قراءة في وثائق 1971 البريطانية

رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (25) ـ أبا إيبان اقترح إلحاق غزة بالأردن مع قبول وجود رمزي في القدس

حسن ساتي
مرة اخرى يستحق السفير البريطاني في تل ابيب ايه. جي. بيرنز التوقف امام مذكرته الضافية لوزير خارجيته السير دوغلاس هيوم. (السفير صاحب مذكرة اسرائيل العنيدة المتشددة والتي اقر فيها بان الاسرائيليين هم اسوأ اعداء لانفسهم. الحلقة 7، 30 يناير / كانون الثاني 2002).
في هذه المذكرة التي كتبها عشية اول زيارة لوزير الخارجية الاسرائيلي لبريطانيا قام بها ابا ايبان في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 1971 قطع السفير بيرنز ايضا بآراء جريئة طالب فيها بابلاغ الاسرائيليين ان السادات هو افضل رئيس يمكن ان يحصلوا عليه وكيف ان اسرائيل ظلت تتشدد في مواقفها دوما للحصول على طائرات الفانتوم الاميركية، وذلك حسب الوثائق السرية البريطانية لعام 1971 والتي افرج عنها حديثا. في المقابل، وعلى صعيد محادثات هيوم وايبان كشف الاول ان ايبان ابلغه بامكانية تعديلات حدودية صغيرة تذهب بموجبها غزة للاردن مع اعادة رمزية للوجود الاردني بالقدس اذا تقبل ذلك العالم العربي. الوثيقة كشفت ايضا ان اسرائيل لا تريد سيادة أحادية او سيطرة مطلقة على المدينة القديمة. هذا الى جانب تسريب اسرائيل لنصوص استبيان وفد قادة منظمة الوحدة الافريقية الذي قام في مرحلة ما بالتوسط بين اسرائيل ومصر.

وثيقة رقم: 1 التاريخ: 18 نوفمبر 1971 الى: السير دوغلاس هيوم. وزير الخارجية.

من: السفير. تل ابيب.

الموضوع: قبل زيارة ابا ايبان للندن. سري للغاية.

سيدي.

1 ـ عشية اول زيارة رسمية لوزير الخارجية الاسرائيلي الى انجلترا كضيف على حكومة المملكة، ربما يكون من المفيد لك ان تمتلك حسابا مختصرا للوضع الحالي وآثاره على مصالحنا.

2 ـ حول الصراع العربي ـ الاسرائيلي وهو الخبز الذي تعيش عليه السياسة في هذا البلد، يكون اول طبق في قائمة الطعام حاليا هو الاتفاقية حول قناة السويس. الاسرائيليون ليسوا على استعداد لابتلاع الطبق الا اذا اضيفت اليه بعض التوابل بالمزيد من طائرات الفانتوم، ومع ذلك، فقد يكون عليهم الابتلاع صعبا. ومكونات الطبق مألوفة اميركياً. الامران الاكثر مشقة هما الربط بالتسوية الدائمة، او على الاقل بمشكلة الجبهة مع مصر، وقضية العبور المصري العسكري للقناة.

3 ـ رغم ان السياسيين، بمن فيهم ايبان نفسه، والعسكريين يعتقدون بامكانية حل المشكلة، واذا كان للانسحاب المحدود الذي يرونه بداية ضرورية للسلام ان يتحقق، فالمزاج العام السائد يظل اكثر قتامة.

وبالتاكيد، وفي داخل الحكومة الاسرائيلية، فالنظرة الغالبة تتجه الى عدم امكانية تقديم تنازلات دون طائرات فانتوم، ومع ذلك، فالمثير للشكوك هو الى اي حد هم راغبون حقا في الفانتوم. وربما يعتبرون ان الدعم الاميركي اكثر اهمية من الحصول على طائرات أكثر. والفانتوم هنا رمز لذلك الدعم، ولكن اذا قدم لهم الاميركيون بعض التاكيدات، وربما بشكل مشروط، فسيكون من الصعب عليهم ان لا يدفعوا الثمن، وعلى الاقل بالموافقة على فتح المفاوضات. ولكنهم جميعا، وبمن فيهم ايبان يرون المفاوضات عملية طويلة، فيما يتجه المتشددون، بينهم لجعلها كذلك. الجنرال ديان اقل رغبة في اتفاقية حول قناة السويس، واكثر من الطريقة التي ناقشها بها قبل عام. الرأي العام الاسرائيلي المستقل عن التوجيه الرسمي، اصبح اكثر تشددا ضدها مثلما بدت تعابير السادات ضد اسرائيل ذاتها اكثر تشددا. جولدا مائير مصنفة في عداد المتشددين سواء بحساب الحساسية او عدم احتمال ان يتفاداها ديان.

4 ـ منذ ذلك الوقت، ظهر الرؤساء الاربعة على المشهد، جاءوا، اذا لم يكن بالحب، فعلى الاقل بالتعاطف والموضوعية، وبأكثر مما توقع الاسرائيليون، وقد سعد الاسرائيليون بتشديد الرئيس سنغور على الحاجة لمفاوضات مباشرة اكثر. ولن يعرفوا بالطبع النتائج قبل عودة بعثة منظمة الوحدة الافريقية اواخر هذا الشهر، ربما قبيل وصول ايبان الى لندن. ويبدو الاسرائيليون كما لو انهم يفكرون في ان هذه المبادرة الافريقية، والتي رأوها في البداية كخطر، قد تجذب الانتباه، وليست مضيعة للوقت. وبأي نسبة، فقد يرغبون في الابقاء على خيار المفاوضات الافريقي مفتوحا اكثر من رغبتهم فيه من الاميركيين، وذلك كالطبق الثاني في المائدة، وفي الاعتبار هنا الضغوط التي قد يعرضها لهم الاميركيون.

5 ـ مع مثل هذه الظروف، فليس هناك أمل كبير يمكن ان يعقد على ان تقود مفاوضاتكم مع ابا ايبان الى تقابل كثير في العقول، او الى تقدم ايجابي. وسيرحب بلا شك بكل ما قلته حول ضرورة التقارب بين الاطراف... يبدو ان اقصى ما نستطيع تأميله هو ان نؤسس نقطتين اساسيتين. اولا بوسعنا ان نحاول اقناع الاسرائيليين، في ضوء قوة خبرتكم في القاهرة وتقارير سفير حكومة الملكة هناك، بان النظام المصري الحالي يريد ويحتاج بالحقيقة للتقدم تجاه السلام، وان الرئيس السادات هو افضل رئيس لمصر بالنسبة الى اسرائيل، وانه، واذا لم يستطع اظهار السلام، رغم انه قد لا يفي بتهديداته باللجوء للحرب، فانه ومن الممكن ان يسقط عن الحكم. اذا تم قبول هذا التحليل في صورته العريضة، وقد لا يكون ذلك بالامر السهل، فثانيا، بوسعنا ان نحاول اظهار حاجة اسرائيل لتنظيم المسرح للمفاوضات بصورة افضل مما فعلت في السابق. فهي لن تكشف يدها مقدما ولن يكون من الموضوعية في شيء ان نطلب منها فعل ذلك. في الحقيقة، وفي نهاية الامر، فمن المشكوك فيه عدوتها لجبهة مصر ما قبل الحرب من دون تعديلات هناك. ولكننا، من الممكن، ان نسعى جادين تجاه تأكيدات صريحة منهم بان اهتمامهم ينصب تجاه الامن فقط وانها لا ترغب في حيازة الارض مع التركيز على الكلمتين الاخيرتين ( يقصد على الارض.. «الشرق الاوسط») 6 ـ اذا كان الطبق الرئيسي في شريحة قائمتنا للطعام هو التسوية الدائمة للصراع، فمن الظاهر ان يأخذ ذلك وقتا طويلا في الطبخ، ولن يكون من العقل في شيء ان نبلل شهيتنا سريعا. فاتفاقية القناة، او شيء يشابهها، فاتح شهية ضروري حتى اذا كان الطبق الرئيسي يصرخ مطالبا بتناوله. اقصى الذي نأمله في هذه المرحلة تناول الوجبة هو ضمان التأكيدات القادمة بضرورة وجود طبق رئيسي على المائدة وان شهية اسرائيل لن تنسد بعد تناول الطبق الاول فقط.

7 ـ 8 ـ 9 عن المشاكل الاقتصادية داخليا وخارجيا.

10 ـ كما اشرت لك في رسائلي بتارخ 10 اغسطس (آب) و15 سبتمبر (ايلول) فبعض الامراض التي تعرضت لها المجتمعات الغربية، والتي سكنت جسد اسرائيل السياسي، قد بدأت في افراز اعراضها منذ وقف اطلاق النار في اغسطس 1970. ولا شك ان تلك الاعراض ستظهر اذا ما عادت الحرب، لكن ذلك القهر سيكون مثل جراحة قاسية، في هذه الاثناء يكون على اسرائيل ان تتواكب مع فجوة اجيال، ومشكلة اللون، والمخدرات، والفوارق بين الاصول العرقية، والتجليات التي تحييها مثل تلك التوترات. الفوارق الاجتماعية غالبا ما تتزامن مع الفوارق الاقتصادية وتفاقمها، وهما كذلك يفرضان ضغوطا اكثر على القادة الاسرائيليين.

11 ـ سيكون من الخطأ رسم صورة كثيرة السواد. فاسرائيل ابدت قدرة ملحوظة على تجاوز مشاكلها بشد رباط احذيتها وبطريق غير مباشر رباط احذية اليهودية العالمية. ولكن، ومع ذلك، وعلى الاقل فالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية تؤكد حاجة اسرائيل للسلام الذي يمكن به التعامل معهم والذي هو الشرط السابق لأي تناغم اجتماعي ومستويات معيشة اعلى. ولا يعني هذا القول ان اسرائيل ستلعب بسرعة وتفرط في امنها، كما لا يعني ذلك ان نتوقع ذلك منها. ففي نهاية المطاف ستكون مستعدة للاعتماد على نفسها، ولكنها تعرف انها تحتاج للاصدقاء ايضا، وليس فقط العم سام. ولا اعتقد انه سيكون من الخيالي، وفي اطار الحدود التي تراها وكما يفرضها عليها نمط دفاعها، ان اقول انها مستعدة للتجاوب مع ايماءات الصداقة. وبين تلك الايماءات، سيكون، وذلك أملي، موافقتكم العلنية على تحديد يوم ترد فيه على زيارة ايبان.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (26) ـ خلافات البعث بين دمشق وبغداد وراءها الغيرة السياسية وإسقاطات الأشخاص

حماس السوريين للاتحاد مع مصر يعكس شكوكا في مؤامرات من الحكومة العراقية لقلب نظامهم

حسن ساتي
استغرب بلفور بول سفير بريطانيا لدى العراق، كما يصور هذا التقرير، خلافات دمشق وبغداد على خلفية عقيدة البعث، وحاول جاهدا في تقريره لوزير الخارجية البريطاني ديفيد هيوم استقصاء العداوة الممتدة بين العاصمتين، فتهكم، ثم عاد لينقب في جذورها فاعادها الى الغيرة وطموح الزعامة في المنطقة، ولم يفتقد الشجاعة، لحظات الحديث عن الغيرة السياسية ان يشبهها بتلك التي حكمت علاقات بريطانيا وفرنسا ايام صراع النفوذ في دائرة الاستعمار القديم، وقال في جرأة انهم قد اعطوا قبلة الموت لفكرة الهلال الخصيب.
ومجمل القول هنا، ان التقرير، وبابسط تقييم يرقى الى الوصف بالتحليل السياسي الرفيع لأنه لم يتغافل حتى العلاقة بين ذلك العداء وبين الشخصيات والشخصنة الكامنة في ثناياه.

* وثيقة رقم : 3.

* التاريخ: العراق في 18 سبتمبر (ايلول) 1971

* الى: وزير الخارجية من سفير حكومة الملكة ببغداد.

* الموضوع: تقرير دبلوماسي.

سيدي:

1 ـ تكمن واحدة من غرائب الشرق الاوسط في العداوة المشتركة الخبيثة بين نظامي البعث في العراق وسورية. وقد اعتاد القناصل في بيروت وهنا الكتابة من وقت لآخر عن التجليات الجديدة في هذا السلوك غير الاخوي، وبينها احكام الاعدام بالموت غيابيا من قبل محكمة سورية على عرابي البعث العراقي. وقد يكون في هذا مناسبة مؤاتية لاعادة قراءة هذه الكراهية المستمرة وما يرقد وراءها.

2 ـ العبارات العادية المستخدمة في تلك الكراهية هي (العسكريون الانحرافيون) من العراقيين تجاه السوريين، و(عصابة اليمين الفاشي) من السوريين تجاه العراقيين، والمفترض انها تضع فارقا عقائديا اساسيا. ولا احد يحمل تلك الاوصاف محمل الجد، ولكن البعض يأخذها في اتجاه كونها مبررا للتوقعات التالية لطرد فصيل البعث الجديد (صلاح جديد) في سورية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من قبل نظام الأسد غير الواضح بالتصنيف بانه جناح يساري. وقد يكون هناك القليل من التغيير، اذا لم يكن على صعيد الغيرة بين النظامين، فعلى الاقل في طبيعة الاتهامات المتبادلة في ما بينهما.

3 ـ لم يتشكل ذلك التغيير بعد، وفي الحقيقة فان بيان الأسد في الاسبوع الماضي فقط حول القومية العربية الجديدة قد احيا ممارسة التوبيخ للقيادة العراقية كعصابة يمين فاشي، ومذنبة باعتقال وتعذيب الوطنيين من التقدميين والبعثيين الذين لم يتعاونوا معها. وبما ان جذور الخلاف في الاصل عقائدية، فمن النادر ان تبذل محاولات من أي الجهتين لتوظيف واتخاذ مناسبة وصول الاسد للسلطة كوسيلة للتقارب.

4 ـ وفي الحقيقة فان الفوارق العقائدية نادرة التعريف او التعرف، وبدرجة اقل الآن مما كانت عليه في زمن صلاح جديد. فكلا النظامين يزعمان تمثيل رسالة البعثية (ايا كانت درجة المشاكل التي يصطنعها ايهما مع مؤسسها). وكلاهما يعتبر ذلك مهمته لعبور الرسالة من قبل قادة القومية العربية البعثية. وكلاهما يؤسس نفس توجهات الصداقة مع المعسكر الشيوعي، وفي ذات الوقت نفي التوجه العدائي تجاه الشيوعيين في بلديهما، كما ان كليهما يعلن نفسه مع الجبهات الوطنية كوعاء سياسي تحت السيطرة البعثية.

5 ـ ولذلك، وايا كان معنى ضيق الهامش بين لافتات (الجناح اليميني) و(الجناح اليساري) في مصطلحات العداء بينهما، فعلينا قطعا ان ننظر في اتجاهات اخرى بحثا عن السبب الجذري وراء العداوة.

6 ـ يشكل الموقف من القضية الفلسطينية وفق اعلانهما حجر الزاوية في سياستهما الخارجية، ولكن، ومرة اخرى، فهناك القليل الذي يمكن اختياره او الوقوف عليه بين طرحيهما، فكلاهما يعرض نفس المعارضة العامة للحلول السياسية (السوريون فعلوا ذلك مرة اخرى منذ تحالفهم الرسمي مع مصر في الاتحاد الجديد). (الاشارة هنا لاتحاد الجمهوريات العربية المتحدة الذي ضم السادات والاسد والقذافي. «الشرق الأوسط»). ولذلك السبب فهناك الزهد الخاص في ان يتورطوا انفسهم عسكريا.

7 ـ التوضيح السائد للعداوة يكمن في كون دمشق وبغداد تتنافسان على ريادة الموقع في هذه الالفية حتى من قبل انتزاع بغداد للخلافة الاسلامية من دمشق، ولذلك فهذه الغيرة ستستمر ايا كانت طبيعة النظامين. فالمنافسة القديمة بالمشرق العربي ثلاثية القطبية وليست ثنائية، لان القاهرة هي المنافس الثالث. وقد قبلت دمشق التعاون مع القاهرة في 1958 لثلاثة اعوام، وها هي، وبالتأثير تتقبله مرة ثانية، وكل ذلك برغم ان السوريين يملكون قواسم مشتركة، عرقيا وجغرافيا واقتصاديا مع العراقيين اكثر من امتلاكها مع المصريين. والوحدة بين العراق وسورية وجب ان تكون اكثر اهداف السياسات الطبيعية تصورا، خاصة في ضوء الاتهام السائد ضد الامبريالية الغربية بانها قسمت المنطقة الى وحدات بطريقة غير طبيعية. (حتى الهلال الخصيب، وقد يتشكك المرء في ان ذلك قد تبخر اذا لم نكن نحن قد وهبناه قبلة الموت). على الجانب الآخر قد يكون هناك شيء في النظرية لجهة ان العداوة بين النظامين في بغداد ودمشق هي، وفي جزء منها، ناتج ميراث الغيرة بين قوى الانتداب التي سبقتهما. (تبدو الاشارة هنا الى بريطانيا وفرنسا. «الشرق الأوسط»).

8 ـ لا شك ان للشخصيات دورا كبيرا في هذه العداوة كما هو الحال مع كل شيء في العالم العربي، ولا شك فان الشخصيات وبصحفها المليئة بوقاحات مشتركة من خلفها تجعل مهمة المصالحة صعبة حتى حين تعترف تلك الشخصيات بالرغبة في المصالحة. حين سألت السفير الليبي الجديد في اليوم التالي حول ما اذا كان العراق سيسمح له بدخول الاتحاد اذا تقدم بطلب، كانت اجابته: (لا، طالما ظلت تديره هذه العصابة المخيفة). قادة البعث بالعراق، وبلا شك اولئك الذين في سورية ايضا، مثاليون من نوع، ولكنهم بعقول صغيرة، تصر على الزعامة باي شكل تقدمه لهم، ولكنهم ايضا غير قادرين نفسيا على مشاركة الزعامة نفسها.

9ـ اخبرني مؤخرا اثنان من سفراء اميركا الجنوبية المعتمدين في بغداد ولكنهما يقيمان في دمشق كيف انهما وجدا وبصورة لا تقبل المقارنة، ان النظام في العراق اكثر رقيا وكفاءة من السوري. وبلا شك فان حماس السوريين للاتحاد مع مصر (وحمايتها لهم) يعكس شكوكا بان المؤامرات العراقية المزعومة لقلب نظامهم ليست بلا اساس او خطر. اشك في وجود جوهر كثير في قصص المؤامرات هذه. على الاقل مع رواية (قدمها اخير مصدر) ان هدف العراق الاساسي هو احلال امين الحافظ مكانهم في كرسي الرئاسة، رغم ان العراقيين يعتبرون امين الحافظ مخفقا.

10 ـ لذلك نأتي للسؤال: لماذا تجاوزت هذه العداوة العامة لما هو معتاد بين الدول العربية الاخرى، ولماذا هي اكثر تشددا؟ ليس لدى اجابة جديدة اقدمها. فهما، وبالطبع، مثل جار مباشر (مثلما اظهرت دول الخليج في عالمها الصغير) تتشاجر معه في معظم الاحيان، واذا كان الجار المباشر يشاركك بصورة متفردة في عقيدة عامة، فالحاجة الى مرافعات خاصة تكون قائمة لاظهار اسباب غياب المشاركة والتعاون. ومن هنا، ربما، كانت الصيحات الحادة للطعن والذم بلا نهاية.

11 ـ ومع ذلك، ومع ابقاء العراق على هذه المسافة بينه وبين السوريين، فلانه ربما يراهن على تعاطف شعبي. فالعراقي العادي يشارك قادته بلا شك حسا متناميا تجاه الهوية الوطنية، والتي لن يفعل وصول البلاد للثروة شيئا في تقليلها، والتي، وبلا شك ايضا، ستكون بطيئة في العمل خارج نظامهم مثلما تفعل الغيرات الوطنية في الاجزاء الاخرى من العالم. وبما في ذلك نحن البريطانيين.

12 ـ على صعيد الواقع وعلى مستوى الارض، فهناك اعمال اقتصادية وتجارية كثيرة تجري بين البلدين رغم الازعاج المبثوث في الهواء. فالوفود تجيء وتذهب لتناقش السكك الحديدية واتصالات الطرق، وترتيبات مشاركة المياه وخطط خطوط الانابيب، وبيع المنتجات النفطية، وها هما قد رفعا مرة اخرى تمثيلهما الدبلوماسي الى مستوى السفراء.

13 ـ ويمكن مقارنة العلاقات بين دمشق وبغداد بالممارسة المعتادة لطلاب التاريخ الطبيعي التي: يرسم فيها ممثلو نفس الشرائح الحدود المطلوبة على اراضيهم للصيد بصورة مزعجة وصاخبة في ما بينهم اكثر مما يفعلون ذلك مع زملائهم في الشرائح الاخرى. قوانين الارض الموضوعة (وتتأكد كل فترة)، فجمع الطعام يبدأ ويستمر من دون تدخل نشط من الخارج.

14 ـ ربما يجد سفير حكومة الملكة في بيروت، والذي ارسلت له نسخة من هذه الرسالة، اضاءات اكثر للاضافة. ارسلت نسخا كذلك الى القناصل في عمان والقاهرة وواشنطن.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (27) ـ لندن تبحث عن صورتين للعلاقات العربية ـ الكردية والنفوذ السوفياتي داخل قيادة الأكراد

البارزاني طالب بغداد بإعدام من حاولوا قتل ابنه واتهم وزيري الدفاع والداخلية بالمؤامرة

حسن ساتي
شغلت قضية الاكراد في العراق الدبلوماسيين البريطانيين في المنطقة، وتعلل بعضهم بصعوبة الحصول على المعلومات عن تلك القضية، اما لضعف المصادر والاعتماد على الشائعات، واما بسبب قبضة النظام العراقي على دفة الاحداث في المنطقة.
الانشغال انصب في محورين لم تقطع الوثائق باجابات تفصيلية في شأنهما، الاول، هو العلاقات العربية ـ الكردية بعد اتفاق 11 مارس (اذار) 1970 بين بغداد وزعماء الاكراد، والثاني مدى توغل النفوذ السوفياتي داخل البنية السياسية الكردية، وتحديدا الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفي الوثائق اضافات وحقائق في هذا الشأن، بعضها جديد.

وبين جديد هذه الوثائق، رسالة دبلوماسية هي الوحيدة التي استخدمت المصطلحات الرمزية في توصيف تلك العلاقة فلجأت الى تعابير مثل «العملاق»، و«الحيوان المرهق».

* نبوءة الخريف العاصف

* وثيقة رقم: 34

* التاريخ: 14 أغسطس 1971

* الى: في.ايه.بيكيت. ادارة الشرق الادنى. صورة لقنصلية طهران

* الموضوع: سحب العاصفة المتوقعة 1 ـ من انعدام المزيد من التحري الارصادي لمتابعة خطابي لك بتاريخ 22 مايو حول الشؤون الكردية، ربما تكونين قد استنتجت بأن الترمومتر لا يزال يسجل ارتفاعا وان خلفيات نزاع عربي ـ كردي، وفق ما تشهدين من مصادر اخرى، لا تحمل محمل الجد. فالامر ليس كذلك.

2 ـ مشكلة الكتابة عن الشؤون الكردية تكمن في اننا نعتمد الآن وبصورة اكثر مما مضى على الشائعات التي يصعب تقييمها. وفي الغالب، نعيش صعوبة القطع ما اذا كانت اشاعة محددة (دعينا نقول نزاعا قبليا قتل فيه عدد من الناس في الجانبين) قد حدثت ام لا. دعك عن الحكم على تداعياتها. ويمثل هذا الواقع، بالطبع، صعوبة قائمة مع اي شكل من الكتابة من بغداد تحت هذا النظام، بحكومته التي تصطحب الاسلوب التآمري، وهي اشد حدة فيه حين يتعلق الامر بالشؤون الكردية، والتي تظل بعيدة عن الفحص القريب.

3 ـ سمعنا بمثل هذا الشيء من قبل. وقد اتردد في نقل الرواية من غير بعض القرائن المكملة، حينما لا تأتي من الفرنسيين، الذي نعتبرهم الاكثر اعتمادا عليهم من بين زملائنا الدبلوماسيين، وهم دقيقون في الشؤون الكردية. هناك في الحقيقة بعض المؤشرات المزعجة التي حدثت مؤخرا لمصطفى البارزاني مما دفعه لهذا الطريق، فاللجنة العليا لشؤون الشمال (انظري خطابي بتاريخ 15 مايو) لا تبدو قد حققت شيئا البتة، والا لما اقحم مجلس قيادة الثورة نفسه مؤخرا. وفي الحقيقة فان اعلان اللجنة باختيارها دارا توفيق (رئيس تحرير صحيفة التآخي الكردية) كاول عضو كردي فيها قد تم رفضه من توفيق بوقاحة مطلع هذا الاسبوع، وقال في رفضه (انه مشغول بالحزب والواجبات القومية).

4 ـ المؤشر الآخر يحمله هجوم 25 يوليو (تموز) على مكتب الحزب الديمقراطي الكردستاني في خانقين (مدينة صغيرة في جنوب كردستان على الحدود مع ايران) من قبل مسلحين مجهولين. الحزب الديمقراطي يعتقد ان هذه ممارسة بعثية رغم ان الامر كله يبدو محاطا بالغموض.

5 ـ بالاضافة لذلك هناك بالتأكيد بعض القتال في الوسط الشرقي من كردستان نهاية يونيو وبداية يوليو. ولن اثقل عليك بكل التفاصيل والنسخ العديدة لما حدث. الملخص ان هناك بعض القتال الحاد بين القبائل في مقابل اتهام واسع بان الحكومة العراقية هي التي تثيره ضد البارزاني. وقد ادى ذلك القتال الى مصرع عدد من الاشخاص في الجانبين.

6 ـ كل ذلك، لا يصب على نحو حسن في مشاركة الاكراد في مشروع البرلمان الوطني. لم نسمع بالمزيد حول هذا الموضوع منذ 17 يوليو (انظري خطابي 1/6 بتاريخ 19 يوليو). لا يبارحني التساؤل ما اذا كانت اعاقة الحزب الديمقراطي الكردستاني لعملية حصة مقاعده عقبة اكبر من علاقات البعث الفقيرة مع الشيوعيين. اذا كان الامر كذلك، فان جهود الوساطة في مهمة نوفيكوف السوفياتي (انظري نهاية الفقرة الثانية من خطاب السفير 3/13 بتاريخ 3 يوليو الى ريتشارد ايفانز) قد تبخرت بسرعة. ومجمل القول هنا، وفق ما يبدو لي، ان هناك خريفا عاصفا في الطريق.

7 ـ السفير ظل يقضي الاسبوع في منطقة سرسنك اقصى الشمال، وقد تكون لديه بعض التعليقات التي قد يضيفها لاحقا.

* ايه.سي. ماكري

* البارزاني طالب باعدام قتلة ابنه

* وثيقة رقم: 127/w

* التاريخ: 22 ديسمبر 1970

* الى: وزارة الخارجية، مكرر للعلم الى بيروت 1 ـ عاد ايان ماكدوول مراسل رويتر ببيروت يوم 21 ديسمبر من الشمال حيث التقى الملا مصطفى البارزاني. سيكتتب مقالة عن المقابلة من بيروت اليوم، ومن المفترض ان تراه.

2 ـ الملا مصطفى على غضبه الممتد من فشل الحكومة في ان تجلب الى العدالة المتهمين بمحاولة اغتيال ابنه ادريس (انظر خطاب جيز الى هينكليف 1/4 بتاريخ 14 ديسمبر. اخبر ماكدوول ان الحزب الديمقراطي الكردستاني سمى عدة متهمين في محاولة الاغتيال بما فيهم خمسة اكراد مرتدين عن الحزب (ليسوا من جماعة جلال الطالباني) واثنان من المسؤولين الكبار احدهما العقيد عمر الهزاع قائد قوات بغداد.

(لم نتمكن بعد من معرفة المسؤول الثاني. طالب الحزب الديمقراطي الكردستاني باعدام المتهمين العشرة بما فيهم الذين تمت الاشارة اليهم. وزعم الملا مصطفى ان الضابطين المسؤولين يمثلان السلطة والحزب يحمل حماد شهاب (وزير الدفاع) وسعدون غيدان (وزير الداخلية) المسؤولية.

3 ـ على اية حال، وبرغم الغضب الشخصي للملا مصطفى يبدو ان الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يزال يقف على خط يقول (ان السلام اهم من احداث كهذه، والتي يجب ان لا يسمح لها باعاقة تنفيذ اتفاقية مارس).

* بول بلفور

* الأكراد والسوفيات.. بحث عن الاختراق

* وثيقة رقم: 44

* التاريخ: 12 اكتوبر 1971

* الى: في.إيه.بيكيت وزارة الخارجية

* الموضوع: روابط الاكراد بالاتحاد السوفياتي 1 ـ سألت في خطابك 1/3 بتاريخ 28 سبتمبر (لم يعمم) ما اذا كنا نملك معلومات جديدة عن المدى الذي وصلت اليه روابط السوفيات والاكراد.

2 ـ هناك، بالطبع ادلة ملموسة قليلة، بينها مهمة نوفيكوف (حملها خطاب السفير 3/13 بتاريخ 26 يونيو و3 يوليو الى ريتشارد ايفانز) والعناية التي ابداها اواخر يونيو للأكراد، وبصفة خاصة، خروجه عن طريقه ليزور الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكردستاني في 23 يونيو (مقره بغداد). وكانت هناك تغطية اعلامية معقولة للزيارة، ونقل عنه قوله ان «تأسيس السلام في العراق قد جاء لدعم وحدة القوى التقدمية في هذه البلاد وبذلك تخدم هذه الوحدة كضمان اكيد للنضال ضد الامبريالية والصهيونية» وعباراته التفاف جديد للطروحات التي صاحبت اتفاقية 11 مارس.

3 ـ حينما استفسرت عن هذا الموضوع لفيدوتوف نائب القنصل السوفياتي، بعد ذلك باسبوع، قال، اهم النتائج المأمولة لزيارة نوفيكوف تكمن في النقلة الحادة في اتجاه افضل للعلاقات العربية ـ الكردية التي تزامنت مع الزيارة.

من الحقيقي ايضا ان صحف 24 يونيو حملت قدرا معقولا من التغطية لحديث صدام حسين الى الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكردستتاني (معظمه حول الحاجة لتعاون وثيق بين القوى التقديمة في وجه القوى المعادية). نداء صدام اظهر بانه قد حدث بمعزل عن زيارة نوفيكوف، ولكنه حقيقة جزء من المناسبة نفسها. من المفترض ان الصحف قد تلقت التوجيهات بعدم التعريف الواضع بمهمة الروس وربطها بجهود صدام لمعالجة التوترات التي اصبحت ظاهرة في علاقات البعث والحزب الديمقراطي الكردستاني.

4 ـ هناك روائح اخرى صغيرة تحملها الرياح وتؤشر جميعها على نفس الطريق.

وعلى سبيل المثال، حينما بعث البارزاني برسول الى بغداد (اخبر فيديتوف سفيرنا بذلك) في نفس اليوم الذي اصيب فيه الرئيس احمد حسن البكر بنوبة قليبة في الشهر الماضي. ذهب ذلك الرسول وبعد تقديم مواساته في قصر الرئاسة ذهب مباشرة الى السفارة السوفياتية ليكشف لهم ما دار في القصر (ومن المفترض ان يكون قد نقل ايضا اخر الاخبار من رئاسة الحزب الديمقراطي الكردستاني).

وبالمثل، وفي الاسبابيع القليلة قبيل توقيع اتفاقية 11 مارس 1970، اعترف فيديتوف لسفيرنا بأن لديهم احد رجالهم داخل رئاسة الحزب الديمقراطي الكردستاني. في الاطار العام، قد يكون ذلك الرجل مراسلا لوكالة تاس اكثر من كونه دبلوماسيا. ولكن مثل هذا الضوء يرشح بالتأكيد ان الروس مساهمون في ناتج الاتفاقية بصورة اكبر من ما يعترفون به علنا. مرة اخرى، ارسل الحزب الديمقراطي الكردستاني بعثاته الخاصة العديدة الى الاتحاد السوفياتي خلال العام. واشار وزير شؤون الشمال لسفيرنا مؤخرا الى ان السفارة الروسية قدمت منحا دراسية ومساعدات فنية مباشرة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني (ليس عبر الحكومة المركزية).

5 ـ بالطبع، يتوجب على الروس ان يتحركوا بحذر بين الاكراد اذا كان لهم ان يحافظوا على موقعهم مع البعث. ومع ذلك، ومنذ اعتبار التحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني احد اهم انجازات النظام (مهما كانت الصعوبات والمشاكل الحالية) يبدو توجه السياسة السوفياتية ميالا للاستمرار في التغذية الحذرة لعلاقات طيبة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (28) ـ هوس عراقي اسمه طائرة الجاغوار الحربية

وزير دفاع النظام الجديد (البعثي) «فارغ وغبي ومنفر» ويتصرف «بطريقة ريفية»

حسن ساتي
احتلت زيارة وزيرالدفاع العراقي الفريق حماد شهاب الى لندن معظم ملف اوضاع العراق الداخلية فيما كشفت عن المرتكزات التي قررت بريطانيا بموجبها اقامة علاقات تعاون مع الحكم الجديد (البعثي) في بغداد، وبينها كما تكشف هذه الحلقة، والتي تليها، منافسة النفوذ السوفياتي من جهة، وتوظيف حاجة العراق لبعثات التدريب العسكري لجهة حلم يقضي بوجود موالين لبريطانيا داخل الجيش العراقي عساهم ينقلبون على البعث يوماً، او يؤثرون في سياساته على الاقل.
الوزير العراقي لم يسلم بعد وصوله لندن من انطباعات بريطانية سلبية عن شخصيته ظهر من خلالها فارغا، وغبيا ومنفراً، ومع ذلك، تعترف الوثائق بحاجة لندن الى موضع قدم في العراق في مقابل لهاث غير مفهوم من بغداد للحصول على طائرات الجاغوار في غياب علم وزير الدفاع العراقي بامكانية تسليمها.

* لغة المصالح أولاً:

* وثيقة رقم: 22

* التاريخ: 11 فبراير 1971

* الى: اجيرتون.

* الموضوع: وزير الدفاع العراقي.

1 ـ حضر بلفور بول لزيارتي بالامس. قال ان المدير العام لشركة نفط العراق (ipc) ان علينا ان لا نتجاهل الجنرال شهاب ونعتبره شخصية تافهة وغير مهمة. فللجنرال، ومن وجهة نظر الشركة، قدر معقول من التأثير في مجلس الوزراء العراقي وتم قبوله الان كناطق رسمي باسم القوات المسلحة. اضف الى كل ذلك انه لعب دوراً مساعداً في تجنيب ipc شظايا قانون العمل، كما ظل متعاونا في المفاوضات الاقتصادية الاخيرة. توجه الجنرال نحو ipc يعود جزئيا لحقيقة وجود احد اعمامه في موقع اداري عال بالشركة. ومع ذلك فالحقيقة الثابتة هو انه حليف مفيد.

2 ـ ربما ترغب في تمرير هذه الاضاءة الى المكتب الخاص للورد كارينغتون قبل غداء اليوم.

* ايه. دي. بارسونز

* حاشية: تعليق بخط اليد لاجيرتون يقرأ: تم تمرير الرسالة الى مكتب اللورد كارينغتون وادارة النفط. وتعليق اخر يقرأ: احاطني مكتب كيرشو بان حماد شهاب لم يطلب محادثات مع وزارة الخارجية.

* هوس عراقي اسمه الجاغور

* وثيقة رقم: 25/8

* التاريخ: 12 فبراير 1971 الموضوع: سري.. وقائع اجتماع وزير الدفاع والجنرال شهاب وزير الدفاع العراقي يوم 11 فبراير 1971 الحضور: الجانب البريطاني: لورد كارينغتون وزير الدولة، الكولونيل او. سي. بيرجر علاقات ما وراء البحار، الرائد آر. دين سكرتير وزير الدفاع. الجانب العراقي: الجنرال حماد شهاب وزير الدفاع العراقي، كاظم خلف السفير العراقي، الرائد محمد طه الملحق العسكري بالانابة.

1 ـ بعد تبادل التحايا، اوضح الجنرال شهاب ان زيارته الى هذه البلاد في الاصل لاسباب صحية، ولكنه رأى اغتنام الفرصة ليبادل بريطانيا الصداقة العظيمة التي بدأت تشعر بها تجاه العراق الان وفق اعتقاده، اجاب اللورد كارينغتون انها رغبة حكومته ايضا لتجديد اتصالات الصداقة بين البلدين.

2 ـ سأل اللورد كارينغتون الجنرال شهاب عما يراه تجاه ما يمكن ان تقوم به بريطانيا في مجال الدفاع لدفع هذه العملية. شهاب اجاب بان القوات المسلحة العراقية شغوفة بالحصول على فرص في دورات التدريب بالكليات البريطانية وترغب في الحصول على معدات عسكرية محددة. على مدار السنوات الماضية منح العراق عددا قليلا من الفرص في الدورات التدريبية، ولكن ذلك الان توقف. اوضح اللورد كارينغتون ان بلاده تنظر الان بتعاطف تجاه الطلبات التي قدمها العراق مؤخراً، وان النظر للطلب العراقي لا بد ان يتم على خلفية حاجاتنا التدريبية الخاصة وان ما نمنحه سيتوقف على عدد الاماكن الموجودة. الجنرال شهاب قال ان العراق معجب بالتقليد البريطاني في مجال خدمات التدريب، ولكن اذا لم تستطع بريطانيا المساعدة في هذا الشأن فسيكون العراق مجبراً على البحث عن جهات اخرى.

3 ـ على صعيد المعدات العسكرية، قال الجنرال شهاب ان الطلبات العراقية تتلخص في المدفعية بعيدة المدى، والطائرات مثل الجاغوار والمروحيات ودبابات تشيفتين، وان العامل الرئيسي سيكون شروط البيع وملحقاتها، وان «جهات اخرى» قدمت شروطاً مجزية ولكن اعتبارات سياسية قادت العراق لان يتوقع شروطاً سهلة من بريطانيا.

4 ـ اجاب اللورد كارينغتون انه يتفهم وجهة نظر الجنرال هنا، ولكن شروطاً بعينها قد تبرهن على انها غير جذابة لبريطانيا، فلا توجد صفقة من جانب واحد فقط. واضاف، ربما تكون هناك فرصة ضئيلة حول بيعنا طائرات جاغوار في المستقبل القريب المنظور بما ان الطائرات الان ليست في مرحلة الانتاج حتى بالنسبة لبريطانيا وفرنسا اللتين تصنعانها. اما بالنسبة لدبابات تشيفتين فسنكون على استعداد للتحدث فيها. (وفي الحقيقة في اي شيء آخر) ولكن ثمناً معقولا لا بد ان يدفع.

5 ـ عاد الجنرال شهاب الى نقطة توقعات العراق تجاه التفاعل الايجابي من بريطانيا تجاه الطلبات العراقية بتقديم شروط مجزية لان ذلك في صالح بريطانيا التي عليها تشجيع الدول العربية لاتخاذ سياسات صديقة تجاهها. واضاف، ان على بريطانيا، ولاسباب تاريخية، ان تظهر النوايا الحسنة لتعويض سياساتها الماضية. ففرنسا، على سبيل المثال، توصلت الى استنتاج في مجال علاقاتها بالدول العربية. في الاجابة، قال اللورد كارينغتون انه لا يقبل ان يتوقع العراقيون صفقة من جانب واحد يستفيدون منها وحدهم، واذا كان للعلاقات بين البلدين ان تستمر في التحسن، فان الامر يعود الى اي من الطرفين ان يحدد اي تنازلات يمكن ان يقدمها للاخر.

6 ـ الجنرال شهاب اشار الى توجهات شركات النفط تجاه مفاوضات الاسعار، اجاب اللورد كارينغتون بان سياسة شركات النفط قضية تجارية وليست حكومية، ومع ذلك فالمبدأ الباقي هو ان هذه الامور ذات طبيعة ثنائية.

7 ـ اخيرا، تطرق الوزيران الى العلاقات العربية ـ الاسرائيلية. ابدى اللورد كارينغتون شعوراً بانه، وعلى المدى الزمني الطويل، فالحل الدائم الوحيد لاسرائيل سيكون في اعادة الاراضي التي احتلتها منذ حرب الايام السنة في مقابل ان تضمن لها الدول العربية الاعتراف، وقال انه يخشى ان يكون لهذه التسوية طريق طويل جداً. الجنرال شهاب قال ان احد العوامل الاساسية التي تحدد سياسة حكومته هو الشأن الانساني المحيط بمحنة اللاجئين الفلسطينيين.

* سكرتير وزير الدفاع

* شهاب منفر وفارغ:

* وثيقة رقم: 20

* التاريخ: 11 فبراير 1971

* الى: لافر.. وزارة الخارجية

* الموضوع: طلب العراق الحصول على اسلحة وتدريب عسكري.

1 ـ ربما يستحق التالي التسجيل.

2 ـ ذهبت اليوم الى غداء اللورد كارينغتون الذي اقامه لوزير الدفاع العراقي ـ وهو عراقي غبي، ومنفر، وفارغ. وكان قد اجرى مسبقاً محادثات مع اللورد كارينغتون خرجت بالانطباع، سواء خلال الغدا، والمحادثات (أو وفق الحساب الذي اخذته مطولا من العقيد بيرجر) بان العراقيين قدموا طلبا قوياً للورد كارينغتون بمعدات عسكرية تشمل كل انواع الصواريخ، والمدفعية ودبابات تشيفتين وطائرات جاغوار. وضغط العراقيون كذلك لجهة اختيار واسع لفترات تدريبية بالمملكة المتحدة.

الوزير العراقي اقام فكرته بان بريطانيا مدينة للعراق بسبب سلوكها السيىء في الماضي وخلقها للمشكلة الفلسطينية، وان رجل الشارع العراقي يتوقع ان تسدد بريطانيا هذا الدين بايماءة، ولتكن هذه الايماءة تقديم سلاح ومعدات عسكرية بشروط جيدة ونسبة ارباح منخفضة.

3 ـ اللورد كارينغتون تعامل بفظاظة مع الطرح السياسي العراقي، ولكنه، وخلال الغداء، بدا متعاطفاً بعض ا لشيء في موضوع السلاح والمعدات على قاعدة تجارية بحتة.

4 ـ على العموم، لا اعتقد ان بوسع الوزير العراقي ان يشتكي من اي شيء من جراء المعاملة. ولم يسأل عن محادثات سياسية مع وزير الخارجية، وقد اتاح له اللورد كارينغتون فرصة طيبة للتعبير عن ارائه وغداء ممتازاً مصحوباً بحديث ودي، تجاوب معه الوزير العراقي بطريقة ريفية بقدر ما استطاع حشدها.

5 ـ ليس لدي شك على اية حال، باننا واذا لم نقدم تجاوباً مبكراً وايجابياً لطلبه، فسيعتبر ذلك رفضاً نهائياً. ويبدو لي ان علينا ان نبذل له ما في وسعنا في موضوع بعثات التدريب، فهذه تكلفنا قليلا، ويمكن ان تقدم لنا بعض الفائدة ليس مع النظام العراقي الحالي فحسب، وانما ايضاً، بتأثيراتها في اولئك المرشحين للاستيلاء على السلطة في البلاد عاجلا ام آجلا.

ايه. دي. بارسونز وزارة الخارجية

* عقيدة التعاون مع العراق

* وثيقة رقم: 28

* التاريخ: 9 مارس 1971

* الى: اجيرتون، مكرر بولي بادارة الدفاع.

* الموضوع: الجنرال شهاب. اجتماع المتابعة.

1 ـ قدمت برقية بغداد رقم 264 خلفية مفيدة لهذا الاجتماع الذي سنحضره انا وبولي يوم الاربعاء 10 مارس (تم تأجيله من يوم 9).

2 ـ اجندة الاجتماع بالملف 26. انوي تقديم النقاط الاتية حول البند الاول:

أ ـ قد لا تكون العلاقات مع العراق بجودة علاقاتنا مع جيرانه (ايران والكويت)، ومع ذلك فهي علاقات مهمة لسببين اساسيين: فنحن نريد مواجهة النفوذ السوفياتي في البلاد، ولشركة ipc البريطانية استثمارات مهمة هناك.

ب ـ العلاقات البريطانية ـ العراقية سيئة منذ حرب يونيو 1967 والى نهاية عام 1970، وقد اصبح العراقيون خلال تلك الفترة اكثر اعتماداً على الامدادات العسكرية السوفياتية.

ج ـ هناك مؤشرات خلال الاشهر القليلة الماضية على ان العراقيين يحاولون تحقيق تقارب مع بريطانيا، اختبار هذا التطور ملموس في المجالات الثقافية والاقتصادية والتجارية والعسكرية.

د ـ يجب تشجيع هذا التوجه بقدر الامكان من وجهة نظر وزارة الخارجية من دون التسبب في اي ضرر او غضب للدول الاخرى في المنطقة. علينا ان نكون متعاونين في مجال بعثات التدريب والمعدات العسكرية.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (30) هاجس حماية القصر الرئاسي يدفع بغداد إلى نقل السفارة الأميركية بالقوة

الخلاف مع واشنطن أوشك على دفع الحكومة العراقية إلى طرد السفير البلجيكي

حسن ساتي
تستدعي هذه الحلقة، التي تعود وقائعها الى ثلاثين عاما خلت، سيناريوهات الحاضر بين بغداد وواشنطن، فعلى خلفية خلاف بسيط حول ترحيل سفارة اميركا التي كانت تطل على قصر الرئاسة العراقي بحجة دوافع امنية، قامت الدنيا ولم تقعد بين العاصمتين، واوشكت بلجيكا، راعية المصالح الاميركية ان تدفع الثمن، لتقول الوثائق البريطانية السرية المفرج عنها عن عام 1971 ان العراق لم يفرق دبلوماسيا بين البعثة الدائمة المعتمدة وبين قسم رعاية المصالح.
والمهم ان معركة بغداد وواشنطن حول القضية انتهت على نحو درامي مع لمسات حملت بعض المهازل وفق تقدير ايه. ماكري الدبلوماسي البريطاني في تقريره لرئاسته بالخارجية البريطانية.

وثيقة رقم: 1 التاريخ 5 يونيو (حزيران) 1971 الى: السيدة في. بيكيت الموضوع: العلاقات العراقية ـ الاميركية.. قضية السفارة 1 ـ رأيت نسخاً من الرسائل المتبادلة بين وزارة الخارجية الاميركة وقسم رعاية المصالح الاميركية بالسفارة البلجيكية، والتي مررناها لكم، حول استيلاء العراق على مبنى السفارة الاميركية هنا. ارفق الآن نسخة من الرسالة المتميزة، نوعا ما، والتي تسلمناها من العراقيين بعد يوم من احتلال السفارة الاميركية، وازعم انك تستطيع جمع شيء من التشعب الذي ظل يرافق الحالة منذ 1969. لم ازعجك، الى حد، بالتقارير في هذه القضية لانها ليست شأنا عاجلا بالنسبة لنا، ولكن يبدو الوقت الآن، حافلا بجولات، رغم ان تقديم ذلك بصورة مختصرة يبدو صعبا، وللأسف.

2 ـ على طريق تقديم الخلفية، ابدأ بالقول بانه من المفهوم ان العراقيين مسكونون اصلا بقضية الامن في منطقة القصر الرئاسي، وهو هدف منطقي لاي انقلاب. وسبق لهم ان اعلنوا لبعض الوقت عن نياتهم لجهة حزام امني يبدأ من منطقة جبهة النهر بين كوبري دجلة وفي اتجاه مجرى النهر من القصر والكوبري المعاكس لمجرى النهر لمبنى البرلمان، (والذي يضم مقرنا الحالي المستأجر، والنيات هنا لوقف الحزام الامني على المباني الحكومية فقط. وبما ان السفارة السوفياتية (تقع ايضا في محيط القصر وفي واجهة السفارة الاميركية، ولكنها على الجانب الآخر من طريق رئيسي) ستكون بالكاد خلف حدود هذا الحزام الامني، ولكن السفارة الاميركية تطل عمليا على القصر، ولذلك ليس من الصعب رؤية انها قريبة جدا من مسألة الطمأنينة او السلام النفسي للعراقيين. ولكن، وفي المقابل، فمبنى السفارة الاميركية حديث وحسن التصميم ويحتوي على مبنى قنصلي... (بقية اسطر الفقرة مطموسة، في عملية التصوير.. الشرق الأوسط).

3 ـ بدا الاميركيون وعلى الدوام، على امل في ان يتمكنوا من الاحتفاظ بالمبنى، او على الاقل، واذا كان لهم ان يسلموه او يستسلموا، فليكن ذلك لقاء تعويض معقول. ووفق الافادات التي قدمها لنا السفير البلجيكي، فان وكيل وزارة الخارجية الاميركية، وليس رصيفه السياسي الذي تعامل اصلا مع الموضوع منذ ان واجه مهمة تقديم التوضيح للجنة من الكونغرس حول لماذا تم انفاق كل هذه المبالغ الضخمة على مبنى سفارة هو عرضة للفقدان، هو الذي اي الوكيل، يتعامل مع القضية. وبعد تعثر الجولة الثانية من المفاوضات في فبراير (شباط) الماضي (بسبب العراقيين وليس الاميركيين كما يزعم العراقيون الآن). فان الاميركيين ميالون لاتخاذ خط، وفق افاداتهم الخاصة لنا، يتجه الى تفضيلهم فقدان المبنى كلية عوضا عن القبول برقم ضعيف من التعويض، وكل ذلك على فرضية انهم وحين يعودون للعراق، فسيكونون في وضع يمكنهم من المطالبة بالتعويض الكامل. ظلت دائم الاعتقاد بان هذا التفكير لا يخلو من رؤية مفرطة في التفاؤل. وعلى اية حال، فالاحداث الاخيرة توحي بان عمليات الاقناع الدبلوماسي برهنت على طول مثل هذه العمليات. والعراقيون فقدوا سيرهم وقرروا التركيز على الغاية اكثر من الوسائل، فاعطوا البلجيكيين موعدا نهائيا (مددوه لاحقا لاسبوع) لاخلاء السفارة، قائلين بانهم على استعداد لاستئجارها (بمبالغ ضئيلة). الخارجية الاميركية رفضت في البداية. وطلبوا من البلجيكيين توجيه ام. دسجامبس (السكرتير الاول بقسم رعاية المصالح الاميركية) بان لا يغادر السفارة الا تحت التهديد بزعم توصيل العراقيين الى انتهاك نصوص اتفاقية جنيف (العراق من الموقعين عليها).

في مرحلة متأخرة، لين الاميركيون من مواقفهم لعرض حل توفيقي يمكن من خلاله تلبية هواجس العراقيين الامنية باخلاء البلجيكيين وقفلهم للسفارة، والتي ستظل خالية، الى حين ايجاد حل متفق عليه. ومع ذلك، وعلى اية حال، فقد رد العراقيون بتهديد يتجه الى محاصرة المبنى ومنع عمليات الدخول اليه.

4 ـ الناتج لهذه القضية درامي جدا (مع لمسات للمهازل). دسجامبس (الذي نقل قبل اسابيع متاعه واثاثه) تلقى التوجيهات من السفير البلجيكي بالنوم في السفارة ليلة 22 ـ 23 مايو (ايار) ليرى ما سيحدث. النتيجة كانت وصول قوات القانون والنظام واحتلالها لبهو السفارة. تلاها وصول وفد من وزارة الخارجية العراقية، وتلاهم السفير البلجيكي الذي اعترض بالقول ان ظروف العمل لا تحتمل وبالتالي فان عليه سحب سكرتيره الاول، وقدم في نفس الوقت لوفد وزارة الخارجية رؤية بلجيكية لما حدث وللقضية. بعدها غادر هو ودسجامبس مبنى السفارة، والاخير وضع في آخر اعماق جيبه المفاتيح. ليتم استدعاؤه لاحقا الى وزارة الخارجية حيث، وفي ظروف ليست واضحة لنا تماما، اعلن قبوله للمذكرة التي سبق ان قدمها سفيره، وقد قررت وزارة الخارجية امامه رفضها. بعدها اعلن العراقيون في بيان رؤيتهم للقضية، ومرفق لك نسخة منه.

5 ـ رد الفعل المبدئي لوزارة الخارجية الاميركية كان اتجاها لتحويل القضية الى قضية عامة وعلنية بتجميد الودائع العراقية وقيمتها 2.5 مليون دولار، وطلب الحكومة الهندية بسحب الدبلوماسيين العراقيين من قسم رعاية المصالح العراقية بالسفارة الهندية في واشنطن. ولكن البلجيكيين اثنوهم عن ذلك، واشاروا لهم بان طريقا او حلا مثل هذا، لن يكون مؤذيا لاميركا فقط، وانما لبلجيكا ايضا. وبدا ان الامر في التفريق بين نشاطات بعثة دبلوماسية معتمدة وقسم رعاية مصالح قد كان فوق حصافة العراقيين، فقد اشاروا سلفا للسفير البلجيكي ولدسجامبس بان كليهما قد يعلن بانه شخص غير مرغوب فيه اذا لم تنته القضية لصالح العراق، وفي هذا المنعطف تدخلت الخارجية الاميركية، فقد وافقت الآن بان دسجامبس يستطيع تسليم المفاتيح مع تسجيل اعتراض، رغم انه لا احد، غير العراقيين، سيستفيد بأي شيء من جراء هذا الفعل (ولكن دسجامبس يرى فيه بعض الاعتبار الرمزي)، وكل ذلك غير واضح بالنسبة لي.

6 ـ ها هنا رست القضية. دسجامبس لم يعد لا لبيته ولا لمكتبه. وبقدر استنتاجنا، فالاميركيون تصرفوا ببطء في ايجاد البدائل، رغم ان من الممكن السماح له بالتوقيع على عقد بمكتب منذ مدة. قضية مقر السفارة تبدو بلا اهمية عاجلة لوزارة الخارجية الاميركية بما ان تصرفات العراقيين تحت القيادات الحالية بالجبهة المعادية للرأسمالية قليلا ما توحي بدعوة مبكرة للاميركيين بالعودة. اما بالنسبة لنا، فمصلحتنا الاساسية او المبدئية، على خلفية هذه القضية، هي ما اذا كنا سنتعلم اي تكتيكات سنضع حول مقر سفيرنا، والذي، وبرغم بعده عن القصر، الا انه يقع داخل الحزام الامني المفترض. ربما رأيت برقية السفير رقم 610 التي افادت بموافقة وزارة الخارجية على تمديد عقدنا لحين بناء مقر جديد بشرط ان نبدأ نحن في بناء مقر قبل نهاية العقد في يناير (كانون الثاني).

ايه.سي. ماكري السفارة البريطانية ـ بغداد ـ صورة للقنصل بواشنطن ـ وللقنصل ببروكسل
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية حسن ساتي(31) ـ نظام البعث بالعراق جاء ليبقى.. وعلينا أن نحصل منه على أفضل ما عنده

تحمل هذه الوثيقة معلومات مثيرة في شأن التقييم البريطاني لنظام البعث في العراق، فنحن مثلا امام تأكيد بأن هذا النظام جاء ليبقى، وليس علينا أن نفكر في نظام بديل، بل ان نصنع الافضل منه ولمصالحنا.
والاخطر، تقول الوثيقة: ان العمل معه بيد تحمل القفاز سيكون ضد مصالح اي طرف آخر في العالم ما عدا طرفي المصلحة، اي بريطانيا ونظام البعث، فضلا عن اشارات لا تخفي السعادة من اثارته للمشاكل مع دول الخليج.

وثيقة رقم: 57.71 التاريخ: 4 يناير 1971 الى: وزير الخارجية الموضوع: مراجعة سنوية للعراق عام 1970 سيدي:

1 ـ قدم تقريري لعام 1969 عن هذه الجمهورية غير المحظوظة والمحبة لتعذيب نفسها، قراءة مظلمة، وتستصحب قراءتي لعام 1970 تلك الرؤية وان كانت بشحنة اقل. الكراهية لا تزال تحكم العراق ومن نوع خانق ومشبع بالدخان، وربما اعبر عن اعتقاد بأن ذلك الدخان قد خف قليلا في عام 1970، وان كنت لا اعني العراق البعثي في طريقه لأن يصبح منطقة بلا دخان تتدفأ بضوء شمس سعيدة. انه لم يعد جنة عدن رغم وجود تلك الجنة (عند ملتقى دجلة والفرات)، ولكن، وعلى الاقل، فهناك سيوف ملتهبة اقل، على كل بوابة، خلال عام 1970.

وبتعابير اسطورية، فالنظام البعثي، وبعد ان احكم قبضته على السلطة باستئصال المعارضة القائمة والمحتملة، يبدو في عام 1970 وكأنه قد ادرك ان اجراءات للاسترخاء، سواء على صعيد سلوكه الداخلي او في كثير من سياساته الخارجية، ستخدم مصالحه الخاصة بصورة افضل.

وأيا كان التقدير فان هذا التوجه سيكون من مصلحتنا الخاصة بالتأكيد تشجيعه ايجابيا.

2 ـ بدأت السنة بمؤامرة فاشلة مولت بلا كفاءة من الايرانيين وتم اختراقها بكفاءة من قبل المخابرات العسكرية العراقية لتنتهي في 24 يناير (كانون الثاني) باعدامات فورية لـ44 عنصرا، معظمهم بلا شك مذنبون، ولكن هناك القسوة التي صاحبت معاملتهم. ولم يواجه النظام مشاكل اخرى من هذا القبيل اذا تجاهلنا تقارير مبهمة عن مؤامرة في سبتمبر (ايلول) في احد معسكرات الجيش شرق بغداد تم احتواؤها، قبل انفجارها، بصورة غير دموية. واقول هنا ان اختراق المخابرات لكل ضلعة في الجسد السياسي مكتمل جدا بدرجة تصبح فرص خطط التآمر في عدم كشفها ضئيلة. وفي حدود علمنا فإن عام 1970 لم يشهد المزيد من الاعدامات كرادع.

3 ـ الاضاءة الثانية في المشهد الداخلي تكمن في اعلان اتفاق 11 مارس (آذار) بعد 10 اسابيع من الحوار مع الاكراد، والذي تضمن تسوية مع القيادة البارزانية للاكراد الذين ظلوا في حالة تمرد متواصلة لعقد من الزمان، ووفق تلك التسوية، فهناك وعد للاكراد الذين يشكلون خمس عدد السكان بحكم ذاتي مع مشاركة عادلة في الحكومة المركزية والتنمية، في مقابل السلام. في الشهور التسعة التي تلت اعلان الاتفاق شاب التطبيق على مستوى التفاصيل بعض العيوب فيما تم تحويل الاجماع الحرج على تحديد يوم 26 اكتوبر (تشرين الاول) لتعريف حدود المنطقة الكردية (بصورة خاصة فيما يتعلق بحقول النفط في كركوك) الى الرفوف. ولا يستطيع الا القليلون التنبؤ بأن هذه التسوية ستثبت، كما تزعم هي، انها نهائية. ومع ذلك، فقد وضع الاكراد اولوياتهم في اعادة البناء والتنمية لاعطاء الحكومة مزايا الشك وعلى الاقل تجاه شكوكهم. السلام، وعلى اي مستوى، يلقى الترحيب من الجانبين.

4 ـ عن اصلاحات داخلية لا تحمل جديداً («الشرق الاوسط»).

5 ـ من الصعب القطع بدليل تجاه تغيير في الاسلوب في علاقاتهم (العراقيين) الخارجية، في وطن لا يرحب بالادلة غالبا. وكما هم على الدوام، غير مبالين بعزلتهم في العالم العربي ومرتبكين تجاه رفض مطالبهم بدور قيادي، وهم على درجة من التصلب لا تسمح لهم بالبحث عن تساكن مع سورية الاسد او مصر ما بعد عبد الناصر، والبعث العراقي يواصل مشاكله مع المعتدلين العرب، وحتى بين المتطرفين، فالصداقة الوحيدة التي عقدوها كانت مع اليمن الجنوبي. على صعيد المسألة (الفلسطينية) تمسكوا على الصعيد المعلن بخطهم المتشدد، مفضلين رفض خطة روجرز في يوليو (تموز). وادى ذلك مباشرة الى تضخيم خلافاتهم مع مصر، والى التزام طنان بتقديم الدعم العسكري للفدائيين الفلسطينيين في حربهم مع الحكومة الاردنية. ولكن حين توضع الامور على المحك يختلقون معادلة يغفرون فيها لانفسهم عدم وضع موقفهم الاستعراضي موضع التنفيذ، مع ان ذلك يعرضهم لتعليق بذيء، ومع ذلك، فالقرار يلقى الترحيب خاصة اذا برهن انه قد ارسل رسالة مفادها المزيد من التحرر العراقي العام عن المجال الفلسطيني. والوجود المتواصل لما بين 12 الفاً و18 الفاً من الجنود العراقيين بالاردن، وقد تم تقليل العدد مع انقضاء العام بعد حل الجبهة الشرقية في اغسطس (آب) يبقى شوكة في لحم الحكومة الهاشمية.

6 ـ في هذه الاثناء وعلى صعيد الجبهات الاخرى، فقد احيوا حربهم الاعلامية ضد ايران، وواصلوا الاستخفاف بالنظام الجديد في (سلطنة) عمان.. اثاروا الاستياء عبر الحدود مع السعودية.. تشاجروا مع قيادتهم القومية بقيادة (ميشيل) عفلق... وصنفوا محمد حسنين هيكل كعميل للمخابرات المصرية... و(الاكثر اهمية لنا)... زادوا بصورة متقدمة مشاكلهم مع دول الخليج العربية... واصلوا حركة الوفود مع روسيا واوروبا الشرقية، وكذلك الاتفاقات والمبيعات العسكرية والخدمات، ووصلوا مع المانيا الشرقية الى نفس نوع الحميمية الخاصة التي صنعوها مع اليمن الجنوبي، وبلا شك لاسباب متماثلة. وضعوا انفسهم، على صعيد سياساتهم النفطية (انظر الفقرة 8) وبصورة اكثر حدة، تحت رحمة الروس، ونادرا ما يتحول خط افتتاحيات صحفهم الذي بلا نهاية، حول الغرب الامبريالي الى درجة اقل عداوة عما كان عليه من قبل.

7 ـ وأياً كانت الاشارات غير ملموسة، فكل شخص هنا يبدو مقتنعا، والسنة تكاد تنتهي بأن المد عائد، على الاقل بقدر ما يتعلق الامر بأحداث الشرق ـ الغرب. فالتحرر من التجارة مع الشيوعية وعونها على كل لسان. والتأجيل الممتد لزيارة نائب الرئيس صدام حسين الى موسكو في اغسطس مثل واضح، ومضايقة الشيوعيين العراقيين مستمرة على نحو صحي (ليس هناك احتمال، كما علق بعثي حينما تم اطلاق سراح السجناء السياسيين في نوفمبر (تشرين الثاني) بأنهم سيطلقون). والى ذلك بدأ كبار البعثيين يتحدثون علنا عن رغبة النظام في الهجرة تجاه الغرب (فقط اذا قدم الغرب للعملية يد المساعدة) وكل ذلك برغم دعاية النظام المنافقة والرسمية تجاه الروس واصدقائهم. وحتى بالنسبة لفلسطين فهناك اشارات ذابلة تجاه الواقعية، فقد تحركوا من «لا مساومة» الى «لا مساومة الا اذا وافق الفلسطينيون». تلقى حديثك في هورجيت اشارة ايجابية، ولكن فقط على المستوى الخاص. وأيا كان ما يقال حول الطريقة التي ابقوا بها على قواتهم خارج خط النار في الاردن في اغسطس (آب) فلا بد من السماح لاستنتاج بأن الواقعية قد لعبت دورا. ولا بد لي ان اضيف ان زيارة السيد (كما كان ذلك وضعه وقتها) جورج براون في يناير (كانون الثاني) والموقوفة اصلا على فلسطين، يجري ذكرها علنا حتى من اولئك الذين احتقرهم بلا رحمة خلال المناقشات. ولعلي اعتبر ذلك واحدة من اضاءات العام.

8 ـ حول السياسات النفطية والخلافات مع الشركات البريطانية والصراعات الداخلية. وليس فيها جديد يذكر. («الشرق الاوسط»).

9 ـ ومع ذلك، فحقيقة وجود قوى في داخل النظام تتجاذبه نحو اتجاهات معاكسة لا يعني، للأسف، ان الحبل سيلتف ويرمى بالعقدة على ظهرهم. فالجانبان في هذا الصراع، او في لعبة شد الحبل يعرفان ما سيفعله المشاهدون اذا حدث حادث. ولكن، واذا لم يكن كل الامر حيلة سرية، (مثل انتصارات «بطل العالم» العراقي في المصارعة عدنان القيسي ضد متحديه الخارجيين والتي ظلت موضوع الاحاديث الرئيسية في العراق طوال ثلاثة اشهر)، فهناك، وعلى الاقل، حقل واحد يكون فيه جر الحبل قد جذب الاشياء في الاتجاه الصحيح، لانه، واذا لم ننخدع بالمفردات فهناك اشارات لا تخطئها العين للرغبة في اداء المزيد من الاعمال مع الغرب. والرسم البياني لصادراتنا الى العراق في 1970، والذي يظهر زيادة بنسبة 15 في المائة عما كان عليه في عام 1969، يقدم ما يشبع، ولكنه يعكس بصعوبة الرغبة المكررة خلال الاشهر القليلة الماضية، خاصة على المستوى الفني، او اعادة العراق لعلاقاته التجارية والتعاقدية الخاصة مع بريطانيا. وكما هو معتاد فالبعث العراقي لا يستطيع ترجمة الرغبة الى ممارسة، فهو رهين تلك الدائرة المفرغة المعتادة من الانفاق الزائد على القوات المسلحة ونقص السيولة، والاستسلام لتعاقدات اوروبا الشرقية التجارية باغراءاتها. ولكن الرغبة موجودة وملموسة كما عبر عنها المناخ المتحسن الذي صاحب زيارة رجال الاعمال البريطانيين في النصف الاخير من العام.

(... بقية الفقرة عن تحسن في الموقف المالي للبلاد..).

10 ـ قلت في رسالة قبل عام بزهدي في المشاركة في الاعتقاد السطحي بوجود مخزون للنوايا الحسنة تجاه بريطانيا مودع بعيدا في العراق تحت البوابات البعثية. لانه، وتحت التدقيق والفحص الدائم من رجال الامن الموجودين في كل وقت وكل مكان، ببدلهم الداكنة ونظاراتهم السوداء والشوارب الطويلة، تكون فرص الاتصالات مع المتعلمين العراقيين من غير البعثيين ضعيفة بالضرورة. وللعلم، فالابواب قد رفعت قليلا السنتين الاخيرتين، ومع ذلك، وبالتدقيق في اواني السفينة، تم التأكيد لي، من اصدقاء عابسين، بوجود اسرى كثيرين في القبضة. والمرء يملك هنا وميضا حول كيف سيبدو العراق تحت نظام مختلف.

11 ـ ولكن نظاما مختلفا، وفي هذا المجال فقد عززت خبرة عام انطباعاتي السابقة، هو بالتحديد ما لن نحصل عليه. فالنظام الحالي موجود ليبقى، ويتحتم علينا ان نحصل على الافضل او نصنعه منه. فالازدواجية التي ظلت بصورة متزايدة مفتاح الاداء خلال عام 1970، ليست مصدر قوة. ولكن فكرة بعثيي العراق هي العراق اولا ثم بعد مسافة طويلة، عقائد البعث، ولذلك، واذا كان للواقعيين وغير الشيوعيين في اوساطهم ان يحصلوا على سيطرة، علينا بالتأكيد ان نعطيهم دفعة الى الامام بأي شكل نستطيعه. ولا نحتاج، وهو ما آمله، ان تكون الاسطورة الموضوعة الآن رادعا لنا، فالامر يبدو، ولأي فرد في الشرق الاوسط ما عدا البعثيين ونحن، اننا والبعثيون اذ نمد الى بعضنا البعض ايادي في قفازات نعمل ضد مصالح غيرنا وليس مصالحنا.

12 ـ ولكن، وحتى اذا لم يكن البعثيون شرا مطلقا، وحتى مع توصيتي باستخدام ملعقة قصيرة في تناول العشاء معهم، فهم على مسافة من اسداء الشكر او انزاله عليهم. فمع نهاية عام 1970، بدا اصرارهم على تشجيع الاضطرابات في شرق السعودية اكثر ظهورا. وليس هناك مجال للشك في ان الصدام في الخليج بين ما يعتبرونه مصالحهم وبين ما نعتبره نحن وايرانيون والحلفاء الآخرون مصالحنا، سيكون مصدر حساسية اساسية في علاقتنا بهذا البلد. وفي العاصفة، التي قد تنفجر، تتواصل الآمال نحو فهم افضل في المجالات الاخرى التي سبق وان شجعها عام 1970، وان تبقى، وكذلك منظور تسوية بين العراق وشركة نفط العراق ipc (تهددت اصلا بقرارات اوبك في ديسمبر). حالة ضبط النفس في معالجتنا للمشاكل التي يثيرها العراق في الخليج، وكما هو الحال في مجالات الاحتكاك الاخرى، تثبت ان المستفيد المحتمل والوحيد لأي تباعد بيننا وبين العراقيين سيكون الاتحاد السوفياتي.

13 ـ ارسلت نسخا من هذه المذكرة، التي وضع مسودتها سفير الملكة، الى ممثلي الملكة في عدن وعمان وانقرة وبيروت والقاهرة وجدة والكويت وطهران وطرابلس وموسكو وتل ابيب وواشنطن، والممثل السياسي في البحرين وبعثة المملكة المتحدة في نيويورك ووفدها في باريس.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (32) ـ حملة التهجير العراقية للإيرانيين تشمل أكرادا عراقيين

سلطات بغداد تجرد المهجرين من ممتلكاتهم وتتلف وثائقهم قبل أن تنقلهم إلى الحدود

حسن ساتي
توشك الطريقة التي ادار بها العراق وايران موضوع علاقاتهما الثنائية في عام 1971 ان تقطع بحتمية وصولهما، والذي حدث، لحرب الثماني سنوات في 1980.
فبغداد صممت عمليات طرد جماعية للايرانيين والعراقيين ـ اكراد خصوصا ـ وكان من الاهداف تسريب جواسيس الى ايران، وصدام حسين (نائب الرئيس العراقي آنذاك) قال ان ايران هي المهدد للسلام، وطهران من جانبها ارهقت بريطانيا بتساؤلات حول بيع طائرات هنتر للعراق، مما اضطر لندن الى اتخاذ سياسة حازمة تجاه حق طهران في مجرد التساؤل او التفكير في ان تتم مشاوراتها حول صفقة سلاح ليس للعراق فقط وانما لأي طرف ثالث.

ومع ذلك، فالعودة الى ما كشفته حلقات سابقة عن اغماض بريطانيا عينيها تجاه احتلال ايران للجزر العربية الثلاث، واستضافتها وزير الدفاع العراقي وتنشيط شهية بغداد في الحصول على سلاح غربي، توحي مجتمعة بأن لحرب الثماني سنوات التي كلفت العروبة والاسلام الكثير، خيوطا اخرى غير تلك التي صنعها قادة البلدين.

* أكثر من دافع لعمليات الطرد

* وثيقة رقم: 18

* التاريخ: 4 نوفمبر 1971

* الى: اتش. جي. اربوث نوت

* الموضوع: العلاقات العراقية ـ الإيرانية. طرد الإيرانيين 1 ـ منهج (امير عباس) هوفيدا (رئيس وزراء ايران في ذلك الوقت) الوارد اليك بتقرير مايكل ويستون بخطاب 2/19/3 بتاريخ 26 اكتوبر (تشرين الاول) جزء، وبلا شك، من تمارين ضغوط روتينية يبدو ان الايرانيين يمارسونها في عدة عواصم كبيرة. ومع ذلك، فلا شك انك تريد ان تعرف كيف سارت القصة وفق برقيتنا رقم 53 وكيف انتهت.

2 ـ وفق رواية زملائنا الايرانيين هنا، فالحملة العراقية اوقفت في حوالي 15 اكتوبر، في مرحلة جابت فيها السيارات بمكبرات الصوت في بعض مستوطنات الايرانيين الرئيسية مثل الكاظمية وكربلاء، واكدت تلك النداءات ان بوسع الايرانيين البقاء في العراق في حال امتلاكهم شهادات ثبوتية واجراءات قانونية. وهكذا، وبرغم ان اعدادا كبيرة من الايرانيين قد طردوا حتى الوقت الذي صدرت فيه تلك النداءات، فإن آخرين من الذين تم تمديد اقاماتهم الى نهاية الشهر تمكنوا من البقاء. (زملاؤنا الايرانيون يروجون لارقام رسمية تقول ان 8000 قد طردوا بالفعل).

3 ـ في هذه الاثناء، اصدر وزير الداخلية العراقي سعدون غيدان تصريحا نشرته صحيفة «الثورة» الاحد 24 اكتوبر انكر فيه الترحيل الجماعي للايرانيين او الاكراد (رغم ان نفس التصريح لسبب او لآخر لم يصدر في النسخة الانجليزية للصحيفة). ويقول الوزير ان كل الذي حدث ان وزارته تريد منع اي دخول غير قانوني اعتمادا على القوانين والمعاهدات الدولية، ولذلك تصرفوا وفق حقوقهم حينما رحلوا الاجانب ممن دخلوا العراق بعد عام 1958 والذين انتهت صلاحية اذوناتهم او الذين لا يملكون تصاريح عمل. واكثر من ذلك، فمن المتوقع ان يغادر الطلاب الاجانب في الدراسات الدينية البلاد بعد انهاء دراساتهم (العراق يتوقع ان تستغرق تلك الدراسات نحو 5 سنوات). خلاصة القول ـ يقول الجنرال سعدون «لم يتم ترحيل اجنبي واحد ممن دخل العراق بصورة غير قانونية قبل 1958».

4 ـ التصريح الاخير هو بالطبع، وبالتأكيد غير صحيح. فأنا شخصيا على علم بالحالة بحكم متابعتي لقضية الطباخ الذي كان يعمل مع ملحقنا الجوي السابق. فقد عاش ذلك الرجل في العراق منذ عام 1917، وامتلك اذونات عمل ومسكنا بصورة نظامية، ومع ذلك فقد شاهد بأم عينيه وثائقه تمزق ليقال له بعدها بأنه معتقل وسيحمل الى الحدود خلال 3 ايام. (في الحقيقة، وبعد ممارستي لضغوط بالنيابة عنه، تم السماح له بالاقامة الى نهاية الشهر ليتمكن من بيع منزله واغراضه).

5 ـ وعلى كل حال، فقد تمكنت السفارة الايرانية اخيرا من التأكد من ان المعلمين الايرانيين بالعراق، وعددهم قليل، اطلق سراحهم.

6 ـ ما زلنا غير متأكدين من اهداف هذه الحملة الكريهة. والسبب الوحيد الذي نستطيع اضافته الى الاسباب التي حملتها برقيتنا المشار اليها هو ان العراقيين ربما خططوا للحملة كقناع يخربون به ومن خلاله احتفالات الايرانيين. وبالتأكيد يبدو ايقاف الحملة واقعة شاذة في توقيتها.

7 ـ نقطة اخيرة، نحن بحيرة من افادة هوفيدا التي حملها خطاب ويستون (بأن العراقيين يقتربون منهم بهدف استئناف المفاوضات حول شط العرب). نحن لم نسمع بذلك، اللهم الا اذا كان هوفيدا قد اعتمد على المذكرة العراقية المشار اليها في برقيتنا اليك رقم 53.

* ايه. سي. دي. ماكري بغداد

* تسريب الجواسيس.. والرد الإيراني

* وثيقة رقم: 17

* التاريخ: 4 نوفمبر 1971

* الى: بي. سميث

* الموضوع: ايران ـ العراق ـ سورية 1 ـ حملت برقيات بغداد بأرقام 1077 و1079 وبرقيتنا رقم 845 تجدد طرد المواطنين الايرانيين من العراق. وليست هناك اي اشارات حالية تجاه توقف تلك العمليات. وفي الحقيقة، واذا كان لنا ان نصدق التقارير الرسمية، فإن هناك تدفقا مباشرا للاجئين وليست هناك مؤشرات بأن تكون هناك نهاية لذلك التدفق في المستقبل القريب. في المقابل، وبرغم عدم وجود رد فعل رسمي (ايراني) معلن، فقد اتجهت الصحافة وبصورة هستيرية متزايدة لشجب النظام العراقي والمعاملة الوحشية وغير الانسانية للمواطنين الايرانيين. وهناك بالطبع المزاعم المتوقعة بالتعذيب، ومصادرة الممتلكات، وبالفصل القسري بين الاسر الى آخر الطروحات العاطفية التي تشكل دعاية مقبولة. ارفق لك صورة (ليست للجميع) من الصفحة الاولى لعدد اليوم من صحيفة «طهران جورنال» التي ستعطيك فكرة عن مبتغى التعليقات.

2 ـ حدثت عمليات الطرد بهذا المستوى في المرة الاخيرة عام 1969 مع ازمة شط العرب، ومن الواضح الآن، ومع هذه المناسبة، وكما اوضح ليوتي في خطابه بتاريخ 6 سبتمبر (ايلول) لادارة الشرق الادنى حول الدعاية العراقية، فإن عمليات الطرد جزء من حملة عراقية حول الجزر وانسحابنا من الخليج فيما اعطت الحركة الجماعية للاجئين فرصة طيبة للعراقيين لتسريب عملاء عراقيين الى داخل ايران. السافاك (جهاز المخابرات الايراني) بالطبع على علم تام بهذا، كما ان المعسكرات التي نصبت على الحدود في بورجيرا، وكما نتصور، هي في الواقع سجون مؤقتة لعمليات الاختبار من قبل السافاك، كما هو الحال مع رئاسة الغوث لمعسكرات (الاسد الاحمر) و(مجتمع الشمس).

3 ـ هناك اشاعات في هذه الاثناء بأن العلاقات بين سورية وايران على وشك التحسن. ففي الماضي، ظلت كراهية العراقيين تسير جنبا الى جنب مع حب السوريين. وادت تلك الاشاعات في يوليو (تموز) الماضي في نفس الوقت الذي اغلقت فيه سورية حدودها مع الاردن. وذهب التقرير الى ان سورية تحاول تحسين علاقاتها مع ايران كنوع من ابداء الصد للاردن. يبدو ذلك نوعا من الهراء، وبرغم اننا لم نستطع ايجاد اي دليل تجاه بذل ايران لأي جهود تجاه سورية، بدا لنا الامر وقتها، كما هو الحال الآن، ان من المعقول لها، اي طهران ان تفعل ذلك. اذ من الواضح ان للايرانيين مصالح في ايجاد حلفاء اكثر في العالم العربي للتوازن مع العراق ولكسب الدعم لسياستهم الخليجية.

4 ـ آخر الاشاعات نبعت من برقية الرئيس السوري الحميمة للشاه في عيد ميلاده، فيما توقعت الصحافة ان تساهم عضوية سورية في اتحاد الجمهوريات العربية في تحسين العلاقات بين طهران والقاهرة.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (32) ـ حملة التهجير العراقية للإيرانيين تشمل أكرادا عراقيين

سلطات بغداد تجرد المهجرين من ممتلكاتهم وتتلف وثائقهم قبل أن تنقلهم إلى الحدود

حسن ساتي
توشك الطريقة التي ادار بها العراق وايران موضوع علاقاتهما الثنائية في عام 1971 ان تقطع بحتمية وصولهما، والذي حدث، لحرب الثماني سنوات في 1980.
فبغداد صممت عمليات طرد جماعية للايرانيين والعراقيين ـ اكراد خصوصا ـ وكان من الاهداف تسريب جواسيس الى ايران، وصدام حسين (نائب الرئيس العراقي آنذاك) قال ان ايران هي المهدد للسلام، وطهران من جانبها ارهقت بريطانيا بتساؤلات حول بيع طائرات هنتر للعراق، مما اضطر لندن الى اتخاذ سياسة حازمة تجاه حق طهران في مجرد التساؤل او التفكير في ان تتم مشاوراتها حول صفقة سلاح ليس للعراق فقط وانما لأي طرف ثالث.

ومع ذلك، فالعودة الى ما كشفته حلقات سابقة عن اغماض بريطانيا عينيها تجاه احتلال ايران للجزر العربية الثلاث، واستضافتها وزير الدفاع العراقي وتنشيط شهية بغداد في الحصول على سلاح غربي، توحي مجتمعة بأن لحرب الثماني سنوات التي كلفت العروبة والاسلام الكثير، خيوطا اخرى غير تلك التي صنعها قادة البلدين.

* أكثر من دافع لعمليات الطرد

* وثيقة رقم: 18

* التاريخ: 4 نوفمبر 1971

* الى: اتش. جي. اربوث نوت

* الموضوع: العلاقات العراقية ـ الإيرانية. طرد الإيرانيين 1 ـ منهج (امير عباس) هوفيدا (رئيس وزراء ايران في ذلك الوقت) الوارد اليك بتقرير مايكل ويستون بخطاب 2/19/3 بتاريخ 26 اكتوبر (تشرين الاول) جزء، وبلا شك، من تمارين ضغوط روتينية يبدو ان الايرانيين يمارسونها في عدة عواصم كبيرة. ومع ذلك، فلا شك انك تريد ان تعرف كيف سارت القصة وفق برقيتنا رقم 53 وكيف انتهت.

2 ـ وفق رواية زملائنا الايرانيين هنا، فالحملة العراقية اوقفت في حوالي 15 اكتوبر، في مرحلة جابت فيها السيارات بمكبرات الصوت في بعض مستوطنات الايرانيين الرئيسية مثل الكاظمية وكربلاء، واكدت تلك النداءات ان بوسع الايرانيين البقاء في العراق في حال امتلاكهم شهادات ثبوتية واجراءات قانونية. وهكذا، وبرغم ان اعدادا كبيرة من الايرانيين قد طردوا حتى الوقت الذي صدرت فيه تلك النداءات، فإن آخرين من الذين تم تمديد اقاماتهم الى نهاية الشهر تمكنوا من البقاء. (زملاؤنا الايرانيون يروجون لارقام رسمية تقول ان 8000 قد طردوا بالفعل).

3 ـ في هذه الاثناء، اصدر وزير الداخلية العراقي سعدون غيدان تصريحا نشرته صحيفة «الثورة» الاحد 24 اكتوبر انكر فيه الترحيل الجماعي للايرانيين او الاكراد (رغم ان نفس التصريح لسبب او لآخر لم يصدر في النسخة الانجليزية للصحيفة). ويقول الوزير ان كل الذي حدث ان وزارته تريد منع اي دخول غير قانوني اعتمادا على القوانين والمعاهدات الدولية، ولذلك تصرفوا وفق حقوقهم حينما رحلوا الاجانب ممن دخلوا العراق بعد عام 1958 والذين انتهت صلاحية اذوناتهم او الذين لا يملكون تصاريح عمل. واكثر من ذلك، فمن المتوقع ان يغادر الطلاب الاجانب في الدراسات الدينية البلاد بعد انهاء دراساتهم (العراق يتوقع ان تستغرق تلك الدراسات نحو 5 سنوات). خلاصة القول ـ يقول الجنرال سعدون «لم يتم ترحيل اجنبي واحد ممن دخل العراق بصورة غير قانونية قبل 1958».

4 ـ التصريح الاخير هو بالطبع، وبالتأكيد غير صحيح. فأنا شخصيا على علم بالحالة بحكم متابعتي لقضية الطباخ الذي كان يعمل مع ملحقنا الجوي السابق. فقد عاش ذلك الرجل في العراق منذ عام 1917، وامتلك اذونات عمل ومسكنا بصورة نظامية، ومع ذلك فقد شاهد بأم عينيه وثائقه تمزق ليقال له بعدها بأنه معتقل وسيحمل الى الحدود خلال 3 ايام. (في الحقيقة، وبعد ممارستي لضغوط بالنيابة عنه، تم السماح له بالاقامة الى نهاية الشهر ليتمكن من بيع منزله واغراضه).

5 ـ وعلى كل حال، فقد تمكنت السفارة الايرانية اخيرا من التأكد من ان المعلمين الايرانيين بالعراق، وعددهم قليل، اطلق سراحهم.

6 ـ ما زلنا غير متأكدين من اهداف هذه الحملة الكريهة. والسبب الوحيد الذي نستطيع اضافته الى الاسباب التي حملتها برقيتنا المشار اليها هو ان العراقيين ربما خططوا للحملة كقناع يخربون به ومن خلاله احتفالات الايرانيين. وبالتأكيد يبدو ايقاف الحملة واقعة شاذة في توقيتها.

7 ـ نقطة اخيرة، نحن بحيرة من افادة هوفيدا التي حملها خطاب ويستون (بأن العراقيين يقتربون منهم بهدف استئناف المفاوضات حول شط العرب). نحن لم نسمع بذلك، اللهم الا اذا كان هوفيدا قد اعتمد على المذكرة العراقية المشار اليها في برقيتنا اليك رقم 53.

* ايه. سي. دي. ماكري بغداد

* تسريب الجواسيس.. والرد الإيراني

* وثيقة رقم: 17

* التاريخ: 4 نوفمبر 1971

* الى: بي. سميث

* الموضوع: ايران ـ العراق ـ سورية 1 ـ حملت برقيات بغداد بأرقام 1077 و1079 وبرقيتنا رقم 845 تجدد طرد المواطنين الايرانيين من العراق. وليست هناك اي اشارات حالية تجاه توقف تلك العمليات. وفي الحقيقة، واذا كان لنا ان نصدق التقارير الرسمية، فإن هناك تدفقا مباشرا للاجئين وليست هناك مؤشرات بأن تكون هناك نهاية لذلك التدفق في المستقبل القريب. في المقابل، وبرغم عدم وجود رد فعل رسمي (ايراني) معلن، فقد اتجهت الصحافة وبصورة هستيرية متزايدة لشجب النظام العراقي والمعاملة الوحشية وغير الانسانية للمواطنين الايرانيين. وهناك بالطبع المزاعم المتوقعة بالتعذيب، ومصادرة الممتلكات، وبالفصل القسري بين الاسر الى آخر الطروحات العاطفية التي تشكل دعاية مقبولة. ارفق لك صورة (ليست للجميع) من الصفحة الاولى لعدد اليوم من صحيفة «طهران جورنال» التي ستعطيك فكرة عن مبتغى التعليقات.

2 ـ حدثت عمليات الطرد بهذا المستوى في المرة الاخيرة عام 1969 مع ازمة شط العرب، ومن الواضح الآن، ومع هذه المناسبة، وكما اوضح ليوتي في خطابه بتاريخ 6 سبتمبر (ايلول) لادارة الشرق الادنى حول الدعاية العراقية، فإن عمليات الطرد جزء من حملة عراقية حول الجزر وانسحابنا من الخليج فيما اعطت الحركة الجماعية للاجئين فرصة طيبة للعراقيين لتسريب عملاء عراقيين الى داخل ايران. السافاك (جهاز المخابرات الايراني) بالطبع على علم تام بهذا، كما ان المعسكرات التي نصبت على الحدود في بورجيرا، وكما نتصور، هي في الواقع سجون مؤقتة لعمليات الاختبار من قبل السافاك، كما هو الحال مع رئاسة الغوث لمعسكرات (الاسد الاحمر) و(مجتمع الشمس).

3 ـ هناك اشاعات في هذه الاثناء بأن العلاقات بين سورية وايران على وشك التحسن. ففي الماضي، ظلت كراهية العراقيين تسير جنبا الى جنب مع حب السوريين. وادت تلك الاشاعات في يوليو (تموز) الماضي في نفس الوقت الذي اغلقت فيه سورية حدودها مع الاردن. وذهب التقرير الى ان سورية تحاول تحسين علاقاتها مع ايران كنوع من ابداء الصد للاردن. يبدو ذلك نوعا من الهراء، وبرغم اننا لم نستطع ايجاد اي دليل تجاه بذل ايران لأي جهود تجاه سورية، بدا لنا الامر وقتها، كما هو الحال الآن، ان من المعقول لها، اي طهران ان تفعل ذلك. اذ من الواضح ان للايرانيين مصالح في ايجاد حلفاء اكثر في العالم العربي للتوازن مع العراق ولكسب الدعم لسياستهم الخليجية.

4 ـ آخر الاشاعات نبعت من برقية الرئيس السوري الحميمة للشاه في عيد ميلاده، فيما توقعت الصحافة ان تساهم عضوية سورية في اتحاد الجمهوريات العربية في تحسين العلاقات بين طهران والقاهرة.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (33) ـ خبراء الناتو يقيمون أوضاع دول المغرب العربي

* تشاؤم حول مستقبل الحسن الثاني بعد المحاولة الانقلابية * بورقيبة يبدأ تأهيل نويرة للخلافة * الجزائر خجولة من العرب ومنبهرة بالصين

حسن ساتي
مما يلفت النظر في هذه الوثائق هو اهتمام حلف شمال الاطلسي (الناتو) بالمغرب العربي، ولحد وجود وثائق كثيرة في ملف برقم fco 39/771 تتناول رؤية جماعية غربية حول دول المغرب العربي، وتحديدا المغرب والجزائر وتونس، وليبيا بقدر ادنى.
عناصر لفت النظر تجيء من كسر هذه الواقعة للقناعة السائدة بمهام الناتو التي غطى عليها تصديه للخطر الشيوعي منذ تقسيم برلين، لنجد في هذه الوثائق امعانا من خبراء الناتو في تشريح الواقع الداخلي لهذه الدول.

* وثيقة رقم: 20

* التاريخ: 12 نوفمبر 1971

* الى: غريج

* الموضوع: مؤتمر خبراء الناتو حول المغرب العربي 1 ـ فيما يلي النقاط الرئيسية التي خرج بها الخبراء من مداولات مؤتمرهم حول المغرب العربي.

2 ـ يمكن اعتبار هذا الكيان في حالة احتضار تام.

* المغرب 3 ـ مندوبو اميركا وفرنسا هم الوحيدون المتشائمون حول مستقبل العاهل المغربي الملك الحسن الثاني (رغم ان تشاؤمهم اقل مدى من تشاؤمنا نحن). الآخرون يعتقدون ان على الملك الحسن الثاني ان يستخرج معادلة ما بين الجيش والبربر (الامازيغ) والمعارضة والبرجوازية.

الفرنسيون قالوا ان كرامة البربر (الامازيغ) تضررت من عمليات التطهير في الجيش بعد 10 يوليو بما في ذلك، كما قال مندوب فرنسا، كل المجندين الذين شاركوا (في محاولة الانقلاب.. الاضافة من «الشرق الأوسط») وقال ان عددهم 900. (هل هذا صحيح؟) ومع ذلك، فقد عبر الخبراء عن آمال عريضة حول الاقتصاد.

* تونس 4 ـ يبدو ان الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة قد بدأ تأهيل (الهادي) نويرة كخليفة مرتقب، وبوسع الاخير ان يصبح رئيسا انتقاليا (كرئيس للوزراء) وفق الدستور. ولكن الاسئلة تبقى (المناقشات هنا قدمت اسئلة اكثر من تقديمها اجوبة).

أ ـ الى متى سيستمر نويرة من غير قاعدة سلطة اصلية؟

ب ـ هل سيتمكن الحزب من اقامة امن داخلي؟

ج ـ هل سيتغير وضع تونس على المدى الزمني الطويل؟

د ـ هل سيقدم الجيش على لعب دور سياسي؟ (لا احد يعتقد ذلك).

* الجزائر 5 ـ تشعر الجزائر بحالة من العزلة. ليبيا غازلتها. الدول العربية الاخرى هجرتها في حالة احتاجت اليها فيها الجزائر على خلفية الازمة النفطية. لم يعد بالامكان الرهان على فرنسا. الروس في داخلها بحسابات مصالحهم الخاصة. وهناك الاهمية المصاحبة (وزير الخارجية عبد العزيز) بوتفليقة الى الصين (والتي تجاهلناها ربما تحت ضغوط اخرى). ربما يكون علينا ان نباري الصينيين ونعتمد على انفسنا، وفي ذلك تلبية لحالة ذهنية جزائرية.

المؤسسات الاخرى ظلت صعبة في التعامل معها، والفرنسيون الآن خارج اللعبة. الجزائريون ممتلئون بالتقزز والخجل من رفقائهم العرب (الذين لم يستطيعوا فعل اي شيء تجاه الاسرائيليين) وربما، او حتى، لانفسهم. وهم منبهرون بنقاء الصينيين. هناك تململ داخلي من النظام اكثر من اي وقت مضى، ولكنه بلا تركيز. هم لا يزالون الآن يبيعون اقل من نصف انتاجهم النفطي بسبب ارتفاع كلفته وسعره. الحركة التجارية متوقفة. شركات النفط الفرنسية احاطتهم بأن مزيداً من الانفاق على اكتشاف المزيد من النفط بلا جدوى. هم يدفعون الآن لانفسهم واكتشفوا الحقيقة، ولكنهم متسمرن في اتصالاتهم بالشركات الاميركية والتي ستكلفهم في الالغاء اكثر من الالتزام بالتنفيذ.

6 ـ في نقطة (علاقة الحزب) في البيان السوفياتي ـ الجزائري انتصار للجزائريين ويعولون عليها كثيرا. فيما عدا ذلك، يصبح هدف الزيارة حل عدد من المشاكل الصغيرة نسبيا في العلاقات الاقتصادية الثنائية.

7 ـ لا يزال الحزب غير قادر على صناعة قوة التجذر المطلوبة، والجيش يبذل جهوده لجهة نفوذ في الاقاليم (اكثر من جهد مركزي) وهناك في بعض الحالات خلاف بين الجيش والحزب.

* ليبيا 8 ـ اكد الفرنسيون المصاعب التي واجهوها في تدريب الطيارين. اعيدت دفعة كاملة الى ليبيا، نتيجة لذلك، بلا تدريب. الليبيون اصروا على ان يأخذ طياروهم نفس برنامج التدريب الذي يتلقاه زملاؤهم الفرنسيون، واشتكوا في المقابل من ازدحام البرنامج الى حد بعيد بما هو نظري.

9 ـ اترك لك تقدير المدى الذي ترى فيه حفظ هذه النقاط خارج علم الادارة.

جي. سي. كاي حاشية (تعليق بخط اليد يقرأ): مستر كاي.. اعتقد ان من الافضل ان انتظر عودتك ليكون بوسعنا ارسال ومناقشة هذه النقاط المهمة (بعد ان ناقشنا تقرير المؤتمر).

* زيارة الملك حسين إلى المغرب تغير موقف الحسن الثاني

* وثيقة رقم: 14

* التاريخ: 29 سبتمبر 1971

* الموضوع: تقرير خبراء الناتو حول المغرب العربي. المساهمة البريطانية.

8 ـ لا تزال مشاركة المغرب في الصراع العربي ـ الاسرائيلي سطحية، اعتمادا على موقعه الجغرافي. (سياسة الملك تظل اعطاء الفلسطينيين مساندة خطابية، والضغط لجهة خلق دولة متعددة الاديان والقوميات، ولكن، وبعد زيارة الملك حسين الشخصية للتهنئة بنجاة الملك الحسن الثاني من محاولة الانقلاب، يسمع القليل حول الموضوع اعلاه. فليس لديه قوات في القنال وغير ميال لارسال اي قوات الى هناك). العبارة بين الاقواس مشطوبة بخط اليد على وثيقة مطبوعة بالآلة الكاتبة («الشرق الاوسط»).

المغاربة متشككون بعمق تجاه الانظمة العربية التقدمية مثل العراق وسورية على خلفية اعتقاد صحيح بأنهم يثيرون المشاكل في المغرب. والمغاربة زاهدون في تطوير علاقات مع دول افريقيا السوداء (باستثناء موريتانيا والى حد ما السنغال)، وهم يملكون تجاهها ازدراء تقليديا، رغم انهم يقدمون خدمة شفاهية كأعضاء في منظمة الوحدة الافريقية ولمطالب تحرير جنوب افريقيا، وروديسيا، (الاخيرة مشطوبة بخط اليد، «الشرق الأوسط»).

7 ـ لا يزال صوت تونس في العالم العربي بلا انتباه واهتمام. زيارة (محمد) المصمودي الشرق اوسطية في اغسطس (آب) اثمرت المزيد من التعاطف التونسي مع سياسة الحكومة الاردنية تجاه الفدائيين. ما هو اكثر اهمية وصول العلاقات التونسية ـ الليبية الى مرحلة عضوية متزايدة. ذلك التطور تسجله زيارة وزير الزراعة الليبي الى تونس مع عودة بورقيبة من اوروبا وما تلاه من موافقة تونس على المساعدة في تنمية الزراعة بليبيا. (ولكن آفاق الصوت التونسي للتأثير في الشؤون العربية بدا في تراجع) (العبارة الاخيرة مضافة بخط اليد: «الشرق الاوسط»)




 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (34) ـ واشنطن تجر لندن إلى مخطط لصناعة القيادات الأفريقية

حسن ساتي

على غرار ما فعل خبراء الناتو في تحليلهم لدول المغرب العربي (الحلقة 33) انفقت وزارتا الخارجية البريطانية والاميركية، برعاية من الوزيرين اليك دوغلاس هيوم ووليام روجرز جهدا كبيرا في دراسات عن القيادات الافريقية، حاضرا ومستقبلا.. وهذه الوثائق تعكس بعض ذلك الجهد.
رؤية أميركية لصناعة القيادات

* وثيقة رقم: 67

* التاريخ: 15 ابريل 1971

* الى: وزير الخارجية البريطاني

* من: وزير الخارجية الاميركي

* الموضوع: القيادات الأفريقية

* عزيزي: اليك ناقشنا خلال زيارة رئيس الوزراء الى واشنطن في ديسمبر (كانون الاول) الماضي، وباختصار، مشكلة قيادات المستقبل في افريقيا جنوب الصحراء، وتم الاتفاق على انه من المفيد إعداد اوراق من قبل خدماتنا وموظفينا حول القيادة ومشاكل الخلافة في دول افريقية محددة.

اوراقنا جاهزة الآن وقد ارسلناها الى سفارتنا في لندن للنقاش الاولي مع مندوبيكم. في مسودات تلك الدراسات، ركزنا على الاتي:

* تحديد مناطق ذات ضعف محدد تكون فيها المصالح الاميركية والبريطانية حيوية، وتحديد القيادات القادمة، وفحص وسائلنا في تحديد تلك القيادات، والتعرف على ما يجب عمله لتعميق اوضاع قادة المستقبل بالوسائل التالية:

أ ـ الزيارات الرسمية.

ب ـ الزيارات الخاصة، والمؤتمرات.. الخ.

ج ـ المؤسسات الخاصة، لتعريف المشاكل ذات الصلة والتي تحدث تأثيرا على الرموز الموالية للغرب في دول افريقية محددة وبشكل عام العلاقات مع الدول الناطقة بالفرنسية وديون غانا والتوجهات تجاه جنوب افريقيا.

انا على استعداد لارسال السفير السابق وليام ويتمان الثاني الى لندن وهو مسؤول كبير بالمكتب الافريقي للمشاركة في تبادل اعمق لوجهات النظر حول هذا الموضوع، اذا كان مثل هذا الاقتراح قد لامس قناعتك.

المخلص لك وليام. بي روجرز وزير الخارجية. واشنطن

* لندن توافق..

* وثيقة رقم: 69

* التاريخ: 15 ابريل 1971

* الى: وزير الخارجية

* الموضوع: المحادثات البريطانية ـ الاميركية حول القيادة في افريقيا 1 ـ احاط الوزير الاميركي غيرينز في 23 ديسمبر الوكيل الدائم بان وزارة الخارجية الاميركية مستعدة الآن للمضي في تبادل وجهات النظر حول القيادة في افريقيا، على مستوى الحاضر والمستقبل، في عدد من الدول الافريقية، وقد نبعت الفكرة من محادثة مع السيد روجرز وزير الخارجية في كامب ديفيد.

2 ـ احطنا الاميركيين باننا موافقون على تلك الدراسة، وتم الاتفاق على تغطية الدول الاتية: كينيا، اوغندا، تنزانيا، اثيوبيا، موريشوس زامبيا، نيجيريا، غانا، الكونغو كينشاسا، ساحل العاج، السنغال وليبيريا. تم تبادل الاوراق مع الاميركيين ويقضي التصور القائم الان باجراء النقاش حولها بين مسؤولي الخارجية البريطانية وويتمان من الخارجية الاميركية، بالاضافة الى ممثل من السفارة الاميركية في لندن، وغالبا ما يكون جوليوس ووكر وذلك في يومي 27 و28 ابريل.

3 ـ كتب الوزير روجرز لك حول هذا الموضوع، وارفق لك مسودة للرد عليه.

ادارة شرق افريقيا (توقيع بخط اليد)

* وثيقة رقم: 72A

* التاريخ: 14 ابريل 1971

* الى: لي توكيو.

1 ـ قرأت الآن الاوراق الاميركية حول القيادة في افريقيا، تبدو لي انها مواكبة الى حد كبير لاوراقنا. وهناك اختلافات محددة يكون من المفيد طرحها باختصار لتكون نقاطا للتغطية خلال المناقشات.. وهناك ايضا بعض النقاط التي قد يكون من المفيد اخذ اراء حولها من رؤسائنا. وعلى سبيل المثال فان اميركا تفضل المنافسة المفتوحة في الكونغو في حال سقوط موبوتو.

2 ـ هذه هي النقاط التي اثارت انتباهي:

أ ـ هناك خط عام مطروح وسائـد في هذه الاوراق يقول ان من الخطأ للغرب ان يربط نفسه بأي قائد مستقبلي محدد، وبنفس القدر بأي قائد حالي في السلطة، لان استحسان الغرب، او ميله نحو هذا او ذاك يقترب من «قبلة الموت»، وبقدر ما يتعلق الامر بقائد مستقبلي، فمن السهل جدا ان يكون ذلك الحكم خاطئا. وفي الاوراق اشارة حملت نقدا لنا في كينيا لاننا ركزنا كثيرا على قبيلة الكيكوي.

ب ـ لا يوجد اعتقاد بأن موظفي الخدمة المدنية والتكنوقراط في أي من تلك الدول يمكن ان يصبحوا قوة سياسية اساسية، ومع ذلك، فقد اقترحت اوراق كثيرة انهم يستحقون الرعاية والاهتمام لما يمكن ان يولدوه او يحملوه من تأثير. ويمكن اعتبار آراء مؤسسة اريل متسقة، ومقبولة، لجهة وضع الاعتبار للجيل التالي من القادة الكبار للخدمة المدنية.

ومن المثير للنظر ان الاوراق الاميركية حول نيجيريا تقيم وزنا ضئيلا لتأثير قادة الخدمة المدنية هناك، فيما نقيم له نحن وزنا كبيرا.

ج ـ اثارت اوراقنا حول زامبيا نقطة مهمة تقول ان من الاسهل الوصول لارضية مشتركة او اتفاق مع الزامبيين خارج بلادهم. قد نناقش هذه النقطة على خلفية المدى الذي يمكن ان نعتبره بها لملاحظة عامة او الطريق الذي ستوصلنا له. واتساءل هنا، هل هو امر حسن، وانا من المعتقدين بحسنه، ان ندعو قادة المستقبل لزيارات؟ وهذا امر آخر. غالبا ما يكون الافضل فيه ان يتم بطريق غير مباشر عبر مؤسسة اريل.

د ـ هناك تقليل للدور الاساسي الذي تلعبه القوات المسلحة والى مدى اقل قوات الشرطة. ارغب في الحصول على تنوير ملخص من وزارة الدفاع حول ما نقوم به حاضرا في مجال التدريب في هذه البلاد وما هي الاحتمالات القائمة تجاه المزيد. وهل يمكن اعتبار هذا حفلا او مجالا اخر، يكون فيه من الافضل تنفيذ تلك الصلات التبادلية بعيدا عن علم الدولة المعنية؟

هـ ـ اوراقنا تفوقت كثيرا على الاوراق الاميركية فيما يخص قضية تعليم اللغة الانجليزية. ارغب في الحصول على تنوير ملخص من ادارة العلاقات الثقافية حول الاحتمالات المستقبلية في هذا المجال.

3 ـ قد ترغب في وضع هذه الملاحظات غير الرسمية في الاعتبار وانت تطالع دراسة اللجنة التي تحملها الاوراق التي بين يديك.

اتش. سميدلي

* تنبؤ بالحرب الأهلية في الكونغو استأثرت الكونغو كينشاسا (زائير لاحقا) برئاسة الجنرال موبوتو سيسي سيكو ومعها اوغندا برئاسة الجنرال عيدي امين بحصة الاسد في الملف رقم Fco31/744 المخصص للقيادات الافريقية.

وتقول الوثائق عن الكونغو ان نتائج اي رحيل مفاجئ لموبوتو ستكون مأساوية على البلاد ومن الصعب التنبؤ بالعواقب (رحيل موبوتو في 1997 ومجيء خلفه الراحل كابيلا الاب ادخلا البلاد فى حرب اهلية انفجرت في اغسطس 1998 وراح ضحيتها اكثر من 200 الف شخص وجرت اليها خمس دول افريقية دخلتها بجيوشها فيماعرف بحرب افريقيا العالمية الاولى، والدول هي اوغندا ورواندا الى جانب التمرد وزيمبابوي وانغولا ونامبيا الى جانب شرعية كابيلا.. «الشرق الاوسط»).

والاشارة هنا الى ان تنبؤ الوثيقة قد حدث.

اما عن اوغندا، فلم تستبعد الوثيقة ان يتم اغتيال الجنرال امين (ازاحه ابوتي عن السلطة بتدخل من الجيش التنزاني «الشرق الاوسط») وان كانت الوثيقة قد قللت من الاحتمال اعتمادا على شعبية امين خاصة في اوساط اوغندا وقالت ان قاتل امين، على الاقل في تلك الاوساط القبلية سيتم تمزيقه اربا اربا.

وتقول الوثيقة حول الدور المنتظر من الغرب انه على الدول الغربية الاستمرار في تمكين اوغندا من ابتعاث وتدريب اكبر قدر من المعلمين، وفي المقابل، تزويدها باكبر قدر تحتاجه من المعلمين الاجانب، وتعترف الوثيقة بأن على بريطانيا ان تتحمل العبء الاكبر لمثل هذا البرنامج، وخاصة في تدريب كوادرها العسكرية.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (35)

رئيس الوزراء المصري محمود فوزي وطني ثقافته غربية والسادات كسب شعبية من تركيزه على القضايا الداخلية

حسن ساتي
لقي د. محمود فوزي رئيس وزراء مصر مساحات واسعة واهتماما ملحوظا في وثائق 1971 البريطانية لم ينافسه فيها غير الرئيس الراحل انور السادات وعلي صبري نائب رئيس الجمهورية الاسبق بحساب لا يزعم الدقة.
الوثيقتان التاليتان تحملان تصويرا دقيقا لشخصية الرجل، وتقطعان بأنه غربي الثقافة ووطني مصري، مثلما تستقصيان شروق شمسه، ثم كسوفها المفاجئ، ومن خلال الشروق والكسوف، وبالتضمين، او قراءة ما بين السطور يكون من السهل الوقوف على بعض الاسباب التي قادت لاحقا لما عرف بأحداث مايو (ايار) في القاهرة وصراع مراكز القوى الذي خرج منه السادات منتصرا، خلافا لتوقعات الحلقة القادمة التي نفردها لنائبه علي صبري كما صورته الوثائق وعلى نحو مغاير لتصويرها د. فوزي.

* شروق شمس د. فوزي وثيقة رقم: 4 التاريخ: 10 مارس 1971 الى: ام. ايه. هولدنج ـ وزارة الخارجية الموضوع: د. محمود فوزي

* عزيزي مالكولم 1 ـ ارفقت في خطابك بتاريخ 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الى باتريك رايت رسما كروكيا لشخصية د. فوزي من اعداد ادارة البحوث. التعليقات التي نملكها حاليا لا تعدو كونها تركيزا اكثر منها عدم اتفاق مع المضمون ولذلك تأخرنا في الرد. لدينا الآن اربعة اشهر اخرى من الخبرة مع د. فوزي كرئيس للوزراء ونحن نراجع هنا تقاريرنا عن الشخصيات. يبدو، لذلك، اننا امام وقت مناسب لنرسل لك بعض الملاحظات على ورقة ادارة البحوث.

2 ـ الورقة صحيحة في تركيزها بأن فوزي ورغم هلاميته ومظهره الناعم يظل دائم الاقناع بأنه وطني مصري. وربما يكون من المضلل القول بأنه «يتخذ» دائما الخط المتشدد للحزب، وربما تكون كلمة «يتبع» اكثر دقة مما يتخذ، ومرة اخرى يكون على المرء ان يفرق بين المناسبات التي يكون فيها فوزي مع دعم تام للسياسة وتلك التي يدافع فيها عن السياسة من باب الواجب او الامتناع عن انتقادها. ولا شك ان فوزي على اتفاق تام مع سياسة ناصر حول انسحاب القوات البريطانية، والتي لم تكن، وبالطبع، وبأي شكل، تطرفا بمقاييس السياسة المصرية، وربما اكسبته الدعم مبدأ في قضية تأميم قناة السويس، رغم التحفظات على الطريقة والتكتيكات.

وهناك اختفاء فوزي عن العيون العامة والتأثير النسبي المتزامن مع تطورات سياسات ناصر وانتقالها من شعارات المعاداة للامبريالية نحو نوع مقبول مبدأ لأي مصري وطني، اي الى نوع معتدل. خلافا لنوع الامبريالية المصرية التي استخدمت الغاز السام في اليمن، من الصعب رؤية د. فوزي يوافق على ذلك.

3 ـ من الصحيح جدا بأن وطنيا مصريا مقنعا ومقتنعا، وعلى وعي سياسي منذ الثلاثينات وربما العشرينات، يمكن ان يميل كثيرا سواء تجاه الشرق او الغرب، ولكن من الصحيح ايضا ان فوزي رجل بثقافة غربية (مقرونة باعجاب وافر ببعض مجالات الثقافة الآسيوية، وليس لدينا شك، انه ومتى ما سمحت الظروف السياسية، فهو ومن داخل وطنه مع الغرب اكثر من كونه مع الكتلة السوفياتية.

4 ـ مرة اخرى، اصابت ورقة ادارة البحوث في التركيز على التأثير المأمول لفوزي في الشؤون الداخلية. وقد تناولنا ذلك في رسالة السفير بتاريخ 27 فبراير (شباط)، والتي ستعلم منها ان كل التقديرات تذهب الى ان الحكومة المصرية تقوم بواجبها جيدا وان فوزي لا يبدي، على الاقل، مهارة منظورة في ادارة مجلس وزرائه المكون من اكثر من 30 من زملائه. ومن الصعب القطع بأي حد يؤثر فيه هو على مسائل السياسة الخارجية. وهناك نفر يؤكد ان التقرير في السياسة الخارجية يعود الى محمود رياض وبقدر كبير من خلال عمله المباشر مع السادات، في مقابل نفر يرى ان لفوزي يداً عليا فيها. وفي الحقيقة لا يوجد خط فاصل للاجابة هنا. هناك في القضايا المصيرية جدل طويل وساخن، وكمثال، مجلس الدفاع الوطني، ومن الصعب القول بمن، اذا كان اي شخص موجود في هذا السياق، يحمل اعباء معظم الاقناع.

5 ـ اخيرا، وكما اسلفنا في اطارات اخرى، من النظر الضيق القول بأن تعيين فوزي رئيسا للوزراء قد جاء كتنازل للرأي العام الريفي. فالرجل مرشح مقبول، ومرحب به بدرجات عدة لدى طيف اوسع من الرأي العام. ويشمل ذلك الطيف اناساً كثيرين من الذين تعبوا من الحكومات التي يقودها رجال الجيش المتقاعدون، كما يشمل كل شخص يملك اسبابه لكراهية، او الخوف من، مرشحين محتملين لرئاسة الحكومة، كعلي صبري او شعراوي جمعة، او حتى، والى ذلك يذهب غالب القول، ذهاب رئاسة الحكومة لقطاعات من القوات المسلحة، وتأييد فوزي يأتي سواء من سمعته كرجل امن ومستقيم او لانهم يعارضون ايا من المرشحين الآخرين لرئاسة الحكومة.

ام. آي. جولدنج القاهرة

* .. وأسباب غروبها وثيقة رقم: 7 التاريخ: 28 ابريل 1971 الى: ام. ايه. هولدنج ـ وزارة الخارجية الموضوع: د. محمود فوزي

* عزيزي مالكولم 1 ـ ربما تكون قد لاحظت كسوف شمس د. محمود فوزي رئيس الوزراء نسبيا في الاسابيع الاخيرة. والملاحظة هي ان ظهوره في الصحافة بدأ يقل ويقل مقارنة بالفترة السابقة وتلك التالية لاعياد الميلاد، وبدا الظهور بعدها حصرا فقط على موقعه كرئيس لمجلس الوزراء وكناتج لاجتماعاته المنتظمة بالرئيس السادات.

2 ـ اعتقد ان هناك سببين ئيسيين لذلك، والسببان يتداخلان مع بعضهما البعض. في المقال الاول، لقي الدكتور فوزي اهتماما عظيما في الأشهر الاولى التالية لتعيينه كرئيس للوزراء بسبب التركيز الذي وضعه هو وزملاؤه على الاوضاع الداخلية بمصر. وقد اتخذت اجراءات عديدة، او وعوداً، في محاولة لتحسين مستوى المصري العادي، ولاظهار ان للحكومة الجديدة اهتماماً جاداً تجاه الذين تحكمهم. ومن المهم للرئيس السادات هنا ان يحصل على ثقة ودعم الشعب المصري بعد الرحيل المرهق لعبد الناصر، والسادات حدد بوضوح هنا ان محاولة مرئية لازالة الفوضى الداخلية تظل احدى وسائله الفعالة لتحقيق مثل ذلك الهدف. ود. فوزي هنا آلة كفؤة وراغبة في تحقيق هذه السياسة وبهذه السياقات.

3 ـ وعلى اية حال، فالتركيز بدأ يتغير خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة. والاشارة هنا الى تحويل عمليات اعادة تجديد وقف اطلاق النار لانتباه الشعب عن المشهد الداخلي تجاه قضية اكبر مثل الحرب والسلام.

وربما تكون نقطة التحول هنا اقتراح السادات حول فتح قناة السويس في 4 فبراير.

ورغم ان اصول الاقتراح لا تزال غامضة نوعا ما، ولكنه يبدو وليد بنات افكار السادات شخصيا، وهناك من يرى ان عقلية فوزي الماهرة موجودة فيه. ومن وقتها، وعلى اية حال، اصبح من الواضح ان الرئيس وليس مجلس وزرائه هو الذي يوجه السياسة الخارجية، تجاه صراع الشرق الاوسط. ويمكن الاشارة هنا الى ان رد مصر على د. يارنغ، والجهود المتواصلة لدفع المفاوضات حول الانسحاب الجزئي لاسرائيل، كلاهما، الرد والجهود، من عمل الرئيس السادات شخصيا.

4 ـ السبب الثاني وراء وضع د. فوزي الحالي وارتباطه بالسبب الاول هو: ازدياد ثقة السادات في وضعه وموقعه كنتيجة لتنامي ثقة المصريين في النظام الجديد. والسلطة ولدت السلطة لدى الرئيس السادات، وقد ظل يمارسها اكثر واكثر وبقناعة في الأشهر الاخيرة، ولكن هذه الممارسة جاءت على حساب، او احدثت اضرارها على الذين تحته، وهناك نقد متنام (رغم انه لم يصل حد العلن بعد) للدور المتقلص الذي يلعبه، ليس مجلس الوزراء فقط، وانما الاتحاد الاشتراكي ايضا. لوحظ هذا على وجه التحديد مع حالة اعلان اتحاد الجمهوريات العربية والذي لم يستشر فيه السادات أياً من الجهازين.

5 ـ ولذلك، فنحن نرى هنا ان مصر تستدير دائرة كاملة تجاه ايام احتكار عبد الناصر للسلطة. فالسادات، وعلى جبهة الصعيد العالمي على الاقل، يشد خيوط صناعة القرار بيديه، وهو يعود خلال هذه العملية الى سياسة التركيز على القضايا الخارجية على النحو الذي ميز فيه ذلك التركيز معالم سنوات عبد الناصر الاخيرة، فيما رحب معظم المصريين بالاهتمام المتعاظم بالشؤون الداخلية في الأشهر القليلة الاولى من حكم السادات. ومع ذلك، تبقى قيد الانتظار معرفة ما اذا كان الضغط سيتعاظم، سواء مباشرة ضد الرئيس السادات، او بطريقة غير مباشرة لصالح نفوذ اكبر لمجلس الوزراء، وذلك لتحويل التوجه الحالي. وستظل وجهة نظرنا، كما عبرنا عنها في رسالتنا 1/1 بتاريخ 21 اكتوبر 1970، ان على الرئيس في مصر ان يمارس الرئاسة شخصيا وحقيقة، ويحكم، او يختفي (بغياب الخيار الاول او عدم حدوثه بالطبع.. الاضافة من «الشرق الأوسط» لايضاح المضمون).
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (37) ـ كيف استخدم السادات قناة هيكل ـ بيرجس في تدشين استدارته نحو أميركا

رياض لم يتحمس لإعادة العلاقات مع واشنطن واختلف مع رئيسه

حسن ساتي
من العجيب ان الملف رقم 979/fco39 الذي خصصته وثائق 1971 البريطانية المفرج عنها بدايات هذا العام، لم يستطع عبر وثائقه القليلة ان يقطع او يصور، كما هو حال الدبلوماسية في مثل هذه المنعطفات، اسبابا موضوعية او مرئية لسيناريو استدارة السادات من قبضة الكتلة الشرقية السابقة الى الولايات المتحدة، مثلما لم تقطع بطبيعة الخلافات التي نشأت بين السادات ووزير خارجيته محمود رياض.
ومع ذلك، فجديد هذه الحلقة يكمن في اشارات، ترقى لوصفها بالطلاسم، بان الصحافي والكاتب المصري محمد حسنين هيكل وبضوء اخضر من السادات قد دشن بدايات تلك الاستدارة من خلال قناة خاصة تعامل بها مع رئيس قسم المصالح الاميركية بالقاهرة بيرجس (العلاقات الدبلوماسية كانت مقطوعة بعد حرب 1967 ونكسة يونيو (حزيران).. الشرق الأوسط).

في المقابل، اكمل السادات بنفسه الاستدارة برسالة شخصية كتبها بنفسه، وهي موضوع الحلقة القادمة، للرئيس نيكسون ردا على رسالة الاخير، رغم ان دبلوماسيا اميركيا قد قطع بان تلك الرسالة كانت ركيكة.

* خلافات رياض والسادات:

* وثيقة رقم: 8

* التاريخ: 9 يوليو 1971

* إلى: آر. إم. ايفانز ادارة الشرق الادنى

* الموضوع: العلاقات المصرية ـ الاميركية 1 ـ قرأنا باهتمام شديد خطاب آلان ايرويك 3/3 بتاريخ 29 يونيو (حزيران) حول زيارة كرافت الاخيرة للقاهرة والايحاءات المختلفة التي صاحبتها او خرجت منها.

2 ـ لم نر اشارة لاستقالة محمود رياض المتوقعة في أي من الصحف التي نتسلمها بالسفارة. ربما تجدر الاشارة، على اية حال، الى ان هنري براندون من صحيفة «صنداي تايمز» قد هاتف منتصف الاسبوع الماضي رامساي ميلهويش ليسأل عن اية تعليقات لدى الاخير حول قصة قال براندون انه قد تلقاها من مصدر جيد مفادها بان محمود رياض سيبعد عن موقعه في القريب. ميلهويش قال، انهم، في الحقيقة، لم يروا اي اشارة اخيرة لهذا الموضوع، وكما يعرف براندون، فهناك قصص في الاونة الاخيرة حول خلافات في وجهات النظر بين رياض والسادات، وفي الحقيقة، وبما ان رياض «قد كان وقتها في موسكو بخصوص معاهدة الصداقة المصرية ـ السوفياتية والتعاون، فمن غير المرجح ان القصة صحيحة. ولكن براندون يصر ان مصدره، ما كان ليمرر هذه المعلومات من دون وجود اساس لها، ولكنه وافق على ان الزمن ربما مضى في لحظة وتجاوزها.

2 ـ ميلهويش حاول اكتشاف مؤلفي هذه القصة، اي استقالة رياض، ولكن براندون وبوضوح غير مستعد لاقحامه في هذا الشأن. من الواضح لي، وبعد قراءة خطاب ايرويك، ان جوكرافت، الذي التزم بان لا ينشر هو شخصيا اي شيء حول الاستقالة، قد قام، في المقابل، بتمرير المعلومات حولها الى بعض اصدقائه الصحافيين. وربما تكون القصة حول الاستقالة قد اتت من مصدر بالخارجية الاميركية، اذا كان ويلي ارسل لواشنطن نوع التقييم الذي احاط به ايرويك في الجملة الاولى من الفقرة السابقة في خطاب ايرويك المشار اليه. وبقدر علمنا، نقول ان براندون لم ينشر اي شيء حول هذا الموضوع.

4 ـ المعلومات الوحيدة الاضافية التي استطعنا حصادها حول قضية بيرجس اتت من محمد سالم، السكرتير الاول المصري هنا، الذي تناول غداء مع ميلهويش. وقد اعاد نفس القصة عن طلب ويلي لنسخة من الورقة بالصورة التي اوردتها مقتطفات ايرويك اللاحقة، ولكنه مضى الى القول، حينما قابل اشرف غربال سيسكو بعد فترة قصيرة لعودة الاخير من القاهرة في 6 يونيو (حزيران)، تحدث سيسكو عن ورقة بيرجس، وان ستيرنر وبراون (مسؤول الشؤون المصرية بالخارجية الاميركية) وكانا يسجلان نقاط المحضر، نظرا الى بعضهما البعض في استغراب تام. غربال على اقتناع ظاهر، بان تلك هي المرة الاولى التي سمعوا فيها بوجود ورقة. ما ازال على عدم تصديقي بان دبلوماسيا مهنيا في خبرة بيرجس يمكن ان يتخذ مبادرة شخصية او فردية من هذا النوع دون ان يحيط، على الاقل، واشنطن. ولكن، ومع ذلك، فالرواية التي سمعناها على كل المستويات (بما فيها ملاحظات بيرجس نفسه الى السير آر. بيومونت، الفقرة 2 من برقية القاهرة رقم 809) تبدو متماسكة. واخيرا فاذا كانت الخارجية الاميركية تقوم بمسرحية خفية، فان لديها طاقما من الممثلين الجديرين بالتصديق والقادرين على اداء ادوارهم بكفاءة.

جون. سي. موبرلي ـ واشنطن

* قناة هيكل وبيرجس

* وثيقة رقم: 9

* التاريخ: 28 يوليو (تموز) 1971

* الى: العيون البريطانية فقط، سري رالموضوع: العلاقات المصرية ـ الاميركية 1 ـ حينما قابلت مكتب وزير الخارجية المصري في 26 يوليو قال لي انه لم ير بيرجس (رئيس قسم المصالح الاميركية) منذ عودته هو ووزير خارجيته من اوروبا الشرقية. طلب مني ان احيط بيرجس انه (اي رياض) قلق تجاه ان يديرا ظهريهما لاي مكاره سببتها واقعة ورقة بيرجس وان يعودا الى قواعد الثقة التي نشأت بينهما مؤخرا.

2 ـ رياض فكر في تبرير الطريقة التي عالج بها المصريون ورقة بيرجس بالقول: انهم والى ان تطرق روجرز للموضوع مع الفرنسيين في باريس، وظهور الموضوع لدى وزارة الخارجية المصرية عبر القنوات الفرنسية، لم يقدما اي مرجع او اشارة رسمية لوجود الوثيقة (أي ورقة بيرجس). رياض اشار لي (في منتهى السرية) ان المصريين تلقوا توجيهات من واشنطن بان ورقة بيرجس ليست من صنع بيرجس نفسه ولا وزارة الخارجية الاميركية وانما من صنع جهة اخرى (غير محددة) في الحكومة الاميركية. قال رياض ان المصريين وفي نقطة ما خلال الازمة تخوفوا من ان يفقد بيرجس منصبه كنتيجة للحادثة وانهم استوثقوا من ان ذلك وبكل تأكيد لن يكون في صالح مصر. رياض ايضا رجع للحديث عن مخاطر اجراء المناقشات الدبلوماسية المعقدة خارج القنوات الرسمية، واعاد التأكيد بان القرارات الرئيسية للسياسة الخارجية في مصر يتم اتخاذها من قبل الرئيس السادات وان اي اختلافات ظاهرة انما تعتبر (توزيعا اوكستراليا) من الرئيس السادات (اشارة واضحة منه لاستخدام بيرجس لقناة هيكل). قلت له ان بيرجس ربما لم يكن يملك الحرية لاختيار القناة التي يستخدمها، ولكني بكل تأكيد سأوصل غصن الزيتون هذا لبيرجس والذي اشعر متأكدا انه سيرحب به. قلت لرياض كذلك اذا كانت النوايا ستتجه لسياسة عفا الله عما سلف، فسيكون من الافضل تجنب التنقيب في الماضي مرة اخرى، لان هناك خطراً، وباستمرار، تجاه ان يقوده ذلك الى تجريم مشترك واعمق بين الجانبين.

3 ـ قابلت بيرجس هذا الصباح، احاطني بانه ظل في انتظار فرصة يذهب بها لوزارة الخارجية وانه قد تسلم ما يعتبر سببا جيدا للقيام بذلك، ويقصد التعليمات التي تلقاها لمناقشة امر يتعلق بقانون البحار، ولذلك سيرى محمود رياض في اقرب فرصة ممكنة. علق بيرجس بالقول ان روجرز لم يكن يعلم بورقته في الوقت الذي التقى فيه بالفرنسيين. بيرجس قال كذلك انه لم يكن يملك اختيارا في شأن استخدام هيكل كقناة نحو الرئيس. على سبيل المثال، فقد استدعى هيكل بيرجس لمكتبه في 15 مايو (ايار) وكشف له فقط، اي هيكل، ولدى وصوله، انهما ذاهبان لمقابلة الرئيس السادات للتو. وقالها السادات صريحة انه يفضل معالجة هذا الشأن عبر هيكل. ولذلك، طلب هيكل ان يرى بيرجس مرة اخرى اليوم. والقضية اذن هي قضية الحكومة المصرية في بحثها في ما بينها عن الطريقة التي يرغبون بها معالجة علاقاتهم الخارجية. بيرجس احاطني كذلك بان احاديث الرئيس السادات آخر الاسبوع قد شجعته وجعلته يشعر بان المفاوضات حول الترتيبات الانتقالية لا تزال قائمة.

4 ـ اعتقد ان حقيقة كون محمود رياض قد تقدم لاعادة فتح خط وزارة الخارجية مع الاميركيين بهذه الطريقة، يمكن ان تعتبر هي الاخرى مشجعة.

5 ـ اخبرني رياض مؤخرا بان غربال (رئيس قسم المصالح المصرية في واشنطن) قد تلقى تعليمات بالبقاء في واشنطن الى حين عودة سيسكو من اسرائيل، وانه سيعود للقاهرة بعدها لتقديم تقاريره.

ايرويك ـ القاهرة

* مواقف لرياض

* وثيقة رقم: 11

* التاريخ: 4 اكتوبر (تشرين الاول) 1971

* الى: وزارة الخارجية

* الموضوع: العلاقات المصرية ـ الاميركية 1 ـ اوردت صحيفتا «الاهرام» و«الجمهورية» (الاولى نسبت الخبر لمراسلها في واشنطن) بأنه، ووفق مصادر بالخارجية الاميركية، فان بيرجس سيتم استبداله بمايكل ستيرنز مسؤول الشؤون المصرية بالخارجية الاميركية، وذلك بعد اسابيع من الشائعات حول تبديل وشيك لرئيس قسم المصالح الاميركية هنا، اي بيرجس.

2 ـ اوردت الصحف كذلك، نقلا عن تقارير وكالات الانباء ان روجرز طلب وخلال لقائه في 29 سبتمبر (ايلول) من محمود رياض اعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر، وان محمود رياض لم يقدم اجابة.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (38) - الرئيس أنور السادات رد على رسالة نيكسون بلغة ركيكة

«قناة» فرنسية أبلغت القاهرة أن ورقة بيرجس ليست من إعداد وزارة الخارجية الأميركية

حسن ساتي
تبدو هذه الحلقة أخف وطأة في مسألة غموض الاسباب وراء استدارة السادات نحو اميركا، لانها تكشف، وان بصورة ساخرة، ان الرئيس المصري الراحل قد انطلق من فهم خاطئ لرسالة عادية هنأه فيها نيكسون بانتخابه، اي السادات، رئيسا للجمهورية، فرد السادات برسالة كتبها بنفسه، ويقول عنها دبلوماسي أميركي انها كانت ركيكة خلافا لخطابات ناصر التي كان يصوغ الصحافي هيكل مسوداتها.
وتكشف الوثائق هنا، ان مستشاري الرئيس الاميركي نيكسون نصحوه بأن لا يشارك في تأبين عبد الناصر بوفد يرأسه وزير الخارجية روجرز، لان ذلك من وجهة نظرهم سيفسر، لدى اسرائيل بالطبع واللوبي اليهودي، بأنه انحياز للعرب، في وقت كانت فيه الملاسنة بين العرب وواشنطن في أوجها.

* رسالة السادات الركيكة لنيكسون:

* وثيقة رقم: 2

* التاريخ: 5 يناير 1971

* الى: وزارة الخارجية.. عزيزي مالكولم

* الموضوع: العلاقات الأميركية ـ المصرية 1 ـ أتوقع أن يكون سجل المحادثات بين وزير الخارجية الاميركي روجرز ووزير خارجيتنا حول الخطاب الاخير الذي بعث به الرئيس السادات للرئيس نيكسون قد اثار اهتمامك مثلي. روجرز قيم ذلك كمثال واحد للعلاقة الدافئة حاليا وبموضوعية بين القاهرة وواشنطن.

2 ـ سألت مايك ستاينر مدير ادارة الجمهورية العربية المتحدة (مصر) حول هذا الخطاب حينما قابلته يوم 4 يناير. يقول ستاينر ان السادات قد بعث بخطاب من اربع صفحات ردا على خطاب نيكسون الذي هنأه فيه بانتخابه رئيسا للجمهورية. يبدو ان السادات قد كتب الخطاب بنفسه لان لغة الخطاب ركيكة نوعا ما خلافا للغة المميزة والسهلة لخطابات ناصر التي يعدها هيكل. خطاب السادات لم يذهب لجهة التفاصيل، ولكنه اشار الى ان خطاب نيكسون قد حرك (مشاعر السادات بعمق). (علق ستاينر بالقول انه استغرب خروج السادات بهذا الانطباع لأنه شخصيا ـ أي ستاينر ـ هو الذي كتب مسودة خطاب نيكسون وقطع بأن الخطاب لا يحتوي على اي شيء يحرك اي انسان بعمق). الرسالة العامة من خلال خطاب السادات هي ان الجمهورية العربية المتحدة (مصر) تريد وبتأكيد علاقات افضل مع اميركا وانها غلطة اميركا في عدم حدوث ذلك. ستاينر يعتبر الخطاب اشارة مساعدة ومحملة بالآمال ولكن ليس ابعد من ذلك، او اكثر.

3 ـ يقول ستاينر، ردا على سؤالي حول ما اذا كانت هناك اي فرصة لاعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بأنه لا يعتقد بذلك. من جهتها، تبدو وزارة الخارجية الاميركية سعيدة بعودة كاملة للعلاقات الدبلوماسية ولكنها ترى ان المصريين، وبوضوح، غير مستعدين لهذه الخطوة. هناك وفي القاهرة اشارة علنية اخيرة لذلك. (ويبدو انني لم أواكبها). والمصريون فضلوا وبوضوح الاستمرار على نفس قواعد الممارسة حاضرا.

4 ـ قاد ذلك الى مناقشات حول امكانية زيارة روجرز للقاهرة وبنفس القدر عواصم شرق اوسطية اخرى (تحديدا عمان وتل أبيب) في المستقبل القريب ربما تكون قد وقفت على تقارير صحافية قبل اعياد الميلاد تفيد بأن روجرز يحمل الفكرة في ذهنه للقيام بزيارة للشرق الأوسط في فرصة مواتية. حينما سئلوا في الخارجية الاميركية حول ذلك، قال متحدثها الرسمي ان الامر كذلك، ولكنه لا يعدو كونه مثل (ومضة في العيد) حاليا. ستاينر يرى ان روجرز يطمح حقيقة لزيارة المنطقة في وقت ما. وبالتأكيد فان هذه الزيارة لن تتم قريبا لأن سياسة واشنطن الشرق أوسطية وفي معالمها الواضحة تتجه الى ترك الاطراف لحالها او وحدها في المراحل الاولية للمفاوضات المتوقعة مع الوسيط يارنج. ولذلك، فزيارة من وزير الخارجية يمكن ان تحسب لدى جهات كثيرة بأنها لا تتماشى مع تلك السياسة.

5 ـ سألت ستاينر ما اذا كان غياب التمثيل الدبلوماسي الكامل سيقف عقبة في طريق زيارة روجرز للقاهرة. ستاينر لا يرى ذلك، ويقول ان الخارجية الاميركية قد نظرت لهذه النقطة تحديدا ومؤخرا وتوصلت للاستنتاج بأنه لن تكون هناك مشكلة حول فقدان التمثيل الدبلوماسي الكامل، طالما ان المصريين على استعداد لاستقبال روجرز. قلت ان ذلك يدهشني لحد ما، لأن غياب التمثيل الدبلوماسي الكامل كان وراء الاعلان الرسمي من واشنطن بأن روجرز لا يمكنه ان يقود وفدا للقاهرة ابان وفاة الرئيس عبد الناصر. لم ينكر ستاينر هذا ولكنه علق بالقول ان هناك اعتبارات اخرى اكثر اهمية. وقال ان الخارجية الاميركية في حقيقة الامر قد اوصت بقوة في مذكرة للرئيس نيكسون الذي كان موجودا في ذلك الوقت على ظهر احد قطع الاسطول الاميركي بالبحر الابيض المتوسط بأن على روجرز ان يرأس وفدا للقاهرة، وهو (اي ستاينر)، لا يعرف تحديدا لماذا رفض الرئيس نيكسون التوصية، ولكنه خمن بأن مستشاري نيكسون لشؤون الشرق الأوسط الموجودين معه ربما رأوا في الخطوة ايماءة تحمل الانحياز للعرب في لحظة كان سيل الاتهامات جاريا من هنا الى هناك وبالعكس. وفهم ستاينر كذلك ان نيكسون كان معنيا بالترتيبات والاجراءات الامنية في القاهرة اذا ما كان له ان يختار روجرز ليرأس وفدا الى هناك.

إم. آر. ميلهويش السفارة البريطانية ـ واشنطن

* طلاسم ورقة بيرجس:

* وثيقة رقم: 9

* التاريخ: 28 يوليو 1971

* الى: وزراة الخارجية

* الموضوع: العلاقات المصرية ـ الأميركية 1 ـ حينما قابلت محمد رياض مدير مكتب وزير الخارجية المصري في 26 يوليو اخبرني بأنه لم ير بيرجس (رئيس قسم المصالح الاميركية) منذ ان عاد هو ووزير خارجيته من اوروبا الشرقية. طلب مني ان اخبر بيرجس انه (أي رياض) قلق تجاه ان يضعوا خلفهم او يتجاوزوا اي مكاره سببتها واقعة ورقة بيرجس وان يعودوا الى قواعد الثقة والارادة التي سادت بينهما اخيرا.

2 ـ رأى محمد رياض مدير مكتب وزير الخارجية المصري ان يبرر الطريقة التي عالج بها المصريون ورقة بيرجس بالقول: انه وإلى الوقت الذي تحدث فيه روجرز مع الفرنسيين حول الموضوع في باريس، وان الموضوع قد وصل للخارجية المصرية بالقنوات الفرنسية، فانهم لم يصدروا اي مرجعية رسمية تثبت وجود الوثيقة (ورقة بيرجس). رياض اشار لي بمنتهى السرية بأن ورقة بيرجس ليست لا من اعداده ولا من اعداد الخارجية الاميركية، ولكنها من اعداد طرف (غير محدد) من الحكومة الاميركية. وقال ان المصريين خافوا في محطة محددة من القضية بأن بيرجس سيفقد وظيفته كنتيجة للواقعة، فيما تأكدوا (المصريون) بأن ذلك لن يكون في صالحهم. عاد رياض كذلك الى الاشارة لمخاطر اجراء المناقشات الدبلوماسية المعقدة خارج القنوات المؤسسية الرسمية، واعاد التأكيد بأن القرارات الكبرى في سياسة مصر الخارجية يتخذها الرئيس السادات. وفي المقابل، فان اي خلافات تظهر في السياسة لا تعدو كونها توزيعا اوكستراليا من الرئيس (تلك اشارة بديهية الى استخدام بيرجس لقناة هيكل). قلت لرياض ان بيرجس قد لا يكون حرا في اختيار اي قناة يستخدمها، ومع ذلك، فاني وبلا شك سأمرر غصن الزيتون هذا الى بيرجس، والذي شعرت وبكل تأكيد بأنه سيرحب به. قدمت لرياض كذلك الاقتراح الشخصي بأنه واذا كانت النوايا تتجه حقيقة الى جعل مسألة بيرجس ماضيا، فان من الافضل للطرفين ان يتجنبا نبش الماضي مرة اخرى، لأن هناك وباستمرار خطرا في ان يقود ذلك الى تجريم اعمق ومشترك بين الجانبين.

3 ـ رأيت بيرجس هذا الصباح وقال لي انه ظل يتحين فرصة يذهب بها للخارجية المصرية وانه قد وجد مبررا جيدا للقيام بذلك بعد ان تلقى توجيهات لنقاش امر يتعلق بقانون البحار. ولذلك، فانه سيرى محمود رياض في اقرب فرصة. وعلق بالقول بأن وزير الخارجية روجرز لم يكن على علم بوجود ورقة بيرجس في الوقت الذي التقى فيه بالفرنسيين. يقول بيرجس ايضا، بأنه لم يكن يملك خيارا في موضوع استخدام هيكل كقناة نحو الرئيس السادات. وعلى سبيل المثال، فقد طلب هيكل من بيرجس مقابلته يوم 15 مايو (ايار)، وعلى التو كشف له بأنهما متجهان لرؤية السادات. والرئيس السادات قالها بوضوح شديد بأنه يفضل معالجة الموضوع عبر هيكل فيما طلب هيكل من بيرجس رؤيته اخيرا خلال اليوم. القضية في حقيقتها تتعلق بالطريقة التي يريد بها المصريون فيما بينهم معالجة علاقاتهم الخارجية.

قال لي بيرجس ايضا انه تلقى التشجيع من احاديث الرئيس السادات في نهاية الاسبوع وانه قد شعر بأن المفاوضات حول الترتيبات الانتقالية لا تزال مستمرة بصورة حسنة (تبدو الاشارة للترتيبات الانتقالية هنا ذات صلة بقضية مفاوضات الانسحاب الاسرائيلي. «الشرق الأوسط»).

4 ـ اعتقد ان إقدام مدير مكتب وزير الخارجية المصري على اعادة فتح خط الخارجية المصرية للاميركيين بهذه الطريقة يعتبر في حد ذاته امرا مشجعا.

5 ـ أحاطني مدير مكتب وزير الخارجية المصري على هامش المقابلة بأن غربال (رئيس قسم المصالح المصرية بواشنطن) قد تلقى التعليمات بالبقاء في واشنطن الى حين عودة سيسكو من اسرائيل وانه سيعود بعد ذلك للقاهرة لتقديم تقريره.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (39) ـ موت عبد الناصر استدعى تغيير التقييم البريطاني للشخصيات القيادية في مصر

اهتمام واضح بسعد الدين الشاذلي وتساؤل حول دوره في أحداث أيلول بالأردن

حسن ساتي
يوحي عكوف الخارجية البريطانية بالتعاون مع سفارتها بالقاهرة على اعداد قوائم بالشخصيات القيادية في مصر عاماً بعد عام، وملاحقتها لتلك القوائم بالتعديل والحذف والاضافة، بوجود روائح كثيرة تفوح من طرق الاعداد والوصول لبعض الاستنتاجات.
في هذه الحلقة من الوثائق السرية البريطانية لعام 1971 التي افرج عنها هذا العام، يبدو الاهتمام الواضح بشخصيات مصرية من العيار الثقيل، فنجد مكاتبات في شأن سعد الدين الشاذلي واحمد حسن الفقي وهيكل وحسن ابراهيم، فيما حتم موت عبد الناصر ملاحقة القوائم بالتعديل، ولا تخلو القوائم من مفارقات، ومثالها في حذف اسماعيل فهمي (الذي اصبح وزيرا للخارجية في ما بعد) عن قوائم عام 1971.

* تعيين الخولي يثير الفضول وثيقة رقم: 3 التاريخ: 20 يناير (كانون الثاني) 1971 الى: إم. إيه. هولدنغ. ادارة شمال افريقيا الموضوع: د. حسن صبري الخولي.

1 ـ صدر قرار جمهوري بتاريخ 19 يناير يقضي بتعيين حسن صبري الخولي كممثل شخصي للرئيس السادات.

2 ـ قد يعني ذلك ان على الخولي ان يمارس نفس الواجبات كسفير متجول للرئيس السادات كما مارس المهمة مع الرئيس عبد الناصر، على الاقل كما فعل الى نهاية عام 1969. وكما تعلم، فان نجم الخولي قد سطع مطلع عام 1970، ولكنه وفي الجزء الاخير من العام الماضي استعاد نشاطاته القديمة كمبعوث خاص لمصر في قضايا مثل تعاون الفدائيين والحكومة الاردنية (يونيو/ حزيران 1970) وقبول مصر لمقترحات روجرز (يوليو/ تموز 1970). وقد قام الخولي في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الاول) بجولة واسعة في الدول العربية لتوفير الاغاثة والعون لضحايا الحرب الاهلية بالأردن.

3 ـ يوحي تعيينه الحالي بأنه سيظل، على الاقل في الوقت الحالي، شخصية لها بعض الاهمية في مؤسسة الرئاسة.

ام. اي. جولدنغ السفارة البريطانية القاهرة

* موت ناصر يغيّر القوائم وثيقة رقم: 9 التاريخ: 31 مارس (آذار) 1971 الى: السيدة آن. دالاس مكتب الخدمات وادارة الامداد ـ وزارة الخارجية.

الموضوع: الشخصيات القيادية بالجمهورية العربية المتحدة (مصر) لعام 1971.

1 ـ ارفق مع هذا الخطاب مسودة تقرير الشخصيات القيادية بالجمهورية العربية المتحدة. تقرير هذا العام يحتوي على السيرة الذاتية لشخصية واحدة خارج قائمة العام الماضي، ولكننا اسقطنا 15 شخصية واضفنا 15 اخرى (قائمة الاسماء المعنية مرفقة). بالاضافة الى ذلك، وضعنا عن طريق الخطأ سيرة ذاتية لشخصيتين (هما محمد ابو النصير ودكتور احمد مصطفى احمد) وذلك في تقريرنا للعام الماضي.

2 ـ يحتم موت عبد الناصر والتغييرات اللاحقة في الحكومة مراجعة مكثفة لنسبة كبيرة من السير الذاتية المتبقية. ولذلك، افترض ان تصوري قائمة جديدة كلياً للشخصيات القيادية لهذا العام، وليس مجرد اوراق او قوائم معدلة. ونحن متشكرون مقدماً للـ12 نسخة التي تصلنا كالعادة.

مخلصك جي. آر. يونج السفارة البريطانية ـ القاهرة ومرفق طيه القائمة.

حاشية:

(الاسماء معدة على الطريقة الانجليزية والغربية، والاشارة هنا لذكر الاسم العائلي اولاً، ثم بقية الاسماء بدءاً بالاسم الاصلي للشخصية ـ «الشرق الأوسط»).

أ ـ الشخصيات المضافة 1 ـ أباظة، محمد توفيق وجيه 2 ـ عبد القادر، يحيى 3 ـ ابو غازي، بدر الدين 4 ـ أنيس، احمد ابراهيم خالد 5 ـ البدوي، حسن فهمي 6 ـ درويش، احمد السيد 7 ـ فوزي، خالد 8 ـ اسماعيل، حافظ محمود 9 ـ الخواجة، محمود 10 ـ محمود. د. عبد الحليم 11 ـ محمد، محمد احمد 12 ـ نوح، احمد 13 ـ رياض، احمد 14 ـ سالم، ممدوح 15 ـ زندو، احمد ب ـ أسماء محذوفة:

1 ـ ابو بكر، يحيى 2 ـ انور، سامح 3 ـ عوض، د. بدوي عبد اللطيف 4 ـ البكري، توفيق 5 ـ فهمي، اسماعيل 6 ـ حاتم، عبد القادر 7 ـ حفناوي، عثمان مصطفى 8 ـ اسماعيل، مصطفى كامل 9 ـ كامل، مهندس امين حلمي 10 ـ الخشن، دكتور شفيق علي 11 ـ كيرولوس السادس. بابا (توفي) 12 ـ مراد، د. محمد حلمي 13 ـ ناصر، جمال عبد الـ(توفي) 14 ـ سلامة، انور 15 ـ زكي، حسن عباس وثيقة رقم: 1 التاريخ 6 يناير 1971 الى: مالكولم هولدنغ. ادارة شمال افريقيا الموضوع: احمد حسن الفقي.

1 ـ بدأنا في اعداد مسودة جديدة في تقرير عن الشخصيات القيادية بمصر لعام 1970. هل بوسعك رجاء ان تمدني بأي تعديلات قد ترغب حول المذكرة المتعلقة بالفقي، سفير الجمهورية العربية المتحدة (مصر) في لندن؟

2 ـ نحن لا نعتبر تقاعده المحتمل في ابريل (نيسان) سبباً كافياً لاستبعاده من قائمة الشخصيات القيادية. كمال رفعت (وزير العمل السابق) هو الخليفة المحتمل للفقي وفق التوقعات الواسعة هنا، وسيكون كمال ضمن قائمة الشخصيات القيادية لعام 1971.

إم. اي. جولدنغ القاهرة

* دعوة غامضة لعلي صبري:

وثيقة رقم: 2 التاريخ: 11 يناير 1971 الى: إم اي. جولدنغ ـ القاهرة الموضوع: احمد حسن الفقي 1 ـ شكراً على خطابك 1/17 حول تضمين الفقي في قائمة الشخصيات القيادية بعد مراجعتها. لدي المقترحات الآتية:

(أ) ارجو تحويل عبارة (عاد للقاهرة، عانى من جلطة من الفقرة الاخيرة الى نهاية الفقرة 2 وواصل بعدها..) ... جلطة جعلته بلا حركة لمعظم السنة. عاد الى وظيفته في ديسمبر 1970.

(ب) في نهاية الفقرة 4 اضف (مع عودته للندن في ديسمبر 1970 مغتنما فرصة التحسن في العلاقات المصرية ـ البريطانية، يتحفز الى حد ما برغبة في انجاز نجاح كبير قبيل تقاعده في ابريل 1971، استعاد ضغوطه العالية، وكذلك الى حد ما، الزخم المصاحب لأسباب علاقات مصرية ـ بريطانية اوثق في المجالات الثقافية والاقتصادية. قال انه يرغب في الاتجاه للأعمال الحرة بعد تقاعده.

2 ـ قد ترغب في ادخال مرجع ما الى توجهه حول دعوة من حكومة الملكة الى علي صبري لزيارة المملكة المتحدة والمتوقفة اصلاً على قبوله لها، وقد اقدم على الفكرة دون علم وزيره، كل هذا اذا كنت ترى ان لهذا اي تأثير.

3 ـ ما دمنا نتحدث عن الشخصيات القيادية، قد يكون من مصادر الاهتمام تسجيل انني قد قابلت حسن ابراهيم (صفحة 47) خلال حفل اخير بالسفارة المصرية. من الواضح انه الآن في الاعمال الحرة (اظن ان رئاستها بالقاهرة). وقد رفض بقوة فكرة قال بها مصري آخر تتعلق باحتمال عودته للسياسة.

وعلى اية حال، فمجرد وجوده في اي حفل استقبال رسمي بالسفارة، قد يؤشر على انه ضمن الشخصيات المهمة لدى الحكومة.

4 ـ وهناك تصحيح اساسي في شأن الشخصيات القيادية حول هيكل (صفحة 37). المقابلة التي اشير اليها في الصنداي تايمز في الفقرة 2 هي في الحقيقة مقالة مكتوبة بواسطة هيكل (بمساعدة وترجمة من بيتر مانسفيلد الذي كان مراسلاً للصنداي تايمز بالقاهرة).

ام. ايه. هولدنغ الخارجية ـ لندن

* غموض في تقييم الشاذلي وثيقة رقم: 10 التاريح: 10 يونيو 1971 الى: إم. اي. جولدنغ، القاهرة.

الموضوع: الشخصيات القيادية في مصر.

1ـ شكراً على خطابك المثير للاهتمام رقم 1/1 بتاريخ 19 مايو وعرضك باتخاذ مراجعة لشخصيات 1971 القيادية. سحبنا المسودة من قسم الطباعة وارسلها لك مرفقة مع هذا الخطاب.

2 ـ بالنسبة للعقيد الشاذلي، اخشى اننا لم نستطع اكتشاف معلومات اضافية اكثر، رغم كون الاشاعات المختلف عليها حول أدائه في حرب يونيو (حزيران) معروفة لدى وزارة الدفاع البريطانية. ولا هم، ولا نحن، نعرف اي شيء يرقى لدرجة التأكد.

3 ـ وعلى كل حال، لدينا بعض الاوراق حول مشاركة الشاذلي في الحالة الاردنية. (تبدو الاشارة هنا الى احداث سبتمبر (ايلول) 1970 بالاردن المعروفة بأيلول الأسود جراء المذابح التي واجهها الفلسطينيون. الاضافة من «الشرق الأوسط» للتنوير). ارفق لك نسخة من برقية الخارجية رقم 84 للقاهرة بتاريخ 1962 والتي تقدم الخلفية. وكما ترى، فالشاذلي ليس مشتركاً بصورة مباشرة. وفي الحقيقة، فلم يستدع يوماً لتقديم الدليل، كما لم يطالب (بمغادرة لندن). Ir (الكلمة هكذا وتبدو بعض الاحرف المتبقية كما لو انها قد سقطت في التصوير ـ «الشرق الأوسط»). وفي الظاهر انه قرر عدم مطالبته بالمغادرة بما ان هذا قد قاد بصورة حتمية الى طرد من كان وقتها ملحقنا العسكري بالقاهرة. في تلك الواقعة، تم استبدال الشاذلي بالطريقة العادية بعد اكثر من عام.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (40) ـ السادات أبلغ السوفيات أن العرب لا يريدون رؤية دولة شيوعية في الشرق الأوسط

موسكو لم تشر إلى إقالة علي صبري لكن العداء للشيوعية سيطر على المباحثات

لندن: حسن ساتي
أرهق الرئيس المصري الراحل انور السادات الغرب كثيرا بزيارته المفاجئة للاتحاد السوفياتي في ظرف عصيب توترت فيه العلاقات بين القاهرة وموسكو على خلفية الحملة التي قادها ضد (مراكز القوى) في مصر وطالت اصدقاء لموسكو، وعلى خلفية دور القاهرة في اجهاض انقلاب السودان الشيوعي في 19 يوليو (تموز) وعودة الحليف جعفر نميري للحكم بعد ثلاثة ايام.
الوثائق التالية وعلى مدى الحلقتين التاليتين ايضا، تكشف ابعاد تلك الزيارة، وكيف كبد السادات فيها بريطانيا واميركا وحلف شمال الاطلسي، عناء لاستقصاء نتائج زيارة اراد لها السادات ان تقوي من موقفة في الصراع العربي ـ الاسرائيلي، فتجاوب معه السوفيات على حياء، ولكن بعد ان شغلوه بالاجابة عن تساؤلاتهم حول العداء للشيوعية والعداء للسوفياتية.

* الحوار في اتجاهين

* وثيقة رقم: 7

* التاريخ: 22 اكتوبر 1971

* الى: ام. شي. ادارة الشرق الادنى، وزارة الخارجية.

* الموضوع: زيارة السادات لموسكو.

1 ـ الآتي عبارة عن تعليقات مبدئية استطعنا الحصول عليها من اعضاء السفارة المصرية هنا حول زيارة السادات الاسبوع الماضي. السفير التقى د. غالب يوم 18 اكتوبر لفترة قصيرة. وارفق لكم نسخة من وقائع اجتماعهما. د. غالب وصف بالضرورة زيارة السادات بانها ناجحة. وهناك شكوك حول توجه السوفيات الميال لضبط النفس تجاه المساعدات العسكرية وما اذا كان ذلك يمثل نوعا من عدم الاتفاق بين السوفيات والمصريين حول حتمية استخدام القوة. وقد اشار غالب بتكرار الى امداد اسرائيل بطائرات الفانتوم، كتبرير لزيادة مصر لقدراتها العسكرية. في المقابل، يبدو تفسير غالب لاشارات السادات لاستخدام القوة كما لو أن الامر لا يعدو كونه ضرورة تمليها السياسة الداخلية. كما بدا غالب مهتما بالتركيز على ان الحكومة المصرية مستعدة للتحلي بالصبر والاستمرار في العمل نحو تسوية سياسية.

2 ـ ابراهيم علام، السكرتير الثاني في السفارة المصرية زار السفارة يوم 20 اكتوبر وقدم الصورة التالية للزيارة: ركز علام كثيرا على ان السادات عاد للقاهرة وهو راض جدا عن زيارته القصيرة لموسكو.. المحادثات، التي حضرها برجينيف، وكوسيجين وبودغورني، بدأت في اليوم التالي لوصول السادات، اي يوم 12 اكتوبر. قدم السادات ورياض في الجلسة الصباحية، على التوالي، صورة للاوضاع في مصر حاليا وفي الامم المتحدة على خلفية ما يدور في الشرق الاوسط. وبعد الغداء الذي اجرى خلاله السادات وبودغورني محادثاتهما (وردت في برقية موسكو رقم 1562، النصوص مرفقة الآن)، تواصلت المحادثات مساء وفيها قدم الروس هذه المرة اسئلتهم وابدوا اهتماما كبيرا بالمشاكل التي اثارتها الاحداث في السودان والتقارير القائلة بأن شيوعيين مصريين تم اعتقالهم مؤخرا. السادات اوضح لهم ان المصريين غير معنيين بالشيوعية كآيديولوجية، ولكنهم معنيون بصورة اساسية بحماية امن دولتهم، وبالتالي، وحين يجدون ان الشيوعيين العرب يعملون ضد ذلك، فالمصريون يتخذون اجراءاتهم ضدهم. واعاد السادات تأكيد دعمه للرئيس نميري، وركز على ان العرب لا يريدون رؤية دولة شيوعية تخرج عليهم في الشرق الاوسط. وابدى السادات رغبة في الوصول لعلاقات صداقة مع الاتحاد السوفياتي.

3 ـ علام اكد ان ردود فعل السادات تجاه الاحداث في السودان واعتقالات الشيوعيين وترت العلاقات بين الاتحاد السوفياتي ومصر في الاشهر الاخيرة، ويعتقد، اي علام، انه وكنتيجة لايضاحات السادات في هذه الزيارة، فان الكثير قد تحقق على طريق تنقية الاجواء، ولذلك فان العلاقات الثنائية عادت الى ما قبل الحالة التي فرضتها احداث السودان.

ولم ينكر علام ان تلك الاحداث اثرت على تدفق السلاح السوفياتي لمصر، وهي قضية مهمة (من المهم ملاحظة ان هذا النقاش حول مشاكل العداء للشيوعية وللاتحاد السوفياتي جاء بعد الغداء الذي ركز فيه بودغورني على المخاطر الكامنة في هذين التوجهين). علام وصف التعامل مع مسألة العداء للشيوعية، والتي ظهرت اخيرا في البيان المشترك (ارسلت منه نسخة لمعظم العواصم)، بانه اكثر اعتدالا من نفس التعاطي مع المسألة والذي صدر به بيان في نهاية زيارة بونوماريف للقاهرة في نهاية يوليو الماضي.

4 ـ بعدها جاءت جلسة المناقشات الطويلة والختامية في 20 اكتوبر وقد استمرت لنحو 6 ساعات. لن نستدرج علام نحو اي تفاصيل حول طبيعة هذه المناقشات لانه لم يكن حاضرا لتلك المحادثات، ولكنه يرجح ان السادات تلقى ما يرضيه في المجالات العسكرية. قرار بقاء الفريق صادق وزير الحربية لثلاثة ايام اخرى بعد الزيارة تم اتخاذه خلال تلك المحادثات. يبدو ان صادق وغريشكو سيبحثان التفاصيل.

5 ـ واصل الروس التعبير عن دعمهم لتسوية سياسية في الشرق الاوسط، ولكنهم لم يظهروا للسادات عدم الرغبة في استخدام القوة. من الواضح انهم لا يملكون اي افكار جديدة حول كيفية الوصول لتسوية سياسية. علام علق بالقول بأن الروس، وحتى قبل زيارة السادات، عبروا عن تفضيلهم لمنبر القوى الاربع واستخدام مهمة يارينغ. وفي نفس الوقت، فهم، اي الروس، على استعداد لان يتركوا السادات يواصل دفع حواره مع الاميركيين، وليس لهم اي اعتراضات على مناقشات في الجمعية العامة للامم المتحدة في نوفمبر. وعلى العموم فعلام لم يقدم انطباعا بان الروس قد توصلوا لأي افكار محددة، لا حول ما يمكن ان يقوم به المصريون من هذه النقطة، ولا على صعيد الطرق والوسائل التي يمكن بها للروس ان يلعبوا دورا اكثر ايجابية. ولذلك، يمكن للمرء ان ينقاد الى تخمين يقول انه واذا ما كان للمصريين ان يصابوا بالاحباط من زيارة السادات لموسكو، فان ذلك قد يعكس جزئيا فشلهم في دفع الروس ليلعبوا دورا اكثر حيوية في الوقت الحالي.

6 ـ سألت عن ابرز العبارات في حديث السادات والتي رجحت لعبارة (القوة والقوة وحدها). علام يقول ان كلمة القوة تعني القوة فقط، ولكنه اعترف بأن فقرات تالية توحي بمقاييس اخرى معنى التهديد. السادات رغب في ان يقولها بوضوح بأن المصريين لن يخافوا من استخدام القوة اذا دعت الضرورة، ولكن اشاراته في الفقرات السابقة في خطاب للتسوية السياسية اوضحت بجلاء ان استخدام القوة يتم فقط بعد فشل جميع الاحتمالات على صعيد الجبهة السياسية.

7 ـ لا نبدو واثقين من الحصول على صورة واضحة لما دار حول المناقشات الاكثر اهمية. وكما هي العادة فسنعلم بأي مناقشات دارت وأي وعود تم اتخاذها، ومتى ستتحقق. وعلى اية حال، وبقراءة ما بين السطور، فالثابت ان السادات زار الاتحاد السوفياتي بعد فترة من التوتر. والمصريون هنا يؤكدون ان كل شيء عاد الى مجراه. والمدهش للمرء هنا هو سيطرة العداء للشيوعية والعداء للاتحاد السوفياتي على عقول السوفيات، في وقت لا تمت فيه اي من المسألتين بأي شكل لتسوية في الصراع العربي ـ الاسرائيلي. بل، وفي مكان ذلك، فهذه توجهات منهم تهدد مصالح السوفيات في الشرق الاوسط على المدى الطويل. فالروس، وكما نعلم، اهتزوا في مايو (ايار) بعمليات التطهير التي قادها السادات، ومن بعد بالاحداث في السودان، وبالاصرار المصري الواضح على دفع الاتهامات ضد علي صبري ومجموعته. علام قال ان الروس لم يشيروا مباشرة الى علي صبري، ولكنهم قالوها واضحة بأن ذلك من شاكلة الظواهر المصرية الداخلية التي يجدون فيها ما يخيف.

8 ـ على الصعيد العسكري، ورغم ان المرء لا يستطيع ان يقطع ما اذا كان العون السوفياتي سيكون دفاعيا ام هجوميا، فالقرار بترك صادق ليومين ونصف يوم بعد مغادرة السادات، يوحي في ضوء ذلك، (وبما ان هناك الان قدرا من الثقة قد عاد للعلاقات الثنائية) بان الروس مستعدون لتقديم وعود ملموسة. نحن نتفق مع برقية القاهرة رقم 1338 بوجود دليل ضئيل في الخطابات والبيان المشترك حول دعم السوفيات سواء لمبادرة السادات او لاستخدام القوة، واذا كان لها ان تنجح، فمن الممكن ان تجلب منافع عاجلة للاميركيين اكثر من جلبها للروس. (الاشارة للمبادرة تعني هنا اقتراح السادات بفتح الملاحة في قناة السويس، الاضافة من «الشرق الأوسط»). اما بالنسبة لاستخدام القوة، فقد شعرنا باستمرار ان على الروس ان يخافوا من اي محاولات من اي من الجانبين لضرب المركب وزيادة احتمالات المواجهة بين القوى العظمى. لا يبدو هناك سبب واضح لاسباب شعور الروس بانهم قادرون على تصور انفجار على جبهة قناة السويس. والمدهش للمرء في المقابل، وحتى في ضوء المعلومات القليلة التي استطعنا الحصول عليها، يكمن في قلق السوفيات وضعهم في الشرق الاوسط وعجزهم الظاهر في ايجاد وسائل تمكنهم من استعادة زمام المبادرة. وايا كانت الوعود التي قطعوها للسادات، فانها ستكون بالتالي او بالضرورة ذات طبيعة تميل (للتحفظ)، وموجهة لتقوية قبضته على الشأن العسكري، وبالتالي اعطائه الاستقرار الداخلي المطلوب ليؤجل مرة اخرى يوم القرار.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (41) ـ السادات جدد معاهداته مع السوفيات هروبا من ضغوط واشنطن بتقديم تنازلات

حسن ساتي



حاول البريطانيون جاهدين الوصول الى نتائج ملموسة لزيارة السادات الى موسكو في اكتوبر (تشرين الاول) 1971، وهو العام الذي كان قد اعلنه عاما حاسما للصراع العربي ـ الاسرائيلي وهدد فيه باستخدام القوة.
ويكمن بعض جديد هذه الحلقة من الوثائق السرية البريطانية لعام 1971 التي افرج عنها في وصولهم، اي البريطانيين، الى استنتاجات تخالف الصورة الكارثية التي صورت بها الصحافة الغربية الزيارة، وفي الذهن هنا وبالطبع، الاملاءات المعروفة لمناخ الحرب الباردة وصراع القوتين العظميين.

وهناك الجديد في استقصاء النتائج من ألسنة مصرية، وتحديدا من وزير الدولة محمود رياض، والدبلوماسي د. غالب.

* رواية من رياض

* وثيقة رقم: 100

* التاريخ: 25 أكتوبر 1971

* الى: وزارة الخارجية وللعلم، موسكو، واشنطن، باريس، نيويورك، عمان، تل ابيب، بيروت، طرابلس، الخرطوم، البعثة البريطانية بالناتو.

الموضوع: زيارة السادات لموسكو 1 ـ محمود رياض وزير الدولة بالخارجية اخبرني بالامس ان مجمل زيارة السادات لموسكو يعتبر نجاحا، وان التدهور الذي لحق بالعلاقات المصرية ـ السوفياتية، والذي بدأ في مايو (ايار) باعتقال علي صبري وجماعته، قد ازداد سوءا بأحداث السودان (الاشارة هنا للانقلاب الشيوعي في 19 يونيو (حزيران) والذي اجهض بعد 3 أيام، الاضافة من الشرق الأوسط).

وان تلك العلاقات كانت في حاجة الى اصلاح. وان المصريين قد شكلوا انطباعا بأن حكومتي اميركا واسرائيل قد شعرتا بأن الصداقة السوفياتية ـ المصرية قد اعتراها الفتور، وبالتالي فلن يكون في وسع مصر ان تعتمد على الدعم السوفياتي بنفس درجة الاعتماد في العام الماضي، ومن هنا بدأتا التفكير، اسرائيل واميركا، بأن بوسعهما وباطمئنان وضع ضغوط على الحكومة المصرية لجهة تقديم تنازلات اكثر. ولذلك فان تجديد الصداقة المصرية ـ السوفياتية اصبح ضرورة لمصر عسكريا وسياسيا. ويعتقد رياض ان ذلك قد تحقق. ويقول ان المحادثات قد استصحبت احاديث صريحة جدا، مؤكدا ان مقالة لطفي الخولي بـ«الاهرام» 20 اكتوبر (نسختها سترسل بالحقيبة) قد عكست بدقة المناخ السائد في موسكو.

2 ـ رياض قال بالتحديد ان الاتحاد السوفياتي قد اقترح لغة اكثر قسوة في ادانة النشاطات المعادية للشيوعية في الشرق الأوسط، وبصورة اكبر مما حمله البيان المشترك، رغم انه لم توجد خلال المحادثات اشارة محددة للسودان او شخص او حكومة بعينها. ويقول رياض ان الروس اظهروا انفسهم في حالة من المرونة المعقولة من خلال موافقتهم على تليين المفردات، وقد فهم ان الخرطوم لم تستقبل البيان المشترك بصورة سيئة، رغم ان الحكومة الليبية بدت غير سعيدة به.

3 ـ على صعيد القضية العربية ـ الاسرائيلية، طلب السادات من محمود رياض ان يقدم للروس عرضا لما دار في نيويورك والتزم السادات بتأكيد كل شيء قال به رياض. لم تكن هناك مناقشات اكثر حول الاتفاقية الانتقالية، بأي مستوى في حضوره ولم ير لها اية اشارات في المضابط. المصريون احاطوا الروس بصورة عامة حول الطريقة التي سيتعاملون بها مع قضية الشرق الأوسط خلال اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة (سأرسل برقية منفصلة، حول هذا الشأن).

4 ـ محمود رياض قال ان المفاوضات العسكرية كانت قد دارت بصورة اعمق قبل ذلك خلال وبعد زيارة السدات (علمنا ان وزير الحربية تخلف لثلاثة ايام وان قائد القوات الجوية سيبقى لخمسة ايام بعد مغادرة السادات). وان المؤسسة العسكرية المصرية على رضاء تام بالنتائج.

5 ـ لا تبدو الزيارة لموسكو، ومن تقديمها بهذه الصورة، بالصورة الكارثية التي صورتها بها الصحافة الغربية. اعتقد ان رياض على صواب في قوله ان من المهم للسادات، سياسيا ودبلوماسيا، الحصول على اعادة تأكيد الصداقة السوفياتية ـ المصرية، وقد حقق ذلك بقدر معقول. ومع ذلك تظل وجهة نظري (برقيتي رقم 1338) ان السادات لا بد ان يكون محبطا، ان لم يكن مندهشا، في حصوله، وفقط، من الروس على قبول محدود لسياساته الحالية. اما الاشارة للرضى بالنتائج العسكرية للزيارة، فقد يعني ذلك الغاء الروس لسياسة (السير البطيء) والتي يسود اعتقاد هنا بأنهم قد مارسوها لبعض الوقت في ما يتعلق بامدادات وتسليم الذخيرة وقطع الغيار لمصر.

( السفارة البريطانية القاهرة)

* وأخرى من غالب

* وثيقة رقم: 102w

* التاريخ: 19 أكتوبر 1971

* الى: ليفنجستون. سفارة موسكو.

* الموضوع: زيارة السادات.

1 ـ كنت محظوظا بلقاء د. غالب خلال حفل عشاء البارحة لمدة عشر دقائق. ومع انه تحدث بقدر معقول، الا ان النتائح ليست واضحة او وافية، ولكن ذلك لا يثير دهشة خاصة اننا لم نلتق من قبل. وقد اعتبر، وهذا طبيعي، زيارة السيادات نوعا من النجاح. قلت له ان الذي استوقفني هو التركيز من جانب السوفيات على تسوية سياسية ومعها الطبيعة الدفاعية في الاشارات لموضوع العون العسكري. وتساءلت، هل يعني ذلك ان الحكومة السوفياتية لم تستقبل اشارات السادات الى حتمية استخدام القوة؟

2 ـ د. غالب التفّ، وليس في هذا ما يدهش على هذا السؤال. وقدم اشارات مكررة لقضية امدادات اسرائيل بالفانتوم كتبرير لزيادة القدرات العسكرية المصرية. ولكنه بدا لي كما لو انه يحاول ان لا يذهب بتصريح السادات (حول القوة) الى ما هو اكثر من كونه ضرورة سياسية داخلية. اهتمامه الاساسي كان يكمن في التركيز على استعداد المصريين للتحلي بالصبر والعمل نحو تسوية سياسية.

كرر الطرح المصري المعتاد ان مثل ذلك الاتفاق لا بد ان يرتبط بقوة باطار تسوية نهائية وزعم غالب ان الحكومة السوفياتية قد استشعرت ذلك وربما بصورة اقوى من الحكومة المصرية.

3 ـ اعدت عليه تصريح وزير الدولة البريطاني بوجوب ان تكون هناك اتصالات عربية ـ اسرائيلية مباشرة، وقد قال غالب في هذا الصدد ان المصريين يعتقدون ان تركيز الاسرائيليين على هذا الموضوع يهدف الى اخراج المفاوضات خارج اطار الامم المتحدة حتى يتمكنوا من تجاهل استحقاقات ميثاق المنظمة المتعلق بعدم حيازة الارض بالعدوان العسكري. ولهذا السبب، يرفض الاسرائيليون ان يبدوا استعدادا اكثر تجاه قضية الانسحاب.

4 ـ بدا غالب ناقدا وبقوة لطريقة معالجة روجرز للقضية في اول اجتماع له مع محمود رياض في نيويورك. وقال ان من الخطأ جدا الاعتقاد بأن هناك اختلافا ضروريا في المنهج حول الاتفاقية الانتقالية بين السادات ومحمود رياض، بل ومن المضلل محاولة الايقاع بينهما. وقال في هذا الخصوص، انه لم يتقرر بعد من سيعود الى اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة لقيادة الوفد المصري، هو وعن نفسه سيعود للقاهرة مع نهاية الاسبوع الحالي، وسيصدر قرار ما اذا كان هو او محمود رياض سيعود لنيويورك.

5 ـ أكد ان صادق قد عاد الآن للقاهرة، ومن الطبيعي هنا عدم محاولة استدراجه «لحديث» عن اية تفاصيل حول الاتفاقيات المصرية ـ السوفياتية في المجال العسكري.

6 ـ قلت له اننا خرجنا بانطباع بأن السوفيات وبرغم اصرارهم على حل سياسي، الا انهم لا يظهرون معرفة حول ما يمكن ان يقدموه لهذا الحل في هذه اللحظة، ويبدون ميالين لان يتركوا المهمة للاميركيين لمواصلة جهودهم. د. غالب لم يجاريي في هذا الشأن واعاد ما قاله حول الصبر المصري. وبوسعي ان القي بتخمين هنا، فاذا ما كان هناك اي قدر من خيبة الامل حول عائد زيارة السادات، فقد يكمن في فشلهم في دفع الروس لأن يكونوا اكثر نشاطا في هذه اللحظة.

7 ـ اما بالنسبة لدور الامم المتحدة، فقد ركزت له على ضغوط وزير خارجيتنا القوية على اسرائيل لتقديم تصريح مشجع حول الانسحاب. ما وراء ذلك، لم أر شيئا مفيدا يمكن ان نقدمه.

غالب قال ان تجارة اسرائيل مع بريطانيا مهمة. قلت له، وبقدر ما اسعفني الادب او التأدب، بأنه لا جدال في ان اي حكومة بريطانية يمكن ان تستخدم المعاملات التجارية كوسيلة للضغط السياسي بالطريقة التي يتصورها.
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

قراءة في وثائق 1971 البريطانية (42)عتب سوفياتي على اتهامات في مصر باستفادة موسكو من حالة اللاحرب واللاسلم

حسن ساتي
تتحدث الوثائق السرية البريطانية لعام 1971 التي أفرج عنها أخيرا عن عتب الاتحاد السوفياتي على انتقادات لسياسته في مصر ومحاولاته تدعيم العلاقات مع الأحزاب العربية خاصة الاتحاد الاشتراكي في مصر.
* قراءة في عقل موسكو

* وثيقة رقم: بلا رقم. الملف fco 39/978

* التاريخ: 21 أكتوبر 1971

* إلى: غير معنونة

* الموضوع: أسئلة واجوبة في موسكو

* يمكن تلخيص نقطة البداية في كل مناقشات موسكو حول الشرق الأوسط في هذا السؤال:

لماذا نحن في جانبكم؟ عليكم أن تسألوا أنفسكم هذا السؤال ألف مرة، «لأنه لا أحد يساند أحدا من غير عوامل محددة تحفزه على ذلك». والسؤال الآن هو: ما هو الإيجابي والسلبي في دوافعنا في مساندتكم، أيها العرب؟

يمكن تعريف إجابة موسكو بالتالي:

أ ـ يهدف مبدأ اللينينية، الذي حكم تحركنا السياسي العالمي منذ تأسيس الاتحاد السوفياتي كأول دولة اشتراكية في التاريخ، إلى توحيد القوة الاشتراكية مع حركات التحرر الوطنية في كفاحها ضد الجبهة الامبريالية والاستغلال والعدوان من قبل الرأسمالية والاحتكار. وهذه الجبهة هي عدونا المشترك.

ب ـ تكمن مصلحتنا المتنامية في تحرركم الوطني سياسيا واقتصاديا، حيث أنه وبهذه الوسائل يكون بوسعكم إضعاف الجبهة الامبريالية ومنعها من تأسيس القواعد العسكرية التي تهاجم منها القوى الاشتراكية. ومعركتكم اليوم ضد إسرائيل الصهيونية هي في حقيقتها معركة ضد الامبريالية والعدوان العنصري واحتكارية الرأسمالية، وهذا هو السبب الذي جاء بنا لإنقاذكم حينما ناديتمونا. وكان من الممكن أن نكون بجانبكم حتى من غير دعوة بسبب المبدأ والمصلحة. وقد أنهى الروس، بنفس الطريقة التي بدأوا بها نقاشهم بسؤال، أنهوه بسؤال: «ما هو رأيكم؟».

نحن المصريين، نجيب، «نحن موافقون».

ثم فرض الروس سؤالا مشحونا بالألم:

«إذن فلماذا تنبع مثل هذه الشعارات العدائية من بينكم، وهي شعارات تحمل التشكك في مواقفنا وحديثنا في دعمكم؟ هل بوسعكم أن تتخيلوا الأثر على المواطن السوفياتي الذي يعاني من تضحيات اقتصادية كثيرة من أجل دعمكم ومساندتكم؟ هل تعلمون كيف سيؤثر هذا على العدو حين يرى بذور عدم الثقة وهي تزرع بواسطة بعض الأيدي العربية في حقل التعاون العربي ـ السوفياتي؟».

أحيط أصدقاؤنا في موسكو بأن تلك الشعارات العدائية تصرخ بها القوى الرجعية، التي لا تزال تملك التأثير في العالم العربي والتي هي ضد الاتحاد السوفياتي بسبب الأفكار والمصالح.

عاملان آخران يساعدان في تفسير هذه الظاهرة.

1 ـ الأحداث الدامية في السودان بكل تداعياتها.

2 ـ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربي، لأربع سنوات ونصف السنة والإشاعات القائمة بأن الاتحاد السوفياتي لا يشجع العرب على تحرير أراضيهم بما أنه يستفيد من حالة «اللاسلم واللاحرب».

الروس يواصلون النقاش بالقول: نحن نفهم أن الرجعيين عدائيون، ولكن هل نحن مذنبون تجاه الأحداث في السودان، وقد تمت إحاطتنا بما حدث هناك بنفس الطريقة التي علم بها العالم العربي. الذي حدث صراع داخلي، ونحن لم نتدخل في أي بلد، وذلك هو مبدأنا. وتوجهنا محكوم بواجب وطني وإنساني حين أصبحت الأحداث دموية وقاسية. وقد ظللنا إيجابيين برغم كل شيء ـ وما زلنا نعتبر السودان أحد تلك الدول العربية التي تحارب الامبريالة. تحرير الأرض العربية هو معركتكم الخاصة، وأنتم أحرار لتقرروا، ونحن هنا فقط للمساعدة، بالفعل والقول، في أي قرار يتعلق بمعركتكم المشروعة من أجل التحرير. أما بالنسبة للمزاعم القائلة بأن حالة اللاسلم واللاحرب تصب في صحالحنا، فهذا زعم امبريالي. وتريد الامبريالية والصهيونية إقناع الشعوب العربية بامتلاكها المفتاح الوحيد للحل. وعلى أية حال، فأصدقاؤنا في موسكو يركزون على نقاط كبرى ومحددة:

أ ـ نحن متأكدون، وبعد أن عقدنا اجتماعات مع قادتها وعلى كل المستويات، أن مصر ستمضي على طريق التحرير تحت قيادة السادات.

ب ـ تأسيس الاتحاد الاشتراكي العربي لدفع كل المصالح، بما فيها الماركسية، يدل على نضوج الوعي لدى الحركة الوطنية. أما الذي سيقوي من هذا التوجه، فهو تأسيس منظمة على قواعد اشتراكية وديمقراطية كعظمة ظهر للاتحاد الاشتراكي.

ج ـ نحن نساند الجهود العربية تجاه الوحدة، ولهذا رحبنا باتحاد الجمهوريات العربية.

د ـ ليست هناك معادلة جاهزة للتنمية السياسية والاجتماعية لكل الدول. والشيء المهم جدا هو الالتزام بخط من التنمية يكون معاديا للامبريالية والعنصرية والرأسمالية.

هـ ـ العرب يعرفون بلادهم أكثر منا، وهم وحدهم القادرون على رسم خريطة حركتهم السياسية. وتجربتنا متاحة أمامهم إذا ما اختاروا الاستفادة منها.

* السوفيات واختراق الأحزاب

* وثيقة رقم: 106

* التاريخ: 29 أكتوبر 1971

* إلى: ايه.جيه.كريج. وزارة الخارجية

* عزيزي كريج..

1 ـ أكتب إجابة على خطابك بتاريخ 15 أكتوبر (تشرين الأول) المتعلق بالاتصالات بين الحزب الشيوعي السوفياتي وجبهة التحرير الوطنية، وذلك نسبة لغياب كين سكوت في إجازته.

2 ـ بدا الاتحاد السوفياتي معنيا بتوسيع اتصالاته على المستوى الحزبي منذ مطلع هذا العام حين زار بدغورني مصر. والهدف الأساسي في هذا السياق هو الاتحاد الاشتراكي العربي. أشارت المادة السادسة من معاهدة الصداقة والتعاون المصرية ـ السوفياتية الموقعة في نهاية مايو (أيار) تحديدا إلى «توسيع التعاون والاتصالات المباشرة بين المنظمات السياسية والاجتماعية للعمال». ويصبح الروس بذلك مهتمين، ومتى ما سمحت الظروف، بتطوير الاتصالات الحزبية بمستويات أقل من الناحية الرسمية، ولذلك كانت هناك تبادلات في الزيارات على مستوى حزبي بين الحزب الشيوعي السوفياتي وحزبي البعث في سورية والعراق. واحتوى البيان الصادر في 26 يونيو (حزيران) مع نهاية زيارة حكومية مصحوبة بزخم حزبي سوفياتي للعراق، على الآتي: (أبدى الجانبان اهتمامهما في تقوية الروابط بين الحزب الشيوعي السوفياتي وحزب البعث العراقي) وفي صلة بهذا الموضوع، جاءت الإشارة إلى المساعدة السوفياتية في تدريب (الكوادر الوطنية) لـpdry (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) الذي ظهر في البيان المشترك التالي لزيارة يمنية لموسكو بين 30 سبتمبر (أيلول) و9 أكتوبر.

3 ـ لم يكن هناك تعليق في الصحافة السوفياتية في هذا السياق وحول البيان المشترك الذي تلا زيارة كوسغين للجزائر. مما ورد أعلاه فستلاحظ أن الظاهرة ليست غير مسبوقة بأية حال، ولكن، وإذا كانت وكما قلت أنت، جبهة التحرير الوطنية غير مهمة نسبيا في بنية السلطة الجزائرية، فإن المنافع التي يمكن للروس أن يتوقعوها من الاتصالات البينية الحزبية المتزايدة مع الجزائريين، يمكن أن تكون ضئيلة. النموذج المصري الذي جسدته محاولات السادات (لتطهير) الاتحاد الاشتراكي في أعقاب مؤامرة مايو، ربما أظهرت للروس أن (الاختراق) لحزب حاكم ليس بتلك السهولة التي قد تصورها له معادلات واعدة من التعاون الحزبي (بين طرفين أو أكثر. (الإضافة من الشرق الأوسط لزيادة الإيضاح).

إن. إتش. ليفنجستون السفارة البريطانية موسكو

* وفد أميركي: خلافات السادات والسوفيات لا تحلها الموافقات الخجولة

* وثيقة رقم: بلا رقم. الملف fco 39/978

* التاريخ: 19 أكتوبر 1971

* إلى: غير معنونة. بترويسة تحمل الناتو.. سري

* الموضوع: زيارة السادات لموسكو 11 ـ 13 أكتوبر

* تعكس العناية الملحوظة من القادة السوفيات الكبار للرئيس المصري السادات ومستشاريه السياسيين والعسكريين اهتماما خاصا من الكرملين تجاه مصر.

العنصر الأساسي في البيان المشترك المطول الذي تلا الزيارة يكمن في اتفاقية (خاصة حول الوسائل الهادفة نحو تقوية أكثر للقدرة العسكرية لمصر) بما يوحي بأن صفقة أسلحة خاصة قد شملتها تلك الاتفاقية، رغم أن التفاصيل غير معروفة. وعلى أية حال فنحن نتوقع أن يحافظ الكرملين على إمدادات السلاح لمصر، وببساطة، للحفاظ على الموقف السوفياتي مع القاهرة. أورد البيان المشترك كذلك أن الجانبين (قد تبادلا الآراء) حول خطوات مشتركة أعمق في الإطار العربي ـ الإسرائيلي. ويوحي مثل هذا التعبير بأنهما قد فشلا في الاتفاق على استراتيجية سياسية عسكرية ودبلوماسية حول المستقبل القرىب. وركز البيان المشترك كذلك حول الحاجة إلى تسوية سياسية، رغم أن ذلك، وبالطبع، يقوم على مفردات موالية للعرب. في المقابل، ورغم أنه لم تتم مخاطبة تسوية انتقالية بصورة مباشرة فقد أشاد السوفيات بـ(الموقف الإيجابي) لمصر في ما يخص جهود السلام.

الجدير بالملاحظة في البيان العبارة القائلة إن (الجانبين يدينان بقوة العداء للشيوعية وللسوفيات)، وهذا تشكيل مشوه ظهر أولا في أعقاب زيارة بوريس بونوماروف من سكرتارية اللجنة المركزية لمصر أواخر يوليو الماضي، ويعكس، التشكيل المشوه الصعوبة التي واجهها الجانبان في تخطي الضغوط الناتجة عن أحداث السودان في هذا الصيف. ولن يبدو لمثل هذا التنازل الظاهر من السادات تجاه الحساسيات السوفياتية، وبأية حالة، أثر عملي على سياسيات السادات الداخلية ومع الدول العربية. والسادات حصل كذلك على قبول خجول من السوفيات لاتحاد الجمهوريات العربية. في المقابل حصل السوفيات على دعم السادات وبمدى واسع في قضايا دولية بما فيها مؤتمر حول الأمن الأوروبي وقضايا نزع السلاح وفيتنام.

في المجمل، يذهب تقييمنا الأولي إلى أن الزيارة قد أنجزت هدف إعادة ترميم الصورة العامة للعلاقات الطيبة بين البلدين، وربما أنتجت نوعا من الالتزامات السوفياتية العسكرية الجديدة تجاه مصر.

وفي نفس الوقت، فنحن نشك أن الخلافات الأساسية بين الجانبين قد تم حلها ومن المحتمل أن يبقى السوفيات على مخاوفهم تجاه أداء السادات المستصحب لحالة من الاستقلالية في التفكير والعمل أو الفعل، وذلك في وقت يبدو فيه المصريون على أشواقهم في رؤية مساندة سوفياتية أكثر من تلك التي يتوقعون الحصول عليها. الوفد الأميركي
 
رد: قراءة في وثائق 1971 البريطانية

مجهود كبير منك
 
عودة
أعلى