القوة ليست مجرد شجاعة فردية أو اندفاع؛ الأمم تحتاج إلى وحدة، إرادة سياسية، وقيادة واعية حتى تتحرك ككتلة واحدة عند الأزمات، وهذا ما نفتقده في منطقتنا أحياناً بسبب الانقسامات ودور المصالح الخارجية في تفريق الصفوف.
الجبن أو الخوف ليسا ظاهرة عربية فقط: في كل دول العالم، الشعوب قد تتردد وتنتظر القيادة أو القوة الدولية المؤثرة قبل أي تحرك. حتى الغرب الآن مشغول بحروبه ومشكلاته، وليس بالضرورة أقوى أو أجرأ في القضايا التي لا تهمه مباشرة، كما هو حال الغرب مع غزة أو غيرها. فالوضع لا يتعلق بالقوة العسكرية فقط، بل هناك حروب إعلامية واقتصادية وسياسية تدار بذكاء، وأحياناً استخدام القوة بلا حساب يؤدي إلى نتائج كارثية من دون تحقيق الهدف.
تقول الأمثال العربية "تركتونا ولكن الله ما يخلي عباده"، أي أن النصر والنجاح ليسا مشروطين دائماً بالقوة الظاهرة، بل أحياناً بالثبات والصبر والاعتماد على الله. والمواقف الصعبة تفرز القيادات الحقيقية، وقد رأينا في غزة مقاومة رغم الحصار والدمار، فليس العجز دائماً بنقص القوة، بل ربما في غياب القرار أو وحدة الكلمة.
أخيراً، اللعب على وتر "الضعافة" يتجاهل أن التاريخ مليء بمحطات قاوم فيها العرب وانتصروا إذا توحدوا وكانت لديهم قيادة صادقة وإرادة شعبية، وهذا ما تحتاجه الأمة اليوم أكثر من ذم الشعوب أو جلد الذات بلا حلول واقعية. فإذا كنا نرى العيب في شعوبنا فقط، فمن أين تأتي القيادات والقرار؟ ومتى يعلو صوت المصلحة المشتركة فوق الخلافات والمصالح الضيقة؟