تحركات أميركية في الشمال السوري لتقويض التقارب مع تركيا

كشف مسؤول كردي عن وصول وفد أميركي إلى شمال شرقي سوريا آتياً من تركيا عبر إقليم كردستان العراق في إطار جهود تبذلها الخارجية الأميركية للتهدئة في المنطقة وتوفير أرضية لذلك.

وبحسب قيادي في المجلس الوطني الكردي، فإن الممثل الأعلى للخارجية الأميركية في شمال وشرق سوريا نيكولاس غرينجر وصل إلى المنطقة، السبت السابع من يناير (كانون الثاني) الحالي، للقاء أطراف مختلفة.

وصرح مصدر مسؤول في الخارجية الأميركية إلى “اندبندنت عربية” بأن الولايات المتحدة حافظت منذ بداية الصراع في سوريا على اتصالات منتظمة مع الشركاء على الأرض، وإن نيكولاس غرينجر، بصفته الممثل الأعلى لشمال شرقي سوريا، يخلف كلاً من ماثيو بيرل وديفيد براونستين والسفير ويليام روبوك في الحفاظ على هذه الشراكات، وإن هذه الاجتماعات هي جزء من هذا التواصل المنتظم.

وفي خصوص الجهود الأميركية من أجل خفض التصعيد الذي شهدته المنطقة جراء هجمات تركية جوية على مرافق ومواقع مختلفة في شمال سوريا وشرقها، قال المصدر، “نستمر في التوضيح بشكل خاص وعام أننا نعارض بشدة العمل العسكري بما في ذلك التوغل البري الذي من شأنه أن يزيد من زعزعة استقرار حياة المجتمعات في سوريا ويخاطر بالتقدم الذي أحرزه التحالف الدولي ضد داعش. وأبلغنا تركيا وشركاءنا السوريين المحليين بمخاوفنا الجادة حيال تأثير التصعيد في أهدافنا لهزيمة داعش وفي المدنيين على جانبي الحدود”.

وتأتي زيارة غرينجر في وقت تشهد الساحة السياسية وساطة روسية بغية تحقيق التقارب ما بين النظام السوري وتركيا في ظل حديث عن قرب اجتماع لوزراء خارجية البلدان الثلاثة لتحقيق عملية تطبيع مرتقبة بين أنقرة ودمشق، بينما كرر المصدر الأميركي موقف بلاده الرافض بقوله “سياستنا لم تتغير ولن نطبع ولا نؤيد تطبيع الدول الأخرى مع النظام”.

وأضاف، “مع استمرار معاناة الشعب السوري منذ ما يقرب من 12 عاماً من الحرب، يظل دعمنا لحل سياسي بقيادة سورية بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ثابتاً”، مردفاً “يجب على أي أحد يتعامل مع النظام أن يسأل كيف يمكن لتعامله أن ينفع الشعب السوري ويسهم في تنفيذ قرار مجلس الأمن. سنواصل العمل مع الحلفاء والشركاء والأمم المتحدة لضمان حل سياسي دائم”.

 

بعيداً من الحلول العسكرية

وفي مدينة القامشلي استهل غرينجر لقاءاته باجتماع، أمس الأربعاء، مع الرئيس المشارك لدائرة العلاقات الخارجية جيا كرد وناقش الطرفان التطورات الأخيرة على الساحة السورية، لا سيما التقارب السوري -التركي، وبحسب دائرة العلاقات الخارجية فإن جيا كرد أكد لضيفه الأميركي أن الحل السياسي سيكون شاملاً وبتوافق سوري بكل أطيافه “من دون فرض أجندات سياسية خارجية تبعاً لمصالح غير السوريين”، مضيفاً أنه “لا يجوز لبعض القوى الإقليمية أن توجه الملف السوري بحسب ما ترتئيه، بل يجب تشجيع المسار الأممي الشامل مع إعادة النظر في الآليات المتبعة التي وصلت إلى طريق مسدود حتى الآن”.

من جهته أكد الدبلوماسي الأميركي أن موقف بلاده واضح إزاء الحل السياسي بضرورة أن يتم بالتوافق في ما بين السوريين، والعمل وفق القرار الأممي 2254 مع التشديد على التغيير السياسي في مواقف النظام السوري.

وفي الاجتماع ذاته بحث الطرفان التهديدات التركية باجتياح المنطقة المتزامنة مع نشاط خلايا تنظيم “داعش”، وفي هذا السياق شدد جيا كرد على أن التهديد التركي مستمر وقصفه لأهداف مدنية يتواصل، معتبراً أن حجة تركيا بحماية أمنها القومي من التهديد “افتراء ولا يمت للحقيقة بصلة وأن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لم تقم يوماً بأي عمل عسكري داخل تركيا، على عكس أنقرة التي ترتكب يومياً انتهاكات”.

أما الجانب الأميركي، فشدد على ضرورة البحث عن الحلول المستدامة في المنطقة وتوفير الأرضية اللازمة بين أطراف النزاع بعيداً من الحلول العسكرية، مؤكداً على “بذل قصارى الجهد للحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها لكي نتمكن من هزيمة داعش بشكل مستدام”.

غرينجر التقى أيضاً المجلس الوطني الكردي، وهو إطار كردي مؤلف من عدد من الأحزاب يعارض الإدارة الذاتية ويخوض منذ ثلاثة أعوام عملية تفاوضية معها من أجل الوصول إلى شراكة في الحكم برعاية كل من “قسد” والولايات المتحدة الأميركية، وبحث الطرفان التطورات السياسية الأخيرة في المنطقة، فيما لم تصدر تفاصيل محددة عن الاجتماع لأسباب أمنية.

دعم أميركي لمنظمات المجتمع المدني

وخلال مؤتمر لتحالف منظمات المجتمع المدني في شمال شرقي سوريا الذي يضم نحو 180 جمعية ومنظمة مدنية محلية ويعقد يومي الأربعاء والخميس، أكد غرينجر دعم بلاده لهذه المنظمات باعتبارها “تعزز قيم الديمقراطية والمشاركة المدنية والحوكمة الشاملة التي تساعد في إيجاد حل سياسي دائم في سوريا وفق القرار الأممي 2254”.

وذكر غرينجر عدداً من المشاريع والأعمال التي تدعمها بلاده في شمال شرقي سوريا من خلال منظمات المجتمع المدني كبرامج التعافي المبكر وتحقيق الاستقرار وتأمين سبل العيش وغيرها من المشاريع في المناطق الخارجة حديثاً من سيطرة تنظيم “داعش”.

عمل مشترك سوري – سوري

وتزامناً مع الحراك السياسي لتأمين تقارب بين النظام السوري وتركيا، زار وفد من التحالف السوري الوطني الذي تأسس عام 2020 مؤلف من عدد من النشطاء والتيارات السياسية المعارضة في الداخل والخارج، مناطق شمال وشرق سوريا.

وخلال مؤتمر صحافي عقده أمين عام التحالف آرام دوماني مع الرئيسة المشاركة لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد) أمينة عمر، الثلاثاء، في القامشلي كشف الطرفان عن وجود نقاط ورؤى مشتركة وأنهما بصدد القيام بعمل مشترك خلال الفترة المقبلة وأن عدداً من اللجان المشتركة ستتشكل بين الطرفين في إطار السعي إلى إيجاد حل لأزمة البلاد.

وقال دوماني لـ”اندبندنت عربية” إن “عدداً من النقاط المشتركة تجمعهم مع مسد، بخاصة أهداف الثورة السورية وثوابتها وكذلك الرؤية المشتركة تجاه شكل النظام في سوريا المتمثل في اللامركزية والتعددية، إضافة إلى الحفاظ على حقوق جميع مكونات الشعب السوري وحمايتها، لأن هناك بعض الأطراف المعارضة التي تدعي أنها تمثل الشعب السوري لا تعترف بحقوق هذه المكونات”.

وأضاف دوماني الذي كان يقف على منصة تحمل علم “الثورة السورية ذا النجمات الثلاث الحمراء” وشعار التحالف السوري ومجلس سوريا الديمقراطية، أنهم مع حقوق جميع مكونات الشعب السوري، خصوصاً المكون الكردي الذي اعتبره مكوناً سورياً أصيلاً وأنهم مع حقوقه الثقافية والاجتماعية والفكرية والسياسية.