ربما كان تحليق طائرة قتالية روسية من طراز "ميغ-25" فوق تل أبيب المشهد الأكثر إثارة خلال حرب تشرين 1973 لاسيما وإن تحليق هذه الطائرة التي انطلقت من أحد المطارات المصرية وقادها الطيار الروسي الكسندر بيجيفيتس، فوق العاصمة الإسرائيلية حال دون اندلاع حرب نووية محتملة.
وكان احتمال اندلاع الحرب النووية قائما في أكتوبر من عام 1973 حيث شاع في المؤسسة الحاكمة العليا بموسكو أن موسكو لن ترى مفرا من توجيه ضربة نووية لإسرائيل إذا ضرب الطيران الإسرائيلي "السد العالي" الذي أقامته مصر على نهر النيل بمساعدة الاتحاد السوفيتي.
ولو تم تدمير هذا السد لجرفت موجة يبلغ ارتفاعها 80 إلى 100 متر كل المدن المصرية بسكانها إلى البحرين الأحمر والمتوسط. وهذا يعني وقوع كارثة عالمية.
ولم تر موسكو سبيلا لمنع وقوع كارثة كهذه غير إنذار إسرائيل بأنها ستتلقى ضربة نووية قاضية في هذه الحالة. وفي أحد أيام أكتوبر 1973 استدعى "ألكسي مينايف" نائب وزير الصناعة الجوية السوفيتي، كلا من "يفغيني فيدوسوف" المدير العام لمعهد البحوث الخاصة بالطيران، و"بوريس بونكين" رئيس فريق من مصممي الصواريخ، لمناقشة إمكانية تحليق طائرة "ميغ-25 ر" فوق تل أبيب. ثم أبلغ نائب الوزير القيادة العليا أنه بمقدور هذه الطائرة اختراق الأجواء الإسرائيلية من دون أن تستطيع المضادات الإسرائيلية إسقاطها. وسرعان ما انطلقت طائرة "ميغ-25" من مطار قرب القاهرة لتصل بعد بضع دقائق إلى تل أبيب على ارتفاع 22 كيلومترا. وحاولت عدة طائرات إسرائيلية أن تعترض على المقاتلة الروسية التي لم تحمل أي سلاح، ولكن محاولاتها باءت بالفشل بعد أن ذهبت كل الصواريخ والقذائف التي أطلقتها طائرات "فانتوم" و"هوك" الإسرائيلية، أدراج الرياح. وقام الطيار الروسي بتصوير الأعيرة النارية التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية على طائرته وأيضا المدينة التي حلق فوقها، بواسطة آلة التصوير الشمسي.
وعادت طائرة "ميغ - 25" إلى قاعدتها سالمة بعد أن قامت بست دورات في السماء فوق تل أبيب.
وفيما فاز الطيار بيجيفيتس بلقب بطل الاتحاد السوفيتي، أدرك الإسرائيليون أن ضرب السد العالي لن يمر دون عقاب.