الإسناد الهندسي على مستوى وحدة مناورة

إنضم
26 سبتمبر 2007
المشاركات
2,743
التفاعل
3,152 13 8
الدولة
Egypt
بسم الله الرحمن الرحيم

بدأ العالم مسيرة الألفية الثالثة وهو يشهد تطورات مذهلة في شتى المعارف، وتلاحقت الانفجارات المعرفية وذلك بتسارع هائل وزخم شديد. إن عناوين قليلة تكفي لتوضيح التفوق المذهل، في الاكتشافات والابتكارات والاختراعات في العقود الأخيرة بالمقارنة مع ما سبق على امتداد سنوات الثورة الصناعية.

من هذه العناوين: تطور مهام المهندسين على مستوى ميدان المعركة الحديث؛ فالقدرات هي التي أنجزت وطورت مفاهيم استخدام المهندسين، ولا ننسى أن أصحاب هذه القدرات لا يزالون عاجزين وحائرين أمام القدرات الطبيعية التي أوجدها رب العالمين، مثل عامل الأرض والطقس...


ولكن الإنسان استغل قدراته العقلية والجسمية للتغلب على هذه العوامل وفهم بأن له عدواً سوف يهاجمه وأن هذا العدو يتمتع بذكاء وأنه يخطط له من حيث الزمان والمكان وأن عليه اتخاذ مجموعة من الإجراءات الغرض منها حماية قواته من الخسائر ومعداته، وإقامة عوائق ضد حركة العدو المقابل.. وكل هذه الإجراءات الغرض منها حماية قواته من الخسائر التي قد تنجم عن أعمال وأفعال العدو فمن هذا المنطلق تم تحديد ثلاث مهام رئيسية لأعمال المهندسين في الميدان وهذه المفاهيم تتخلص في:

تسهيل حركة القوات الصديقة:

تشتمل هذه المهمة على عدة إجراءات ونشاطات يستخدمها القائد. فمثلاً أثناء الدفاع على القائد أن يحتفظ بالطرق وتنسيق الثغرات الموجودة بين الموانع وإسناد الهجوم المضاد، ويقيم المهندسون مهابط للطائرات ذات الأجنحة الثابتة في مناطق العمليات، ويتولون صيانة الطرق وإصلاحها وإقامة طرق بديلة وإنشاء طرق حول المناطق الحيوية. وعموم هذه الأعمال تتخلص في الاقتصاد في القوى وتوحيد الجهد والسيطرة المركزية مع مراعاة ظروف الموقف والمهام الخاصة، لأن ميدان المعركة يشكل تحدياً هاماً للقادة المهندسين على كافة المستويات، ويتميز ميدان القتال الحديث بالتعقيد نظراً لوجود أفكار جديدة وأنظمة أسلحة متطورة تتطلب مستوى عالياً من القيادة والسيطرة.

وتعتبر القيادة والسيطرة على وحدات المهندسين أثناء تسهيل حركة القوات الصديقة وظيفة حيوية للغاية لتزويد وحدات المناورة بالإسناد الهندسي الجيد، ثم دمجه ضمن خطة المناورة والنيران وذلك لتحقيق الهدف المطلوب. والسيطرة على وحدات المهندسين يتطلب تنظيماً وظيفياً للأفراد والمعدات والاتصالات، واجراءات تمكّن وحدات المهندسين من مواكبة وحدات المناورة في قراراتها وإنجازها للمهام المخصصة لها، وذلك للحصول على قدر كبير من الجهد الهندسي المقدم.

وتتلخص مهام المهندسين في مجال تسهيل تحركات القوات الصديقة في:


أ- إيجاد الثغرات والممرات في العقوم الترابية وذلك بواسطة المعدات الثقيلة أو المدافع الخاصة أو باستخدام ضخ المياه ومثال ذلك (تدمير خط بارليف).

ب- القيام بعملية دفن الحفر والخنادق بالأتربة المحلية والمنقولة.
ت- نسف العوائق الموجودة في طرق تقدم القوات الصديقة مثل الأشجار والصخور.


ث- إعداد وتجهيز وصيانة طرق القتال الرئيسية والبديلة.

ج- إزالة الأسلاك الحلزونية والمفردة وذلك بواسطة طربيد بنجلور أو الجرافات.

وأثناء تسهيل تحركات القوات الصديقة لابد لقائد المناورة من أن يفكر في عملية مواجهة عوائق معادية، علما بأن ليس لديه سوى خيارين هما: إما الالتفاف من حول العوائق أو فتح ثغرة في تلك الموانع. ويتم الأخذ بأحد الخيارين بعد دراسة مزايا وعيوب كل منها فإذا الأمر استقر على عملية الالتفاف فهناك ثلاثة أنواع من الالتفاف:

إما التفاف سهل تقوم به وحدة المناورة بواسطة امكاناتها الذاتية وبدون جهد هندسي، أو التفاف صعب ومن هنا يبدأ القائد في عملية المقارنة بين الالتفاف وفتح الثغرة. أما النوع الثالث من أنواع الالتفاف فهو الالتفاف المستحيل الذي يتطلب جهداً هندسياً مضاعفاً من قبل وحدات الهندسة.

أما إذا قرر القائد فتح ثغرة وأصبح هذا العمل هو الحل الوحيد أمام قائد المناورة فمن هذا المنطلق أمام القائد تحديات كثيرة، من أهمها: حجم وتشكيل وحدة المناورة، الوقت المتوفر أمام قائد المناورة وقائد وحدات المهندسين، نوع وحجم تلك العوائق، ونشاط العدو وقدراته الهندسية والقتالية، ثم يلي ذلك أسس لا يتم فتح الثغرة إلا بتوفرها، منها: إسكات نيران العدو وعمل ستارة من الدخان بين العوائق والعدو وأسلوب المهندسين في التعامل مع العوائق وحماية عناصر فتح الثغرة التي تتكون من عناصر إسناد واختراق واقتحام.

إعاقة تحركات القوات المعادية:

وتمثل في كافة الأعمال والإجراءات التي تؤدي إلى تأخير وإرباك قوات العدو. ويظهر عمل المهندسين بارزاً للعيان في عمليات الدفاع، فالقوة المدافعة هي أول من يحتاج لكميات كبيرة من مواد الصنف الرابع والصنف الخامس والمعدات المتخصصة في إنشاء المواقع القتالية ومواقع الحماية ووضع الموانع،

وإذا حدث للقائد شح في المصادر الآنفه الذكر يجب عليه أن يحدد أولوية إعاقة الحركة وبتأكد أن جميع مساعديه وعناصر إسناده ينسقون جهودهم في تلك المجالات.
وعند التخطيط للموانع على القائد ألا يضع في اعتباره العمليات الراهنة فحسب وإنما يضع في اعتباره الآتي:


أ- العمليات المستقبلية.

ب- ينبغي للموانع الموضوعة للعمليات الحالية ألاّ تؤثر أو تعيق العمليات المستقبلية.
ت- التفكير في الموانع التي تساعد في تشكيل ميدان المعركة ويعتبرها موانع احتياطية ذات أولوية قصوى.


ث- تحديد مسؤولية إعداد الموانع ويحتفظ القائد لنفسه بحق الأمر بالتنفيذ.

ج- دمج الموانع القائمة في منطقة العمليات التي يقوم بوضعها لتعزز تلك الموانع القائمة.
عادة ما تكون إعاقة الحركة هي الواجب الأهم للمهندسين ما لم يكن هناك قوة تراجع مضطرة لعبور مانع أو موانع كبيرة، ففي هذه الحالة يكون واجب المهندسين الرئيسي تسهيل حركة تلك القوة، وبصفة خاصة في عمليات الاختراق، ففي مثل هذا الموقف التعبوي يتحتم على القائد وضع أولويات هندسية محددة تتمثل في الآتي:


أ- يراقب القائد تقدم المهندسين في أعمالهم المكلفين بها للحيلولة دون إهدار جهودهم في جميع أنحاء منطقة العمليات.

ب- استخدام مصادر المهندسين في عمليات العمق ويعتبر ذلك حيوياً في حالة العمليات غير المتجاورة.

ت- استخدام مصادر المهندسين أثناء قيام العدو بتنفيذ هجوم في العمق.

ث- يجب على القائد استخدام مصادر المهندسين أثناء قيام العدو بتنفيذ هجوم في المنطقة الخلفية لقوة تنفيذ عمليات متجاورة.

ج- يجب على القائد استخدام مصادر المهندسين عندما يكون العدو قادراً على استخدام أسلحة الدمار الشامل.

ح- يجب أن يضع القائد في حسبانه أن يوفر عنصر المناورة الآمن للمهندسين حتى يتمكنوا من تنفيذ واجباتهم.

عادة تلعب إعاقة حركة العدو دوراً حيوياً في المنطقة الأمنية، فبعد عمل الموانع المتكاملة، تستطيع قوة الأمن التحرك بعكس قوات العدو.

وقائد المهندسين قد يبدأ بإسناد المهندسين في المنطقة الأمنية مبدئياً ثم ينقل ذلك الإسناد إلى منطقة المعركة الرئيسية.

وعلى القائد الأعلى أن يدرس تأثيرات إعطاء الاولوية لإعاقة حركة العدو في منطقة الأمن الأمامية وليس في منطقة المعركة الرئيسية.

وعند عمل العوائق يجب على القائد أن يضع في اعتباره الفوائد التي سوف يحصل عليها من إقامة الموانع لإعاقة حركة العدو، التي من أبرزها: زيادة تأثير الأسلحة المضادة للدبابات والعمل على تأخير تقدم العدو وإرباك خططة وتوقيتاته واجباره على تغير اتجاه تقدمه.

ومن ثم يتمكن القائد من عملية تطبيق أسس استخدام الموانع التي تحث القائد على أن يكون المانع محمياً بالنيران ومفاجئاً للعدو ولا يوفر له ساتراً ومكملاً لخطط العمليات الأخرى (النيران والمناورة).

الوقاية والتحصين:


تعتبر هذه المهمة مجموعة من الأعمال والإجراءات التي تمكن الوحدة من القتال في ظروف صعبة وقاسية، والذي جعلها بهذا المستوى وجود المبادرة من حيث الزمان والمكان بيد القوة المهاجمة، فمن هذا المنطلق على قائد قوة الدفاع التي قامت بإجراءات الوقاية والتحصين اتخاذ مجموعة كبيرة من الإجراءات والأعمال لحماية القوة من الخسائر التي من المتوقع أن تنجم عن هجوم ذلك العدو.

ومن تلك الإجراءات: الأخذ في عين الاعتبار وضع الدفاعات في كل الاتجاهات وعمل التحصينات الدفاعية ضد الهجمات النووية والبيولوجية والكيماوية، ويجب أن تسهم وتساعد جهود الوقاية والتحصين في تمكين القوة المدافعة من استخدام النيران من مواقعها الثابتة، تمويه تلك التحصينات وعدم كشفها أثناء استخدام النيران حتى لا تتعرض للتدمير من قبل العدو، ويجب على القائد أن ينشئ مواقع رئيسية وبديلة وأخرى إضافية، وهذا يعتبر ذا أهمية خاصة بالنسبة للوحدات المدافعة عن ارض حيوية وهامة.

وتشتمل واجبات الوقاية والتحصين على كم كبير من معدات المهندسين وذلك للمساعدة في إعداد الخنادق وملاجئ مراكز القيادة ودشم المدفعية والرادار والآليات القتالية بأنواعها، والقائد هو الذي يواجه بمستوى الوقاية التي يريدها وهو الذي يعمل على حماية المخزون من تموينات الصنف الرابع والخامس (مواد إنشائية - ذخيرة) ويعتبر قائد المهندسين مستشاراً خاصاً لقائد قوة المناورة في ما يخص أعمال وحدات الهندسة.

على القائد أن يتجنب الاستعدادت الدفاعية التي تجعل العدو أن يتنبأ بها حيث سيعمل ويركز على المواقع التي تكون أقل تحصينا ويستخدمها في عملياته.

ولتجنب إبراز تلك المواقع يعمد القائد إلى التمويه الذي يمزج المعدة والفرد مع طبيعة الأرض التي يعمل عليها والخداع الذي يعتبر عاملاً مهماً لكسب المفاجأة، والدخان (التعمية) التي تجعل المواقع غير معروفة وعمل المواقع البديلة واستخدام طبيعة الأرض بالشكل الصحيح.


الخاتمة:


تضاعف وحدات الهندسة فاعلية القوات في ميدان المعركة الذي يشهد قتالاً عنيفاً، والمهندسون جزء لا يتجزأ من وحدات الأسلحة المشتركة ويعملون دائماً لتذليل حركة القوات الصديقة وإعاقة القوات المعادية وعمل التحصينات الميدانية لوقاية القوة القتالية ويعمل المهندسون كمستشارين لقادة وحدات المناورة حول الاستخدام الفعال لطبيعة الأرض ويعطون الحلول الممكنة للقادة حول اختراق وإقامة الموانع.

 
11qs8.png
 
كل عام وأنت بخير أبو البراء

موضوع ممتاز وسأعيد قراءته مرة أخرى
 
موضوع مميزومفيد

مشكور ابو البراء
 
انت شخص مميز في مواضيعك , ولايسعنى الا اشكرك على افادتنا بالمعارف والمعلومات
 
عودة
أعلى