من روائع الكتب العربية: خمسة كتب في كتاب واحد

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
23,820
التفاعل
19,645 126 0
من روائع الكتب العربية: خمسة كتب في كتاب واحد
كتاب :عُنوان الشرف الوافي في علم - الفقه - والعروض- والتاريخ - والنحو – والقوافي للعلامة إسماعيل بن أبي بكر المقرىء
هل سمعتم بعلامة عربي اسمه اسماعيل بن المقرئ ؟ لقد ألّف هذا الرجل قبل ما يزيد على 600 سنة كتاباً باللغة العربية لم تعرف لغات العالم جميعها مثله بل ولم يؤلف كتاب بالعربية مثله لا قبله ولا بعده ، فقد شرح فيه مؤلفه خمسة علوم في كتاب واحد وبكلمات واحدة مشتركة ، أي أنه لم يجعل لكل علم فصلاً مستقلاً بل جعل الكلمات مشتركة في الكتب الخمسة بحيث أنك إذا قرأت السطور أفقياً فأنت تقرأ في الفقه على مذهب الإمام الشافعي ، وهذا هو العلم الأول ، وإذا قرأت الحروف التي في أوائل السطور عمودياً فأنت تقرأ في العَروض ، وهذا هو العلم الثاني ، وإذا قرأت الكلمات التي لوّنها باللون الأزرق عمودياً فأنت تقرأ في التاريخ ، وهذا هو العلم الثالث ، وإذا قرأت الكلمات باللون الأخضر عمودياً فأنت تقرأ في النحو ، وهذا هو العلم الرابع ، وإذا قرأت الحروف التي في أواخر السطور عمودياً فأنت تقرأ في علم القوافي ، وهذا هو العلم الخامس والأخير ، ومن ومن خلال نفس الكلمات الأفقية والعمودية في صفحات هذا الكتاب أنجز هذا العالم الفذ شرحاً وافياً لخمسة علوم هي : الفقه ، والعروض ، والتاريخ ، والنحو ، والقوافي . وسمى كتابه العجيب هذا : (عنوان الشرف الوافي في الفقه والعروض والتاريخ والنحو والقوافي) .
وقد رأيت أن أنقل لكم الصفحة الأولى من الكتاب لتروا بأنفسكم كيف تصرّف هذا العالم الفذ مع الحروف والكلمات ليخرج لنا منها خمسة علوم بما يشبه ( لعبة الكلمات المتقاطعة ) :
ولاحظوا (الحروف المقطعة والكلمات) الملونة في السطر الاول التالي كنموذج لاسطر الكتاب
(ا) لحمد لله ولي (الحمد) ومستحقه الذي لا يــقوم (بحمد) ه أحد من خلقه وأشــــــهد أن لـ (ا)
يضم الكتاب بمتنه الكتب التالية :
1. الكتاب الأول : كتاب الفقه الأساسي :إذا قرأته أفقيا (جميع الأسطر بكافة ألوانها) فهو في الفقه على مذهب الإمام الشافعي (وهو) ، وحمَّل المؤلف متن هذا المجموع الفقهي أربع رسائل تقرأ جميعها عمودية من الأعلى إلى الأسفل وهي كالتالي : وأوله : - "الحمد لله ولي الحمد ومستحقه الذي لا يقوم بحمده أحد من خلقه وأشهد أن لـامعبود للخلق إلا الله ولا إله لهم سواه وصلى الله على سيد البشر رسول ربنا ما رفع منار حق فلمع وأضاء نور علم وسطع ، اِعلم أن العلم مصباح تستضيء به الأمة قد حمده الله واثنى عليه واشرف ما استفتح من العلوم علم الفقه فمن صام وصلى - إلخ . . . " .
2. الكتاب الثاني : رسالة في علم العروض (تقرأ عمودية بنفس هذا اللون الأحمر) وأولها : - " أمر بتاليف هذا الكتاب وجمعه مولانا السلطان الملك الأشرف إسماعيل ابن العباس - أدام الله أيامه - إلخ . . ." .
3. الكتاب الثالث : رسالة موجزة في التاريخ (تقرأ عمودية بنفس هذا اللون الأزرق) ، وأولها : - " الحمد لله حق حمده وصلى الله على محمد وآله وبعد : فهذه نبذة جمعتها وطرفة اخترعتها مؤرخا دولة أئمة الزمن وعظماء ملوك الشام واليمن بني الرسول أفضل ملوك الأرض ، الأول السلطان الملك النصور نور الدين عمر بن علي الرسولي - إلخ . . . "
4. الكتاب الرابع : رسالة في النحو كثيرة الإيجاز (تقرأ عمودية بنفس هذا اللون الأخضر) وأولها : - "بحمد الله استفتح ، والصلاة على رسوله محمد وبعد فأَقول : الكلام ثلاثة أشياء وهي اسم وفعل وحرف والسم يعرّف بدخول الألف واللام والإضافة والإخبار عنه وجره والأفعال بدخول التاء الساكنة ولم وكون امرا وهو قالت ولم يقل - إلخ . . ." .
5. الكتاب الخامس : رسالة موجزة في علوم القافية (تقرأ عمودية بنفس هذا اللون الوردي) ، وأولها : - "الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم وهدانا للتي هي أقوم من سنة محمد صلى الله عليه وسلم - إلخ . . . " .

مثال من الكتاب عبارة عن صفحة واحدة فقط للتعريف بالفكرة
الحمد لله ولي الحمد ومستحقه الذي لا يــقوم بحمده أحد من خلقه وأشــــــهد أن لـا
معبود للخلق إلا الله ولا إله لهم سواه وصـــــــلى الله على سيد البشر رســـــول
ربنا ما رفع منار حق فلمع وأضاء نور علم وســطع اعلم أن العلم مصــــــــــباح
تستضيء به الأمة قد حمده الله واثنى عليه وأشرف ما استفتح من العـــــــلوم علــم
الفقه فمن صــــام وصلى فضرورته إليه ومن عامل ونكح وطلق فهو كل عليه فلا بـــد
للعباد ممـــا حفظ الله به عليهم أركان الإسلام كالحج والصلاة والصيام وهو منقول ومعقول
يعسر تحصـيله على الأنام إلا بعلماء أعــلام يدلونـــهم على الحــلال والحــرام وكل
فضل يروى عن سنةمحمدنبيه المختار من الـبــرية ورسوله المبــــعوث بأكرم سجيه
هذا نعته وصـــفته وآله اهل الله وخاصته بهم تُحفظ شريعة محمد وســـنته اللهم اجعلنا
إليك هادين لا ضالين ولا مضلين وادخلنا فـي رحمتك أجمعين وبعد فهذا كتــــــاب جليل
كتبته لم أســـــبق بعد إليه ألفته مختصرا في الفقه فان أعـــــــان الله وتم حينئذ
امره عــــــلى هذا فهذه نعمة من الله لا يوفي شـــكرها قول ولا عمل رصعته بمعاني
بديعة بليـــغة منها نبذة من تاريخ الدولة الرسولية وشيء من الكلام في معاني العربية بديع
وأحرف معدودة إذا جمعتها من أوائل سطوره انتظمت عروضا فهذه ثلاثة أشياء وعلم رابـع يحصل
جمعه من آخر كل سطر وطرفه في علم القوافــي فاتفقت هذه وهي خمســـــــة علوم
من تأمــلها عجب اخترعتها لا على منوال ورسـمت لها مراسم على غير مثال فجاء مفقها
وجاء مؤدبــا وجاء مؤرخا (كتاب الطهارة) الماء طهور وطـــاهر ونجس فاسم الطهور حاصل
لكل ماء باق على صفته دون غيره ونعني بالطـاهر ما استعمل في فعل الطهارة أو خالط طاهرا
افحش تغيره وليـــس له إليه حاجة تغير بالنجاسة تنجســـر وحرّم استعماله ولو كثر وإن
ناله ولم يغيره فعند أئمة العلماء نجس ما دون القلتين والمــعروف ان المشمس يُكره للإنسان
الـاستعمال له في جميع الزمن وقيل في الصيف خاصة (باب الآنية) والاستعمال للطاهر منها ليس محرما
سواء كانت خشبا أو عظماءالا من النقدين ويكره التصبيب بهما إلا برسم الحـــــاجة إذا قل
لكنه وإن كــان ملوما فطهارته تصح وإن تنجــس بعضها ولم يعرف توضـــــأ بما قدم
(إلخ . . . . . حتى نهاية الكتاب)
وبعد أن أخذتم فكرة عن طريقة تأليف هذه العلوم الخمسة في كتاب واحد ، لا بد أنكم ستعجبون من الإمكانية الهائلة التي يمكن للغة العربية أن تأتي بها ، في حين تعجز أية لغة أخرى عن ذلك بدليل أننا لم نسمع عن مثل هذا الفن إلا في لغتنا العربية فقط .



التعريف بإيجاز عن المؤلف :
هو "شرف الدين أبو محمد إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله المقرىء ابن إبراهيم بن علي بن عطية الشَّفدَري الشَّاوري الشَّرجي اليماني الحسيني الشافعي ، الأَسوي المعروف بابن المقرىء" .
قال الشمس السَّخاوي "وُلِد ابن المقرىء كما كتبه بخطه في منتصف جمادى الأول سنة 755 هـ. ، وقال الحمال بن الخياط : إنه رجع عنه ، وصحّ له ان مولده كان في سنة 754 هـ. - 133 م. وهو ما أخذنا به .
نشأ ابن القرىء في أبيات حسين - مسقط رأسه - في منطقة الشرجة من سواحل اليمن على البحر الاحمر بين قبيلته بني شاور فتلقى أَوائل العلم عن بعض شيوخ قومه في الشرع والأدب ونظم القافية واستمر في الهجرة في طلب العلم حتى بلغ درجة صار فيها محط أنظار أبناء زمانه ، فأثنى عليه ابن حجر فقال : "عالم البلاد اليمنية" ، وأعلى الخزرجي من شدة ذكائه فقال : "كان يتوقّد ذكاءً . ورفع الشوكاني من مكانته فقال : "إن اليمن لم تنجب مثله" وبرع في الشعر مرتبة عظيمة ، وله مؤلفات عديدة في الفقه والادب والشعر إلخ . . . واستمر على هذا الحال حتى أقبل عليه ملوك اليمن فأدناه الملك الأشرف إسماعيل وقربه منه ، وأسند إليه الأعمال الإدارية والسياسية ، فولي امر المحالب ، وعين للسفارة إلى الديار المصرية ، ونال من الحظوة لدى الناصر أحمد بعد وفاة والده الأشرف الثاني ، وما زال ابن القرىء مكرما إلى أن توفى بزبيد يوم الأحد آخر صفر سنة 837 هـ. - 1433 م.
التعريف بإيجاز عن الكتاب :
أ - ذكر السخاوي أن سبب تأليفه انه كان يطمع في قضاء الأقضية بعد المجد الشيرازي - صاحب القاموس المحيط - ويتحامل عليه ؛ بحيث أن المجد عمل للسلطان الأشرف الثاني (إسماعيل بن العباس) صاحب اليمن - كتابا أوّلُ كل سطر منه "ألف" فاستعظمه السلطان . لكن كتابنا هذا "عنوان الشرف الوافي" لم يتم في حياة الأشرف" فقدمه لوالده الناصر ، فوقع عنده وعند سائر علماء عصره ببلده موقعا عجيبا ،
ب - صنف ابن المقرىء كتابه هذا على غير مثال مُثِّل له ، ليدلل على طول باعه بالعلم ، وعلو كعبه بين أقرانه ومقدرته على الابتكار والإبداع . وقد أوفى ابن القرىء على الفراغ من مؤلفه في اليم التالي من شهر المحرم سنة 804 هـ. في مدينة تعز باليمن .
ومن المبهج حقا أن هذا الكتاب الذي تناقلته أيدي العلماء بالنسخ ، وتناوله الناسخون بالنشر وقد سلمت منه بعض النسخ فاستقر بعضها في دار الكتب المصرية ، وبعضها الآخر في متحفات "غوطا" و "باريس" و "برلين"
وقد شاع وانتشر هذا الكتاب ، فنشر أولا - على الحجر - في كلكته في الهند . ثم نشر ثانية - بالحروف - في المطبعة العزيزية بحلب سنة 1292 هـ. وكانت آخر طبعاته تلك الطبعة الأنيقة التي صدرت عن مؤسسة دارالعلوم بالدوحة في قطر سنة 1396هـ. - 1976 م. وأعيدت طباعته بتحقيق واسع عام 1400 هـ. - 1980 م. بنفس المؤسسة .
ومن جملة ما قال الرضي الحنبلي في تاريخه "درر الحبب في تاريخ أعيان حلب" : (انه زعم بعضهم قبل أن يوضع هذا الكتاب أنه لو حلف حالف أنه لم يؤلف مثله ، ولا يؤلف مثله فيما ياتي لم يحنث) .
تكلم عليه السيوطي وأثنى كثيرا على هذا المؤلف .
المصدر : كتاب "عُنوان الشرف الوافي" لمؤلفه إسماعيل بن أبي بكر المقرىء - عن مكتبة الإرشاد - صنعاء . حققه / عبد الله إبراهيم الأنصاري .
منقول بتصرف عن موقعي الارقام وعرب تايمز (مقالة للاستاذ زياد السلوادي)
 
عودة
أعلى