أجهزة الرؤية الليلية .. التقنية والاستخدامات

ابابيل

عضو
إنضم
17 أكتوبر 2009
المشاركات
559
التفاعل
16 0 0
لواء د.- علي محمد رجب
p020_1_1.jpg

أصبحت العمليات الليلية في ظروف الحرب الحديثة من الأهمية بحيث أصبح لها تكتيكاتها وأسلوبها ومعداتها الخاصة. ونظراً لما توفره العمليات الليلية من مزايا عديدة، تولي الدول اهتماماً كبيراً القدرات القتالية لجيوشها، لتمكنها من الاستمرار في أعمال القتال ليلاً ونهاراً. وأدى التطور السريع في تكنولوجيا الكهروبصريات إلى ظهور تطبيقات واسعة خاصة في المجال العسكري، حيث ظهرت تطبيقات كثيرة لأغراض الرؤية، وتسجيل صور الأهداف المختلفة في حالات الإضاءة المنخفضة.
ولقد كانت العمليات الليلية في الماضي تعتمد على إضاءة أرض المعركة، واستخدام مقذوفات المدفعية، أو المشاعل المضيئة، أو قنابل الطائرات، إلا أن هذه الطريقة كانت تعتبر سلاح ذو حدين، فهي رغم قدرتها على إضاءة أرض المعركة، إلا أنها في نفس الوقت كانت تحدد مواقع وأماكن القوات المستخدمة لها. وفي الحرب العالمية الأولى استخدمت بواعث الضوء.

وبالرغم من اكتشاف الأشعة تحت الحمراء سنة 1800م، إلا أنها لم تستخدم على نطاق واسع إلا مع بدء الحرب العالمية الثانية، عندما فاجأ الألمان الحلفاء بمعارك ليلية بالدبابات، بدون استخدام بواعث الإضاءة، ولكن باستخدام بواعث كاشفة لأرض المعركة بالأشعة تحت الحمراء، مثبتة على دبابات، إلا أن البريطانيين تمكنوا من اكتشاف هذه الأجهزة، فكان يتم اكتشاف البواعث بواسطة نظارات حساسة للأشعة تحت الحمراء، حيث يتم تحديد موقعها وتدميرها.
وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة الدول التي زاد اهتمامها أخيراً بالعمليات الليلية، وكانت حربا كوريا وفيتنام هما حقلا التجارب لأجهزة الرؤية الليلية. وبدأ في أواخر الخمسينات وبداية الستينيات من القرن الماضي ظهور واستخدام أجهزة الرؤية الليلية السلبية ، التي تعمل بتكثيف ضوء النجوم. وفي منتصف الستينيات بدأ تصميم أجهزة الرؤية الحرارية، ومع بداية السبعينيات بدأ تطوير هذه الأجهزة والبحث في جعلها أصغر حجماً، وأقل وزناً وتكلفة، ثم بدأ استخدام أجهزة الرؤية والتصوير الحراري على نطاق واسع خلال السنوات العشرة الماضية. وبذا أصبحت أجهزة الرؤية الليلية بأنواعها بديلا لإضاءة أرض المعركة بالطرق التقليدية القديمة. ويمتاز استخدام هذه الأجهزة بقلة التكاليف، وبالقدرة على استخدامها لفترات طويل ومستمرة.
طبيعة الضوء
الضوء هو عبارة عن موجات كهرومغناطيسية، تتقسم حسب الطول الموجي والتردد Frequency إلى نطاقات طيفية Bands، وهي: الأشعة الكونية Cosmic Rays أشعة جاما أشعة أكس الطيف الضوئي الميكروويف موجات الراديو.
وينقسم الطيف الضوئي إلى ثلاثة أقسام رئيسية، حسب الطول الموجي:
<= من 01.0 : 35.0 ميكرون أشعة قوق البنفسجية (غير مرئية).
<= من 35.0 : 77.0 ميكرون أشعة الضوء المرئي.
<= من 77.0 ميكرون وحتى 1 مم، الأشعة تحت الحمراء (غير مرئية).
وينقسم الضوء حسب الطول الموجي إلى الألوان التالية بالترتيب: بنفسجي، سماوي، أزرق، أخضر، أصفر، برتقالي، أحمر.
وتنقسم الأشعة تحت الحمراء إلى ثلاثة نطاقات:
<= من 77.0 : 5.2 ميكرون، نطاق قريب.
<= من 5.2 : 6.5 ميكرون، نطاق متوسط.
<= من 6.5 : 1000 ميكرون، نطاق بعيد.
وبدراسة تأثير الجو على الأشعة تحت الحمراء، وجد أن نافذية هذه الأشعة في الجو ترتبط بالطول الموجي، وأنه يوجد ثلاثة نطاقات طيفية تكون النفاذية فيها أكبر ما يمكن، ولهذا سميت هذه النطاقات "نوافذ" Windows للأشعة تحت الحمراء. وهذه النوافذ هي:
(1) النافذة القريبة: من 9.0 إلى 5.2 ميكرون.
(2) النافذة المتوسطة: من 3 إلى 5 ميكرون.
(3) النافذة البعيدة: من 8 إلى 12 ميكرون.
أجهزة الرؤية الليلية الإيجابية
تعمل هذه الأجهزة في النطاق القريب من الأشعة تحت الحمراء (75.0 : 5.1) ميكرون، وتتكون من باعث يتضمن مصدر ضوئي، وعاكس مرشح، يسمح بنفاذ الأشعة تحت الحمراء (من 75.0 إلى 5.1 ميكرون)، وجهاز الرؤية الذي يتكون من مجموعات بصرية، وصمام تحويل الصورة، ومصادر للطاقة.
ويقوم الباعث بإصدار الأشعة تحت الحمراء في اتجاه الهدف، فتسقط عليه، وتنعكس في اتجاه جهاز الرؤية، مكونة صورة غير مرئية، حيث تقوم عدسة جهاز الرؤية بإسقاطها على صمام تحويل الصورة، فيتم تحويل الصورة إلى صورة مرئية على شاشة في الصمام، ترى مكبرة من خلال عدسات.
ومن مميزات أجهزة الرؤية الليلية الإيجابية: إمكانية استخدامها في الأوساط الجوية السيئة، مثل الشبورة وستائر الدخان الصناعية، وفي الأماكن المغلقة أو الغابات، وإمكانية رصد أهداف مموهة بدرجة معينة. أما أوجه القصور في هذه الأجهزة فهي سهولة رصد بواعث الأشعة تحت الحمراء من مسافات بعيدة، مما يفقدها ميزة السرية، وضرورة الضبط الدوري لمخروط الأشعة، والتنسيق المستمر بين الباعث وجهاز الرؤية، وإمكانية تعمية الأجهزة إذا تم تشغيل بواعث ذات قدرات عالية بالمواجهة، بالإضافة إلى أن المدى محدود نسبياً.
أجهزة الرؤية الليلية السلبية
للتغلب على إمكانية رصد بواعث الأشعة في الأجهزة الإيجابية ظهرت الأجهزة السلبية التي تعتمد على مستويات الإضاءة المنخفضة للضوء المرئي ليلاً (ضوء القمر والنجوم). وتعمل هذه الأجهزة بتكثيف الضوء المرئي (الطول الموجي من 35.0 : 77.0 ميكرون)، ويتم تجميع الضوء المنعكس من الأهداف مكوناً صورة مرئية خافتة على صمام التكثيف، حيث تنبعث الإلكترونات حسب شدة الإضاءة الساقطة، لتسقط على الشاشة الفوسفورية، حيث تسبب توهج الشاشة وإظهار صورة الهدف.
وكان صمام الجيل الأول من هذه الأجهزة يتكون من ثلاث مراحل متماثلة التركيب والتصميم، بغرض تكثيف الضوء الضعيف، للوصول به إلى القدر الذي يمكن العين البشرية العادية من التقاطه بوضوح، حيث تقوم كل مرحلة بتكبير شدة الاستضاءة 40 مرة، حتى يصل التكبير، بعد المراحل الثلاث، إلى أكثر من 60 ألف مرة. وتتلخص عيوب صمامات هذا الجيل في قصر المدى نسبياً، وزيادة الوزن والحجم، وتلف الصمامات نتيجة التعرض للضوء نهاراً، أو استمرار تعرضها لوهج المقذوفات وإضاءة أرض المعركة ليلاً.
وللتغلب على هذه العيوب، ظهرت صمامات الجيل الثاني، التي تتكون من مرحلة واحدة، وتمتاز بقدرتها على التكبير الاختياري للإضاءة في النقط المختلفة، بحيث ينخفض معامل التكبير في النقط المضيئة، بينما يزيد في النقط المظلمة، مما يجعلها مناسبة عند استخدام الذخيرة المضيئة.
أما صمام الجيل الثالث فيشبه إلى حد كبير صمام الجيل الثاني، إلا أنه يستخدم مواد لها حساسية فائقة للضوء في المجال المرئي والنطاق القريب للأشعة تحت الحمراء، التي تزاد نسبتها، كما تزداد انعكاساتها من الأهداف ليلاً. ولذا فإن صمامات الجيل الثالث تعمل في المجال المرئي والنطاق القريب للأشعة تحت الحمراء.
وتتلخص عيوب أجهزة التكثيف في قصر المدى، والتأثر الكبير بالعوامل الجوية (ضباب- دخان- سحاب)، وبالضوء المبهر والإضاءات الجانبية، وبالكشافات الضوئية، وعدم القدرة على تمييز الأهداف المموهة.
أجهزة الرؤية الحرارية
بدراسة الظواهر الطبيعية، وجد أن الأجسام التي درجة حرارتها فوق الصفر المطلق (273 درجة مئوية تحت الصفر) تنبعث منها أشعة تحت الحمراء، وكلما زادت درجة حرارة الجسم كلما زادت الطاقة المنبعثة، وقل الطول الموجي لهذه الأشعة. والأهداف الأرضية التي تتراوح درجة حرارتها من (- 40 إلى + 80)، ينبعث منها إشعاع حراري بطول موجي من (8 إلى 12 ميكرون)، في حين يكون من (3 إلى 5 ميكرون) لمحركات الطائرات والأهداف الصاروخية (درجة حرارة 400 مئوية).
ووجد أن نفاذية الأشعة في الجو تكون كبيرة جداً عند نطاق الطول الموجي من (8:12) ميكرون، لذا فإن هذه الإشعاعات قادرة على اختراق الدخان والضباب وأحوال الرؤية السيئة، وكذا سحابة الدخان الصناعية، إذا كانت في الطول الموجي من (8:12) ميكرون.
ولذلك، تم تصميم أجهزة الرؤية الحرارية، لتعمل في النطاق الموجي من (8:12) ميكرون، وتعتمد على الإحساس بالتباين Contrast في درجة الحرارة بين الأهداف والخلفية التي ورائها. ووجد أن أنسب كواشف Detectors للأشعة تحت الحمراء تعمل في هذا النطاق هي كواشف مصنعة من مركب "كادميوم تلوريد الزئبقي" وتعمل بكفاءة عالية جداً إذا تم تبريدها إلى درجة حرارة (- 196 تحت الصفر المئوي)، وعند سقوط الأشعة على الكاشف تتكون إشارة كهربية يمكن استغلالها في تكوين صورة مرئية للأشعة الحرارية، المنبعثة من الهدف.
ولذا يجب تبريد الكواشف إلى درجة الحرارة (- 196 درجة مئوية) للتخلص من حركة الجزئيات بها، ولكي تكون الإشارة الخارجة من الكواشف معبرة عن الأشعة الساقطة من الهدف فقط، ويتم التبريد بطرق مختلفة، منها تمرير الهواء البارد لامتصاص الحرارة، أو استخدام دائرة تبريد مغلقة، أو مولد هواء نقي مضغوط.
مميزات استخدام أجهزة
التصوير الحراري
يمكن استخدام الأسلحة ليلاً بمدى لا يقل عن 50 60% من المدى النهاري.
عدم الاعتماد على الإضاءة أو على الرؤية البصرية أثناء الليل.
إمكانية الاستخدام نهاراً في حالات الرؤية الضعيفة.
تفادى أعمال الإعاقة البصرية للعدو، مع التقليل من كفاءة أعمال الإخفاء والتمويه للعدو.
العمل بكفاءة خلال الشبورة والغبار والضباب والدخان الصناعي وفي الغابات والأحراش.
تمييز الأهداف، وذلك بالإحساس بفرق درجة التباين للصورة الحرارية المتكونة للهدف بالنسبة لخلفيتها، خاصة أثناء الليل، لإنخفاض درجة حرارة الأرض الخلفية للأهداف، نتيجة غياب الشمس.
لا تتأثر بالضوء المبهر، أو ضوء النهار، أو وهج القذائف والصواريخ.
التحكم في إضاءة الصورة والتباين Contrast.
القدرة على إكتشاف الحرارة التي تخلفها الطائرات والمركبات والدبابات بعد رحيلها بساعات.
تطور أجهزة الرؤية الحرارية
نظراً لارتفاع تكاليف أجهزة الرؤية الحرارية، اتجهت النية في السنوات الأخيرة إلى دراسة خفض التكاليف وذلك بإنتاج مجموعات داخلية متشابهة (Common Modules) ليمكن استخدامها في أكثر من جهاز. وقد بدأت أمريكا تنفيذ ذلك في المدة من عام 1972م إلى عام 1976م، حيث توجد هذه المجموعات الآن في الأجهزة المستخدمة مع الجيش الأمريكي، مثل الدبابة M60A3، والدبابة M1، والنظام الصاروخي "تو" Tow، والصاروخ "دراجون" Dragon، وأجهزة القوات البرية والطائرات العمودية.
وبدأت ألمانيا "الغربية" تطوير الأجهزة الحرارية اعتباراً من عام 1977م لإنتاج مجموعات متشابه كما فعلت أمريكا، وفي عام 1983م كان قد تم إنتاج جهاز الرؤية الحراري رقم 1000 للدبابة (ليوبارد 2) Leopard-2، كما تقوم إحدى شركات الإلكترونيات الألمانية بإنتاج الكواشف والمبردات المتشابهة للأجهزة الحرارية.
وبدأت فرنسا في تطوير المجموعات المتشابه للأجهزة الحرارية، ثم بدأ الإنتاج الكمي من الأجهزة في عام 1984م. وفي إنجلترا يختلف الوضع لأنهم صنعوا مجموعات متشابهة أكثر.
وتتجه الأبحاث الآن لتطوير أجهزة الرؤية الحرارية، وإنتاج الجيل الثاني منها، وزيادة عدد عناصر الكاشف، ويهدف التطوير إلى تحقيق المزايا التكتيكية والفنية الآتية:
زيادة مدى الأهداف التي يمكن رصدها وتمييزها.
تكبير مجال الرؤية.
تبسيط الأجهزة، وذلك بتحاشي الأجزاء الميكانيكية.
التيسير على المستخدم، وذلك باستخدام بعض المستشعرات التي تؤدي إلى تنفيذ بعض مهام التتبع الآلي للأهداف.
بعض الاستخدامات المتنوعة
هناك العديد من الاستخدامات العسكرية والمدنية لأجهزة الرؤية الليلة والتصوير الحراري، وعلى سبيل المثال فإن جهاز الرؤية الحراري للدبابة M1 يعتبر أصغر حجماً وأقل وزناً وتكلفة من جهاز الدبابة M60A3، ويظهر الصورة على شاشة، ويستخدم 120 عنصر كاشف في خط رأسي، ويتم تثبيت جهاز الرؤية الحراري ومقدر المسافة بالليزر والتليسكوب النهاري للرامي ليكونوا وحدة واحدة.
وجهاز التصوير الحراري (AN/AD-5) يستخدم في الاستطلاع، حيث يمكنه تسجيل خريطة حرارية على فيلم، ويستخدم مع بعض النفاثات من طراز (RF-4).
وجهاز الرؤية الحراري (IHADSS) لقائد الطائرة العمودية، مثبت في غطاء الرأس، ويوفر صورة على شاشة، وبالتالي يستطيع الطيار الطيران ليلاً في الإظلام التام، وعندما يحرك رأسه فإنه يقوم بتحريك خط البصر أو مجال الرؤية لإستطلاع الأهداف الأرضية، ويمكن القائد من عمليات البحث والإنقاذ، كما تظهر علامات التنشين على الشاشة لاستخدام السلاح المزودة به الطائرة.
وتجري التجارب لتركيب جهاز تكثيف ضوئي مع الجهاز الحراري، ليستخدم في حالات المطر في درجة الحرارة القريبة من الصفر، حيث يكون من الصعب التمييز بين الأهداف، نظراً لانخفاض التباين الحراري بين الأجسام.
وفي نظم التحذير من الصواريخ، تستخدم الأجهزة الحرارية لإنذار أطقم الطائرات من الصواريخ الموجهة إليها، كما يمكن التمييز بين التهديد الحقيقي والخداعي للعدو.
وتستخدم كاميرات المراقبة الحرارية في المراقبة وحراسة الطرق والحدود والسواحل، حيث تقوم برصد وتمييز الأشخاص والأشياء ليلاً ونهاراً، وفي حالات الرؤية الضعيفة، وفي الماضي استخدمت الكاميرات التلفزيونية، ولكن لم تكن تؤدي مهمتها بكفاءة في حالات الرؤية الضعيفة أو ليلاً، فضلاً عن قصر مسافة المراقبة. أما بالنسبة للكاميرات التلفزيونية التي تعمل في حالات الرؤية الضعيفة، فإنه لا يمكن استخدامها نهاراً، أو في حالات الإظلام التام، كما أن مداها محدود وتتأثر بأعمال التمويه. وتمكن كاميرات المراقبة الحرارية من اكتشاف الأهداف على مسافات كبيرة، وإظهارها على شاشات تلفزيونية. ويمكن وضع الكاميرات على حوامل يتم التحكم فيها عن بعد، ويمكن استخدام بعض الكاميرات في المراقبة الجوية، أو البحرية.
وتستخدم أجهزة الرؤي والتصوير الحراري "فلير" Forward Looking Infrared-FLIR في الدبابات والطائرات والغواصات والطائرات بدون طيار، كما تستخدمها قوات مكافحة الجريمة في البحث عن المجرمين، والضحايات والمفقودين.
وقد أدى استخدام التصوير الحراري في الأقمار الصناعية إلى هتك ستر كل ما هو فوق سطح الأرض، ولذا لم يعد من الممكن إخفاء بطاريات الصواريخ عابرة القارات عن عدسات أقمار التجسس لأنها أجسام معدنية تشمخ فوق الأرض عدة أمتار، ويسهل تمييزها وتصويرها، سواء ليلاً أو نهاراً، ولذا لجأت الدول إلي إخفاء الصواريخ بوضعها في الغواصات، ويمكن التحكم في صعودها فوق الماء قبل لحظة الإطلاق.
كما يمكن استخدام الأجهزة الحرارية في كشف الألغام الغير معدنية، ومساعدة الطائرات على الهبوط في حالات الأحوال الجوية السيئة، وتحديد أماكن خطوط الأنابيب والكابلات المدفونة تحت الأرض، وأماكن التسريب أو الإنسداد في المواسير المدفونة تحت الأرض، وتحديد كفاءة العزل الحراري، ويمكن استخدام الأجهزة الحرارية في اكتشاف الأورام السرطانية، وأن كان هذا الاستخدام غير واسع الانتشار
 
اجهزه الرؤيه الليليه ودورها في الغارات الليليه

ومع بداية الحرب العالمية الأولى ظهرت الحاجة إلى اكتشاف الأهداف ليلاً وتمييزها، ومن هنا بدأت الأبحاث لتطوير معدات الرؤية الليلية، التي تمثلت في ذلك الوقت في الأنوار الكاشفة والمقذوفات المضيئة والمشاعل التي كانت تلقيها الطائرات، وكانت هذه الوسائل تكشف موقع العدو وكذلك موقع مستخدمها في نفس الوقت، وتلا ذلك في منتصف الثلاثينات تحويل صور الأشعة تحت الحمراء الى عروض مرئية، مع محاولات لاستخدام هذه الأشعة للكشف عن الأهداف الجوية، ثم نجحت ألمانيا في إرشاد الطائرات المقاتلة إلى أهدافها، وفي تتبع السفن في البحر.
وخلال سنوات الحرب الباردة أنتجت المعدات التي تعمل بنظرية تكثيف ضوء النجوم، وأثبتت هذه الأجهزة كفاءة في حرب فيتنام. وظهرت ضرورة تزويد معدات القوات المحاربة بأجهزة الرؤية الليلية، بدءاً بعربات القتال المدرعة، مروراً بمركبات الإمداد والتموين ووحدات المدفعية وانتهاء بالمشاة، وتحتاج كل هذه الوحدات والعديد غيرها إما إلى أجهزة رؤية محمولة أو مثبتة على شتى أنواع المركبات والمعدات الحربية.
ولقد دعمت الحروب الأخيرة هذا المبدأ، وبدأت كل جيوش العالم تدخل في هذا المجال، مجال الحرب المستمرة وقهر الظلام، حيث ثبت أن أجهزة الرؤية الليلية تدعم القوات المحاربة، وتزودهم بالقدرات المناسبة في الأراضي المفتوحة للاستفادة من الماديات المختلفة للأسلحة أثناء الليل.
والقتال عبارة عن ذروة ما استعدت له القوات من قبل، وما دعمت به في المراحل المختلفة، ويتطلب ذلك تجهيزات وعمليات تخطيطية طويلة من الناحية الإدارية والطبية، وتشمل تحرك القوات بمعداتها ومخازنها وادارياتها، ويتم ذلك لوحدات القتال المباشرة (مثل المشاة والمدرعات)، ووحدات الدعم (مثل المدفعية والدعم الجوي)، قبل وأثناء أعمال القتال. ولذلك يعد الإعداد غير الملائم لمسرح العمليات من أسباب الفشل أثناء مراحل القتال ذاته، حتى لو كانت القوات مسلحة بأحدث المعدات والأسلحة، وهذا يعني أن استمرارية القتال على مدى الأربع والعشرين ساعة له مطالبه وأسباب نجاحه.
وخلال حرب تحرير الكويت والحرب الأمريكية في أفغانستان وفي العراق قامت طائرات "كوبرا" و"أباتشي" الهجومية بأعمال الهجوم والدعم الليلي، وكذا حماية القوات المهاجمة، وأداء مهام الاستطلاع أثناء الليل والنهار، واستُخدمت أطقم مناوبة لهذه الطائرات، وأثناء تنفيذ هذه المهام كانت الطائرات تهبط إلى نقاط إعادة الملء للتزود بالوقود، وذلك دون إيقاف المحركات، وكانت هذه النقاط توجد بين الوحدات المدرعة.
ولقد أفاد كثير من قادة الوحدات الأمريكية بأن قواتهم كانت مسلحة بأحدث أجهزة الرؤية الليلية وأجهزة التصويب التي تستخدم الأشعة تحت الحمراء.
ومن غير المعقول أن يقاتل أفراد المشاة ليلاً دون معاونة من أسلحة الدعم، وهذه الأسلحة تشمل الأنظمة المضادة للطائرات، مثل الصواريخ الأمريكية طراز "ستنجر" Stinger، التي يمكنها العمل ليلاً باستخدام أجهزة الرؤية الليلية، وهذا ما دعا إلى إمداد قوات مشاة الأسطول الأمريكي "المارينز" بأجهزة رؤية ليلية طراز (F4960) لتستخدم مع نظام "ستنجر". وهذه الأجهزة يمكنها اكتشاف الأهداف الجوية على مسافة 7 8 كيلومترات على ضوء النجوم، ويمكنها تمييز هذه الأهداف على مسافة 4 5 كيلومترات.
أجهزة الرؤية الليلية
تصمم أجهزة الرؤية الليلية بأحجام وأوزان مناسبة ليحملها شخص واحد، أو قد تكون أكبر حجماً وأثقل، وتحتاج إلى نظم تبريد، فيحملها شخصان، وظهور هذه النظم، الكبيرة منها والصغيرة، دليل على التقدم التكنولوجي، ويتجه تطويرها نحو تحسين الأداء وتخفيض الحجم والوزن، وهناك في هذا الإطار العديد من نظم المراقبة والرؤية الليلية، التي تتطلب طاقماً من شخصين لتشغيلها، ويثبت النظام عادة على قائم ثلاثي لتسهيل تشغيله، وكلما زادت قوة الجهاز بالنسبة إلى مدى عمله، بات أثقل وأكبر حجماً.
وأدى التقدم التكنولوجي الى تطوير معدات للرؤية الليلية، أخف وزناً، وأصغر حجماً، وأكثر فاعلية، وأقل تكلفة من سابقاتها، وقد سمحت هذه المميزات بتزويد عدد أكبر من الأسلحة بمناظير للرؤية الليلية، وبات العديد من جنود المشاة يستطيع القتال بفاعلية كبيرة في الظلام الحالك.
وللرؤية الليلية تستخدم الأنظمة الحرارية وأنظمة التكثيف الضوئي، وهناك اختلافات كبيرة بين هذه الأنظمة من حيث التقنية والقدرات والتكلفة.
أجهزة التكثيف الضوئي
أجهزة التكثيف الضوئي تكوّن الصورة ليلاً باستخدام الأشعة الضعيفة المنعكسة على الهدف في الحيز الطيفي (من 4،0 9،0 ميكرون) ويشمل هذا الحيز الأشعة المرئية بالعين حتى 7،0 ميكرون، والأشعة تحت الحمراء القريبة حتى 9،0 ميكرون، وتصدر هذه الأشعة من مصادر بعيدة عن الهدف مثل النجوم والقمر.
ولاشك أن أنظمة تكثيف وزيادة دقة الصورة، مثل أجهزة المراقبة وأجهزة الرؤية الليلية لها العديد من الاستخدامات في الأسلحة البرية والبحرية والجوية. ولكن قدرة هذه الأنظمة محدودة في بعض الظروف، لأنها تحتاج الى بعض الضوء كي تستطيع العمل. وهناك حالات تضعف فيها الرؤية المباشرة للهدف المراد مراقبته، نتيجة وجود الدخان والغبار والغيوم.
وتتميز أنظمة التكثيف الضوئي عن أنظمة الرؤية الحرارية بالآتي:
1- قلة التكلفة، حيث يقترب سعر نظارة التكثيف الحديثة من 7000 دولار، في حين يصل سعر الجهاز الحراري المحمول باليد الى 70000 دولار.
2- صغر الحجم وقلة الوزن، مما يجعلها مناسبة للاستخدام الفردي، ويمكن مواءمتها بسهولة على خوذة الطيار أو الجندي.
3- بساطة المكونات، حيث يتكون النظام أساساً من صمام التكثيف.
4. عدم الحاجة إلى تبريد، وقلة الأعطال، وتماثل الصورة لتلك التي ترى بالعين نهاراً.
5- درجة تمييز الصورة تعادل حوالي عشرة أضعاف درجة تمييز الصورة الحرارية.
ولكن أنظمة التكثيف لايمكنها العمل من خلال العوائق، مثل الدخان والضباب، كما أنها ذات مدى محدود، ويمكن تعرضها لوسائل الخداع والتمويه، كما أن أداءها يتوقف على كمية الضوء المتاحة ليلاً.
وأنظمة التكثيف عملية إلى حد كبير إذا كان الغرض منها هو خدمة الأشخاص المطلوب منهم أن يروا ليلاً ما يمكن أن يروه نهاراً في مدى الرؤية العادية، ويندرج تحت هذا الاستخدام جندي المشاة، الذي يريد أن يرى جنود العدو ومعداته في نطاق مدى رؤيته وسلاحه، وسائقو المركبات الذين يجب أن يروا ليلاً بالقدر الذي يمكنهم من قيادة مركباتهم، وكذلك الطيارون أو أطقم الطائرات، لأنهم يحتاجون إلى جهاز تكثيف إضافي لتحسين وضعهم في الإحساس بما حولهم أثناء الطيران الليلي.
ويتم حالياً تطوير نظارات تكثيف للطيارين ذات مكونات لاتختلف كثيراً عن المكونات المستخدمة حالياً، وستكون أكثر قرباً من رأس الطيار، وترجع أهمية هذه النظارة إلى تعاظم دور التعرف على الأهداف، وهو ما يتطلبه سيناريو العمليات التكتيكية الجوية، والحاجة إلى قدرات أكبر أثناء الطيران الليلي المنخفض، مع الأخذ في الاعتبار أن نظامي التكثيف الضوئي والتصوير الحراري يكمل كل منهما الآخر، وذلك طبقا لظروف الطيران.
وتعتبر النظارة (AN/PVS-7B) مثالاً لتكنولوجيا التكثيف من الجيل الثالث، حيث يستخدم صمام تكثيف فردي، وتزن الوحدة أقل من 700 جرام، وتستمد طاقتها من بطارية.
وتطور أنظمة التكثيف الضوئي يتركز في اتجاهين: الاتجاه الأول، يتمثل في توسيع مجال الرؤية المؤثرة لنظارة التكثيف، أما الاتجاه الثاني، فهو دمج صورة التكثيف الضوئي مع الصورة الحرارية في إطار واحد، ومن المعروف أن معظم النظارات الحالية لها حقل رؤية لايتعدى 40 درجة، ويطالب الطيارون الذين يستخدمونها حالياً بزيادة هذا الحقل، ولكنهم لايريدون في نفس الوقت التضحية بدرجة وضوح الصورة (التمييز) التي لابد أن تقل إذا زاد حقل الرؤية.
ويجري حالياً في الولايات المتحدة تطوير صمامات تكثيف تسمح بتوسيع مجال الرؤية حتى 60 درجة، وبمستوى تمييز عالٍ. ويتحقق ذلك بالاستفادة من التقدم الذي تم في مجال البصريات، مثل تطوير البصريات ذات مُعامل الانكسار المتدرج (Gradient Index Optics)، والبصريات الثنائية (Binary Optics)، وذلك لتحسين مجال الرؤية دون فقد حدتها، وسيكون مستوى أداء الصمامات الجديدة أعلى بكثير من النوع الحالي.
ومن المنتظر أن تستفيد التطبيقات العسكرية المختلفة من دخول التكنولوجيا المتطورة التي تتيح فرصة التقاط الأشعة تحت الحمراء من الأجسام المحيطة، مهما كان مقدارها ضئيلاً وتركيزها أو تكثيفها، لتكوين صورة مرئية لهذا الجسم يمكن التصويب عليها أو تحديد طبيعتها، وذلك من خلال استخدام عدد كبير من خلايا التقاط الأشعة التي يتم تنظيمها في نطاقين لتوفير درجة أداء أفضل من تلك الرؤية التي يمكن تحقيقها حالياً في وسائل الرؤية ليلاً بواسطة أجهزة البحث الحراري أو غيرها.
ومن أبرز أمثلة منظومات الرؤية ليلاً من الجيل الثاني المستخدمة مع الأسلحة الصغيرة الجهاز (AN/PAS-13)، وهناك ثلاثة طرازات من الجهاز يمكن استخدامها مع الأسلحة الصغيرة، بدءاً من البندقية الآلية وحتى قاذفات القنابل اليدوية.
الأنظمة الحرارية
أما الأنظمة الحرارية، فإنها تكوّن الصورة ليلاً أو نهاراً باستخدام الأشعة الحرارية المنبعثة من الأهداف نتيجة ارتفاع درجة حرارتها عن الوسط المحيط بها، وذلك في الحيز الطيفي (8 12 ميكروناً)، أو في الحيز (3 5 ميكرونات)، أو في كليهما معاً، طبقاً لنوع النظام.
وأجهزة التصوير الحراري لا تتأثر بأي نقص في الإضاءة، فهذه الأجهزة لا تحتاج إلى الضوء لرصد وتقديم صورة مرئية للهدف المطلوب، لأنها تعتمد كلية على الإشعاع الحراري في إظهار الصورة. ذلك أن كافة الأجسام التي ترتفع درجة حرارتها عن الصفر المطلق (-273 درجة مئوية) تبعث إشعاعاً حرارياً ضمن حيز الأشعة تحت الحمراء، وفي هذا الحيز يوجد ما يسمى "النوافذ" Windows، التي يصل فيها البث إلى أقصى مدى، ولا تتأثر في الغالب بالعوامل الجوية، ومن هذه النوافذ نافذتان تستخدمان في أجهزة التصوير الحراري، ونطاق النافذة الأولى 3 5 ميكرونات، أما نطاق الثانية فهو 8-13 ميكروناً.
وحيز الموجات الذي يقع في النافذة الثانية يقاوم بشكل أفضل عوامل إضعاف شدة الموجة، مثل الضباب والمطر، ولكن الأنظمة العاملة في هذا الحيز تكون أكثر تكلفة، نظراً لحاجتها إلى عملية التبريد التي تجعلها في الغالب أكثر وزناً وحجماً من الأنظمة التي تعمل في الحيز الآخر (3-5 ميكرونات)، مما يجعلها أقل قابلية للاستخدام اليدوي.
والمعدات الكبيرة الحجم التي تستخدم تكنولوجيا التصوير الحراري، تميل إلى استخدام حيزي الموجات لتنال أفضل ما في كل حيز، وإن كانت القوات البحرية تفضل أجهزة التصوير الحراري التي تستخدم الحيز 8-13ميكروناً، لأن أجهزته لا تتأثر برذاذ البحر والرطوبة العالية.
ويعتمد عمل أجهزة التصوير الحراري على تطوير كواشف حساسة detecors تنتج طاقة كهربائية عندما تصطدم بإشعاع الأشعة تحت الحمراء بنفس طريقة استجابة الخلية الكهربائية التصويرية للضوء، ويتم ترتيب الكواشف خلف عدسة شفافة للأشعة تحت الحمراء، تعمل على تركيز الإشعاع الداخل بالطريقة التي تعمل بها عدسة الكاميرا على تركيز الضوء على سطح الفيلم.
ومع توالي عمليات التطوير، أصبحت الأجهزة أكثر تعقيداً، وباستخدام تقنية الإلكترونيات الدقيقة أصبحت المكونات أخف وزناً، وأشد قوة، وأكثر ملاءمة لاستخدامات الميدان، وانخفضت قابلية أجهزة التصوير الحراري للكسر بحيث يمكن تركيبها ضمن معدات التصويب على المدافع الرشاشة.
ومن المعروف أن المرء لا يرى صورة ضوئية واضحة، وأن الحرارة هي التي يجري رصدها، وتعتبر أجهزة التصوير الحراري الحديثة حساسة للتغيرات البسيطة في درجة الحرارة، الأمر الذي يمكّنها من إنتاج صور ذات نوعية قريبة من نوعية الصور الفوتوغرافية.
ومن ناحية أخرى، فإن أنظمة الرؤية الحرارية تتميز عن أنظمة التكثيف الضوئي بالآتي:
1- مقاومة وسائل إعاقة الرؤية، مثل الضباب والدخان، لأن الأشعة تحت الحمراء لديها القدرة على النفاذ خلالها.
2- يمكنها العمل في الظلام التام. ودرجة وضوح الصورة ومدى الكشف لايعتمدان على أي إضاءة خارجية.
3- يمكنها اكتشاف الأهداف على مسافات أبعد من أجهزة التكثيف.
4- صورة الفيديو يمكن نقلها وتسجيلها وتحليلها بنفس الوسائل المستخدمة مع صور كاميرات الفيديو.
وتستطيع أجهزة التصوير الحراري "اختراق" وسائط التمويه، بحيث يمكن رصد شخص مختبئ بين الأشجار بواسطة التصوير الحراري عن طريق حرارة جسمه، كما يمكن التعرف بوضوح على أهداف المركبات عن طريق الأجزاء ذات الحرارة العالية فيها، مثل المحركات. وكذلك توضح الحرارة المنبعثة من الإطارات إذا ما كانت المركبة قد بدأت حركتها منذ فترة وجيزة أم لا.
ويمكن لأجهزة التصوير الحراري أن تصنع على شكل أنظمة مستقلة تصلح للاستخدام اليدوي، أو أن تدمج مع الأسلحة، ويمكن أن تلحق كأجزاء من معدات كبيرة، أو أن تكيف للكشف البعيد المدى، كما في حالة أجهزة الرؤية الليلية الأمامية بالأشعة تحت الحمراء (FLIR) في الطائرات، وربما تؤدي أنشطة البحوث والتطوير الى ابتكار مواد أكثر حساسية، وإلى تخفيض أسعار أجهزة التصوير الحراري.
دمج صورة التكثيف
مع الصورة الحرارية
ومن التحديات التي تواجه عملية تطوير أجهزة الرؤية الليلية، الجمع بين صورة التكثيف والصورة الحرارية في صورة واحدة. ودمج الصورتين يأخذ أهميته من أن كلتا الصورتين تعطي تفصيلات مختلفة من المشهد؛ فالتكثيف يصور الأشعة المنعكسة من الهدف، في حين أن الصورة الحرارية تصور الأشعة المنبعثة من الهدف.
ومما يزيد من تعقد عملية الدمج ضرورة التأكد من أن الصورتين كلتيهما تتركزان في نفس الوقت على نفس المشهد بدقة عالية، وعلى سبيل المثال، فإن الطائرة العمودية "أباتشي" تحصل على صورة التكثيف بواسطة النظارة المركبة على خوذة الطيار، والصورة الحرارية بواسطة الكاميرا الحرارية المثبتة في مقدمة الطائرة.
والبحوث في هذا الاتجاه تتركز على تنمية قدرات دمج التفصيلات الخاصة بكل صورة على حدة فإذا أمكن الحصول على التفاصيل من كل صورة على حدة ودمجت في صورة واحدة، فسيكون مستوى الأداء عالياً.
ويتم حالياً التخطيط لزيادة قدرات الطائرتين (F-15) و (F-16) على الهجوم الليلي، وسوف يشمل هذا التطوير كلا النوعين من أنظمة الرؤية الليلية، فالطائرة (F-16) سيتم تزويدها بنظام رؤية حراري يمكن توجيهه بحركة رأس الطيار مع نظارات استقبال صورة للطيار وكاميرا تكثيف. أما الطائرة (F-15) فيركب بها نظام حراري ثابت مع كاميرا ونظارات تكثيف، ولكلا النظامين ستكون هناك مبينات رأس علوية (HUD) متطورة، لها القدرة على إسقاط البيانات على صورة التكثيف، ومثل هذه الانظمة ذات الطيف المزدوج (حراري تكثيف) سيتم إدخالها كتعديل على الطائرة العمودية "أباتشي".
الإعاقة على التصوير الحراري
يبدو أنه لا توجد وسيلة فعالة لمنع الرصد الحراري، وعملية خفض التباين (Contrast) الحراري بين الهدف وخلفيته تعتبر عملية صعبة، والطريقة الوحيدة الناجحة في التغلب على الرصد الحراري هي التأكد من وضع حواجز أمام الأشعة تحت الحمراء بين الهدف وموقع التصوير الحراري.
وتصمم ملابس القتال الحديثة حتى تعمل على خفض إشارات درجة حرارة الجسم، ومن المفيد استخدام مواد عزل حراري للأهداف ذات القيمة العالية، ويمكن عزل هذه الأهداف مثل مراكز القيادة، في أبنية كبيرة الحجم كي يتعذر تمييزها، كما يمكن عزل العناصر الحساسة بشباك تمويه غير نفاذة للأشعة تحت الحمراء.
ويعتبر الدخان من وسائل الإخفاء المفيدة، وخاصة الدخان غير المنفذ للأشعة تحت الحمراء، وإن كان الدخان يتبدد في وقت قصير نسبياً، غير أنه يمكن أن يغطي مؤقتاً التحركات في الأوقات الحرجة.
وتزود الطائرات العمودية بأنظمة عزل تقلل من تعرضها للصواريخ الباحثة عن الحرارة، ولكن هذا لا يكفي لعزلها وحجبها عن أجهزة التصوير الحراري التي تتمتع بدرجة حساسية تمكنها من الاستجابة للفروق الصغيرة في درجة الحرارة في الإطار الجوي المحيط بها.
الأجهزة غير المبردة
تعد الأجهزة غير المبردة اتجاها حديثاً لتحقيق ميزة خفة الوزن وسهولة الاستخدام، وهناك عدة أجهزة حرارية تستخدم فيها الكواشف (Detectors) التي تحتاج الى تبريد لدرجة 77 كلفن، وهذا بالطبع يستهلك قدرة أكبر، ويضيف وزناً وتكلفة، علاوة على تعقيدات التأمين الفني الأخرى.
واستخدام أجهزة ومعدات ليلية حرارية لا تحتاج الى تبريد سيقلل كثيراً من هذه العيوب، حتى يمكن الحصول في النهاية على أنظمة رؤية حرارية خفيفة الوزن وذات حجم صغير، وسريعة العمل وبسيطة في الصيانة، ولذلك تقوم الجهات البحثية الأمريكية بتطوير عدة برامج للحصول على أجهزة غير مبردة باستخدام مصفوفة مستوية (100×100) من العناصر (Devices) غير المبردة والمصنعة من مركب يسبب تغيرات سريعة جداً في الخواص الكهربية عند تغير درجة الحرارة تغيراً بسيطاً.
ومستقبل الأجهزة الحرارية الخفيفة الوزن يعتمد على إنتاج كواشف ذات حساسية للإشعاع خلال حيز الترددات 5-100 ميكرون، وهذه الكواشف تمتاز بقلة التكلفة والاستقرار العالي، وإمكانية التحكم في تصنيعها. هذا بجانب المجالات الأخرى لتطوير أجهزة التسديد بالليزر، خاصة أجهزة الليزر التي يحملها الأفراد لأغراض الإعاقة.
أمريكا وتكنولوجيا الرؤية الليلية
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الرائدة في مجال تكنولوجيا الرؤية الليلية، ويرجع ذلك الى السياسة القائمة على اعتبار أن الجندي يجب أن يكون وحدة قتالية متكاملة، وأن متطلبات الأداء، وخفة الحركة، وحماية القوات، يجب أن تكون متزنة للوصول إلى أقصى فاعلية.
وتقوم الولايات المتحدة بمجهودات كبيرة لتطوير معدات الرؤية الليلية بواسطة وكالة المشروعات المتقدمة والبحوث (DARPA) التي تلقى دعماً كبيراً من البنتاجون، ويرجع ذلك جزئياً الى الاهتمام بمجالات تحسين الأداء لأجهزة التعارف (IFF) لتقليل الإصابات بطريق الخطأ من القوات الصديقة، ومن المعروف أن الولايات المتحدة تتجه الآن إلى إضافة البصمة الحرارية والردارية والإشارية الى كود التعارف التقليدي، ليشكل كل ذلك في النهاية مصدراً أكيداً لدقة نظم التعارف الحديثة.
ويقوم الجيش الأمريكي بشراء أجهزة الرؤية الليلية من طراز (MNIBUS) الذي يعتمد على تركيز الصورة للعمل مع الطائرات والمعدات الأخرى. ولقد بدأ في عام 1993م تمويل مشروع (OMNIBUS III) لتطوير معدات الرؤية الليلية المستخدمة منذ عام 1985م لتلائم الاستخدام مع سائقي الدبابات ومستخدمي الأسلحة الفردية، وكذلك قامت شركة "ليتون" بتطوير أجهزة رؤية ليلية لتزويد القوات البرية بوحدات ذات وزن خفيف يصل إلى 350 جراماً، وتعمل كنظارة وكجهاز رؤية محمول للأسلحة ليلاً ونهاراً، وهذه الأسلحة قد تستخدم بالتوافق مع الأجهزة النمطية للتسديد في العمليات الليلية والنهارية.
وخصصت وزارة الدفاع الأمريكية خلال السنوات الماضية مبالغ كبيرة لتطوير وإنتاج نظام الملاحة والتسديد الليلي بالأشعة تحت الحمراء على الارتفاعات المنخفضة "لانترن" (LANTIRN) من طرازات (AN/AAQ-13,14) للعمل مع القوات الجوية، وصمم هذا النظام ليركب على الطائرات المقاتلة من طرازات (F-15E) و (F-16C/D).
 
رد: أجهزة الرؤية الليلية .. التقنية والاستخدامات

تم دمج الموضوعان اخي الكريم للاهمية والفائدة ولعدم التكرار
تابع اخي ان كان هناك اضافات اخرى بارك الله فيك
 
رد: أجهزة الرؤية الليلية .. التقنية والاستخدامات

شكرا على المعلومات الاكثر من رائعه بارك الله فيك رغم انه كان يحتاج الى بعض الصور للتوضيح ولكنه مجهود محمود فى رعايه الله
 
رد: أجهزة الرؤية الليلية .. التقنية والاستخدامات

الموضوع مفيد ولاكن مكرر
 
رد: أجهزة الرؤية الليلية .. التقنية والاستخدامات

شكرا جزيلا على الموضوع الرائع .. وتقبل تقيمي
 
رد: أجهزة الرؤية الليلية .. التقنية والاستخدامات

موضوع غاية في الجمال و الروعة
 
عودة
أعلى