ابتكارات جامعية تتحول إلى حلول ومشاريع منتجة
لم تكن مشاركة مخابر البحث الجامعي، في معرض الجزائر للإنتاج الوطني 2025، مجرّد حضور رمزي، بل مثّلت فرصة حقيقية، لإبراز قدرات الجامعة الجزائرية على المساهمة الفعلية في الاقتصاد الوطني. وهو ما أكده عدد من الباحثين والأساتذة المشاركين في هذه التظاهرة الاقتصادية.
شهدت الطبعة الـ33 لمعرض الإنتاج الوطني 2025، المنعقدة مؤخرا بقصر المعارض بالصنوبر البحري في الجزائر العاصمة، نشاطًا ملحوظًا لمخابر البحث العلمي والمؤسسات البحثية التي شاركت في فعاليات الحدث، مع تركيز واضح على الابتكار وتطبيق نتائج البحث في منظومة الإنتاج الوطني
الجزائر
مثلت فرصا حقيقية للاستثمار في صالون الإنتاج الوطني
وتحول معرض الإنتاج الوطني، إلى فضاء لاكتشاف فرص الاستثمار في نتائج البحث العلمي وربطها بالحاجيات الفعلية للسوق الجزائري، ما يعزز دور الجامعات كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي والمجتمعي.
“سيريست”.. أفكار ومنتجات قابلة للتسويق
ومن بين المشاركين الفاعلين في المعرض، يبرز مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني (CERIST) الذي شارك ضمن أجنحة المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، مقدّمًا عروضًا عن أنشطته في الربط بين الجامعة والقطاع الاقتصادي وإبراز التطبيقات البحثية التي يمكن تحويلها إلى خدمات ومنتجات قابلة للتسويق، ورصدت “الشروق”، تفاعل الباحثين بالمركز مع الزوار، وإبرازهم لمشاريع بحثية ووحدات ابتكار تابعة لجامعات ومراكز بحثية.
وأشار الأستاذ الجامعي، الباحث في مخبر الاقتصاد والابتكار، رزق الله نبيل، الذي وجدناه في جناح مركز البحث في البيوتكنولوجيا، لـ “الشروق”، بأنه من المهم جدا، أن يتم الدمج بين التفكير العلمي في المنظومة الإنتاجية الوطنية. وقال إن الابتكار يجب أن يتحوّل من ورقة بحثية إلى منتج اقتصادي قابل للتسويق، يدعم رؤية الدولة في تنويع الاقتصاد وتعزيز قيم صنع في الجزائر”.
الجزائر
مثلت فرصا حقيقية للاستثمار في صالون الإنتاج الوطني
”.. أفكار ومنتجات قابلة للتسويق
ومن بين المشاركين الفاعلين في المعرض، يبرز مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني (CERIST) الذي شارك ضمن أجنحة المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، مقدّمًا عروضًا عن أنشطته في الربط بين الجامعة والقطاع الاقتصادي وإبراز التطبيقات البحثية التي يمكن تحويلها إلى خدمات ومنتجات قابلة للتسويق، ورصدت “الشروق”، تفاعل الباحثين بالمركز مع الزوار، وإبرازهم لمشاريع بحثية ووحدات ابتكار تابعة لجامعات ومراكز بحثية.
وأشار الأستاذ الجامعي، الباحث في مخبر الاقتصاد والابتكار، رزق الله نبيل، الذي وجدناه في جناح مركز البحث في البيوتكنولوجيا، لـ “الشروق”، بأنه من المهم جدا، أن يتم الدمج بين التفكير العلمي في المنظومة الإنتاجية الوطنية. وقال إن الابتكار يجب أن يتحوّل من ورقة بحثية إلى منتج اقتصادي قابل للتسويق، يدعم رؤية الدولة في تنويع الاقتصاد وتعزيز قيم صنع في الجزائر”.
وأشاد محدثنا بدور حاضنات الأعمال، المتواجدة عبر الكثير من جامعات الوطن، التي دعمت وساهمت في تخريج طلبة جامعيين مبتكرين، وأتاحت لهم فرص الاحتكاك بمؤسسات اقتصادية.
وبحسبه، مشاركة الباحثين والجامعيين في المعارض الاقتصادية، تساهم في تسريع عملية تحويل المعرفة إلى منتجات وخدمات، وتُسهم في تنمية الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة، خاصة لدى الخريجين الجدد ورواد الأعمال من داخل الحرم الجامعي.
من النشر الأكاديمي إلى الحلول الاقتصادية الميدانية
وأكد زميله، وهو أيضا أستاذ باحث في مخبر بحث في الهندسة الصناعية، أن الباحثين الجامعيين خرجوا السنوات الأخيرة، من مجال النشر الأكاديمي إلى قطاع الحلول الاقتصادية، وهو ما يعكس مشاركة المخابر التابعة للتعليم العالي في المعارض الاقتصادية.
وقال: “مثلا، في المخبر الذي أعمل فيه، تمكنا من ابتكار نماذج أولية لتطبيقات صناعية، يمكن استغلالها مباشرة من طرف المؤسسات الوطنية، خاصة في مجالات تحسين الإنتاج، تقليل التكاليف، والتحكم في الجودة”.
وباحثة أخرى، صادفناها بالمعرض، أكدت أن بحوثها في المخبر الجامعي، انصبت على دراسات اقتصادية تطبيقية، تهدف إلى مرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خاصة في ما يتعلق بتحليل السوق، تحسين التسيير، ودعم المقاولات الناشئة.
البحث العلمي في قلب النقاشات الاقتصادية
ومن جهته، أكد أستاذ اقتصاد من جامعة مستغانم، التقيناه يجول بين مختلف أجنحة المعرض، أنه حضر للمعرض للمشاركة في جلسة اقتصادية بمشاركة باحثين وجامعيين في معرض الإنتاج الوطني، أين تم النقاش حول موضوعات اقتصادية مهمة، ومنها التحديث الرقمي في الشركات الصناعية، وأدوار التكنولوجيا الحديثة في تحسين الإنتاجية وزيادة القيمة المضافة للمنتجات الوطنية.
وأشار محدثنا، أن المعرض شهد تنظيم لقاءات علمية ضمن فعاليات معرض الإنتاج الوطني، تطرق خلالها أكاديميون وباحثون إلى الدراسات الجامعية، الاستثمارات الواعدة، وآليات الربط بين البحث العلمي والابتكار الاقتصادي، ما أتاح للطلبة والباحثين فرصة تقديم أعمالهم لخبراء الصناعة ومحترفي السوق.
وما رصدناه أيضا، خلال معرض الإنتاج الوطني، أن كثيرا من الطلبة الجامعيين المبتكرين، تقربوا من كبرى الشركات الاقتصادية، وحتى من مؤسسات ناشئة يعرضون عليهم ابتكاراتهم.. ومنهم “نوال” طالبة في كلية الصيدلة، من الجزائر العاصمة، وجدناها تتحدث مع صاحب شركة ناشئة مختصة في عصر الزيوت الأساسية، وكانت تشرح له تجربتها في عصر الزيوت بطريقة مبتكرة، تجعلها أكثر تركيزا وفائدة، بينما، كشف الطالب نبيل محي الدين، من مدرسة الذكاء الاصطناعي، أنه لا يضيع أي فرصة لزيارة المعارض الاقتصادية، مبررا بالقول: “إنها بالنسبة إلي فرصة ذهبية، للالتقاء وجها لوجه مع أصحاب مؤسسات اقتصادية خاصة وعمومية، وخاصة الشركات المهتمة بالابتكارات، والتي باتت تبحث مؤخرا، عن حلول تكنولوجية قابلة للتطبيق الفعلي في قطاعات مثل الطاقة، الصناعة الرقمية، الصناعات الغذائية وغيرها، بسبب التطور الرقمي الهائل”.
فمن خلال مشاركتها في معرض الإنتاج الوطني 2025، أثبتت مخابر البحث في الجامعات الجزائرية أنها ليست مجرد بيئة تعليمية أو تحليلية، بل شريك أساسي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
مركز البحث في البيوتكنولوجيا يسخر البحوث لتطوير الفلاحة
وحضر مركز البحث في البيوتكنولوجيا (CRBt)، وبقوة في معرض الإنتاج الوطني، وهو مؤسسة بحثية عمومية متخصصة في تطوير التقنيات الحيوية وتطبيقاتها في مجالات متعددة، وعلى رأسها القطاع الفلاحي، الذي يسعى إلى ربط البحث العلمي بالحاجيات الفعلية للاقتصاد الوطني، خاصة في قطاع الفلاحة.
وتحدث ممثلو المركز خلال المعرض، عن تطويرهم تقنيات الزراعة الأنبوبية، لإنتاج فواكه جديدة تدخل في الزراعة الجزائرية مثل الموز، وعن المشاريع التي تم تطويرها لفائدة قطاع الفلاحة، وتخص طرق علمية لإنتاج بذور وشتلات الزعفران والعدس والموز.
والمركز، بحسب مدير محطة التجارب، حكوم حامد، يعمل على توظيف نتائج البحث العلمي لتحسين الإنتاج الزراعي وحماية النباتات، وتطوير أصناف أكثر مقاومة للأمراض والظروف البيئية القاسية.
وقال حامد: “بحوث المركز ساهمت في توفير شتلات زراعية، بذور وشتلات استراتيجية، باستعمال تقنيات علمية حديثة تدعم الأمن الغذائي الوطني”.
وهذا الشتلات، كان الفلاح الجزائري يستوردها من الخارج، وبالتالي، نجح المركز في الحفاظ على العملة الصعبة وتقليل تكاليف الإنتاج. كما أنه يتابع الفلاح الذي يزرع هذه الشتلات المُطوّرة إلى أن يصل إلى مرحلة الإنتاج.
تطوير الأسمدة الحيوية والمحفزات الطبيعية للنمو
ويعمل مركز البحث في البيوتكنولوجيا، على تطوير الأصناف النباتية باستعمال التقنيات البيوتكنولوجية الحديثة، ومكافحة الأمراض النباتية بطرق بيولوجية صديقة للبيئة، تطوير الأسمدة الحيوية والمحفزات الطبيعية للنمو، والحفاظ على الموارد الوراثية النباتية، ويعمل أيضا على تحسين مردودية المحاصيل الإستراتيجية مثل الحبوب، الخضر، والبقوليات.
ولا يقتصر دور مركز البحث في البيوتكنولوجيا على الجانب النظري، بل يعمل على نقل نتائج البحث من المخابر إلى الميدان، عن طريق التعاون مع الدواوين والمؤسسات الفلاحية، ومرافقة الفلاحين والمنتجين.
إلى جانب البحث، يلعب المركز دورًا مهمًا في تكوين الباحثين والطلبة، خاصة طلبة الدكتوراه والماستر، كما يفتح المركز آفاق التعاون مع المؤسسات الناشئة والمشاريع الابتكارية في المجال الفلاحي، ما يعزّز روح المقاولاتية العلمية.
ويشار إلى أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، كان قد أعلن عن استحداث مئات المؤسسات الناشئة والمصغرة، انطلاقا من الجامعات، مع تأهيل آلاف المشاريع وبراءات الاختراع، التي ستوجه نحو السوق الاقتصادي مستقبلا. ومنها إنشاء مؤسسات متخصصة في معالجات النفايات الصناعية واحتضان مشاريع ناشئة في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة.
وأثبت معرض الجزائر للإنتاج الوطني 2025 أن الجامعة الجزائرية قادرة على أن تكون قاطرة للابتكار ومحركًا حقيقيًا للاقتصاد الوطني، متى توفّر التكامل بين البحث والإنتاج.
لم تكن مشاركة مخابر البحث الجامعي، في معرض الجزائر للإنتاج الوطني 2025، مجرّد حضور رمزي، بل مثّلت فرصة حقيقية.
www.echoroukonline.com