ستشهد أروقة الكونغرس الأمريكي معركة جديدة حاسمة بين إدارة الرئيس الجمهورية والنواب الديمقراطيون المهيمنون على الكونغرس. فالرئيس (بوش) يطالب بزيادة ميزانية وزارة الدفاع لعام 2008 البالغة (150) مليار دولار للعام الحالي إلى (196) مليار دولار لن تسهم فقط في زيادة حصة وزارة الدفاع الأمريكية من الناتج القومي بنسبة ما بين 4.3 – 5% فحسب، بعد أن كانت لا تتجاوز 3% في بداية عهد بوش الابن كرئيس أمريكي، بل إنها سوف تزيد من سعار الإدارة الأمريكية تجاه ما تسميه (الحرب على الإرهاب) حول العالم، لتكثف من حملاتها (الترهيبية) للشعب الأمريكي بغية إقناعه بأهمية وضرورة المبالغ المنفقة على حرب لا أحد يعلم غايتها ولا منتهاها حتى الآن.
وسوف تلتهم الحرب في كل من العراق وأفغانستان، بالطبع، النصيب الأوفر من هذه الزيادة الخيالية، بيد أن عنصراً مهماً في ما تسميه الإدارة الأمريكية بالحرب على الإرهاب، سوف ينال حظه من هذه الزيادة، فالقواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في طول العالم وعرضه، بما تمثله من أداة "ردع ومواجهة" حسب التوصيف الأمريكي، سوف يمكن الولايات المتحدة من مواجهة أي جهة "مارقة" وفق القاموس الأمريكي، إلا أنه لا تقلّ استنزافاً للمخصصات الأمريكية العسكرية.
وبالتوازي مع مخطط المحافظين الجدد إنشاء خمس قواعد عسكرية جديدة في إفريقيا نهاية عام 2008، وبناء قاعدة عسكرية جديدة في الفلبين، فقد نشر مركز (جلوبال ريسيرش) الكندي لأبحاث العولمة مؤخراً تقريراً عن شبكة القواعد العسكرية الأمريكية في العالم من قواعد أرضية وبحرية وجوية وحتى قواعد تجسسية واستخباراتية في كل بقاع الأرض، والتي تقدر بحوالي سبعمائة أو ثمانمائة قاعدة تكلف الولايات المتحدة سنوياً مئات المليارات من الدولارات. وهي تستخدم في أغراض التدريب وتخزين الأسلحة والمعدات العسكرية التي يستخدمها الجيش الأمريكي في أي مكان. هذا بخلاف القواعد العسكرية داخل أمريكا نفسها والتي تصل إلى ستة آلاف قاعدة حسب تقديرات في فبراير الماضي.
ومع ازدياد شعور الولايات المتحدة برهاب ما بعد هجمات سبتمبر أضيفت سبع دول جديدة إلى قائمة الدول التي تسمح بوجود قواعد عسكرية أمريكية علي أراضيها. وبعد أن كان هناك 255،065 ألف جندي أمريكي منتشر في دول أجنبية عام 2002، أصبح الآن عددهم 325 ألفا منتشرين في أمريكا الشمالية واللاتينية وأوروبا الغربية والشرق الأوسط ووسط آسيا واندونيسيا والفلبين واليابان. ويشير التقرير إلى أن العديد من القواعد الجديدة التي أنشأتها الولايات المتحدة مؤخراً هي قواعد تجسسية ومخابراتية متصلة بالأقمار الصناعية.
وتتركز القواعد العسكرية الأمريكية بصفة أساسية في أوروبا الغربية حيث توجد نحو 26 قاعدة في ألمانيا وثماني قواعد في بريطانيا ومثلها في إيطاليا بالإضافة إلى تسعة مراكز في اليابان. وقد أنشأت أمريكا نحو أربعة عشر قاعدة جديدة في الخليج العربي وحوله خلال السنوات الأخيرة كما بنت وعززت عشرين قاعدة في العراق بكلفة 1،1 مليار دولار.
ولا تزال المفاوضات بين الولايات المتحدة وعدد من الدول جارية بهدف إنشاء مزيد من القواعد العسكرية أو توسيعها في كل من (المغرب والجزائر ومالي وغانا والبرازيل وأستراليا وبولندا والتشيك وأوزبكستان وطاجكيستان وقرغيزستان وإيطاليا وفرنسا).
وقد أثمرت هذه المفاوضات بالنجاح إذ وافقت جيبوتي العام الحالي علي بناء قاعدة عسكرية أمريكية علي أرضها ضمن خطة أمريكية لبناء شبكة من القواعد تربط بين الغرب والشرق من كولومبيا في أمريكا الجنوبية مروراً بشمال إفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا وانتهاءاً بالفلبين.
وعلى الرغم من نمو هذه الشبكة من القواعد العسكرية الأمريكية، فإن العديد من حركات المقاومة لبنائها وتوسيعها سواء في كوريا الجنوبية أو بورتوريكو أو الفلبين أو كوبا أو أوروبا أو اليابان، لا تزال تنشط معتبرة إياها انتهاكاً للسيادة الوطنية. وتشكلت الشبكة الدولية لإزالة القواعد العسكرية الأمريكية التي تسعى إلى إطلاق حملات توعية لكسب الرأي العام ضد هذه القواعد.
وترى هذه المنظمة غير الحكومية أن هذه التحركات الشعبية قد تكللت بالنجاح وأوقفت الاتفاقيات الثنائية مع أمريكا في بعض الدول مثل الفلبين وبورتوريكو، فيما تبذل جهوداً مضاعفة مع الإكوادور وبارجواي وأوزبكستان وبلغاريا لمنع قيام قواعد عسكرية جديدة فيها. الأمر الذي قد يكون له أثر محدود في تلك البلدان التي لا تزال تخضع تحت الهيمنة الأمريكية سياسياً وعسكرياً.
المصدر
http://www. /article.tpl?