نزع سلاح الدول العربية يتم بصورة تدريجية ومبرمجة

إنضم
22 نوفمبر 2009
المشاركات
29
التفاعل
3 0 0
مع انتهاء الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو وجدت أمريكا نفسها القطب الأوحد الآمر الناهي فكرست جهود مراكزها الاستراتيجية ومفكريها ومخططيها وقياداتها الاقتصادية والعسكرية لطرح فلسفة جديدة تتناسب من الوضع الجديد خصوصاً بعد هزيمتها النكراء في حرب فيتنام وبناءً على تلك الفلسفة الجديدة التي صاغها اليمين المتطرف المتحالف مع الصهيونية رأت الولايات المتحدة انها لن تتمكن من الحفاظ على هيمنتها إلا إذا تمكنت من التدخل في أي منطقة يحدث فيها ما قد تعتبرهتهديداً مباشراً أو غير مباشر لمصالحها كما أدركت أن تدخلها في أي منطقة سوف يكونمقيداً إذا كان أحد أطراف هذه المنطقة يملك أسلحة للدمار الشامل وحيث إن أغلبالمستشارين وبعض الوزراء والسفراء ومحرري الصحف وحكام بعض الولايات وعدد لا يستهان به من أعضاء الكونغرس هم من اليهود الذين لا تهمهم إلا مصلحة إسرائيل أو من يوالون اليهود على حساب مصلحة بلادهم الحقيقية فقد جاءت جميع التوجهات الأمريكية الجديدة منصبة على منطقة الشرق الأوسط. لذلك أصبح من أهم أهداف تلك السياسة العمل على ضبط انتشار أسلحة الدمار الشامل على مستوى العالم بصورة عامة وعلى مستوى الشرق الأوسط بصورة خاصة ويستثنى من ذلك دولة إسرائيل التي تدعم مادياً ومعنوياً وعلى جميع المستويات وحلال عليها امتلاك أسلحة الدمار الشامل الذي يحرم على غيرها امتلاكه. ليس هذا فحسب بل إن مجرد الشك في وجوده يقود إلى حرب ضروس وامتلاك ونزع لجميع أنواع الأسلحة حتى البنادق وخير مثال لذلك ما يحدث في العراق.
ومن ناحية أخرى فإن الولايات المتحدة أدركت أن الركون إلى القوة العسكرية وحدها ليس كافياً لضمان استمرار قيادتها للنظام العالمي، لذلك سعت لاستخدام الأداة العسكرية في تحقيق أهدافها الاقتصادية وكما هو معروف ومشاهد كان التطبيق الحرفي لهذا الأسلوب في منطقةالشرق الأوسط وهذا التوجه يمثل بكل جلاء أهم أوراق المساومة بل التحكم الأمريكي بمصير دول وشعوب عديدة مثل الصين وروسيا واليابان وأوروبا خلال القرن الواحدوالعشرين.
وفي إطار سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة ترتيب الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بدأت باحتلال العراق وتهديد سوريا وإيران والضغط على بقية دول المنطقة وطرح مشروع الشرق الأوسط الكبير وذلك لخدمة مصالحها ومصالح إسرائيل الاستراتيجية. وفي سبيل ذلك بدأت التدخل في البداية تحت مظلة الأمم المتحدة ثم تفردت هي وبريطانيا بالقرار لتخلص من القوة العسكرية العراقية واستغلال موارده الاقتصادية والسماح لإسرائيل بلعب الدور الذي ترغبه في ذلك البلد من وراء الكواليس.
ولإسكات العرب الذين يصدقون الوعود تلو الوعود اطلقت أمريكا عدداً من المبادرات لحل أزمة الشرق الأوسط وضمان حقوق الفلسطينيين ظهرياً ابتداءً من مشروع مدريد 1991م إلى خارطة الطريق 2003م ومروراً بمشروع ننت ومؤتمر شرم الشيخ ولقاء العقبة وأخيراً ظهرت الحقيقة وجاء وعد بوش 2004م بإسقاط حق العودة للفلسطينيين وعدماحترام حدود 1967م وتأييد السياسات الإرهابية لمجرم الحرب شارون بكل قسوتها ومنافاتها لابسط حقوق الإنسان التي يتشدقون بها.
وعليه فإن سقوط المعسكر الشيوعيوأحداث حرب الخليج الثانية الناجمة عن احتلال صدام للكويت مثل فرصة ذهبية لإسرائيل من خلال أمريكا لإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة بما يخدم مصالحها الاستراتيجية. وتمهيداً لذلك تمت الدعوة إلى نزع أسلحة الدمار الشامل الذي مهد له قبل ذلك بسنين عندما سمحوا لنظام صدام حسين بامتلاك الأسلحة الكيميائية ثم استخدموه وسيلة لضرب العراق واحتلاله ونزع كافة أسلحته وتسريح جيشه وما يحدث اليوم في العراق للامريكيين وللعراقيين سوف يحدد مصير المنطقة بكاملها فإن غرقوا في العراق فلن يكرروا التجربة مرة أخرى وإن نجحوا في العراق فالدور سوف يأتي على بقية دول المنطقة.
وعلى أية حال فقد قصد من الحرب على العراق واحتلاله عدة أمور منها:
تحذير بقية دول المنطقة ومن خلالها بقية دول العالم الثالث بأن أمريكا سوف تقول وتفعل وبمنتهى الشدة كل من تسول له نفسه معارضة التوجهات الأمريكية وسوف يجدون لذلك عدداً غيرمحدود من المبررات مثل مساعدة أو حماية أو دعم الإرهاب أو تطوير أسلحة الدمارالشامل أو غير ذلك من التهم المسبقة الصنع في دهاليز المخابرات والاحتكار.
تحذير موجه إلى الدول الكبرى الأخرى والتي ربما تحاول منافستها على الزعامةالعالمية وخصوصاً روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وهي التي عارضت الغزو الأمريكي للعراق (إن لم تكن الأدوار موزعة لتظهر بهذا الشكل).
والحقيقة أن التوجه الجديد لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط هو نزع جميع أنواع الأسلحة وتفريغ المنطقة من أي قوة عسكرية يمتد بها باستثناء إسرائيل ذلك أن في عرفهم أن امتلاك الدول العربية أو أي دول عربية لجيش قوي سوف يهدد السلام في المنطقة أما امتلاك إسرائيل لأحدث أنواع الأسلحة بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل من نووية وكيماوية وجرثومية فإنه يحقق الاستقرار وهذه المفارقة ليست جديدة عليهم ذلك انهم يصفون شارون بأنه حمامة السلام ويصفون أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي بالإرهابيين ومنظمة حماس بكل فعاليتها المشروعة وحتى الإنسانية منها انها منظمة إرهابية هذا هو الاجحاف والظلم وعدم التوازن والكيل بمكيالين.
فأمريكا كما هو معروف تدعم إسرائيل من الإبرة حتى الصواريخ والطائرات والدبابات وفي المقابل تضغط على الصين وكوريا الشمالية وروسيا بالحد من تسليح الدول العربية على الرغم من أن أسلحة تلك الدول غير متقدمة.
إن الحد من تسلح الدول العربية ودعم التسليح الإسرائيلي قد أحدث خللاً في موازين القوى العسكرية في المنطقة مما دفع بإسرائيل إلى العربدة غير المسبوقة بما في ذلك هدمالمنازل واغتيال القيادات وحرق النسل والحرث في سابقة تاريخية لم تشهدها المنطقة منقبل.
ومن استقراء أرض الواقع يستطيع المرء أن يرى أن الولايات المتحدة الأمريكيةتستخدم وسائل كثيرة لإعادة ترتيب الأوضاع الأمنية في المنطقة ولعل أهم تلكالوسائل:
1- الوجود العسكري المباشر للقوات الأمريكية في منطقة الخليج والعراقسواء عبر الغزو أو عبر اتفاقيات ثنائية أو الوجود العسكري البحري في مياهالخليج.
2- دفع معونات اقتصادية وعسكرية لإسرائيل لضمان تفوقها النوعي ومعوناتاقتصادية لبعض الدول العربية المجاورة لها لضمانربطها اقتصادياً بالولايات المتحدةالأمريكية وذلك حتى يتسنى الضغط عليها من خلال تلك المساعدات للاستفادة من دورهاالمحوري في المنطقة.
3- ضبط التسلح في منطقة الشرق الأوسط ويشمل ذلك ظاهرياًأسلحة الدمار الشامل وجوهرياً ليشمل جميع أنواع الأسلحة المعتبرة ويستثنى من ذلكإسرائيل وقد ظهر ذلك على شكل مناداة من الدول الكبرى (التي كانت كبرى) لضبط التسلحوفق قواعد القانون الدولي. كما نادت الهيئات والوكالات الدولية بصياغة أو إعادةصياغة مواثيق دولية لضبط التسلح على المستوى الدولي بصورة عامة والعالم العربي والإسلامي بصورة خاصة.
هذا على الرغم من أن التقارير تُشير إلى أن إسرائيل تمتلك منظومة متكاملة من السلاح النووي يمكن تلخيصه فيما يلي:
رؤوس ذرية من عيار (20) كيلو طن وبعضها من (10) كيلو طن.
رؤوس هيدروجينية تصل قوتها النووية إلى (200) كيلو طن.
رؤوس نووية تكتيكية وهي عبارة عن رؤوس نووية صغيرة للغاية وذاتقدرات تدميرية محدودة وتتراوح شحنها ما بين ( 0.2إلى 0.5) كيلو طن.
هذا عداأنواع عديدة من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
وذلك بالإضافة إلى وسائلالإيصال مثل طائرات أف 15وأف 16والصواريخ والمدفعية وغيرها من التي تحصل عليها من أمريكا شبه مجان.
وقد عمدت إسرائيل إلى سياسة الغموض حول ترسانتها النووية وعبرت عن ذلك بالعبارة الشهيرة التي تقول (إن إسرائيل لن تكون الدولة الأولى التي تدخل السلاح النووي في المنطقة، ولكنها لن تكون الثانية التي تفعل ذلك). كما عمدت إسرائيل إلى محاربة امتلاك الدول العربية للأسلحة النووية وذلك من خلال اغتيال العلماء وتدمير أي مفاعل أو منشأة نووية وذلك مثل ما يحدث لعلماء كثيرين والذين لن يكون آخرهم يحيى المشد وتدمير المفاعل النووي العراقي عام 1981م فعيونهم ساهرة وعيون العرب في سبات عميق.
وفي الختام لا يسعنا إلا أن نقول إن أمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهما من الدول الكبرى والصغرى سوف تمنع الدول العربية من التسلح وامتلاك التقنية المتقدمة بكل ما أوتوا من قوة وإن لم يجهضوا الأسلحة التقليدية الحديثة التي تملكها بعض الدول العربية عن طريق الحرية فسوف يجهضون تلك الأسلحة من خلال احتكار قطع الغيار وبالتالي التقادم ومن ثمَّ عدم الصلاحية أما إسرائيل فسوف تستمر تحدث ترسانتها بكل جديد وحديث ليس هذا فحسب بل إن مردود مبيعات السلاح الإسرائيلي يمثل جزءاً رئيسياً من ميزانية الدولة هناك وبالتالي ستظل لها الهيمنة على الدول العربية مجتمعة. لذلك فإن الدول العربية مندوبة لكي تنتبه لذلك الملعوب البعيد المدى وأن تعمل على امتلاك العقول القادرة على توطين التقنية بجميع أنواعها بل تطويرها مادام في الوقت متسع وإن لم يتم ذلك فلهم الويل والثبور لا قدرالله.
والله المستعان.
 
عودة
أعلى