وكالات- كشفت شرطة إمارة دبي الاثنين 2/15 عن مجمل التفاصيل التي أفضت إليها التحريات المكثفة الجارية بشأن قضية مقتل القيادي بحركة حماس محمود عبد الرؤوف المبحوح في العشرين من يناير الماضي.
وأفصحت شرطة دبي وفق وكالة الأنباء الإماراتية "وام" عن أسماء وهويات العناصر المتورطة في ارتكاب الجريمة وعرضت شريطًا مصورًا رصد تحركات العناصر المطلوبة ضمن هذه الواقعة والبالغ عددهم 11 شخصًا يحملون جوازات سفر أوروبية سليمة ومن بينهم امرأة.
وقال قائد عام شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم إن فلسطينيَيْن مشاركان في عملية الاغتيال اعتقلا، وأحدهما يحمل رتبة عسكرية في السلطة الفلسطينية، وقد التقى زعيم المجموعة التي اغتالت المبحوح وهو فرنسي يدعى بيتر.
ولم يستبعد خلفان أن يكون الموساد خلف جريمة الاغتيال، ولكنه لم يستبعد أن تكون هناك جهات أخرى -لم يسمها- متورطة.
ونوّه القائد العام لشرطة دبي بأنه على الرغم من إتباع المتهمين لمجموعة من وسائل المرواغة والتضليل والتنكر المختلفة، مثل استخدام الشعر المستعار وأغطية الرأس (الكابات) والتخفي في أزياء متنوعة ما بين رسمية ورياضية لإخفاء وتغيير هيئتهم الأصلية، إلا أن تلك الأساليب لم تفلح في خداع الحس الأمني المرهف والكفاءة المهنية العالية التي تتمتع بها الأجهزة الأمنية في دبي.
ولفت إلى السرعة الخاطفة التي نُفذت بها الجريمة والتي لم تستغرق أكثر من 20 دقيقة منذ لحظة دخول المجني عليه (المبحوح) إلى الفندق حتى مغادرة الجناة موقع الجريمة قبل توجههم مباشرة إلى المطار.
وقال إن شرطة دبي نجحت في جمع قرائن مهمة في مقدمتها أشرطة المراقبة التلفزيونية التي تم من خلالها رصد تحركات المتهمين منذ لحظة وصولهم إلى دبي لحين مغادرتهم البلاد، بما في ذلك تحركاتهم داخل الفندق الذي وقعت فيه جريمة القتل، وكذلك كافة المواقع الأخرى التي تنقّل بينها المتهمون وضمت عدداً من الأماكن التي نزلوا عليها أو اجتمعوا فيها إمعانا في التضليل والتخفي خلال فترة تواجدهم في دبي والتي لم تتجاوز 24 ساعة.
وكشف خلفان أن الجناة استخدموا جهازاً إلكترونياً لفتح باب غرفة المبحوح حيث تشير التحقيقات إلى أن الجناة قاموا باستخدام هذا الجهاز للدلوف إلى الغرفة ومن ثم انتظار وصول القتيل لإتمام جريمتهم التي غادروا بعدها مباشرة الفندق وفقاً لما أظهرته صور كاميرات المراقبة الخاصة بالفندق.
وتمكنت شرطة دبي من رصد تحركات جميع المتهمين بعد تحديد هويتهم خلال زمن قياسي لم يتجاوز 24 ساعة، ونجحت في تحديد تفاصيل تلك التحركات منذ اللحظات الأولى لدخولهم إلى دولة الإمارات وحتى مغادرتهم البلاد.
واعتمدت الشرطة في ذلك على الأشرطة المسجلة لكاميرات المراقبة الأمنية المصورة المنتشرة في مختلف الأماكن التي تنقلوا بينها في دبي، وذلك وفق مجهود أمنى مكثف تعاونت فيه كافة الأجهزة المعنية، والتي مكنت من حصر دائرة الاشتباه في مجموعة عناصر من ذوي الجنسيات الأوروبية وصلت لدبي تقريبا في نفس وقت وصول محمود المبحوح، وغادرت البلاد قبيل اكتشاف جثة القتيل في أحد الفنادق المعروفة في دبي.
وأوضحت مصادر الشرطة أن قائمة المتهمين تضم كلا من/ بيتر إيليفنجر (المتهم الأول) ويحمل جواز سفر فرنسي وثلاثة متهمين يحملون جوازات سفر أيرلندية وهم/ كيفين دافرون (المتهم الثاني) وجايل فوليارد (المتهمة الثالثة) وإيفان دينينغز (المتهم الرابع) / إضافة إلى ستة متهمين يحملون جوازات سفر بريطانية وهم/ بول جون كييلي وميلفين آدم ميلداينر وستيفين دانيل هودز ومايكل لورانس بارني و جيمس ليونارد كلارك و جوناثان لويس غراهام والمتهم مايكل بودنهايمر الذي يحمل جواز سفر ألماني.
وشكّل المتهمون أربعة فرق للمراقبة حيث تكون كل فريق من شخصين بينما تركزت مهمة المجموعة الخامسة - والتي ضمت أربعة أشخاص- على تنفيذ الجريمة وذلك وفقا لما أظهرته أشرطة المراقبة التلفزيونية المصورة في كافة المواقع لاسيما في فندق البستان الذي حل عليه المغدور في 19 يناير 2010.
تفاصيل الجريمة
وأوضحت شرطة دبي أن التفاصيل التنفيذية للمخطط الإجرامي بدأت مع تعاقب وصول المتهمين إلى دبي مساء اليوم السابق ليوم جريمة القتل حيث نزلت عناصر الفرق الخمسة المتورطة في الجريمة في فنادق متفرقة ضمن مواقع مختلفة في دبي ولكنها متقاربة نسبياً بما يضمن سهولة التنقل منها وإليها وفقاً للتحركات المتفق عليها فيما بينهم.
وقالت شرطة دبي إن كاميرات المراقبة الأمنية أبرزت أن المتهم الأول بيتر إيليفنجر لعب دور مسؤول التنسيق اللوجيستي للفريق حيث نزل في أحد الفنادق الفخمة في دبي ثم قام بحجز غرفة في فندق البستان روتانا - موقع الجريمة - وطلب حجز غرفة محددة وهي الغرفة رقم 237 المقابلة لغرفة المبحوح (رقم 230) وعلى مرمى حجر منها.
وقام المتهمون باستخدام الغرفة (237) قبيل تنفيذ مخططهم، في حين لم يحل إيليفنجر في تلك الغرفة التي حجزها بل هم بمغادرة البلاد قبيل إتمام رفقائه للجريمة بوقت وجيز.
وأظهرت كاميرات المراقبة الأمنية في مطار دبي تعقّب أحد أعضاء فريق المراقبة من المتهمين لمحمود المبحوح منذ وصوله إلى أرض المطار، بما يؤكد تتبعهم له ومعرفتهم لميعاد وصوله، في الساعة 3:20 من بعد ظهر يوم 19 يناير الماضي، قبيل توجهه مباشرة إلى فندق البستان روتانا بينما كان يتتبعه اثنان من المتهمين ضمن أحد فرقهم المعنية بالمراقبة، حيث استقل المتهمان معه نفس المصعد في الفندق ونزلا منه أيضا في ذات الطابق وتبع أحدهما المبحوح للتأكد من رقم الغرفة التي ينزل بها.
وأظهرت تسجيلات المراقبة التلفزيونية في فندق البستان تتبع فرق المراقبة التي شكلها المتهمون لكل تحركات المبحوح داخل الفندق كما أظهرت وصول فريقهم المعني بالتنفيذ إلى الفندق وصعود أفراده على دفعتين (اثنان في كل مرة) وبفارق عدة دقائق- ودخلوا جميعاً إلى الغرفة التي استأجرها بيتر (غرفة رقم 237).
ومن المُرجح أن المتهمين قاموا بمحاولة دخول غرفة المبحوح في الساعة الثامنة مساءً عقب انتهاء عمال النظافة من مناوبتهم في نفس الطابق بينما أظهرت أشرطة المراقبة الأمنية في الفندق اثنين من المتهمين وهما يتوليا عملية المراقبة والاعتراض بعد مغادرة عامل النظافة لتسهيل مهمة فريق التنفيذ ومن بين أعضاءه العنصر التقني الذي يُعتقد أنه استخدم الجهاز الإلكتروني لفك شفرة مفتاح غرفة القتيل للتمكن من الدخول إليها قبيل وصول المبحوح.
ووفقاً لما جاء في الشريط المسجل من كاميرات أمن الفندق - وأيضا القراءة المنسوخة من مفتاح الغرفة - فقد وصل المبحوح إلى غرفته في تمام الساعة 8:25 مساءً يوم 19 يناير حيث يُرجح أن جريمة القتل قد تمت خلال فترة لم تتجاوز 10 دقائق اعتباراً من دخول المبحوح إلى غرفته.
وأظهرت التحقيقات أن الجناة حرصوا على ترتيب كافة مقتنيات الغرفة لكي تبدو في صورة طبيعية بهدف إزالة جميع الآثار التي قد تدل على وقوع مقاومة من قِبل القتيل ولتضليل الجهات الأمنية وتحويل انتباههم عن أي شبهة جنائية وراء وفاة محمود المبحوح حيث عمد الجناة أيضاً إلى إغلاق سلسلة الأمان الخاصة بباب الغرفة من الداخل إمعاناً في الإيحاء بأن الوفاة تمت بصورة طبيعية.
وسارع جميع المتهمين بالفرار من الفندق عقب إتمام الجريمة مباشرة، حيث لم يستغرقوا أكثر من 10 دقائق للمغادرة، بينما توجهوا على الفور إلى مطار دبي واستقلوا رحلات طيران مختلفة متوجهين إلى عدد من المدن الأوروبية والآسيوية، وفقا لما أظهرته تسجيلات المراقبة التلفزيونية الخاصة بالمطار.
إنجاز لدبي
وقال الفريق ضاحي خلفان تميم إن الإنجاز الذي تمكنت شرطة دبي من تحقيقه يُعد مصدر فخر واعتزاز لأجهزة الأمن في المنطقة وذلك نظراً لدقة النتائج التي أسفرت عنها التحريات في غضون وقت قياسي لفك خيوط جريمة شغلت الرأي العام العربي والدولي، بتحديد هوية العناصر المتورطة فيها بأسلوب علمي لا يقبل تفنيداً أو تشكيكاً.
وشددّ الفريق خلفان على أن دولة الإمارات العربية المتحدة لا تقبل أن تُستغل أرضها كساحة لتصفية الحسابات مهما كانت أنواعها أو أسبابها أو انتماءات العناصر المتورطة فيها.
وأكد أن دولة الإمارات هي دولة العدل وسيادة القانون وأن كل من تسول له نفسه في أن يعبث بأمنها أو أن يستهدف سلامة أي من أفراد مجتمعها أو زوارها سيخضع للملاحقة وللمساءلة والعقوبة الرادعة.
وشدد على أن شرطة دبي قامت بالواجب المنوط بها وأولت اهتماماً كبيراً لهذه الجريمة وعكفت على اكتشاف الفاعلين في وقت قياسي، حيث يبقى مرتكبو هذه الجريمة عناصر مطلوبة أمنياً للمثول أمام القضاء لمحاكمتهم وفقاً لأحكام القانون
التعديل الأخير: