد، ونعلم أيضا أن الجامعات في تركيا تشكل مصدرا لهذا الإمكانات، ونرى النجاحات التي تحققها تركيا في مجال صناعة الهواتف المحمولة".

وتحتل إريكسون مكانة الصدارة على مستوى العالم في مجال تقنية الاتصالات وخدماتها، وتباشر أعمالها في 180 دولة، كما يعمل بها أكثر من 111,000 خبير تماشيًا مع رؤيتها المسماة NETWORKED SOCIETY (المجتمع الشبكي).
 
تراجع كبير للصادرات الإيرانية إلى شمال العراق لصالح الصادرات التركية

2018-12-04اقتصاد

ترك برس

يحاول المسؤولون الإيرانيون يائسين منع التجار في العراق وإقليم شمال العراق المتمتع بالحكم الذاتي من التخلي عن السلع الإيرانية لصالح السلع التركية التي تفوقها جودة، بحسب ما ذكرت شبكة روداو الإخبارية.

وقالت الشبكة إن القنصل الإيراني في السليمانية والمستشار الاقتصادي للرئيس الإيراني عقدا اجتماعا الشهر الماضي مع أعضاء الغرفة الصناعية والتجارية في السليمانية وكبار التجار في الإقليم لبحث زيادة الصادرات التركية للإقليم على حساب الصادرات الإيرانية.

وقال أحد المشاركين في الاجتماع إن المسؤولين الإيرانيين طلبوا خلال الاجتماع زيادة حجم التبادل التجاري بين إقليم شمال العراق وإيران، وأن زيادة التبادلات التجارية مع تركيا كانت تعنيهم.

ونقلت الشبكة عن الشيخ مصطفى عبد الرحمن، رئيس اتحاد الاستيراد والتصدير في الإقليم، أن "إيران لا تريد أن تخسر شريكًا تجاريًا رئيسيًا، لا سيما وأن اقتصادها يتعرض لضربة قوية نتيجة العقوبات الأمريكية، ولكن هناك المزيد من التجار الذين يستوردون البضائع من تركيا بدلا من إيران".

وأضاف أن ما يقرب من 5000 شخص يستوردون السلع من تركيا إلى الإقليم، وما يقرب من 3000 شخص يستوردون البضائع من إيران إلى الإقليم.

وقال عبد الرحمن: "شرحت للمسؤولين الإيرانيين خلال الاجتماع أن نوعية الطعام والسلع الإيرانية الأخرى أقل من جودة تركيا، وأن السبب في تراجع الصادرات الإيرانية ليس العقوبات فقط".

وبحسب الأرقام الصادرة عن اتحاد المستوردين والمصدرين، فإن من بين 3.850 شركة أجنبية تعمل في الإقليم، هناك 250 شركة إيرانية فقط، بينما توجد نحو 1800 شركة تركية.

وقال رئيس اتحاد الاستيراد والتصدير في الإقليم إن الأمرلا يتعلق فقط بتراجع الشركات الإيرانية، بل لاحظنا أن البضائع التركية في محافظة السليمانية وحلبجة آخذة في التزايد. ورداً على هذا، قررت بعض الشركات الإيرانية تصدير سلع عالية الجودة إلى إقليم شمال العراق وخفض أسعارها حتى لا تفقد السوق
 
انخفاض مشتريات تركيا من النفط الإيراني إلى الصفر في نوفمبر

2018-12-04اقتصاد

ترك برس

نقلت وكالة رويترز عن مصدر تركي مطلع أن مشتريات تركيا من النفط الخام الإيراني هبطت إلى الصفر في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وهو ما يرجع إلى انخفاض عدد الصفقات الموقعة في الأسابيع التي سبقت إعادة فرض عقوبات أمريكية على طهران.

وكان وزير الطاقة التركي فاتح دونماز، أعلن الشهر الماضي أن مصفاة توبراش التركية تبحث عن بدائل للنفظ الإيراني لتجنب حدوث أي مشكلات بالسوق، على الرغم من إن بلاده حصلت على لى إعفاء من نحو 25 بالمئة من العقوبات النفطية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، بما يعادل نحو ثلاثة ملايين طن من النفط سنويا.

وأفادت بيانات قدمها المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه بأن شركة توبراش التركية، المشتري الرئيسي للخام في البلاد، لم تشتر أي نفط إيراني في نوفمبر/ تشرين الثاني، بعدما استوردت نحو 129 ألف برميل يوميا من إيران في أكتوبر/ تشرين الأول.

وعادة ما يتم حجز النفط الإيراني الذي يصل إلى تركيا قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من وصوله بسبب الوقت الذي تستغرقه الشحنات في قطع المسافة بين البلدين بحرا.

وقال مصدر تجاري إن توبراش أجرت أيضا عمليات صيانة مقررة في الفترة من منتصف أكتوبر تشرين الأول إلى منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني بمصفاتها في إزميت، إحدى المصافي الأربع التابعة للشركة، في خطوة ربما قلصت إجمالي طلبها على النفط الخام خلال تلك الفترة.

واستأنفت الولايات المتحدة العقوبات على قطاعات النفط والشحن والبنوك الإيرانية في أوائل نوفمبر تشرين الثاني، بعدما انسحب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في وقت سابق هذا العام من الاتفاق النووي المبرم في 2015.

وأعلنت الولايات المتحدة آنذاك أنها ستمنح إعفاءات مؤقتة لثماني دول، من بينها تركيا، بما يسمح لها بمواصلة استيراد بعض النفط الإيراني.
 
محلل أمريكي: مؤسسة سوروس جزء من الحرب الهجينة على تركيا

2018-12-04تحليلات

ترك برس

وصف المحلل السياسي الأمريكي، أندريه كوريبكو، مؤسسة المجتمع المفتوح الخيرية المملوكة للملياردير اليهودي جورج سوروس، بأنها جزء من الحرب الهجينة على تركيا، وأن رحيل المؤسسة عن تركيا سيكون مكسبا لها وللحكومة التركية.

وأعلنت المؤسسة الأسبوع الماضي أنها ستغلق مكتبها في إسطنبول بعد أن أصبحت هدفا لاتهامات "لا أساس لها" جعلت من المستحيل العمل فى البلاد. وجاء ذلك بعد أن اتهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المؤسسة بالوقوف وراء أحداث "غيزي بارك" عام 2013.

وكتب كريبكو في مقال نشر في دورية "أورينتال ريفيو" أن قرارمسؤولي المؤسسة الانسحاب من تركيا كان خطوة مسؤولة بعد ظهور إشارات على حملة وشيكة ضدها من قبل الحكومة التركية إذا لم يرحلوا بمحض إرادتهم.

وأضاف أن قرار الانسحاب كان مكسبا لكل من الطرفين، حيث يمكن لـ "مؤسسة المجتمع المفتوح" أن تخلي أصولها الأجنبية من البلاد وتفكك شبكتها العامة، في حين أن الدولة لا تحتاج إلى تحمل الحملة العنيفة التي ستطلقها وسائل الإعلام الأجنبية ضدها، إذا ما اتخذت تركيا إجراءات شبيهة بالإجراءات التي اتخذتها روسيا ضد المؤسسة عام 2016.

ورأى كوريبكو أن هذه المقايضة واقعية بالنسبة للطرفين، لأن عملاء المؤسسة المحليين المنخرطين في الحرب الهجينة على تركيا سيفلتون من العقاب، على الرغم من أنه من المحتمل أن تكون الدولة على علم بهم، ولن تتردد في احتجازهم إذا مثلوا تهديدًا مستقبليًا للأمن في حال قرروا العودة إلى تركيا لمواصلة أنشطتهم المزعزعة للاستقرار.

وأردف أنه على الرغم من أن أعضاء المؤسسة قد ينتقلون بأمان إلى الخارج، مما سيسمح لهم بمواصلة عملهم عن بُعد من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية وقنوات أخرى، فإن هذا التهديد يمكن السيطرة عليه من قبل السلطات التركية بسهولة، على عكس أنشطتهم في داخل البلاد.

وقال كوريبكو إن انسحاب سوروس من تركيا قد يكون نذيراً لما سيحدث لأن الرئيس أردوغان يحظى باحترام كبير في الأوساط الإسلامية الدولية؛ لذا قد تستلهم الحكومات الإسلامية الأخرى من قيادته في الدعوة إلى إغلاق "مؤسسة المجتمع المفتوح" دون خوف.
 

تزايد الصادرات التركية لاقليم كردستان وتناقص اصادارات الايرانية للاقليم

 
صورة في غاية الجمال لهضبة "دوزكوي Düzköy" الاخاذة تتميز بمشاهد ساحرة تأسر الالباب تقع في ولاية طرابزون شمال تركيا

DtpCn_PX4AAZGVu.jpg

 
عودة
أعلى