- الاستعدادات الخليجية تصاعدت بعد الأزمة مع إيران
ليس كغيره من الأعوام السابقة، بدأ العام 2016 مختلفاً في تاريخ العلاقة بين إيران ودول الخليج العربي، بأجواء من المواجهة المباشرة، بعد أن دشنت السعودية العام بإعدام 47 مداناً بالإرهاب، بينهم مواطن شيعي أغضب إعدامه ساسة طهران، فبدأت تصعد ضد الرياض، وشنت الاعتداءات ضد ممثلياتها، وهو ما أدانته معظم عواصم العالم، فيما جاء الاصطفاف الخليجي والعربي مع المملكة عاكساً توقع مواجهة حقيقية، تتطلب الاستعداد العسكري والترقب.
بدت تصريحات ساسة الخليج خلال شهر من أزمة الرياض وطهران، أقرب إلى اللَّهجة الشرسة التي تنتهجها الأخيرة في سياستها الخارجية، وكانت الاستعدادات والإيحاءات العسكرية سمة لعدة دول خليجية، ترافقت مع تنفس إيران من رفع العقوبات عنها بدخول الاتفاق النووي حيّز التنفيذ، وهو ما يبدو أنه قدم لها دفعة لزيادة محاولاتها المستمرة في اختراق دول الخليج والتدخل في شؤونها.
السعودية تتحصن
ومن إشارات الالتفاف العربي حول السعودية، التي تسعى لتأسيس القوة العربية المشتركة وتفعيل "التحالف الإسلامي"، كشف بعد الأزمة بأسابيع عن تدريب عسكري مرتقب تنفذه بشكل مشترك عناصر من القوات المصرية المسلحة، ونظيرتها السعودية، وعدد من الدول العربية والإسلامية (لم تذكرها)، موضحة أن المناورات تحمل اسم "رعد الشمال".
ووفق بيان لوزير الدفاع المصري فإن "ما تشهده المنطقة من متغيرات حادة، وتهديدات مباشرة وغير مباشرة، تستلزم التكامل والتعاون المشترك بين كافة الدول الشقيقة، لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".
وفي صفقات التسلح، نقلت مصادر مطلعة على محادثات بين الولايات المتحدة والسعودية حول صفقة لبيع أربع سفن حربية من إنتاج شركة "لوكهيد مارتن" ومعدات أخرى، أن المحادثات لا تزال جارية.
وتعتمد السفن الأربع على نموذج سفن القتال الساحلية الفولاذية أحادية البدن، التي تقوم لوكهيد ببنائها لحساب البحرية الأمريكية بالتعاون مع شركة فينكانتيري الإيطالية، وقد وافقت واشنطن على الصفقة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووافق وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل، على صفقة بيع 15 زورق دورية للسعودية. وقالت متحدثة باسم الوزارة، في 26 يناير/كانون الثاني، إن البحرية السعودية تحتاج إلى هذه الزوارق لحماية السواحل والمنشآت البحرية.
وكاحتراز مستقبلي، أعلن مسؤول سعودي في وزارة الدفاع، في 27 يناير/كانون الثاني، أن المملكة تتجه إلى توفير قطع الغيار لقواتها المسلحة بمختلف تشكيلاتها عبر المصانع الوطنية في إطار برنامج التحوّل الوطني 2020، لتوفر الكلفة نسبة 50% تقريباً، إلى جانب توفير وقت قياسي.
وفي اليوم نفسه، وقعت المملكة العربية السعودية وماليزيا، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الدفاع الوطني، كما أجرت مباحثات في المجال نفسه مع كل من إندونيسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وأعلن مصدر فرنسي، منتصف يناير/كانون الثاني، أن السعودية تدرس شراء "بضع مئات من الدبابات"، وتبدي اهتماماً بالدبابة الفرنسية "لوكليرك"، التي تمتلك دولة الإمارات عدداً منها.
ومع أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جاءت قبل دخول الأزمة بين الرياض وطهران، إلا أن صحفاً تركية أعلنت بعد إعلان الرياض قطع العلاقات مع طهران، أن المملكة وقعت عدداً من الاتفاقيات مع الجمهورية التركية، خلال زيارة الرئيس التركي، كان من أبرزها اتفاقية شراء العربات المدرعة.
وفي اليوم الأول من العام 2016، أجرى نائب وزير الدفاع السعودي محمد بن عبد الله العايش، ورئيس هيئة الأركان الباكستانية راحل شريف، محادثات ثنائية في إسلام أباد، تناولا فيها مسائل تتعلق بـ "التعاون العسكري" بين البلدين.
وذكر البيان أن لقاء المسؤولين تم في مقر هيئة الأركان الباكستانية، وتناول قضايا تتعلق بالتعاون الدفاعي الثنائي، وأمن المنطقة، وبرامج التدريب العسكرية.
قطر تخطط للتحصين العسكري
رسمياً، أعلن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في 27 يناير/كانون الثاني، أن تركيز بلاده في السنوات القادمة سوف ينصب على تعزيز القدرات العسكرية وتطوير القوات المسلحة القطرية، بالإضافة إلى تقوية الداخل.
وجاءت تصريحات الأمير، بعد ساعات من إصداره مرسوماً أميرياً، ينص على إعادة تشكيل مجلس الوزراء القطري، وتضمن تعيين خالد بن محمد العطية، وزير الخارجية السابق، وزيراً للدولة لشؤون الدفاع وعضواً في مجلس الوزراء، وقد عرف العطية بمواقفه الرافضة للتدخلات الخارجية في شؤون البلدان، مثل سوريا واليمن.
كذلك دشنت الإدارة العامة لأمن السواحل والحدود بوزارة الداخلية القطرية، منتصف يناير/كانون الثاني، 20 زورقاً جديداً من نوع "محيط"، التي تدخل الخدمة لأول مرة في الإدارة، في إطار جهودها لامتلاك أسطول متطور لتعزيز مهامها الأمنية.
الكويت أكثر المندفعين
وقد بدأت دولة الكويت عدة خطوات باتجاه التحصينات العسكرية والاستعداد لأي طارئ في المنطقة، بجملة من الاستعدادات.
"مواكبةُ الأحداث الإقليمية الجارية"، كانت سبباً لتقوم قوات الأمن الخاصة في الكويت بتنفيذ التمرين الميداني (الردع الحاسم 5)، وأعلن نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الكويتي، الشيخ محمد خالد الصباح، أن التمرين "يعد رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه العبث بأمن الكويت وأمان مواطنيه".
أما آمر القوة الجوية الكويتية، اللواء ركن عبد الله الفودري، فقد صرح في 21 من يناير/كانون الثاني، أن التحديات الأمنية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط لها انعكاسات على جميع دول المنطقة، وهو "ما يستدعي أن تكون القوات الجوية على أهبة الاستعداد".
كما أعلن الفودري أن سلاح الجو الكويتي "متشبث" بخطط شراء مقاتلات "إف-18 سوبر هورنيت" من إنتاج شركة بوينغ، مضيفاً أن "سلاح الجو سيلعب أهم دور لدى التعامل مع التهديدات الإقليمية".
وقالت مصادر مطلعة على عقد صفقة طائرات "يوروفايتر" الإيطالية مع الكويت، إن العقد سيوقع نهاية يناير/ كانون الثاني، وستبيع بموجبه 28 مقاتلة.
ووقعت الكويت وتونس اتفاقية في مجال التعاون العسكري، عقب جلسة مباحثات بين الجانبين رأسها قائدا البلدين، في أثناء زيارة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي للكويت، في 26 يناير/كانون الثاني.
البحرين والتحذير بالدرع الصاروخي
وطالما دعت البحرين إلى الوحدة في مواجهة التدخلات الخارجية في المنطقة وعلى رأسها الإيرانية، وهي من أكثر الدول التي شهدت علاقتها مع إيران توتراً خلال الفترة الماضية، وانتهت بقطع العلاقة نهائياً بعد الأزمة بين الرياض وطهران.
وعلى لسان قائد سلاح الجو الملكي البحريني، اللواء الركن حمد بن عبد الله آل خليفة، أعلِن في 21 يناير/كانون الثاني، أن دول الخليج العربية تتعاون لبناء نظام دفاع صاروخي، مشيراً إلى أن هذه الدول تأمل في الإعلان عن النتائج قريباً.
أما القائد العام لقوة دفاع البحرين، المشير الركن خليفة بن أحمد آل خليفة، فشدد على أهمية تقوية العمل العسكري الخليجي المشترك، "لمواجهة التحديات والتهديدات التي تواجه المنطقة وتستهدف الأمة العربية".
وتشير تلك الإيحاءات العسكرية من دول الخليج، إلى وجود توقعات بازدياد نشاط إيران وتدخلاتها في المنطقة، وهو ما يعزز فكرة المواجهة الحقيقية التي ترفضها دول الخليج في تصريحاتها، إلا أنها لا تكف عن تحذير طهران من التدخل في شؤونها الداخلية، ومن ثم وجدت من التعنت الإيراني في الأزمة الأخيرة، وانتهاء أزمة الملف النووي الإيراني الذي أعطى الحرية لطهران، ضرورة في التحشيد العسكري، في ترقب لأي تصعيد إيراني.
وكان وزير خارجية السعودية عادل الجبير، قد بين أن الخطوة المقبلة لبلاده تجاه إيران، هي استشارة حلفائها في العالم العربي والإسلامي، وتقييم الأمور والخطوات المقبلة التي ستتخذها بعد قطع العلاقات مع إيران، معتبراً أن المطلوب من إيران حالياً ليس مجرد الاعتذار عن الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد، وإنما تغيير سياساتها.