عمليات التحالف الخليجي في اليمن (الجزء الثالث)
الحصار البحري والجوي
متاح أيضاً في English
الجزء الأول من هذا المرصد السياسي الذي يضم ثلاثة أجزاء يناقش الحملة البرية. الجزء الثاني يتناول الحملة الجوية.
عندما انطلقت عملية "عاصفة الحزم" في العام الماضي، كانت إحدى أولى إجراءات التحالف الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية تكمن في إغلاق المجال الجوي اليمني وإخضاع الموانئ اليمنية لحصار بحري، وذلك جزئياً لمنع إعادة الإمدادات العسكرية للحوثيين والعناصر الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. وفي 14 نيسان/أبريل 2015، وفّر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الدعم الدولي للحصار، داعياً الدول الأعضاء إلى "اتخاذ التدابير اللازمة لمنع إمدادات الأسلحة بصورة مباشرة أو غير مباشرة" إلى هذه الجهات.
الحصار الجوي
ما أن فرضت قوات التحالف سيطرتها على المجال الجوي اليمني، سرعان ما عطّلت برج المراقبة الجوي في مطار صنعاء الدولي وغيره من المطارات الإقليمية. وبالتالي اصبحت اليمن مغلقةً تماماً كطريق للطيران المدني الدولي.
وقد خضع الحصار الجوي لأول اختبار له في أواخر نيسان/أبريل 2015، عندما تفاوضت الطائرات المدنية الإيرانية على الحصول على إذن من سلطنة عُمان والحوثيين لتقديم حزم مساعدات من قبل الهلال الأحمر إلى صنعاء. وبعد الكشف عن الرحلات الداخلية إلى اليمن وحرمانها من الحصول على إذن للهبوط، قامت قوات التحالف بقصف المدارج في مطار صنعاء مرغمةً الطائرات على التراجع. ويُفترض أن هذا الإجراء كان يستند على المخاوف من أن تتضمن "حزم المساعدات" المفترضة الذخائر أيضاً وغيرها من العتاد، وهو قلق مشروع نظراً إلى جهود طهران الأخرى لإعادة تسليح الحوثيين. وعاد التحالف وهاجم ثانية برج المراقبة الجوي في صنعاء في 8 أيار/مايو، عندما أعلنت سلطة الطيران المدني اليمنية أنها تعيد فتح المطار لتلقّي المعونات.
ومن جهتها، اختبرت روسيا الحظر الجوي مرتين حتى الآن: الأولى في تموز/يوليو والثانية في تشرين الثاني/نوفمبر، عندما وصلت رحلات فردية تحمل ما وصفته موسكو بـ "إمدادات إنسانية"، ثم غادرت وهي تقلّ مواطنين روس. وفي كلتا الحالتين، فتح التحالف مجالات معينة في منطقة حظر الطيران لاستيعاب الطلبات الواردة في هذا الإطار.
الحصار البحري
في البداية، ركزت جهود الحصار البحرية على عدن إلى أن تم تحريرها، ثم انتقلت إلى موانئ المخا والحديدة المطلة على البحر الأحمر، وهي نقاط استقبال رئيسية لنقل الأسلحة الإيرانية عبر القرن الأفريقي. وقد منعت قوات التحالف السفن التجارية والمدنية من الوصول إلى هذه الموانئ، في حين قامت قوات أخرى بدوريات منتظمة في المنطقة لوقف السفن المشبوهة وتفتيشها. ولم يتم السماح سوى للسفن التي تحمل إذناً ساريَ المفعول من التحالف بالدخول إلى الموانئ الخاضعة للحظر. وقد تم نشر قطع بحرية كبيرة من أجل دعم هذه العملية، وشملت هذه طرادات من فئة "بينونة" من الإمارات العربية المتحدة، وفرقاطة واحدة على الأقل من فئة "أوليڤر هازارد پيري" من مصر، وسفينة الدعم والإمداد السعودية "ينبع"، الأمر الذي مكّن الأسطول الصغير من العمل بعيداً عن الشاطئ لفترات أطول.
وقد عززت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أيضاً وجودها البحري في المنطقة، وذلك ليس لحراسة ممرات الشحن فحسب، بل للمساعدة على اعتراض سبيل مهربي الأسلحة أيضاً. ففي نيسان/أبريل الماضي، عندما كان أسطول صغير يضم تسع سفن إيرانية يشق طريقه إلى اليمن، ربما محملاً بأسلحة للحوثيين، تم إرسال حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت" وطراد الصواريخ الموجهة "يو إس إس نورماندي" لردع تلك السفن. وفي النهاية، عاد الأسطول الإيراني الصغير أدراجه، الأمر الذي منع حصول مواجهة.
إلاّ أن منع تهريب الأسلحة عملية إمّا تنجح في إصابة الهدف أو الإخفاق في تحقيقه. ففي 25 أيلول/سبتمبر، اعترضت قوات التحالف سبيل قارب إيراني كان يحمل صواريخ موجهة مضادة للدبابات وأسلحة أخرى قبالة ساحل عُمان. وفي 17 شباط/فبراير، اعترضت سفينة حربية أسترالية سفينة صيد بلا جنسية تحمل عشرات البنادق الهجومية والقذائف الصاروخية. وفي هذا الإطارأشارت البيانات الأسترالية والأمريكية إلى أن تلك الشحنات كان يُقصد إرسالها من إيران إلى اليمن. ولا تزال حالياً كميات غير معروفة من الأسلحة تشق طريقها إلى اليمن وفقاً لما يظهره العدد الكبير من الصواريخ الحديثة المضادة للدبابات التي يستخدمها الحوثيون.
أداة غير حادة
نظراً إلى المرور المكثف للسفن التجارية بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، يمكن للسفن الأصغر حجماً العبور خلال بعض المناطق اليمنية من غير أن يتم كشفها، كما يمكن تهريب الأسلحة داخل السلع غير الضارة (انظر المرصد السياسي 2475، "إعادة النظر في الاستراتيجية الأمريكية لاعتراض عمليات نقل الأسلحة الإيرانية"). إن طول الساحل اليمني بالذات الذي يمتد على مسافة1,906 كيلومتراً، يجعل من الصعب جداً منع وصول الشحنات بشكل تام إلى الحوثيين أو «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب».
لهذا السبب واصل التحالف نهجه المتشدد، ومنع بتاتاً معظم السفن من دخول الموانئ اليمنية، وشمل ذلك في بعض الأحيان، السفن التي تحمل مساعدات إنسانية. وفي كانون الثاني/يناير، أشار تقرير لمجلس الأمن الدولي إلى أن "الحصار المنهجي وواسع النطاق للسلع التجارية ساهم بشكل مباشر في إعاقة توصيل المعونات والمساعدات الإنسانية". إلى جانب ذلك، أقنعت الولايات المتحدة وبريطانيا السعوديين بتخفيف الحصار قليلاً، بما يتيح تعزيز عمليات توصيل المساعدات إلى اليمن، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتلبية جميع الاحتياجات الإنسانية في البلاد. ويبقى أن نرى ما إذا كان التحالف سيرفع الحصار أكثر من ذلك إذا ما استعادت القوات البرية السيطرة على سائر الموانئ التي ما زالت تحت سيطرة الحوثيين في الحديدة والمخا.
استخدامات أخرى للرقابة البحرية
استغلت قوات التحالف البحرية أيضاً ساحل اليمن الطويل لتزويد القوات البرية بالدعم اللوجستي والقدرة على إطلاق النار. ففي حزيران/يونيو، كان إطلاق النار من السفن - والذي لوحظ من قبل طائرات بدون طيار كان قد تم إطلاقها من سفن - عاملاً حاسماً في حماية القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عندما هددت هجمات الحوثيين بدفعها إلى البحر (انظر المرصد السياسي 2464، "عملية "السهم الذهبي" في عدن"). وقد دعمت هذه النيران أيضاً القوات البحرية السعودية اثناء تنفيذها هجمات برمائية على جزر في البحر الأحمر، فضلاً عن شنها غارات على ميناء ميدي الذي يستخدمه الحوثيون للتهريب وميناء المكلا الذي يعتبر مركزاً تجارياً لـ «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» والذي بدأ التحالف بحصاره في الشهر الماضي.
وعلى الصعيد اللوجستي، استخدمت قوات الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسائل النقل البحري بشكل فعّال لتمكين عمليات الهبوط البرمائية وإعادة إمدادها على طول ساحل اليمن الموسع. وعندما رفضت الولايات المتحدة تقديم دعم إضافي في سياق النقل البحري، قامت دولة الإمارات بكل بساطة بشراء "سويفت الإمارات العربية المتحدة" وهي "السفينة 2 عالية السرعة" كانت في خدمة البحرية الأمريكية سابقاً، من شركة حفر استرالية وحوّلتها ثانية وبسرعة إلى سفينة قادرة على نقل قوات مدرعة، مباشرة إلى ساحة المعركة في عدن.
عمليات الحوثيين ضد سفن الشحن
لم يتوانَ الحوثيون عن مواجهة الرقابة البحرية للتحالف، إذ أطلقوا حملة دفاع ساحلي يبدو أنها تستخدم الصواريخ المتقدمة المضادة للسفن. وتنحدر الوحدات المسؤولة عن تشغيل هذه الأنظمة من نخبة "قيادة العمليات الاستراتيجية" في القوات المسلحة اليمنية الموالية لصالح. وقد زعم الحوثيون شن عشر هجمات ناجحة على سفن التحالف بالقرب من "مضيق باب المندب" الحيوي أو قبالة سواحل المخا، لكنّ التحالف نفى جميع هذه الادعاءات. وتم تسجيل لقطات من الهجمات أثناء الليل إلا أنها لا تظهر بشكل واضح نوع الصواريخ المستخدمة، لكنّ تقريراً صادراً عن شركة "جين" للتحليلات العسكرية أفاد أن الصواريخ المستخدمة تشبه صواريخ "سي-802" الصينية، مشيراً إلى علامة دالة تُظهر التخلص من المعززات أثناء إحدى عمليات الإطلاق.
ومن المرجّح أنّ إيران هي التي زودت هذه الصواريخ، وقد سبق أن أمدّت «حزب الله» بصواريخ من هذا النوع. ففي خلال الحرب التي شهدها لبنان في عام 2006، ضرب «حزب الله» "فرقاطة ساعر 5" إسرائيلية بصاروخ "سي-802"، بمساعدة من ضباط إيرانيين وفقاً لبعض التقارير. وقد تم تنفيذ الهجوم ليلاً أيضاً، ربما لتجنب كشفه.
تقييم الحملة
منذ البداية، شخّص التحالف الخليجي بشكل صحيح بأن إعادة الإمدادات الإيرانية للحوثيين يمكن أن تشكل عاملاً مغيراً لقواعد اللعبة إذا تُركت بلا مراقبة، وخاصة من ناحية توفير الصواريخ المتطورة الموجهة المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للسفن وصواريخ أرض-أرض. كما أن حظْر المجال الجوي اليمني حال دون حفاظ الحوثيين على اتصالات دولية هامة أو رفعهم راية الحكومة الشرعية في صنعاء.
إن الحصار البحري، والعمليات الأرضية والبرمائية في الآونة الأخيرة، للاستيلاء على موانئ وجزر في البحر الأحمر هي عوامل أدت على الأرجح إلى إيقاف الإمدادات الإيرانية لدرجة معينة والتأثير بشكل ملموس في بعض ساحات القتال. ومن أبرز هذه التأثيرات مساعدتها على كسر الحصار عن تعز - ثالث أكبر مدن اليمن. وتكمن الأُحْبُولَة الآن في رفع الحصار بشكل انتقائي فيما تقع الموانئ تحت السيطرة المباشرة للقوات الموالية لهادي. فلا يمكن للتحالف تحمل أعباء تجاهل الدعوات الدولية لإعادة فتح الطرق لوصول المساعدات الإنسانية إلى أجل غير مسمى.
وفوق كل الاعتبارات، اعتمد الحصار البحري على المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في اليمن، على بناء تحالف فعّال. وما زال الأسطول السعودي في البحر الأحمر عبارة عن قوة بحرية متواضعة، ولكن إلى جانب قوات الإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين وباكستان، أثبت أنه قادراً على الحفاظ على عملية اعتراض بحرية على مدى العام (وإن كانت عملية مُسَلّمٌ بِها إلى حد كبير من قبل قوات العدو). وقد أدى التطوير الفعّال للترتيبات الإقليمية، مع إريتريا على سبيل المثال، إلى تعزيز نفاذ التحالف إلى السفن العابرة للقرن الأفريقي ومعلوماته الاستخباراتية عنها. والأهم من ذلك، أنّ قادة الخليج أقنعوا أساطيل الدول الغربية بالمساعدة في حملة المنع، مستفيدين من فترة من المناورات المشتركة دامت عقد من الزمن وشملت "فرق العمل المشتركة 158 و 152" (في شمال الخليج العربي وجنوبه) و "150 و 151" (في خليج عُمان والقرن الأفريقي).
نداف بولاك هو زميل "ديان وجيلفورد جليزر فاونديشن" في معهد واشنطن. مايكل نايتس هو زميل "ليفر" في المعهد.
http://www.washingtoninstitute.org/...-in-yemen-part-3-maritime-and-aerial-blockade
الحصار البحري والجوي
متاح أيضاً في English
الجزء الأول من هذا المرصد السياسي الذي يضم ثلاثة أجزاء يناقش الحملة البرية. الجزء الثاني يتناول الحملة الجوية.
عندما انطلقت عملية "عاصفة الحزم" في العام الماضي، كانت إحدى أولى إجراءات التحالف الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية تكمن في إغلاق المجال الجوي اليمني وإخضاع الموانئ اليمنية لحصار بحري، وذلك جزئياً لمنع إعادة الإمدادات العسكرية للحوثيين والعناصر الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. وفي 14 نيسان/أبريل 2015، وفّر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الدعم الدولي للحصار، داعياً الدول الأعضاء إلى "اتخاذ التدابير اللازمة لمنع إمدادات الأسلحة بصورة مباشرة أو غير مباشرة" إلى هذه الجهات.
الحصار الجوي
ما أن فرضت قوات التحالف سيطرتها على المجال الجوي اليمني، سرعان ما عطّلت برج المراقبة الجوي في مطار صنعاء الدولي وغيره من المطارات الإقليمية. وبالتالي اصبحت اليمن مغلقةً تماماً كطريق للطيران المدني الدولي.
وقد خضع الحصار الجوي لأول اختبار له في أواخر نيسان/أبريل 2015، عندما تفاوضت الطائرات المدنية الإيرانية على الحصول على إذن من سلطنة عُمان والحوثيين لتقديم حزم مساعدات من قبل الهلال الأحمر إلى صنعاء. وبعد الكشف عن الرحلات الداخلية إلى اليمن وحرمانها من الحصول على إذن للهبوط، قامت قوات التحالف بقصف المدارج في مطار صنعاء مرغمةً الطائرات على التراجع. ويُفترض أن هذا الإجراء كان يستند على المخاوف من أن تتضمن "حزم المساعدات" المفترضة الذخائر أيضاً وغيرها من العتاد، وهو قلق مشروع نظراً إلى جهود طهران الأخرى لإعادة تسليح الحوثيين. وعاد التحالف وهاجم ثانية برج المراقبة الجوي في صنعاء في 8 أيار/مايو، عندما أعلنت سلطة الطيران المدني اليمنية أنها تعيد فتح المطار لتلقّي المعونات.
ومن جهتها، اختبرت روسيا الحظر الجوي مرتين حتى الآن: الأولى في تموز/يوليو والثانية في تشرين الثاني/نوفمبر، عندما وصلت رحلات فردية تحمل ما وصفته موسكو بـ "إمدادات إنسانية"، ثم غادرت وهي تقلّ مواطنين روس. وفي كلتا الحالتين، فتح التحالف مجالات معينة في منطقة حظر الطيران لاستيعاب الطلبات الواردة في هذا الإطار.
الحصار البحري
في البداية، ركزت جهود الحصار البحرية على عدن إلى أن تم تحريرها، ثم انتقلت إلى موانئ المخا والحديدة المطلة على البحر الأحمر، وهي نقاط استقبال رئيسية لنقل الأسلحة الإيرانية عبر القرن الأفريقي. وقد منعت قوات التحالف السفن التجارية والمدنية من الوصول إلى هذه الموانئ، في حين قامت قوات أخرى بدوريات منتظمة في المنطقة لوقف السفن المشبوهة وتفتيشها. ولم يتم السماح سوى للسفن التي تحمل إذناً ساريَ المفعول من التحالف بالدخول إلى الموانئ الخاضعة للحظر. وقد تم نشر قطع بحرية كبيرة من أجل دعم هذه العملية، وشملت هذه طرادات من فئة "بينونة" من الإمارات العربية المتحدة، وفرقاطة واحدة على الأقل من فئة "أوليڤر هازارد پيري" من مصر، وسفينة الدعم والإمداد السعودية "ينبع"، الأمر الذي مكّن الأسطول الصغير من العمل بعيداً عن الشاطئ لفترات أطول.
وقد عززت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أيضاً وجودها البحري في المنطقة، وذلك ليس لحراسة ممرات الشحن فحسب، بل للمساعدة على اعتراض سبيل مهربي الأسلحة أيضاً. ففي نيسان/أبريل الماضي، عندما كان أسطول صغير يضم تسع سفن إيرانية يشق طريقه إلى اليمن، ربما محملاً بأسلحة للحوثيين، تم إرسال حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت" وطراد الصواريخ الموجهة "يو إس إس نورماندي" لردع تلك السفن. وفي النهاية، عاد الأسطول الإيراني الصغير أدراجه، الأمر الذي منع حصول مواجهة.
إلاّ أن منع تهريب الأسلحة عملية إمّا تنجح في إصابة الهدف أو الإخفاق في تحقيقه. ففي 25 أيلول/سبتمبر، اعترضت قوات التحالف سبيل قارب إيراني كان يحمل صواريخ موجهة مضادة للدبابات وأسلحة أخرى قبالة ساحل عُمان. وفي 17 شباط/فبراير، اعترضت سفينة حربية أسترالية سفينة صيد بلا جنسية تحمل عشرات البنادق الهجومية والقذائف الصاروخية. وفي هذا الإطارأشارت البيانات الأسترالية والأمريكية إلى أن تلك الشحنات كان يُقصد إرسالها من إيران إلى اليمن. ولا تزال حالياً كميات غير معروفة من الأسلحة تشق طريقها إلى اليمن وفقاً لما يظهره العدد الكبير من الصواريخ الحديثة المضادة للدبابات التي يستخدمها الحوثيون.
أداة غير حادة
نظراً إلى المرور المكثف للسفن التجارية بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، يمكن للسفن الأصغر حجماً العبور خلال بعض المناطق اليمنية من غير أن يتم كشفها، كما يمكن تهريب الأسلحة داخل السلع غير الضارة (انظر المرصد السياسي 2475، "إعادة النظر في الاستراتيجية الأمريكية لاعتراض عمليات نقل الأسلحة الإيرانية"). إن طول الساحل اليمني بالذات الذي يمتد على مسافة1,906 كيلومتراً، يجعل من الصعب جداً منع وصول الشحنات بشكل تام إلى الحوثيين أو «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب».
لهذا السبب واصل التحالف نهجه المتشدد، ومنع بتاتاً معظم السفن من دخول الموانئ اليمنية، وشمل ذلك في بعض الأحيان، السفن التي تحمل مساعدات إنسانية. وفي كانون الثاني/يناير، أشار تقرير لمجلس الأمن الدولي إلى أن "الحصار المنهجي وواسع النطاق للسلع التجارية ساهم بشكل مباشر في إعاقة توصيل المعونات والمساعدات الإنسانية". إلى جانب ذلك، أقنعت الولايات المتحدة وبريطانيا السعوديين بتخفيف الحصار قليلاً، بما يتيح تعزيز عمليات توصيل المساعدات إلى اليمن، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتلبية جميع الاحتياجات الإنسانية في البلاد. ويبقى أن نرى ما إذا كان التحالف سيرفع الحصار أكثر من ذلك إذا ما استعادت القوات البرية السيطرة على سائر الموانئ التي ما زالت تحت سيطرة الحوثيين في الحديدة والمخا.
استخدامات أخرى للرقابة البحرية
استغلت قوات التحالف البحرية أيضاً ساحل اليمن الطويل لتزويد القوات البرية بالدعم اللوجستي والقدرة على إطلاق النار. ففي حزيران/يونيو، كان إطلاق النار من السفن - والذي لوحظ من قبل طائرات بدون طيار كان قد تم إطلاقها من سفن - عاملاً حاسماً في حماية القوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عندما هددت هجمات الحوثيين بدفعها إلى البحر (انظر المرصد السياسي 2464، "عملية "السهم الذهبي" في عدن"). وقد دعمت هذه النيران أيضاً القوات البحرية السعودية اثناء تنفيذها هجمات برمائية على جزر في البحر الأحمر، فضلاً عن شنها غارات على ميناء ميدي الذي يستخدمه الحوثيون للتهريب وميناء المكلا الذي يعتبر مركزاً تجارياً لـ «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» والذي بدأ التحالف بحصاره في الشهر الماضي.
وعلى الصعيد اللوجستي، استخدمت قوات الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسائل النقل البحري بشكل فعّال لتمكين عمليات الهبوط البرمائية وإعادة إمدادها على طول ساحل اليمن الموسع. وعندما رفضت الولايات المتحدة تقديم دعم إضافي في سياق النقل البحري، قامت دولة الإمارات بكل بساطة بشراء "سويفت الإمارات العربية المتحدة" وهي "السفينة 2 عالية السرعة" كانت في خدمة البحرية الأمريكية سابقاً، من شركة حفر استرالية وحوّلتها ثانية وبسرعة إلى سفينة قادرة على نقل قوات مدرعة، مباشرة إلى ساحة المعركة في عدن.
عمليات الحوثيين ضد سفن الشحن
لم يتوانَ الحوثيون عن مواجهة الرقابة البحرية للتحالف، إذ أطلقوا حملة دفاع ساحلي يبدو أنها تستخدم الصواريخ المتقدمة المضادة للسفن. وتنحدر الوحدات المسؤولة عن تشغيل هذه الأنظمة من نخبة "قيادة العمليات الاستراتيجية" في القوات المسلحة اليمنية الموالية لصالح. وقد زعم الحوثيون شن عشر هجمات ناجحة على سفن التحالف بالقرب من "مضيق باب المندب" الحيوي أو قبالة سواحل المخا، لكنّ التحالف نفى جميع هذه الادعاءات. وتم تسجيل لقطات من الهجمات أثناء الليل إلا أنها لا تظهر بشكل واضح نوع الصواريخ المستخدمة، لكنّ تقريراً صادراً عن شركة "جين" للتحليلات العسكرية أفاد أن الصواريخ المستخدمة تشبه صواريخ "سي-802" الصينية، مشيراً إلى علامة دالة تُظهر التخلص من المعززات أثناء إحدى عمليات الإطلاق.
ومن المرجّح أنّ إيران هي التي زودت هذه الصواريخ، وقد سبق أن أمدّت «حزب الله» بصواريخ من هذا النوع. ففي خلال الحرب التي شهدها لبنان في عام 2006، ضرب «حزب الله» "فرقاطة ساعر 5" إسرائيلية بصاروخ "سي-802"، بمساعدة من ضباط إيرانيين وفقاً لبعض التقارير. وقد تم تنفيذ الهجوم ليلاً أيضاً، ربما لتجنب كشفه.
تقييم الحملة
منذ البداية، شخّص التحالف الخليجي بشكل صحيح بأن إعادة الإمدادات الإيرانية للحوثيين يمكن أن تشكل عاملاً مغيراً لقواعد اللعبة إذا تُركت بلا مراقبة، وخاصة من ناحية توفير الصواريخ المتطورة الموجهة المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للسفن وصواريخ أرض-أرض. كما أن حظْر المجال الجوي اليمني حال دون حفاظ الحوثيين على اتصالات دولية هامة أو رفعهم راية الحكومة الشرعية في صنعاء.
إن الحصار البحري، والعمليات الأرضية والبرمائية في الآونة الأخيرة، للاستيلاء على موانئ وجزر في البحر الأحمر هي عوامل أدت على الأرجح إلى إيقاف الإمدادات الإيرانية لدرجة معينة والتأثير بشكل ملموس في بعض ساحات القتال. ومن أبرز هذه التأثيرات مساعدتها على كسر الحصار عن تعز - ثالث أكبر مدن اليمن. وتكمن الأُحْبُولَة الآن في رفع الحصار بشكل انتقائي فيما تقع الموانئ تحت السيطرة المباشرة للقوات الموالية لهادي. فلا يمكن للتحالف تحمل أعباء تجاهل الدعوات الدولية لإعادة فتح الطرق لوصول المساعدات الإنسانية إلى أجل غير مسمى.
وفوق كل الاعتبارات، اعتمد الحصار البحري على المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في اليمن، على بناء تحالف فعّال. وما زال الأسطول السعودي في البحر الأحمر عبارة عن قوة بحرية متواضعة، ولكن إلى جانب قوات الإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين وباكستان، أثبت أنه قادراً على الحفاظ على عملية اعتراض بحرية على مدى العام (وإن كانت عملية مُسَلّمٌ بِها إلى حد كبير من قبل قوات العدو). وقد أدى التطوير الفعّال للترتيبات الإقليمية، مع إريتريا على سبيل المثال، إلى تعزيز نفاذ التحالف إلى السفن العابرة للقرن الأفريقي ومعلوماته الاستخباراتية عنها. والأهم من ذلك، أنّ قادة الخليج أقنعوا أساطيل الدول الغربية بالمساعدة في حملة المنع، مستفيدين من فترة من المناورات المشتركة دامت عقد من الزمن وشملت "فرق العمل المشتركة 158 و 152" (في شمال الخليج العربي وجنوبه) و "150 و 151" (في خليج عُمان والقرن الأفريقي).
نداف بولاك هو زميل "ديان وجيلفورد جليزر فاونديشن" في معهد واشنطن. مايكل نايتس هو زميل "ليفر" في المعهد.
http://www.washingtoninstitute.org/...-in-yemen-part-3-maritime-and-aerial-blockade