إبطال بعض الشبه في بدعة المولد

amraay2009

صقور الدفاع
إنضم
4 أبريل 2010
المشاركات
7,749
التفاعل
18,381 0 0
بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد
فقد وقفت على كتابة عجيبة، بعنوان "نعم نحتفل بميلاده صلى الله عليه وسلم"، ملأها صاحبها بالجهالات والأغاليط والعجائب، ويستدل فيها على بدعة المولد بالشبه والغرائب،
ووجدت الكاتب قد ردّ على نفسه بنفسه، فكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة،
ولا نعلم أحداً أشد فرحاً ومحبة للرسول ﷺ من الصحابة ومع ذلك لم يحتفلوا بينهم بمولده، بل ما سألوا متى ولد النبي ﷺ في أي يوم هو، فلو كان ذلك خير وفضل لسبقونا إليه.
فعُلم أنّ تعظيم مولده بالاحتفال من البدع والمحدثات المنكرة والباطلة.
ولذلك لما سئُل النبي ﷺ عن يوم الإثنين أمر بصيامه وذكر أنه وُلد فيه وبُعث فيه، ولم يأمر بالاحتفال فيه ولو كان خيرا لأمرنا بذلك ﷺ.
والمحتفل كأنه استدرك على الرسول ﷺ وعلى الصحابة أجمعين والتابعين ومن بعدهم في القرون المفضلة حتى أدرك الخلف من الصوفية وغيرهم هذا الفضل الذي هو ضلالة وبدعة.

وأما ما احتج به من شبهٍ فلا حجة فيها.
أولاً: البدعة تتعلق بالفعل والترك، فكل ما وجد سببه في عهد النبي ﷺ مع وجود المقتضى ولم يفعله، ففعله بدعة،
ومولده قد وُجد والمقتضى موجود ومع ذلك لم يفعله ﷺ فدل على بدعيته.

ثانياً: ليس في البدع شيء حسن، وقوله ﷺ "من سنّ في الإسلام سنة حسنة" معناه: فعل السنة بين من هو تارك لها، فكل من عمل بها بعده كُتب له أجره، والسنة هي التي سنها النبي ﷺ.
وصلاة الترويح فعلها النبي ﷺ وحثّ عليها، فعمر رضي الله عنه لم يبتدع ذلك وإنما أحياها، وذلك أن النبي ﷺ لم يداوم عليها خشية أن تُفرض، فلما أُمن ذلك صلاها عمر رضي الله عنه.

ثالثاً: الاحتجاج بقوله تعالى "وسلامٌ عليه يوم ولد"
لا حجة فيه على الإحتفال بالمولد، بل فيه أن الله سلمه من الشرور في مولده وحياته ويوم يبعث، فأين الإحتفال من ذلك؟!
وإنما هو من باب الدعاء والخبر.

رابعاً: أما احتجاجه بحديث صيام يوم الإثنين فهو حجة عليه لا له،
فالنبي ﷺ أخبر بمولده يوم الإثنين وأقرهم على صيامه ولم يزد على ذلك، ولو كان الإحتفال فيه فضل ومشروع لبينه النبي ﷺ لهم، فترْكه يدل على عدم المشروعيه وإحداثه بعد ذلك يكون بدعة منكرة.

خامساً: أما الاحتجاج بفعل الطاعات فلا حجة فيه على مشروعية الإحتفال، بل يدل على بطلانه، وذلك أن ترك القرون المفضلة له أكبر دليل على بطلانه، إذ لو كان خيراً لسبقونا إليه.

سادساً: أما احتجاجه بأن النبي ﷺ عقّ عن نفسه،
فأولاً ليس ذلك بصحيح، ولو سلّمنا جدلاً بصحته لم يكن فيه حجة، وذلك أن فعل ذلك من باب العقيقة لا من باب الإحتفال بمولده والعقيقة سنة تذبح عن المولود في اليوم السابع، ولا يتكرر فعلها.
وليست من بدعة المولد في شيء.
أما صيام يوم عاشورا فهو سنة، ولا حجة له فيه لا من قريب ولا من بعيد على بدعة المولد.
والإحتفال ليس من التعظيم في شي وإلا لاحتفل النبي ﷺ بمولد موسى وعيسى عليهما السلام فهو أولى بهما من غيرهم.

سابعاً: احتجاجه بالاجتماع للعلم والصلاة، وهذا من أعجب مايحتج به على بدعة المولد، فالعلم وسماع القران مشروع، وكذلك الاجتماع لطلب العلم مشروع.
وبدعة المولد والاجتماع لها من البدع المحدثة، ولا يُقاس الباطل والبدعة على المشروع والسنة.

ثامناً: الاحتجاج بمدح حسان للنبي ﷺ على بدعة المولد احتجاج باطل،
فحسان لم يمدحه ويخص مدحه في يوم مولده ﷺ، بل لم يتحيّن لمدحه يوماً معينا،
فهذا من أعظم الباطل أن يحتج بمثل هذا.

تاسعاً: الاحتجاج بضرب الدف على بدعة المولد احتجاج باطل،
لأن ضربه من باب الرخصة في يوم العيد لا أن يُضرب مطلقا، فالنبي ﷺ رخّص في ضرب الدفّ للجواري والنساء يوم العيد فقط وليس في مولده ﷺ ولا في غيره.

عاشراً: ماذكر من بكاء السلف عند تذكره ﷺ ليس فيه حجة على بدعة المولد بل هو حجة على إبطالها، وذلك أنهم كانوا يبكون عند تذكره ﷺ في أي وقت، ولم يكن منهم احتفال بمولده، ولو كان فيه فضل لفعلوه.

الحادي عشر: أما الاحتجاج بكلام شيخ الإسلام أن المحتفل بالمولد أنه قد يُثاب على حسن نيته ومقصده فليس فيه حجة، فشيخ الإسلام قد بيّن بطلان هذه البدعة وأنكرها وأبطلها،
وهو إنما يتكلم عمّن فعل هذا المولد المُبْتَدَع وهو جاهل ولم يعلم بأن هذا الفعل بدعة ومنكر، وليس هناك من يُعلّمه،
فهذا يؤجر من جهة نيته وحسن مقصده، لا أن الاحتفال مشروع وجائز،
بل من بلغته الحجة فهو آثم ومستحق للعقاب.
لذا فإنه يجب على المسلمين جميعاً الحذر من هذه البدعة المنكرة التي تُسْخط المولى عزّ وجل وتوقع في الإثم،
وعليهم أيضاً أن يحذروا من هذه الشبه فيعرضوا عنها ولا يتلقفوها،
وليعلموا أنه لا يجوز لهم النظر فيها ونشرها بين الناس، فإن هذا من التعاون على الإثم والعدوان.

أسأل الله العظيم أن ينصر الإسلام والسنة وأن يقمع الكفر والبدعة.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



كتبه: خالد بن إبراهيم الفليج.
٤ / ٣ / ١٤٣٧ من هجرة المصطفى ﷺ

 
عودة
أعلى