محتويات هذا المقال ☟
أنشأت شركتا “بايكار” التركية للصناعات الدفاعية والأوكرانية لتجارة الأسلحة (أوكرسبيتسيسكبورت)، شركة مشتركة للتعاون في مجال صناعة الأسلحة عالية الدقة وتقنيات الصناعات الفضائية.
وذكر بيان صادر عن لجنة الدفاع والأمن الوطنية الأوكرانية، السبت، أن “بايكار” التركية و”أوكرسبيتسيسكبورت” الأوكرانية، أسستا شركة لتنفيذ مشاريع مشتركة.
وأضاف البيان أن الشركتين تعتزمان التعاون في مجال صناعة الأسلحة عالية الدقة وتقنيات الصناعات الفضائية، وتبادل الخبرات للجمع بين القدرات الدفاعية لكلا البلدين وإنتاج أسلحة حديثة جديدة لجيشيهما.
وتابع البيان: “أحد المشاريع الأولى التي تعتزم الشركة تنفيذها، هو تطوير جيل جديد من الطائرات المسيّرة، القادرة على إجراء طلعات استكشافية تفصيلية وقضاء ساعات طيران طويلة، وشن هجمات دقيقة بأسلحة عالية الدقة”.
كما أكّد البيان على أن تركيا وأوكرانيا تمتلكان القدرة والخبرة اللازمة في المجال التكنولوجي، لإجراء تعاون وثيق وفعال. المصدر/A.A
الصناعات العسكرية التركية: طموح متصاعد تغذّيه السياسة
تبدي تركيا في الآونة الأخيرة اهتماماً غير مسبوق بالصناعات العسكرية. يظهر ذلك جلياً في ازدياد مشاريع هذه الصناعات، وفي الدعاية والتسويق لها تجارياً. وإن كانت دوافع بعض هذه البرامج سياسية، وتتعلّق أساساً بالخلاف مع الحليف الأميركي و«الناتو» عموماً، فإن حجمها الآخذ بالازدياد وتنوعها يؤشران على طموح متصاعد يبدأ بالطائرات المسيَّرة، ولا ينتهي بإنتاج الصواريخ.
«الجار السيّئ يدفع جاره إلى تملّك الأشياء». مثل شعبي شائع في تركيا، كثيراً ما يردّده الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في خطاباته، خصوصاً حينما يتطرّق إلى موضوع الصناعات الدفاعية، ليشير إلى أن رفض بعض الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، بيع تركيا العديد من الأسلحة، وفرض شروط قاسية على أنقرة، يدفع إلى العمل الدؤوب على تصنيع تلك الأسلحة بالإمكانات المحلية.
في السنوات القليلة الماضية، حقّقت الصناعات العسكرية التركية طفرات كبيرة، وتمكنت الشركات التركية من إنجاز العديد من المشاريع، إضافة إلى قطعها أشواطاً في مشاريع أعلنتها أخيراً. وارتفع عدد المشاريع في قطاع الصناعات الدفاعية في تركيا من 22، عام 2002، ليصل إلى 600 مشروع، بقيمة 60 مليار دولار.
الصواريخ
تُعدّ شركة «روكيتسان» المصنع الرئيسي للصواريخ التركية، وقد تأسست شركةً مساهمة عام 1988 بموجب قرار صادر عن اللجنة التنفيذية للصناعات الدفاعية. وكان أول مشروع لها تولي مهمة إنتاج منصات الإطلاق في مشروع «ستينغر» الأوروبي المشترك.
تصنع الشركة وتطوّر أنواعاً من الصواريخ والمقذوفات الموجهة ومنصات الإطلاق والنقل، وأنظمة التحكم عن بعد، وأنظمة التكامل مع منصات الإطلاق البرية والبحرية ووقود الصواريخ، إضافة إلى أنظمة إطلاق الأقمار الصناعية. واحتلت الشركة المرتبة الـ75 في قائمة أكبر 500 شركة في تركيا، وأدرجتها مجلة «ديفينس نيوز» في المركز الـ 96 في تقريرها السنوي الذي يضم أكثر من 100 شركة مرموقة في مجال الصناعات الدفاعية حول العالم. وتنتج الشركة منظومات صاروخية عديدة منها:
منظومة صواريخ «بورا» (BORA)، وهي صواريخ أرض ــ أرض متوسطة المدى (610 مم)، يبلغ مداها 280 كلم، وتستطيع حمل رؤوس حربية يصل وزنها إلى 450 كلغ، وتمتاز بدقة التوجيه. بدأ استخدامها عام 2017، وتعمل «روكيتسان» حالياً على إنتاج الجيل الثاني منها ورفع مداها إلى أكثر من 1000 كلم.
صواريخ «سوم» (SOM): صواريخ كروز (جو ــ سطح) متوسطة المدى، تُطلق من خلال طائرات مقاتلة (F-16 ،F-32) لتدمير الأهداف المعادية من دون دخول المجال الجوي للعدو، ولتدمير الأهداف البرية والبحرية الشديدة التحصين. يصل مداها إلى 185 كلم (وفق الموقع الرسمي لرئاسة الصناعات الدفاعية)، ويمكنها التخفي عن الرادارات. وتتميز بدقة التوجيه، ويمكن إعادة توجيهها بعد الإطلاق وتغيير الهدف أو تغيير زاوية إصابة الهدف نفسه. ويمكنها حمل رؤوس حربية خارقة للدروع يصل وزنها إلى 140 كلغ.
منظومة الدفاع الصاروخي البعيدة المدى «سيبر» (SİPER). أعلن أردوغان في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بدء العمل على إنتاجها كأول نظام دفاع جوي طويل المدى محلي الصنع، من دون الإفصاح عن مميزات المنظومة أو قدراتها.
ارتفع عدد المشاريع من 22، عام 2002، إلى 600 بقيمة 60 مليار دولار
ويشارك في إنتاج المشروع كل من هيئة الأبحاث العلمية والتكنولوجية «توبيتاك»، وشركتي «أسيلسان» و«روكيتسان»، ومن المتوقَّع الانتهاء من إنتاج النموذج الأولي عام 2021.
«حصار» (HİSAR): منظومة دفاع صاروخي أرض ــ جو قصيرة المدى، منخفضة ومتوسطة الارتفاع. طوّرتها شركتا «روكيتسان» و«أسيلسان» بغرض حماية القواعد العسكرية والموانئ والمواقع العسكرية الحساسة ضد أي تهديدات قادمة من الجو، وهي فعالة ضد صواريخ جو ــ أرض، والطائرات بلا طيار، والمروحيات.
راجمة الصواريخ «جوباريا» (jobaria)، طورتها شركة «روكيتسان» التركية بناءً على طلب من دولة الإمارات، وهي راجمة صواريخ متعددة المنصات من عيار 122 ملم. وأدرجتها موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية عام 2018 في تصنيف المركبات العسكرية، كأقوى راجمة صواريخ من عيار 122 ملم من حيث عدد الفوهات.
الطائرات المسيَّرة
تولي تركيا حديثاً اهتماماً كبيراً بالطائرات المسيّرة، حيث تُعَدّ الدرونز القادرة على حمل أسلحة، والتي يُطلق عليها الأتراك اختصاراً اسم «SİHA»، أبرز المنتجات الدفاعية التي حققت فيها تركيا نجاحاً خلال السنوات الخمس الماضية.
وكثيراً ما يشير أردوغان إلى أن رفض واشنطن بيعها الطائرات المسيّرة بحجّة رفض الكونغرس، هو ما دفَع أنقرة إلى العمل على إنتاج هذا النوع من الطائرات بنفسها والتفوّق فيه. ومن أبرز الطائرات بلا طيار التي تنتجها تركيا طائرة «ANKA» أو «العنقاء»، وهي طائرة استطلاع متوسطة الارتفاع من إنتاج شركة الصناعات الجوية والفضائية (تاي).
تتميز بقدرتها على التحليق لفترات طويلة والعمل في مختلف الظروف الجوية ورصد الأهداف الثابتة والمتحركة. وهي مزودة بأجهزة رصد ورؤية ليلية، ونظام ليزر لتحديد المسافات، إضافة إلى جهاز رادار من صنع شركة «أسيلسان». بدأ استخدام الطائرة عام 2010، ثم طُوِّرَت لاحقاً لتصبح قادرة على التحليق بارتفاعات أعلى تصل إلى 10 كلم، كذلك أصبحت قادرة على حمل أسلحة وإطلاق ذخائر ذكية من طراز «MAM-L»، عبر التحكم بالقمر الصناعي المحلي. وزُوِّدَت بقذائف «UMTAS» و«Cirit» من إنتاج شركة «روكيتسان» لصناعة الصواريخ.
ووقّعت تركيا اتفاقاً مع السعودية لبيعها طائرات «العنقاء» الاستطلاعية، ووقّعت أيضاً اتفاقاً مشابهاً مع مصر عام 2013، إلا أنه ألغي عقب تدهور العلاقات بين البلدين.
إضافة إلى ذلك، تقدم الصناعات الدفاعية التركية طائرة «بيراقدار تي بي 2» من إنتاج شركة «بايكار» لصناعة الطائرات المسيرة التي يرأسها سلجوق بيراقدار، صهر أردوغان. وتُصنف «بيراقدار بي تي 2» ضمن الطائرات التكتيكية، ويمكنها التحليق على ارتفاع 27 ألف قدم لمدة 24 ساعة كاملة. وهي مزودة بقذائف صاروخية بعيدة المدى مضادة للدبابات تزن 37 كلغ، في كل جناح.
ويمكن إطلاقها من ارتفاع يصل إلى 5 آلاف متر، وعلى بعد 8 كلم. يضاف إلى ذلك الطائرة الهجومية بلا طيار «أقينجي» (AKINCI)، التي تُعد من أهم المشاريع التي تعمل تركيا على إنجازها في مجال الطائرات بدون طيار المسلحة، وهي من إنتاج شركة «بايكار». ومن المتوقع أن تنفذ الطائرة أولى طلعاتها خلال العام الجاري، وأن تبدأ الخدمة في الجيش التركي عام 2020.
مشاريع طموحة
هذا بالإضافة إلى المروحيات والدبابات التي تصنّعها تركيا. وبالفعل، وُقِّعَت اتفاقات تصدير لها. ومنها مروحية «أتاك تي – 129» المتعددة المهمات، التي أبدت العديد من الدول اهتماماً بها، وطلبت شراءها من تركيا. ومنتصف العام الماضي، وقعت تركيا وباكستان اتفاقاً مبدئياً على شراء 30 مروحية هجومية، إضافة إلى 4 سفن حربية في صفقة تُعَدّ، إن تمّت، الأكبر في تاريخ الصناعات الدفاعية التركية، إذ تبلغ قيمتها أكثر من 1.5 مليار دولار.
إلا أن الصفقة أُجِّلَت حالياً بسبب رفض الجانب الأميركي، إذ يحتم الاتفاق المبرم بين تركيا والشركة الأميركية المصنعة للمحرك، على الجانب التركي، الحصول على إذن رسمي من الجانب الأميركي لإتمام أي عملية بيع للطائرات لجهات أو دول خارج تركيا.
وتروّج تركيا أنها تعمل على إنتاج مقاتلة محلية الصنع من الجيل الخامس تكون بديلاً من مقاتلات «إف 16» الأميركية التي يستخدمها الجيش التركي منذ عام 1988. وبدأ مشروع إنتاج الطائرة في منتصف العام الماضي. وكان فخر الدين أوزتورك، رئيس الإدارة الاستراتيجية والتكنولوجية في شركة «توساش» المنتجة للطائرة، قد أعلن أن المقاتلة «TFX» ستجري أولى طلعاتها التجريبية عام 2023، وأنّ من المتوقع أن تبدأ القوات المسلحة التركية استخدام المقاتلة المذكورة في الفترة ما بين عام 2028 وعام 2030.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، وقّعت شركتا «أسيلسان» و«توساش/تاي» (TAI) مذكرة تفاهم من أجل تبادل الأنظمة التكنولوجية المتعلقة بمشروع إنتاج المقاتلة، بينما أعلنت الشركة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي أن مشروع المقاتلة بلغ مرحلة اختبار نفق الرياح. وبخصوص محرك الطائرة، العنصر الأهم في إنتاج مماثل، عقدت تركيا اتفاقات مبدئية مع عدة جهات خارجية من أجل الحصول على المحرك، إلا أن رئاسة الصناعات الدفاعية التركية وقّعت اتفاقية تعاون مع شركة «TRMotor» التركية، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي لتطوير محرك للمقاتلة محلياً بدلاً من استيراده من الخارج.
ويُعد مشروع المقاتلة المحلية الصنع، إضافة إلى مشاريع يجري الحديث عنها كحاملة الطائرات (TCG Anadolu) وغواصة ونظام دفاع صاروخي بعيد المدى… أكثر مشاريع الصناعات العسكرية طموحاً، لكنها تحتاج إلى وقت لاتضاح مدى جديتها والقدرة على ترجمتها، ولا سيما بشكل مستقل، خصوصاً مع حساسية إنجازات مماثلة تنعكس على استقلال القرار التركي والثقل السياسي للبلاد.