مغاربة في تركيا يروون مشاهد من الانقلاب العسكري الفاشل
هسبريس- الشيخ اليوسي
الأحد 17 يوليوز 2016 - 10:04
"ترقب وخوف ورعب"، هكذا تختزل شهادات مغاربة مستقرين في تركيا ساعات الانقلاب العسكري الفاشل التي عاشوها، والذي قام به جزء من الجيش التركي ضد الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية؛ حيث كانت لحظات استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، خاصة مع تسارع الأحداث وعنصر المفاجأة الذي طبع تلك الليلة.
ويقيم عدد كبير من المهاجرين المغاربة في تركيا، خاصة في مدينتي إسطنبول وأنقرة؛ حيث تتعدد اشتغالاتهم بين من اختار البحث عن فرص شغل أفضل هناك، وبين من يكمل دراسته في عدد من الجامعات والمعاهد التركية.
ويروي محمد إزدوتن، صحافي بموقع "هافينغتون بوسط" يتابع دراسته بسلك الماجستير بجامعة أنطاليا، جوانب مما عاشه خلال ليلة الجمعة الماضية، بالقول: "إنها ليلة استثنائية بامتياز لا يمكنني أن أنساها"؛ حيث كان حينما تم الإعلان عن حدوث الانقلاب يتجول في الشارع، ولم يستطع بعد الساعة العاشرة العودة لا إلى مقر العمل ولا إلى البيت نظرا لما كانت تعرفه شوارع اسطنبول من اكتظاظ وخروج للمتظاهرين المناصرين للحكومة.
ومن أبرز المواقف التي سيتبقى عالقة في ذاكرته، يقول إزدوتن: "في خضم البحث عن مخرج، وبينما يطلق الرصاص على مسافة قريبة منا، أوقفت سيارة لحملي بعيدا عن المكان، سألني مرافق السائق: أين تريد التوجه، أخبرته بوجهتي، نظر إليّ أحد الشباب من داخل السيارة، ابتسم وقال: نحن متجهون إلى المطار، يحيى هذا البلد أو نموت، هل أنت قادم معنا؟"، في إشارة إلى وقوف الشعب التركي في وجه الانقلاب.
مؤشرات البداية
تتحدث الصحافية المغربية، فاطمة سلام، التي تشتغل في النسخة العربية لقناة "تي أر تي" الحكومية، عن تفاصيل "الليلة الاستثنائية"، قائلة إن جميع المؤشرات لم تكن تدل على وجود أي انقلاب، بل إن الأوضاع كانت عادية جدا، كما أن سير العمل جرى بشكل طبيعي، "التفصيل الوحيد الذي لاحظته مساء أن دورية الشرطة، وليس الجيش، وضعت نقطة تفتيش أمام القناة، ظننا أنها إجراءات أمنية، أو من أجل تسهيل السير على اعتبار أن المكان الذي وقفوا فيه هو الباب الرئيسي للقناة".
وقالت سلام، في حديث لهسبريس، إن أولى مؤشرات حدوث الانقلاب كانت السيطرة على شبكة "TRT" الحكومية، وضمنها "TRT العربية"، وتعرضت كافة قنوات الشبكة للحصار لساعات طويلة، تحديدا منذ الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي في تركيا من مساء الجمعة حتى ساعات الصباح الأولى لليوم السبت، باستثناء قناة "TRT العربية"، التي ظل حصارها قائما حتى الساعة الثامنة من صباح السبت.
وتضيف الصحافية المغربية المقيمة بتركيا أن عددا من زملائها في القناة تجمعوا أمام المبنى حتى ساعات الصباح، وظلوا يطالبون عناصر الجيش المشاركين في الانقلاب بالانصياع لزملائهم الذين استسلموا في نقط أخرى، وتسليم أسلحتهم والتخلي عن آلياتهم، وظل الوضع حرجا إلى أن رضخوا للإلحاح الجماهيري بالأخص مع توالي الأخبار عن تطويق محاولة الانقلاب وفشلها، لتخرج عرباتهم وسط هتافات وتصفيقات المواطنين المؤيدين لشرعية الحكم، والصحافيين الذين التحقوا فورا بمكاتبهم واستأنفوا عملهم الاعتيادي.
"بدأ الانقلاب على الساعة العاشرة، وكنت حينها قد وصلت إلى البيت بعد انتهاء دوامي قبلها بساعة ونصف فقط، وسمعت بالخبر من مديري هاتفيا"، تقول المتحدثة ذاتها، مضيفة أنها عاشت "ساعات رعب وخوف وفزع وعدم تصديق، إلا أن طائرات F16 كانت حقيقية وتصم أصوات تحليقها وأصوات إطلاق الرصاص الآذان"، و"في بعض المناطق كان إطلاق النار قرب نوافذ البيوت؛ حيث دخلت الدبابات إلى عدد من الأحياء السكنية".
لحظة الحسم
يؤكد محمد إزدوتن أن الشعب التركي تمكن من إفشال مخطط الانقلاب، عندما استجاب لطلب رجب طيب أردوغان بالخروج إلى الشارع، فيما كانت الرسائل القصيرة تصل تباعا إلى هواتف الأتراك تطالبهم بالبقاء في الشارع حماية لـ"الشرعية"، كما أن عددا من أنصار الديمقراطية توجهوا إلى مطار أتاتورك لمواجهة الانقلابيين.
بين الفينة والأخرى، تضيف فاطمة سلام، عندما كانت تسمع الصراخ تدرك أن الأمور تسير نحو الأسوأ، في حين عندما تسمع الزغاريد تعرف أن الأمور تتحسن، وفي النهاية رفعت الصلوات وتلي القرآن في المساجد، كما بثت عبر شاشات التلفزيون أخبار تؤكد الانفراج واستعادة السيطرة، "وهي الأخبار التي كانت تردنا تباعا من مدرائنا الذين نسقوا معنا للالتحاق بمقر القناة ليلتها للصمود ولمواصلة عملنا ما إن تفتح القناة، وهو ما كان بالفعل".