ماذا يحدث في السويداء منذ أحداث صحنايا إلى الأحداث الحالية و لماذا تدخلت إسرائيل ب الطيران الجوي و ما هو سبب الاحتقان بين الدروز و الإدارة الحالية رغم أن الدروز كانو من اول الفرحين بسقوط النظام ؟؟
ببساطة الدولة السورية كأي دولة في العالم تريد بسط سيطرتها على كل سوريا، وهذا الطبيعي، وهناك أطراف في السويداء ترفض ذلك
من ناحية المبدأ تصرف الدولة السورية صحيح، إذا تريد استقرار مستدام في سوريا يجب أن يكون هناك حكومة قوية في دمشق تمتلك جيش وأمن واحد، لا يجب أن يكون هناك أي فصيل مسلح خارج عن سيطرة الدولة بغض النظر عن أيديولوجيته وحجته، بالسلم بالحرب يجب تفكيك الحالة الفصائلية في سوريا وإنهائها بشكل كلي، أي شىء غير ذلك هو فشل
الأمثلة في المنطقة كثيرة، ليبيا اليوم دولة ميليشيات ولا يوجد حكومة قوية دولة غير مستقرة، لبنان الذي أدخله حزب الله بثلاثة حروب قوية خلال 20 سنة، العراق الذي أكبر مشكلة فيه اليوم هي الميليشيات خارج سيطرة الدولة، السودان مشكلته بالأساس ناتجة من ميليشيا أسستها الدولة نفسها للقتال في دارفور وبعد 20 سنة انقلبت على الدولة ورأينا ما جرى في هذا البلد أخر سنتين
لذلك الدولة يجب أن تكون صارمة بهذا الموضوع، وهذا الموضوع لا يقبل المساومة لأن هذه القضية هي قضية أمن البلد لأجيال قادمة
المشاكل
لكن الدولة قد تكون تسرعت بموضوع السويداء، باعتقادي كان الأفضل تركه لما بعد إنهاء قسد وهي الجماعة الأكبر الخارجة عن سيطرة الدولة، كان هذا سيضعف موقف جماعات السويداء كثيراً
أيضاً تأخر الحسم العسكري على الأرض فتح المجال لتدخل الخارج على رأسه إسرائيل، وأطال القتال وزاد التكلفة البشرية للعملية بشكل كبير
التأخر هذا باعتقادي حدث لعدة أسباب، أولها سوء التقدير السياسي، يبدو كان هناك اقتناع بوجود حل سياسي بعد الوصول لأطراف مدينة السويداء في اليوم الأول، هذا جعل القيادة تعتقد بدخول شبه سلمي للسويداء ولم تدخل المدينة بالشكل الأمثل
القتال تواصل بعنف داخل المدينة وتزايدت الضربات الإسرائيلية في اليوم الثاني وخاصة في اليوم الثالث، عكس اليوم الأول التي كانت فيه الضربات عبارة عن مسخرة
الانضباط العسكري، لا أفهم وضع "العسكري الإعلامي" عند الفصائل الحكومية إلي المفترض تكون جيش وأمن، أنت إما عسكري أو إعلامي لا يوجد بالنص، التصوير من الجنود ممنوع منعاً باتاً أثناء أداء أي مهمه عسكرية، تصوير الأرتال ممنوع، تصوير نفسك وأنت تهدد وتخطب ممنوع، تصوير تحركاتك ممنوع، تصوير وأنت تطلق النار ممنوع، تصوير الجثث ممنوع، تصوير الأسرى ممنوع، تصوير هتافاتك الطائفية ممنوع تصوير انتهاكاتك ممنوع…
التصوير ممنوع، داخل القوات المسلحة والأمن يكون هناك مديرية إعلامية فقط هي المخولة بالتصوير، تقوم بتصوير لقطات احترافية والتعديل عليها لعرضها بالزمن المناسب لذلك
التصوير يكشف مواقع القوات ومعلومات عنها وهذا يحمل فائدة كبيرة للعدو، كما أن تصوير نفسك وأنت تهدد او تحلق شوارب أحدهم يضعف العلاقة بين المؤسسة العسكرية والمجتمع المدني، ويقوض قدرة الدولة على ضبط الأمن وتطبيق إستراتيجيتها السياسية، العمل العسكري يهدف لتطبيق هدف سياسي كيف تكون عسكري وتصرفاتك تصب عكس هذا الهدف؟
والقيام بأي انتهاكات او رفع شعارات طائفية/عنصرية يعزز من المشكلة ولا يسهم بحلها، حتى لو الطرف الأخر يفعل نفس الشىء، هو يعمل خطأ تعمل مثله؟
الانضباط العسكري هو واجب القيادات العسكرية من ضباط الصف (رتب رقيب والمساعد) مروراً بالضباط وحتى قيادة الجيش، وهناك عقوبات تبدأ بعقوبات داخل الوحدة العسكرية (حسم من الراتب، حجز بالوحدة، تكليف بمهام حراسة إضافية، تأخير ترفيع…) وتصل لحد المحكمة العسكرية التي قد تفصلك وتسجنك
تقوية الجانب الانضباطي عند القوات الحكومية يجب أن يكون على رأس قائمة الأولويات داخل وزارة الدفاع والداخلية السورية، ويجب أن تكون صارمة بذلك، هذه ليست كياتة هذه من صلب العمل العسكري والإنضباط ساهم كثيراً بنجاح عملية ردع العدوان وإسقاط النظام
حرية التعبير عن الرأي، هذه يجب تقييد أجزاء منها بسوريا الحرية جميلة بنقد الشرع وانتقاد وزير الداخلية… ولكنها كارثية بالتحريض الطائفي وتمجيد الأسد، الدولة يجب أن تعاقب من يحرض طائفياً وعنصرياً ومن يمجد نظام الأسد ومن ينكر جرائمه أو يهونها سواء على أرض الواقع أو على مواقع التواصل
إسرائيل
إسرائيل هدفها زعزعة أمن سوريا وإبقائها ضعيفة ومقسمة وفاشلة، لو إسرائيل أرادت حماية الدروز لوجهت تحذيرات واضحة لسوريا من البداية، أو على الأقل لقصفت بشدة من اليوم الأول، لكنها بقيت تعرقل التدخل وتزيده دموية، حتى سيطرت الحكومة على السويداء واقتربت من الحسم العسكري تدخلت بقوة أكثر بعد أن قتل أكبر قدر ممكن من الطرفين وزاد الشرخ للحد الأقصى بين الدروز والسنة
فلا هي منعت الدولة من دخول السويداء بداية ولا هي سمحت لها بالحسم العسكري بالنهاية
الدروز
من الأخر تصرفات حكمت الهجري الزعيم الروحي للطائفة الدرزية قضت تماماً على علاقة الدروز بالسنة بكل المنطقة وليس فقط في سوريا، الكل يرى الدروز بأنهم خونة عملاء، وهذا كارثي على سوريا عموماً وعلى هذه الطائفة خصوصاً، ما جرى زاد الاستقطاب بالمجتمع السوري، لا شك اليوم أن الدروز أكثر إلتفافاً حول زعامتهم الروحية، وأن السنة أكثر إلتفافاً حول القيادة السورية
وكل هذا على الفاضي، السويداء لا يمكن أن تنفصل، ولا يمكن أن تنال حكماً فدرالياً المحافظة تعتمد كلياً على دمشق يعني مرجوعها دمشق، الشرع إذا أراد يستطيع منع الخدمات الأساسية عنهم، السويداء لا تمتلك حدوداً مع إسرائيل ولا مع قسد
للأسف قيادات العصر الحجري وضعت الدروز بموقف صعب جداً جداً، والأن ستروج لنفسها على أنها منتصرة لتزيد شعبيتها ولكنها لن تقول لهم عن الأثر بعيد المدى والكارثي على الطائفة وعلاقاتها بالمجتمعات المحيطة التي من الصعب أن تعود كما كانت
وليد جنبلاط يتكلم من معرفة بمصلحة الطائفة الدرزية، الدروز كأي طائفة بالمنطقة مصلحتهم مع المجتمعات المحيطة وليس مع إسرائيل، تعليق مصير الدروز بإسرائيل سيحمل أثر كارثي على الطائفة على المدى البعيد
ما جرى كان عصيباً وصعباً على سوريا وأدر لمقتل المئات أظهر لنا أموراً كثيرة وأخطاء ومشاكل، وأظهر لنا حالة الاستقطاب الطائفي الشديدة في سوريا، الاصطفاف الطائفي في سوريا أصبح مكشوفاً تماماً بلا حرج أو خوف، هذا خطير جداً على سوريا
الحكومة بمهمه صعبة جداً في سوريا وستمر بمطبات كثيرة مشابهة ويجب أن تعبرها ويجب أن تتصرف فيها بقوة، لا مجال للتراخي والضعف، السنة هذه والسنة القادمة مصيريات بتاريخ سوريا، أما أن تعبر أو تبقى دولة فاشلة لعقود قادمة، هذه فرصة سوريا الوحيدة للخروج من كبوتها قد لا تتكرر هذه الفرصة
الفرصة هي التعويل على بناء سلطة دمشق وتثبيتها وتقويتها غير ذلك ستفشل، سوريا ليست سويسرا سوريا بلد منتهي ومرهق ويحتاج لقيادة قوية قادرة على تحشيد المجتمع خلفها، وقادرة على فرض رأيها على الأطراف المحلية
الأن يجب التركيز على قسد وإنهاء مشكلتها بالسلم أو الحرب أو خليط منهما، يجب أن تركز الدولة كل طاقتها ضد قسد