هذه الأرقام "المخيفة" التي يروج لها البعض لا تعكس الوقائع المالية أو آليات الإدارة الحديثة للديون السيادية، بل تلعب على وتر التخويف السياسي وتجاهل حقيقة أن مصر ـ ككل دولة جاذبة للاستثمار ـ لديها وسائل متقدمة لإعادة جدولة جزء كبير من الالتزامات، وعلاقات مصرفية تسمح بتمديد الودائع ومبادلات العملة دورياً دون تأثير جوهري على الاستقرار الاقتصادي أو مصداقية الجدارة الائتمانية.
فبيانات البنك الدولي والمركزي المصري تشير إلى أن إجمالي خدمة الدين الخارجي في 2026 فعليًا أقل بكثير من الأرقام المتداولة؛ فلا توجد جهة دولية رسمية تؤكد رقم الـ50 مليار دولار كسداد إلزامي في عام واحد. كما إن جزء كبير من الرقم المذكور يتضمن ودائع قصيرة الأجل ومبادلات عملة، وهي غالبًا قابلة للتجديد وليست مستحقة السداد دفعة واحدة. والسجلات الفعلية لالتزامات السداد في 2026 تتراوح بين 21 و29 مليار دولار موزعة على عدة أشطر وفترات زمنية وليس دفعة واحدة، ومن بينها أقساط وفوائد وودائع خليجية مرنة وغير نهائية السحب.
اختصاراً: الاسترزاق بالهلع الرقمي حول ديون مصر ليس سوى محاولة مكشوفة لاستغفال الجمهور سياسياً، والأرقام الحقيقية وخطط السداد الرسمية متوافرة من المصادر المعتمدة وتثبت أن الوضع ليس بالحجم الذي يتم ترويجه.