تجدد العنف القبلي في مالي و مصرع 14 شخصاً

قتل 14 شخصا أمس الخميس في هجوم على قرية في وسط مالي غالبية سكانها من قومية الفولاني، وفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، فيما يبدو أنه جولة جديدة من العنف العرقي.

والحصيلة التي أوردتها الأمم المتحدة تخفض عدد القتلى من 15 كما نقلت فرانس برس سابقا عن مسؤول أمني.

ووفقاً للتقرير الأممي، هاجم مسلحون يقودون دراجات نارية ويرتدون زي الصيادين التقليدي المعروف باسم دوزو قرية سيبا في الساعات الأولى من صباح الخميس.

وعمد المسلحون إلى إطلاق النار على القرويين من بنادق الصيد ثم اضرموا النيران في منازلهم وسرقوا ماشيتهم، ما أدى إلى مقتل 13 رجلا وفتاة وإصابة شخصين بجروح.

وقال المسؤول الأمني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن بعض الضحايا ذبحوا وهم نيام.

وأفاد مدرس محلي لفرانس برس أن القرويين الذين بدا عليهم الهلع قاموا بدفن قتلاهم أمس الخميس.

وأشار التقرير إلى التوترات المستمرة بين سكان قرية سيبا، الذين ينتمون في الغالب الى قومية فولاني، وقرية سيندا المجاورة، التي تسكنها غالبية من قومية دوغون.

ونقل التقرير عن مصادر محلية أن بعض القرويين من قرية سيندا تعرضوا الأربعاء لسرقة مواشيهم في حادث تم تحميل مسؤوليته إلى أشخاص من الفولاني.

الصورة:

ومؤخرا تزايدت المواجهات الدامية بين الفولاني والجماعتين العرقيتين الاخريين بامبارا ودوغون.

وقتل نحو 160 شخصا من قومية الفولاني في شهر مارس العام الماضي في أوغوساغو بالقرب من الحدود مع بوركينا فاسو، وفي يونيو الماضي قتل 75 من الدوغون المعروفين بأنهم يستوطنون قرى معينة.

ومنذ أغسطس شهدت البلاد بعض الهدوء في العنف العرقي بعد التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفولاني والدوغون.

**لماذا “الدوغون” و”الفولان”؟

تتعايش العرقيتان منذ قرون في مالي، و”الدوغون” في معظمهم مزارعون يسيطرون على السهول، فيما “الفولان” رعاة، ولطالما ربطت بين العرقيتين علاقات تجارية تفرضها أنشطتهما، لكن ذلك لم يمنع وقوع نزاعات بين الجانبين حول نقاط المياه والموارد الطبيعية. 

غير أن الصراع لم يبلغ ذروته إلا في 2015 بسبب تنامي التطرف، بظهور ما يعرف بـ”كتيبة ماسينا” بقيادة الداعية أمادو كوفا، وفي الأثناء، بدأ المتشددون يتهمون بعض أفراد عرقيتي “الدوغون” و”البامبارا” بالتعاون مع القوات المسلحة، لتبدأ بذلك عمليات تصفيتهم.

إبراهيم يحيى إبراهيم، المحلل بمجموعة الأزمات الدولية، عقب على الأزمة قائلا، إن “المليشيات اعتبرت أن كل فرد من عرقيتي الدوغون والبامبارا كان متورطا في الوشاية بها لدى القوات المسلحة، ولذلك فتحت المجال أمام الفولان لشن هجمات انتقامية ضدها”.

وأضاف إبراهيم، في حديث لإعلام فرنسي: “اليوم، بات الوضع مكبلا بالخوف والرعب النابعين من الوضع القائم، فكل عرقية مسكونة بهاجس من يهجم أولا، أو كيف تنتقم، كما أن الأمر تحول في جزء منه إلى نوع من أعمال العصابات رغبة في الاستيلاء على الأراضي”. 

أين القوات العسكرية؟

قبل الحديث عن القوات المسلحة لمالي، لا بد من التطرق أولا إلى القوات الأممية “مينوسما” المنتشرة في البلاد منذ 2013، أي عقب سقوط الشمال تحت سيطرة المجموعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم “القاعدة”. 

فرغم أن “المينوسما” تضم أكثر من 15 ألف عسكري وشرطي، إلا أنها عجزت عن احتواء العنف، والتصدي للمليشيات، وذلك بسبب المعارضة الشعبية التي تواجهها، ما يجعلها أكثر البعثات الأممية لحفظ السلام كلفة للأرواح البشرية، بـ195 قتيلا في صفوفها في 5 سنوات، بينهم أكثر من 100 قضوا في أعمال عدائية. 

وما يعقد مهمة البعثة الأممية أكثر هو أنها لا تستطيع الاعتماد على القوات النظامية في مالي، بسبب قدرات الأخيرة المحدودة، في وقت تعجز فيه باماكو عن توفير ميزانية بأكثر من 15% لهذه القوات. 

الخبير المالي تطرق إلى نقطة أخرى، وهي أن “الهجمات عادة ما تحدث بشكل متزامن، أي أنها يمكن أن تستهدف العديد من القرى المنتشرة على عشرات الآلاف من الكيلومترات المربعة في آن واحد، ما يجعل من الصعب على القوات العسكرية التواجد في جميع المسارح دفعة واحدة”.

وفي 16 مايو/أيار الماضي، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) تسجيل “488 قتيلاً على الأقل” جراء هجمات استهدفت الفولاني في منطقتي موبتي وسيغو بوسط البلاد منذ كانون