هل من الممكن استخدام الليزر في دفع المركبات الفضائية إلى النجوم؟

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,251 0 0
f5a958a705530eb4833f33482520a5c6.jpg


تُظهر الصورة رسماً توضيحياً لشراع الليزر الدفعي. تقترح "خارطة الطريق" للسفر إلى النجوم، والتي وضعها العالم فيليب لوبين Philip Lubin، استخدام آليةٍ مماثلةٍ لإرسال مركبةٍ صغيرة الحجم وسريعةٍ جداً عبر مسافات كبيرة في الفضاء.
المصدر: Adrian Mann

يُعتبر السفر إلى المنظومات النجمية الأخرى حلماً كبيراً. ولكن تحقيق ذلك ربما يتطلب تعديل حجم المركبة الفضائية لتغدو فائقة الصغر.

يقول أحد الباحثين أن الانطلاق بواسطة مركباتٍ فضائيةٍ على شكل رقاقة ضئيلة الحجم، وذات قوةٍ اندفاعيةٍ هائلةٍ، يُضاف إليها أشعةُ ليزرٍ قويةٌ سيؤدي إلى اختصار مدة السفر إلى النجوم من آلاف السنين إلى مجرد عقود.

ويتوقف سفر البشر إلى النجوم على حل عقدة اسمها: الرياضيات. فإذا أردنا الوصول إلى هناك خلال مدة معقولةٍ من الزمن، فيتوجّب على مركبتنا الفضائية أن تسافر بسرعةٍ هائلةٍ جداً، مما يتطلب منا حمل المزيد من الوقود الدافع. ومن شأن تحميل المزيد من كمية الوقود أن يجعل مهمة السفينة أكثر صعوبةً لبلوغ السرعة المطلوبة (سواء كان مصدره وقود الصواريخ، أو الاندماج النووي، أو حتى وقود المادة المضادة).

وقد وجد بعض الباحثين ثغرةً لحل هذه المعضلة عن طريق تصوّر وجود شراعٍ شمسي أو ليزري أو ميكروي. فالمركبة الفضائية التي تتجول من خلال دفع فوتونات أشعة الشمس، أو عبر تسليط حزمة شعاعية من مدار الأرض، لا تحتاج إلى حمل مصدر دفعٍ معها. ولكن حتى يتمكن الإنسان من دفع مسبار فضائي كبير الحجم، فسيحتاج إلى استخدام جهاز ليزرٍ مداري ذي حجمٍ هائل، وإلى شراعٍ تعادل مساحته مساحة ولاية تكساس الأمريكية.

ويأمل فيليب لوبين Philip Lubin، وهو الباحث في مجموعة أبحاث علم الكون في جامعة كاليفورنيا في سانت باربرا، أن يتم التغلب على مثل هذه المشاكل باستخدام مركبةٍ فضائيةٍ على شكل رقاقة ضئيلة الحجم. وتُعد فكرة لوبين واحدةً من بين 15 فكرةٍ أخرى حصلت على منحة Phase I من برنامج ناسا لدعم الأفكار والمفاهيم المتطورة والمبتكرة NIAC.

ويستغرب لوبين رفض فكرة إرسال بعثات روبوتية إلى النجوم، وذلك على اعتبار أن سفر البشر إلى النجوم قد يستغرق وقتاً طويلاً جداً، مما يجعل حدوثه أمراً صعباً للغاية.

يقول لوبين لموقع Space.com: "لقد ساهمت بعثات الرجال الآليين في الجزء الأكبر من عمليات الاستكشاف التي تمّت في نظامنا الشمسي. كما ساعدت العقل البشري على إدراك ودراسة أماكن بعيدةٍ جداً عنه". ويكمل حديثه بالقول: "ليس لدينا وسيلةٌ لإرسال البشر إلى أقرب نجمٍ إلينا، ولكننا نستطيع إرسال ابتكاراتنا إلى هناك على شكل مسابر آليةٍ صغيرة الحجم".

وتُعتبر منحة Phase I من برنامج NIAC صغيرةً نسبياً، إذ تبلغ قيمتها 100 ألف دولار. لكنها تلعب دوراً مهماً في تشجيع الباحثين على وضع خطط مفصلةٍ لغزو الفضاء، والتي من المحتمل أن تكون نقطة تحول طموحة فيما يتعلق بتكنولوجيا السفر إلى الفضاء. إن مفهوم لوبين هو "خارطة طريق إلى النجوم" (Roadmap to the Stars) تشرح بالتفصيل وخطوةً بخطوة طريقة تطوير واختبار مسابر دافعة ليزريةٍ ذات حجمٍ صغير جداً.

وتصف ليز جونسون Les Johnson، وهي الخبيرة التكنولوجية في ناسا ومؤلفة كتب الخيال العلمي، لموقع Space.comاقتراح لوبين الذي قدمه لبرنامج NIAC، فتقول: "عوضاً عن صناعة أنظمة دفعٍ عملاقةٍ تحتاج إلى طاقة كبيرة، لماذا لا نجعل حجم الشيء المراد إرساله إلى النجوم صغيراً للغاية؟ وها هي طريقة فعل ذلك".

يبلغ وزن كل مسبار مقترح غراماً واحداً فقط، ويمكن وضعه على حزمة شعاع ليزر يتم تسليطها من مدارٍ حول الأرض. وباستطاعته أن يحمل أجهزة استشعار صغيرةً جداً لإجراء القياسات المختلفة، وأجهزة بثّ لإرسال البيانات التي يتم الحصول عليها. وكما يقول لوبين، فستتم صناعة هذا النظام بشكل تدريجي. وذلك على اعتبار أن استخدام مسبار أكبر قليلاً بالحجم، أو حتى أشعة ليزرية ضعيفة، سيكون مفيداً لاستكشاف الأهداف القريبة داخل النظام الشمسي.

ويؤكد لوبين أن هناك تحسناً ملحوظاً في تكنولوجيا الطاقة الموجهة (directed-energy technology)، وخاصةً لدى وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتطورة في الولايات المتحدة الأميركية United States' Defense Advanced Research Projects Agency، والتي تعرف اختصاراً باسم DARPA. فقوة الدفع التي كانت تحتاج في الماضي إلى استخدام جهاز ليزرٍ عملاق جداً قد أصبح من الممكن توليدها اليوم من مصادر صغيرة الحجم ومرتبطة مع مضخمات موجودة في مدار حول الأرض، بحيث تستطيع تأمين الطاقة الكافية لدفع شراع طوله عدة أمتار يسحب مسباراً صغيراً.

ويبلغ عرض منظومة الليزر كاملة الحجم حوالي ستة أميال (أي عشرة كيلومترات). ويمكن تحجيمها مع مرور الوقت باستخدام مكونات أصغر حجماً وأكثر فعالية. وقد وصف لوبين طريقة إعداد جهاز الليزر في دراسةٍ سابقة. وتقترح تلك الدراسة استخدام أشعة الليزر لتسخين الكويكبات الصغيرة وإبعادها عن الدرب.

وحالما يتم الانتهاء من تصنيع نماذج صغيرة الحجم من هذا النظام المقترح وإخضاعها للاختبارات الأرضية وغيرها من الأمور الضرورية، فمن الممكن بعدها البدء بالإنتاج على مستوى كبير.

يحتاج أكبر نظام ليزرٍ من 50 إلى 70 غيغاواط حتى يستطيع دفع وإطلاق المركبة إلى الأمام. وهي تقريباً نفس كمية الطاقة المستخدمة لإرسال المركبات الفضائية الحالية إلى مدار الأرض. ويستطيع جهاز الليزر، والذي وصفه لوبين في دراسته المقترحة، دفع مركبة فضاء صغيرة الحجم (مع شراعٍ يبلغ طوله 3.3 قدماً، أي متر واحد) لتبلغ سرعةً تعادل تقريبًا 26% من سرعة الضوء خلال 10 دقائق.

وتستطيع هذه المركبة الصغيرة بلوغ كوكب المريخ خلال 30 دقيقة. كما تستطيع خلال أقل من 3 أيام اللحاق بالمركبة فوياجر 1 (Voyager 1)، والتي تعد أبعد مركبةٍ فضائيةٍ بشريةٍ عن الأرض. ويمكنها أيضاً الاصطدام مع النظام النجمي ألفا قنطوروس (Alpha Centauri) خلال 15 سنة. بينما ستستغرق المركبات الأكبر حجماً وقتاً أطول لبلوغ السرعة المناسبة، ولا تزال إلى حدٍ كبيرٍ تفوق الخيارات المتاحة لدينا حالياً كما يقول لوبين.

ويتابع لوبين حديثه فيقول: "ما نقترحه هو شيء غايةٌ في الصعوبة، بل صعبٌ إلى درجةٍ تفوق التصور. ولكننا إلى الآن لم نرَ أي عائقٍ جوهري يحول دون تحقيق ذلك. كل ما نحتاجه للوصول إلى هناك هو السعي الحثيث وبذل الجهد في العمل، وإيجاد التكنولوجيا المتطورة التي ستساعدنا على بلوغ الهدف".

وفي حديثه لموقع Space.com يقول مارك ميليز Marc Millis أنه من المهم في نهاية المطاف إيجاد نهج عمل مجدٍ، وإجراء بحوثٍ إضافية تشبه هذه الدراسة بحيث تبحث في مجموعةٍ متنوعةٍ من استراتيجيات الاستكشاف والسفر إلى الفضاء. ويعد ميليز عالماً في فيزياء الدفع ومؤسس ومدير مؤسسة Tau Zero Foundation، وهي مجموعة عمل تُعنى بأبحاث السفر إلى النجوم.

ويتابع ميليز فيقول: "إذا كنت تريد إرسال شيء ما بشكل سريع إلى مسافةٍ بعيدةٍ في الفضاء، فعليك العمل على إنقاص حجمه حتى يتمكن من السفر بسهولة، وذلك في ضوء وجود العديد من الأفكار والقضايا المتعلقة بالرحلات الفضائية إلى النجوم. إن مناقشة استخدام نماذج صغيرة الحجم وقطعٍ من الممكن التخلص منها قد بدأت تأخذ طريقها كمفهوم يُمكن تطبيقه، ولكن هذا القول لا يعني بحال من الأحوال أن جميع المشاكل التي نواجهها قد تم حلها، والتي تتمحور في هذه المرحلة حول الأشياء التي من الممكن فعلاً تطبيقها في الواقع".

وكي يعمل هذا النظام، يتوجب على الباحثين تحديد كيفية تركيز أشعة الليزر بشكلٍ دقيقٍ كفايةً لتوجيه المركبة الفضائية الصغيرة. كما عليهم التأكد من قدرة المركبات الصغيرة على إرسال بياناتها إلى الأرض. كما يتطلب أيضاً بناء جهاز ليزرٍ مداري ذي حجمٍ كبير، والذي قد يصبح مجدياً من حيث التكلفة بعد عدة عمليات إطلاق.

وتعتقد جونسون أن وصف خارطة الطريق التي وضعها لوبين يبدو منطقياً جداً، باعتبارها خطوة إضافية على درب السفر إلى النجوم.

تقول جونسون لموقع Space.com: "يوجد الكثير من الطرق التي نستطيع من خلالها استغلال شراع الليزر، أو دفع المادة المضادة، أو الدفع عن طريق الاندماج النووي، ولكنها جميعاً سوف تكون معتمدة من قبل المركبات الفضائية ذات الحجم التقليدي. كما أنها تحتاج أيضاً إلى بنية تحتيةٍ كبيرةٍ جداً ليست بحوزتنا الآن، ولن نستطيع الحصول عليها قبل حلول القرن القادم. أما طريقة لوبين فيمكننا تطبيقها باستخدام بنية تحتيةٍ أكبر بقليل فقط مما يتوفر لدينا اليوم، مما يعني أننا لسنا بعيدين جداً عن بلوغ الهدف المنشود".

 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى