مؤتمر الإفتاء العالمي بالقاهرة ينقل خلاف المؤسسات الدينية إلى السطح
وأعطى المؤتمر في مجمله بريق أمل لوضع حد لظاهرة الإرهاب الفكري والتلاعب بالفتاوى لاستخدامها سلاحا شرعيا أمام الجماعات المتطرفة لاستقطاب الآلاف من الأقليات المسلمة. وأهميته تأتي من زاوية أنه أولى المحاولات لربط دور وهيئات الإفتاء والأقليات المسلمة بمختلف الدول وفي مقدمتها البلدان الغربية، في ظل الأزمات التي يولدها خواء البعض من أئمة مساجد الأقليات الإسلامية.
وبالرغم من أن شوقي علام، مفتي الديار المصرية، ذهب إلى أن المؤتمر تنحصر أهدافه في نواح دينية بحتة، إلا أنه لم يستطع تغييب التسييس عن دوافع انعقاده في هذا التوقيت، حيث أقر بأن أحد أهم الأهداف يتمثل في سحب البساط من تحت أقدام تيارات الإسلام السياسي المسيطرة على الجاليات المسلمة في الغرب بشتى الطرق، ما يشي بأن دار الإفتاء المصرية تبحث عن دور دولي في معركة “الإسلاموفوبيا”.
ويرى البعض من المراقبين أنه حتى وإن كان المؤتمر يمثل أحد تجليات الصراع بين أضلع المؤسسات الدينية الثلاث على ارتداء عباءة القيادة الدينية الأبرز، فإن توقيت انعقاده وبمشاركة دولية واسعة قد يأتي بنتائج إيجابية.
غير أن هذا الصراع الديني، لم يكن غائبا حتى عن جلسات المؤتمر، حيث كان لافتا للحضور أن أحمد الطيب شيخ الأزهر قد رفض صراحة خلال كلمته، من خلال العنوان الذي أطلقته دار الإفتاء على المؤتمر والذي يحمل “التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة”، واصفا إياه بأنه “مصطلح يحمل في طياته بذور الإحساس بالعزلة والدونية ويمهد الأرض لبذور الفتن والانشقاق”.
وزاد الطيب على ذلك بأن اسم المؤتمر “مصطلح وافد على الثقافة الإسلامية، وقد تحاشاه الأزهر في خطاباته لأن الثقافة الإسلامية لا تعرفه بل تنكره وترفضه، وتعرف بدلا منه معنى المواطنة الكاملة..”.
ويفسر البعض من المتابعين هجوم الطيب على فحوى عنوان المؤتمر بأن دار الإفتاء لم تنسق مسبقا مع مشائخ الأزهر، وأن دور الأزهر كمؤسسة دينية عريقة لا يمكن أن يملأه أحد غيره”.
وكان لافتا تحلّي الطيب بشجاعة استثنائية في أثناء كلمته، حين اتهم المؤسسات الدينية ودور الإفتاء بأن فتاواها فردية راكدة وقاصرة على المفتي، أو حبيسة مجلدات علمية لا تفيد الملايين من المسلمين.
ويمكن القول إن كلمة الطيب انحصرت تقريبا في تمجيد دور الأزهر بتأهيل الدعاة والمفتين لمواجهة الأفكار المتطرفة، والهجوم عليهم أيضا باعتبارهم أحد أسباب ما يحدث اليوم في العالمين العربي والإسلامي وحتى في الغرب.
لكن شوقي علام مفتي مصر، سلك طريقا مغايرا، حيث ذكر أن “المرحلة الراهنة تشهد موجة عنف لتيارات تبحث عن فتاوى تشرعن لها العنف وهناك ما يقدر بـ50 ألف مقاتل في صفوف تنظيم داعش نصفهم من أبناء الأقليات المسلمة، وإعلام التنظيم يتحدث بـ12 لغة فكان على المؤسسات الدينية العريقة وذات الشأن في هذا المجال أن تعلن عن نفسها لترد بقوة على الأفكار الضالة بمنهجية علمية رصينة”. ووصف علام هذا الوضع بأنه “مؤشر خطير جدا بالنسبة إلى الحالة الراهنة للجاليات المسلمة”.
وبالتوازي مع ما كشفت عنه جلسات المؤتمر في اليوم الأول من صراع لم يعد خافيا بين الأزهر والإفتاء، فإن المؤتمر في نفس الوقت يقام أيضا في ظل انقسام إقليمي ودولي، ولم يعد حبيس الاجتماعات السرية ووصل الأمر حد الاتهام المتبادل برعاية البعض من البلدان لتنظيمات متطرفة وإرهابية.
ورغم أن مؤتمر القاهرة يأتي ضمن سلسلة مؤتمرات عقدت في دول عربية وآسيوية منذ تنامي الفكر المتشدد بفتاواه الشاذة، إلا أن هذه الفتاوى بقيت كما هي بل وتنامت، لكن الجديد في مؤتمر القاهرة أنه ناقش مشكلات الإفتاء وركز على الفتاوى في مجتمعات الأقليات لوضع حلول جذرية لها.
ومن منظور دار الإفتاء المصرية فإن تقديم الفتاوى الصحيحة لمجتمعات الأقليات المسلمة بالخارج، يزيح سيطرة البعض من التيارات المنتمية إلى “تيار الإسلامي السياسي” عن منصات الخطاب الديني بالخارج، بعدما نشرت البعض من الفتاوى المتشددة وساهمت بشكل كبير في إلحاق الأذى والضرر بالمسلمين وغير المسلمين في الخارج.
وخلصت جلسات المؤتمر في يومه الأول إلى اعتبار “هذا الجمع الإفتائي العلمي” أول هيئة إفتائية تربط بين الأقليات الإسلامية بالخارج وبين الهيئات الإفتائية الوسطية والمعتدلة في الدول الإسلامية، وتقديم جميع أشكال الدعم والمساعدة لتأهيل أئمة مساجد الأقليات المسلمة. وكانت دار الإفتاء المصرية قد ذكرت في بيان لها، الأحد، أن المؤتمر سوف يتناول ظاهرة المقاتلين الأجانب في الدول العربية والإسلامية والتي تعد أبرز نتائج هذه الفوضى.
http://www.alarab.co.uk/article/اسل...بالقاهرة-ينقل-خلاف-المؤسسات-الدينية-إلى-السطح
- مؤتمر الإفتاء العالمي في القاهرة، وبالرغم من الخلافات التي برزت في جلساته، إلا أنه أبى البحث في إمكانية التصدي للفتاوى العشوائية التي تغذي التطرف، وذلك عبر تأهيل الأئمة وتنسيق الجهود في كل مكان يوجد فيه مسلمون في العالم.
وأعطى المؤتمر في مجمله بريق أمل لوضع حد لظاهرة الإرهاب الفكري والتلاعب بالفتاوى لاستخدامها سلاحا شرعيا أمام الجماعات المتطرفة لاستقطاب الآلاف من الأقليات المسلمة. وأهميته تأتي من زاوية أنه أولى المحاولات لربط دور وهيئات الإفتاء والأقليات المسلمة بمختلف الدول وفي مقدمتها البلدان الغربية، في ظل الأزمات التي يولدها خواء البعض من أئمة مساجد الأقليات الإسلامية.
وبالرغم من أن شوقي علام، مفتي الديار المصرية، ذهب إلى أن المؤتمر تنحصر أهدافه في نواح دينية بحتة، إلا أنه لم يستطع تغييب التسييس عن دوافع انعقاده في هذا التوقيت، حيث أقر بأن أحد أهم الأهداف يتمثل في سحب البساط من تحت أقدام تيارات الإسلام السياسي المسيطرة على الجاليات المسلمة في الغرب بشتى الطرق، ما يشي بأن دار الإفتاء المصرية تبحث عن دور دولي في معركة “الإسلاموفوبيا”.
ويرى البعض من المراقبين أنه حتى وإن كان المؤتمر يمثل أحد تجليات الصراع بين أضلع المؤسسات الدينية الثلاث على ارتداء عباءة القيادة الدينية الأبرز، فإن توقيت انعقاده وبمشاركة دولية واسعة قد يأتي بنتائج إيجابية.
غير أن هذا الصراع الديني، لم يكن غائبا حتى عن جلسات المؤتمر، حيث كان لافتا للحضور أن أحمد الطيب شيخ الأزهر قد رفض صراحة خلال كلمته، من خلال العنوان الذي أطلقته دار الإفتاء على المؤتمر والذي يحمل “التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة”، واصفا إياه بأنه “مصطلح يحمل في طياته بذور الإحساس بالعزلة والدونية ويمهد الأرض لبذور الفتن والانشقاق”.
وزاد الطيب على ذلك بأن اسم المؤتمر “مصطلح وافد على الثقافة الإسلامية، وقد تحاشاه الأزهر في خطاباته لأن الثقافة الإسلامية لا تعرفه بل تنكره وترفضه، وتعرف بدلا منه معنى المواطنة الكاملة..”.
ويفسر البعض من المتابعين هجوم الطيب على فحوى عنوان المؤتمر بأن دار الإفتاء لم تنسق مسبقا مع مشائخ الأزهر، وأن دور الأزهر كمؤسسة دينية عريقة لا يمكن أن يملأه أحد غيره”.
وكان لافتا تحلّي الطيب بشجاعة استثنائية في أثناء كلمته، حين اتهم المؤسسات الدينية ودور الإفتاء بأن فتاواها فردية راكدة وقاصرة على المفتي، أو حبيسة مجلدات علمية لا تفيد الملايين من المسلمين.
ويمكن القول إن كلمة الطيب انحصرت تقريبا في تمجيد دور الأزهر بتأهيل الدعاة والمفتين لمواجهة الأفكار المتطرفة، والهجوم عليهم أيضا باعتبارهم أحد أسباب ما يحدث اليوم في العالمين العربي والإسلامي وحتى في الغرب.
لكن شوقي علام مفتي مصر، سلك طريقا مغايرا، حيث ذكر أن “المرحلة الراهنة تشهد موجة عنف لتيارات تبحث عن فتاوى تشرعن لها العنف وهناك ما يقدر بـ50 ألف مقاتل في صفوف تنظيم داعش نصفهم من أبناء الأقليات المسلمة، وإعلام التنظيم يتحدث بـ12 لغة فكان على المؤسسات الدينية العريقة وذات الشأن في هذا المجال أن تعلن عن نفسها لترد بقوة على الأفكار الضالة بمنهجية علمية رصينة”. ووصف علام هذا الوضع بأنه “مؤشر خطير جدا بالنسبة إلى الحالة الراهنة للجاليات المسلمة”.
وبالتوازي مع ما كشفت عنه جلسات المؤتمر في اليوم الأول من صراع لم يعد خافيا بين الأزهر والإفتاء، فإن المؤتمر في نفس الوقت يقام أيضا في ظل انقسام إقليمي ودولي، ولم يعد حبيس الاجتماعات السرية ووصل الأمر حد الاتهام المتبادل برعاية البعض من البلدان لتنظيمات متطرفة وإرهابية.
ورغم أن مؤتمر القاهرة يأتي ضمن سلسلة مؤتمرات عقدت في دول عربية وآسيوية منذ تنامي الفكر المتشدد بفتاواه الشاذة، إلا أن هذه الفتاوى بقيت كما هي بل وتنامت، لكن الجديد في مؤتمر القاهرة أنه ناقش مشكلات الإفتاء وركز على الفتاوى في مجتمعات الأقليات لوضع حلول جذرية لها.
ومن منظور دار الإفتاء المصرية فإن تقديم الفتاوى الصحيحة لمجتمعات الأقليات المسلمة بالخارج، يزيح سيطرة البعض من التيارات المنتمية إلى “تيار الإسلامي السياسي” عن منصات الخطاب الديني بالخارج، بعدما نشرت البعض من الفتاوى المتشددة وساهمت بشكل كبير في إلحاق الأذى والضرر بالمسلمين وغير المسلمين في الخارج.
وخلصت جلسات المؤتمر في يومه الأول إلى اعتبار “هذا الجمع الإفتائي العلمي” أول هيئة إفتائية تربط بين الأقليات الإسلامية بالخارج وبين الهيئات الإفتائية الوسطية والمعتدلة في الدول الإسلامية، وتقديم جميع أشكال الدعم والمساعدة لتأهيل أئمة مساجد الأقليات المسلمة. وكانت دار الإفتاء المصرية قد ذكرت في بيان لها، الأحد، أن المؤتمر سوف يتناول ظاهرة المقاتلين الأجانب في الدول العربية والإسلامية والتي تعد أبرز نتائج هذه الفوضى.
http://www.alarab.co.uk/article/اسل...بالقاهرة-ينقل-خلاف-المؤسسات-الدينية-إلى-السطح