على متن حاملة طائرات أمريكية .. شبح الموت في "مدينة عائمة"
هسبريس - د.ب.أ
الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 04:30
قبل أن يقلع للمرة الأولى لضرب معاقل مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، يتناول اللفتنانت روبرت سميث إفطارا خفيفا يتكون من شطيرة بيض وبعض الفواكه مع القهوة.
ثم يبدأ سميث عمله الروتينى كطيار على متن حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت دي. آيزنهاور" بتلقى التوجيهات والتعليمات الخاصة بمهمة الطيران، وارتداء سترة الطيران وحذاءه الجلدي اللامع، ثم يصعد بعد ذلك إلى سطح انطلاق طلعات الطيران في الحاملة قبل التسلق إلى قمرة قيادة الطائرة.
ويتصف سميث - الذي تم تغيير اسمه لحمايته وأسرته من الانتقام - بنحافة الجسم وطول القامة حيث يبلغ طوله 180 سنتيمترا، وببشرته الشاحبة وشاربه الرفي، ويؤكد على أنه ليس عصبى المزاج.
ويقول الطيار، بينما هو يقلع للمرة الأولى في هذه المهمة في أوائل يوليوز الجاري "نحن مستعدون بشكل جيد للغاية.. أنا أعرف بالضبط ما الذي ينتظرني".
وتبحر حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية، ويتجاوز طولها 300 متر، وتحمل ما يقرب من 50 طائرة مقاتلة، فى المياه الواقعة قبالة الساحل السوري منذ نهاية يونيو الماضي، وتنطلق منها طلعات جوية لمهاجمة أهداف في سورية والعراق.
وتخيم رائحة الوقود على الأجواء فوق سطح الحاملة المخصص لانطلاق الطلعات الجوية، والذى تقلع منه المقاتلات بمساعدة جهاز "المجنقة"، الذي يستخدم لإطلاق الطائرات من السفن وينقلها من وضع الثبات إلى سرعة 250 كيلومترا في الساعة، خلال ثانيتين، وتكون المحركات فى حالة التشغيل بطاقتها القصوى قبل أن تتم إزالة الكابلات التي تقيد الطائرات، ويقول سميث "هذا يشبه ركوب قطار الملاهي".
تضطلع الحاملة التي تعرف أيضا باسم "مايتي آيك"، بدور رئيسى في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية التي نوقشت في قمة حلف شمال الاطلسي في وارسو يومي الجمعة والسبت الماضيين.
وقد حلت "دوايت دي. آيزنهاور" محل "يو اس اس ترومان" في منتصف يونيو الماضي، وتعمل من البحر المتوسط بدلا من الخليج لتسريع عملية نقل المهام، كما يوضح ضابط القيادة، الأدميرال البحري جيسي ويلسون.
عندما أقلعت اول دفعة من الطائرات، كان القتال لا يزال محتدما حول الفلوجة في غربي العراق، ولكن منذ ذلك الحين، استعادت قوات الحكومة العراقية المدعومة جوا من قوات التحالف الدولي، المدينة.
وتجري حملة القصف التي تقودها الولايات المتحدة في سورية والعراق منذ سنتين تقريبا، ما يساعد على طرد المتطرفين من مناطق واسعة. وتمت استعادة الرمادي والفلوجة في العراق ومناطق شاسعة في سورية على طول الحدود التركية من سيطرتهم.
ولكن لا تبدو هناك نهاية للقتال، فلا يزال تنظيم داعش يسيطر على الموصل في شمالى العراق، حيث يلوح فى الأفق صراع طويل ودموي.
وتحاول القوات الكردية منذ أسابيع، بمعاونة من جانب الولايات المتحدة، السيطرة على مدينة منبج ذات الأهمية الاستراتيجية في محافظة حلب السورية، لكنها لا تحرز إلا تقدما بطيئا، وقد كبد الانتحاريون القوات الكردية خسائر جسيمة.
لكن الروتين على ظهر حاملة الطائرات آيزنهاور لا يتأثر إلا قليلا، ففي كل مرة يتم إطلاق طائرة، فإن الرجال والنساء البالغ عددهم 5500 على متنها يستطيعون سماعها ويشعرون بها، حيث يهتز الأثاث في الكبائن، وترتعش الصور المعلقة على الجدران.
ويتوقف ويلسون، وهو رجل قوي البنية، حازم الصوت، عن الحديث لبضع ثوان بينما تقلع طائرة، قبل أن يواصل الحديث "لدي واحدة من أفضل الوظائف في العالم، وأعمل مع طاقم رائع من النساء والرجال الشجعان".
ويقول أفراد الطاقم إنهم يستمتعون بالحياة على متن المدينة العائمة، على الرغم من الروتين اليومي الممل والحالة المعيشية الضيقة، لا يرى غالبيتهم ضوء النهار إلا نادرا، ويعيش الكثيرون منهم في كبائن تضم كل منها 90 فردا ينامون في وحدات من الأسرة تضم كل وحدة منها ثلاثة طوابق.
لا خصوصية، ولا أنشطة ترفيهية إلا القليل منها ولا مشروبات كحولية، ويقول ضابط التسليح ماثيو ريكيمر "الحياة هنا صعبة، لا نحصل إلا على فترات استراحة قليلة، ونعمل طوال الوقت تقريبا".
الطيارون هم الوحيدون على متن الحاملة الذين يقومون بأعمال قتالية مباشرة، يقضي سميث سبع ساعات في الجو، لديه وجبة خفيفة ليتناولها، وعليه أن يتبول في كيس، ولكن الطيارين يتحدثون عن عملهم كما لو كانوا يؤدون وظيفة عادية.
لم يفقد أي طيار أمريكي حياته في هذه الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، على الرغم من أنهم يعون جيدا مصير الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي أحرق حيا بعد الوقوع في أيدي المتطرفين في 24 دجنبر 2014.
ويقول سميث إنهم لا ينسون حقيقة أنهم قد يقتلون في أي وقت، "إنها دائما في أذهاننا، ولكننا تعلمنا أن نعيش معها"، ويحجم الطيارون عن التحدث عن مشاعرهم، وكذلك عن احتمال كونهم يقتلون الأبرياء خلال قصفهم أهدافهم.
ويبين سميث "نحاول دائما أن نضمن أننا نصيب الأشخاص المستهدفين"، معربا عن ثقته في أولئك الذين يحددون الأهداف.
لقد حولتهم خمس سنوات من التدريب إلى محترفين، يقول سميث إنه لا يشعر بأي انفعال وهو يطلق صواريخه، فقط يركز على المهمة التى بين يديه، ويضيف بقوله "الحرب خطيرة".
http://www.hespress.com/international/313757.html
هسبريس - د.ب.أ
الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 04:30
قبل أن يقلع للمرة الأولى لضرب معاقل مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، يتناول اللفتنانت روبرت سميث إفطارا خفيفا يتكون من شطيرة بيض وبعض الفواكه مع القهوة.
ثم يبدأ سميث عمله الروتينى كطيار على متن حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت دي. آيزنهاور" بتلقى التوجيهات والتعليمات الخاصة بمهمة الطيران، وارتداء سترة الطيران وحذاءه الجلدي اللامع، ثم يصعد بعد ذلك إلى سطح انطلاق طلعات الطيران في الحاملة قبل التسلق إلى قمرة قيادة الطائرة.
ويتصف سميث - الذي تم تغيير اسمه لحمايته وأسرته من الانتقام - بنحافة الجسم وطول القامة حيث يبلغ طوله 180 سنتيمترا، وببشرته الشاحبة وشاربه الرفي، ويؤكد على أنه ليس عصبى المزاج.
ويقول الطيار، بينما هو يقلع للمرة الأولى في هذه المهمة في أوائل يوليوز الجاري "نحن مستعدون بشكل جيد للغاية.. أنا أعرف بالضبط ما الذي ينتظرني".
وتبحر حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية، ويتجاوز طولها 300 متر، وتحمل ما يقرب من 50 طائرة مقاتلة، فى المياه الواقعة قبالة الساحل السوري منذ نهاية يونيو الماضي، وتنطلق منها طلعات جوية لمهاجمة أهداف في سورية والعراق.
وتخيم رائحة الوقود على الأجواء فوق سطح الحاملة المخصص لانطلاق الطلعات الجوية، والذى تقلع منه المقاتلات بمساعدة جهاز "المجنقة"، الذي يستخدم لإطلاق الطائرات من السفن وينقلها من وضع الثبات إلى سرعة 250 كيلومترا في الساعة، خلال ثانيتين، وتكون المحركات فى حالة التشغيل بطاقتها القصوى قبل أن تتم إزالة الكابلات التي تقيد الطائرات، ويقول سميث "هذا يشبه ركوب قطار الملاهي".
تضطلع الحاملة التي تعرف أيضا باسم "مايتي آيك"، بدور رئيسى في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية التي نوقشت في قمة حلف شمال الاطلسي في وارسو يومي الجمعة والسبت الماضيين.
وقد حلت "دوايت دي. آيزنهاور" محل "يو اس اس ترومان" في منتصف يونيو الماضي، وتعمل من البحر المتوسط بدلا من الخليج لتسريع عملية نقل المهام، كما يوضح ضابط القيادة، الأدميرال البحري جيسي ويلسون.
عندما أقلعت اول دفعة من الطائرات، كان القتال لا يزال محتدما حول الفلوجة في غربي العراق، ولكن منذ ذلك الحين، استعادت قوات الحكومة العراقية المدعومة جوا من قوات التحالف الدولي، المدينة.
وتجري حملة القصف التي تقودها الولايات المتحدة في سورية والعراق منذ سنتين تقريبا، ما يساعد على طرد المتطرفين من مناطق واسعة. وتمت استعادة الرمادي والفلوجة في العراق ومناطق شاسعة في سورية على طول الحدود التركية من سيطرتهم.
ولكن لا تبدو هناك نهاية للقتال، فلا يزال تنظيم داعش يسيطر على الموصل في شمالى العراق، حيث يلوح فى الأفق صراع طويل ودموي.
وتحاول القوات الكردية منذ أسابيع، بمعاونة من جانب الولايات المتحدة، السيطرة على مدينة منبج ذات الأهمية الاستراتيجية في محافظة حلب السورية، لكنها لا تحرز إلا تقدما بطيئا، وقد كبد الانتحاريون القوات الكردية خسائر جسيمة.
لكن الروتين على ظهر حاملة الطائرات آيزنهاور لا يتأثر إلا قليلا، ففي كل مرة يتم إطلاق طائرة، فإن الرجال والنساء البالغ عددهم 5500 على متنها يستطيعون سماعها ويشعرون بها، حيث يهتز الأثاث في الكبائن، وترتعش الصور المعلقة على الجدران.
ويتوقف ويلسون، وهو رجل قوي البنية، حازم الصوت، عن الحديث لبضع ثوان بينما تقلع طائرة، قبل أن يواصل الحديث "لدي واحدة من أفضل الوظائف في العالم، وأعمل مع طاقم رائع من النساء والرجال الشجعان".
ويقول أفراد الطاقم إنهم يستمتعون بالحياة على متن المدينة العائمة، على الرغم من الروتين اليومي الممل والحالة المعيشية الضيقة، لا يرى غالبيتهم ضوء النهار إلا نادرا، ويعيش الكثيرون منهم في كبائن تضم كل منها 90 فردا ينامون في وحدات من الأسرة تضم كل وحدة منها ثلاثة طوابق.
لا خصوصية، ولا أنشطة ترفيهية إلا القليل منها ولا مشروبات كحولية، ويقول ضابط التسليح ماثيو ريكيمر "الحياة هنا صعبة، لا نحصل إلا على فترات استراحة قليلة، ونعمل طوال الوقت تقريبا".
الطيارون هم الوحيدون على متن الحاملة الذين يقومون بأعمال قتالية مباشرة، يقضي سميث سبع ساعات في الجو، لديه وجبة خفيفة ليتناولها، وعليه أن يتبول في كيس، ولكن الطيارين يتحدثون عن عملهم كما لو كانوا يؤدون وظيفة عادية.
لم يفقد أي طيار أمريكي حياته في هذه الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، على الرغم من أنهم يعون جيدا مصير الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي أحرق حيا بعد الوقوع في أيدي المتطرفين في 24 دجنبر 2014.
ويقول سميث إنهم لا ينسون حقيقة أنهم قد يقتلون في أي وقت، "إنها دائما في أذهاننا، ولكننا تعلمنا أن نعيش معها"، ويحجم الطيارون عن التحدث عن مشاعرهم، وكذلك عن احتمال كونهم يقتلون الأبرياء خلال قصفهم أهدافهم.
ويبين سميث "نحاول دائما أن نضمن أننا نصيب الأشخاص المستهدفين"، معربا عن ثقته في أولئك الذين يحددون الأهداف.
لقد حولتهم خمس سنوات من التدريب إلى محترفين، يقول سميث إنه لا يشعر بأي انفعال وهو يطلق صواريخه، فقط يركز على المهمة التى بين يديه، ويضيف بقوله "الحرب خطيرة".
http://www.hespress.com/international/313757.html