أكدت النيابة العامة أن أحداث اقتحام السجون المصرية ومهاجمة المنشآت الشرطية التي وقعت في محافظة شمال سيناء التي وقعت إبان أحداث ثورة يناير 2011 , قد جرت باستخدام أسلحة ثقيلة بطريقة متزامنة ومتماثلة وبصورة ممنهجة, بمعرفة عناصر من جماعة الإخوان, وحركة حماس وذارعها العسكري, وميليشا حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني, وعناصر من الجماعات التكفيرية والجهادية وعدد من العناصر البدوية الموالية لهم.
جاء ذلك في مرافعة النيابة العامة التي استمعت إليها محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار شعبان الشامي, والتي تباشر محاكمة 131 متهما يتقدمهم الرئيس الأسبق محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان والتنظيم الدولي للجماعة, وعناصر بحركة حماس الفلسطينية وتنظيم حزب الله اللبناني والجماعات الإرهابية المنظمة, في القضية المعروفة إعلاميا ب` “اقتحام سجن وادي النطرون”.
وطالبت النيابة في ختام مرافعتها, إلى المحكمة, بتوقيع أقصى عقوبة مقررة قانونا, على ضوء الاتهامات المنسوبة إليهم والواردة بقرار الاتهام, مؤكدا على ارتكاب المتهمين لجرائم إرهاب الدولة وأبنائها ومواطنيها.
وأوضحت النيابة أن التحريات التي أجراها جهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة, كشفت بجلاء عن أن “مشروعا إجراميا” خططت له الإخوان في عام 2010 بالتنسيق مع دول أجنبية ومنظمات خارج البلاد, أبرزها حماس وحزب الله, لإسقاط الدولة المصرية, عبر استهداف أكثر من 160 قسما ومركزا شرطيا في عموما البلاد والاستيلاء على أسلحتها وذخيرتها, وأن لقاءات عدة عقدها مكتب إرشاد جماعة الإخوان جاءت لاعتماد تنفيذ بنود ذلك الاتفاق الإجرامي في اللحظة التي يتم الاتفاق عليها.
وذكرت النيابة أن المتهمين تحينوا الفرصة في يناير 2011, حيث استغلوا الحراك الثوري الذي تموج به البلاد وخروج جموع المصريين في ثورة يناير وانشغالهم بأزمات البلاد, وشرعوا لتنفيذ مؤامرتهم الغادرة, فأدركت السلطات الأمنية بداية المخطط وقامت باعتقالهم وإيداعهم السجون في 29 يناير 2011 , فأعطى مرشد الجماعة الضوء الأخضر لتنفيذ المؤامرة.
وأضافت النيابة أن تحريات أجهزة الأمن كشفت النقاب عن أن جماعة الإخوان, تلقفت المشروع الأمريكي لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط سياسيا, وقامت بتبنيه وتسويق نفسها لتنفيذه لزعزعة استقرار دول العالم العربي, وسط ترحيب أمريكي وغربي بتصعيد جماعات الإسلام السياسي للوصول إلى الحكم في تلك البلاد, وهو ما دعا تلك الجماعات إلى المبادرة باتخاذ خطوات ضد أجهزة الدولة, خاصة الأمنية, لإسقاطها والقفز فوق السلطة.
وأكدت النيابة أن القاسم المشترك في كافة لقاءات مكتب إرشاد جماعة الإخوان واتصالته بالخارج, والتي رصدها الأمن الوطني والمخابرات العامة, كان الخيانة والإعداد لإسقاط الدولة المصرية عبر ضرب مؤسساتها, متخذين من الدين ستارا لأعمالهم الخبيثة.
وأشارت النيابة إلى أن أحد الأدلة المتعددة التي تضمنتها أوراق القضية, على وجود المخطط لإشاعة الفوضى واقتحام السجون والمنشآت الأمنية, ما جاء على ألسنة المتهمين أنفسهم أثناء إيداعهم السجون في ضوء قرارات الاعتقال التي صدرت بحقهم في يناير 2011 .. حيث كانوا يرددون أمام ضباط السجون أنهم لا يأبهون لحبسهم لأن الأمر برمته “لن يتعدى ساعات قليلة وسيخرجون منها إلى حكم البلاد”.
وأضافت النيابة أن المخطط الذي أعدت له جماعة الإخوان, والذي تم تنفيذه, تمثل في استغلال محدودية التسليح الأمني في بعض مناطق سيناء الحدودية, وإدخال أكثر من 150 مسلحا مستخدمين أكثر من 30 سيارة دفع رباعي مجهزة بأسلحة ثقيلة ومدافع رشاشة من عيارات كبيرة, علاوة على العشرات من مستقلي الدراجات النارية حاملي الأسلحة النارية الآلية, وقيامهم بالدخول في مواجهة نارية مع عناصر التأمين من قوات الأمن, وإجبارهم على التراجع إلى مدينة العريش ليتحقق مخططهم بتفريغ مناطق رفح والشيخ زويد من قوات الأمن.
وأوضحت النيابة أن المسلحين كانوا خليطا من العناصر الإخوانية, وكتائب القسام الفلسطينية, وجيش الإسلام الفلسطيني, وسرايا القدس, وميليشا حزب الله اللبنانية والحرس الثوري الإيراني, والجهاديين والتكفيريين المختبئين بصحراء سيناء الذين تولوا تمهيد الطريق أمام تلك الجماعات والعناصر الأجنبية المسلحة للدخول إلى الأراضي المصرية عبر الأنفاق والسراديب السرية.
وأكدت النيابة العامة أن تحريات الأمن الوطني والتي أكدت صحتها تحريات جهاز المخابرات العامة, كشفت النقاب عن معلومات جوهرية تفيد بأن القياديين الحمساويين (اللذين اغتالتهما إسرائيل فيما بعد) رائد العطار عضو المجلس العسكري الأعلى لكتائب القسام, وأحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام كانا أحد أهم العناصر الفاعلة في ترتيب وتنفيذ المخطط, وتشكيل (العطار) لغرفة عمليات من قادة الألوية العسكرية كسرايا القدس وكتائب القسام وجيش الإسلام وحزب الله, للإشراف على عمليات التدريب العسكري والتسلل من وإلى قطاع غزة, ووضع مخططات مهاجمة المنشآت الأمنية.
وذكرت النيابة أن الإرهابيين قاموا بالتسلل لتنفيذ المخطط في 28 يناير, عبر الأنفاق والسراديب السرية التي أعدتها حركة حماس, وقاموا بمهاجمة المنشآت الأمنية واقتحام السجون وتهريب العناصر المحبوسة من حزب الله وحماس والبدو التكفيريين.
وقالت النيابة إن مجموعة مسلحة تعتنق فكر الجهاد المسلح وتختبىء بسيناء, تعرف بمجموعة الكيلاني ويقودها المتهم أحمد زايد الكيلاني, هي من قامت بتنفيذ عملية اختطاف الضباط الثلاثة وأمين الشرطة, وإيداعهم جبل الحلال بسيناء, وفقا لما كشفت عنه التحريات.
ملحوظة
مختطفين حتى الان
وأشارت النيابة إلى أن الخطة التي وضعت, تضمنت تقسيم المجموعات المسلحة لأنفسهم إلى 3 أقسام, لتهريب سجناء الإخوان وحزب الله والبدو التكفيريين وحماس, فهاجموا سجون المرج وأبو زعبل ووادي النطرون, وهي الوقائع التي جرت بصورة متزامنة وبآليات واحدة, على نحو يكشف عن منهجية الجريمة.. حيث كان الأمر يتم بإحداث السجناء بكل سجن, لشغب لتشتيت قوات التأمين المسئولة عن كل سجن, ثم قيام العناصر المسلحة بمباغتة السجون بإطلاق كثيف للنيران حتى تنتهي الذخيرة بحوزة قوات التأمين, ثم مهاجمة السجون بالأسلحة الثقيلة والمركبات لتهريب العناصر المراد تهريبها.
وأضافت النيابة أن القياديين بحزب الله سامي شهاب وإيهاب السيد مرسي, المحكوم عليهما في قضية تنظيم حزب الله, تمكنا من الهروب بمساعدة تلك العناصر, ومعاونة من أحد العناصر بالحرس الثوري الإيراني من داخل مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة, بالتعاون مع أحد المصريين ويدعى طارق أحمد السنوسي, وذلك عبر دولة السودان, والذي استأجر شقة في مدينة الأقصر كمخبأ, واتصل بعملاء الحزب في السودان قائلا لهم نصا (هناك نسختان من أحد الكتب المميزة موجودة لدي) قاصدا المتهمين.
وأكدت النيابة أنه في سجن وادي النطرون وحده قتل 14 سجينا و 14 حارسا بالسجن بمعرفة العناصر المسلحة التي قامت باقتحامه.
وأضافت النيابة أن أحد أبرز الأدلة على الاتفاق المسبق, إصدار المتهم محمد مرسي أثناء توليه الرئاسة, قرارات بالعفو الرئاسي عن عدد من كبار الجهاديين والتكفيريين المحكوم عليهم بعقوبات بالسجن والإعدام, تاركا لهم التحرك في سيناء والتوطن بها مكافأة لهم ولحين الاحتياج إليهم.. مؤكدة أنه ما كان لهذا الاتفاق باقتحام السجون أن يتحقق لولا الاتفاق مع حزب الله والحرس الثوري الإيراني وحركة حماس.
وذكرت النيابة أن أحد أهم الأدلة, ما ورد على لسان محمد البلتاجي من أن ما يحدث في سيناء من تفجيرات واستهداف للمنشآت الأمنية, يتوقف في اللحظة التي يخرج فيها محمد مرسي من محبسه.
وقالت النيابة إن اجتياح الشريط الحدودي للبلاد والسيطرة عليه بمعرفة عناصر حركة حماس وعناصر حزب الله والعناصر الجهادية من بدو سيناء, لم يكن ليتم لولا وجود خطة محكمة من جانبهم على ارتكاب تلك الجرائم.
وأضافت النيابة أن تحريات الضابط محمد مبروك المقدم بقطاع الأمن الوطني, كشفت عن تفاصيل المنشآت الشرطية برفح والشيخ زويد وتراجعها إلى العريش, لإخلاء الشريط الحدودي وخضوع تلك المنطقة لسيطرة عناصر حماس وحزب الله والتكفيريين, وقيامهم بتفجير خطوط الغاز الطبيعي مما أدى إلى احتراق 4 أقسام شرطة, وتدمير مكتبين لجهاز مباحث أمن الدولة, وإطلاقهم لقذائف صاروخية على فرع جهاز مباحث أمن الدولة بالعريش ومعسكر للأمن المركزي, والعديد من المراكز الشرطية ومديرية أمن شمال سيناء.
وعرضت النيابة أثناء مرافعتها لشهادات الشهود, وفي مقدمتهم العميد خالد عكاشة الضابط بإدارة الدفاع المدني بمديرية أمن شمال سيناء أثناء وقوع الأحداث, من انه أبصر دخول العناصر المسلحة مستقلين عربات الدفع الرباعي المددجة بالأسلحة الثقيلة, واعتدائهم على المنشآت الشرطية والحكومية, وأنه قد دارت بينهم وبين القوات الشرطية معارك استمرت لساعات, وفرضت تلك العناصر المسلحة حظر التجول لعدة أيام في مناطق رفح والشيخ زويد, وأنه أبصر ذات العناصر وهي تقوم باقتحام السجون, وأنه قد انتهى وجودها بتهريب السجناء.
وأضافت النيابة أن العديد من الشهود, من الضباط والمدنيين والأهالي, شهدوا بأن عمليات اقتحام السجون تمت بطريقة متازمنة ومنظمة وممنهجة, بمعرفة مجموعات مسلحة ترتدي ملابس بدوية.. كما شهد اللواء محمود وجدي وزير الداخلية الأسبق, بأن السجون المصرية لا يمكن اقتحامها بمعرفة العناصر الإجرامية العادية أو الأهالي, باعتبار أنها مؤمنة بطريقة جيدة للغاية, وانه لا يمكن أن يتم الاقتحام إلا بمعرفة عناصر مسلحة عالية التدريب وبأسلحة ثقيلة, علاوة على العديد من شهادات الضباط والمجندين من حراس سجون وادي النطرون والمرج وأبو زعبل, من أن اقتحام السجون الثلاثة قد جرت بذات النهج والأسلوب والمتمثلة في إثارة الشغب من الداخل لإشغال قوات التأمين بالداخل عن الخارج, وحينها تتدخل العناصر المسلحة من الخارج بإطلاق النيران على السجون لحين نفاد ذخيرتها, ثم بدء اقتحام السجون بمعرفة تلك العناصر.
كما عرضت النيابة لعدد من أقوال الشهود من المحكوم عليهم بالسجون, من أن العديد من السجناء من حركة حماس قالوا لهم يوم 29 يناير, أنه سيتم إطلاق سراحهم خلال ساعات قليلة.
ولفتت النيابة إلى مجموعة المتهم أحمد زايد الكيلاني وكمال علام, وفقا لما جاء بتحريات أجهزة الأمن, قامت بمهاجمة أحد كتائب الدعم الأمنية وسرقة أسلحتها وذخيرتها, واختطاف عدد من الضباط وأمناء الشرطة, ومشاركة أحد عناصر المخابرات الإيرانية في تسهيل هروب عنصري حزب الله المحبوسين إلى لبنان عبر دولة السودان, عبر اصطناع زيارة وهمية له وزوجته إلى مدينة الأقصر, وإجراء اتصالات تم رصدها مع عناصر حزب الله في السودان لتهريب العنصرين.
وأكدت النيابة أن تقرير وزارة الخارجية المصرية, أكدت أن عربات شرطية مصرية تجوب قطاع غزة تحمل ذات اللوحات التعريفية الخاصة بها, وهو ما يؤكد أن عمليات اقتحام الحدود والسجون تمت بمعرفة ومشاركة حركة حماس وبمباركة منها, وإلا ما كانت قد سمحت بدخول تلك العربات الشرطية المصرية المسروقة إلى الأراضي الفلسطينية وأن تجوب شوارع القطاع.
وأضافت النيابة أن المتهمين في تلك القضية صوروا أنفسهم كدعاة إصلاح, بينما هم يروعون الآمنين ويسعون للعودة بمصر إلى عصور الظلام.. متسائلا: “أي جهاد يتطلعون إليه.. وهل من الجهاد والمقاومة قتل الأبرياء من أبناء الوطن وتخريب المنشآت وإحراقها وترويع الآمنين”.
ووجهت النيابة حديثها إلى المتهمين قائلة: “ماذا جنت مصر من أفعالكم, وعلى أي أرض جاهدتم.. أنتم مخربون وأدوات إرهاب لا إصلاح, أسأتم لديننا الحنيف, إذ أعمى الضلال بصيرتكم وأنتم تتسترون وراء الدين”.
وذكرت النيابة أن المتهمين في تلك القضية أحلوا ما حرم الله ورموا أبناء وطنهم بالكفر, زورا وبهتانا.. مطالبة إلى المحكمة بأن تتخذ تجاه المتهمين من العقاب بما يصون عقيدة الوطن من هؤلاء الذين نشروا الفتن بين أبنائه.. مؤكدا أن المتهمين لو لم يعاملوا بالشدة لصارت الدولة مطمعا لأمثالهم.
وتضم القضية 27 متهما محبوسين بصفة احتياطية, في حين يحاكم بقية المتهمين بصورة غيابية, باعتبار أنهم هاربون.
ومن أبرز المتهمين المحبوسين احتياطيا على ذمة القضية (إلى جانب الرئيس المعزول محمد مرسي) محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ونائبه رشاد بيومي, وأعضاء مكتب إرشاد الجماعة والقيادات بها محمد سعد الكتاتني وعصام العريان ومحمد البلتاجي ومحي حامد وصفوت حجازي.
كما أن من أبرز المتهمين الهاربين, الدكتور يوسف القرضاوي (الداعية الإسلامي المعروف) وصلاح عبد المقصود وزير الإعلام السابق, ومحمود عزت نائب المرشد العام لجماعة الإخوان.. إلى جانب القيادي بتنظيم “القاعدة” رمزي موافي (الطبيب الخاص بأسامة بن لادن زعيم التنظيم السابق) وأيمن نوفل القيادي البارز بكتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية).. بالإضافة إلى القياديين بتنظيم حزب الله اللبناني محمد يوسف منصور وشهرته “سامي شهاب” وإيهاب السيد مرسي وشهرته “مروان” والسابق الحكم عليهما في أبريل 2010 الأول بالسجن المشدد لمدة 15 عاما والثاني بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات, في قضية الخلية الإرهابية لحزب الله.
وكان المستشار حسن سمير قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة لتحقيق وقائع الاتهام, قد أسند إلى المتهمين ارتكابهم جرائم خطف ضباط الشرطة محمد الجوهرى وشريف المعداوى ومحمد حسين وأمين الشرطة وليد سعد, واحتجازهم بقطاع غزة, وحمل الأسلحة الثقيلة لمقاومة النظام المصري, وارتكاب أفعال عدائية تؤدى إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها, وقتل والشروع في قتل ضباط وأفراد الشرطة, وإضرام النيران في مبان حكومية وشرطية وتخريبها, واقتحام السجون ونهب محتوياتها, والاستيلاء على ما بمخازنها من أسلحه وذخائر وتمكين المسجونين من الهرب.
وكشفت التحقيقات التي باشرها قاضي التحقيق النقاب عن اتفاق المتهمين في القضية (من قيادات جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول والجهاديين التكفيريين) مع هيئة المكتب السياسي لحركة حماس, وقيادات التنظيم الدولي الإخواني, وحزب الله اللبنانى, على إحداث حالة من الفوضى لإسقاط الدولة المصرية ومؤسساتها, تنفيذا لمخططهم, وتدريب عناصر مسلحة من قبل الحرس الثوري الإيراني لارتكاب أعمال عدائية وعسكرية داخل البلاد, وضرب واقتحام السجون المصرية.