الفرق بين انفعال الخوف ومفهوم الجبن

akm

عضو
إنضم
25 سبتمبر 2008
المشاركات
126
التفاعل
13 0 0
ثمة فرق بين انفعال الخوف ومفهوم الجبن

د. كامل الفراج-أستاذ علم النفس-جامعة الكويت



إذاً، وتحت هذه المظلة من المفاهيم عموماً، ندرك أن الخوف ليس فعلاً سيئاً، وإنما هو انفعال ضروري لبقاء الإنسان، فـ”المجرم السيكوباتي” المعدوم الضمير والخوف معاً هو إنسان خطر على نفسه وعلى الناس عموماً، وغالباً ما تنتهي حياته في السجون.
أما الجبن فهو استجابة معقدة تحمل صفات يرفضها المجتمع، كالبخل والأنانية والتردد والخوف المبالغ فيه وضعف الشخصية وضعف الإيمان والعقيدة وفي المقابل، فإن الشجاعة لا تعني اختفاء الخوف، بل السيطرة على هذا الخوف والتحكّم بمستوى تداعياته وارتداداته، وتجتمع في الشجاعة قيم نبيلة عدة منها: الإقدام وعدم التردد في أخذ القرار الصحيح والثقة بالنفس والكرم والنخوة والشهامة والعفو والتسامح والإيمان بالهدف والعقيدة إلى غير ذلك من القيم الإنسانية الرفيعة.
وثمة فرق بين الشجاعة والجرأة، وكثيراً ما يخلط الناس بين الشجاع والجريء، فصفة الجرأة يتساوى فيها الإنسان مع الحيوان، فالأسد كالحيوانات المفترسة عموماً، يمتاز بالجرأة لكننا لا نستطيع وصفه بأنه حيوان شجاع، لأن الشجاعة صفة مقصورة على الإنسان دون غيره من الكائنات الحية، ومن يتّصف بالجرأة من دون الشجاعة قد يتجرأ على الحق أو يعتدي على الناس، ولا يتورع عن الاجتراء على معصية الخالق عز وجل، وفي هذا السياق تأتي الآية الكريمة لتؤكد أن الخوف من الله تعالى يمثل قيمة عظيمة “إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء”.
يطلق على مركز الخوف في دماغ الإنسان اسم “التكوين العصبي للوزة”، وهو أصغر من إبهام الإنسان البالغ،وإذا وضع المرء إصبعه على الجزء الأمامي من أعلى الأذن، فإنه يشير تقريبا إلى مركز “اللوزة” التي توجد في النسج الداخلية من الدماغ وإذا أزيل مركز الخوف من دماغ أي كائن حي وهذا يشمل الإنسان طبعاً يختفي الخوف كلياً، ويصبح الإنسان خصوصاً عديم الضمير متبلّد المشاعر وقليل الحياء، واستناداً إلى ذلك فإنه يبدو أن مركز الحياء في الدماغ يوجد كذلك في هذا الموضع.



أربعة
أساليب للتدريب






تقر أساليب التدريب أن الخوف هو استجابة فطرية تلقائية لا شعورية، وعليه فإن الهدف من تدريب المقاتلين ليس إلغاء الخوف وإنما السيطرة على المشاعر المنبثقة منه أو المؤدية إليه. والخوف الشديد قد يشلّ دماغ المقاتل ويمنعه من أداء المهام الموكلة إليه، فعلى سبيل المثال، قد يقف العسكري الخائف متسمّراً دون حراك أمام حدث مفاجئ ،فيعرّض نفسه والآخرين من حوله لخطر العدو، وكما أن انعدام الخوف قد يؤدي، مع وجود الجرأة المفرطة، إلى كشف مواقع المقاتلين ومن ثم إزهاق الأرواح، كذلك فإن الخوف الشديد قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.


إن التدريب للسيطرة على مشاعر الخوف عند المقاتلين يعتمد نفسياً على أربعة أساليب، هي:




1 -


مواجهة الخوف:



تنص القاعدة المبدئية على أن الاعتياد على المواقف المخيفة يضعف استجابة الدماغ لها، فإذا أردنا أن نوكل مهمة القتال في بيئة معينة لمجموعة من الجنود، فمن الأفضل أن نوجد نموذجاً مصغراً في ميدان التدريب مشابهاً لمسرح العمليات الحقيقي، فالجيش البريطاني مثلاً قام بإنشاء قرية تشبه إلى حد كبير القرى الأفغانية، من حيث البيوت والأزقة والمرافق العامة حتى أن جنوداً بريطانيين تم إلباسهم ملابس أفغانية ليظهر المكان كأنه جزء من بيئة أفغانية حقيقية في هذا المسرح العملياتي، إذاً، درّبت بريطانيا جنودها قبل أن ترسلهم للقتال في أفغانستان، وذلك حتى يتعرف الجنود على كل المفاجآت المتوقعة، ويتغلبوا على مشاعر الخوف من المجهول الذي ينتظرهم في بلاد لا يعرفونها.


كذلك تدرّب القوات الخاصة الأمريكية مقاتليها بأساليب عدة لجعلهم أقل خوفاً من مفاجآت القتال في الأدغال والأماكن المظلمة، فمثلا يقوم المدرب بوضع كيس أسود في رأس المتدرب، ثم ينزعه فجأة، وعليه أن يستجيب في كل مرة لمفاجأة مختلفة، كالضرب أو إطلاق الرصاص الفارغ، وبذلك يتعلم المقاتل كيفية السيطرة على خوفه والرد بسرعة في حال أي طارئ.




2 -


التركيزعلى الهدف:



مثل كل الانفعالات الأخرى، يسهم انفعال الخوف في تشتيت الانتباه، كما يؤدي الهلع الناجم عن الخوف الشديد إلى حالة من الفوضى في الدماغ تتراجع معها قدرة العقل على التحكم برد الفعل إلى حدّها الأدنى، ولتفادي الوصول إلى هذه الحال يتم تدريب المقاتل على حصر تركيزه الذهني في المهمة المطلوب منه تنفيذها، والهدف من هذا الأسلوب هو إيجاد تنظيم في الدماغ في مقابل الفوضى العصبية التي أحدثها الخوف.




3 -


التحكم بمحادثة الذات:



يتكلم الإنسان مع نفسه طوال الوقت، ويُسمى هذا الفعل “حديث الذات”، وقد انتبه العلماء لأهمية هذا الفعل اللاواعي وتأثيره في سلوك الإنسان، فالحديث مع الذات قد يتضمن أوامر وأفكاراً لها أبلغ الأثر على السلوك، وهو أقرب إلى برامج ينفذها الإنسان في عتبة ما تحت الوعي، ولذلك يتم تدريب المقاتل على التحكم فيما يقوله لنفسه فلا يردد، عبارات سلبية من قبيل: “إنني حتماً سأفشل في هذه المهمة”، أو “أنا لا أستطيع وقد أفقد السيطرة على نفسي” مثل هذه العبارات المثبّطة التي تدور في الذهن، وقد تتسبب في الخوف والهلع، وتؤدي إلى فشل المقاتل في إنجاز المهمة الموكلة إليه.




4 -


خفض الإثارة:



يتوّلد انفعال الخوف في المراكز الفطرية من الدماغ، ولهذا عرف العلم منذ فترة طويلة أن خلق حالة ذهنية كالاسترخاء مثلاً، يتعارض مع انفعال الخوف ويضعفه، ويمكّن الخائف من السيطرة على مخاوفه، وفي علم النفس العسكري يتم تدريب المقاتل على التعامل مع الشعور بالخوف أو الهلع، وهو في قلب الحدث( المعركة)، إذ عليه أن يتنفس بعمق فيزيد من نسبة الأكسجين في الدم، ويقلل بالتالي من حمضيته وهذه الحالة الفسيولوجية تؤدي إلى رفع قلوية الدم، الأمر الذي يهدئ الدماغ ويعزز فيه نسبة موجات الاسترخاء (ألفا)، ويتبع هذا استرخاء في عضلات الجسم، يفضي إلى تراجع مشاعر الخوف وقد تبدو هذه المسألة صعبة حين يحاول المقاتل أن يتنفس بعمق ويسترخي في موقف ضاغط، إلا أن تكرار التجربة وتعلّم الاستجابة لها أثناء التدريب يجعل الأمر أكثر سهولة.





المصدر
 
رد: الفرق بين انفعال الخوف ومفهوم الجبن

علم النفس و العسكرية مرتبطان ارتباط وثيق جدا منذ الأزل.. و الحديث عنه بالتفصيل يحتاج لصفحات طويلة.

صراحة انا معجب جدا بهذا العلم ( النفس ) سواء كان عسكريا او لا... فالتجارة فيه مربحه جدا

التمارين و المناورات العسكريه... جزء كبير منها يركز على التهيئة النفسية للمقاتلين.. و لكن في الطرف الاخر هناك الحرب النفسية.
شكرا و تقبل تقييمي المتواضع
 
عودة
أعلى