الطائرات المسيرة ،، قرن من الابتكار والتحديث

night fury

عضو
إنضم
23 مارس 2008
المشاركات
4,508
التفاعل
1,267 1 0
الدولة
Jordan
الطائرات المسيرة ،، قرن من الابتكار والتحديث


إن استيعاب التقنيات الحديثة في مجال المعلومات والاتصالات قد أدى إلى تحول وتغير جذري في طبيعة مفاهيم الإستراتيجية العسكرية المعاصرة وما يتعلق بالقدرة والكفاءة للعمليات القتالية ، وأصبحت ما تعرف اليوم بالطائرات المسيرة UAV أو DRONE أو الطائرات المقاتلة المسيرة UCAV تشكل دورا هاماً في هذا التحول إذ أنها منحت القوات العسكرية ميزات جديدة مستفيدة من نظام المعلومات والاتصالات وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من شبكة العمليات المركزية، ورغم أن الاهتمام في الطائرات المسيرة قديم قدم الطائرات التي يقودها الطيارون فقد بدأت هذه الطائرات المسيرة تحتل مصادر الأخبار نتيجة لآثارها العسكرية الفعالة في الصراعات الأخيرة التي أظهرت أهميتها وقدرتها الفعالة في مهاجمة الأهداف بالإضافة إلى واجباتها الأساسية في الاستخبارات وكذلك توجيه الأسلحة إلى أهدافها ، فمن أين بدأت هذه التكنولوجيا و ما الطبيعة الإستراتيجية التي تسلكها في مسرح العمليات؟ هذا ما سأتطرق إليه في هذا المحور من الملف ،،،،،،،
مفهوم الطائرة المسيرة
‏ تعرف الطائرات المسيرة بأنها مركبات جوية تطير بدون طاقم بشري بل تطير مستقلة بذاتها أو توجه عن بعد وتستخدم القدرة الجوية الديناميكية التي تسمح برفع المركبة ، كما أنها تستطيع أن تحمل حمولة مهلكة أو غير مهلكة،وتعرف الطائرات المسيرة من دون طيار بمصطلح UAV اختصاراً من unmanned aerial vehicle أو RPV Remotely Piloted Vehicles كما يطلق عليها اسم Drone ولتفريق بين هذه التسميات الإصلاحية تقتصر مهمات drones على المهام الاستطلاعية أما مصطلح UAV فيتوسع عن ذالك ليشمل كافة الأنواع التي يمكن إضافة القدرات القتالية إليها .
يتم إطلاق هذه الطائرات بطرق مختلفة إما بالطريقة الاعتيادية أو باليد أو بواسطة عربات إطلاق ، وتخلف أحجامها ما بين الصغيرة و المتناهية الصغر micro والمتوسطة الحجم والكبيرة بناء على نوع المهمات الموكلة ويتحكم في خط مسارها و السيطرة على الأنظمة الفنية فيها لاسلكياً من بعد لتقوم بالطيران إلى منطقة المهمة الموكلة إليها والعودة ، كما سنعرف بالتفصيل في محاور أخرى من هذا الملف
‏ خلفية تاريخية
قد يعتقد البعض أن فكرة ابتكار وإنتاج الطائرات المسيرة بكافة أشكالها وأنواعها وليدة العصر الحديث من التكنولوجيا ولكنها في الواقع قديمة قدم نظيراتها من الطائرات المأهولة الأخرى ، وإذا ما تعقبنا تاريخ هذا النوع من تكنولوجيا الطيران التي أصبحت تشكل نقطة حرجة في القدرات العملياتية والقتالية للجيوش الحديثة ، فقد بدأت فكرت المركبات الجوية المسيرة أو الغير مأهولة في فبراير 1863 عندما قام تشارلز برلي Charles Perley من مدينة نيويورك بصميم بالونا يطير بالهواء الساخن يحمل سلة تحتوي على متفجرات و آلية توقيت تعمل على إسقاط المواد المتفجرة في الزمن المحدد في جهاز التوقيت وحصل على أول براءة اختراع في مجال تصميم المركبات الجوية غير المأهولة.
وفي عام 1883م قام الانجليزي Douglas Archibald باستخدم طائرة ورقية kite لالتقاط صور جوية وكانت أول عملية استطلاع لطائرة بدون طيار وبعد خمسة عشر عام وإثناء الحرب الاسبانية الأمريكية استخدم احد الجنود الأمريكيين وهو العريف وليام أدى Corporal William Eddy نفس تصميم ارتشي بلاد في الحصول على مئات الصور الاستطلاعية وهو ما يعتبر أول استخدام لتلك النماذج في بيئة قتالية فعلية .
في 1910م قام كل من الدكتور بتر كوبر وايمر سبري باختراع معزز جيروسكوبي آلي استخدم في تحويل طائرة البحرية الأمريكية N-9 إلى أول طائرة قتالية مسيرة تعمل بواسطة التحكم بالراديو وهي 1910s UCAV—Sperry Aerial Torpedo ، وفي وقت لاحق وبعد سنوات من التطوير ، في نوفمبر 1917 استخدمت هذه الطائرة مع الجيش الأمريكي ولأهمية هذا النوع من المركبات الجوية بداء بناء مشروع أريل توربي دو (الطربيدات الجوية ) والذي أثمر في النهاية إلى تطوير طائرات بدون طيار أنبوبية الشكل أطلق عليها Kettering Bug وكان أول تحليق لها في 1918م وشكلت ثورة تكنولوجية ناجحة في هذا و في عام 1917 استطاع لورنس سيبرى تطوير طائرة بدون طيار مشابهه لطائرة Kettering أطلق عليها طوربيد سبيرى N-9 وقامت بالعديد من الرحلات الناجحة ولكنها لم تستخدم في الحرب العالمية الأولى.

UAV—Queen Beeفي عام 1930 ، بعد محاولات عديدة سبقت ذلك الوقت بعشرة سنين، باء أكثرها بالفشل،تم تصميم طائرة Queen Bee ملكة النحل من اجل استخدامها كهدف تدريبي Aerial Target للبحرية الملكية البريطانية كانت أول طائرة مسيرة قابله للاستعادة وإعادة الاستخدام يتم إطلاقها من البحر أو البر ويتم التحكم فيها عن بعد عن طريق الريموت كنترول ونجح النموذج الثالث وهي أول طائرة مسيرة أطلق عليا مصطلح Drone طيار، وكان استعمالها ـ كأهداف للمدفعية ـ محدوداً جداً وفي 1934 كانت البداية الحقيقية حين نجحت تجربة الطائرة (ملكة النحل) (Queen Bee)، وقد أنتج منها في 1934 و1935 حوالي 420 طائرة للبحرية البريطانية، كانت سرعتها 110 ميل/ ساعة ومدة طيرانها تقارب الأربع ساعات.

UAV—Radioplanes في عام 1939 قام الانجليزي Reginald Denny (ممثل سابق في هوليود كانت له اهتمامات واسعة في مجال التحكم بالراديو ) بتأسيس شركة Radioplane مستفيدا من عدد من مهندسين وخبراء الراديو الذين قام باستئجارهم، وقامت الشركة بتطوير عدد كبير من الطائرات تعمل بالتحكم مثل RP-4 , ,RP-2, RP-3، RP-1 واستطاعت تلك الشركة بناء الآلاف من تلك الطائرة كطائرات أهداف خلال الحرب العالمية الثانية وكانت من إحدى أوائل العاملات في تجميع تلك الطائرات في الشركة Norma Jean و اشتهرت فيما بعد بمارلين منرو Marilyn Monroe كأحد المع الممثلات والعارضات في تلك الفترة .

UCAV—V-1 في عام 1940 في بداية الحرب العالمية الثانية أمر هتلر ببناء طائرة Fieseler Fi-103 يتم إطلاقها من منجنيق عرفت فيما بعد ب Vertgeltungswaffe-1 وخلال الأربعينيات استخدم الألمان في مرحلة ما بعد عام 1941 طائرات بدون طيار مقاتلة أطلق عليها V-1 and V-2) بعدها تم إنتاج الطائرتين المسيرتين BQ-7 و PB4Y-1 ، بقدرة وفعالية اكبر من سابقتها V-1 مما دفع الوحدات الجوية الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية إلى تطوير قاذفة مسيرة تستطيع ضرب مواقع إطلاق هذه الطائرات ، وبالفعل تم إنتاج قاذفة تقلع بواسطة طاقم مكون من 2 يطيرون بها إلى ارتفاع 2000 قدم ثم يقذفو بالبرشوت ومن ثم يستخدم التحكم بواسطة الراديو لإيصال الطائرة وضرب مواقع إطلاق V-1 ، وكانت تلك هي المرة الأولى التي ستخدم طائرات مسيرة ضد طائرات مسيرة.
وبعد انتهاء الحرب واستحواذ الاتحاد السوفيتي وأمريكا على مخلفات ألمانيا المندحرة بدأ زمن بحوث وتطوير الطائرات المسيرة.
في عام (1958م) بدأ مكتب تصميم(Tupolev) بحوثه في تصميم أول طائرة سوفيتية مسيرة لأغراض الاستطلاع (Tu- 121)، والتي عانت من مشاكل في الهبوط بسبب سرعتها العالية مما يؤدي إلى حدوث أضرار في معداتها أثناء هبوطها بالمظلة.

Fire Bee 1952، بدأ شركة تليداين ريان Teledyne Ryan تجاربها على طائرة Fire Bee-1 ، ومنذ ذلك الحين، أُنتج ما يزيد على 7 آلاف طائرة من مختلف الأنواع، منها ما يُطلق من الطائرات، ومنها ما يطلق من منصات (قواذف) أرضية؛ إذ إن لها قدرات فائقة على المناورة، وكذلك حمل ما ترغبه من أجهزة، ومعدات طبقاً للوزن المسموح به ، وما أن أُسِّر الطيار الأمريكي باروز بعد إسقاط طائرته التجسسية U-2 فوق الأراضي الروسية، أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية تلك الرحلات ووجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في حاجة ماسة إلى المعلومات، وتصاعدت الحرب الباردة بعد ذلك حين أسقطت المقاتلات السوفيتية طائرة استطلاع أمريكية فوق المياه الإقليمية بين النرويج والاتحاد السوفيتي وأُسر اثنين من ملاحيها الخمسة ظهرت الحاجة الماسة؛ لتطوير، واستخدام الطائرات الموجهة من دون طيار؛ لاستكمال الاستطلاع فوق الاتحاد السوفيتي، ولكن لم يظهر شيء إيجابي ملموس في هذا المجال،وكانت أزمة الصواريخ الكوبية في 1962، حين طلب الأمريكان ـ رسمياً ـ من الاتحاد السوفيتي (السابق) سحب صواريخهم من كوبا ، برزت الحاجة ـ مرة أخرى ـ للعودة إلى مشروع تطوير الطائرات الموجهة من دون طيار،واستفيد من خبرات استخدام هذه الطائرات خلال فترة الحرب الفيتنامية من 1964 – 1979 وبالفعل، اهتمت الحكومة الأمريكية بهذا الموضوع، وأعطته أولوية، وظهر النوع (A-147)، والمطور عن (RAYAN FIRE-Bee-1)، في المشروع المسمى Fireflies كطائرة موجهة من دون طيار؛ لأغراض الاستطلاع، وطوِّر عنها أكثر من 220 نوعاً مختلفاً؛ لمهام استطلاع الخط الأمامي، ولكافة المهام .
DASH في أواسط الستينيات في القرن الماضي، طورت شركة Gyrodyne التابعة للبحرية الأمريكية حوامة موجة مضادة للغواصات DASH وكانت هذه الطائرات الموجهة تحمل هذه الأسلحة تحمل صواريخ طوربيدات لضرب الغواصات المعادية .





في عام 1971م بدأت القوات الجوية الأمريكية اختبارات لتقويم إمكانية استخدام الطائرات غير المأهولة في عمليات إسكات الدفاعات الجوية المعادية، واستخدمت في هذه الاختبارات الطائرة BGM- 34A التي تتميز عن الطائرة FIRE-Bee بوجود نقطتين لتعليق الأسلحة على الجناحين ، وكاميرا تليفزيونية للرؤية الأمامية، وحاوية لوصلة البيانات في طرف الذيل العمودي، وسلحت هذه الطائرة في التجارب الأولية بالصاروخ " AGM-65 Maverick، والصاروخ الموجَّه تليفزيونياً Hobos ، وأطلقتهما نحو مواقع دفاع جوي وهمية و وأدى نجاح هذه الاختبارات إلى تطوير الطائرة BGM-34B التي زودت بمقدمة أطول لتحمل مستشعراً للرؤية الأمامية، يعمل بالأشعة تحت الحمراء Forward Looking Infarad Flir، وجهازاً لإضاءة الأهداف بالليزر وخضعت هذه الطائرة لعدد من الاختبارات، وسلحت بقنابل Paveway الموجهة ليزرياً ثم ظهر النموذج BGM-34C للقيام بمهام الاستطلاع والهجوم الأرضي معاً ولكن برنامج تطوير واختبار هذه النماذج توقف في عام 1979م .وقام الجيش الأمريكي باختبار الطائرات فايرنيفي عمليات إسقاط قنابل زنة 227 كجم عام 1971م.
بقية البرامج الأمريكية الأخرى لإنتاج الطائرات المسيرة انظر الجدول المرفق:-



في عام (1973م) أنتج الروس طائرة(Tu-143) الصغيرة المسماة (Reis) التي كانت تطير من أي مكان واستخدمت للاستطلاع الجوي في الظروف الجوية السيئة ، وبوجود دفاعات جوية معادية ، وفي المناطق الجبلية ، وقد تم تصوير النشاطات الحربية فوق إسرائيل بواسطتها عام (1982م) حيث كانت إسرائيل تعلم بوجودها ولكنها لم تستطع كشفها وإسقاطها. وفي عام (1982) أنتج الروس طائرة (Tu-343) وذلك بتطوير الطائرة (Tu-123) وسميت(Reis-D) وزودت بمعدات متطورة ، وبدءاً من عقد الثمانينات ازداد عدد الدول المهتمة ببحوث وإنتاج الطائرات المسيرة
1980 Scout
في الثمانينات انضمت إسرائيل إلى الدول المصنعة للطائرات المسيرة حيث قامت ببيعها إلى عدد من الدول. ففي فبراير عام 1974 استطاعة إدارة المهمات الإسرائيلية تأسس سلاح RPV ورسميا بنهاية ذلك العام ووقع عقد مع شركة Lockheed وعقود فرعية مع شركات أخرى وفي 1980 أنتجت الطائرة المسيرة Scout بواسطة شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية IAI والتي عملت على تطويرها للاستخدامات التكتيكية ، وفي يونيو عام 1982 استخدمت إسرائيل الطائرات بدون طيار Scout و Mastiff مزودة بكاميرات تليفزيونية لنقل المعلومات ، أدى إلى النجاح في العمليات بسهل البقاع اللبناني ثم توالت الأنواع المختلفة للطائرات المسيرة التي تنتجها إسرائيل إلا أن أصبحت اليوم من اكبر الدول المنتجة والمصدرة لهذه التقنيات.
كانت هذه لمحة موجزة عن بداية الخطوات الأولى لميلاد عصر تكنولوجيا الطائرات المسيرة التي لم يقتصر الحلم بها على الدول الأنفة الذكر فحسب بل توسعت دائرة إنتاجها لتشمل عددا كبيرا من دول العالم بما فيها ايطاليا التي دخلت هذا المضمار خلال العقود وتصدرت القائمة الأوربية في هذا المجال ، أيضا فرنسا واسبانيا وعدد من الدول الأوربية و جنوب إفريقيا واستراليا والصين كما سنتطرق له لاحقاً ،ويمكننا القول أن كل تلك الجهود التي بذلت خلال قرن قد أثمرت بالفعل في تغيير مفاهيم الكفاءة العسكرية العملياتية وخلقت أرضية واسعة لطبيعة العمليات المستقبلية .
مهام الطائرات المسيرة
تتعدد مهام الطائرات المسيرة سواء كانت استخباراتية أو قتالية بحسب نوع الطائرة والمعدات المركبة عليها وتشمل هذه المهام :
الاستطلاع والمراقبة والاستخبارات
تتمثل المهمة الرئيسية للطائرات المسيرة في القيام بمهام الاستخبارات و الاستطلاع والمراقبة وذلك لقدرتها على تنفيذها بسبب التقدم في استخدام المجسات و تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة ،حيث تسهم هذه الطائرات ، ضمن مجموعة عمليات الاستطلاع، كعامل هام في تحقيق الرؤية المشتركة والمفهوم العملياتي للاشتباكات الدقيقة،‏فالمعلومات الاستخباراتية الدقيقة تشكل المرتكز الرئيسي لنجاح العمليات العسكرية في مناطق القتال وخاصة تلك التي تتسم بالطابع المغاير للعمليات التكتيكية ، وتكون هذه المعلومات من الأهمية حتى لو أرسلت طائرات مأهولة يقودها طيارون مع ما قد يشكله ذلك من مخاطرة كبيرة قد تودي بحياة الطيار وخسارة الطائرة وما يترتب على ذلك من خسائر مادية أو معلوماتية تسهم بشكل أو بآخر في صالح القوى المعادية .
ففي حرب فيتنام أوضحت الصور التي حصلت عليها طائرات الاستطلاع المسيرة Firebee AQM-34 Ryan بدقة مواقع الصواريخ أرض جو والمطارات المعادية ونشاطات البواخر في ميناء هيفونج وتقدير خسائر المعركة، وعلى الرغم من أن حمولتها الرئيسة كانت مجرد كاميرا فقط، إلا أنها استخدمت في عمليات التشويش على الرادار ، والاستطلاع الإلكتروني ،كما تم تخصيص مجموعة طائرات من هذا الطراز لدراسة خصائص صواريخ الدفاع الجوي السوفيتية الصنع، وفي أفغانستان استخدمت طائرات Global Hawk لعمليات الاستطلاع قبل المعركة ولتقدير الخسائر بعدها، وكذلك استخدمت طائرات بردتر Predator أيضاً لتزويد الصور لطائرات AC-130 ،وكان نصيب طائرات الصقر العالمي بردتر 5 ٪ من الطلعات الجوية ولكنها قدمت 50 ٪ من نسبة المعلومات عن أهداف حساسة من حيث التوقيت الزمني ، وقد قامت اثنتا عشرة طائرة مسيرة بإطلاق105 صاروخاً من نوع هلفاير وحددت 525 هدفا عن طريق أشعة الليزر ، وفي العراق أيضا فقد تم استخدام56 طائرة مسيرة أكبر حجماً وكذلك ستين طائرة أصغر حجما ًوسهلة الحمل، و جميعها قد أطلقت 62 صاروخاً وحددت 146 هدفا ًعن طريق الليزر‏.
‏ تواجه الطائرات المسيرة نظامين منافسين لها في تحقيق مهام الاستطلاع والمراقبة و هذان النظامان هما الأقمار الصناعية والمنصات التي يشرف عليها العسكريون ، ورغم أن الطائرات المسيرة قد أظهرت مقدرتها وأفضليتها على هذين النظامين في جمع المعلومات فإنه لا تزال بعض القيود الهامة التي تعترض سبيلها،‏فالطائرات الكبيرة الحجم والتي يقودها طيارون تستطيع أن تحمل نظام المراقبة والإنذار المحمول جواً وكذلك النظام المشترك للمراقبة وإصابة الأهداف بالرادار،ولكن هذين النظامين له قدرة محدودة على المناورة والدفاع، و خسارة مثل هذه الطائرات من المحتمل أن تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الجيش الذي يستخدمها ، وعلى كل حال فإن الطائرات المسيرة لا تستطيع أن تحل تماماً محل هذين النظامين المذكورين آنفا ، ولهذا يحاول خبراء الصناعات العسكرية حالياً البحث عن مجسات تلفزيونية عالية المستوى ورادارات وأجهزة رادار تخترق الرقائق وتأخذ صورا طيفية فائقة الدقة،بالإضافة إلى رادارات بفتحات كيميائية صناعية وطريقة محدثة لتحديد الأهداف المتحركة وكذلك مواقع الأهداف في كافة أنواع الأراضي وفي كل مجالات العمليات العسكرية كما أن التكنولوجيا المتقدمة في مجال المجسات لا تزال موضع التطوير.
ونظراً للحاجة الماسة لتوافر المعلومات الفورية للقائد، أو متخذ القرار الموجود ـ عادة ـ بعيداً عن منطقة القتال الفعلية، لذلك فإن هذه الطائرات التي توفر إرسال صورة فورية مفصلة عن أرض المعركة بوساطة دوائر تليفزيونية تعطي القائد ميزة حقيقية كبيرة، ألا وهي اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
ومن ناحية أخرى فإن الطائرات المسيرة تستطيع أن تقضي وقتا أكثر في التأني والمراقبة وهي أصغر من الطائرات العادية وسهلة الإخفاء ، كما أنها أقل ثمنا من حيث الكلفة والتشغيل والدعم،ورغم ذلك فإن طائرات الاستطلاع السريعة النفاثة في مهابطها لا تزال في موقع الحاجة إليها وفي الحالات التي لا تستطيع الطائرات المسيرة تنفيذها.
الاستطلاع المسلح وإخماد الدفاع الجوي المعادي
تركزت الإستراتيجية العسكرية في الفترات الأخيرة على ضرب الأهداف المعادية بصواريخ موجهة و الحرص على إبقاء القوات بعيدة عن الأذى ولكن هذه الإستراتيجية شهدت قصوراً كبيراً في مسرح العمليات، ويكمن هذا القصور في الفارق الزمني والتأخير الكبير بين الحصول على معلومات استخباراتي عن الأهداف الحساسة والهامة في المناطق المعادية وبين تنفيذ هجوم حقيقي بالصواريخ على تلك الأهداف ،، الأمر الذي دفع إلى التفكير بمنصة مسلحة للاستطلاع بغية ضرب الأهداف الحساسة من حيث الزمن، كما دفعت الحاجة العملياتية والتقدم التكنولوجي إلى تطوير أنظمة تسليح للطائرات المسيرة قادرة على إنجاز ضربات قتالية ناجحة ،وقد فتح نجاح هذه الضربات مجالا للنقاش حول الدور الجديد الذي يجب أن تلعبه الطائرات المسيرة في إخماد الدفاعات المعادية وفي تدمير العدو وعزله ، أو ما يعرف وفق وزارة الدفاع الأمريكية بأنه نشاط يعزل العدو ويدمره أو يضعف الدفاعات الأرضية المعادية بطريقة التدمير أو الإبطال ،ولتحديد فاعلية هذه الطائرات في هذا الدور مع استمرارية تحرك الأهداف في العمليات فإن المدفعية أو الطيران أو أي من الأسلحة التي تشتبك مع تلك الأهداف، تكون في حاجة ماسة إلى معلومات دقيقة جداً، كما يلزمها المتابعة لعملية التدمير، ثم تقدير مدى الإصابة ، وهنا يأتي دور الطائرات المسيرة كأفضل وسيلة لتحديد الأهداف وتستخدم هذه الطائرات في إدارة نيران المدفعية، والصواريخ التقليدية، وفي مجال استخدام الأسلحة والذخائر التي تعمل بنظام الليزر وتقييم الخسائر، وتحديد نتائج الهجمات الجوية في الإسناد الجوي القريب، أو القصف المدفعي في عمق دفاعات العدو .
القتال الجوي والآمال المستقبلية
مكنت خبرة استعمال الطائرات غير المأهولة في النزاعات الدولية الأخيرة، والمشاكل الالكترونية والتقنية التي تعرضت لها، الشركات المصنعة من تطوير هذه الطائرات لتواكب المهام المطلوبة منها ، بحيث أصبحت مصممة لإلقاء المقذوفات على الأهداف المعادية، ثم الدفاع عن نفسها والعودة إلى قواعدها، والاقتراب بالتالي من مهام المقاتلات التقليدية ،ويجري حالياً تطوير نوع من الطائرات الموجهة يمكن تجهيزها بحيث تحمل حاويات استطلاع وأجهزة استشعار، وأيضاً أسلحة تنطلق بها إلى منطقة الأهداف المعادية ثم تعود لتقوم بمهام أخرى، ويمكن لنماذج أخرى أن تصمم بحيث تؤدي مهاماً انتحارية، إذ تقوم بتدمير نفسها بهدف إنجاز مهامها.
إن المعايير الرئيسية للمقاتلات الجوية هي القدرة على التسلل- القدرة على المناورة – الكلفة وهذه المعايير هي التي تضمن التفوق الجوي في المستقبل ومن هنا بدأ التفكير عما إذا كانت الطائرات المسير القتالية UCAV قادرة على أن تحل محل المقاتلات ، خلال العقدين القادمين ، ولكن تعقيدات المعركة الجوية التي تعد من أصعب المهام القتالية تقف حجرة عثرة أمام استخدام الطائرات المسيرة للمهام القتالية ، فمثلاً قصور خط الرؤية على نقل المعلومات المطلوبة سيزيد من أهمية الاتصالات عن طريق الأقمار الصناعية وعليه فإن البنية التحتية لنظام الاتصالات للأقمار الصناعية لا تستطيع أن تساند العدد المناسب الكبير من الطائرات المسيرة و الطائرات المسيرة القتالية .
فعلى سبيل المثال احتلت طائرة الصقر Global Hawk 20 ٪ من متطلبات سعة الذبذبات للولايات المتحدة في حرب الخليج ، كما أن النظام المستقل سوف يقلل من متطلبات سعة الذبذبات، وعلى كل فإنه من غير المحتمل أن تحل المركبات الجوية القتالية المسيرة محل المقاتلات التي يقودها الطيارون في جميع العمليات.
ولكن التكنولوجيا لا تقف عند حد معين ومع تواصل البحوث العلمية لكبريات الشركات العالمية المصنعة لهذه الطائرات قد تتمكن الطائرات المسيرة من تنفيذ نفس المهام التي تؤديها الطائرات الاعتيادية، إلا أن الفرق هو عدم وجود طيار ويمكن استخدامها وسط المخاطر والظروف الجوية السيئة، وبفترة طيران كبيرة نسبة للطائرات الاعتيادية، حيث يستطيع قائد الطائرة من قيادتها وهو جالس في غرفة مكيفة وأمامه عصا القيادة وشاشات التلفزيون والحاسبات.
تحقيق التفوق المعلوماتي
تعمل وزارة الدفاع الأمريكية على تطوير نوعين من الطائرات المسيرة لدعم التصور المشترك لعام 2010م الخاص بالسعي نحو التفوق المعلوماتي، وهذان النوعان هما الطائرات المسيرة التكتيكية، و الطائرات المسيرة ذات القدرة على التحليق على الارتفاعات العالية HALE وهذه الأخيرة ستكون موجودة على مستوى مسرح العمليات تحت السيطرة الكاملة لقائد قوات المهام المشتركة، ومن شأنها أن تؤمن المراقبة على مساحة واسعة فوق ميدان القتال، أما الطائرات المسيرة التكتيكية فستكون تحت سيطرة قادة أدنى من ذلك مثل القادة على مستوى الكتيبة ومن شأنها أن تؤمن تغطية ذات تركيز أكبر.
الطائرات المسيرة ذات القدرة على التحليق على الارتفاعات العالية HALE عبارة عن نظام استطلاع متطور محمول جواً، تمثله الطائرة المسيرة جلوبال هوك Plus Global Hawk، وينصب هدف هذا النظام في تحقيق عديد من متطلبات الخدمات العسكرية والتي تختص بقدرة المراقبة بعيدة المدى وقدرة تصوير مساحات واسعة، وتقديم الدعم لقائد مسرح العمليات. و الطائرات المسيرة عبارة عن تصميم تقليدي لطائرة ذات بدن وجناح وذيل، تعمل بمحرك نفاث، ومهيأة لحمولة ومدى وقدرة تحمل معينة، وتحمل الرادار SAR، وأجهزة استشعار كهروبصرية- حرارية، وتستطيع بالرادار أن تقوم بمسح منطقة بدرجة دقة أفضل من ثلاثة أقدام.
المهام والوظائف المدنية
توجد العديد من المهام التي تقوم بها الطائرات المسيرة وتشمل المسح الجوي ورسم الخرائط الطبوغرافية و مراقبة حركة المرور ورصد الاختناقات وحوادث الطرق، مراقبة أنابيب النفط والغاز التي تمر عبر الجبال والصحاري والمناطق الوعرة والنائية وتصوير مناطق الغابات ورصد الحرائق والمساعدة في إخمادها و مراقبة السدود المائية.ومسح الأراضي النائية لأغراض التنقيب عن المعادن والمياه الجوفية وتنفيذ المهام التي تؤديها الأقمار الصناعية والطائرات المروحية وغيرها من المهام .
التوجهات المستقبلية
إن التوجهات المستقبلية تسعى إلىالجمع بين جهود الطائرات التي يقودها الطيارون والطائرات المسيرة بما فيها من مجسات وربط بالأقمار الصناعية والوصول إلى فكرة عملياتية مشتركة عن أرض المعركة، كما أن تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وكذلك برامج للعقل الالكتروني تمثل ضرورة لجمع المعلومات التي ستكون عاملاً مؤثراً في عمليات الاستطلاع والمراقبة في المستقبل، كما أن التوجهات المستقبلية لنظام جمع المعلومات في المستقبل ستكون مبنية على مستوى صغير من القيادة مع الأخذ بعين الاعتبار مداخل للإدارة والتوجيه بشكل تفصيلي والتي تتمثل في تعاون الطائرات التي يقودها الطيارون والطائرات المسيرة
إن الجانب الهام هو أن الطائرات المسيرة تعزز من قدرة الجيوش من خلال مهمات الاستطلاع والاستخبارات والمراقبة و القدرة على تنفيذ مهام قتالية تقليل تعرض قواتها للخطر ، ومن ناحبة أخرى ،ستبقى الطائرة المسيرة تلعب دورها الفعال في عمليات الاستخبارات والاستطلاع والمراقبة حيث تنفذ مهمات تكتيكية بالتوافق والتنسيق مع الطائرات المأهولة الأخرى،و سوف يزداد دورها الفعال في أي صراع في المستقبل في أية مهمة خاصة أو فوق المدن كما أن الطائرات القتالية المسيرة والطائرات المسيرة قادرة على تنفيذ هجمات ومهمات وقائية لإخماد الدفاعات الجوية للعدو ولكن ليس من المحتمل أن تستطيعان ترد على هذه النيران المعادية بشكل فعال وذلك بسبب تزايد الأنظمة المتطورة للدفاع الجوي عبر العالم

 
عودة
أعلى