علقت صحف عربية على زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى تونس وتصريحاته بعد الزيارة عن اتفاقه مع تونس على دعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في ليبيا.
وقد شددت الرئاسة التونسية على أن تونس “لم تدخل في أي تحالف أو اصطفاف على الإطلاق”، وقالت إن “التصريحات والتأويلات والادعاءات الزائفة” تصدر عن “سوء فهم وسوء تقدير”.
وفي وقت سابق، قدمت الحكومة الليبية، برئاسة فايز السراج، طلبا رسميا إلى تركيا للحصول على دعم في مواجهة قوات القائد العسكري خليفة حفتر.
“جنون التمدد”
يقول إميل أمين في جريدة “الشرق الأوسط” اللندنية: “من غير مداراة أو مواراة بات السؤال على الألسنة الشرق أوسطية منذ الأربعاء الماضي وغداة الزيارة غير المعلنة، التي دارت فعالياتها في الخفاء، إلا من مؤتمر صحافي لذر الرماد في العيون، والتي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بلاد الزيتون، هل باتت تونس منصة حرب في المواجهة مع ليبيا؟”.
ويضيف أمين: “يسعى أردوغان لأن يجعل من تونس خلفية وقاعدة لوجستية وممرا، وربما مستقرا لـ”الدواعش” الجدد، ومنها إلى طرابلس التي بات “الإخوان” و”الدواعش” يتحكمون في مصائر أهلها وأقدارهم”.
ويتساءل الكاتب: “هل أخطأت تونس باستقبالها المبشر بالعثمانية الثانية، ولهذا حاولت أن تنفي عنها أي تورط في الصراع الليبي، الذي بات مفتوحا على سيناريوهات عدة، ويكاد يمثل محفزا لحرب إقليمية كبرى ستكون بلا شك إيذانا بنهاية مرحلة الأردوغانية؟”.
وفي السياق ذاته، يرى عبد الرحمن الطريري في جريدة “عكاظ” السعودية أن: “الطموح العثماني في ليبيا والساعي بشكل رئيسي لتطويق مصر، يسعى للاستفادة من كون راشد الغنوشي [زعيم حركة النهضة التونسية] يملك الأغلبية في البرلمان التونسي، وخلت له الساحة بعد رحيل الباجي قائد السبسي”.
ويضيف الطريري: “جنون التمدد لأردوغان قد يكون هو الأمر الوحيد الذي قد يسقطه قبل نهاية ولايته في 2023، وعلى كثبان ليبيا الرملية”.
“الموازين الإقليمية”
ويقول أمين بن مسعود في جريدة “العرب” اللندنية إن “تركيا ترى أن الحل الأهم لإنقاذ حكومة السراج يكمن في الدفاع عن “شرعيته” في مؤتمر برلين والسعي إلى الوصول إلى تسوية سياسية تضمن للمجلس الرئاسي الاستمرار حتى وإن قبل بتنازلات هامشية، وهو ما سيسمح لتركيا لا فقط بحصة من الثورات الباطنية في المتوسط، بل أيضا في حصة معتبرة من كعكة إعادة الإعمار في ليبيا”.
ويضيف بن مسعود: “تحضر تونس كطرف وظيفي في المعادلة الليبية، حيث يسعى أردوغان إلى إحداث تعديل في موازين القوى الإقليمية والدولية الحاضرة في المؤتمر. فحضور تونس والجزائر وقطر لمؤتمر برلين، سيمكن تركيا من تعديل نسبي للموازين الإقليمية العربية في مقابل مصر والإمارات”.
ويتابع الكاتب: “ليس معنى ذلك أننا ضد حضور تونس مؤتمر برلين والدفاع عن مقارباتها في ليبيا، فعلى تونس أن تكون حاضرة وفاعلة، ولكن من واجبها أيضا أن تفهم الرهانات الإقليمية من استدعائها بعد النكوص، وأن تستوعب لعبة الأمم وأن تبني على أساسها استراتيجية ناعمة ومباشرة تدافع عن مصالح تونس وعن العمق الاستراتيجي التونسي في الجوار الغربي”.
“انتفاضة” البرلمان التونسي
أما محمد بسيوني فيقول في جريدة “الوطن” المصرية: “فجأة ركب أردوغان ووزيرا الخارجية والدفاع ورئيس المخابرات الأتراك طائرة وهبطوا في مطار تونس دون إذن أو ترتيب سابق والتقوا قيس سعيد، رئيس تونس، وقيادات الإخوان الذين عادوا بقوة للمشهد السياسي بعد الانتخابات الرئاسية التونسية”.
ويتابع بسيوني أن أردوغان ومسؤوليه: “خافوا من التوجه مباشرة لليبيا فأرادوا توريط تونس في الحرب المدمرة، فتدخل قوات تركيا تونس ومنها إلى ليبيا. إنها الورقة الأخيرة للجيش التركي المرعوب من مغامرة أردوغان، التي تهدد مستقبل الجيش وتركيا بالدمار. وفضح اللقاء والتواطؤ الإخواني مع المحتل التركي ضد تونس وليبيا معا، وأصبح كل الخونة وضح النهار”.
ويضيف الكاتب: “انتفض البرلمان والشعب التونسي الشقيق ضد التنسيق المحتمل بين تونس وتركيا، ورفضوا خطة البلطجة الأردوغانية ضد ليبيا وتونس، وفقد أردوغان الورقة الأخيرة لتبرير تدخله العسكري في ليبيا، وسوف يفقد إخوان تونس البقية الباقية من تأثيرهم على الأحداث، لعنة الله على الإرهابيين والله غالب”.