التسديد من الجو وإكتساب الأهداف المرعة .. A-10 كمثال .

anwaralsharrad 

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
18 مايو 2013
المشاركات
12,587
التفاعل
56,157 1,112 47
قانصـــة الدبابـــات A-10 كمثـــال
التســـــــــديد مــــــــن الجـــــــو واكتســــــاب الأهــــــداف المدرعـــــــة


800px-Su-25.jpg

بشكل عام ترتبط مهمة مشاغلة الدروع عموماً بثلاثة أنواع من الطائرات ، أولها السريعة (المقاتلات النفاثة التكتيكية على مستوى منخفض وسرعة دون صوتية) والثانية هي الطائرات البطيئة (طائرات الدعم الجوي القريب CAS) ومعروف منها نوعان ، الأمريكية Fairchild A-10A والسوفيتية Sukhoi SU-25 الملقبة "قدم الضفدع" frog-foot . النوع الثالث والأخير هو المروحيات الهجومية ، التي يدخلها البعض أيضاً ضمن تصنيف الطائرات البطيئة .. النوع الأول المختص بالطائرات السريعة يصعب تعداد أنواعه ، ويفضل عدم الحديث عنه ، لأن له العديد من الوظائف الأخرى التي ستعتبر أكثر أهمية ، حيث يعتمد هذا النوع من الطائرات على السرعة العالية (وهنا تتضاعف صعوبات اكتساب الهدف Target acquisition والتسديد عليه) والطيران المنخفض في عمليات الدعم الجوي القريب ، وهو بذلك لا يمنح دفاعات العدو المضادة فرصة كبيرة لمهاجمته . عموماً فإن عنصر السرعة هو سلاح ذو حديين ، فالسرعة لا تترك للطائرة فرصة لإجراء أي تعديل على مسار طيرانها بحيث تقف فوق الهدف ، ويعتمد نجاحها بالدرجة الأولى على قدرتها في الهجوم من الاتجاه الصحيح وفي الوقت المناسب ، وربما تكون أفضل الأسلحة لهذا النوع من الهجوم ، هي الأسلحة ذات الانتشار الواسع والتي لا تتطلب البقاء لفترة طويلة فوق الهدف ، وبالتالي تتجنب سلبيات التسديد . أحد أبرز هذه الأسلحة ذات الانتشار الواسع هي القنابل العنقودية Cluster Bombs ، ومن أمثلتها القنبلة الأمريكية Rockeys MK20 التي تستطيع حمل 247 ذخيرة فرعية مضادة للدروع . هذه الأسلحة تعطي أفضل فرصة لتدمير عدة دبابات وأهداف أخرى مدرعة في كل جولة ، حيث يمكن أن يتم الهجوم بشكل موجات يتألف كل منها من أربعة طائرات ، تندفع من اتجاهات مختلفة وبتتابع سريع ، وهنا يفضل استخدام حواضن المقذوفات غير الموجهة رغم أن هذه ستعتمد على الأهداف الفردية الواقعة ضمن نقطة الموت Death Dot ، أو نقط التأثير المحسوبة خلال جولة الطائرة المهاجمة ، ويمكن أيضا استخدام مدفع الطائرة لإحداث تأثير جيد ضد حاملات الجنود ذات التدريع الخفيف وكذلك الأمر بالنسبة لمنظومات الدفاع الجوي ، إن دخلت أي منها ضمن دائرة تأثير أسلحة الطائرة المهاجمة .

military22.jpg

وبشكل عام يؤكد الخبراء العسكريون أن أفضل استخدام للطائرات السريعة في دور مضاد للدروع سيكون خلف منطقة المعركة ، عندما ترتفع الطائرات إلى الأعلى وتضرب نقاط التجمع والاختناق asphyxia points ، حيث نجد ميلاً نحو التكدس وبالتالي تتوفر أهداف جيدة . ويبني هؤلاء الخبراء رأيهم هذا على أساس القاعدة الحسابية التقريبية التي تقول أنه مقابل كل 100 كلم تتحركها القوة المدرعة ، فإن ثلث هذه القوة ستعاني من انكسار أو صعوبات من نوع ما . وفي الأساس فإن القوات المدرعة والدبابات لا تسير كثيراً ، وذلك حتى تحافظ على حركيتها عند وصولها لساحة المعركة ، وهذا يعني بالضرورة أنها تحتاج لأن تجلب إما جواً بواسطة الطائرات أو براً بواسطة ناقلات الدبابات ، أو حتى بواسطة السكك الحديدية ، والتي تعتبر أكثر كفاءة وأقل كلفة ، إلا أنها في المقابل أكثر عرضة للتدمير ، وناقلات الدبابات بدورها أقل عرضة للخطر ، إلا أنها تتطلب جهوداً تعبوية هائلة وتتطلب توفر طرق سالكة ، وحتى هذه الطرق إذا ما تركز السير عليها فإنها تصبح عرضة للاختناق المروري ، ونقاط الاختناق هذه تعتبر من الأماكن المفضلة للهجوم الجوي المعادي . يمكن الإشارة أيضا إلى أن الفرق المدرعة تحتاج كماً هائلاً من الذخائر لضمان بقائها ، وكذلك تحتاج إلى الوقود ودهون التشحيم fuel and grease ، وغير ذلك من قطع الغيار وأدوات الإدامة ، والدبابات بدون هذه المقومات الأساسية تصبح ديوناً أكثر منها ممتلكات ، وبدون تعزيزات أو تجهيزات مساندة يتوقف أي اندفاع مدرع ، وهنا يبرز دور المقاتلات السريعة في التعرض وتدمير أي تعزيزات قد تصل ، وبالطبع فإن مثل هذه الأهداف لا تحتاج إلى التسديد المباشر ، بل إن الرمي الحر free fall يمكن أن يكون مؤثراً بما فيه الكفاية .

jaguar_cluster-bomb.jpg

خلال حرب الخليج الأولى 1991 على سبيل المثال ، اكتشف أطقم الطائرات الغربية أن ظروف الصحراء أوجدت الكثير من الفرص المميزة لاستخدام الأسلحة الموجهة بالتصوير الحراري thermal imaging والتي تشتمل على باحث يعمل بالأشعة تحت الحمراء IR . فساعات الفجر الأولى والهجمات الليلية أثبتت أنها مدمرة لحد كبير ، وذلك راجع لمستوى الفرق والتفاضل في التبريد بين معادن العربات والتجهيزات الأخرى مقارنة بخلفية الصحراء والرمال ، هذا التباين ينتج عنه نبضات حرارية أعلى بكثير من حرارة الصحراء في الليل . لقد تحدثت أطقم طائرات F-111F عند عودتها من إحدى العلميات النهارية عن مشاهداتها ، حين لاحظت أن الدروع المدفونة تحت الرمال يمكن كشفها بأجهزة FLIR (نظام الرؤية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء) وذلك لأن الأسطح المعدنية للأهداف المدرعة ، تبرد بشكل أبطأ من الرمال المحيط بها . وبعدها بعدة أيام ، هاجمت طائرات F-111F محملة بأربعة قنابل موجهه ليزرياً LGB من نوع GBU-12 وبحاويات استهداف نوع Pave Tack ، دبابات عراقية في مواضع شبه مدفونة وتم تدميرها . عملية الاستهداف تبدأ مع تعيين مشغل منظومات الأسلحة في الطائرة جهاز التعيين الليزري على الهدف ، ثم يطلق قنبلته التي تزن 227 كلغم من طراز GBU-12 فتتوجه هذه متتبعه طريق قوسي حتى وصولها للهدف وتدميره . لقد دفعت تكتيكات التدمير المنظم هذه بأحد الضباط العراقيين الأسرى للقول "إثناء الحرب مع إيران ، كانت الدبابة صديق الجندي ، يجلس بداخلها كمكان أمن من نيران العدو أثناء ليالي الصحراء الباردة ، لكن أثناء عمليات عاصفة الصحراء الجوية ، كانت الدبابة عدوة هذا الجندي ، لأن الطائرات المقاتلة كانت تدمرها بدون سابق إنذار .. لقد أضطر الجنود لترك دباباتهم التي استمرت في الانفجار والعيش في خنادق تبعد 30 متراً عنها" .


كانت قيادة القوة الجوية الأمريكية كانت راضية جداً عن فعالية عملياتها الجوية ، واستطاعت في الأيام التسعة عشر قبل بدأ العمليات البرية ، تمييز المئات من عمليات التدمير المنظم للدبابات العراقية ، أو "قطف والتقاط دروع العدو" Picking off enemy armor ، التي قامت بها الطائرات F-15 E و A-6 و F-111F ، وهذه الأخيرة أثبتت جدارتها عندما قامت اثنتان منها بحمل 16 قنبلة وتدمير 16 دبابة عراقية في جولة واحدة . الطائرة F-111 صممت للقيام بعمليات القصف الإستراتيجي بعيد المدى ، لا أن تدمر دبابة واحدة أو أهداف مدرعة أخرى مفردة ، ورغم ذلك وعندما دعت الحاجة ، طورت أطقم هذه الطائرات بعض التكتيكات لمواجهة أهداف مفردة ، واستطاعت F-111 تحقيق نتائج ممتازة في هذا المجال . وفي أحدى المناسبات قامت طائرتي F-15E تحملان ما مجموعه ثمانية قنابل من نوع GBU-12 بتدمير 16 عربة مدرعة عراقية في هجمة واحدة . لقد عبر العديد من الطيارين عن ارتياحهم لمشاغلة أهدافهم إما من ارتفاعات عالية جداً أو من ارتفاعات منخفضة جدا ً ، حيث أثبتت الدفاعات العراقية عن عدم جاهزيتها . وشكلت القنابل الذكية من نوع GBU-12 نحو 50% من القنابل دقيقة التوجيه التي أطلقتها القوة الجوية الأمريكية .

F-111E-Upper-Heyford-1.jpg

في الجهة المقابلة تمتلك الطائرات البطيئة ، أو طائرات الدعم الجوي القريب CAS التي هي مدار اهتمامنا هنا ، فاعليات قتالية مميزة لتدمير الأهداف المدرعة ، أكبر من تلك التي تمتلكها الطائرات السريعة ، ذلك لأنها مجهزة لإحداث أضرار على أهداف فردية ، بأسلحة مصممة خصيصاً لهذه المهمة ، أي أنها مزودة بتشكيلة من الأسلحة دقيقة التوجيه ، تستطيع مهاجمة هدف معزول أو أهداف مجتمعة بدقة كبيرة ، فهي ليست مصممة لأسلوب نثر الذخيرة وتشتيتها scattering ، كما في الطائرات السريعة ، على أمل إصابة هدف أو اثنين ، رغم قدرتها على ذلك .. لقد جاء اعتماد مصطلح الدعم الجوي القريب CAS لنعني به تلك الطائرة المخصصة لإلقاء القنابل وإطلاق الصواريخ ونيران الرشاشات على قوات العدو بكافة أصنافها وتشكيلاتها من مشاة ودروع ومراكز قيادية وغيرها في جبهات القتال ، كذلك مهاجمة خطوط الإمداد والتموين في الخطوط الأمامية . حيث تتصف عمليات الهجوم والدعم الناري عند هذه الحدود بسرعة التقلب والتبدل ، فبغض النظر عما تحمله الطائرة في خارجها من تجهيزات وأسلحة ، فإن قدرتها على الاستمرار في تنفيذ المهمة تتغير باستمرار ويتغير أداؤها بفعل عدة عوامل ، منها السرعة والارتفاع وحرارة الهواء المحيط والضغط الجوي ، في الوقت الذي ينخفض فيه وزن الطائرة طردياً مع احتراق الوقود واستهلاكه .

SU-25+with+bombs.jpg

وفي مهمة نموذجية وظروف جوية ملائمة ، تقلع الطائرة وهي ثقيلة الأحمال ، وتتخذ مساراً حاد الميل نحو الارتفاعات العالية فوق الأراضي الصديقة ، وعندما تصل إلى الارتفاع المحدد ، فإنها تنطلق بسرعة اقتصادية ، يتناقص فيها استهلاك الوقود ، حتى وصولها إلى الأراضي المعادية ومنطقة الهدف ، هنا تتخذ الطائرة مساراً انحدارياً ، لتصل إلى مستوى تحليق منخفض من أجل تفادي الرادارات والنيران المضادة للطائرات ، كما وتحرص الطائرات في هذه المرحلة على التخلص وإلقاء خزانات الوقود الإضافية ، لتخفيض حمولة الأجنحة ومعه تخفيف قوة الجر . وبينما تخترق الطائرة منطقة الهدف المعادي بسرعة عالية وعلى مستوى منخفض مع إحراق الوقود بأعلى معدل ، فإنها تبدأ في إلقاء حمولتها على مواقع العدو ، وبالنتيجة ينخفض وزن الطائرة وتنخفض مقاومة الهواء لها . وبعد إنجاز العملية ، تعود الطائرة أدراجها بسرعة كبيرة وعلى مستوى منخفض ، وحالما تصل الطائرة إلى الأجواء الصديقة ، تتجه صاعدة إلى الارتفاعات العليا ، حيث تحلق وتطير بسرعة مثالية بالنسبة لاستهلاك الوقود ، وتكون ردة فعل الرياح (نتيجة اختراق الطائرة السريع للهواء) مقياساً لمستوى راحة الطيار في التحليق ، فعندما تكون سرعة الرياح منخفضة ، يتفادى الطاقم الاهتزازات العنيفة والتي تخفض فاعليتهم بشكل واضح وخطير .

thumbbig-285317.jpg

يرى الخبراء العسكريون إنه وفي الوقت الذي تستطيع فيه طائرات الدعم الجوي القريب CAS تحقيق هجمات دقيقة ، على أهداف ميدانية ربما تكون بعيدة مئات الأميال وخلال ساعات محدودة ، إلا أنها ليست الدواء الشافي العام لجميع الأمراض ، فلهذه الطائرات نقاط قوتها ، ولكن ضمن حدود معينة ، وربما تكمن درجة ضعفها الأبرز في عدم قابليتها على العمل في جميع الأحوال الجوية weather conditions بذات الكفاءة ، كما هو الحال عند العمل خلال النهار أو مع السماء الصافية . عموماً تتضرر القوات البرية كذلك بهذه الظروف ، ولكن ليس إلى نفس الحد . إن المعركة البرية ليست مجرد أنظمة مضادة للدبابات مقابل تشكيلات مدرعة ، إنها صراع متداخل ومتمازج بين كل الأسلحة ، فالدبابات لا تدخل المعركة دون أسلحة إسناد تدعمها ، بل تعمل بالتنسيق مع الإسناد الجوي القريب والمدفعية والمشاة الآلي وأنظمة الدفاع الجوي المؤلفة من صواريخ ومدافع .. وأمام هذه الخلفية يجب دراسة قدرات طائرات الدعم الجوي القريب CAS في الدور المضاد للدروع . فعلى الرغم من التقدم المدهش للأسلحة الحديثة ، التي سمحت تقريباً لأي طائرة بأن تجهز بأسلحة مضادة للدروع (بينما القليل منها فعال حقاً) ، إلا أن المهمة لا تقتصر على إيجاد الهدف وضربه ، بل إن العملية أكثر تعقيداً من ذلك ، حيث يواجه هذا النوع من الطائرات تهديدين رئيسيين في ساحة المعركة ، أولهما مقاتلات العدو المتقدمة ، والآخر الدفاعات الأرضية ، فمن الطبيعي استحالة تأمين الدعم الأرضي المطلوب بالطائرات المخصصة ، في غياب تفوق جوي air superiority على الخصم ، على الأقل مؤقتاً ضمن منطقة العمليات ، وبعد انتزاع التفوق الجوي من العدو ، يبقى التهديد الرئيس الباقي وهو أنظمة الدفاع الجوي الحديثة ، التي تشتمل عادة على بطاريات مدفعية مضادة للطائرات وصواريخ موجهة أرض-جو surface-to-air missiles . وينحصر الدفاع الأساس لمواجهة هذه الأخطار ، في استخدام السرعة القصوى المتاحة وتفادي الإطباق على الطائرة من قبل أنظمة توجيه النيران المعادية على المستوى الأكثر انخفاضاً ، بالإضافة إلى المناورة الجيدة . ولكي تجد الطائرة هدفها وتقتنصه ، فإنها بحاجة إلى استخبارات دقيقة ، وأنظمة كشف وتحسس يعتمد عليها ، وبالتأكيد فإن المطلب الأساس هو طيارين حادي النظر وذوي مهارات جبارة . ولكي تضرب الهدف (والذي نتحدث عنه الآن هو تشكيل مدرع وليس دبابة مفردة) فإن اختيار السلاح هو مطلب مهم ، بالإضافة إلى نظام دقيق لتحديد الأهداف وتعيينها Accurate Aiming System . فالبقائية هي مجموع السرعة ، المناورة ، الطيران الجيد ، العمل الجماعي ، والإجراءات المضادة والاختفاء .


رصاص الرعد أو قانصة الدبابات A-10 كمثال ..
صممت الطائرة A-10 التي تكنى أيضاً برصاص الرعد Thunderbolt لتكون قابلة للبقاء رغم عدم إمكانية خلودها . وعند ظهورها أثارت هذه الطائرة خلافات عديدة بين الخبراء إلى حد الحكم عليها بالإعدام ، إلا أنها عادت لتفرض نفسها إلى واجهة الأحداث خلال حربي الخليج الأولى 1991 والثانية 2003 ، وكان مدفعها ذو السبطانات السبع عيار 30 ملم ورقتها الرابحة . جاء تصميم الطائرة الأمريكية A-10 كمدمرة دبابات ذات مدفع كبير وصواريخ دقيقة ، وعلى عكس المقاتلات السريعة ، فإنها مصممة للعمل دون الحاجة للطيران فوق منظومة الهدف ، وتسمح لها سرعتها البطيئة وقابليتها على المناورة ، بالهجوم والابتعاد بسرعة كبيرة عن منطقة الهدف .

بدأت الاختبارات مبكراً على هذا النوع من الطائرات ، لتدخل مرحلة الإنتاج في 10 يناير العام 1973 ، وطارت النسخة الأولى منها في أكتوبر من العام 1975 .. للطائرة A-10 قدرة مناورة متميزة ومتفوقة superior maneuver في السرعة والارتفاع المنخفض ، ويرجع ذلك بالفضل في أحد جوانبه ، للمساحة العريضة للأجنحة ونسبة واجهة الجناح الطويلة ، والجنيحات الكبيرة (الجزء المتحرك من جناح الطائرة) . وتسمح واجهة الجناح الطويلة بالإقلاع القصير أيضاً ، وهذا يسهل للطائرة قابلية الإقلاع والهبوط من مدرجات المطارات الأمامية الوعرة ، والتي يمكن أن تكون بالقرب من الخطوط الأمامية لمنطقة العمليات . تستطيع الطائرة A-10 التجول في سماء المعركة لفترات طويلة ، والعمل على ارتفاع منخفض . كما تستطيع الطيران بسرعة نموذجية بطيئة نسبياً تبلغ 555 كلم/س ، التي تجعلها منصة مثالية لإطلاق أسلحة الهجوم الأرضي مقارنة بالمقاتلات القاذفة السريعة التي تجد صعوبة في أغلب الأحيان لاكتساب وتعيين الأهداف الصغيرة المتحركة .

a-10_oif_battle-damage_mvc-003f.jpg

لقد كانت الطائرة F-16 المقياس الذي تقاس علية قابلية المناورة maneuver capability عند الطائرات المقاتلة ، ولكن في السرعات المنخفضة فإن طائرة A-10 تتجاوزها بسهولة ، وفي الكثير من الحالات تستطيع A-10 أن تهاجم وتبتعد دون الدخول مطلقاً في منطقة القتل لأنظمة الدفاع الجوي المعادية . ومع ذلك فقد ثبت من خلال التجارب ، أنه في دخان وفوضى ساحة المعركة ، تصبح عملية التفادي الكامل لأنظمة الدفاع الجوي أمراً مستحيلاً ، وأن التعرض للضربات أمراً وارداً ، ولهذا فقد صممت هذه الطائرة لتبقى حية بدرجة استثنائية ، فهي قادرة على العودة إلى القاعدة بنصف جناح ممزق ، أو عند فقدها جزء من الذيل أو أحد محركاتها ، أو عند إصابتها بأي ضرر هيكلي آخر .

a-10_oif_battle-damage_mvc-011f.jpg

وعند الحديث عن متانة الطائرة A-10 ، يمكن القول إن هيكل الطائرة القوي يمكن أن ينجو من ضربات مباشرة بطلقات خارقة للدروع armor-piercing ، أو شديدة الانفجار high-explosive من العيار 23 ملم . إن كابينة القيادة وأجزاء من منظومة الطيران ، محمية بحوض دائري يزن نحو 408 كلغم ، مصنوع من صفائح مادة شديدة الصلابة يطلق عليها التيتانيوم titanium ، تتفاوت سماكته بين 12-38 ملم . ولحماية الطيار من الشظايا المحتملة ، جرى تبطين السطح الداخلي للحوض بصفائح متعددة لكبت الشظايا ، مصنوعة من نسيج الكيفلار متعدد الطبقات multi-layer Kevlar . زجاج غرفة القيادة الأمامي هو أيضاً من النوع المقاوم للرصاص ، حيث تبلغ سماكته 38 ملم ويستطيع توفير حماية من مقذوفات العيار 23 ملم .

a-10_oif_battle-damage_mvc-006f.jpg

يدفع الطائرة A-10 محركين نفاثين نوع TF34-GE-100 من إنتاج شركة General Electric ، وقد يتساءل البعض عن أسباب الموقع غير العادي لهذه المحركات على جسم الطائرة ، والسبب الأول يعود لكون الطائرة معدة أساساً للانطلاق من القواعد الأمامية ، والتي تكون مدرجاتها عادة غير مهيأة ومنخفضة الاستعداد ، فالمستوى المرتفع للمحركات يقلل من احتمالية دخول الرمل أو الحصى لفتحة المحرك ومن ثم إعطابه . هذا يسمح للمحركات أيضاً للبقاء في وضع التشغيل دون الخوف من دخول أجسام غريبة لها ، كما يسهل هذا الترتيب من عملية صيانة المحرك . إن وضع الأجنحة الأقرب من الأرض (نتيجة رفع المحركات ووضعها بصورة مستقلة) يساعد على صيانة الطائرة وإعادة تسليحها أكثر مما لو كانت المحركات محملة على الأجنحة .

تحمل الطائرة A-10 عدد 11 نقطة تعليق تحت الجناحين والبدن ، ويمكن استخدام تسعة منها أو عشرة في وقت واحد . وتحمل النقطتين الخارجيتين صاروخي جو-جو نوع A1M-9 Sidewinders للدفاع عن النفس ، في حين يمكن استخدام نقطة أخرى لحاضن تشويش الكتروني ECM pod من نوع ALQ-131 . ويمكن للطائرة حمل موزع شعلات خداعية نوع ALE-40 بالإضافة إلى متعقب ليزري نوع AAS-35 Pave Penny . وهذا الأخير على الجهة اليمين من الطائرة ، هو عبارة عن مقتفي أثر ليزري laser spot tracker (وليس معين ليزري designator لإنارة الأهداف) لالتقاط الإشارات المرتدة عن الأهداف المعينة والمحددة ليزرياً ، ومن ثم مهاجمتها بأسلحة الطائرة بعد عرض معلومات الهدف على شاشة العرض الرأسية للطيار HUD . هناك أيضاً نظام LANTIRN (اختصار نظام الملاحة على الارتفاع المنخفض ، والاستهداف بالأشعة تحت الحمراء أثناء الليل) ويسمح هذا النظام للطائرة بالطيران على ارتفاع منخفض في الليل والأحوال الجوية غير الملائمة ، حيث يحتوي النظام على مجس تحت الأحمر infrared sensor يعرض صورة تحت الحمراء من الهدف للطيار .

a-10_oif_battle-damage_mvc-004f.jpg

تستطيع الطائرة A-10 أيضاً حمل تشكيلة كبيرة من القنابل حرة السقوط وتلك الموجهة ليزرياً LGB ، أمثال MK82 وMK84 وقنابل عنقودية من نوع MK20 Rockeye ، وتشكيلة أخرى من الذخائر المضادة للأفراد والدروع ، بما في ذلك قنابل النابالم وحاويات المقذوفات غير الموجهة . أما التسليح القياسي للطائرة A-10 بالإضافة إلى صواريخ "مافريك" Maverick ، فهو المدفع GAU-8/A والذي يعتبر المدفع الوحيد متعدد السبطانات المصمم خصيصاً لقتل الدبابات والهداف المدرعة الأخرى . هذا المدفع من أنتاج شركة "جنرال إلكتريك" General Electrics ويشتمل على سبعة سبطانات عيار 30 ملم ، ويمكن اعتباره من أقوى المدافع التي يمكن أن تركب على طائرة . معدل الرمي في المدفع يصل إلى 4,200 طلقة في الدقيقة ، أو 2,100 طلقة في الدقيقة ، حسب الاختيار ، كما يمكن أيضاً إطلاق رشقات من 10 إلى 250 طلقة .


5888543266_a61c4cbe14_b.jpg
 
شكرا لك علي المجهود المميز

استفدت منه كثيرا
 
عودة
أعلى