قتل 18 مدنياً بينهم ستة أطفال في قصف شنته طائرات حربية سورية في محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، عشية بدء اتفاق هدنة روسي – تركي يضع حداً لتصعيد عسكري جديد لقوات الجيش السوري.
وأفاد المرصد السوري عن مقتل سبعة مدنيين في قصف طال مدينة إدلب، مركز المحافظة، فضلاً عن سبعة آخرين في غارات استهدفت سوقاً شعبياً في مدينة بنش في ريف إدلب الشمالي الشرقي وأربعة آخرين في بلدة النيرب في الريف الجنوبي الشرقي.
من جهة اخرى، رحب سكان في محافظة إدلب السورية، التي تؤوي ثلاثة ملايين نسمة نحو نصفهم من النازحين، بحذر بقرار مجلس الأمن الدولي تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، فيما نبهت منظمات إغاثة من مخاطر تقليص العمل بها.
ومنذ العام 2014، يجدد مجلس الأمن الدولي سنوياً تفويض إدخال المساعدات عبر أربعة معابر حدودية إلى مناطق خارجة عن سيطرة قوات الجيش السوري. إلا أنه في 20 كانون الأول/ديسمبر، واجه تمديد التفويض رفض كل من روسيا والصين.
وبعد مفاوضات ثم سلسلة من التنازلات بين الدول المعنية، صوت مجلس الأمن الجمعة لصالح تمديد التفويض لكن لمدة ستة أشهر فقط على أن يقتصر إيصال المساعدات على نقطتين حدوديتين مع تركيا حصراً.
ويربط معبر باب الهوى تركيا بمحافظة إدلب (شمال غرب)، الواقعة بمعظمها تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وتشهد بين الحين والآخر تصعيداً عسكرياً لقوات الجيش، فيما يربط معبر باب السلامة تركيا بمناطق سيطرة الفصائل الموالية لأنقرة في شمال سوريا.
وفي إدلب، تنفس سكان يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الدولية الصعداء لتمديد التفويض.
وقال أبو عبدو (36 عاماً)، الوالد لأربعة أطفال والنازح منذ سبعة أشهر من جنوب إدلب، “كنت خائفاً جداً من أن يمنعوا المساعدات، وبدأت أفكر في ما علي أن أفعل أنا وأطفالي، فنحن نعيش بفضل المساعدات”.
وأضاف أستاذ المدرسة سابقاً، والذي يسكن حالياً في بلدة بنش، “فرحت كثيراً بالخبر الذي سمعته صباحاً (…) استمرار المساعدات يمنع موتنا من الجوع”.
وتعد إدلب ومحيطها أبرز منطقة خارجة عن سيطرة قوات النظام، التي تصعّد بين الحين والآخر عملياتها العسكرية فيها، ما يدفع بموجات نزوح تزيد من حجم وعدد المخيمات المنتشرة فيها وخصوصاً بالقرب من الحدود التركية.
وتعرضت محافظة إدلب في الأسابيع الأخيرة لتصعيد في القصف، دفع وفق الأمم المتحدة أكثر من 310 آلاف شخص إلى النزوح من ريف إدلب الجنوبي. ويحتاج هؤلاء إلى مساعدات ملحة بينما يفاقم الشتاء معاناة نزوحهم.
وقال محمد أبو سعيد (29 عاماً)، النازح من ريف إدلب الجنوبي ويسكن حالياً في بلدة بنش، “غالبيتنا تعيش على المساعدات الإنسانية، فليس هناك عمل أو دخل”.
ورغم فرحه بتمديد العمل بالمساعدات، أعرب إبراهيم (40 عاماً) النازح من حماة إلى أحد مخيمات إدلب عن خشيته من تقليص مدة العمل بها في منطقة تتعرض دائماً لتصعيد عسكري.
وقال “المساعدات ستصبح بالقطارة في منطقة تكثر فيها المخيمات والعائلات النازحة”.
– “لا تبرير إنسانيا” –
يستفيد من المساعدات العابرة عن الحدود، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أربعة ملايين سوريا، بينهم 2,7 مليون في شمال غرب سوريا و1,3 مليون في شمال شرق البلاد.
واعتبرت منظمة “سايف ذي شيلدرن” أن اليوم ليس الوقت المناسب لتقليص العمل بالمساعدات العابرة للحدود.
وقالت المديرة التنفيدية للمنظمة إينغر آيشينغ “في وقت نرحب بالتمديد، إلا أنه ليس هناك أي تبرير لتقليص نطاق القرار (الدولي) في وقت يعيش آلاف المدنيين السوريين في العراء وتتواصل الإعتداءات على المنشأت التحتية المدنية”، في إشارة إلى إدلب.
وأضافت أن القرار الأخير يظهر أن “سياسات الدول الأعضاء أهم من تأمين سقف ينام الأطفال تحته”.
ويلغي قرار مجلس الأمن الأخير إيصال المساعدات عبر معبرين، أبرزهما معبر اليعربية مع العراق، والذي عادة ما كان يُعتمد لإيصال المساعدات إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرق البلاد، وحيث تنتشر أيضاً مخيمات نازحين عدة.
وأعربت لجنة الإغاثة الدولية الجمعة عن “خشيتها” من تقليص العمل بالتفويض الذي اعتبرت أنه ليس له “أي تبرير إنساني”، خصوصاً لناحية إغلاق المعبر مع العراق كونه سيؤدي “سريعاً إلى وقف إمدادات صحية ضرورية” ويعطل العمل في الرعاية الصحية في شمال شرق سوريا.
وقال رئيس مجلس إدارة المنظمة ديفيد ميليباند أن “شبكات الإمدادات داخل سوريا لا يمكنها ببساطة ملء الفراغ”.