صور ووثائق وخرائط ومعلومات عن مواقع وشخصيات وأحداث تاريخية



ولاة ولاية سورية ومقرها دمشق من 1863 الى 1918


thumb.php

thumb.php
 


التقسيمات الادارية في ولاية سورية العثمانية سنة 1885 م

thumb.php


thumb.php

thumb.php
 
خاتمة كتاب الادارة العثمانية لبلاد الشام ....تأليف عبد العزيز محمد عوض


thumb.php

thumb.php

 

علاقة قناصل الدول الأجنية في ولايات سورية العثمانية مع الأهالي:

thumb.php

thumb.php
 

علاقة ولاة سورية العثمانيين مع قناصل الدول الأجنبية

thumb.php

thumb.php

thumb.php

thumb.php

thumb.php

thumb.php
 

الجيش العثماني الخامس في ولايات الشام وانتشاره

thumb.php

thumb.php

thumb.php


علاقة ولاة سورية مع قادة الجيش العثماني الخامس

thumb.php

thumb.php

thumb.php
 

الخدمة العسكرية العثمانية والبدل النقدي والاعفاء من الخدمة

thumb.php

thumb.php



البدل النقدي والاعفاء من الخدمة

thumb.php

thumb.php


 

قوات الامن العثمانية في ولاية سورية العثمانية

الجاندرمة والضابطية والبوليس

thumb.php

thumb.php

thumb.php

thumb.php

thumb.php
 



الدولة العثمانية من سنة 922هـ إلى 1000هـ




حالة الشام قبيل الفتح العثماني:
==

كانت الشام أخت مصر في آخر الدولة الشركسية تقاسمها شقاءها شق الأبلمة، فيستبد المتغلبة من المماليك بالأحكام بحسب ضعف صاحب مصر وقوته، والصالح في نوابها وملوكها قليل. ولم يسعد القطران بعد فتنة تيمورلنك بسلطان عادل يطول عهده ليعرف مواقع الضعف فيسد خللها، ويزيح بحسن الإدارة عللها. وشغل ملوك الشراكسة بالتجاريد على حسن الطويل وشاه سوار وابن عثمان من الملوك في شمالي المملكة وشرقها يجردونها فيجردون بها الرجال والأموال، وقد خرج الناس بعد وقائع الصليبيين والمغول وما أعقبها من الأوبئة والزلازل والمجاعات أعرى من مغزل، وأزمنت الفوضى في أرجائها فساءت حالتها الاقتصادية والاجتماعية.

أحي أكثر الناس بما عرض للدولة من الضعف فأخذوا يتطلعون إلى الدولة العثمانية، وكانت إلى الشام ومصر أقرب الدول الإسلامية الكبرى، هذا والدولة العثمانية إذ ذاك في إبان شبابها، وقد وقرت في النفوس منذ أسس بنيانها السلطان عثمان التركماني سنة 699 على أنقاض دولة السلجوقيين، ولا سيما بما قام به محمد الثاني فاتح القسطنطينية من الغزوات والفتوحات، وتوفق له من فتح عاصمة الروم البيزنطيين بعد أن حاول كثير من ملوك العرب وغيرهم ذلك فلم يفلحوا لبعدها عن مواطن قواتهم، ولقوة سلطان القسطنطينية في تلك العصور، والأمور مرهونة بأوقاتها.

هذا والناس لا فرق عندهم إذا استولى عليهم الترك الأعاجم، وقد حكمهم أجناس من المماليك زمناً طويلاً ما داموا كلهم غرباء ينالهم من ضعفهم ضعف، ومن قوتهم بعض راحة وسعادة، ولا فرق في الإسلام بين عربي وأعجمي في الحقوق والواجبات، وأقصى ما يتطلبه الناس سلطان عادل عاقل في الجملة، وكانت الأمة تفنى بأسرها في سلطانها خلال القرون الوسطى.



مقاتل الغوري ومقدمات الفتح:
====

كان السلطان قانصوه الغوري آخر من ملكوا الشام من الشراكسة على شيء من الدهاء، أعدَّ للأيام عدتها وأدرك ما يحيق بمملكته من خطر ابن عثمان، ولكن ما ينفع التدبير إذا كانت المعنويات في حكومته مريضة ضئيلة، والقوى في جيشه غير موحدة، وداء الهرم قد استحكم منه ومن دولته. كان في الثمانين من عمره يوم صحت نية السلطان سليم العثماني، رجل الإرادة القوية والجيش الجرار، على أخذ الشام ومصر، والقضاء على دولة المماليك. وكان الغوري على رواية كامل باشا لا يعرف على من يعتمد عليه من رجاله وأمرائه غريب الأطوار في ذاته، فكان ذلك من دواعي خروج الأمر عنه ووقوع الخلل في جيشه، وكان يعتقد بعلم الجفر، وقد ذكر أحد أدعياء هذا العلم أن الشر يأتيه من رجل يبدأ سمه بحرف السين، فصار يتطير من كل من يبدأُ اسمه بذلك الحرف، ومنهم سيباي كافل الشام.

ترجم للغوري أحد من عاصروه من الفرنج بقوله: إنه من مماليك الغور في أفغانستان، كان حاجب الحجاب في حلب سنة 893هـ 1490م ورأس محكمة عسكرية ووفق إلى قمع ثورة فأبان فيها عن كفاءة، وكان وزيراً لما حنق المماليك على طومان باي واختاروه للملك، فتردد كثيراً في قبوله لأنه كان تجاوز الستين من عمره وأخذ مكوساً وضرائب من كل إنسان حتى من البوابين وضرب نقوداً زائفة أضرت بالتجارة الداخلية والخارجية، فاستلزم عمله حنق الناس وانتقاد من عاصروه فعجل بخراب المالية وذلك لوضعه رسوماً فاحشة على البضائع، وعلى البضائع التي تمر بأرضه واستعمل جزءاً من هذه الضرائب في إقامة القلاع ولا
سيما في حلب وأنشأ طرقاً وآباراً في الحجاز.

وكانت المكوس التي تجبى في المواني ورسوم البضائع الصادرة من الهند إلى أوروبا من طريق مصر آتية من عدن وجدة والسويس وإسكندرية، أو من طريق الشام ذاهبة من البصرة وحلب من أهم واردات المملكة.

وتفادياً من أداء هذه الرسوم الفادحة حرص البرتغاليون على أن يكشفوا طريقاً في البحر إلى الهند على يد ملاحهم فاسكو دي غاما وكتب لهم النزول إلى شاطئ الهند وبعثوا إلى أوروبا تواً بسفنهم النقالة الكبرى عن طريق رأس الرجاء الصالح، فتحاموا أداء المكوس الفاحشة التي كانت تؤخذ في المواني المصرية عن البضائع التي ينقلونها وعن نفقات النقل في البر فاستفاد البرتغاليون من ذلك،

ولم يسع الغوري أن يسكت عما يلحق المسلمين من مظالم البرتغاليين فحارب الأسطول البرتقالي غير مرة في بحري الهند والأحمر ونال منهم ونالوا منه قليلاً. قال: وساءت حالة الغوري حتى لم يستطع أن يدفع رواتب المماليك في أوقاتها بحيث فقدت حكومته كل معاونة قوية، وكانت سياسته الخارجية تعسة لأنه اضطر أن يحالف عدوه اللدود إسماعيل شاه خوفاً من السلطان سليم العثماني ولم يخْفَ ذلك عن السلطان سليم عرفه بواسطة جواسيسه اه.

وبينا كان قانصوه الغوري يغوص في أحلامه وأوهامه، كان سليم الأول وهو التاسع من آل عثمان الملقب بياوز أي الشديد الجبار يجيش الجيوش ويُعدّ الزحوف ويستجد السلاح، فبدأ بقتل الشيعة والنصيريين في تخوم الأناضول وكانوا أربعين ألفاً، ثم زحف سنة 920 على الشاه إسماعيل الصفوي صاحب شروان وأذربيجان وتبريز والعراق العجمي وفارس وكرمان وديار بكر وبغداد وباكو ودربند وخراسان وانتصر في وقعة جالديران المشهورة، وانهزم عسكر الشاه إسماعيل شر هزيمة وجرح الشاه في المعركة وفتح السلطان سليم ديار بكر والأقاليم الكردية، فهب قانصوه الغوري من مصر لإنجاده فيما قيل والأرجح أنه هبّ للدفاع عن مملكته.

وكان نائب سلطان مصر على البيرة أو بيره جك ( مدينة على نهر الفرات على الحدود السورية التركية حاليا شمال حلب بقليل ) رجلاً اسمه علاء الدولة بن سليمان وهو صاحب مرعش والبستان فلما اجتاز السلطان سليم بالبيرة يريد قصد الشاه الصفوي أمر علاء الدولة أهل مرعش أن لا يبيعوا شيئاً لعسكر سليم، فهلك كثير من رجالهم ودوابهم جوعاً،

وشكا السلطان العثماني ما وقع له إلى الغوري فقال: إن علاء الدولة لم يصدر عن أمره وأنه عاصً عليه وأنه إذا قتله يكون له شاكراً،

وكتب الغوري إلى علاء الدولة يحمله على متابعة عمله، فأحس السلطان سليم بأن الغوري يكيد له

وزاد علاء الدولة بأن سرق بعض أحمال من ذخائر عسكر سليم، فلما عاد هذا من غزاته قتل علاء الدولة وأولاده وأرسل رؤوسهم إلى الغوري. بمعنى أن سنان باشا استولى سنة 921 هجرية باسم السلطان سليم على مملكة ذي القدرية التي كانت في مرعش والبستان وملطية وبهنسي وخربوت وما إليها ( ( جنوب شرق ترككية في الجزيرة الفراتية العليا )) ، وكانت الدولة العثمانية جعلت حكومة أبناء رمضان التركمانية التي نشأت سنة 780 في جهات أضنة وطرسوس وسيس تحت ظلها، وكانت علائق أمرائها الثلاثة الأول مع دولة المماليك الشركسية أصحاب الشام ومصر مسترخية، ففتحت السبل والمنافذ إلى الشام وصارت الجيوش العثمانية تأمن على مقدمتها وعلى خط رجعتها.

ولما أضعف السلطان سليم مملكة كبرى وهي مملكة الصفوي، وقضى على مملكة صغرى وهي مملكة ذي القدرية، طمحت نفسه إلى فتح الشام ومصر ونزعهما من دولة المماليك ليضمهما إلى مملكته فتدخل في طور العظمة وتكون ممالك في مملكة. وكان أبوه وجده من قبله يقاتلان بعض حاميات الشام يتعرفان بذلك مبلغ قوة المماليك، ويدفعان أمراء الأطراف أمثال أمراء ذي القدرية وغيرهم إلى مجاذبة ملوك الشراكسة حبل السلطة على التخوم. وكان أولئك الأمراء كثيراً ما يسيرون مع المماليك سيرة الصغير مع الكبير، لعلمهم بأن إثارة العثمانيين لهم على المماليك لا لخيرهم بل لينتقموا بهم ثم ينتقموا منهم ويضعفوهم ويضعفوا بهم.





صلات العثمانيين مع المماليك ووقعة مرج دابق:
===

وذكر مؤرخو الترك أن الصلات السياسية بين ملوك الشراكسة أصحاب مصر والشام وبين سلاطين آل عثمان كانت مسترخية منذ عهد محمد الفاتح، ولما سمت همة السلطان سليم إلى فتح الشام ومصر 922 أرسل جيشاً إلى ديار بكر يورّي بأنه يريد قصد إيران، ولأدنى سبب أخذ الجيش يتوجه صوب الجنوب، فبعث قانصوه الغوري بعض رجاله يتوسطه في الصلح فقتل السلطان سليم رجال السفير وأراد أن يقتل السفير نفسه فوقع وزيره على قدميه وشفع فيه، وقال له: إن ذلك مخالف لحقوق الدول فالسفراء لا يقتلون، فاكتفى السلطان بحلق شعر السفير ولحيته، وأركبه على حمار أعرج أجرب إلى صاحبه الغوري جزاء ما قدمت يداه فيما يقال من امتهان الغوري رسل السلطان العثماني.

وترددت الرسل بين السلطانين في مرج دابق أولاً، وكان ابن عثمان فوض إلى رسله أن يتظاهروا بطلب سيدهم للصلح ليثني بذلك عزم الغوري عن القتال،

وقد أحضر سلطان العثمانيين فتاوي من علماء مملكته يجيزون له قتل الشاه إسماعيل الصفوي، وأرسل يقول للغوري: أنت ولدي وأسألك الدعاء لكن لا تدخل بيني وبين الصفوي - بينا الأمر على ذلك - وقد خلع الغوري على قصاد ابن عثمان الخلع السنية، وأرسل إليه ابن عثمان يطلب منه سكراً وحلوى وأرسل له منها مائة قنطار في علب كبار عدا الهدايا والتحف،

هجم سلطان العثمانيين على ملك الشراكسة وكسره شر كسرة في وقعة دامت من طلوع الشمس إلى ما بعد الظهر، فقتل من عسكر ابن عثمان ومن عسكر الغوري خلق كثير، فلما تحقق الغوري أنه غُلب أصابه للحال فالج أبطل شقه وأرخى حنكه، واستعد للركوب فمشى خطوتين وانقلب عن الفرس إلى الأرض وفاضت روحه من شدة قهره، وأكثر المؤرخين على أنه لم تظهر جثته في المعركة.

ويقول بعض مؤرخي الترك: إن جاويشاً من الجيش العثماني أُمر بأن يبحث عن جثة قانصوه الغوري فقطع رأسه وقدمه إلى السلطان سليم، فامتعض منه السلطان وأمر أن يُضرب عنقه لتزلفه إلى مولاه بقطع رأس الملك المقتول، ولولا أن الوزراء توسطوا له لما صرف السلطان النظر عن قتل الجاويش مكتفياً بعزله.

وذكروا أن الغوري قد خانه لأول الأمر ثلاثة عشر ألفاً من جيشه، وامتنعوا عن الحرب عند الصدمة الأولى وأبوا قتال الأتراك، ومن الأمراء الذين كانوا موالسين على الغوري وضَلْعهم مع السلطان سليم خير بك نائب حلب وجان بردي الغزالي نائب حماة، فإن السلطان سليماً كان فاوضهما سراً ليوليهما الشام ومصر على ما قيل إذا ساعداه على فتح هذا القطر،

فلما انهزمت ميمنة الغوري وقتل الأتابكي سودون العجمي وملك الأمراء سيباي نائب الشام، انهزم جانب كبير من العسكر وانهزم خير بك وهرب فانكسرت الميسرة وكان ابن معن وأمراء الساحل الشامي صحبة خير بك والغزالي فقال الأمير ابن معن لمن معه من رجاله وقومه: دعونا ننفرد لننظر لمن تكون النصرة فتقاتل معه. ولما اضطرمت نار الحرب فرّ الغزالي وخير بك إلى ناحية عسكر السلطان سليم بمن معهم من أمراء الديار الشامية وبقي الغوري بعسكر المصريين أي عسكر الشام والمغول عليهم من أمرائها من الشراكسة والوطنيين قد استمالهم السلطان فقاتلوا في صفوفه بدلاً من أن يقاتلوه، ونائب الشام سيباي الذي كان يتطير منه الغوري لأن اسمه يبدأ بحرف السين قد هلك دونه في المعركة يدافع عن ملك سيده لا كما كان هذا يتوهم.


قوة الغالب والمغلوب:
=====

اختلف تقدير المؤرخين لقوة العثمانيين والمماليك فأغلبهم على أن ابن عثمان كان في أربعين ألف مقاتل مجهزين بمدافع حسنة، وروى نامق كمال أن العثمانيين كانوا في ثمانين ألفاً وثمانمائة مدفع، وأن الغوري كان في خمسين ألفاً لا مدافع لهم.

وذكر الغزي أن الغوري أتى من حلب إلى دابق في ثلاثين ألفاً وقال ابن طولون: إن السلطان سليماً وصل إلى دمشق في عساكر عظيمة لم تر العين مثلها يقال: إن عدتها مائة ألف وثلاثون ألفاً.

وذكر بعض المؤرخين أن السلطان سليماً أمر أن تعد القتلى من الفريقين في مرج دابق فكان قتلى الشراكسة ألف نفس وقتلى الروم أي الترك أربعة آلاف.

وكان فقدان المدافع من جيش الغوري وخيانة ربع جيشه وعدم ثقته بأحد من دواعي القضاء عليه وعلى سلطانه، وأهم ذلك خيانة بعض قواده وامتناع الأمراء عن الدفاع في صفوفه أو يظهر لهم الغالب

قويت نفس السلطان سليم بما أصاب جماعته من الانتصار الباهر، وما قتل من رجال الغوري، ثم تحول من مرج دابق ودخل حلب من غير ممانع، ونزل في الميدان الذي كان السلطان الغوري نزله، وانتشر خبر الهزيمة وقتل الغوري في أنحاء الشام، فوثب الناس بعضهم على بعض ونهبوا الزروع وأخذوا الأموال، واضطربت العمال أيما اضطراب، ونهبت حارة السمرة بدمشق وقتلوا جماعة وأخذوا أموالهم، وكذلك فعلوا بتجار الفرنج ونهبوا أموالهم، وكانت فتنة هائلة ونهبوا بيوت أعيان دمشق من القضاة والتجار، فخرج غالب الصدور منها بسبب ذلك وبسبب فتنة ابن عثمان وفساد الأحوال بمصر والشام وتوجه أمراء الغوري وعسكره المهزوم إلى حلب، فوثب عليهم أهل حلب قاطبة، وقتلوا جماعة من العسكر ونهبوا سلاحهم وخيولهم وأثقالهم، ووضعوا أيديهم على ودائعهم التي كانت بحلب، وجرى عليهم من أهل حلب ما لم يجر عليهم من عسكر ابن عثمان كما قال ابن إياس. وكان بين أهل حلب والمماليك السلطانية إحنٌ منذ توجهوا قبل خروج السلطان من القاهرة إلى حلب فنزلوا في بيوت أهلها واغتصبوا نساءهم وأولادهم، وآذوا الحلبيين كل الإيذاء، فما صدق أهل حلب أن وقعت لهم هذه الكسرة حتى يأخذوا بثأرهم.


وعلى الجملة فإن ما نال السكان أواخر حكم المماليك مما عجل بالقضاء على الدولة المالكة وفتح القلوب للسلطان سليم الأول، وخدمه كثير من أهل الشأن قبل مجيئه فكانوا يوافونه بالأخبار تترى عن مقاتل الغوري ومواطن الضعف من دولته، وقد بدءوا يتجسسون للعثمانيين منذ أواخر القرن الماضي فكان ذلك من العوامل القوية في الفتّ في عضد الجيش الشركسي وإمالة القوة إلى الجيش التركي ففتحت الشام في وقعة واحدة ولم يبك على دولة المماليك إلا من كانوا باسمها يتمتعون بالخيرات وينالون مظاهرها ويسلبون نعمة الأمة.


دخول السلطان سليم حلب ودمشق:
=====

وافى السلطان سليم مدينة حلب فاستقبله أهلها بالمصاحف والأعلام يجهرون بالتسبيح والتكبير ويقرءون (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) وطلبوا منه الأمان فأمنهم وأنعم عليهم ثم أخذ يجمع مالاً من التجار سماه مال الأمان ورأى خلفاء أرباب الطرق الصوفية فسأل عنهم وهم يحملون أعلامهم ويرحلون إلى دمشق وأشار عليه خير بك بأن يقتلهم وكانوا نحو ألف نفس، واستسلم نائب قلعة حلب فأرسل السلطان إليه شخصاً من جماعته أعور أعرج وفي يده دبوس خشب ليقول بلسان الحال إنه أخذ حلب بأضعف جنده. وطلع السلطان سليم إلى القلعة فرأى فيها ما أدهشه من مال وسلاح وتحف وكان بها على رواية ابن إياس نحو مائة ألف ألف دينار وثمانمائة ألف دينار. وقال مؤرخو الترك: إنه كان فيها مليون دوكا. ورأى السلطان سليم من أنواع الأسلحة والزينة ما جمعه الغوري من وجوه الظلم والجور والتحف التي أخرجها من الخزائن من ذخائر الملوك السالفين من عهد ملوك الترك حكام مصر والشام الأيوبيين وذلك عدا ما كان في بيوت الأمراء وغيرهم من رجال الدولة. ووجه ابن عثمان الجيش إلى مرعش ففتحها وملك معها ثلاث عشرة قلعة من مملكة الغوري وأحرز ما فيها من مال وسلاح.

وذكروا أن العثمانيين عثروا في خيمة الغوري في مرج دابق على مائتي قنطار من الفضة ومائة قنطار من الذهب وفي رواية أن هذه الخزينة كان فيها ما قيمته مليون ليرة وقيل: إنه وجد في قلعة حلب ثلاثمائة ألف ثوب كامل.

وأقام السلطان العثماني في حلب ثمانية عشر يوماً وبايعه أهلها بحضور واليها خير بك، وتوجه إليه أمير المؤمنين المتوكل على الله العباسي، وكان جاء مع الغوري من مصر ومعه القضاة الثلاثة فأجلس السلطان الخليفة وجلس بين يديه وخلع عليه وأنعم عليه بمال ورده إلى حلب، ووكل به أن لا يهرب أي إنه أسره بأسلوب لطيف، وصلى الجمعة في الجامع الكبير فأطلق الخطيب على السلطان العثماني لقب خادم الحرمين الشريفين فكان ذلك كما قال راسم فأل خير بأن السلطان سليماً سيكون صاحب دولة إسلامية كبرى. قال: وكان خيره باي خير بك أحد أمراء الغوري استأمن السلطان العثماني لما تقهقر جيش مصر فأنقذ نفسه. وولى السلطان على حلب قراجا باشا. وسار في جيشه إلى حماة وحمص ففتحت له أبوابهما، وبايعه أهلهما على الطاعة كما بايعه أهل طرابلس والقدس. وجاء السلطان دمشق فاستقبله أهلها ورضوا به ملكاً عليهم، فكأنه بدخوله دمشق عاج ببعض بلاده القديمة. قال ابن طولون: وفي يوم الخميس الثامن والعشرين شعبان 922 وصل متسلم ملك الروم الأتراك إلى القابون الفوقاني واسمه مصلح ميزان، ثم وجه من يكشفون له هل يسلم أهل دمشق أم يقاتلون، في سائر الجوامع، ثم تتابع دخول العسكر،

وفي يوم السبت مستهل رمضان منها وصل ملك الروم إلى المصطبة السلطانية بأرض برزة (( قرية شمال شرق دمشق بقليل )) في عساكر عظيمة يقال: إن
عددها مائة ألف وثلاثون ألفاً وعزل عن نيابة دمشق يونس باشا وولى مكانه أحمد بن يخشي. وفي يوم الاثنين العشرين من ذي القعدة وهو خامس شهر كانون الأول ورابع الأربعينيات الشتوية سافر ملك الروم من دمشق إلى مصر لأخذها من يد الشراكسة.


مقابلة أمراء البلاد سلطانهم الجديد وتغير الأحكام:
======

قابل الأمراء السلطان سليماً ومنهم الأمير فخر الدين المعني الأول أمير الشوف فخطب أمامه بالنيابة عن أمراء البر خطبة جميلة استمالت بها قلب الفاتح، فأحسن إليه وخلع عليه وسماه سلطان البر وأفضل عليه وعلى رفاقه من الأمراء مثل الأمير جمال الدين الأرسلاني اليمني الذي جعله والياً على بلاد الغرب والأمير عساف التركماني أمير بلاد كسروان وبلاد جبيل، وأمرهم أن يحسنوا السياسة لقومهم وأن يسعوا بكل ما يؤول إلى عمران بلادهم،

وقدمت إليه الناس من كل جانب إلا الأمراء التنوخيين القيسيين فإنهم لم يأتوا لأنهم كانوا من حزب الدولة الشركسية. وقال كامل باشا: أن أمير العرب ناصر الدين ابن الحنش وكان عهد إليه الدفاع عن دمشق من قبل الشراكسة قَبِل بالصلح الذي اقترحه عليه خيرباي وخضع للسلطان سليم، فنزل هذا في القصر الأبلق فجاءه محافظو قلاع سورية وأمراء العرب والدروز يعرضون الطاعة له.

ويقول ابن إياس: إن الأمير ناصر الدين بن الحنش، أمير عربان حماة لما بلغه أن ابن عثمان أرسل طلائع عسكره وقد وصلت إلى القابون بالقرب من دمشق، لقيهم ابن الحنش وحصل بينه وبين عسكر ابن عثمان مقتلة عظيمة وقتل منهم جماعة وأطلق عليهم الماء من أنهر دمشق حتى صار كل من دخل في تلك المياه بفرسه يوحل فلا يقدر على الخلاص فهلك من عسكر ابن عثمان جماعة كثيرة.

ولما استقرت الحال بالشام ضرب السلطان سليم المكوس على الناس وعلى الأحكام الشرعية فتعطلت الحدود.

قال الغزي: ولما بلغ الإمام علي بن محمد المقدسي أن العثمانيين ضربوا الجزية حتى على المومسات تنخع الدم من كبده وتمنى الموت، للقهر الذي أصابه وللغيرة على دين الإسلام وتغير الأحكام وقال في دخول السلطان سليم دمشق هذه الأبيات:

ليت شعري من على الشام دعا ... بدعاء خالص قد سمعا
فكساه ظلمة مع وحشةٍ ... فهي تبكينا ونبكيها معا
قد دعا من مسه الضر من ال ... ظلم والجور اللذين اجتمعا
فعلا الحجب دعا فانبعثت ... غارة الله بما قد وقعا
فأصاب الشام ما حل بها ... سنة الله التي قد أبدعا


هذا ما رواه مؤرخ ذاك العصر، وربما وكان فيما بلغه مبالغة نشأت من تعصب للدولة الشركسية أو رجاء أخفق، وكان يظن أنه يتم على يد ابن عثمان من إقامة الحدود ورفع المظالم شيء كثير في مدة قصيرة، وما خلت دولة مهما بلغ من سخفها وسخف القائمين بها من أنصار لها على الحق والباطل، وكثير من الأمور إذا نظرت إليها من وجهها راقتك، وإذا ملت إلى الوجه القبيح أحصيت عليها بعض العيوب.




السلطان في دمشق وفي الطريق لفتح مصر:
================

جهز السلطان سليم جيشه في دمشق وقضى فصل الشتاء فيها يعمر بعض المباني. وقال صولاق زاده: إن السلطان سليماً كان مدة إقامته في دمشق يختلف في الأوقات الخمسة إلى الشيخ محمد بلخشي في جوار جامع بني أُمية وإن السلطان سليماً لما كان يعتقد بالاستمداد من أرواح الأنبياء العظام الطاهرة، وأرباب المقامات الشريفة لم يغفل هذا المقصد مدة إقامته في دمشق، ولما رأى قبر العارف بالله محيي الدين بن عربي قد تداعى وخربت تربته أمر بتعميره علىما يجب، وأنشأ بجواره جامعاً على أجمل طرز، وعمر زاوية بقربه، ووقف على ذلك عدة قرى ومزارع. وقال أيضاً: إن السلطان سليماً صرف الأمراء والجند فأخذوا دستوراً إلى مواطنهم ليقضوا فيها فصل الشتاء بعد أن استراح اثني عشر يوماً في المصطبة.


وذكر ابن طولون أن النائب بدمشق ابن يخشي نادى في 2 ذي الحجة 922 بالأمان والاطمئنان، وأن لا ظلم ولا عدوان، ولا يحمل أحد سلاحاً، وأن لا يتكلم أحد فيما لا يعنيه.


سار السلطان عن طريق البر إلى غزة فعصت عليه ففتحها حرباً، والتقى جيش العثمانيين مع جيش المصريين في خان يونس بين غزة والعريش، فشتت الجيش العثماني الجيش المصري، ثم عصت غزة والرملة فقمع ثائر الغزاة فيها، وكانت الوقعة المهمة بين عسكر مصر وعسكر ابن عثمان على الشريعة بالقرب من بيسان اندحر فيها المصريون وقاد جندهم الغزالي. قال ابن طولون: وفي 16 ذي الحجة 922 التقى سنان باشا الوزير الأعظم لملك الروم مع جان بردي الغزالي وكسر الغزالي فدقت البشائر بقلعة دمشق وسيب بها نفط كثير ثم نادى النائب بالزينة واستمرت مدة أسبوع.


ذهب السلطان سليم في جيشه إلى مصر وقتل الملك الذي كان بايع له المصريون بعد هلاك السلطان الغوري واسمه طومان باي، ففتح القطر المصري على أيسر سبب، قال ابن طولون: ولما وردت البشائر بفتح مصر زينت دمشق سبعة أيام ودارت مبشرو الأورام على بيوت الأكابر والحارات بالطبول والنايات ثم أتبعوها بزينة سبعة أيام لما ورد الخبر بأن السلطان سليماً أفنى الشراكسة.


وعاد السلطان عن طريق البر إلى الشام بعد تغيبه ثمانية أشهر ودخل دمشق 11 رجب 923 وفي يوم 22 منه طلبت العساكر النزول في البيوت فهجموا على
النساء وتضرر الخلق بذلك ضرراً زائداً وتحقق أن السلطان عزم على الإقامة بدمشق فغلت الأسعار وعند ذلك شرع بعمارة تربة ابن عربي وصرف عليها عشرة آلاف دينار. ومن غريب التوفيق أن السلطان سليماً كان أعد في ذهابه إلى مصر خمسين ألف جمل لحمل المياه في الصحراء التي تفصل الشام عن مصر فأمطرت السماء مطراً غزيراً أغنى جيشه من ماء الروايا، وسهل عليه قطع صحراء التيه.


وبينا كان السلطان سليم سائراً إلى مصر تأخر من جماعته من في الرملة، أناساً فشاع الخبر أن أهل المدينة قتلوهم، وبلغ ذلك السلطان فأمر بقتل أهل البلد فقتلوا عن آخرهم ولم يبق فيها ديار ولا نافخ نار. ويقول القرماني: إن السلطان أمر بقتل عامة أهل الرملة عند عودته من مصر وقد بلغه الثقات أن أهلها قتلوا من كان عندهم من العسكر المجروحين.


وقال ابن إياس: إن الغزالي لما تلاقى مع سنان باشا على الشريعة أشيع في غزة أن الغزالي قد انتصر على عسكر ابن عثمان وقتل سنان باشا وعسكر ابن عثمان، فبادر على باي دوادار نائب غزة وأجناده فنهبوا وطاق العثمانيين وأحرقوا خيامهم وقتلوا ممن كان في الوطاق والمدينة من العثمانية نحو أربعمائة إنسان ما بين شيوخ وصبيان وممن كان بها مريضاً، فلما ظهر أن الكسرة على عسكر مصر وقتل من قتل من الأمراء رجع سنان باشا إلى غزة فوجد من كان بها قد قتل ونهب الوطاق، فجمع أهل غزة قاطبة وقال لهم: من فعل ذلك بنا؟ قالوا: علي باي دوادار نائب غزة، وأجناد غزة، ولم نفعل نحن شيئاً من ذلك،

فأمر سنان باشا بكبس بيوت غزة فوجدوا فيها قماش العثمانية وخيولهم وخيامهم فقال لهم سنان باشا: نحن لما دخلنا غزة هل شوشنا على أحد منكم قالوا: لا. فقال لهم: كيف فعلتم بعسكرنا ذلك، فلم يأتوا بجواب ولا عذر ولا حجة فعند ذلك أمر عسكره أن يلعبوا فيهم بالسيف فقتلوا منهم كثيرين وراح الصالح بالطالح.

ونصب السلطان والياً على مصر خير باي نائب حلب، ووالياً على دمشق جان بردي الغزالي نائب حماة، وأضاف إلى هذا القدس وغزة وصفد والكرك، وأما حمص وطرابلس والمدن البحرية فجعلها بأيدي عماله من الأتراك، وبقي الحال على ذلك مدة طويلة. وكانت ولاية دمشق تمتد من المعرة النعمان بادلب إلى عريش مصر على مال معين قدره مائتا ألف دينار وثلاثون ألف دينار.

قال شمس الدين سامي: إن جانبردي الغزالي كان قائداً عاماً للجيش الذي أرسله طومانباي لقتال السلطان سليم فغُلب في الوقعة التي جرت في غزة وفرّ ثم رأى أن يستأمن السلطان سليماً ويخدمه، فأعانه على قهر طومانباي وفتح مصر ثم كان سبباً لقتل طومانباي. ومكافأة لخدمته نصبه السلطان والياً على دمشق، أما حلب فقد نصب عليها قره جه أحمد باشا ودام فيها والياً ثلاث عشرة سنة لغنائه وكفايته في خدمة دولته.


من كتاب خطط الشام ... للمؤرخ السوري محمد كرد علي ...

 
الأندلس :

فالجش Falces : بلدة وحصن يقع شمال الأندلس في مقاطعة نافار وهو من الحصون العديدة التي شيدها والي الأمويين محمد بن لب بن موسى. الذي ينتمي لأسرة "بني قسي" أشهر أسر المُولدين وصاحبة التاريخ الطويل في الجهاد والثورات والتناقضات في تاريخ الأندلس.

De8yJXmU8AA5kx_.jpg


De8yJXoVQAAax4K.jpg

De8yJXqVMAAlsoi.jpg

De8yJXpV4AE4fvV.jpg
 
رسومات قديمة من صحف عربية قُبيل وأثناء حرب 1967م (النكبة الثانية)!


Cnf7dB9UsAE7-T8.jpg

Cnf7euuUMAAv8wh.jpg

Cnf7gfVUkAAPr8m.jpg

Cnf7iRHUMAEFkvf.jpg
 
سالنامة ولاية سوريا


سالنامة ولاية سوريا 1285هـ




سالنامة ولاية سوريا 1286هـ




سالنامة ولاية سوريا 1288هـ




سالنامة ولاية سوريا 1289هـ




سالنامة ولاية سوريا 1291هـ




سالنامة ولاية سوريا 1292هـ




سالنامة ولاية سوريا 1293هـ




سالنامة ولاية سوريا 1294هـ




سالنامة ولاية سوريا 1295هـ




سالنامة ولاية سوريا 1296هـ




سالنامة ولاية سوريا 1297هـ




سالنامة ولاية سوريا 1298هـ




سالنامة ولاية سوريا 1299هـ




سالنامة ولاية سوريا 1300هـ




سالنامة ولاية سوريا 1301هـ




سالنامة ولاية سوريا 1302هـ




سالنامة ولاية سوريا 1303هـ




سالنامة ولاية سوريا 1304هـ




سالنامة ولاية سوريا 1305هـ




سالنامة ولاية سوريا 1306هـ




سالنامة ولاية سوريا 1307هـ




سالنامة ولاية سوريا 1309هـ




سالنامة ولاية سوريا 1310هـ




سالنامة ولاية سوريا 1312هـ




سالنامة ولاية سوريا 1313هـ




سالنامة ولاية سوريا 1315هـ




سالنامة ولاية سوريا 1316هـ




سالنامة ولاية سوريا 1317هـ




سالنامة ولاية سوريا 1318هـ




تحميل أعداد سالنامة ولاية سوريا مجتمعة





 
الرتب في الدولة العثمانية
=============


اهتمامي بنظام "التشريفات" العثمانية في عصر التنظيمات وما تضمنه من قواعد ناظمة لمنح ألقاب النبالة الرسمية المستخدمة في الدولة وحملها وتدوينها وتوارثها، والرتب الملحقة بها وأنواعها، وألفاظ التخاطب المرافقة لها قديم متجدد.

والبحث المرفق في هذا الألبوم هو باكورة كتاباتي في هذا الموضوع الشائك الذي ما زال يعتوره الإهمال لدى الباحثين في التاريخ العثماني، مما مرده ربما إلى ما ينطوي عليه من تعقيد.

أترككم مع بحثي عن الرتب في الدولة العثمانية على اختلاف أنواعها وتسلسلها في مراسم التشريفات المنشور قبل عقد من الزمان في "موسوعة الأسر الدمشقية" لمؤلفها د. محمد شريف الصواف الصادرة عن بيت الحكمة بدمشق في العام 2008.


أدمن الصفحة/ عمرو عبدالإله مرعي الملاح



33079932_987924144705577_8200762751996395520_n.jpg

33312895_987924221372236_7748138237687758848_n.jpg

33146733_987924304705561_9023331173379604480_n.jpg

33115494_987924441372214_2525072549616812032_n.jpg

33145793_987924548038870_9022127650528821248_n.jpg

33082982_987924641372194_3464133210055639040_n.jpg


 
عودة
أعلى