محتويات هذا المقال ☟
سلطنة عمان ارسال طائرات جاكوار متقاعدة الى الهند للحفاظ على تحليق الطائرات
في خطوة تجسد التحديات اللوجستية لصيانة الطائرات الحربية القديمة، من المقرر أن تتسلم القوات الجوية الهندية دفعة من طائرات الهجوم الأرضي . من طراز SEPECAT Jaguar المتقاعدة من القوات الجوية السلطانية العمانية .
ولن يتم إعادة هذه الطائرات للتحليق، بل سيتم تفكيكها منهجياً لاستعادة المحركات والهياكل والمكونات الحيوية. ويهدف هذا النقل بشكل مباشر إلى دعم أسطول جاكوار الهندي والحفاظ على أسرابه الستة في حالة تشغيلية، في وقت يتقلص فيه الدعم العالمي لهذا الطراز الذي توقف إنتاجه منذ عقود.
تعكس هذه الصفقة استراتيجية هندية راسخة لإدارة عمر الأسطول ، حيث تتحول الطائرات المتقاعدة . من مشغلين سابقين إلى مخزون استراتيجي لقطع الغيار.
ومع تراجع الشركات المصنعة الأصلية عن دعم المنصات القديمة، أصبحت هذه الطريقة حيوية لاستقرار سلاسل التوريد وإدارة تكاليف الصيانة.
ويوضح تحليل خلفية أسطول عمان سبب كون هذه الصفقة معقدة أكثر من مجرد نقل طائرات: فقد امتلكت عمان في الأصل 27 طائرة جاكوار، لكنها فقدت 13 منها في حوادث أثناء سنوات خدمتها.
لذلك، فإن الحديث عن “أكثر من 20 طائرة” يشير إلى القيمة التراكمية لقطع الغيار التي يمكن استردادها . من الهياكل المتبقية – حتى تلك التي لحقت بها أضرار – وليس إلى عدد الطائرات السليمة القابلة للطيران.
لماذا تعتمد الهند بشكل عاجل على طائرات جاكوار المستعملة؟
إن الحاجة الملحة للهند للحصول على هذه القطع الغيار تنبع من واقع تشغيلي صعب. يتميز بنقص في المقاتلات الحديثة واعتماد مستمر على أسطول قديم.
- فجوة في أسراب المقاتلات : تواجه القوات الجوية الهندية ضغوطاً تشغيلية هائلة. يقدّر أن لديها حاجة مخططة لـ 42 سرباً من المقاتلات . لمواجهة التهديدات الإقليمية، لكنها تعمل حالياً بـ 29 سرباً فقط، وهو أصغر أسطول قتالي لها منذ 1962. وفي هذا السياق، يصبح الحفاظ على كل طائرة قادرة على الطيران أمراً حيوياً.
- سجل حوادث مقلق : تكشف البيانات عن سجل سلامة جوي متدهور للقوات الجوية الهندية بشكل عام. حيث فقدت أكثر من 534 طائرة من مختلف الأنواع في العقود الثلاثة الماضية. ويبرز طراز جاكوار ضمن هذا السجل، حيث فقدت الهند ما لا يقل عن 50 طائرة جاكوار في حوادث على مر السنين. مع وقوع ثلاث حوادث هذا العام وحده (2025). غالباً ما تُعزى هذه الحوادث إلى أعطال فنية أو مشاكل في المحرك، مما يسلط الضوء على الحاجة الماسة لقطع غيار موثوقة.
- تأخر برامج الاستبدال : تواجه البرامج المحلية مثل مقاتلة “تيجاس” Mk2، المصممة جزئياً لتحل . محل الجاكوار، تأخيرات متكررة. كما أن مسابقة “المقاتلة متعددة المهام” (MRFA) لشراء 114 مقاتلة جديدة لا تزال عالقة في ممرات البيروقراطية. وهذا الجمود يجبر القوات الجوية على الاستثمار في إطالة عمر الطائرات الحالية.
من عمان إلى الهند: تاريخ من التعاون في دعم أسطول الجاكوار
ليست صفقة عمان هي الأولى من نوعها؛ بل هي حلقة في سلسلة من الترتيبات المماثلة . التي تتبعها الهند للحفاظ على أسطولها الفريد.
- سابقة فرنسية : في الفترة 2018-2019، حصلت الهند على 31 هيكل طائرة جاكوار وقطع غيار من فرنسا، التي كانت قد أخرجت طائرتها من الخدمة عام 2005. في تلك الصفقة. دفعت الهند فقط تكاليف النقل، بينما قدمت فرنسا الطائرات والمكونات دون مقابل مادي. وفر هذا كنزاً من قطع الغيار للمحركات والأنظمة الميكانيكية.
- هدف الصفقة الحالية مع عمان: كما هو الحال مع الصفقة الفرنسية، ستفكك الطائرات القادمة من عمان ويتم شحنها كقطع غيار.و سيركز الجهد الهندي على استعادة محركات Adour التوربينية (المطورة من قبل رولز رويس وتوربوميكا). والعناصر الهيكلية الحيوية.ومكونات أنظمة إلكترونيات الطيران المتطورة التي تم ترقيتها محلياً. سيتم بعد ذلك توزيع هذه الأجزاء. المجددة على وحدات الصيانة لدعم الستة أسراب العاملة، المنتشرة في قواعد مثل أمبالا وجمناجار.
- التصنيع المحلي والترقيات : من المهم التمييز بين هذه القطع الغيار والترقيات العميقة التي تخضع لها طائرات الجاكوار الهندية. عبر برنامج DARIN III . ، تقوم الهند بتركيب رادارات مصفوفة مسح إلكتروني نشط (AESA) جديدة، و قمرة قيادة زجاجية كاملة، وأنظمة ملاحة وهجوم متطورة.
وتساعد قطع الغيار المستعادة في الحفاظ على صلاحية الطائرات الأساسية، بينما تضيف. هذه الترقيقات قدرات قتالية جديدة.
المشهد الجيوسياسي وردود الفعل
في حين أن الصفقة ذات طبيعة تقنية وصيانة في جوهرها، إلا أن لها صدى في المشهد الجيوسراتيجي الأوسع.
حيث أعربت باكستان ، المنافسة الإقليمية الرئيسية للهند، عن موقفها بشكل دبلوماسي.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية أن هذه الطائرات “غير قابلة للتشغيل” وأن التبادل بين عمان والهند هو أمر ثنائي. وأضاف أنه إذا استدعى الوضع أي قلق، فسيتم مناقشته مباشرة مع مسقط. يعكس هذا الرد الاعتراف بالعلاقات الأخوية القوية بين باكستان وعُمان، وفهم الطبيعة اللوجستية للصفقة أكثر من كونها تعزيزاً عملياتياً مباشراً للهند.
صفقة طائرات الجاكوار بين عُمان والهند ليست مجرد نقل لمعدات عسكرية قديمة، بل هي مؤشر واضح على الاستراتيجيات المعقدة التي تتبناها القوات الجوية لإدارة فجوات القدرات في ظل قيود الميزانية والزمن .
وتوضح هذه الخطوة كيف يمكن للدبلوماسية الدفاعية والتعاون بين الدول أن يوفر حلاً عملياً لمشكلة شائعة تتمثل. في صيانة الطائرات المتقاعدة . وبالنسبة للهند، تمثل هذه القطع الغيار “شريان حياة” مؤقتاً يمكّنها من الحفاظ على قدرة هجوم أرضي مهمة حتى تصل المقاتلات الجديدة، سواء كانت محلية الصنع أو مستوردة.
إلى خطوط الإنتاج التشغيلية بأعداد كافية. يعكس هذا الجهد المستمر لتمديد عمر الجاكوار حتى منتصف . القرن الحادي والعشرين التحدي العالمي الأوسع المتمثل في مواءمة القدرات العسكرية القديمة مع متطلبات الحروب الحديثة ، وهي معادلة تواصل الهند العمل على حلها.
الموقع العربي للدفاع والتسليح | Facebook