الثقوب السوداء: الحقائق، النظرية، والتعريف

حكم مصارعه

عضو مميز
إنضم
27 نوفمبر 2014
المشاركات
4,272
التفاعل
5,251 0 0
08c44b2270b59c5373d1e5c2d4d75adf.jpg


تُعدُّ الثقوب السوداء من أغرب الأشياء الموجودة في الفضاء وأكثرها سحراً، حيث إنها أجسامٌ ذاتُ كتلةٍ فائقة، ومع هذا التأثير الثقالي فحتّى الضوء لا يستطيع الإفلات منها، إذا اقترب بشكلٍ كافٍ. لقد تنبأ ألبرت آينشتاين بوجود الثقوب السوداء للمرة الأولى عام 1916، في نظرية النسبية العامة، وتم اعتماد مصطلح "الثقوب السوداء" عام 1967 من قبل عالم الفلك الأميركي جون ويلر John Wheeler، كما أن أول ثقب أسود تم اكتشافه كان في عام 1971.

هناك ثلاث أنواع للثقوب السوداء: الثقوب السوداء نجمية الكتلة، الثقوب السوداء فائقة الكتلة، والثقوب السوداء متوسطة الكتلة.

الثقوب السوداء نجمية الكتلة صغيرة، لكن قاتلة
عندما يحرق النجم وقوده كله، فمن المحتمل أن ينهار، فبالنسبة للنجوم الأصغر التي تضاهي كتلتها حوالي ثلاث أضعاف كتلة الشمس، فإن النواة الجديدة ستصبح نجماً نيوترونياً أو قزماً أبيض، إلّا أنه عندما ينهار نجم أكبر، فسيتابع الانهيار إلى الداخل ليخلق ثقباً أسود نجمي-الكتلة.
تَكُون الثقوبُ السوداء التي تتشكل بفعل انهيار نجومٍ مفردة صغيرةً نسبياً، إلاّ أنها مفرطة الكثافة، فمثل هذا النجم يكدّس ثلاثة أضعاف كتلة الشمس أو أكثر في نطاق مدينة، و يؤدي هذا إلى قوة جاذبية هائلة تسحب الأشياء الموجودة حولها، وتقوم الثقوب السوداء باستهلاك الغبار و الغاز من المجرة الأقرب إليها ليصبح حجمها أكبر.


الثقوب السوداء فائقة الكتلة وولادة العمالقة
تنتشر الثقوب السوداء صغيرة الكتلة في الكون، لكن أقاربها الثقوبُ السوداء فائقة الكتلة تظلُّ المُهيمنة، حيث تُعتبر الثقوبُ السوداء فائقةُ الكتلة أضخمَ بمليون مرة أو حتى مليار مرة من الشمس، إلا أنَّ نصف قطرها مشابه لتلك النجوم القريبة من الأرض، ويُعتقد أن مثل هذه الثقوب تقع تقريباً في مركز كل مجرة ومن ضمنها درب التبانة.
إن العلماء غير متأكدين من كيفية تشكُّلِ مثل هذه الثقوب السوداء الضخمة. فحالما تتشكل فهي تستطيع أن تجمع كتلاً من الغبار و الغاز حولها، و المواد المتوافرة في مراكز المجرات، مما يسمح لها أن تكبر إلى حجومٍ ضخمةٍ.
قد تتكون الثقوب السوداء فائقة الكتلة نتيجة اندماج الآلاف من الثقوب السوداء صغيرة الكتلة، وقد تكون سحابات الغاز الكبيرة مسؤولةً أيضاً، بانهيارها بسرعة، مما يعمل على ازدياد الكتلة بسرعة، ويبقى هناك خيار ثالث و هو انهيار عنقود نجمي، أي انهيار مجموعة من النجوم كلها معاً.

الثقوب السوداء متوسطة الكتلة عالقةٌ في المنتصف
اعتقد العلماء سابقاً أن الثقوب السوداء تأتي من نجوم إما صغيرة أو كبيرة، إلى أن أظهر بحث جديد إمكانيةَ وجود ثقوب سوداء معتدلة أو متوسطة الكتلة.
و قد تتشكل مثل هذه الأجسام عند تصادم العناقيد النجمية ضمن سلسلة تفاعلات، كما يمكن للعديد من تلك التي تتشكل في نفس المنطقة، أن تنهار في النهاية في مركز المجرة مُخلفةً ثقباً أسود فائق الكتلة.

ماذا عن نظرية الثقوب السوداء؟
تتميز الثقوب السوداء بكتلة هائلة، رغم أنها تَشغلُ منطقةً صغيرةً فقط. كما يصبح امتلاكُها واضحاً لقوة جاذبية هائلة جداً، إن علِمتَ العلاقة بين الكتلة و الجاذبية. فافتراضياً لا شيء يُمكنه الإفلات منها، و ذلك يشمل حتى الضوء من و جهة نظر الفيزياء الكلاسيكية. و تخلق هذه الجاذبية القوية مشكِلةً خلال المراقبات، فعندما يتعلق الأمر بالثقوب السوداء، لا يستطيع العلماء "رؤيتها" بنفس الطريقة التي يرون فيها النجوم و الأجسام الأخرى في الفضاء.
بدلاً من ذلك، فقد توجّب على العلماء الاعتماد على الإشعاع الصادر عندما يتم سحب الغاز و الغبار إلى داخل هذه المخلوقات الكثيفة، وقد تجد الثقوب السوداء فائقة الكتلة والواقعة وسطَ المجرةِ نفسَها محاطةً بطبقة سميكة من الغبار و الغاز، مما قد يحجب الإصدارات المؤشرة إلى وجودها.
في بعض الأحيان يُمكِن للمادة المسحوبة نحو الثقب الأسود أن ترتدَّ عن أفق الحدث (event horizon)، لتندفع إلى الخارج بدلاً من أن تنجذب إلى قلب الثقب الأسود، في هذه الحالة تسافر المادة على شكل اندفاعات براقةٍ منطلقةً بسرعة قريبة للنسبية، و على الرغم من أن الثقب الأسود نفسه يبقى غيرَ مرئي، فهذه الاندفاعات القوية يمكن أن تُرى من مسافات عظيمة.

تمتلك الثقوب السوداء ثلاث "طبقات" : أفق الحدث الخارجي، و أفق الحدث الداخلي، والمتفرد (singularity).

أفق الحدث هو الحد الموجود حول فم الثقب الأسود حيث يفقد الضوء القدرة على الهرب، فحالما يتجاوز جسيم أفق الحدث فهو لا يستطيع المغادرة، كما تعتبر الجاذبية ثابتةً في أفق الحدث. تقع كتلة الثقب الأسود في المنطقة الداخلية له، والتي تُعرف بالمتفرد في الزمكان حيث تكون كتلة الثقب الأسود مركّزة.
في الميكانيكا الكلاسيكية بالفيزياء، لا شيء يستطيع الهروب من الثقب الأسود، إلا أن الأمور تتغير قليلاً عند إضافة ميكانيك الكم إلى المعادلة.
ففي ميكانيك الكم لكل جسيم هناك مضاد للجسيم، و هو جسيم له نفس الكتلة لكنه يحمل شحنة كهربائية معاكسة، فعندما يلتقي ثنائي الجسيم ومضاد الجسيم، فإنه يمكن أن يفنيا بعضهما، و إذا ما خلق ثنائي جسيم-مضاد جسيم وراء أفق الحدث، فمن الممكن أن يُسحب أحدهما إلى الثقب الأسود، بينما يُطرد الآخر من الثقب الأسود نفسه، لتكون النتيجةُ تناقصَ أفق الحدث مع إمكانية تحلل الثقب الأسود، و هي عملية مرفوضة في الميكانيكا الكلاسيكية، و يعتبر هذا المجال محيّراً وغامضاً مما يدفع العلماء إلى العمل والبحث أكثر لفهم الثقوب السوداء وكل ما يتعلق بها.

معلومات مثيرة للاهتمام حول الثقوب السوداء:

  • إذا سقطت في ثقب أسود فإن الجاذبية سوف تمددك كالسباغيتي، لكن لا داعي للقلق، لأنك ستهلك قبل أن تصل إلى المتفرد.
  • الثقوب السوداء لا "تمتص"، فالامتصاص سببه سحب شيء إلى داخل الفراغ، و هذا لا ينطبق على الثقوب السوداء، فالأصح هو أن الأجسام تسقط داخلها.
  • الجسم الأول الذي اُعتبر ثقبا أسود هو: Cygnus X-1، وذلك بعد أن اكتشفت الصواريخ التي تحمل عدادات غايغر ثمان مصادر جديدة للأشعة السينية، و بالتحديد سنة 1971 عندما رصد العلماء انبعاثاً إشعاعياً قادماً من Cygnus X-1 و مرافق خفي هائل.
  • كان Cygnus X-1 موضوع رهان بين ستيفن هوكينغ و زميله الفيزيائي كيب ثورن، حيث راهن هوكينغ على أن المصدر ليس ثقباً أسود، إلا أنه اعترف بالهزيمة في عام 1990 بعد أن تبين خطؤه.
  • قد تكون الثقوب السوداء الصغيرة قد تشكلت مباشرةً بعد الانفجار العظيم، كما أنه من المحتمل أن الفضاء المتوسع بسرعة قام بعصر بعض المناطق لتصبح ثقوباً سوداء صغيرة كثيفة، أصغر من الشمس.
  • إذا مر نجمٌ قريباً جداً من ثقب أسود فيمكن أن يتمزق إلى قطع.
  • قدّر الفلكيون أن هنالك ما بين 10 ملايين إلى مليار ثقب أسود نجمي الكتلة، بكتل تقارب ثلاث أضعاف كتلة الشمس في درب التبانة.
  • تعطي العلاقة الغريبة بين نظرية الأوتار والثقوب السوداء زيادة لأنواع عديدة من العمالقة هائلة الكتلة التي وجدت في الميكانيكا الكلاسيكية التقليدية.
 
عودة
أعلى