الجبير يؤكد أن بلاده «حريصة جداً على التصدي لتحركات طهران العدوانية»
السعودية تقطع علاقتها بإيران
أعلنت المملكة العربية السعودية أمس قطع علاقاتها الديبلوماسية مع إيران إثر تعرّض سفارتها في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد للإحراق ما يمثل «انتهاكاً صارخاً لكافة الاتفاقات والمواثيق والمعاهدات الدولية«، بحسب ما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي اعتبر ذلك «استمراراً لسياسة نظام إيران العدوانية في المنطقة التي تهدف إلى زعزعة أمنها واستقرارها«، مؤكداً أن الرياض «حريصة جداً على التصدي لتحركات إيران العدوانية».
فقد ذكر الوزير السعودي في مؤتمر صحافي مساء أمس أن الرياض تعلن «قطع علاقاتها الديبلوماسية مع إيران وتطلب مغادرة جميع أفراد البعثة الديبلوماسية الإيرانية، السفارة القنصلية والمكاتب التابعة لها، خلال ثمانٍ وأربعين ساعة، وقد تم استدعاء السفير الإيراني لإبلاغه بذلك».
واعتبر أن «تاريخ إيران مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في الشؤون العربية، ودائماً ما يصاحبه الخراب والدمار»، مضيفاً أن «هذه الاعتداءات تعتبر استمراراً لسياسة النظام الإيراني العدوانية في المنطقة التي تهدف الى زعزعة أمنها واستقرارها، وإشاعة الفتن والحروب بها».
ورأى الجبير أن الاعتداء على السفارة في طهران والقنصلية في مدينة مشهد يشكل «انتهاكاً صارخاً لكافة الاتفاقات والمواثيق والمعاهدات الدولية».
وقال إن «المملكة حريصة جداً(...) على التصدي لتحركات إيران العدوانية في المنطقة»، مؤكداً ان هذه التحركات «لا تخدم الأمن والاستقرار». وأضاف «أعتقد هناك انجازات تم تحقيقها في ما يتعلق بمحاولة إيران بسط نفوذها أو توسيعه في المنطقة. على سبيل المثال في اليمن، تمت هزيمة إيران في اليمن. في سوريا، الإيرانيون لم يستطيعوا أن ينقذوا نظام بشار الأسد، ولذلك أتى التدخل الروسي».
ورداً على سؤال عما إذا كانت دول خليجية تضامنت مع المملكة إثر الاعتداء على بعثاتها في إيران، كقطر والكويت والبحرين والإمارات، ستحذو حذوها، أكد الجبير عدم وجود تنسيق في هذا الأمر. وقال: «لم يكن ثمة تنسيق بالنسبة لدول مجلس التعاون قبل ذلك»، مضيفاً أن «كل دولة تقرر ما ستقوم به».
وأكد أن السعودية اتخذت قرارها «بناء على مصالح المملكة وبناء على ما رأته بأنه يخدم مصالح المملكة ويؤكد موقف المملكة بأنها ترفض التعامل مع دولة راعية للإرهاب تسببت بقتل الأبرياء في المملكة العربية السعودية وقامت بنشر الفوضى والطائفية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي».
وكان متظاهرون هاجموا مساء السبت مبنى السفارة السعودية بطهران وأحرقوه، كما تعرضت القنصلية السعودية في مدينة مشهد بشمال شرقي إيران لهجوم مماثل.
وأكد الجبير أن الديبلوماسيين السعوديين في إيران تواصلوا مع السلطات أكثر من مرة أثناء تعرّض البعثات للهجوم، إلا أنه لم يتم التجاوب معهم. واعتبر أنه «إذا لم تكن الحكومة الإيرانية متورطة بهذه العمليات، فإنها مقصرة وبشكل ملحوظ جداً في حماية بعثة ديبلوماسية على أراضيها»، وقال إن مواقف المسؤولين الإيرانيين من إعدام النمر شكلت «تحريضاً« للهجوم على ممثلياتها الديبلوماسية.
وأوضح «عندما يحصل تحريض بصوتٍ عالٍ ويأتي متظاهرون أمام السفارة ونطلب من السلطات الإيرانية بعد ظهر أمس (السبت) دعم الأمن للسفارة ولا يتجاوبوا معنا هذا مؤشر. تمت إعادة الطلب بعد عدة ساعات ولم تتجاوب السلطات الإيرانية. تمت إعادة الطلب هذا أيضاً بعد فترة من الزمن، لم تتجاوب السلطات الإيرانية. الأمور واضحة».
وأضاف أن هذه الاعتداءات تعتبر استمراراً لسياسة نظام إيران العدوانية في المنطقة التي تهدف إلى زعزعة أمنها واستقرارها، وإشاعة الفتن والحروب فيها. وتابع أن هذا الأمر يؤكده توفير نظام إيران ملاذاً آمناً على أراضيها لزعامات القاعدة منذ العام 2001، كما وفر النظام الإيراني الحماية لعدد من المتورطين في تفجير أبراج الخبر عام 1996. ويضاف إلى هذه الأعمال العدوانية، قيام النظام الإيراني بتهريب الأسلحة والمتفجرات وزرع الخلايا الإرهابية في المنطقة بما فيها المملكة، لنشر الاضطرابات فيها.
وأوضح أن تاريخ إيران مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في شؤون الدول العربية، ودائماً ما يصاحبه الخراب والدمار، وقتل الأرواح البريئة.
ورداً على سؤال حول الخطوات الأخرى التي ممكن التفكير فيها إذا إيران صعدت هذه الأزمة الدبلوماسية، قال الجبير: نحن مصممون ألا نسمح لإيران أن تهدد سلامتنا وأمننا ولن ندعها تنشئ خلايا إرهابية في دولتنا أو في دول حلفائنا، سوف ندفع ضد إيران إذا أرادت أن تفعل هذا لا بد أن نوضح جداً أنه لا مجال في قطع العلاقات لدولة تدعم الإرهاب وتؤيده وتشارك فيه، وقد قررنا أن أفضل طريقة لنا أن نبرز هذا الأمر وأفضل طريقة هي قطع العلاقات مع إيران طالما استمرت في دعم الإرهاب وقامت بأمور عديدة، وأنا اعتقد أن الدول الأخرى في العالم يجب أن تنظر إلى هذه الخطوة ويجب أن تفكر بجدية إذا كانت ستستمر مع نظام يدعم الإرهاب داخلياً وفي المنطقة وعلى مستوى العالم ويفكروا هل يجب أن يستمروا في العلاقة معهم .
ولقي إعدام النمر انتقادات من دول ومنظمات دولية ولا سيما واشنطن التي اعتبرت أن الإعدام «يهدد بتأجيج التوترات الطائفية«.
ورداً على الموقف الأميركي، قال الجبير: «أوضحنا للجانب الأميركي أن المملكة العربية السعودية لديها نظام قضائي مستقل وعادل». وأضاف أن «ما حدث هو إدانة أشخاص قاموا بعمليات إرهابية أدت الى قتل أبرياء، تمت محاكمتهم في المحاكم بشكل شفاف وشكل عادل، وتمت إدانتهم من قبل النظام القضائي». وشدد على أن الرياض «لا تقبل تدخلات اي جهة في نظام القضاء».
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أسامة نقلي أن السلطات السعودية قامت بإجلاء عائلات الديبلوماسيين السعوديين من طهران على متن طائرة تابعة لشركة طيران الامارات، اقلعت مساء. وأوضح ان عدد افراد العائلات يبلغ 47 شخصاً، وان السلطات الايرانية «أعاقت» مغادرتهم في بادئ الامر، قبل ان تسمح لهم بذلك.
وفجر الاثنين، عرضت قناة «العربية» السعودية التي تتخذ من دبي مقراً، لقطات قالت انها لوصول عائلات الديبلوماسيين السعوديين الى دبي. واظهرت اللقطات نساء وأطفالاً وفتية يستقبلهم مسؤولون إماراتيون.
وقال نقلي إن الاعتداء على السفارة السعودية يعد انتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية، مشيراً إلى أن السلطات الإيرانية لم تقم بأي جهد لمنع الاعتداءات. كما أكد أنه قد تم إبلاغ مجلس الأمن بالاعتداءات الإيرانية على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد.
وأعلن مسؤول إيراني توقيف 40 متظاهراً بعد الهجوم على السفارة السعودية في طهران.
وردت الولايات المتحدة على قرار السعودية بقطع العلاقات الديبلوماسية مع إيران بالتشجيع على التواصل الديبلوماسي وحثت القادة في المنطقة على اتخاذ «خطوات جادة» لتخفيف حدة التوتر.
وقال مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما «علمنا أن السعودية أمرت بإغلاق البعثات الديبلوماسية الإيرانية في المملكة«. ومضى بقوله: «نعتقد أن التواصل الديبلوماسي والمحادثات المباشرة تظل أمراً جوهرياً في حالة الخلافات، وسنواصل حث القادة في المنطقة على اتخاذ خطوات جادة لتهدئة التوتر«.
وأعلنت النمسا أمس أن المملكة العربية السعودية وإيران لا تريدان تصعيد المواقف بينها، بحسب ما نقل المتحدث باسم وزير خارجية النمسا سيباستيان كيرتز عن وزيري خارجية البلدين عادل الجبير ومحمد جواد ظريف، اللذين أبلغاه أنهما لا يرغبان في مزيد من التصعيد في الموقف بعد إعدام الرياض لرجل دين شيعي بارز.
وقال المتحدث: «أكد الوزيران أنه لا أحد يرغب في مزيد من التصعيد»، وتابع موضحاً أن كيرتز تحدث مع وزيري الخارجية الإيراني والسعودي ودعا إلى عدم التصعيد وفتح حوار بين البلدين.
وتوالت ردود الفعل العربية والاسلامية التي تدين الاعتداء على السفارة السعودية في طهران من قبل متظاهرين إيرانيين احتجاجاً على إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر في السعودية.
فقد دان مجلس التعاون الخليجي الاعتداءات على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، محملاً السلطات الإيرانية المسؤولية الكاملة عن هذه الأعمال الإرهابية، بالتزامن مع إعلان الإمارات بدورها استدعاء السفير الإيراني على أراضيها وتسليمه مذكرة احتجاج على التدخل في شؤون السعودية والاعتداء على سفارتها.
وأكد المجلس أن فشل طهران في منع هذه الاعتداءات يمثل إخلالاً جسيماً بالتزامات إيران لحماية البعثات الديبلوماسية بموجب اتفاقية فيينا لعام 1961 والقانون الدولي.
كما استنكر الأمين العام للمجلس عبداللطيف الزياني التصريحات الإيرانية العدائية والتحريضية بشأن تنفيذ السعودية للأحكام الصادرة بحق الإرهابيين، معتبراً إياها تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للمملكة.
وأكد الزياني أن تلك التصريحات شجعت على الاعتداءات على البعثات الديبلوماسية السعودية. ولفت إلى وقوف دول المجلس صفاً واحداً مع السعودية في استنكارها لهذه الأعمال الإرهابية ضد بعثات السعودية في إيران وتحميلها السلطات الإيرانية المسؤولية الكاملة عنها، فضلاً عن تأكيد دول المجلس دعمها للقرارات التي اتخذتها المملكة لمحاربة الإرهاب بأشكاله كافة وملاحقة مرتكبي الأعمال الإرهابية ومثيري الفتن والقلاقل وتقديمهم للقضاء العادل.
وأبلغت الإمارات سفير إيران استنكارها للاعتداءات على قنصلية وسفارة السعودية في إيران، كما أعربت الكويت عن إدانتها للاعتداءات على سفارة السعودية وقنصليتها في إيران، مؤكدة دعمها للسعودية في الإجراءات كافة للحفاظ على أمنها واستقرارها.
كما دان الأردن بشدة حادثة الاقتحام التي تعرض لها مبنى سفارة السعودية في طهران، واعتبره خرقاً فاضحاً للقانون الدولي واتفاقية جنيف بشأن صون وحماية البعثات الديبلوماسية واحترامها.
وأكد وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، تضامن بلاده مع السعودية ووقوفها إلى جانبها في مواجهة التطرف والإرهاب، مستنكراً التدخل الإيراني ضدها وتصاعده عقب تنفيذ السعودية أحكاماً قضائية بحق مدانين من مواطنيها.
ونددت الخارجية البحرينية أيضاً بهذا الاعتداء، ووصفت الخارجية هذه الأعمال بالغوغائية التي تنتهك المواثيق الدولية.
وأعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية عن إدانة مصر لحادثتي إحراق السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، مؤكداً ضرورة احترام مقار البعثات الديبلوماسية والقنصلية وسلامة الأفراد العاملين فيها، والتي كفلتها اتفاقات فيينا للعلاقات الديبلوماسية والقنصلية.
كما دان السودان «الاعتداء المتطرف» على سفارة السعودية وقنصليتها في إيران.
وعبرت الرئاسة الفلسطينية عن تأييدها لموقف السعودية في حربها ضد الإرهاب، الأمر الذي يحفظ أمن واستقرار المنطقة والعالمين العربي والإسلامي. وقالت الرئاسة في بيانها، إنها سبق ورحبت بدعوة خادم الحرمين الملك سلمان بالانضمام إلى تحالف الدول الإسلامية لمحاربة الإرهاب.
ودان الأزهر قيام بعض المتظاهرين بإحراق مبنى السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد بإيران. وأكد الأزهر تضامنه مع المملكة، داعياً إلى ضرورة احترام الشؤون الداخلية للسعودية. وكانت هيئة كبار العلماء الباكستانية قد دانت تصريحات ملالي إيران تجاه السعودية واصفة إياها بالعدوانية.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد دعا في وقت سابق إلى «معاقبة المتشددين الذين اقتحموا مقر السفارة السعودية وأشعلوا فيه النيران»، ووصف روحاني الهجوم على السفارة السعودية بأنه «غير مبرر«.