أسلحة بيولوجية تستهدف الأفراد على أساس عرقي

حذر تقرير لجامعة كامبريدج من أنه يمكن بناء أسلحة بيولوجية تستهدف الأفراد على أساس عرقي، بناء على الحمض النووي الخاص بهم، وفقا لما ذكرت صحيفة “التلغراف” البريطانية الثلاثاء.

وقال باحثون من مركز كامبريدج لدراسة المخاطر الوجودية في بريطانيا إن الحكومة فشلت في الاستعداد لـ”مخاطر كارثية يحركها الإنسان” يمكن أن تؤدي إلى أذى جماعي وانهيار اجتماعي.

وفي السنوات الأخيرة، فتح التقدم الكبير في علوم الهندسة الوراثية والذكاء الصناعي والتكنولوجيا الباب أمام مجموعة من التهديدات الجديدة للمجتمعات في أكثر من مكان في العالم.

وفي تقرير جديد دعا خبراء وعلماء أصحاب القرار إلى “حماية مواطنيهم” والبدء في الاستعداد لظهور أوبئة مدمرة استنادا إلى الهندسة الحيوية أو برمجة أجهزة بأنظمة ذكاء صناعي قد يتم فقدان السيطرة عليها.

وعبر معدو التقرير عن بعض مخاوفهم من تطور الهندسة الوراثية بحيث “يمكن للأيدي الشريرة (كما فعلوا من قبل) تطوير مسببات الأمراض والسموم لتنتشر في الهواء والغذاء ومصادر المياه”.

وأضاف التقرير: “لقد أصبحت التكنولوجيا متطورة بشكل متزايد وبأسعار أرخص من أي وقت مضى، مما أدى إلى تعاظم القدرة على إلحاق الأذى بسرعة أكبر وبشكل قاتل بالكثير من البشر”.

وتحدث التقرير عما سماه “أسوأ حالة” لهذا التطور، تتمثل في إمكانية بناء سلاح بيولوجي لاستهداف مجموعة عرقية معينة على أساس ملفها الجيني.

 

السلاح البيولوجي

لم تكن الحروب البيولوجية حديثة العهد بل كانت مستخدمة في العصور القديمة. لقد كان الرومان في حروبهم يقومون بتسميم الأنهار وآبار المياه وقد تم استخدام أسلحة بيولوجية في العصر الحديث في أيام الحرب العالمية الأولى.

وتتكون الأسلحة البيولوجية من مكونات بكتيرية سامة أو سموم بكتيرية وتعتبر خطورتها في انتشارها وتعتبر أخطرها هي الجدري والجمرة الخبيثة والسرطان وتعمل على حرق الإنسان وتشويه جسده وهو من أخطر الأسلحة الموجودة على وجه الأرض إلى الآن حيث أنه فاق السلاح النووي في الحروب من حيث القوة التدميرية والآثار المترتبة عليه بشريا وماديا.

أخطر الأسلحة البيولوجية في العالم

1- الجمرة الخبيثة

تسببه بكتيريا الجمرة الخبيثة bacillus Anthrax، حيث يُصيب كلًا من الإنسان والحيوان، وقد استخدمته بريطانيا كسلاح بيولوجي في الحرب العالمية الثانية على جزيرة جرونارد الأسكتلندية، التي لم تتعافَ من آثار المرض إلا في عام 1987، كما استخدمتها الوحدات اليابانية في منشوريا خلال ثلاثينيات القرن العشرين. وفي عام 1979 وقعت أكبر حادثة استنشاق لجراثيم الجمرة الخبيثة، ذلك عندما أطلقت خطأ في المركز البيولوجي العسكري في سفيردلوفيسك في روسيا، مما أدى إلى إصابة 79 شخصًا، لم ينج من الموت منهم إلا 11 فردًا فقط.

تُصيب الجمرة الخبيثة كلًا من الجلد، الأمعاء، والجهاز التنفسي، فالجمرة المعوية تُسبب القيء، والغثيان، وآلام البطن، ثم الحمى والإسهال وأخيرًا النزيف الذي يؤدي إلى الوفاة إن لم يتم العلاج. أما عندما تصيب الجهاز التنفسي تؤدي إلى الرعشة والضعف مع آلام العضلات والسعال، وبعد بضعة أيام تبدأ مرحلة المرض الثانية التي تؤدي إلى ضيق التنفس، التعرق، الحمى الشديدة والإصابة بالصدمة التي تؤدي إلى التهاب الأغشية الدماغية.

2- الجدري

قامت القوات البريطانية في عام 1763 بإرسال عدوى مرض الجدري إلى رؤساء القبائل الهندية مما أدى إلى قتل معظم السكان الأصليين بسبب انتشار الوباء، ذلك عندما أرسل قائد القوات البريطانية بطانيتين ومنديل ملوثين بالجدري إلى رؤساء هذه القبائل كهدية، حيث أن الجدري من الأمراض الفيروسية، شديدة العدوى في الهواء، ولديه القدرة على الإصابة لفترات طويلة بسبب تميزه بدرجة عالية من الاستقرار البيئي.

وتحدث العدوى بالجدري عن طريق الرذاذ، حيث يشق طريقه إلى الجهاز التنفسي ويبدأ في التضاعف، ثم الانتقال إلى الجهاز الليمفاوي، ثم إلى الدم حيث يستقر في الطحال ونخاع العظام. وتظهر الأعراض الأولية للمرض، كالتقيؤ، الصداع، آلام الظهر والعضلات، والارتفاع غير المتوقع في درجة حرارة الجسم، ذلك بعد التعرض للفيروس بأقل من أسبوعين، أما بعد الأسبوعين يظهر الطفح الجلدي على هيئة بقع حمراء، تتغير عدة تغيرات حتى تنتهي إلى نُدب في الأغشية المخاطية، واليدين، وأخيرًا إلى الأرجل.

وقد قادت منظمة الصحة العالمية عام 1967 محاولات في القضاء على مرض الجدري من خلال عمليات التطعيم الجماعي، ونتيجة لذلك كانت آخر حالات الإصابة بالمرض في الصومال عام 1977. وفي عام 1980 أعلنت المنظمة عن القضاء على المرض نهائيًا، بالرغم من ذلك ما زالت كل من روسيا والولايات المتحدة تمتلك نُسخًا من الفيروس في مختبراتها، ويصُنف الجدري على أنه سلاح بيولوجي عالي الخطورة نظرًا لقدرته الفتاكة على الإصابة والموت

3- الطاعون

يُعرف الطاعون باسم الموت الأسود، لتسببه في ظهور بقع دموية تُصبح سوداء تحت الجلد، وأيضًا لكونه السبب الرئيسي لهلاك سُكان أوروبا في القرن الـ 14، لذلك يُصنف ضمن أخطر فئة من الأسلحة البيولوجية. وقع هذا الوباء في الصين عام 1940، ذلك بعد الهجوم الياباني عندما قامت القوات اليابانية بإسقاط قنابل تحتوي على البراغيث المصابة من الطائرات.

تُسبب هذا الوباء بكتيريا يرسينيا بيستس Yersinia pestis، حيث ينتشر عادة عن طريق لدغات البراغيث المصابة والتي تكاثرت البكتيريا بداخلها، كما تنتقل العدوى أيضًا عن طريق الاتصال المبُاشر بالمريض بما في ذلك الاتصال الجنسي، وقد يصيب الطاعُون الرئتين، والعُقد الليمفاوية، والأوعية الدموية.

حيث يتمثل الطاعون في سلالتين رئيسيتين هما: الدبلي والرئوي. والطاعون الرئوي هو الأقل شيوعًا وينتشر في الهواء عن طريق السعال، العطس، والاتصال وجهًا لوجه. وتشمل أعراضه ارتفاعًا في درجة الحرارة، وصعوبة في التنفس.

4- الكوليرا

في 2008 اتهم الرئيس الزيمبابوي الحكومة البريطانية باستخدام الكوليرا كسلاح بيولوجي أدى إلى مقتل مئات الأشخاص للإطاحة بنظامه، فالكوليرا قد تجتاح أي مكان لسهولة انتشارها في المناطق المزدحمة التي تعاني من عدم توافر المصادر النقية لمياه الشرب.

فهي لا تنتشر بسهولة من إنسان إلى آخر، بينما تحدث بسبب تلوث مصادر مياه الشرب ببكتيريا فيبرو كوليرا vibrio cholera، حيث تتميز هذه البكتيريا بقدرتها على البقاء حية في مياه الصرف الصحي حوالي يومًا كاملًا، بينما تستمر إلى ما يقارب من الشهر والنصف في المياه التي تحوي نسبًا عالية من المركبات العضوية والمخلفات.

أما ما بين عام 1816 وحتى نهاية سبعينيات القرن الماضي، وقعت 7 أوبئة للكوليرا، كان الوباء الثالث هو أكثرهم شراسة، حيث تجاوز عدد القتلى مليون شخص خلال 1852-1860 في روسيا.

5- سم البوتولينوم

يُعتبر هذا السُم من الأسلحة البيولوجية الهامة جدًا، والمفضلة من بين برامج الأسلحة البيولوجية، نظرًا لقوته، والإمكانية المحدودة للعلاج لأنه عديم اللون والرائحة، ولا يتم اكتشافه إلا بعد حدوث الإصابة. ففي عام 1990 نشرت الجماعة اليابانية أوم شينريكيو السم على عدة أهداف سياسية. تبدأ أول علامات التسمم بعدم وضوح الرؤية، التقيؤ، وصعوبة البلع، فإن لم يتم العلاج في تلك الحالة يبدأ الشلل في الترسخ والوصول إلى العضلات ثم إلى الجهاز التنفسي، ثم يؤدي إلى الوفاة في غضون 24 إلى 72 ساعة.

يقوم السم بربط نهايات اتصال الأعصاب والعضلات، وقطع الإشارات العصبية من المخ، وله استخدامات عدة، حيث يتم استخدام جرعات ضئيلة منه في العمليات الجراحية، وجراحات التجميل. وتوجد جراثيم البكتيريا المسببة لهذا السُم في التربة، الرواسب البحرية، وعلى أسطح الفواكه والخضروات، وتكون غير مؤذية في هذه الحالة، حيث تبدأ في إنتاج السُم عند النمو. يُصاب الإنسان بها عن طريق استهلاك الأطعمة الملوثة، بسبب الظروف غير السليمة للتخزين.

6- لفحة الأرز

ما يُميز الأسلحة البيولوجية عن النووية دقتها المتناهية، حيث أنها تتعامل مع الكائنات الحية باختلافها، فالحروب البيولوجية لا تقتصر على نشر الأمراض والأوبئة بصورة مباشرة ضد العدو، لكن قد يستخدمها البعض لإلحاق الضرر بمصادر الغذاء، وقطع الإمدادات الغذائية الأساسية للعدو مما يؤدي إلى نشر المجاعات.

أحد هذه الأسلحة البيولوجية هو لفحة الأرز، فقد استخدمته العديد من البُلدان، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بجمع عينات من الفطريات الضارة والمسببة لأمراض المحاصيل في هجوم محتمل على آسيا، بعد أن قامت باستخدام المحاصيل المقاومة للفطريات كأسلوب دفاعي للحفاظ على محاصيلها.

ويعتبر لفحة الأرز من الأمراض الفتاكة التي تصيب الأرز، حيث تتطور العدوى مكونة الجراثيم الفطرية التي تتكاثر بسرعة، وتنتقل من نبات لآخر، فتؤدي إلى ضعف النباتات وبالتالي قلة المحاصيل، وتسبب تغييرًا جينيًا في النبات، مما يؤدي إلى تسمم من يتناوله.

7- طاعون الماشية

عندما غزا جنكيز خان أوروبا في القرن الـ 13، قال إنه أطلق العنان عن غير قصد لسلاح بيولوجي مخيف وهو طاعون الماشية أو الطاعون البقري، فيتسبب في هذا المرض فيروس يؤثر على الماشية، الماعز، الثيران، والزرافات. وهو من الأمراض المُعدية للغاية حيث يسبب الحمى وفقدان الشهية، والتهاب الأغشية المخاطية، يستمر من 6 إلى 10 أيام حتى يستسلم الحيوان في النهاية إلى الجفاف ثم الموت.

على الرغم من أن هذا المرض لا يصيب الإنسان لكنه كان ذو تأثير خطير للغاية، حيث أدى إلى وفاة ملايين المواشي، مع غيرها من الحيوانات البرية الأخرى. وقد تفشى المرض في أفريقيا فأدى إلى حدوث المجاعات، وإقدام الرعاة على الانتحار نظرًا لضياع كل ما يملكونه، ثم تمت السيطرة بعد ذلك على المرض عن طريق التطعيم واسع النطاق للماشية.