السفير الفرنسي كثرة الحديث عن صفقة الرافال ليست بسببنا والكويت تحتاج إلى تحديث إمكاناتها العسكرية

في لقاء ربما يكون الاخير قبيل انهاء فترة عمله ممثلا لبلاده لدى الكويت، اجرى السفير الفرنسي جان رينيه جيان تقييما للعلاقات الثنائية بين بلاده والكويت واصفا اياها بالقوية والتي تتمتاز بوجود تعاون خصوصا في مجالي الامن والطاقة المهمين للجميع، مشددا على التزام بلاده بامن الكويت «التي تربطنا معها اتفاقية امنية تعتبر اتفاقية ربط مصير وان تجديد الاتفاق بين البلدين في هذا المجال سيساهم ليس فقط في حماية امن الكويت انما في استقرار المنطقة»، مؤكدا انه «عندما تكون الكويت في مشكلة فنحن نواجه المشكلة نفسها».
واعتبر السفير جيان في لقاء صحفي ان الكويت كما الدول الاخرى «تحتاج الى تجديد

 

وتحديث امكاناتها العسكرية»، متطرقا الى الحديث عن صفقة طائرات «الرافال» بين بلاده والكويت وموضحا ان «كثرة الحديث عنها لم يكن بسببنا او من جهتنا»، مشددا على انه «اذا ما تمت الصفقة فان ذلك يعني ربطنا مع الكويت لسنوات العشرين او الثلاثين المقبلة».

وحول التعاون النووي بين البلدين اشار السفير جيان الى ان بلاده «كانت اول من وقع اتفاقية تعاون مع الكويت في هذا المجال ابريل الماضي ما يسمح لها باستخدام مختبراتنا ووضع خبراتنا في خدمة المشروع الكويتي»، مشددا على ان ذلك «يدخل ضمن اطار التحضير المحتمل من قبل السلطات الكويتية لاطلاق او عدم اطلاق برنامجها النووي».

وفي جردة سريعة للعلاقات الاقتصادية والثقافية لفت السفير جيان الى «عدم وجود توازن في ميزان الاستثمارات بين بلاده والكويت»، مرجعا الامر الى «كثرة السيولة في الكويت التي تشكل استثماراتها ما بين 6 الى 7 مليارات يورو»، ومشيرا على الصعيد الثقافي الى «وقوف اللغة الفرنسية عائقا امام تقوية هذه العلاقات والتي ستكون من اولوياتنا المقبلة»، كاشفا عن «تعاون العمل على تقوية معهد فولتير لتعليم اللغة الفرنسية وتحديثه بانتظار انشاء مؤسسة فرنسية لتعليم اللغة». وحول السياحة ومدى تأثرها بقانون حظر النقاب اشار السفير الفرنسي الى ان «القانون الذي اقرته بلاده لمنع النقاب في الاماكن العامة لم يطبق بعد»، مشددا على «انفتاح السفارة تجاه الكويتيين الراغبين في زيارة فرنسا والذين هم موضع ترحيب خصوصا واننا نعتبر الكويت بلدا صديقا وحليفا».

وفي ما يتعلق بتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون ومصير هذه الاتفاقية اكد السفير جيان على ان «فرنسا والكويت كانا البلدين الاكثر نشاطا في الموضوع ولو ان الامر يتعلق بهما لتوصلنا الى حل نهائي»، كاشفا عن زيارة مرتقبة «ستقوم بها رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروربي اشتون الى الكويت قبل نهاية العام الحالي ورغبتها في اعادة اطلاق الموضوع».

وعلى الصعيد الدولي اشار السفير الفرنسي الى «موقف بلاده المتماشي مع الموقف الاوروبي في ما يخص الملف النووي الايراني والمتمثل بالضغط للتوصل الى حوار والتفاوض للتراجع عن تخصيب اليورانيوم وعن البرنامج العسكري». اما بالنسبة للعراق فاكد «وجود دور فرنسي مهم هو استجابة لطلب عراقي».

ووضع السفير الفرنسي اوروبا في عملية السلام في الشرق الاوسط ضمن خانة «عامل التوازن»، مشيرا الى ان بلاده «لديها علاقات قوية مع اسرائيل وفي نفس الوقت نحن قريبون جدا من الفلسطينيين ولدينا حساسية من بناء المستوطنات وهدم المنازل مع انها حساسية مختلفة»، مشددا على ان «دورنا في عملية السلام مكمل للدور الأميركي وليس ضده».
وحول العلاقات الفرنسية – السورية والانفتاح على دمشق اعتبر ان ذلك «يهدف الى ان يكون لدى سورية موقف متوازن اكثر»، واصفا الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد بانه «رئيس يمكن فتح الحوار معه كما يعتقد الرئيس نيكولا ساركوزي».
وفي ما يلي نص اللقاء مع السفير الفرنسي جان رينيه جيان:

• نبدأ من العلاقات الكويتية – الفرنسية، كيف تقيمون هذه العلاقات على جميع الاصعدة بعد ثلاث سنوات من تواجدكم في البلاد؟
– شهدت علاقاتنا خلال الفترة السابقة تطورا وتقدما على مستويات عدة تم خلالها تبادل الزيارات الرسمية التي اثرت العلاقة، وكان أبرزها زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على رأس وفد رسمي رفيع يرافقه عدد من الوزراء، كما زار سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد باريس على رأس وفد رفيع تم خلال الزيارة التوقيع على اتفاقيات بين البلدين.

هذا وتعتبر العلاقات الثنائية قوية وتمتاز بوجود تعاون مشترك في عدد من القضايا وخصوصا مجالي الأمن والطاقة اللذين سعينا الى تطويرهما خصوصا خلال العامين الماضيين. والتعاون في هذين المجالين يفتح الطريق امام تغيير في العلاقات للافضل ويؤديان لوجود التزام اكبر بين الجانبين.
• شهدت العلاقات الثنائية خلال فترة توليكم مهامكم تجديدا للاتفاقية الامنية بين البلدين والتي تعتبر مهمة كيف تقرأون هذه الخطوة؟ وما ابرز دلالاتها؟

– الأمن مهم للجميع وليس للكويت فقط على الرغم من محوريته، وفرنسا منذ حرب التحرير ملتزمة اتجاه الكويت التي تربطنا معها اتفاقية تعاون تم تجديدها خلال نوفمبر الماضي وهي تعتبر اتفاقية ربط مصير بين البلدين للسنوات المقبلة، وتعطي التزاما فرنسيا بالاصرار والتأكيد على الابقاء على الكويت بلدا حرا مستقلا وسيدا ونحن حلفاء، وعندما تكون الكويت امام مشكلة فنحن نواجه المشكلة نفسها.

• بالحديث عن العلاقات العسكرية… مازالت المحادثات حول صفقة بيعكم لطائرات رافال للكويت مستمرة، اين وصلت المحادثات وماذا يعني القول انها ستتم عبر مراحل؟
– الامر الذي نريد التأكيد عليه ان كثرة الحديث عن صفقة «الرافال» لم يكن بسببنا او من جهتنا، فقد عرض الرئيس ساركوزي خلال زيارته للكويت العام الماضي الامر على صاحب السمو. واذا ما اردنا الحديث تحديدا عن تجديد القوات الجوية الكويتية، فالكويت كما الدول الاخرى تحتاج الى تجديد وتحديث إمكاناتها العسكرية.

عرضنا بيع الكويت طائرات الرافال وهم يدرسون الامر واذا ما قرر الكويتيون شراء طائرات حربية فإن ذلك سيربطنا للسنوات العشرين او الثلاثين المقبلة والامر يحتاج لدراسة.
وسبق ان تم تجربة الطائرات في الكويت ونحن بانتظار الرد حول التقييم التقني للتجربة.
• تنوون مساعدة الكويت في اقامة مشروع نووي سلمي، ما الجديد على هذا الصعيد؟ وما العناوين العريضة لهذا التعاون؟
– هناك نواحٍ عدة لهذا الامر منها الناحيتان المؤسساتية والحكومية، فالكويت وقعت اتفاقات مع عدد من الدول وكانت فرنسا اول دولة تم توقيع الاتفاقية معها، حيث تم توقيع الاتفاق في أبريل الماضي بحضور رئيسي وزراء البلدين وبوجود دعم من الحكومتين والتزام قوي على مستوى سياسي عالٍ وهو يسمح باستخدام مختبراتنا ووضع خبرائنا في خدمة المشروع النووي الكويتي.
ومنذ ذلك الحين كان هناك تبادل لوفود فرنسية عدة زارت الكويت باستمرار كما يزور فرنسا خبراء كويتيون. وهذا يدخل في إطار تحضير القرار المحتمل من قبل السلطات السياسية الكويتية لإطلاق أو عدم إطلاق برنامج نووي.

نحن الآن في مرحلة تعاون لدراسة مختلف العناصر اللازمة لبرنامج نووي. ولدى فرنسا خبرة عريقة في هذا المجال. كما أن شركة Edf الفرنسية تشرف على تشغيل نحو 50 محطة فرنسية ومحطات أخرى في دول أخرى، خصوصا في المملكة المتحدة.
• أين وصلت العلاقات الاستثمارية بين البلدين، ما ابرز آفاقها والعقبات التي تعترضها؟

– ليس هناك عوائق امام الاستثمارات انما عدم توازن مرتبط بوجود سيولة في الكويت ما ينتج من ذلك استثمارات كثيرة في الخارج والامر طبيعي. وتشكل فرنسا جزءا من البلاد التي تستثمر فيها الكويت على الصعيدين العام والخاص، حيث تبلغ الاستثمارات الكويتية في فرنسا ما بين 6 الى 7 مليارات يورو.

• تفتح فرنسا ابواب مختلف مؤسساتها امام الطلبة الاجانب، كيف تقيمون العلاقات الثقافية والتعليمية وهل ترون اللغة عائقا امام استحواذ باريس على عدد اكبر من الطلبة الكويتيين؟
– بالفعل تشكل اللغة صعوبة. لذلك، سوف يكون من أولوياتنا تطوير تعليم اللغة الفرنسية. لقد قررنا بالتعاون مع الكفيل، تقوية معهد فولتير لتعليم اللغة الفرنسية وتحديثه بانتظار انشاء مؤسسة فرنسية Institut français وسوف تكون السفارة منخرطة أكثر في تنظيم الحصص الدراسية من خلال هذه المؤسسة. كما نتمنى تطوير التعاون أكثر مع جامعة الكويت التي لدينا معها تعاون جيد بالنسبة للدراسات في المجال القضائي. إذ نود إبراز تعليم اللغة الفرنسية أكثر، ونتمنى أيضا التعاون في مجال الدراسات الهندسية حيث ان فرنسا لديها خبرة واسعة في هذا المجال.

• تبدو فرنسا وجهة محببة للكويتيين على المستوى السياحي، هل من تسهيلات تقدمونها للمتقدمين بطلبات الحصول على تأشيرات لباريس؟ والا تعتقدون بوجود صعوبات قد تواجه البعض بعد اقرار قانون منع النقاب في فرنسا؟
– لنبدأ من قانون حظر النقاب في الاماكن العامة، فالقانون مر في مجلس الشيوخ ولكنه لم يطبق بعد وهناك مراحل قانونية عدة ستعرض لاحقا امام القضاء الاعلى وسيكون هناك نقاشات حول الامر واذا ما طبق فسيكون على الجميع ومنهم السياح.

أما بالنسبة لاستقبال السياح الكويتيين، إن الكويت بلد صديق وحليف ونحن نتبع سياسة انفتاح تجاه الكويتيين الذين يستطيعون دون صعوبة وبسرعة الحصول على الفيزا الضرورية للذهاب إلى فرنسا حيث انهم موضع ترحيب. والكويتيون الذين لديهم روابط قوية مع فرنسا خصوصا الذين يملكون منازل هناك، يكنهم أن يحصلوا على تأشيرة إقامة طويلة الأمد يجنبهم المعاملات ويسمح لهم بالتوجه إلى فرنسا عندما يشاؤون.

• انتهت الرئاسة الفرنسية للاتحاد الاوروبي دون التوصل الى اتفاق بشأن التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة مع مجلس التعاون، هل تعتقدون ان الرئاسة الكويتية لمجلس التعاون ستشهد انجازا على هذا الصعيد؟
– ان عدم التوقيع، حتى الآن، على الاتفاقية النهائية يعد امرا مؤسفا، ومن بين الدول الاوروبية والخليجية فإن فرنسا والكويت كانا البلدين الاكثر نشاطا في الموضوع ولو كان الامر يعتمد على فرنسا والكويت فقط، لكنا توصلنا الى حل نهائي منذ وقت إلا ان دولا أخرى لديها صعوبات تعوق التوقيع على الاتفاقية مما لم يسمح بالتوصل إلى اتفاق في هذا الشأن.

لكن، كما أظن، من المرتقب أن تأتي الرئيسة الجديدة للسياسة الخارجية الأوروبية، السيدة أشتون، الى الكويت قبل نهاية هذا العام وسوف تود إعادة إطلاق هذا الموضوع.
• على المستوى الدولي، تشارك فرنسا بقوة في المحادثات حول الملف النووي الإيراني، كيف تقيمون تطورات هذا الملف وهل ما زال بالامكان الوصول الى حل كامل للمسألة؟

– الموقف الفرنسي يتماشى مع الموقف الاوروبي المتمثل بالضغط للتوصل الى حوار مع ايران، فهناك عقوبات جديدة اعتمدت اواخر الربيع بقرار من مجلس الامن تحت القرار 1929، وهناك عقوبات اخرى اعتمدت من قبل اوروبا والهدف هو ان يقبل الايرانيون التفاوض والذي يعني التراجع عن تخصيب اليورانيوم والتراجع عن برنامج نووي عسكري واعتقد ان الامر سيأخذ وقتا.

• نلاحظ انحسار الدور الفرنسي في ما يتعلق بالعراق… لماذا؟
– أنتم على خطأ. فرنسا لها دور مهم في العراق. لقد تمت عدة زيارات والتبادلات تتعلق خصوصا بتطوير التعاون في المجال الاقتصادي وأيضا في مجال تطوير المؤسسات. الأمر الذي يشكل استجابة لطلب قوي من قبل السلطات العراقية التي تود تطوير علاقاتها مع فرنسا.

• بالنسبة لعملية السلام في الشرق الاوسط، اين هو الدور الاوروبي والفرنسي خصوصا من العملية؟
– هناك علاقة قوية بين اسرائيل والولايات المتحدة وتظهر اوروبا بالنسبة للفلسطينيين على انها عامل توازن. لدينا الهدف نفسه مع الاميركيين لكن مثلما في العراق والكويت، فلدينا دور مختلف بفعل العلاقات المختلفة التي لدينا مع الفلسطينيين.

لدينا علاقات متينة ووثيقة مع الاسرائيليين، لكن نحن قريبون جدا من السلطة الفلسطينية وحساسون جدا بالنسبة للقضية الفلسطينية خصوصا في ما يتعلق بانشاء المستوطنات من جهة وتهديم البيوت الفلسطيني، من جهة أخرى، ولدينا حساسية تجاه الامرين مع انها حساسية مختلفة، ودورنا تكميلي مع الولايات المتحدة وليس ضده.
• كنتم في طليعة الدول الغربية التي طرقت باب سورية لتحسين علاقتها معها، هل ترون تغييرا في السياسة الخارجية السورية يرقى الى مستوى اعادة العلاقات معها؟

– بالفعل، كان الرئيس الفرنسي اول رئيس غربي يفتح الحوار مع سورية ومنذ ذلك الحين تبعه الكثيرمن القياديين من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وغيرهم.
وسورية لم تصبح فجأة مقربة من الغرب، لكن الهدف بان يكون لديها موقف متوازن اكثر والرئيس ساركوزي يعتقد ان الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد رئيسا يمكن فتح حوار معه.

• كيف تقيمون اليوم العلاقات الفرنسية – الاميركية، وهل تعتقدون فعلا ان واشنطن لا تقبل بشريك اوروبي في القرارات الخاصة بالمسائل الدولية المهمة؟
– يتقاسم الاوروبيون والاميركيون اشياء كثيرة ولكن لكل منهما مصالحه الخاصة، فنحن حلفاء في الاشياء الجوهرية وهذا لا يمنع من وجود اختلاف.

• ثلاث سنوات قضيتموها في الكويت ممثلا لبلادكم، كيف تقيمون هذه التجربة بايجابياتها وسلبياتها؟
– على الصعيد الشخصي، تعلمت كثيرا بفضل انفتاح الكويتيين الأمر الذي سمح لي أن أفهم أكثر ثقافة مختلفة جدا عن التي عرفتها حيث كنت سابقا. أما على الصعيد المهني، فأعتقد أن السنوات الثلاثة التي قضيتها في الكويت سمحت بتوطيد العلاقات الثنائية. اهنئ نفسي خصوصا على تجديد وتوثيق الاتفاق بين بلدينا في يجال الدفاع الذي يساهم كثيرا وسوف يساهم، ليس فقط في حماية أمن الكويت لكن أيضا في استقرار المنطقة.