حيث إن الواقعة تتحصل فيما شهد به وقرره في التحقيقات /.......- رائد بجهاز أمن الدولة الإمارات – من أنه وردت معلومات لدى الجهاز تفيد أن المتهم /........- أردني الجنسية ويعمل بشركة أبوظبي لتقنيات الطائرات بمهنة موظف أعمال لوجستية - يقوم بالعمل لمصلحة المخابرات الإيرانية ويزودها بمعلومات عن جهة عمله وذلك باتصاله بضابط المخابرات الإيرانية المدعو /....... والذي يعمل تحت ستار دبلوماسي بالسفارة الإيرانية بأبوظبي ، وكان المتهم قد ذهب لإيران شهر 11 عام 2010 وتم تجنيده من قبل المخابرات الإيرانية باستعمالهم الأساليب التي ذكرها في أقواله في المحضر ، وعند عودته من إيران إلى الدولة تم تكليفه بإتباع تعليمات الضابط الإيراني المذكور وتنفيذ ما يطلبه منه فقد طلب منه في المرة الأولى أن يُعدّ تقريرين الأول عبارة عن شرح مفصل باللغة الانجليزية عن نظام الترفيه في الطائرة بجميع قطعها وأجزائها وكيفية عمل كل قطعة مع إعداد الصور الفوتوغرافية لكل قطعة ، أما التقرير الثاني فهو بيان لأسماء الموظفين الإداريين العاملين في شركة أبوظبي لتقنيات الطائرات ، وعلى إثر ذلك سلّم المتهم الضابط هذين التقريرين بمقر السفارة الإيرانية بأبوظبي ثم في شهر ابريل من عام 2011 سافر إلى إيران وهناك درّبوه على الرماية بالسلاح وبعض الأساليب في كيفية استخدام الفلاش ميموري لأخذ معلومات من جميع الأقسام بالشركة التي يعمل فيها ، كما درّبوه على مادة بخاخة ترش على اليد وأثناء المصافحة تقوم بسحب بصمات الأشخاص الذين يصافحونه ، وكان المستهدف من ذلك المديرين والمسئولين في جهة عمله ودرّبوه أيضاً على رش مادة في حذائه لسحب برادة الحديد من ورش الصيانة بالمطار ، وتلقى تدريباً على استخدام بعض الأجهزة والكاميرات والهواتف المتحركة المحمولة لاستخدامها ووضعها في جهة عمله وفق ما يكلفه به الضابط المذكور ، ولما عاد إلى الدولة من إيران وبناء على التكليف الصادر له من الضابط أخذ معلومات من أجهزة الكمبيوتر الموجودة في الشركة بكافة أقسامها بواسطة برنامج الفلاش ميموري الذي تدرب عليه وسلمه للضابط بالسفارة ، وأخذ أيضا بيانات فاتحات الأبواب الالكترونية بواسطة بطاقة ممغنطة زوّده بها الأخير ، وهو الباب الرئيسي للشركة وكذا أبواب مخازن قطع غيار الطائرات وسلّم الضابط البطاقة الممغنطة التي تحوى المعلومات التي أخذها ، كما كلفه هذا بتصوير فوتغرافي سرّي لمخازن قطع الطائرات من الداخل والخارج بواسطة قلم تصوير سرّي زوده به وإستطاع الدخول إلى المخازن والتقاط الصور التي يرغب فيها وسلّمه - أي القلم - إلى الضابط في السفارة ، وكلفه أيضاً بتصوير فوتوغرافي سري لحظيرة صيانة الطائرات الرئيسية في الشركة ((......)) بواسطة قلم تصوير سري من الداخل والخارج ، واستطاع المتهم تنفيذ ما كُلف به ، وقام بتصوير فوتوغرافي سري أيضاً لقطع طائرات مستعملة متروكة خارج مخزن قطع الطائرات بواسطة قلم تصوير سري سلّمه إياه الضابط ، وصوّر بذات القلم محرك طائرة مدنية تابعة للشركة ، وسرق قطع غيار خاصة بالطائرات منها قطعة SEB ، وهي قطعة الكترونية وظيفتها توزيع كهرباء وإشارة وصوت لتغذية ثلاثة مقاعد ركاب بنظام الترفيه في الطائرة ، وتستخدم هذه القطع المسروقة في طائرات إيرباص 340 ، 330 ، 320 التابعة لطيران الإتحاد ، وسرق أيضاً قطعة ISPC ، وهي محول كهرباء من DC إلىAC ، لتغذية قابس الكهرباء الخاص بمقاعد ركاب المسافرين ، وكذا قطعة SVDU وهي شاشة لمس خاصة بمقاعد ركاب المسافرين فئة الدرجة السياحية ، وكذلك قطعة TPCU ، وهي يد تحكم تابعة لنظام الترفيه بالطائرة ومثبتة في مقاعد ركاب الدرجة السياحية ، وجميع هذه القطع سلّمها المتهم إلى الضابط بمقر السفارة الإيرانية ، وسلّمه أيضاً ثلاث صور للكاميرا التابعة لنظام الترفيه في الطائرة مع نسخة لشهادتي إثبات إصلاح ، وقد حصل على صور الكاميرا من الملف العام لقسم نظام الترفيه للطائرة ، وطبع ثلاث نسخ منها ، وأضاف الشاهد أن المتهم اعترف أمامه بأنه أخذ شهادات الإثبات الخاصة بالإصلاح من عمله وأنه ظل في علاقته مع الضابط الإيراني ........ إلى ضبطه ، وكان يتصل معه بهواتف متحركة يستخدمها المتهم إلى جانب هاتف مشفر سلمه له هذا الضابط مع البريد الالكتروني الخاص بالمتهم ، وأن التقارير والصور المذكورة تعد سرية لا يجوز لغير المختصين بالشركة المذكورة آنفا تداولها الاّ أن المتهم زوّد الضابط بها مع أنها من أسرار المهنة لا يجوز له إبلاغ الغير بها ، وأن المتهم كان يعلم بأن هذا الضابط من المخابرات الإيرانية عندما سافر في المرة الأولى إلى إيران حيث جندته المخابرات الإيرانية .
وبسؤال المدعو /........ – مشرف أول أمن صناعي بشركة أبوظبي لتقنيات الطائرات – في التحقيقات قرر أن هذه الشركة تتبع شركة مبادلة المملوكة لحكومة أبوظبي وأن المتهم موظف فيها بوظيفة فني ويعمل في مجال أجهزة الرفاهية الخاصة بالركاب في الطائرات التابعة لطيران الإتحاد وكان موجوداً بالشركة بعمل مؤقت منذ تاريخ 5/7 / 2009 حتى 13/3 / 2010 ثم بعد ثلاثة أشهر عيّن في الشركة بصفة رسمية ثابتة واستقال في 24/11/2011 وأنه بمقتضى العمل المنوط به - أي المتهم - لا يحق له أخذ أية بيانات من الكمبيوترات الخاصة بالشركة أو التقاط صور داخل مقر الشركة أو مخازن قطع الطائرات أو حظيرة صيانتها ، ولا يجوز له أخذ قطع خاصة بالطائرات إنْ كانت منتهية الصلاحية أو إخراجها إلاّ بتصريح ، وأضاف أنه لم يكن يعلم بما قام به المتهم على النحو المشار إليه في المساق المتقدم وفي خلال فترة عمله لدى الشركة لم يظهر عليه ما يثير الريبة في مسلكه .
وبسؤال المتهم في التحقيقات قرر بأنه في عام 2010 توجه إلى السفارة الإيرانية بأبوظبي لاستخراج تأشيرة زيارة لإيران لكي يلتقي بفتاة إيرانية تدعى /...... كان قد تعرف إليها عبر الانترنت وأراد الزواج بها ، إلاّ أن واجهته صعوبات في الحصول على التأشيرة وعندئذ ساعده الضابط الإيراني المذكور آنفاً وتم إصدار التأشيرة ، وبتاريخ 29/11/2010 سافر إلى إيران عبر مطار أبوظبي الدولي وأقام بأحد فنادق طهران وقد فوجئ بهجوم ثلاثة أشخاص إيرانيين عليه وأوسعوه ضرباً ومارسوا معه الجنس ثم طلبوا منه أن يمارس الجنس مع إمرأة إيرانية وصُوّر بالفيديو وهددّوه بأنهم سوف يقومون بنشر ما تعرض له في الانترنت أن لم يتعاون مع الضابط ...... وذلك بهدف إيجاد وسيلة ضغط عليه لتجنيده لمصلحة المخابرات الإيرانية فما كان منه إزاء هذا التهديد إلاّ أن وافق على التعاون معهم ، وأثناء عودته إلى الدولة التقى الضابط وبناء على طلبه شرح له نظام الترفية في الطائرات وسلمه تقريرين الأول كتبه باللغة الانجليزية على جهاز الكمبيوتر الخاص به يبين فيه نظام الترفية في الطائرة بجميع قطعه وكيفية تركيب كل قطعة مع صور لكل منها ، أما التقرير الثاني فتضمن أسماء الموظفين الإداريين العاملين بالشركة مع بيان مناصبهم ورواتبهم الشهري وقد تقاضي مبلغ ثلاثة آلاف دولار أمريكي مقابل هذين التقريرين . وبتاريخ 20/4 / 2011 سافر إلى إيران وقابله ثلاثة أشخاص إيرانيين مسلحين وأخذوه بسيارة معصوب العينين إلى مكان مجهول وطلبوا منه تحديد مقر عمله ومسكنه من خلال خريطة كبيرة للإمارات مفصلة بأسماء الأماكن والشوارع ثم طلبوا منه أن يخبرهم عن قطع الطائرات وأحجامها وعن حجم قطعة SEB وعملها في تزويد نظام الترفيه على الطائرة بالكهرباء والصوت والإشارة ، فاستجاب لهم ، ثم طلبوا منه سرقة هذه القطعة وتسليمها للضابط تحت طائلة التهديد ، ثم بدأوا بتدريبه على استعمال وفك سلاح الكلاشنكوف وكيفية استخدام الفلاش ميموري الذي يقوم بسحب المعلومات من الكمبيوتر وتلقى تدريباً على كيفية استخدام مادة ترش على اليد لرفع بصمات الأشخاص عند مصافحتهم وأيضاً تدرب على استخدام المادة اللاصقة للأحذية لجذب برادة الحديد ورفعها ووضعها في أكياس بلاستيك ووضعها في أماكن حساسة من الجسم ومن ثم تهريبها فعلم عندئذ أن المخابرات الإيرانية تسعى للحصول على نوع الحديد الذي تصنع منه بعض قطع غيار الطائرات التي يتم صيانتها في الشركة التي يعمل فيها ، وتلقى أيضاً تدريباً على جهاز تعقب الأشخاص حيث يكونون وكيفية استخدام كاميرا على شكل قلم للتصوير الفوتغرافي وهناك عدة أمور تدرب عليها على النحو المبين في أقواله في التحقيقات ، وطلبوا منه أن يتبع تعليمات الضابط الإيراني وينفّذ ما يطلبه منه ، وبتاريخ 24/4 / 2011 عاد إلى الدولة والتقى هذا الأخير وسلمه الفلاش ميموري الذي تدرب عليه في إيران وبموجبه سحب معلومات من كمبيوترات القسم الذي يعمل به ، وكمبيوتر آخر من القسم المسمى شعبة LINE ، كما سحب بيانات فاتحات الأبواب الالكترونية بواسطة بطاقة ممغنطة للباب الرئيسي رقم 3 وأبواب مخازن قطع غيار الطائرات ، وقام بتصوير فوتوغرافي سرّي لمخازن قطع الطائرات من الداخل والخارج وكذا حظيرة الطائرات الرئيسية في الشركة المذكورة ( الهناجر ) وقطع طائرات مستعملة ومحرك طائرة مدنية تابعة للشركة وذلك بواسطة قلم تصوير سري زوده به الضابط ثم سلّمه القلم والصور ، وسرق قطع غيار خاصة بالطائرات بناء على طلب الأخير منها قطعة SEB وهي قطعة الكترونية وظيفتها توزيع كهرباء وإشارة وصوت لتغذية ثلاث مقاعد ركاب بنظام الترفيه على الطائرة ، وتستخدم هذه القطع في طائرات إيرباص التابعة لطيران الإتحاد ، وكذا قطعة SVDU وهي شاشة لمس خاصة بمقاعد ركاب المسافرين من الدرجة السياحية ، وجميع الصور والقطع سلمها للضابط بمقر السفارة الإيرانية ، كما سلّمه أيضاً ثلاث صور للكاميرا التابعة لنظام الترفيه في الطائرة مع نسخه لشهادتي إثبات إصلاح حصل عليها من الملف العام لقسم نظام الترفية للطائرة بدون علم مسئوليه بالشركة ، وقال أن المعلومات التي ضمنها التقريرين والبيانات الخاصة بالطائرات وقطع غيارها والتي سلمها إلى الضابط فإنها سرية لا يجوز إفشائها أو إبلاغها الغير كما أن المواد وقطع الغيار الخاصة بالطائرات لا يجوز إخراجها من مقر الشركة ، وأن ما قام به على النحو السالف بيانه لم يكن يعلم به أي مسئول بالشركة وأنه مخطئ في ذلك .
وقد أسندت النيابة العامة إلى المتهم لأنه في تاريخ سابق على يوم 19/11/2011 بدائرة أبوظبي :-
1 ) بصفته موظف عام ( موظف أعمال لوجستية بشركة أبوظبي لتقنيات الطائرات المملوكة لحكومة أبوظبي ) سعي وتخابر مع دولة أجنبية الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومع من يعملون لمصلحتها (....... ضابط الاستخبارات الإيرانية ، الموظف بالسفارة الإيرانية بأبوظبي ) بأن اتفق على تسليمهم صوراً وتقارير ومعلومات عن شركة أبوظبي لتقنيات الطائرات وكان من شأنها الإضرار بمركز الدولة العسكري والسياسي والاقتصادي .
2 ) بصفته السابقة اختلس الوثائق والأجهزة المبينة بالمحضر وسلمها لضابط الاستخبارات الإيرانية سالف الذكر بوصف التهمة الأولى والمحظور نشرها أو إذاعتها مع علمه بأنها متعلقه بأمن الدولة وبمصالحها الوظيفية .
3 ) سلّم ضابط الاستخبارات الإيرانية سالف الذكر صوراً ومعلومات ووثائق خاصة بالدوائر الحكومية ( شركة أبوظبي لتقنيات الطائرات المملوكة لحكومة أبوظبي ) وكان محظوراً من الجهة المختصة نشره وإذاعته .
4 ) أخذ صوراً لمخازن قطع الطائرات من الداخل والخارج ولحظيرة صيانة الطائرات الرئيسية في شركة أبوظبي لتقنيات الطائرات ( الهناجر ) ولقطع طائرات مستعملة ومحرك طائرة مدنية تابعة للشركة التي يعمل فيها على خلاف الحظر الصادر من السلطات المختصة على النحو المبين بالأوراق .
وطلبت معاقبته بالمواد 168 ، 155 ، 5 فقرة1البند2 ، 169 من قانون العقوبات الاتحادي وتعديلاته .
وبجلسة المرافعة مثل المتهم وأنكر ما أسند إليه ، وإذ استمعت المحكمة إلى أقوال شاهدي الإثبات /........- الضابط بجهاز أمن الدولة –........ المقدم – يعمل مشرف أول أمن صناعي بشركة أبوظبي لتقنيات الطائرات – فلم تخرج أقوالهما عن سابقتها ، والحاضر مع المتهم قدم مذكرة بدفاعه دفع فيها بعدم دستورية الفقرة 8 من المادة 33 من قانون المحكمة الاتحادية العليا ، كما دفع بطلان أمر الإحالة لخلوه من المواد القانونية التي يحاكم بموجبها المتهم ، وفي الموضوع طلب الدفاع الحكم ببراءة المتهم مما أسند إليه لعدم الثبوت .
ثم قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة اليوم .
وحيث أنه عن الدفع بعدم دستورية نص المادة 33 المذكورة آنفاً بقوله أن اختصاص المحكمة الاتحادية العليا بالفصل في الجرائم المبينة بأمر الإحالة ينطوي على حرمان المتهم من الحق في الطعن على الحكم الصادر من هذه المحكمة ويتعارض مع مبدأ التقاضي على درجتين ، فهو دفع غير محله ذلك انه وان كان الفصل في اتصال النص المطعون فيه بعدم الدستورية - بالنزاع الموضوعي من مسائل القانون ، إلاّ أن تقدير محكمة الموضوع جدّية المطاعن الموجهة إليه هو مما يدخل في نطاق سلطتها التقديرية التي تباشر من خلالها نوعاً من التقييم المبدئي لمضمون هذه المطاعن وسلامة أسسها ،
وهذه الجدّية تعد شرطاً أولياً لاتصال الدعوى الدستورية بالدائرة الدستورية بالمحكمة الاتحادية العليا ،
والجدّية المتطلبة في هذا الخصوص تستلزم أمرين أولهما :- أن يكون الفصل في المسألة الدستورية منتجاً بمعنى أن يكون النص القانوني أو اللائحي المطعون على عدم دستورية متصل بموضوع الدعوى فإن اتضح للمحكمة أن النص المطعون فيه بعدم الدستورية لا يتصل بموضوع الدعوى قررت رفض الدفع بعدم الدستورية ثانيهما :- ضرورة وجود ما يشير إلى خروج النص القانوني على أحكام الدستور أي أن تتحقق المحكمة من أن عدم دستورية النص يجد له سنداً فإذا ما ثبت أنه لا شبهة في دستورية قضت برفض الدفع وفصلت في موضوع الدعوى . لما كان ذلك
وكان الدفع بعدم الدستورية إنما ينصرف إلى المادة 33 من قانون المحكمة الاتحادية العليا وهذا النص لا علاقة له بمواد الاتهام التي يعاقب المتهم بموجبها ولا تتصل بموضوع الدعوى ومن ثم فإن المحكمة تنتهي إلى عدم جدية الدفع وتقضى برفضه .
وحيث أنه عن الدفع ببطلان أمر الإحالة لعدم تضمنه المواد التي يعاقب المتهم بمقتضاها فهو مردود لأن الثابت من الأوراق أن المتهم أحيل إلى المحكمة بموجب أمر الإحالة الصادر من النيابة العامة وقد تضمن بياناً كافياً لمواد الاتهام والوصف القانوني للجرائم المسندة إلى المتهم وتحدّد لنظرها جلسة مرافعة مثل فيها الأخير فإن الدفع ببطلان أمر الإحالة يكون على غير سند صحيح من الواقع والقانون بما يوجب رفضه .
وحيث أنه عن الموضوع فإن نص المادة 155 من قانون العقوبات الاتحادي على أن (( يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات إذا وقعت الجريمة في زمن السلم وبالسجن مدة لا تقل عن خمس سنين إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب : 1 ) من سعى لدى دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر مع أي منها وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز الدولة الحربي أو السياسي أو الاقتصادي ، 2 ).... 3 ).....)) دل على أن المشرع استلزم لقيام هذه الجريمة توافر ركنين مادي هو السعي أو التخابر لدى دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها وأن من شأن ذلك الأضرار بمركز الدولة الحربي أو السياسي أو الاقتصادي ، ومعنوي يتمثل في انصراف إرادة المتهم إلى هذا الفعل مع علمه بأنه سعى أو تخابر مع تلك الدولة أو ممن يعملون لمصلحتها مع علمه بأن ذلك من شأنه إلحاق الضرر بمركز الدولة على النحو الموصوف سلفاً ولا يتطلب القانون في هذه الجريمة سوى القصد الجنائي العام .
والمقصود بالسعي هو كل عمل أو نشاط يصدر من الجاني يتجه به إلى الدولة الأجنبية أو إلى من يعمل لمصلحتها لأداء خدمة معينة لها مما يقع تحت طائلة التجريم ، أما التخابر فيراد به التفاهم غير المشروع بمختلف صوره سواء أكان صريحاً أم ضمنياً وسواء تم عن طريق سعى الجاني نفسه إلى الدولة الأجنبية أم عن طريق سعى هذه الدولة إليه ، وأن القانون ساوى بين التخابر والسعي بالنظر إلى الخطر الذي ينطوي عليه مسلك الجاني .
أما جريمة تسليم الدولة الأجنبية أو أحد ممن يعلمون لمصلحتها أية معلومات أو صور أو وثائق ... أو غير ذلك مما يكون خاصاً بالدوائر الحكومية والمنصوص عليها في المادة 169 من ذات القانون فإن مناط التجريم في هذه المادة هو أن تكون الأشياء الوارد ذكرها فيها محظوراً من الجهة المختصة نشرها أو إذاعتها والمرجع في هذا الحظر هو الجهات الوارد ذكرها في هذه المادة . لما كان ذلك
وكانت الجرائم المسندة إلى المتهم قام الدليل على ثبوتها في حقه ثبوتاً كافياً مستمداً من أقوال الشاهد /....... في التحقيقات من أن المتهم عمل لصالح المخابرات الإيرانية وتزويدهم بمعلومات عن جهة عمله – شركة أبوظبي لتقنيات الطائرات وذلك باتصاله والتقائه المستمر مع ضابط المخابرات الإيرانية المدعو /...... الذي يعمل تحت ستار دبلوماسي بالسفارة الإيرانية بأبوظبي ، وقد سلّمه المتهم تقريرين الأول شرح تفصيلي باللغة الانجليزية لنظام الترفية في الطائرة بكافة أجزائها وقطعها وكيفية عمل كل قطعة وصورتها ، وتضمن التقرير الثاني بعض أسماء الموظفين الإداريين العاملين في الشركة المذكورة ، كما أنه في أثناء وجوده في إيران تلقى تدريباً على الرماية بالسلاح وبعض الأساليب في كيفية استعمال الفلاش ميموري لأخذ المعلومات من كافة الأقسام بالشركة المذكورة ، وتدرّب على مادة بخاخة ترش على اليد لأخذ بصمات الأشخاص الذين يصافحونه ، وأنه بناء على تكليف الضابط الإيراني له قام بأخذ معلومات من أجهزة الكمبيوتر وكذلك بيانات فاتحات الأبواب الالكترونية بواسطة بطاقة ممغنطة زوده بها الضابط ، وقام أيضاً بتصوير فوتغرافي سري لمخازن قطع الطائرات من الداخل والخارج بقلم تصوير سرّين إضافة إلى قيامه بتصوير حظيرة صيانة الطائرات الرئيسية في الشركة " الهناجر " وتصوير لأماكن وأشياء أشار إليها الشاهد في معرض أقواله في المساق المتقدم ، وقام المتهم بسرقة قطع غيار خاصة بالطائرات على النحو السالف بيانه ، وجميع القطع سلّمها إلى الضابط بمقر السفارة الإيرانية وسلّمه أيضاً ثلاث صور للكاميرا التابعة لنظام الترفية في الطائرة مع نسخة لشهادتي إثبات إصلاح . وشهد المدعو /...... المقدم في التحقيقات بأن المتهم باعتباره موظفاً لدى شركة أبوظبي لتقنيات الطائرات في وظيفة فني ، لا يحق له أخذ بيانات من الشركة أو التقاط صور لأي موقع داخل الشركة بما فيها مخازن قطع الطائرات وحظيرة الصيانة كما لا يجوز للمتهم أيضاً ، نقل أو أخذ قطع خاصة بالطائرات أو إخراجها من موقعها إلى الخارج . وقد تأيد هذا الثبوت باعتراف المتهم تفصيلاً في التحقيقات على النحو السالف بيانه وقد جاء اعترافه صحيحاً لا لبس فيه ولا غموض دالاً على صحة ما أسند إليه ولم يرد في الأوراق ما يفيد أنه أدلى بهذا الاعتراف تحت وطأة الإكراه وبدون اختياره ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إلى صحته وسلامته ولا تأبه لعدوله عنه واعتصامه بالإنكار بجلسة المحاكمة إذ لم يبغ من ذلك سوى درء مغبة الاتهام عن نفسه والإفلات من العقاب بعد أن وازن في قراره نفسه أن بقاءه على اعترافه دليل إدانته . وإذ كان ما تقدم ، فإن ما قام به المتهم من التقائه ضابط الاستخبارات الإيرانية المذكور آنفاً وتسليمه صوراً وتقارير ومعلومات عن شركة أبوظبي لتقنيات الطائرات وهذه الشركة تعد جهة حكومية لا يجوز إذاعة أو نشر أية أمور خاصة بها ، وكان الضابط الإيراني ممن يعملون لمصلحة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكان هذا الفعل من شأنه الإضرار بمركز الدولة ، كما أن أخذه صوراً لمخازن قطع الطائرات ولحظيرة صيانة الطائرات في الشركة ولقطع طائرات مستعملة ومحرك طائرات تابعة للشركة خلافاً للخطر الصادر عن السلطات المختصة