منقول عن د / هاني توفيق
هذا التدهور فى مؤشراتنا المالية ، وبصفة خاصة بالعملة الاجنبية نتج عن اسباب عديدة ذكرناها اكثر من مرة ، ويأتى على رأسها التوسع فى الانفاق الاستثمارى على اصول غير منتجة ، على الاقل فى المدى القصير ، والاعتماد على الاموال الساخنة فى تمويل جزء ضخم من هذه الاستثمارات ، مع تثبيت سعر الصرف لعدة سنوات فى خطأ مهنى و اكاديمى خطير !!!.
وبالاضافة الى ذلك فهناك اسباب اخرى عديدة ساهمت فى طرد الاستثمارات الخاصة المباشرة المحلية والاجنبية كالبيروقراطية المصحوبة غالباً ببعض الفساد ، وعبء منظومة الضرائب والرسوم المعوقة للاستثمار ، والتهرب الضريبى مع البطء فى تنفيذ منظومة الشمول المالى ، ومزاحمة الدولة ، وعدم وحدة الموازنة ، وبطء اجراءات التقاضى ، وعدم توفر العمالة الفنية المدربة ، …. وغيرها.
ولكى نخرج من هذه المشكلة ليس علينا سوى التوقف لفترة عن الاستثمار فى البنيتين التحتية والفوقية ، والعمل على ازالة عقبات الاستثمار المباشر المشار اليها اعلاه ، حيث هى المخرج الوحيد لنا من هذه المشكلة ، فالتصدير سيتطلب وقتاً طويلاً لتجويد الانتاج المحلى اولاً ، مع دراسة جيدة للاسواق الخارجية ، واذواق المستهلكين ، وغيرها. اما السياحة ، وان كانت تساهم احياناً فى زيادة الدخل بالعملة الصعبة ، الا ان التجربة اثبتت انها مصدر غير مستدام لهذا الدخل نتيجة ظروف طارئة داخلية وخارجية تصيب هذه الصناعة فى مقتل كل عدة اعوام.
مرة اخرى : الاستثمار الاجنبى المباشر يعنى التشغيل ، والانتاج ، والتصدير ، وزيادة حصيلة الضرائب والعملات الاجنبية معاً ، ومن ثم قدرتنا على سداد المديونيات وتحسين التقييم الائتمانى لمصر ".
و دي وجهة نظرة في موضوع التعويم الجديد و اثاره
بشأن التعويم ، و تحذير واجب :
اقول للاخوة الخبراء ولصندوق النقد ، و المؤيدين للتعويم الكامل ، تركيا قامت بالتعويم الكامل فى ٢٠١٨ ، فانخفضت الليرة ٧٥٪ فى ٥ سنوات ( انظر الرسم ادناه ) ، وارتفع معدل التضخم الى ٨٠٪ !!!
وبالنسبة للجنيه المصرى ، وبنفس المعطيات والنتائج والفترة الموضحة اعلاه ، فهذا يعادل ٦٠ جنيه للدولار اليوم
، و الذى كان يعادل ١٥ جنيهاً فى ٢٠١٨ ايضاً ، و ذلك اذا استجبنا لتعليمات صندوق النقد التحكمية والمتشددة ، و قمنا بالتعويم الكامل الان ، دون الاستعداد الكامل له .
هذا مع تفوق تركيا علينا ، فى القاعدة الانتاجية الصناعية ، والتصدير ( ٢٢٠ مليار دولار سنوياً ) ، و السياحة ( ٤٠ مليون سائح سنوياً ) .
واكرر مرة اخرى : لاتعويم كامل وحر للجنيه المصرى قبل :
١) توفر الحصيلة الدولارية الكافية لدى البنك المركزى للتحكم فى حركة سعر الدولار فيما يعرف فنياً بعمليات السوق المفتوحة Open Market Operations
٢) اتخاذ خطوات واضحة وجادة بشأن جذب الاستثمارات الاجنبية ، والسياحة ، والتصنيع و التشغيل ، و التصدير ، وذلك بعد ازالة معوقات الاستثمار السابق الاشارة اليها مراراً و تكراراً.
والخلاصة : تخفيض تدريجى ومحسوب فى قيمة الجنيه وليس تعويم كامل وحر ، ويتبعه خفض الاستيراد والاعتماد على المنتج المحلى ، فالتصدير ، والا فالنتيجة سياسياً ، واجتماعياً ، واقتصادياً فى منتهى الخطورة.
اللهم قد بلغت ، اللهم فاشهد .