يعود نظام الاستعلام على الإشارات أو SIGINT الى أكثر من ١٠٠ عام عندما بدأت القوات المسلحة تجري عدة تجارب حول كيفية التنصت على إتصالات العدو خلال الحرب العالمية الأولى. لا تزال عناصر SIGINT الأساسية هي نفسها. أولها الترددات الراديوية التي يستخدمها العدو ليتم تحديدها والتعرف على موقعها على ان يتم في ما بعد التحقق من تحديد الإتجاه أو DF.
بعد الإنتهاء من كل هذه الخطوات، تسجل حركة اتصالات العدو وتخزن لتحليلها لاحقا. تتطلب الرسائل الراديوية للعدو تحليلا خاصا لذا قد تبرز الحاجة الى تفكيك رموز وعلماء لغة لترجمة هذه النصوص. أما العنصر النهائي فيكمن في إيجاد معنى لرسائل العدو، فهم مغزاها ومن ثم مساعدة القوات الصديقة للإستفادة من المعلومات التي تم جمعها.
تشهد تكنولوجيا SIGINT وإجراءاتها تغيرا ملحوظا وكبيرا عن السنوات المئة الماضية حيث كانت الإتصالات الراديوية في أولها، لقد باتت SIGINT اليوم أكثر تقدما تعمل بشكل أوتوماتي، مزودة بنظم مدمجة فائقة التطور إلى جانب تكنولوجيا معلومات محوسبة. يعد هذا التطور طبيعيا بعد التقدم القائم في التكنولوجيا الراديوية في ساحة القتال التي بدورها باتت تعتمد بشكل متزايد على البرمجيات لتوليف الراديو ضمن تردداته وتشفير أو ترميز الرسائل الصوتية والنصية. يطلق على الراديوات الجديدة هذه، إسم الأجهزة الراديوية المعرّفة برمجيا (SDR). من الصعب جدا فك التشفير المحوسب لكن لا يزال هناك قدر كبير من المعلومات الإستعلامية التي يمكن حصادها وبالتالي بناء صورة تفصيلية حول مكان وضع أجهزة العدو الراديوية وذلك من خلال استخدام تقنيات DF. فضلا عن ذلك، يوفر فهم هوية المتكلم وكيفية تشغيل الجهاز معلومات إضافية لكشف العدو. هذا الأمر يسمح أيضا ببناء ما يسمى بأمر عمليات الكتروني معادٍ كما يتيح الفرصة في كشف وحدات العدو الأساسية، قواعده وأفراده وبالتالي استهدافها.
نمت وتطورت تكنولوجيا SIGINT إلى أبعد من التعامل مع حركة الإتصالات اللاسلكية للعدو، فهي اليوم باتت تشمل مراقبة مجموعة واسعة من الطيف الكهرومغناطيسي بما في ذلك الإتصالات الهاتفية الخلوية وشبكات الكمبيوتر القائمة على نظام واي فاي Wi-Fi. وبما أن المزيد من الإتصالات العسكرية او إتصالات المسلحين تستخدم هذه التكنولوجيات الجديدة، لذا فإن مشغلي SIGINT يخضعون لتدريبات ميدانية عدة للتعامل معها بشكل جيد.
لدى القوات الجوية، البرية والبحرية متطلبات SIGINT الخاصة بها والمحددة لمجالاتها لكن هذه الفروقات بدأت تنحسر شيئا فشيئا وراحت تسعى القوات المسلحة حول العالم إلى تطوير قدرات SIGINT المتداخلة في العديد من المجالات.
ظهر، ولسنوات عدة، فرق بين تكنولوجيا SIGINT التكتية والإستراتيجية التي تنطوي على حلول مختلفة جدا حدَّت من عمليات التحديد مما دفع مشغلو SIGINT في كل المستويات لطلب أن تكون هذه التكنولوجيا مدمجة تماما ضمن مقاربة شاملة متعددة الأبعاد.
في حين أن نطاق وطموحات نظم SIGINT المعاصرة قد توسعت، إلا أن هناك واقعا مفاده أن النظم المادية التي تقوم بعمليات SIGINT تحتاج لتوسيع حجمها بهدف العمل مع عناصر القوة الخاصة. تأتي النظم المحمولة على الظهر في آخر قائمة النظم حيث ان الجندي يحملها معه خلال تأديته المهام مما قد ينتج عنها المزيد من الطاقة التي تقع على كاهل الجندي. فعلى سبيل المثال، تقدم الشركة الأوسترالية WiNRADio نظام مراقبة الطيف MS-8118/G3 المصمم للعرض الأوتوماتي للترددات القائمة بين ٩ كيلوهرتز و٦،٨ كيلو هرتز يستطيع هذا النظام، المصمم لينشر ضمن وحدات الجيش المنتشرة على الجبهات الأمامية، عرض الترددات الراديوية على قنوات متعددة في الوقت نفسه وتسجيل الإشارات الرقمية على أقراص مدمجة وتأدية القرارات التلقائية استنادا إلى الإشارات الواردة.
يرتكز نظام MS-8118/G3 على عدد من اجهزة الاستقبال المعرّفة برمجيا القائمة على اساس البطاقات الى جانب اجهزة معالجة الاشارات الرقمية والاتصالات الخارجية للهوائيات والخرج السمعي.
يمكن لكل جهاز استقبال العمل بشكل مستقل كجهاز تحليل وعرض الطيف كما يمكن للاجهزة اللاقطة ان تعمل وفق تصميم رئىسي وتابع بحيث يرسل الجهاز اللاقط الباحث الرئيسي ترددا معينا لجهاز لاقط آخر خاص بالمراقبة في حين يستمر في متابعة عمله القائم على البحث.
ظهرت التجهيزات التكتية المحمولة على الظهر PRD-13(V)3 من انتاج L-3 Linkabit، المستخدمة حاليا في الجيش الاميركي ومن قبل عملاء آخرين للمرة الاولى بداية العام ٢٠٠٩. انه نظام معرّف برمجيا قادر على استضافة مجموعة من الاشكال الموجية وعلى معالجة ما يعرف مجازا بالاشارات الحديثة التي عادة ما تشير الى انخفاض محتمل في اعتراض (LPI) تقفيز التردد او سرعة بث الطيف. تتراوح ترددات هذا النظام بين ٢ ميغاهرتز و٣ جيغاهرتز مع ثلاث قنوات قد تستخدم لاجراء المسح والجمع وتحديد الاتجاه في وقت واحد.
تتراوح ترددات النظام التكتي (EW) المحمول على الظهر V3 من انتاج شركة Chemring Technical Solutions (TS) بين واحد ميغاهرتز الى ٣ جيغاهرتز بالاضافة الى قناتين واستخدام خوارزميات SDR الخاصة بالشركة. أدخل هذا النظام الخدمة في المملكة المتحدة وفقا لمشروع Project Seer لتزويد الفرق الموجودة في افغانستان بتجهيزات SIGINT خفيفة الوزن الى ان دخلت الخدمة الفعلية في كل قوات الجيش البريطاني والبحرية الملكية.
يعد نظام الحرب الالكترونية التضميني (MEWS)، من انتاج L-3 TRL والمستخدم في الجيش البريطاني باعتباره نظاما ذا قدرات مراقبة الكترونية متوسط الوزن (MWESC)، وعاملا بتقنيتي SIGINT وDF. تتراوح ترددات هذا النظام بين ٢٠ ميغاهرتز و٣ جيغاهرتز مع عرض نطاق ترددي لحظي بقوة ٤٠ ميغاهرتز. يضم هذا النظام ثلاثة اجهزة لاقطة معرفة برمجيا عاملة بالنطاق الترددي العريض: يوفر اول جهازين قدرات كشف وتحديد الاتجاه على نطاق عريض اما الجهاز الثالث فيؤمن قدرات عملانية دون استخدام اليدين بمعنى آخر انه يمكن للاشارات الخاصة، ان تظهر وتحلل فورا.
يؤمن نظام MWESC حلا تكتيا ساحليا وبريا للحرب الالكترونية (EW) تضمينيا وقابلا للتكبير باستطاعته دعم العمليات الاستطلاعية. تقود شركة L-3 TRL فريقا يعمل على توفير الدعم للمملكة المتحدة بما في ذلك Frazer - Nash Consultancy، Kongsberg وQinetiQ. انه نظام DF وESM خفيف الوزن قادر على كشف الاشارات، تحديد موقعها واستثمارها عند اللزوم. يمكن نشره على نماذج ثابتة، محمولة على عربات او محمولة باليد. يتراوح مدى تردداته بين ٢٠ ميغاهرتز الى ٣ جيغاهرتز مع نطاق ترددي عريض لحظي بمعدل ٤٠ ميغاهرتز.
اشارة الى ان عملية مسح التردد ضمنه تنتهي في غضون ثانيتين ونصف. من فوائد استخدام تكنولوجيا SDR في نظام SIGINT هي ان الاجهزة اللاقطة يمكن اعادة نمذجتها في الطيران حيث تستخدم في التطبيقات الخاصة بالنظم غير المأهولة فحسب.
طورت شركة DRS Technologies Signal Solutions المنتجات من خلال استخدام تكنولوجيا SDR بهدف استعمالها ضمن تجهيزات SIGINT. يتميز نظام SI-8649A/PF Pico Flexar بنماذج احادية وثنائية القناة ويغطي ترددات ٢ ميغاهرتز لغاية ٣ جيغاهرتز من خلال استخدام جهاز توسيع الترددات SI-9249/FE. تنتج ايضا شركة DRS نظام SI-9649A PicoCeptor ثنائي القناة، ويضم نظام DF ونظام عرض ومراقبة الاتصالات المستهلكة Blackstone. يستخدم SI-8649A PicoCeptor من قبل قوات مشاة البحرية الاميركية (USMC) والقوات الخاصة الاميركية.
ان ارتقاء نظم SIGINI الى الجو يشكل وسيلة مستهلكة جيدة لناحية تحسين ادائها، فهي تصبح قادرة على التقاط مجموعة واسعة من الاشارات الراديوية للعدو.
غيَّر انتشار المركبات الجوية غير المأهولة نظام SIGINT لان هذه الطائرات تسمح لنظم الاعتراض ان تطير فوق اراضي العدو لفترات طويلة ممام يجعلها فعّالة جداً للتنصت على شبكات الهاتف الخليوي للعدو وشبكات الواي فاي Wi-Fi التابعة له.
بدورها، طورت شركة BAE Systems Electronic Systems نظام الحمولة التكتي Tactical SIGINI Payload (TSP) المثبت حالياً على متن الطائرة غير المأهولة MQ-1C Gray Eagle التابعة للجيش الاميركي، باعتباره حلاً قابلاً للتكبير مزود بهندسة معرفة برمجياً. يغطي نظام (TSP) موجات التردد Ku وHF. وصف هذا النظام بقدرته على جمع بروتوكولات الاشارة المتعددة كما يمكن اعادة تشكيله وفقاً لمتطلبات المهمة.
تستخدم شركة BAE Systems تكنولوجيا ما وراء TSP لتطوير عائلة من النظم من خلال تطبيق اوسع تجهيز للطائرات المقودة والعربات البرية كما الطائرات غير المأهولة.
في الوقت نفسه، تواصل شركة Selex ES تعزيز نظامها SAGE لاستخدامه على متن طائرة UAV دوارة الجناح على غرار Camcopter S-100 من Schiebel، صممت حمولتها لتحديد الموقع الجغرافي للباعث الراديوي الخاص بعمليات الاستعلام وادراك الوضع الميداني. تجدر الاشارة الى أن هذا النظام تم دمجه على متن العديد من الطائرات المقودة ثابتة الجناح بما في ذلك طائرة CN-235 التابعة للقوات الجوية الاندونيسية.
تستخدم القوات البحرية نظام SIGINI لكل من الاتصالات البحرية للعدو وحركة الاتصالات اللاسلكية في المناطق البرية. تعمل البحرية الاميركية على اعادة تجديد نظم SIGINT بهدف استخدامها على متون سفنها الحربية. فضلاً عن ذلك، طورت البحرية واختبرت قدرات SIGINT العديدة بما في ذلك برنامج تحسين الحرب الالكترونية على السطح، Surface Electronic Warfare Improvement Program (SEWIP) ونظام معدات استخدام الاشارات الخاصة بالسفينة (SSEE)، وهو نظام تشفير تقليدي.
يوفر نظام SEWIP Block 1 قدرات EW المعززة لصالح نظم القتال للسفن الجديدة والموجودة حالياً، الامر الذي من شأنه تحسين فعالية الدفاع الصاروخي المضاد للسفن، قدرات مكافحة المراقبة والاستهداف اما نظام SEWIP Block 2 فيؤمن هوائي محدثاً، جهازاً لاقطاً ونظام قتال لنظام AN/SLQ - 32 (V)2. خضع SEWIP Block 2 لعدة تعديلات تجعل منه نظاماً قابلاً للتحديث في المستقبل.
سلمت شركة Lockheed Martin Mission Systems and Training عام ٢٠١٤ نظام Block 2 لاختباره على متن مدمرة USS Bainbridge (DDG 96) ومن المتوقع ان تبدأ جولة التجارب الثانية العام الجاري.
من جهتها، اعلنت شركة Northrop Grumman في شهر آذار/مارس من العام ٢٠١٥ انها حصلت على عقد بشأن تطوير SEWIP Block 3.
يوفر التكرار الثالث في اللوحات البينية للنظام الى جانب نظام ادارة المعركة المستخدم في السفينة كما التكنولوجيا المتعددة المهام، قدرات ادراك الوضع الميداني لكشف التهديد وتعقبه وبالتالي الاشتباك معه ذلك في البيئات التي تشهد فوضى عارمة.
دخل، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، نظام SEWIP Block 3 مرحلة الهندسة، التصنيع والتطوير (EMD)، وبموجب هذا الجهد، ستقدم شركة Northrop Grumman تصميماً لنظام SLQ-32 (V) 7 كما ستنهي خطط الدمج، النمذجة والاختبار.
يوجد اليوم مجموعة شاملة ومتكاملة من نظام SIGINT المتاحة في السوق العالمية وبما ان الاجهزة الراديوية المعرّفة برمجياً قد تكاثرت، فان قطاع الصناعة حول العالم طوّر منتجات SIGINT جديدة لمكافحتها. باختصار، سيشهد العالم وتيرة تطوير منتجات جديدة سريعة للغاية. http://www.arabdefencejournal.com/newdesign/article.php?categoryID=13&articleID=2745