محتويات هذا المقال ☟
دستور الصين ينص على أن الهوية الصينية مقدمة على الهوية الدينية، ومن يرفض هذه الحقيقة فقد استحق غضب الدولة. ولما كان المسلمون هم الأشد تمسكًا بتقديم هويتهم الدينية على ما سواها من هوّيات قومية، فقد نالهم النصيب الأكبر من العذاب، خاصةً أن عددهم البالغ 130 مليونًا لا يمثل سوى 1.7% من تعداد الصين البالغ 1.3 مليار نسمة.
كيف تعلم الصين أبناءها؟
يدخل تلك المعتقلات كل من هو مسلم بدايةً، خاصةً إذا كان يصلي بانتظام أو له لحية أو يتلقى اتصالات هاتفية من أقاربه من خارج الصين. كما ينال الاعتقال كل من يحمل صورًا لآيات قرآنية على هاتفه، أو يصلي الجمعة خارج بلدته، أو يطلق على أولاده أسماء إسلامية.
كما دخلها الأئمة الذين رفضوا الرقص في منتزه الحضارة في أورومتشي حين جمعتهم سلطات شينجيانج، وأجبرتهم على ذلك قائلةً لهم إن الله لا يعطيهم رواتبهم بل الدولة هى التي تفعل، لذا فعليهم الرقص وترديد عبارات الشكر للحزب الشيوعي. في البداية يطلب منهم مسئولو المعسكر التنصل من كل معتقداتهم الإسلامية، سب معتقداتهم وأهلهم، وأخيرًا يطلبون منهم تقديم الشكر للحزب الشيوعي الحاكم. بجانب هذا يُجبر المسلمون على دراسة الدعاية الشيوعية كمحاولة لمحو معتقداتهم الإسلامية وإعادة تشكيل هوياتهم. من يرفض القيام بأي مما سبق يجبر بالقوة على شرب الكحول وأكل لحم الخنزير عقابًا له.
الصين: إما الاندماج أو الموت
محاولات الصين لطمس الهوية الإسلامية عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر قرارات منطقة «نينغشيا» ذاتية الحكم في شمال غرب الصين. المنطقة حظرت على المحال التجارية كتابة «حلال» باللغة العربية فوق المنتجات. كما فرضت على سكانها تغيير أسماء المحال والأكشاك من العربية إلى الصينية، وأجبرتهم على بيع الخمور والسجائر وعرضها في مكان بارز داخل محالهم. كما طال الأمر شكل المساجد خاصةً والعمارة الإسلامية عامةً، إذ قررت السلطات مزج العمارة
الإسلامية بالشكل التقليدي للعمارة الصينية بهدف توحيد الأجواء المعمارية.كما أن لجوء الصين لمعسكرات الاعتقال والتعذيب ليس قرارًا متهورًا أو جديدًا، بل هو سمة مميزة لحكم شى، وسلفه ماو . كلاهما اتخذ من معسكرات الاعتقال وسيلةً لحل مشاكل الاختلاف الثقافي سواء مع المسلمين خاصةً أو مع من ينتقد الشيوعية عامةً. كذلك من الصعب للغاية الحصول على إحصائيات دقيقة توضح عدد معسكرات الاعتقال أو عدد من فيها نظرًا لتهرب الصين المستمر من الإقرار بدايةً بوجود هذه المعتقلات، وصولًا إلى تقديم بيانات حقيقية حولها.في يونيو/حزيران 2017 قادت الدولة دراسةً شملت 588 معتقلًا، خلصت الدراسة إلى أن جميع المعتقلين لم يعرفوا خطأهم الذي دفع الدولة إلى اعتقالهم لكن بعد إرسالهم للمعتقلات تعلّم 98.8% أخطاءهم التي من أجلها استحقوا هذا العقاب. لذا، فالصين لا تبدو راغبةً في التخلص من معسكراتها، إذ تراها علاجًا ناجعًا ودائمًا للاختلافات الفكرية.
الصين: سجن المسلمين الكبير
قد تكون الصين قد احتجزت مليونًا في مكان واحد، إلا أنها بالفعل تضع 130 مليون مسلم صيني تحت الاحتجاز النفسي. إذ يُجبر مسلمو الصين على تثبيت تطبيقات تجسس على هواتفهم تسمح للسلطات بمراقبة نشاطهم. كما لا تملك الأسر حق الاعتراض على وجود ضابط صيني فرض نفسه عليهم في منزلهم، يقيم الضابط معهم إلى أن يشاء، وعليهم في تلك الأثناء ممارسة حياتهم بشكل عادي تحت سمع وبصر السلطات.
وكما أن المعتقلات الحالية تُعد نسخةً أكبر مساحةً وأشد عذابًا من معتقلات العام الماضي، فإن من المتوقع أن تستمر في التوسع لعدم وجود أي إجراءات قضائية أو أوراق قانونية تحدد ماهية تلك المعسكرات أو الهدف منها أو قواعدها أو على الأقل من يجب وضعه فيها ومن لا يجب.