أزمة مصرية أمريكية بسبب سوخوي 35 ..ومصريين للسيسي كن كأردوغان !

تلوح في الأفق أزمة سياسية بين القاهرة وواشنطن؛ بسبب غضب الإدارة الأمريكية من اتفاق مصر على شراء طائرات روسية مقاتلة من طراز “سوخوي 35″، وتهديدها بفرض عقوبات، لم تحددها، على مصر إن هي أنهت هذه الصفقة.

وتعد هذه من المرات النادرة التي يتعرض فيها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا التهديد الأمريكي العلني منذ وصول ترامب للسلطة، وما أظهره من دعم واضح للسيسي.

وترفض الولايات المتحدة من حيث المبدأ شراء دول كمصر وتركيا والهند أسلحة روسية متطورة، مثل طائرات “سوخوي 35” أو أنظمة الصواريخ إس 400.

وأثارت هذه الأزمة تساؤلات حول ما إذا كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب ستفرض عقوبات قوية على مصر، وتطبق عليها قانون “مكافحة خصوم الولايات المتحدة، من خلال العقوبات” الذي فرضت بموجبه عقوبات على تركيا بعد أن اشترت منظومة صواريخ الدفاع الجوي الروسية إس 400، أم ستكتفي بالحصول على تنازلات سياسية في ملفات أخرى مقابل التغاضي عن هذه الصفقة.

وكانت صحيفة “كوميرسانت” الروسية كشفت، في وقت سابق، عن شراء القاهرة أكثر من 20 مقاتلة من طراز “سوخوي 35″، بالإضافة إلى أسلحة أخرى بقيمة ملياري دولار، مشيرة إلى أن توريد المقاتلات سيبدأ في عام 2020 أو 2021، لتكون من أضخم صفقات التسليح التي تنفذها مصر.

وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، فقد أرسل وزيرا الدفاع والخارجية الأمريكيان برسالة إلى وزير الدفاع المصري، مفادها أن إبرام هذه الصفقة قد يتسبب في فرض عقوبات على مصر، ويؤثر على اتفاقيات التعاون في مجال الدفاع مستقبلا بين الولايات المتحدة ومصر وعلى المساعدات لمصر”.

خط أحمر

وبينما لم يصدر أي رد مصري رسمي حتى الآن على التهديدات الأمريكية، نقلت صحيفة “ديلي نيوز” المصرية عن مسؤول مصري “رفيع المستوى”، لم تسمه، قوله إن “مصر دولة مستقلة ذات سيادة، ولا تتلقى أوامر من دول أخرى فيما يتعلق بسياساتها الداخلية أو الخارجية، مشيرا إلى أن مصر تتبع سياسة تنويع مصادر السلاح في الفترة الأخيرة.

وقلل المسؤول من أهمية التهديد الأمريكي، قائلا إنه يجب عدم أخذه على محمل الجد، مؤكدا أن الصفقة مستمرة، ولن يتم إيقافها تحت أي ظرف، وأن مصر لن تسمح لأي جهة بالتدخل في شؤونها أو انتهاك سيادتها التي تعد خطا أحمر.

ونقلت وكالة “نوفوستي” الروسية عن مدير مركز تحليل تجارة الأسلحة العالمي إيغور كوروتشينكو، قوله إن مصر أحد المستوردين الرئيسيين للأسلحة الروسية، وأنا متأكد من أن مصر لن تستسلم للابتزاز الأمريكي، وستشتري مقاتلات “سوخوي-35″، التي تعد واحدة من أفضل المقاتلات في العالم”.

“ليس لديهم عزيز”

وتعليقا على هذا الموضوع، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، محمد حسن، إن قرار تنويع مصادر السلاح هو قرار محترم وصحيح مئة بالمئة، ويمثل تجسيدا للسيادة الوطنية المصرية.

وأشار حسن، في تصريحات صحفية ، إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تتحدى فيها مصر الولايات المتحدة، حيث سبق أن قامت بتنفيذ صفقة للحصول على صواريخ من كوريا الشمالية، رغم خرقه لحظر تصدير السلاح الذي تفرضه واشنطن على بيونغيانغ.

وأوضح أن هذه الصفقة المرتقبة تتماشى مع سياسة مصر في السنوات الأخيرة الخاصة بعد الاعتماد على مصدر واحد فقط، ليس فقط في مجال التسليح، بل أيضا في مجال التجارة والاستثمار، كما أن مصر اشترت بالفعل أسلحة متطورة من ألمانيا وفرنسا والصين.

وحول تأثر القرار الأمريكي بالصداقة والتفاهم الكبير بين السيسي وترامب، قال التحقيق الذي يجريه الكونجرس لعزل ترامب سيحدد بنسبة كبيرة رد فعل الرئيس الأمريكي في هذه الأزمة، لكن في كل الأحوال، فالقاعدة الثابتة هي أن الأمريكيين ليس لديهم عزيز.

وأشار إلى هناك جهات أخرى تشارك في حكم أمريكا، على رأسهم أباطرة الصناعة العسكرية والبنتاجون ورجال الأعمال، الذين يضغطون للحفاظ على مصالحهم، وهناك أيضا اللوبي اليهودي الذي لا يريد لمصر تنويع مصادر السلاح؛ حتى يسهل التحكم في قرارها.

“كن كأردوغان”

من جانبه، قال الباحث المتخصص في الشأن الأمريكي، شريف فهمي، إن تهديد واشنطن لمصر يعد استمرارا لسياستها الساعية إلى فرض إرادتها على الدول الحليفة، وتأمين مصالحها، اعتمادا على المعونة التي تمنحها لها.

وحول إمكانية استغلال هذه الأزمة في ابتزاز مصر والحصول منها على تنازلات في ملفات أخرى، لم يستبعد فهمي هذا الطرح، مشيرا إلى وجود العديد من الملفات المفتوحة التي ترغب واشنطن في الحصول على تأييد مصري بها، مثل المواجهة مع إيران، وصفقة القرن، والأزمة السورية.

وعن توقعاته لتطورات هذه الأزمة، قال إن أمريكا سبق أن تغاضت قبل عامين عن صفقة الصواريخ الكورية الشمالية التي تمّ ضبطها قبل وصولها إلى مصر، لكنها لن تترك هذه الصفقة تتم دون عقاب، موضحا أن موقف السيسي من هذه الأزمة يصعب التنبؤ به، فهو قد يضحي بالمعونة الأمريكية تماما، وقد يرضخ للتهديدات الأمريكية.

ولفت إلى أن القرار النهائي سيتوقف على عدة عوامل، من بينها مدى جدية ترامب في معاقبة مصر، بالإضافة إلى عوامل داخلية وخارجية، مشيرا إلى أن أمريكا عاقبت تركيا بقوة عند شرائها منظومة الصواريخ الروسية إس 400، على الرغم من أهميتها الاستراتيجية لواشنطن، وعلى الرغم من عضويتها في حلف الناتو، لكن هذه العقوبات لم تمنع أنقرة من إتمام الصفقة وتحدي واشنطن.

وأضاف: أوجه حديثي للسيسي، وأقول له: “خذ من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قدوة لك، ولا تتراجع عن القرار، أيا كانت قوة التهديدات الأمريكية.