الشهيد الطيار المقاتل حازم الغربي بطل أكتوبر المنسى
كتب البدري جلال
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لبوا نداء الوطن، وضحوا بأرواحهم، وبكل غال ونفيث، ولوﻻهم ما انتصرت مصر فى حرب أكتوبر 1973، إلا أن التاريخ طمسهم من ذاكرته.
«حازم الغربي» تأكد من استحالة المهمة لكنه ضحى بحياته لإنجاحها
يروي طارق الشناوى، كابتن طيار، إحدى قصص البطولة والمقاومة لرجال لم يذكرهم التاريخ، إلى أن عمه المقدم حسن مأمون، كان برفقة الشهيد حازم الغربي الذي لفظ آخر أنفاسه في يوم 19 أكتوبر عام 1973.
يقول كابتن طارق نقلا عن عمه إن الشهيد حازم الغربي، خريج الدفعة العاشرة طيران، وطلب منه شخصيًا الفريق أول محمود شاكر عبد المنعم، قائد ثانى القوات الجوية فى حرب أكتوبر “لواء وقتها”، تنفيذ طلعة جوية عبر مكالمة هاتفية في الساعة 1530، ليبدأ “الغربي” بتغيير تسليح الطائرات الثمانية حسب الطلعة والهدف الذى طلب منه “تدمير وإيقاف رتل دبابات العدو بعدد كبير في منطقة الثغرة بالدفرسوار”، وكان معه دفعته المقدم حسن مأمون من لحظة إبلاغه بالتليفون حتي صعوده إلى كابينة القيادة.
يضيف: “مأمون” وجد حازم الغربي ساكنًا يفكر بعمق ولا يتكلم فسأله “في إيه يا حازم”، رد عليه “المهمة التي طلبت منى لن تتحقق بسبب أن الدفاعات الجوية الحصينة لهذا الهدف، وأن مجموعات كبيرة من الطائرات المعادية تحرس الهدف بطريقة مستمرة ومكثفة”، فطلب منه “مأمون” أن يرفض الطلعة، فرد عليه “لا سأطلع وسأطير ويفعل الله ما يريد”، في ذات الوقت كان الشهيد حازم صائمًا فألح عليه حازم أن يفطر، إلا أنه رفض، ليصعدا إلى كابينة الطائرة وساعده في ربط أحزمته، ليبادره الشهيد بمصحف يخرجه من جيبه ويعطيه إلى حسن مأمون، وقتها تأكد الأخير أنه لن يرى حازم مرة أخرى، فأخرج ورقة وكتب عليها “لا إله إلا الله محمد رسول الله” وأعطى نصفها إلى الشهيد، والأخر وضعه بداخل المصحف، ليتحرك الشهيد بطائرته في تمام الساعة 5 مساءً.
وتابع الشناوى: أقلعت 8 طائرات لتنفيذ الطلعة الجوية والهدف المكلفين به، وقبل دخول المنطقة الهدف بـ120 ثانية، رأي حازم الغربي مجموعات عديدة للعدو من طائرات الميراچ والفانتوم، فأصدر قرارا لسربه أن ينفصل عن بعضه، فانفصلت أربع طائرات بما فيهم طائرة الشهيد الغربي، ليجدوا أنفسهم في اشتباك جوي غير متكافئ مع طائرات العدو، وكان عددها 16 طائرة في مواجهة مساحة الاشتباك فيها لا تتعدى 5 كيلو متر، وأثناء الاشتباك، أمر حازم زملائه في السرب الثلاثة بالمناورة من ناحية الشمال، في خطوة لإجبار العدو على تغيير من فوق الهدف المراد تدميره، ومن ثم أعطى أوامره لزملائه بالطيران خلف العدو ليطلق أحد أفراد التشكيل صاروخا يسقط به طائرة ميراچ، وبعدها بلحظة، أطلق الشهيد الغربي صاروخًا إلى قائد التشكيل الإسرائيلي وأسقطه، لتتيح الفرصة إلى زملائه بضرب دبابات العدو بنجاح.
واستطرد: إلا أن جميع الطائرات الإسرائيلية المتبقة كانت تتابع زملائهم بالصواريخ وتعرقلهم عن إكمال مهمتهم، ليقرر حازم الغربي بعمل دوران إلى الناحية الشرقية صوب العدو لإفساح المنطقة لزملائه، في خطوة كان يعلم أنها الأخيرة له نظرًا لخطورتها، لكن حب الوطن والدفاع عنه حفزه على التضحية بنفسه وفداء لزملائه لينال الشهادة وهو صائم تاركًا خلفه طفلين.
رسّخ شخصية القائد والفكر العسكري في نفوس زملائه
وحصلت “البديل” على رواية من أحد زملائه في الحرب، الكابتن حسن عزيز يوسف، بالقوات الجوية المصرية، قائلًا: وصلت قاعدة بلبيس الجوية فى صباح أحد أيام شهر مايو، بعد أن انتهينا من فرقة سوخوى7، والسوخري هي طائرة ثقيلة قليلًا وكانت جديدة بعض الشىء، حيث وصلت مصر قبل النكسة بقليل، وعدد الطيارين المدربين علي الطيران بها كان قليلا مقارنة بالطائرات الأخرى.
يكمل “عزيز يوسف”: تم توزيعنا على الأسراب، وكنت فى سرب البطل حازم الغربي، ومن حسن حظى كنت رقم2 الذى يطير على جناحه، وبدأ بنا على الفور فرقة لتأهيلنا ورفع مستوانا، فكان رجلا عظيمًا هو وزملائه منير فهمى، وطاهر وسمير رفيق، وأشرف محجوب، كان البطل عائدًا لتوه من فرقه قاده أسراب، وأخذ ينقل لنا المعلومات التى يراها لازمة لتكوين الفكر العسكرى لنا، وقضينا تحت قيادته أياما رائعة علمنا فيها خبرات ومعلومات كان لها أكبر الأثر فى تشكيل الشخصية القيادية لمعظمنا وبناء قاعدة معلومات عسكرية كانت ولا تزال فى وجداننا.
تعطل الطائرات سبب قلة عددها خلال الطلعة الجوية للشهيد
ويوضح كابتن عزب حراجي، زميل الشهيد حازم الغربي: شرفني أنني كنت من الأطقم الفنية في سرب السوخوي 20، وحقيقة ما صدر خلال الطلعة الجوية التي استشهد فيها “الغربي” وانطلقت من بني سويف، والتي نقل إليها السرب قبل الحرب بيوم واحد، كان مقرر لها 10 طائرات، إلا أنه تعطلت أحداها وخرجت 8 طائرات بقيادة الشهيد تحمل كل طائرة 96 صاروخ جو أرض في أربع مستودعات، لتتعامل مع رطل الدبابات.
وفي الثغرة، وكما توقع القائد “الغربي”، حدث اشتباك جوي غير متكافئ، ولكن بفضل قناعة الأبطال للدفاع والزود عن مصر، أدي كل منهم ما عليه واستشهد البطل العظيم المقدم طيار حازم الغربي.
عن موقع المجموعة 73 مؤرخين
كتب البدري جلال
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لبوا نداء الوطن، وضحوا بأرواحهم، وبكل غال ونفيث، ولوﻻهم ما انتصرت مصر فى حرب أكتوبر 1973، إلا أن التاريخ طمسهم من ذاكرته.
«حازم الغربي» تأكد من استحالة المهمة لكنه ضحى بحياته لإنجاحها
يروي طارق الشناوى، كابتن طيار، إحدى قصص البطولة والمقاومة لرجال لم يذكرهم التاريخ، إلى أن عمه المقدم حسن مأمون، كان برفقة الشهيد حازم الغربي الذي لفظ آخر أنفاسه في يوم 19 أكتوبر عام 1973.
يقول كابتن طارق نقلا عن عمه إن الشهيد حازم الغربي، خريج الدفعة العاشرة طيران، وطلب منه شخصيًا الفريق أول محمود شاكر عبد المنعم، قائد ثانى القوات الجوية فى حرب أكتوبر “لواء وقتها”، تنفيذ طلعة جوية عبر مكالمة هاتفية في الساعة 1530، ليبدأ “الغربي” بتغيير تسليح الطائرات الثمانية حسب الطلعة والهدف الذى طلب منه “تدمير وإيقاف رتل دبابات العدو بعدد كبير في منطقة الثغرة بالدفرسوار”، وكان معه دفعته المقدم حسن مأمون من لحظة إبلاغه بالتليفون حتي صعوده إلى كابينة القيادة.
يضيف: “مأمون” وجد حازم الغربي ساكنًا يفكر بعمق ولا يتكلم فسأله “في إيه يا حازم”، رد عليه “المهمة التي طلبت منى لن تتحقق بسبب أن الدفاعات الجوية الحصينة لهذا الهدف، وأن مجموعات كبيرة من الطائرات المعادية تحرس الهدف بطريقة مستمرة ومكثفة”، فطلب منه “مأمون” أن يرفض الطلعة، فرد عليه “لا سأطلع وسأطير ويفعل الله ما يريد”، في ذات الوقت كان الشهيد حازم صائمًا فألح عليه حازم أن يفطر، إلا أنه رفض، ليصعدا إلى كابينة الطائرة وساعده في ربط أحزمته، ليبادره الشهيد بمصحف يخرجه من جيبه ويعطيه إلى حسن مأمون، وقتها تأكد الأخير أنه لن يرى حازم مرة أخرى، فأخرج ورقة وكتب عليها “لا إله إلا الله محمد رسول الله” وأعطى نصفها إلى الشهيد، والأخر وضعه بداخل المصحف، ليتحرك الشهيد بطائرته في تمام الساعة 5 مساءً.
وتابع الشناوى: أقلعت 8 طائرات لتنفيذ الطلعة الجوية والهدف المكلفين به، وقبل دخول المنطقة الهدف بـ120 ثانية، رأي حازم الغربي مجموعات عديدة للعدو من طائرات الميراچ والفانتوم، فأصدر قرارا لسربه أن ينفصل عن بعضه، فانفصلت أربع طائرات بما فيهم طائرة الشهيد الغربي، ليجدوا أنفسهم في اشتباك جوي غير متكافئ مع طائرات العدو، وكان عددها 16 طائرة في مواجهة مساحة الاشتباك فيها لا تتعدى 5 كيلو متر، وأثناء الاشتباك، أمر حازم زملائه في السرب الثلاثة بالمناورة من ناحية الشمال، في خطوة لإجبار العدو على تغيير من فوق الهدف المراد تدميره، ومن ثم أعطى أوامره لزملائه بالطيران خلف العدو ليطلق أحد أفراد التشكيل صاروخا يسقط به طائرة ميراچ، وبعدها بلحظة، أطلق الشهيد الغربي صاروخًا إلى قائد التشكيل الإسرائيلي وأسقطه، لتتيح الفرصة إلى زملائه بضرب دبابات العدو بنجاح.
واستطرد: إلا أن جميع الطائرات الإسرائيلية المتبقة كانت تتابع زملائهم بالصواريخ وتعرقلهم عن إكمال مهمتهم، ليقرر حازم الغربي بعمل دوران إلى الناحية الشرقية صوب العدو لإفساح المنطقة لزملائه، في خطوة كان يعلم أنها الأخيرة له نظرًا لخطورتها، لكن حب الوطن والدفاع عنه حفزه على التضحية بنفسه وفداء لزملائه لينال الشهادة وهو صائم تاركًا خلفه طفلين.
رسّخ شخصية القائد والفكر العسكري في نفوس زملائه
وحصلت “البديل” على رواية من أحد زملائه في الحرب، الكابتن حسن عزيز يوسف، بالقوات الجوية المصرية، قائلًا: وصلت قاعدة بلبيس الجوية فى صباح أحد أيام شهر مايو، بعد أن انتهينا من فرقة سوخوى7، والسوخري هي طائرة ثقيلة قليلًا وكانت جديدة بعض الشىء، حيث وصلت مصر قبل النكسة بقليل، وعدد الطيارين المدربين علي الطيران بها كان قليلا مقارنة بالطائرات الأخرى.
يكمل “عزيز يوسف”: تم توزيعنا على الأسراب، وكنت فى سرب البطل حازم الغربي، ومن حسن حظى كنت رقم2 الذى يطير على جناحه، وبدأ بنا على الفور فرقة لتأهيلنا ورفع مستوانا، فكان رجلا عظيمًا هو وزملائه منير فهمى، وطاهر وسمير رفيق، وأشرف محجوب، كان البطل عائدًا لتوه من فرقه قاده أسراب، وأخذ ينقل لنا المعلومات التى يراها لازمة لتكوين الفكر العسكرى لنا، وقضينا تحت قيادته أياما رائعة علمنا فيها خبرات ومعلومات كان لها أكبر الأثر فى تشكيل الشخصية القيادية لمعظمنا وبناء قاعدة معلومات عسكرية كانت ولا تزال فى وجداننا.
تعطل الطائرات سبب قلة عددها خلال الطلعة الجوية للشهيد
ويوضح كابتن عزب حراجي، زميل الشهيد حازم الغربي: شرفني أنني كنت من الأطقم الفنية في سرب السوخوي 20، وحقيقة ما صدر خلال الطلعة الجوية التي استشهد فيها “الغربي” وانطلقت من بني سويف، والتي نقل إليها السرب قبل الحرب بيوم واحد، كان مقرر لها 10 طائرات، إلا أنه تعطلت أحداها وخرجت 8 طائرات بقيادة الشهيد تحمل كل طائرة 96 صاروخ جو أرض في أربع مستودعات، لتتعامل مع رطل الدبابات.
وفي الثغرة، وكما توقع القائد “الغربي”، حدث اشتباك جوي غير متكافئ، ولكن بفضل قناعة الأبطال للدفاع والزود عن مصر، أدي كل منهم ما عليه واستشهد البطل العظيم المقدم طيار حازم الغربي.
عن موقع المجموعة 73 مؤرخين