سوريا واسلحة الدمار الشامل

إنضم
21 سبتمبر 2008
المشاركات
532
التفاعل
3 0 0
سوريا وقضية أسلحة الدمار الشامل
[*]

تُعتبر سوريا من أكثر الدول العربية تقدماً في مجال تطوير أسلحة الدمار الشامل، حيث تتوفر لديها ترسانة كبيرة من مئات الصواريخ من طراز أرض ـ أرض التي يمكنها أن تغطي معظم أجزاء إسرائيل. وبفضل المساعدة الإيرانية والكورية الشمالية، استطاعت سوريا تطوير رؤوس حربية كيميائية لهذه الصواريخ، مما يشكل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل. لقد خلقت ترسانة أسلحة الدمار الشامل ـ كما أمل في ذلك السوريون ـ توازناً فاعلاً للرعب بين سوريا وإسرائيل. ويمكن إدراك الأهمية الاستراتيجية التي يمثلها امتلاك ترسانة من أسلحة الدمار الشامل بالنسبة للنظام السوري في ظل خلفية تدني جودة الأسلحة التقليدية السورية في حالة نشوب أي حرب مستقبلية مع إسرائيل. ويخلُص المقال إلى أنه من غير المحتمل أن تحذو سوريا حذو ليبيا بالتخلي بسهولة عن قدراتها الخاصة بأسلحة الدمار الشامل.



حدثان هامان وضعا سوريا في دائرة الضوء، هما غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في ربيع عام 2003والقرار الليبـي بتفكيك قدرات الجماهيرية في مجال تطوير أسلحة الدمار الشامل. لقد أثارت السياسة التي اتبعتها دمشق طوال الأزمة العراقية حفيظة الولايات المتحدة، بل دفعت الرئيس جورج دبليو. بوش إلى تبني لهجة غير مسبوقة ضد سوريا، مشدداً على مطالبته لها بإيقاف تطوير الأسلحة الكيميائية المحظورة1.
لقد أنكر السوريون امتلاكهم لأي أسلحة محظورة، وقذفوا بالكرة سريعاً إلى الملعب الأمريكي باقتراحهم الداعي إلى إعلان منطقة الشرق الأوسط بأكملها منطقة خالية من الأسلحة غير التقليدية. كما سارعوا أيضاً إلى نفي التقارير القائلة بسماح سوريا لنظام صدام حسين بإخفاء أسلحة دمار شامل في أراضيها2.
ولكن واشنطن لم تكن راضية عن نفي دمشق، حيث أوضحت الحكومة الأمريكية أنها ستراقب السلوك السوري عن كثب3.
ولكن الزمن وحده هو الذي سيحدد مدى مصداقية هذه الاتهامات ومدى فاعلية التهديدات الأمريكية، ولكن سوريا تملك مخزوناً من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، إضافة إلى وسائل إطلاقها باستخدام ترسانتها التي تحتوي على صواريخ أرض ـ أرض المتطورة، والتي يمكن أن يصل مداها إلى معظم المناطق الإسرائيلية المأهولة بالسكان. ويُعتبر امتلاك أسلحة الدمار الشامل وخصوصاً الأسلحة الكيميائية والقدرات الصاروخية المتميزة بالنسبة لسوريا، وبدرجة أكبر من أي دولة عربية أخرى خلال السنوات الماضية، إحدى أهم الدعائم المركزية لمفهوم أمنها القومي. وقد أبان ذلك بوضوح أحمد الحسن وزير الإعلام السوري حين سُئل عن ردة فعله تجاه القرار الليبي القاضي بالتخلي عن خطط تطوير أسلحة الدمار الشامل، حين قال "إن سوريا ليست ليبيا. إن الليبيين بعيدون عن الجبهة وعن العدو (إسرائيل)، ولهذا السبب فإن سوريا لن تقتفي أثر الطريق الليبي" 4.
أسلحة الدمار الشامل وسيلة لتحقيق التكافؤ الاستراتيجي مع إسرائيل
لقد سعت سوريا بحلول ثمانينيات القرن الماضي إلى امتلاك أسلحة غير تقليدية، وقد شكلت تلك الجهود العنصر الرئيسي لمفهوم أمنها القومي الوليد، والذي يهدف إلى تحقيق التكافؤ الاستراتيجي مع إسرائيل. ولمجاراة هذا المفهوم، يسعى السوريون بكل جهد إلى إقامة تكافؤ، ليس عسكرياً فحسب، بل تكافؤاً استراتيجياً متكاملاً في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والمجالات الأخرى.
وقد تم تطوير هذا المفهوم استناداً إلى خلفية الضعف الإقليمي والدولي السوري آنذاك عندما وجدت سوريا نفسها وحيدة في صراعها مع إسرائيل عقب تخلي مصر عن المواجهة العسكرية وتوقيعها على معاهدة للسلام عام 1979. أما العراق ـ الذي كان يُعتبر عمقاً استراتيجياً لسوريا، والذي شارك في حرب عام 1973 ـ فقد تخلى عن سوريا. فقد نأت بغداد عن جبهة الرفض العربية التي أنشأتها سوريا بعد توقيع اتفاقيات السلام بين مصر وإسرائيل، بل دخلت فيما بعد في حرب مع إيران، الأمر الذي أدى إلى قطع العلاقات مع دمشق التي وقفت في صف إيران. وتذوقت سوريا طعم العزلة أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان في يونيو 1982 عندما وجدت نفسها وحيدة في المعركة ضد إسرائيل وتعرضت لهزيمة قاسية 5.
وفي تلك المرحلة، قام الاتحاد السوفييتي بتقديم المساعدة إلى سوريا بفتح الترسانة السوفييتية، بما في ذلك الأسلحة التي أحجم سابقاً عن بيعها لسوريا. لذلك فقد ولد المفهوم الطموح لإقامة تكافؤ استراتيجي مع إسرائيل، ليس عبر مجموعة من الدول العربية، بل من خلال الدعم السوفييتي الكامل.
وبالفعل وخلال السنوات التي أعقبت حرب عام 1982، شهدت القوات المسلحة السورية زيادة بارزة من حيث النوع والكم. فقد تضاعف حجمها من نحو ربع مليون جندي إلى نصف مليون جندي، وتم تزويدها بأسلحة سوفييتية متطورة شملت صواريخ أرض ـ جو من طراز "اس ايه ـ 5" وصواريخ أرض ـ أرض طراز "اس اس ـ 21"6.
وسرعان ما أدرك السوريون عدم قدرة اقتصادهم على دعم تعزيز قوتهم العسكرية المطلوبة. فقد وصل الاقتصاد السوري إلى حافة الإفلاس، الأمر الذي دعا الرئيس حافظ الأسد إلى التراجع ـ وإن لم يكن بصورة علنية ـ عن هدفه الطموح بتحقيق التكافؤ مع إسرائيل، ولكن لم تنتهِ المتاعب السورية عند هذا الحد. فبنهاية ثمانينيات القرن الماضي، تعرض اقتصاد الاتحاد السوفييتي إلى مصاعب كبيرة، وعند انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991أصبحت سوريا وحيدة في محيط عدائي 7.
ومن وجهة النظر السورية، فإن احتمال استغلال إسرائيل لهذه الحقائق في مهاجمة سوريا لم يكن أمراً خيالياً أو نظرياً، وقد تجلت خشية سوريا من إسرائيل ومن صورتها كعدو شيطاني يسعى إلى التوسع وإلى هزيمة سوريا كهدف نهائي. كما ان صورة الولايات المتحدة في المخيلة السورية منذ عهد الرئيس رونالد ريغان لم تكن أحسن حالاً من صورة إسرائيل. وقد واجهت سوريا العديد من التعقيدات لبناء جيش كبير ومتطور تقنياً بدرجة كافية تجعله يضاهي الجيش الإسرائيلي. هناك عاملان رئيسيان يقيدان التطور السوري العسكري، هما الوضع الاقتصادي المتدني للدولة وامتناع معظم الموردين العالميين عن التعامل معها لأسباب سياسية أو مالية.
وقد دفع ذلك سوريا منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي إلى تأسيس أمنها القومي وبصورة متزايدة على أسلحة الدمار الشامل كنوع من العلاج الإعجازي الذي سيخفض في لمح البصر الفجوة التقنية المتسعة دائماً بين سوريا وإسرائيل وبخاصة على مستوى القوات الجوية. إن حقيقة امتلاك إسرائيل لقدرات نووية شكلت سبباً إضافياً (ولم تكن السبب الوحيد) الذي ارتكزت عليه سوريا لتبني هذه الاستراتيجية. وفي سبعينيات القرن الماضي، تم التوصل إلى قناعة بعدم قدرة العرب على هزيمة إسرائيل بسبب امتلاكها لأسلحة ذرية. وعلى سبيل المثال، تم الادعاء في حرب أكتوبر عام 1973بأن القدرات النووية لإسرائيل كانت هي السبب وراء عدم عبور القوات السورية إلى الأراضي الإسرائيلية أثناء الحرب إلى ما وراء حدود الرابع من يونيو 1967. لذلك فإن الرغبة السورية في التخلص من ميزة التفوق الإسرائيلي بسبب امتلاكها للأسلحة النووية تُعد جزءاً من استراتيجياتها الشاملة الرامية إلى تحقيق نصر عسكري تقليدي في المستقبل.
وبالنظر إلى التفوق العسكري التقليدي لإسرائيل حالياً، فإن سوريا تنظر إلى الأسلحة الكيميائية كحد أدنى لتحقيق قدرة رادعة لإسرائيل8.
وهناك حدثان محددان ساهما في زيادة الوعي السوري بأهمية الحصول على أسلحة غير تقليدية، ويتمثل الحدث الأول في الحرب العراقية ـ الإيرانية (1980 ـ 1988)، والتي استخدم أثناءها صدام حسين بصورة واسعة وفاعلة أسلحة كيميائية وصواريخ (ولو أنها تقليدية) ضد الإيرانيين. وثبت أن استخدام مثل هذه الصواريخ هو البطاقة الرابحة، حيث أدت إلى وقف تقدم القوات الإيرانية إلى مشارف بغداد، كما أجبرت طهران على الموافقة على وقف إطلاق النار الذي كان في صالح العراق. ويجب افتراض أن السوريين قد لاحظوا أن استخدام صدام لصواريخ أرض ـ أرض ضد الأهداف المدنية الإيرانية لم يثر أي رد فعل يُذكر، وبخاصة على صعيد المجتمع الدولي.
أما الحدث الثاني فقد كان حرب الخليج في عام 1991 التي أطلق العراقيون خلالها صواريخ اسكود على إسرائيل، وقد اتسم استخدام هذه الصواريخ بالفاعلية، إذ أدى إلى حدوث شلل في الحياة داخل إسرائيل لوقت طويل، كما أتاح للعراق أن يظهر نفسه بصورة بطولية أمام العالم العربي. وقد تأثر السوريون أيضاً بالطريقة التي شنت بها الولايات المتحدة حربها ضد العراق. فقد بدأ الأمريكيون الحرب بضربات جوية ضد البنية التحتية العسكرية والاقتصادية العراقية بصورة أدت إلى تدميرها، مما جعل العراق عاجزاً عن الرد على نحو فاعل. ورأى السوريون كيف نجح الأمريكان، بانقضاضة مهلكة واحدة، في تحطيم البنية الأساسية العراقية بأكملها. ومن الطبيعي أن تشعر سوريا باحتمال أن يتكرر هذا السيناريو على أراضيها، وبخاصة في حالة حدوث مواجهة سورية ـ إسرائيلية، والتي قد ترغب من خلالها إسرائيل في استخدام قوتها العسكرية وتفوقها التقني، وعلى وجه الخصوص قواتها الجوية المتفوقة، لتحطيم سوريا9.
لذلك فإنه ليس من الغريب أن يخصص السوريون منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي موارد ضخمة لتطوير أسلحة الدمار الشامل وبناء مفهوم أمنهم القومي على أساس تحقيق القدرة على إقامة توازن رعب بين سوريا وإسرائيل. ويمكن افتراض أن القرار السوري بالتحرك في هذا الاتجاه يعود وبصورة كبيرة إلى بقاء إيران ـ وإلى حد كبير كوريا الشمالية ـ كدول صديقة وحيدة مستعدة لتوفير موارد مالية وفتح مخازن أسلحتها لسوريا. ومن خلال عقد التحالفات، قامت سوريا بتبني نمط الأسلوب الإيراني والكوري الشمالي نفسه.
ووفقاً للتفكير السوري، فإن سلاح الدمار المتبادل قد تم تصميمه لردع إسرائيل من الهجوم على البنية التحتية السورية كما فعل الأمريكيون ضد العراق في حرب الخليج في عام 1991. وفي الماضي وأثناء حرب عام 1973 ـ على سبيل المثال ـ تمثل رد الفعل الإسرائيلي لنجاح السوريين في اختراق الدفاعات الإسرائيلية في هضبة الجولان، في القيام بشن ضربات جوية استهدفت مواقع البنية التحتية في أرجاء سوريا كافة. ويعتقد السوريون أن إقامة توازن رعب قد يؤدي إلى ردع إسرائيل عن القيام برد الفعل نفسه، مما يتيح للسوريين الاستغلال الكامل لمزايا التكتيكات العسكرية ـ علي سبيل المثال ـ في حالة اكتساب هذه المزايا في هجوم خاطف 10. وبنهاية تسعينيات القرن الماضي وعندما ازداد ضعف الجيش السوري بسبب انخفاض قدراته التسليحية وتدهور نوعيتها، ظل الميل نحو حيازة الأسلحة غير التقليدية يمثل الوسيلة الرادعة التي تم تصميمها لتتيح لها حرية العمل ضد إسرائيل من خلال استخدام سلاح الإرهاب وبصورة خاصة عبر حزب الله. ومن الواضح أن هذه القدرات ساهمت في الشعور باللامبالاة الذي أظهره الرئيس بشار الأسد عندما طُلب منه في أواخر عام 2000كبح نشاط حزب الله. ووفقاً للتقارير، فقد أجاب بشار بأن سوريا ليست خائفة من إسرائيل التي يمكن لسوريا التعامل معها من خلال الصواريخ التي بحوزتها 11.
وفي مقابلة له مع صحيفة "السفير" اللبنانية في فبراير 2002، قدم بشار تفاصيل موسعة حول ذلك، قائلاً:
"تملك إسرائيل بقيادة ارييل شارون الذي يعاني من جنون الحرب عناصر القوة التي قد تغريها للقيام بمغامرة عسكرية واسعة. إن إسرائيل في واقع الأمر قد تستمتع بميزة في بداية الحرب، ولكنها لن تستطيع الحفاظ على هذه الميزة مع مرور الوقت وحتى انتهاء الحرب أو التحكم في نتائجها أو الانتصار في مثل هذه الحرب. وفي الجانب العربي الذي سنكون نحن في مقدمته سيكون هو الجانب الذي سيحدد كيف ستنتهي الحرب.
إننا ندرك أن إسرائيل تتمتع بالتفوق في العديد من المجالات العسكرية، ولكننا نملك القدرة على المقاومة الصلبة واتخاذ القرار الحاسم، إننا لا نريد أن نمتص الضربات في صمت ومن ثم قبول الشروط الإسرائيلية للسلام".
"أما في ما يتعلق بنا فإن قرارنا واضح، فإننا سنصمد ونرد على العدوان حتى لو قام العدو بتدمير منشآت بنيتنا الأساسية. وعلى الرغم من أننا بلد فقير فإننا نستطيع الصمود في وجه العدو وعلى نحو أفضل مما يتصور، كما نستطيع إعادة بناء ما يستطيع أن يدمره، ولكن يجب أن يعلم أن حجم الضرر الذي يمكننا إلحاقه بالعدو أكبر من الضرر الذي سيلحقه بنا 12 ".
وبالفعل، فقد كان هناك جدل طويل في إسرائيل استمر لسنوات بشأن قضية تصميم سوريا على امتلاك أسلحة غير تقليدية. فهناك في إسرائيل من يعتقد أن مثل هذه الصورايخ والأسلحة قد صُممت بحيث تتيح لدمشق القيام بضربة استباقيه ضد إسرائيل مع احتمال بدء هجوم سوري مفاجئ بهدف تحييد جزء كبير من القدرات العسكرية الإسرائيلية.
ولكن معظم الخبراء يعتقدون أن ذلك هو سلاح الدمار المتبادل الذي سيستخدم في حالة الهجوم على سوريا. وعلى أي حال فإن مجرد توفر مثل هذا السلاح في أيدي نظام مثل نظام البعث السوري وبالتأكيد تحت سيطرة زعيم صغير يفتقر إلى الخبرة مثل بشار الأسد يُعد عاملاً كافياً لإثارة القلق في إسرائيل13.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن نجاح حزب الله في خلق توازن للرعب مع إسرائيل، الأمر الذي أجبرها في النهاية على الانسحاب من جنوب لبنان، يُعد أيضاً عاملاً في تشكيل مفهوم لتوازن الرعب السوري يستند إلى حرب غير تقليدية، ويعني ذلك ـ كما ستتم مناقشته أدناه ـ بصورة أساسية ـ تطوير أسلحة بيولوجية وكيميائية إضافة إلى الصورايخ التي ستحملها 14.
الأسلحة غير التقليدية في سوريا: القدرات الصاروخية
في بداية سبعينيات القرن الماضي وقبل حرب يوم الغفران، تحصل السوريون على صورايخ "فروج ـ Frog" طراز أرض ـ أرض وبمدى يصل إلى سبعين كيلومتراً. وقام السوريون بإطلاق هذه الصورايخ التي صُممت للاستخدام التكتيكي في ميدان المعركة ـ أثناء الحرب ـ على أهداف داخل العمق الإسرائيلي. وفي إحدى المرات أخطأت الهدف (كان مهبطاً إسرائيلياً) وأصابت مستوطنة مدنية في شمال إسرائيل، وقامت إسرائيل بالرد بضربها لأهداف داخل دمشق 15.
وعقب الحرب، قام السوريون بشراء نحو مائتي صاروخ "اسكود ـ بي" وبمدى يبلغ 280كيلومتراً من الاتحاد السوفييتي، وقد وفرت هذه الصواريخ لسوريا ـ وللمرة الأولى ـ القدرة على ضرب الأهداف المدنية في داخل العمق الإسرائيلي. وبعد انتهاء حرب 1982 في لبنان وكجزء من الجهود لتحقيق التكافؤ الاستراتيجي مع إسرائيل، قام السوريون بشراء صواريخ "اس اس "21 أرض ـ أرض، وهي عبارة عن صواريخ تكتيكية متطورة يبلغ مداها ثمانين كيلومتراً تقريباً16.
وقد أنذرت حرب الخليج في عام 1991 بتسارع الجهود السورية للتزود بالصواريخ. وقد ساعدها على ذلك التحسن الاقتصادي الذي تحقق عبر الهبات السخية التي تلقتها من الدول الخليجية العربية التي هدفت إلى شراء المساندة السورية ضد العراق، هذا إلى جانب الاكتشافات والإنتاج الأولي للنفط في سوريا نفسها.
وساهم كلا العاملين في امتلاء الخزينة السورية ـ الفارغة حتى ذلك الحين ـ بمليارات الدولارات.
وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي، اشترت سوريا من كوريا الشمالية صواريخ "اسكود ـ سي" التي يبلغ مداها خمسمائة كيلومتر، إضافة إلى قيامها ـ بمساعدة كوريا الشمالية وإيران ـ بالبدء في تطوير نسخة مطورة من صاروخ اسكود (ويُشار إليها باسكود ـ دي) وبمدى يبلغ حتى 700 كيلومتر.
وكان من المقدر أن تصل تكلفة تطوير هذه الصواريخ إلى حدود مليار دولار تم سدادها من عوائد النفط السوري المتحققة في تسعينيات القرن الماضي وعن طريق المساعدات المالية المقدمة من المملكة العربية السعودية والكويت. وفي إحدى المرات، حاول الأمريكان في مطلع عام 1992ـ وكجزء من جهودهم لإبقاء الشرق الأوسط خالياً من أسلحة الدمار الشامل ـ تم اعتراض سير السفن الكورية الشمالية التي كانت تحمل الصواريخ لسوريا، ولكن السوريين والكوريين الشماليين نجحوا بخداعهم عن طريق ترحيلها بجسر روسي جوي من كوريا الشمالية وإيران مباشرة إلى سوريا. ووفقاً للتقديرات، فإن عدد الصواريخ التي تملكها سوريا من طراز "اسكود ـ سي" و "اسكود ـ دي" يبلغ نحو ستين صاروخاً17.
وتملك سوريا العديد من الألوية المجهزة بصواريخ أرض ـ أرض، وكانت هناك تقارير متزايدة عبر السنوات الماضية بشأن الجهود السورية لإخفاء وتمويه الصواريخ التي تم شراؤها، في داخل شبكة واسعة من الكهوف والأنفاق الأرضية التي تم حفرها في شمال سوريا. وبما أن مدى بعض هذه الصواريخ يصل إلى نحو سبعمائة كيلومتر فليست هناك حاجة إلى نشرها بالقرب من الحدود مع إسرائيل للوصول إلى أهدافها. ومن المعتقد أن الصواريخ من طراز "اسكود ـ سي" و"اسكود ـ دي" يتم إطلاقها من منصات إطلاق متحركة كما كان هو الحال بالنسبة لصواريخ اسكود العراقية خلال حرب الخليج18.
الأسلحة الكيميائية والبيولوجية:
وإلى جانب بناء قدراتهم الصاروخية، استثمر السوريون جهوداً مقدرة في تطوير قدرات للأسلحة الكيميائية. من المسلم به عموماً أن السوريين كانوا يملكون أثناء حرب أكتوبر 1973ترسانة من الأسلحة الكيميائية يُحتمل أن يكون المصريون قد زودوهم بها. ولكن ومنذ ذلك الوقت، بذل السوريون جهوداً كبيرة لتطوير أسلحة كيميائية، وقد وصلت تلك الجهود إلى ذروتها في مطلع تسعينيات القرن الماضي. وقد ركز السوريون أساساً على تطوير غاز الأعصاب (السارين). ثم ركزوا منذ بداية تسعينيات القرن الماضي على إنتاج غاز "ڤـي اكس" الأكثر فتكاً19.
وإلى جانب ذلك، طور السوريون رؤوساً حربية كيميائية يمكن إطلاقها باستخدام صواريخ طويلة المدى. وبما أن السوفييت لم يقوموا بتزويد السوريين بمثل هذه الرؤوس الحربية، لذلك فقد تم تصنيعها محلياً بمساعدة من إيران وكوريا الشمالية. وباستطاعة السوريين أيضاً إطلاق الأسلحة الكيميائية عبر الطائرات، ولكن ولعلمهم بتفوق الطيران الحربي الإسرائيلي فيبدو أنهم قد تخلوا عن فكرة محاولة استخدام الطائرات لهذا الغرض، على الرغم من أنهم من حيث المبدأ ما زالوا يضعونها في اعتبارهم20.
لذلك، ومنذ منتصف تسعينيات القرن الماضي وربما قبل ذلك، فإن السوريين امتلكوا أسلحة كيميائية تفوق تلك التي تتوفر لأي دولة في المنطقة بخلاف إيران. وهناك معلومات ضئيلة جداً عن تطوير الأسلحة البيولوجية في سوريا، ولكن يبدو أن السوريين يبذلون جهوداً كبيرة لتطوير مثل هذه الأسلحة، بما في ذلك الانثراكس Anthrax وبكتيريا الكوليرا Cholera Bacteria. وتجري هذه الجهود بالمركز السوري للدراسات والأبحاث العلمية في دمشق(Syrian Scientific Studies & Research Center/SSCR). ويتولى المركز أيضا مسؤولية تطوير الأسلحة الكيميائية السورية. ويعطي المقال الذي نشره وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس في إبريل 2000 في إحدى الصحف الإيرانية مؤشراً للوعي السوري بفاعلية مثل هذه الأسلحة، ويحمل المقال عنوان"الحرب البيولوجية (الجرثومية): وسيلة جديدة وفاعلة في الحرب الحديثة" Biological ( Germ) Warfare: A New and Effective Method in Modern Warfare"21
حزب الله: الذراع الطويلة لسوريا وإيران
أصبح حزب الله في السنوات الأخيرة جزءاً من التخطيط الاستراتيجي السوري ضد إسرائيل. وعلى الرغم من أنها لا تخضع بالكامل للسيطرة السورية، فإن هذه المنظمة تعمل بصورة لصيقة مع السوريين وبمساعدة الإيرانيين. ووفقاً للتقارير، فإن إيران قامت بتزويد حزب الله بعشرات من الصواريخ من طراز الفجر 5 و6، والتي يبلغ مداها 75 كيلومتراً و 125 كيلومتراً على التوالي، مما يجعلها تصل إلى جميع مناطق شمال إسرائيل وحتى حدرا "Hedera" جنوباً. وفي منتصف عام 2004، أشارت تقارير في إسرائيل إلى أن إيران زودت حزب الله بصواريخ أكثر تطوراً من طراز الفجر التي يبلغ مداها 225 كيلومتراً، ويستطيع بالتالي الوصول إلى ضواحي تل أبيب 22
ووفقاً لتقارير موثوقة أخرى ـ ومن وجهة نظر سورية وليس بالضرورة من وجهة نظر حزب الله ـ فقد قام المخططون العسكريون السوريون بتضمين هذا التنظيم في خطط عملياتهم وكأنه جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة السورية. وإلي جانب الحقيقة التي تقول بتوفر هذه الصواريخ لدى حزب الله، إلا أن هنالك تقارير متزايدة ـ على الرغم من عدم تأكيدها ـ تفيد بأن حزب الله يملك أسلحة كيميائية. ومن الصعوبة افتراض أن الإيرانيين أو حتى السوريين هم الذين زودوا حزب الله بهذا النوع من الأسلحة، ولكن مما لا شك فيه أن أجندة الحزب تشمل شراء أسلحة نووية من شأنها تحسين موقفهم بصورة أكيدة في مواجهة إسرائيل 23.
إن فقدان السوريين لكثير من سيطرتهم ونفوذهم التي كانوا يتمتعون بها على حزب الله، يجعل هذا التهديد خطراً على إسرائيل. ويعكس ذلك نتيجة واضحة لحقيقة ضعف وعدم خبرة بشار الأسد كقائد يجلس على قمة الهرم السياسي في سوريا. ويظهر ضعف موقف بشار في علاقته مع زعيم حزب الله الشيخ حسن نصر الله الذي اعترف بنفسه في وقت ما بأنه لم يجتمع قط وجهاً لوجه مع حافظ الأسد 24.ومن المحتمل أن الأسد الكبير لم يـرَ أي سبب لمثل هذا الاجتماع، لأنه قد يكون اعتبر نصر الله مجرد ألعوبة لا أكثر.
ومن جانب آخر، فقد التقى بشار مراراً بنصر الله كأنه يريد أن ينعم بتوهج انتصارات نصر الله الذي كان سريعاً في إلقاء عباءة رعايته على القائد الشاب في دمشق وكأنه كان يرغب في تعليم الشاب الجديد قواعد وأصول اللعبة. وفي أكثر من مناسبة، قال نصر الله إن حزب الله سيدعم بشار في تأمين موقفه داخل سوريا وحماية المصالح السورية في الخارج وكأن بشار لا يستطيع القيام بذلك بنفسه !! وبدت قيادة بشار عرضة للشك عندما تدهورت الأحوال الأمنية على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية في شهري مارس وإبريل 2002 في ظل خلفية العملية الإسرائيلية داخل الضفة الغربية، والتي عُرفت بـ"الدرع الواقي".
وبمواجهته وضعاً متدهوراً على امتداد الحدود السورية ـ الإسرائيلية بدا بشار مرتبكاً بشأن تفهمه لخطورة الوضع ومسايرة حزب الله، ولم يفعل شيئاً لوقف أو لجعل هذا التنظيم يتبنى سلوكاً أكثر اعتدالاً. واعتُبر هذا التصرف في إسرائيل والغرب نابعاً من عدم الرغبة الأساسية لبشار بالتنازل عما يعتبره بمثابة بطاقة استراتيجية ضد إسرائيل. ويبدو أن الرئيس الشاب يعتقد وبحكم عدم خبرته أن الروح القتالية التي يتميز بها حزب الله ستتيح للعرب إضعاف إسرائيل أو ربما هزيمتها كما حدث في جنوب لبنان. ووفقاً للتقارير الإسرائيلية، فقد قام السوريون بتسليم حزب الله في مطلع عام 2002 صواريخ تكتيكية متطورة لاستخدامها ضد إسرائيل، وبالتالي تشجيع هذا التنظيم على الحفاظ على روحه القتالية ضد إسرائيل. وقد أشارت هذه التقارير إلى أن بشار قد اعترف لشركاء حوار غربيين بأن السوريين قد أدمجوا حزب الله ضم نظامهم الدفاعي للتعويض عن الضعف الاستراتيجي للجيش السوري أمام إسرائيل 25.
السياسة السورية لإخفاء الأسلحة
حرص السوريون على التزام جانب السرية في ما يتعلق بأي شيء يخص الأسلحة غير التقليدية التي في حوزتهم، حيث تفادوا الإدلاء بأي تصريحات غير ضرورية، والتي حسب اعتقادهم قد تلفت الأنظار كما نفوا جميع التقارير المتعلقة بحيازتهم لمثل هذه الأسلحة.
وقد أحجم الأمريكيون والإسرائيليون ـ أثناء مفاوضات السلام السورية ـ الإسرائيلية عن التعرض لموضوع الجهود السورية الرامية إلى الحصول على أسلحة الدمار الشامل على افتراض أن اتفاقية السلام ـ والتي كان من المعتقد أن التوصل إليها مجرد مسألة وقت ـ ستؤدي إلى حل مشكلة ترسانة أسلحة الدمار الشامل السورية.
وقد طرأ تغيير محدود في سوريا بعد وفاة حافظ الأسد وتسلُم ابنه بشار لمقاليد الحكم. وكما هو الحال بالنسبة للمجالات الأخرى لحكمه، تبين أن بشار كان متهوراً مع تميزه بنـزعة لارتكاب الأخطاء في ما يتعلق بقدرات أسلحة الدمار السورية. فعلى سبيل المثال، فإن سياسة سوريا تجاه قضية الحرب في العراق أثارت الدهشة بشأن قدراته على اتخاذ القرارات المدروسة في حالات الأزمات. وفي حقيقة الأمر، فقد أجمع المحللون على أن حافظ الأسد كان قائداً متبصراً في عواقب الأمور، وكان يبتعد دائماً عن أي فعل يتسم بالمغامرة، بينما يفتقر بشار إلى هذه المميزات. ثانياً، فقد تم التعبير عن هذا الأمر في سلسلة من التصريحات التي أدلى بها بشار، والتي هدد فيها بأن سوريا في حالة تعرضها للهجوم من قبل إسرائيل فسوف تستغل قدراتها إلى الحد الذي يمكنها من إحداث أضرار بليغة بإسرائيل26.
ولسنوات طويلة، لم يثر برنامج أسلحة الدمار السورية إلا قليلاً من انتباه العالم، ولكن التغيير في السياسة الأمريكية منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 ـ بل وبصورة أكثر قوة ـ منذ الحرب في العراق عام 2003 يعني أن سوريا قد لا تستطيع بعد الآن الاستمرار في هذه السياسة. وفي واقع الأمر، يبدو أن السياسة الأمريكية تجاه سوريا لن يتم تحديدها بعد الآن من خلال الصراع الإسرائيلي ـ السوري كما كان يحدث في الماضي، بل من خلال الإيمان بأن مصالح الأمن القومي الأمريكي تستلزم اتخاذ إجراءات ضد أي نظام متورط في دعم الإرهاب وتطوير الأسلحة غير التقليدية. ومن وجهة النظر الأمريكية، فإن سوريا تقع ضمن هذه الفئات، الأمر الذي يؤكد استمرار الضغوط الأمريكية القوية على سوريا.
إن الضغوط الواقعة على سوريا ازدادت بصورة ملحوظة بعد القرار المثير الذي اتخذه معمر القذافي بالتخلي عن خططه الرامية إلى تطوير أسلحة الدمار الشامل في ليبيا. وإلى جانب ذلك وللمرة الأولى، بدأ الاتحاد الأوروبي في الضغط على سوريا لتغيير سياستها بهذا الشأن والتخلي عن خططها المتعلقة بتطوير أسلحة الدمار الشامل. وعقب احتلال العراق، واجه السوريون المطالب الأوروبية الجديدة والمتمثلة في اتفاقية التعاون التي كانوا يتطلعون إلى توقيعها مع الاتحاد الأوروبي، والتي تتضمن بنداً يدعو إلى تجريد جميع الدول، بما في ذلك سوريا من أسلحة الدمار الشامل، ولكن سوريا رفضت هذا المطلب27.
إن كيفية تصرف الولايات المتحدة تجاه سوريا تعتمد على العديد من العوامل التي تشمل من هو الشخص الذي سيتم انتخابه كرئيس للولايات المتحدة في نوفمبر 2004، وستعتمد أيضاً على الوضع في العراق وعلى تفسير تجربة العراق كموجة لاستراتيجية مستقبلية. لذلك فإن السياسة السورية التي تهدف إلى الحفاظ على قوة سوريا من خلال تزويد الجيش بأسلحة دمار شامل متطورة قد أصبحت بنفسها مهدداً للأمن السوري. وباتخاذه لخطوات ـ ما كان والده ليغامر بها ـ نجد أن سلوك بشار، والذي يبدو في بعض الأوقات كأنه يسعى إلى مواجهة الولايات المتحدة ـ يزيد من الاحتمالات التي تؤكد أن تشدده في موضوع حيازة أسلحة الدمار الشامل قد يصبح مشكلة رئيسية للنظام.
إن وجود مثل هذا القائد الشاب قليل التجربة، والذي يبدو أنه يفتقر إلى درجة الشرعية والتأييد الشعبي والاحترام التي كان يحظى بها والده الراحل قد يكون غير منطقي في بلد يرغب في الاستفادة من الاستقرار السياسي والتقاليد الديمقراطية العريقة. ولكن سوريا دولة تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية خطيرة تتطلب حلولاً فورية وتامة. بل إن الأكثر أهمية من ذلك هو أن سوريا تلعب دوراً إقليمياً هاماً، بل حتى أنها قد تقرر مصير الإقليم ـ للأفضل أو للأسوأ ـ في اتجاه السلام أو الحرب. كما أن الفراغ في أعلى قمة الهرم الحاكم في سوريا يؤدي إلى حدوث مشاكل، ليس فقط بالنسبة لسوريا، بل للإقليم بأسره
 
التعديل الأخير:
معلش يا عزيزي بس لا تنسى انه كله بفضل ايران ولولا ذلك كان الوضع مختلف تماما
 
اخي سوريا واسلحة الدمار الشامل كانو اصدقاء مند الستينيات والصداقة السوريا الايرانيا حديثا ثم لمادا لا يجب التعاون مع ايران وخبرتها الصاروخية المخوفة نص العالم
 
عقبال للصواريخ مثل التوبول والشيطان الروسي
المهم انها حققت تقدما
والاستعانة بخبرة الجمهورية الاسلامية الايرانية في دالك
الله اكبر مزيدا من التقدم
 
بالنسبة لي يفرحني أن تكون سوريا وغيرها من الدول العربية تخطي قدما بتطوير أوضاعها العسكرية
ولكن الواقع مختلف تماما.
 
اي حقيقة يا اخي هل السوريون لديهم مجاعة ويموتون الدنيا بخير وبعدين اخي الجيش السوري له ميزانية خاصة غير ميزانية الدولة من عائدات النفط واشياء اخرا اخي الم تقرا التقرير عن منضمة حضر الاسلحة الكيميائية اقراه وبعدين جاوب
سوريا هي الدولة الكثر تطورا في مجال الاسلحة الكيماوية في الشرق الاوسط والوطن العربي وتمتلك اكبر ترسانة من الاسلحة الكيميائية وبعدين اخي يبدو انك عضو جديد لا تفقه شيء ومعلوماتك العسكرية صفر بالالف
وهدا تقرير عن منضمة بريطانية
لم اضعه لانه يوجد فية كلام غير لائق عن سوريا ولسا كلام كثير

وهدا تقرير من اداعة هولندا
العربية > الشرق الأوسط
العرب واسرائيل لا يتخلون عن الاسلحة الكيماويةمحرر شؤون الدفاع هانس فراي
07-04-2008
يمكن بل ويجب الإسراع بتدمير الأسلحة الكيماوية على النطاق العالمي. هذا ما قاله وزير الشؤون الخارجية الهولندي ماكسيم فرهاخن، عشية ندوة حول الأسلحة الكيماوية التي تبدأ اليوم. تلتقي كل الدول البالغة عددها 183، تلك التي تعاهدت على نزع للأسلحة الكيماوية على نطاق العالم، مرة كل خمس سنوات في لاهاي. تعتبر هذه المعاهدة فريدة لأنها لا تمنع أسلحة الدمار الشامل فقط ولكن تهدف أيضا إلى تفتيش مكثف لتفادي صناعة الأسلحة الكيماوية خفية من طرف بعض الدول.

دخلت اتفاقية نزع الأسلحة الكيماوية حيز التنفيذ في العام 1997، وهي تنص على منع إنتاج وحيازة الأسلحة الكيماوية، ولابد أن تفرغ كل المستودعات الموجودة إلى أجل أقصاه 2012. وبالتالي تلزم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية - وهي منظمة أممية تشرف على تطبيق الاتفاقية-البلدان المتعاهدة أن تسمح بتفتيش صناعاتها الكيماوية.
الشرق الأوسط
وبالطبع، فمن أولويات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، انضمام كل الدول للمجموعة الموقعة على نزع الأسلحة الكيماوية. وتتوجه العيون هنا خصوصا إلى منطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر ثقبا أسود على خارطة نزع السلاح الكيماوي العالمية. أثناء المفاوضات في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، صرحت معظم الدول العربية أنها لا ترى دافعا على الإطلاق لنزع الأسلحة الكيماوية ما دامت إسرائيل ترفض نزع أسلحتها النووية.
منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في العام 1997:
- توقفت كل مصانع الأسلحة الكيماوية الخمسة والستين بالدول المتعاهدة عن العمل.
- دمرت أكثر من 37% من مستودعات الأسلحة الكيماوية على نطاق العالم تحت الإشراف.
- نزعت حوالى 8،6 مليون قطعة من الذخائر الكيماوية، وتم تدمير ثلثها.
- حصل ما يزيد عن 3 آلاف عملية تفتيش في 80 دولة، في كل من المنشآت العسكرية والمدني

توازن
يُنظر إلى الأسلحة الكيماوية على أنها الوسيلة الوحيدة للحفاظ على نوع من التوازن الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط. وقعت إسرائيل على اتفاقية نزع الأسلحة الكيماوية ولكنها لم تصادق عليها ولذلك فهي ليست مجبرة بالالتزام بتحديدات الاتفاقية.
من الممكن أن يشهد هذا الطريق المسدود تحركا ما، الآن ومن المتوقع أن تنضم العراق ولبنان إلى الدول الموقعة على الاتفاقية أثناء اجتماع لاهاي. إلا أن الخطوات المهمة حقا، مثل انضمام دول كسوريا ومصر، مصادقة إسرائيل على المعاهدة، أمور لا تُتوقع أن تحدث قريبا. هذا ما يؤكده أيضا روخيليو بفيرتر، المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، "الوضع في الدول الأخرى بمنطقة الشرق الأوسط، وتحديدا مصر، إسرائيل وسوريا يختلف. ليس لدينا في هذه الآونة أية إشارة على أن هذه الدول قد تتوصل إلى اتفاق".
صعب وغال
واحدة من الأسئلة الملحة التي ستطرح في لاهاي أيضا هي ما إذا كانت مستودعات الأسلحة الكيماوية ستدمر حقا في أجل أقصاه 2012، فقد تبين أن نزع الأسلحة الكيماوية أصعب واكثر كلفة من تصنيعها. بالخصوص الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا اللتان كانتا على الإطلاق أكبر الدول المالكة للأسلحة الكيماوية، تواجَهان الآن بتكاليف باهظة وجوانب أمنية معقدة. البلد الوحيد الذي نجح لحد الآن في تدمير كل أسلحته الكيماوية هو البلد الصغير ألبانيا. وأما عبر العالم، فلم تنزع إلا 40% من مخزونات الأسلحة الكيماوية الذي يحتوي على 70 مليون كيلو من الغازات الحربية، وذلك في ستة بلدان.

وهدا موضوع عن الاسلحة الكيماوية

وهدا تقرير عن الاسلحة وله رابط للتاكد
أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط
ديناميكيات الإنتشار والعواقب الإستراتيجية
دراسة أعدتها مؤسسة (راند) تتألف من مجموعة تقارير كتبها مختصون تتناول التوجهات الأمنية الآخذة في البروز والتي سوف تشكل منطقة الخليج العربي على مدى السنين القادمة .
وتبحث في المواضيع التي ستؤثر في الأمن الإقليمي ، وهذا يشمل التوقعات المستقبلية في مجالات الإصلاح الاقتصادي والسياسي ، العلاقات المدنية - السياسية ، تبدل الأنظمة ، امن الطاقة ، انتشار تقنيات المعلومات الجديدة ، انتشار أسلحة الدمار الشامل .كما تستعرض الدراسة التحديات المحتملة لمصالح الولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي خلال العقد القادم مع التركيز بشكل أساسي على القوة العسكرية التقليدية لدى كل من إيران والعراق ، إمكانيات الدمار مستقبلا ، نقاط الضعف الاجتماعي والاقتصادي في بلدان المنطقة .
كان موضوع انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل حملها إلى أهدافها لأبعد مدى يمثل جانباً مهماً من التباحث حول مسألة الأمن في منطقة الشرق الأوسط منذ سني السبعينيات ، على أقل تقدير . بعد ذلك جاءت حرب الخليج في عام 1991 لتضع هذه المخاوف في الصدارة ، وخصوصاً بين المراقبين الغربيين ، ثم عاد فعزز منها بقوة ذلك المناخ الذي أعقب أحداث 11 أيلول وما تلاه من حديث عن " محور الشر " ، ومن بعده الحرب التي شنت على العراق في عام 2003 ، على اعتبارها مسألة متعلقة بإستراتيجية الأمن القومي والأوضاع القائمة في المنطقة . بل أن الترابط المنظور ، في الواقع ، بين أسلحة الدمار الشامل والإرهاب وإمكانيات التحرك والوصول بين مختلف أنحاء العالم يجعل التطورات الحادثة في الشرق الأوسط من شؤون الداخل الأميركي فضلاً عن كونها من شؤون الأمن الإقليمي . ما الذي يجعل أسلحة الدمار الشامل تحتل كل هذه المكانة البارزة في حسابات الشرق الأوسط المعاصرة ؟ على مدى عقود الحرب الباردة كانت الاستراتيجيات تتقبل في حساباتها مجازفة أن تكون المعركة النووية الفاصلة هي " العامل الفاعل الدائم " ، وكانت مناقشات الأمن الإقليمي تقر باحتمالات التصعيد وإمكانيات استخدام السلاح النووي أو الكيماوي مستقبلاً . فالأسلحة النووية والصواريخ البعيدة المدى كانت جزءاً من المعادلة الإقليمية منذ أزمة السويس في عام 1956 ، على أقل تقدير ، عندما هددت روسيا ( ولو أنها لم تكن صادقة تماماً في ذلك التهديد ) بتوجيه ضربات نووية ضد بريطانيا وفرنسا رداً على تدخلهما في مصر . وفي عام 1967 ، ومرة أخرى في عام 1973 ، لاح في الأفق طيف المجابهة النووية بين القوى العظمى في إطار الصراع العربي - الإسرائيلي . كذلك ظل الرادع النووي الإسرائيلي عاملاً من عوامل الأمن الإقليمي لعقود من الزمن ، ولم تتردد إسرائيل في سبيل الإبقاء على احتكارها للقدرة النووية في المنطقة عن تدمير المفاعل النووي العراقي في عام 1981 . ثم جاءت نهاية الحرب الباردة لتكسر تلك الصلة المسلم بها بين النزاعات الإقليمية وتوقعات التصعيد ثم انجرار القوى العظمى واحتمالات استخدام أسلحة الدمار الشامل . وقد وفر عهد ما بعد الحرب الباردة لجميع اللاعبين ، الإقليميين منهم والخارجيين ، حرية فعل أوسع ، حيث خفض من جسامة المخاطر المصاحبة للتدخل ، ولكنه أزال في نفس الوقت كثيراً من القيود القديمة التي كانت مفروضة على السلوك ضمن المنطقة . ففي عالم يستطيع اللاعبون الخارجيون فيه أن يأملوا في النأي بأنفسهم عن العواقب المترتبة على الخلافات الشرق أوسطية ، يصبح مجهزو التكنولوجيا العسكرية ، بما فيها المعدات والتقنيات ذات الصلة بأسلحة الدمار الشامل ، أقل حذراً إزاء تناقل مثل هذه المواد . فالاتحاد السوفيتي كان راعياً رئيسياً ومجهزاً للمعدات العسكرية التقليدية الثقيلة خلال فترة الحرب الباردة ، ولكنه رغم هذا كان يحجم عن إرسال التكنولوجيا التي يتوقع منها أن تؤدي إلى التصعيد لئلا تعقد عليه تخطيطاته الأمنية . ولكن الحوافز الاقتصادية والسياسية لدى الروس ، أو غيرهم من اللاعبين الخارجيين ، لإرسال معدات ذات علاقة بأسلحة الدمار الشامل إلى منطقة الشرق الأوسط قد ترجح كفتها عندهم الآن على كفة المحاذير المتوقعة . واليوم تساهم عوامل أخرى عديدة في إبراز أهمية أسلحة الدمار الشامل والصواريخ البعيدة المدى في الأمن الشرق أوسطي . أولاً ، أن الشرق الأوسط هو المنطقة التي استخدمت فيها الأسلحة غير التقليدية والصواريخ البعيدة المدى في الصراعات الحديثة ، ولو أن ذلك الاستخدام كان على نحو تكتيكي محدود . فقد استخدمت مصر الأسلحة الكيماوية في اليمن في الستينيات ، ويزعم أن ليبيا أيضاً استخدمتها في تشاد . كذلك تفيد تقارير بأنها استخدمت في أفغانستان ، ثم استخدمت مؤخراً في السودان . والعراق استخدمها ضد الأكراد ، واستخدمها الطرفان المتحاربان على نطاق واسع في الحرب العراقية - الإيرانية . أما الصواريخ فقد استخدمت في الحرب العربية - الإسرائيلية في عام 1973 ( كصواريخ سكود المصرية وصواريخ فروغ - 7 السورية ) ، واستخدمت في " حرب المدن " بين إيران والعراق ، وفي الحرب الأهلية في اليمن ، وخلال حرب الخليج في 1991 . كذلك أطلقتها ليبيا على الأراضي الإيطالية ، ولو أنها لم تحدث تأثيراً . ويبقى التهديد باستخدام هذه المنظومات معلماً مألوفاً من معالم أية مجابهة تتفجر في المنطقة ، أو على أطرافها . ثانياً ، أن الشرق الأوسط منطقة متقدمة من مناطق انتشار هذه الأسلحة ، حتى لو لم يجر استخدامها بالفعل . فمعظم مصدري أسلحة الدمار الشامل الرئيسيين في العالم ينتظمون على مسار قوس يمتد من شمال أفريقيا إلى باكستان ( ومن الممكن أيضاً أن تؤثر اختبارات الأسلحة النووية والصواريخ الجارية في جنوب آسيا على معايير الانتشار في منطقة الشرق الأوسط ) . فوجود الصراعات النشطة والنقاط الساخنة في عموم المنطقة يعني أن امتلاك أسلحة الدمار الشامل لا يمثل مجرد مسألة هيبة وطنية وثقل استراتيجي ، بل أنه عامل حقيقي تماماً له حضوره في الموازنات العسكرية وفي أي حرب تخاض . ثالثاً ، يأتي بروز أهمية أسلحة الدمار الشامل في البيئة الأمنية لمنطقة الشرق الأوسط محاطاً بشكوك كبيرة حول دوافع اللاعبين الإقليميين وثقافتهم الإستراتيجية . إذ يغلب الاعتقاد بأن أساليب التفكير في أسلحة الدمار الشامل ، وخصوصاً الأسلحة النووية والصواريخ ، التي كانت قد تطورت خلال فترة الحرب الباردة بعيدة الصلة بأوضاع وخلفيات منطقة الشرق الأوسط . ولا يزال من غير الواضح بعد إن كان ناشروا الأسلحة " الخارجون عن القانون " سيتصرفون بتعقل أو إن كان في الإمكان ردعهم عند اللزوم بالمنطق التقليدي . وفي إطار هذا الموضوع وسواه يثير توقع حدوث صراعات في الشرق الأوسط ، قد تتضمن استخدام أسلحة الدمار الشامل ، شتى أنواع القضايا التي لا تبعث على الارتياح لدى لإستراتيجيين الغربيين ، وحتى لدى اللاعبين الإقليميين أنفسهم فيما يفترض . والمجابهة الفلسطينية - الإسرائيلية الدائرة ، بما تحمل من مخاطر التصعيد الإقليمي ، تكسب هذه القضايا ثقلاً وفورية أعظم . رابعاً ، تثير وتائر وخصائص انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط اهتماماً بالغاً للغاية لدى اللاعبين من خارج المنطقة .
فروسيا والصين وكوريا الشمالية ، وآخرون ، هم المجهزون الرئيسيون للأسلحة والمواد والمعرفة التقنية لتطوير القدرات المحلية . في حين أن متابعة تحقيق السلام في الشرق الأوسط والسعي وراء أيجاد سبيل إلى إمدادات الطاقة في المنطقة هما المسألتان اللتان تحظيان بأهمية استثنائية من بين كل الشؤون العالمية الأخرى ، وسوف ترغمان أميركا والغرب على مواصلة الاهتمام بهما . ولهذه الأسباب وسواها تتطلب المنطقة تواجداً وتدخلاً عسكرياً غربياً . فانتشار الأسلحة قد يتداخل تأثيره مع عملية سلام الشرق الأوسط ومع الاستقرار في الخليج ومنطقة البحر الأبيض المتوسط . ومن الممكن أن يغير ظهور قوى نووية جديدة محتملة في المنطقة مستقبلاً ، وما يصاحب ذلك من نشر صواريخ ذات مديات أبعد ، حسابات التدخل والاشتباك الغربية في الشرق الأوسط على نحو عميق ومعقد . كذلك قد يغير من تلك الحسابات التحول إلى " عالم من الدفاعات " ، من الناحيتين العملياتية والإستراتيجية . وكما أظهرت الحرب على العراق في عام 2003 ، فإن مسألة امتلاك أسلحة الدمار الشامل واحتمالات استخدامها في المستقبل قد تصلح مبرراً لشن الحرب بحد ذاتها . أخيراً ، فإن ما تبديه أميركا من قلق متزايد بشأن قدرات التسلح بأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط إنما يعكس قلقاً أشد منه عمقاً يتعلق بأمن الولايات المتحدة داخل أراضيها نفسها ، وخصوصاً بعد أحداث 11 أيلول . كما أن بروز ظاهرة الإرهاب العالمي وما بدا من صلاتها بالشرق الأوسط تثير ، عند أخذها مصحوبة بمستوى الفتك المتنامي الذي أسفـر عنه " الإرهاب الجديد " ، محاذير استخدام الإرهابيين لأسلحة الدمار الشامل داخل الأراضي الأميركية . فالسهولة التي يمكن أن يتحرك بها الناس والمواد والتقنيات تعني أن انتشار الأسلحة في الشرق الأوسط لن يكون ظاهرة تأخذ مجراها بمنأى عن الولايات المتحدة وحلفاءها . وسواء تم نقل هذه الأسلحة بواسطة الصواريخ البعيدة المدى أو بأيدي العملاء ، فإن الأسلحة عالية التدمير هي الأمثلة الأشد دراماتيكية ووضوحاً عما تتسم به البيئة الأمنية الجديدة من خصائص القدرة على الانتقال عبر المناطق . كما أن اتساع المديات التي صار بوسع هذه الأسلحة أن تصلها بات يتحدى المفاهيم التقليدية بشأن الأمن الإقليمي . فآسيا والشرق الأوسط وأوروبا وأوراسيا ونصف الكرة الغربي برمته أشد اعتماداً على بعضها البعض أمنياً اليوم من أي وقت مضى . إن انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط له تأثير على الأمن في سائر أنحاء الكرة الأرضية ، وبالمقابل فإن من الممكن لتطورات تحدث في أماكن أخرى بعيدة أن تؤثر في أنماط انتشار أسلحة الدمار داخل المنطقة . وعند أخذ هذه العوامل مجتمعة يتضح مدى تزايد أهمية أسلحة الدمار الشامل في أمن منطقة الشرق الأوسط . وهي تثبت ما للمسألة من صلة متنامية القوة بالتطورات الجارية خارج المنطقة وداخلها . وهذا الفصل يقوم باستعراض العديد من تقييمات أوردتها المصادر الممتازة المتاحة لبرامج أسلحة الدمار الشامل وتوجهات الانتشار. وهو يركز على تحليل تطورات الانتشار وما تعنيه بالنسبة لأمن المنطقة وإستراتيجيتها ، ومن ثم يقوم بتقييم التوجهات الحالية وأثرها على الجدل الدائر بشأن الانتشار ، كذلك يتفحص الفصل الديناميكيات الداخلية لانتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط ، ثم يتصدى بعدها للديناميكيات الإقليمية ذات الصلة بأسلحة الدمار الشامل في المغرب والمشرق والخليج ، ويناقش التطورات والأدوار التي يقوم بها اللاعبون من خارج المنطقة . وفي النهاية يقدم الفصل للولايات المتحدة وحلفائها استنتاجاته ، والانعكاسات السياسيـة المحتملة . يتكرر استخدام عبارة " أسلحة الدمار الشامل " في الحوارات الإستراتيجية للإشارة غالباً إلى الاستعمالات التكتيكية المحدودة التي قد لا تتضمن دماراً واسعاً أو إلحاق إصابات بشرية شاملة . وعلى نحو ذلك ، فإن المناسبات العديدة التي استخدمت فيها الصواريخ البعيدة المدى في الشرق الأوسط كانت مقتصرة على استخدام رؤوس حربية تقليدية . ولو توخينا المبدأ ، لاقتضت الدقة منا أن نميز ما بين الاستخدام التكتيكي للأسلحة الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية ، والتوظيف الفعلي لهذه الأسلحة كوسائل دمار شامل ضد أهداف عسكرية ومدنية . ولكن لغايات هذه الدراسة التحليلية ، تم أخذ موضوع نشر هذه الأسلحة غير التقليدية إجمالاً ، مع تركيز الاهتمام في نهاية الأمر على ما تحمله من تهديد بإلحاق دمار جسيم وخسائر بشرية واسعة النطاق . كذلك تبرز الصواريخ بعيدة المدى كعلامة شاخصة في المناقشة ، مع التركيز على دورها كأنظمة حمل محتملة لأسلحة الدمار الشامل . أما أنظمة الحمل الأخرى ، كالمدفعية ، وصواريخ كروز ، والأساليب السرية الخفية ، فلم تجرِ مناقشتها على نحو نظامي هنا بالرغم من أهميتها المستقبلية .
تقييم التوجهات الحالية تفترض التقييمات الغربية لتوجهات نشر الأسلحة في الشرق الأوسط ، في أغلب الأحيان ، وجود سرعة في وتائر الحيازة والنشر ليس لها ما يبررها على ضوء التجربة الحديثة . فعلى مدى عقود من الزمن ، دأب المحللون على التنبؤ بقرب ظهور قوة نووية جديدة في المنطقة : " في ظرف عقد من الزمن " . وكانت مطامح إيران النووية موضوع دراسة وتأمل حتى من قبل حدوث الثورة الإيرانية . كذلك بقي نشر الصواريخ بعيدة المدى ، القادرة على تجاوز حدود المنطقة ( 1000 كم فما فوق ) ، متأخراً نوعاً ما عن أشد التنبؤات تطيراً . وحتى بلدان مثل الجزائر ، التي كانت لعقد مضى مثار قلق الغرب في إطار انتشار الأسلحة ، لم تطور برامج ذات بال . ولكن على العكس من ذلك كانت قدرة العراق ، التي ظلت مصممة رغم كل ما أصابها على تطوير أسلحة الدمار الشامل حتى تحت ظروف المراقبة المشددة والحصار ، ستثير دهشة المحللين في مطلع التسعينات . كما أن ما تكشف من تطوير العراق لأسلحة إشعاعية في أواخر الثمانينيات يبرز أهمية الانتشار المستقبلي المحتمل ، حتى لما هو أدنى من القدرات النووية الفعلية . وفي الواقع ، كانت محاولة التوصل إلى رأي قاطع حول السرعة التي تمضي بها عقارب الساعة صوب ظهور قدرة نووية في العراق هي النقطة المركزية في الجدل والتجاذب الدوليين الذين كانا يدوران بشأ، ضرورة التدخل وتغيير النظام قبل حرب عام 2003 . كذلك فأن مشاريع إيران النووية والصاروخية آخذة في النشوء والتطور على نحو مستقر وثابت ، ولكن حتى هنا تتفاوت وجهات النظر كثيراً عند محاولة تقدير الموعد الذي ستتمكن إيران فيه من إنتاج أسلحة نووية ، أو الدفع إلى الميدان بصواريخ عابرة للقارات . ومما لا ريب فيه أن هذه الأسئلة سوف تؤدي إلى اجتذاب أساليب مراقبة أشد دقة وتمحيصاً في أعقاب الحرب على العراق في 2003 واستمرار الشكوك المتعلقة بمدى حجم ما كان يمتلكه العراق من أسلحة الدمار الشامل . لقد توسعت قدرات أسلحة الدمار الشامل في المنطقة ، وأثبتت شدة عنادها في وجه أنظمة حظر الانتشار المفروضة عليها .
وقد تكون وتيرة الخطى أبطأ مما كانت تقدره التوقعات ، خصوصاً في حالة الأسلحة النووية ، ولكن التوجهات رغم ذلك منذرة بالسوء .
وقدرات أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها عدد من دول المنطقة تعد كبيرة جداً ، حتى لو لم يكن هناك مزيد من التطوير والنشر . كذلك فأن حجم الموارد التي ترصد لمشاريع أسلحة الدمار الشامل يشير إلى الأهمية التي تمثلها هذه الأسلحة لدى العديد من دول المنطقة . لذلك فأن الأمر يستحق إجراء مسح ، ولو موجز ، لأوضاع قدرات التسلح بأسلحة الدمار الشامل في بلدان معينة والعمل على توفير " لمحة سريعة " على التقديرات الحاضرة التي تلفت الإنتباه إلى مشاريع تسترعي الاهتمام بشكل خاص . ( ولكن في ضوء احتلال العراق سوف لن تشمل المناقشة مشاريع ذلك البلد وتطلعاته المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل في المسح التالي لدول الشرق الأوسط التي تمتلك قدرات من هذا النوع ) .الجزائـر قبل اندلاع أعمال العنف في عام 1991 كان المحللون الغربيون يركزون اهتمامهم على المشروع النووي الوليد في الجزائر ، وعلى مفاعلات الاختبار ومفاعل الطاقة الضخم (في عين عسيرة ) الذي تم تطويره بمساعدة صينية . كذلك كانت التقارير تفيد بأن الجزائر تتسلم مواد نووية من العراق خلال أزمة الخليج 1990 - 1991 . وقد أثارت سعة المشروع الجزائري والظروف المحيطة به شكوكاً حول التطلعات النووية الجزائرية . كما أن المسؤولين الجزائريين من جانبهم كانوا يكثرون من التصريحات حول القيمة الجيوستراتيجية للقدرة النووية ، حتى لو اقتصر الأمر على مجرد إنشاء مشروع مدني لإنتاج الطاقة . وللجزائر أيضاً قدرات كبيرة جداً على إجراء البحوث في مجال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية ، ولكن لا تتوفر أدلة كافية على أن هذه الأسلحة تمثل أسبقية بالنسبة للنظام . وتفيد التقارير بأن الجزائر استطلعت إمكانية شراء صواريخ بالسنية بعيدة المدى من الصين وكوريا الشمالية ، كما أن من المعروف عنها أنها تنشر صواريخ سكود - بي ( مداها 300 كيلومتراً ) الروسية الصنع .وإذ يتراجع العنف في الجزائر ، يتجه هذا البلد إلى استطلاع مجالات في السياسة الخارجية أكثر نشاطاً ، بما في ذلك مقدمات للتقارب مع المؤسسات الأمنية الغربية (والجزائر الآن عضو في المحادثات الثنائية لحلف شمال الأطلسي المتعلقة بالبحر الأبيض المتوسط ) .
وبتحسن العلاقات مع المغرب ، المنافس الجيوسياسي الرئيسي ، ومع التخفيض الكبير في الاستثمارات المرصودة للتكنولوجيا النووية ، تتراجع بشدة توقعات متابعة الجزائر مشروعها الطموح لإنتاج أسلحة الدمار الشامل.
ليبيـا
كانت ليبيا نقطة متقدمة بإطار تركز المخاوف من انتشار الأسلحة ، وهناك تشديد خاص على قدراتها في مجالي الأسلحة الكيماوية والصواريخ . فليبيا لها محاولات قديمة للحصول على السلاح النووي أو تطويره ، ولكنها على ما يبدو لم تحرز تقدماً يذكر . إلا أن اهتمام النظام بشراء سلاح جاهز ، ناهيك عن سعيه الحثيث لتطوير قدرة التصنيع ذاتياً ، يعني أن التساؤل المتعلق بتحديد نقطة الشروع الليبية يبقى قائماً ، وتبقى إمكانية الحيازة السرية " المفاجئة " لسلاح نووي ماثلة . كذلك فأن تعليق الحظر ، الذي كانت تفرضه الأمم المتحدة ، في أعقاب محاكمات لوكربي قد يسهل أمام ليبيا ولوج منافذ الحصول على تقنيات مزدوجة الاستخدام في الحقول التي قد تسعى من خلالها إلى إدامة محاولات التطوير الذاتي ، بما في ذلك المشاريع البيولوجية والكيماوية . وفي الوقت الحاضر يعتقد أن لليبيا مشروع بحوث متواضع في مجال الأسلحة البيولوجية ، ومشروعاً آخر أوسع منه لإنتاج الأسلحة الكيماوية قام فعلاً بإنتاج كميات من عوامل الأعصاب والعوامل الملهبة للأنسجة الحية . ولكن يعتقد أن مصنعي الربطة والترهونة - اللذان كانا موضع مراقبة مكثفة من قبل الأميركيين ومدعاة لإطلاق التهديدات والتدخل في أواسط التسعينيات - متوقفان عن ممارسة أي نشاط في الوقـت الحاضر . أما مشروع الصورايخ الليبي فإنه ، من الناحية الجدلية ، يعد في مقدمة مصادر القلق من انتشار الأسلحة في شمال أفريقيا بالنسبة للحكومة الأميركية والحكومات الأوروبية ، وهو الأبرز كذلك في إطار عموم المنطقة . حيث تقوم ليبيا بنشر صواريخ قديمة جهزتها بها روسيا من نوع فروغ - 7 وسكود - بي . كما أن ليبيا استطلعت في بداية عام 1990 إمكانية شراء سكود - سي وأنظمة متوسطة المدى قادرة على بلوغ 1000 كم أو أكثر من كوريا الشمالية . وبالإضافة إلى هذا ، توحي زيادة مديات الصواريخ التي اختبرتها كوريا الشمالية في السنوات الأخيرة ، ومن بينها صواريخ نودونغ البالغ مداها 1300 كم ، وتايبودونغ -1 البالغ مداها 2000 كم ، بأن مكونات هذه الأنظمة والمعونة الفنية المتصلة بها باتت مطروحة في السوق الآن ، وسوف تكون ليبيا مشترياً محتملاً لها . وقد سبق لليبيا أن أطلقت صواريخ سكود على قاعدة لوران الأميركية على جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في عام 1986 ، وكررت تهديداتها بضرب أهداف في جنوب أوروبا . ونشر ليبيا لصواريخ ذات مديات عابرة للبحر المتوسط قد يرفع بشكل حاد من الإحساس بالتهديد بين أعضاء حلف شمال الأطلسي ، ومن الممكن أن يكون لذلك دور ولو جزئي في ظهور أساليب أوروبية جديدة في الدفاع ضد الصواريخ . وتواصل ليبيـا التأكيد بأساليب خطابية حماسية قوية على أنها متمسكة بالتزامها بالحصول على أسلحة الدمار الشامل ، كـ " قوة رادعة " ، وأيضاً كثقل إقليمي مضاف ، وفقاً للتصورات المفترضة . وقد أفادت تقارير حديثة بأن ليبيا ساعدت العراق على الالتفاف حول قرارات الأمم المتحدة والعقوبات الدولية المتعلقة بمشاريعه الخاصة بأسلحة الدمار الشامل ، من خلال السماح له بتمرير بعض المواد والتقنيات المتعلقة بالصورايخ إلى طرابلس . وقد تواجه ليبيا في المستقبل رقابة مشددة جديدة ، ومن المحتمل أن يحال بينها وبين طموحها في امتلاك أسلحة الدمار الشامل كواحدة من نتائج الحرب على العراق في عام 2003 .
مصـر
كانت مصر في طليعة المنتقدين لوضع إسرائيل النووي غير المعلن ، وقد جعلت من هذا الموضوع نقطة مركزية لدبلوماسيتها المتعددة الأطراف في الشرق الأوسط ، وفي إطار مراجعة معاهدة خطر انتشار الأسلحة ، في الأمم المتحدة والمحافل الأخرى . وفي ذات الوقت ، فإن لمصر قدرات تسلح قديمة بأسلحة الدمار الشامل ، وغالباً ما كانت مصر توصف بأنها اختارت السعي وراء القدرات الكيماوية - قنبلة الرجل الفقير - كبديل عن المشاريع النووية الأعلى كلفة وأشد صعوبة . وقد كانت مصر تمتلك قدرات لتصنيع الأسلحة الكيماوية منذ عقود ، بل واستخدمتها بالفعل في اليمن في أعوام الستينيات . كما أن مصر تواطئت سراً مع العراق ، حسب ما تقول التقارير ، في تطوير أسلحته الكيماوية قبل حرب الخليج . وينبع اهتمام مصر بالأسلحة الكيماوية جزئياً من أثر العقيدة السوفيتية في التخطيط المصري وكل ما تم تدبيره عبر سني الستينيات حتى حرب عام 1973 .
وتعتبر قدرات مصر في الأسلحة الكيماوية بين الأكثر تقدماً في المنطقة عند أخذها بمقياس الاعتماد على قدرة التصنيع الذاتي ، ربما حتى من دون الاستعانة بمواد كيماوية أولية مستوردة . ومع أن قدرة مصر الكيماوية لا تعد مكافئة لقدرة إسرائيل النووية ، لا كرادع ولا كسلاح معركة ، فإن كلتا الترسانتين كانتا في حالة مجابهة مع بعضهما في محادثات السيطرة على التسلح متعددة الأطراف . ولا يشار إلى مصر عادة كدولة تمتلك مشروعاً جدياً للأسلحة البيولوجية ، ولو أن من الواضح أنها تمتلك قدرة التحرك في هذا الاتجاه بسرعة لو شاءت (وتذكر بعض المصادر وجود محاولات مصرية متواضعة في مجال الحرب البيولوجية ) .
ومصر لها أيضاً قدرات في مجال الصواريخ البعيدة المدى تتمثل في صواريخ سكود - بي (وربما سكود - سي أو أنواع أخرى ) ، التي حصلت عليها من كوريا الشمالية . وحلقة الوصل الكورية الشمالية قد تسهّل في المستقبل شراء منظومات أكثر قدرة . كذلك كانت مصر شريكاً في مشروع ( كوندور ) الأرجنتيني ، الذي أوقف العمل به ، لإنتاج صواريخ متوسطة المدى . ولو تصاعدت التوترات في المنطقة مع إسرائيل فقد يستحث هذا اهتمام مصر في تعميق ترسانتها الكيماوية والصاروخية ، الأمر الذي سيعقّد المساعي الأميركية للإبطاء من هذا التوجه .
إسرائيـل
وبإستثنا باكستان ( التي تعد جدلياً جزءاً من معادلة أسلحة الدمار الشامل الشرق أوسطية ، ولو أنها لن تطرح للنقاش هنا ) فإن إسرائيل تبقى القدرة النووية الوحيدة في المنطقة . وتتفاوت التقديرات بشأن الترسانة النووية الإسرائيلية حتى تبلغ حدود 300 رأس حربي قد يكون من بينها أسلحة نووية حرارية . وهذه ترسانة " مفترضة " مرعبة ، حتى إذا أخذت بعين الاعتبار تفاوتات الحساب الواردة في الوثائق والمصادر المعلنة ، ولها آثار عميقة على الحسابات الإستراتيجية . ولإسرائيل بالإضافة إلى ذلك قدرات كبيرة في التسلح الكيماوي ومشروع بحوث في التسلح البيولوجي ينصب تركيزهما أساساً على الدفاع في وجه الحرب الكيماوية والبيولوجية . وقد جرى تطوير هذه القدرات بعد أن حازت إسرائيل على السلاح النووي ، ومن المحتمل أنها تعكس قلقاً تجاه مصداقية الردع المستند بشكل كامل و ساحق إلى القوة النووية ، وعلى الاهتمام الذي أثبتته التجربة بالأسلحة البيولوجية ، والكيماوية بشكل خاص ، من قبل بعض جيران إسرائيل . ومن المحتمل أنها تعكس أيضاً إحساساً بأن أسلحة إسرائيل النووية قد تعرض للمبادلة في نهاية المطاف بتسوية " لإنهاء الصراع " مع جيرانها العرب وإيران ، وهو سيناريو بعيد الاحتمال ولكنه ليس بالمستحيل .
ولإسرائيل ترسانة صواريخ من بين الأبعد مدى في المنطقة ، ولعلها الأشد فعلاً وتأثيراً ، وتضم منظومات أريحا 1 المطورة محلياً والمختبرة بصورة وافية ( ويبلغ مداها 500 كيلومتراً ) ، وأريحا 2 المتوسطة المدى ( يبلغ مداها 1500 كيلومتراً ) . كذلك فأن القدرة المتقدمة التي يمتلكها البلد على إطلاق صواريخ إلى الفضاء توحي بأن إسرائيل قادرة على النزول إلى الساحة بصواريخ متعددة المراحل أبعد مدى بكثير ولها القدرة على بلوغ باكستان وروسيا . ومثلما هي الحال في مصر ، فإن انعدام الثقة في " إنهاء الصراع " في العلاقات مع العالم العربي تعمق من الرهان الإسرائيلي على الاحتفاظ بقدرات فعالة في مجالي أسلحة الدمار الشامل والصواريخ .
سـوريا
بشكل عام لا تسعى سوريا ، وفقا للتقديرات ، وراء حيازة القدرات النووية ، على الرغم من امتلاكها لمفاعل تجريبي بنته لها الصين . ولايمتلك هذا البلد سوى مشروع بيولوجي بسيط حسبما تفيد التقارير . ولكن التآكل المستمر في قدرات سوريا العسكرية التقليدية على مدى العقد الماضي ، وفق الصيغ النسبية على الأقل ، جعل اهتمام سوريا ، رغم هذا ، يتعزز بأسلحة الدمار الشامل ووسائل حملها إلى أهدافها كترتيب تكتيكي بالدرجة الأساس . وتعد سوريا مثالاً جيداً لنظام اختار أسلحة الدمار الشامل ، كطريق تدخلت في تحديده التكاليف ، للحفاظ على ثقله في وجه الفجوة المتنامية بينه وبين إسرائيل في الجانب التقليدي - أي إستراتيجية غير متناظرة ضمن المنطقة .
وأياً يكن الحال ، فإن لسوريا برنامجاً واسعاً للأسلحة الكيماوية يبقى معتمداً في جوهره على استيراد المواد الأولية . وعلى خلاف مصر وإيران والعراق ، فإن سوريا ليست لها سوابق في استخدام الأسلحة الكيماوية ، ولو أنها جمعت مخزونات كبيرة من عامل الأعصاب المسمى ( سارين ) الذي يمكن إطلاقه بواسطة الطائرات أو الصواريخ . ومن المتوقع أن تكرس سوريا في المستقبل موارد لايستهان بها من أجل تحسين قدراتها ، الكبيرة أصلاً ، في مجال الأسلحة الكيماوية . ولسوريا أيضاً ترسانة تتألف من عدة مئات من الصورايخ المتحركة من نوع سكود - بي وسكود - سي وإس إس 21 ( الروسية الصنع ) . وكوريا الشمالية والصين وإيران وروسيا كلها بلدان تمد سوريا بالصواريخ بعيدة المدى وبتقنيات هذه الصواريخ . كما أن البلد نفسه يملك القدرة على إنتاجها محلياً . وتفيد التقارير أن سوريا تتطلع إلى تطوير صواريخ أحدث قصيرة المدى تعمل بالوقود الصلب ، كما أنها أجرت اختباراً على صاروخ سكود - دي البعيد المدى . وهذه المنظومة في مقدورها أن تصل إلى إسرائيل ومعظم أنحاء العراق والأردن وتركيا . وقد سلطت الحرب مع العراق الأضواء على السلوك السوري من عدة جهات ، ليس أقلها برنامج أسلحة الدمار الشامل . وسوريا ، مثلها مثل ليبيا ، قد تجد الآن صعوبة أشد في متابعة اهتماماتها بأسلحة الدمار الشامل بوجود رقابة مشددة عليها من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي .
إيـران
تحظى إيران باهتمام خاص فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل ، فهذه الدولة تمتلك قدرات يحسب لها حساب في مجال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية ، وترسانة ضخمة من الصواريخ ، بالإضافة إلى برنامج لتطوير الأسلحة وبرنامج آخر نشط للغاية للأسلحة النووية . وقد استخدم هذا البلد أسلحة كيماوية تكتيكية خلال الحرب الإيرانية - العراقية كما أن له مخزونات كبيرة من المواد الكيماوية المعدة للاستخدام كأسلحة . وإيران تمتلك بنية تحتية وطنية تكفي لتطوير أسحله بيولوجية ، ومن المحتمل أن تكون في حوزتها الآن كميات بسيطة من العوامل القابلة للاستعمال . والمعروف عن إيران أنها تسعى للحصول على مواد قابلة للانشطار ، وعلى التكنولوجيا النووية . وهي منهمكة مع روسيا في تعاون نووي واسع يشمل بناء مفاعل للطاقة في بوشهر . وقد بذل هذا البلد مساع كبيرة جداً في السنوات الأخيرة - أمكن إفشال معظمها - للحصول على مواد نووية ومعدات هندسية عالية الدقة لها أهميتها في صناعة الأسلحة النووية . وهنالك شكوك لايستهان بها حول المواد والتقنيات التي قد تكون إيران أفلحت في الحصول عليها سراً ، ويعزز من دواعي القلق هذه ما كشفت عنه الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخراً من أمور تتعلق بالمنشآت النووية الإيرانية التي لم يكن قد كشف النقاب عنها من قبل ، مما جعل الإتحاد الأوروبي وصانعي السياسة في الولايات المتحدة يصعّدان من تركيزهما على محاولة الكشف عن مطامح إيران النووية ومحاولة كبحها . وبوجه عام فأن إيران يمكن النظر إليها كدولة على أعتاب القدرة النووية أو قريبة من ذلك . أما قوة إيران الصاروخية فأنها تضم صواريخ سكود - بي و سي ، وكذلك صواريخ سي أس أس 8 القصيرة المدى . ومن الملفت للاهتمام أن إيران تقوم بصناعة صواريخ سكود بنفسها . وقد أجري اختبار في عام 1998 على صاروخ شهاب 3 المتوسط المدى ( 1300 كيلومتر ) ثم أعيد الاختبار في عام 2000 . وهذه المنظومة تعتمد صاروخ نودونغ الكوري الشمالي كأساس وتواصل العمل عليه بمساعدة موسعة من روسيا والصين . وتشير التقارير إلى أن إيران تسعى لتطوير صواريخ أبعد مدى ( شهاب 4 و شهاب 5 ) التي قد تشمل صواريخ بالستيه عابرة للقارات قادرة على الوصول إلى أميركا الشمالية . وحتى على الأمد القريب ، فأن نشر صواريخ على غرار تايبودونغ 1 ( البالغ مداه 2000 كيلومتر ) أو 2 ( مداه 5000 - 6000 كيلومتر ) سوف يتيح لإيران إصابة أهداف في أوروبا وأوراسيا . وقد استخدمت صواريخ سكود الإيرانية بشكل واسع في الحرب مع العراق . وأن السعي وراء الصواريخ بعيدة المدى الأكثر فعالية ، عند أخذها مترافقة مع مشروع إيران النووي المتقدم ، يعطي قدرات نشر الأسلحة الإيرانية مساساً خاصا بالحسابات الإستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل والغرب ، بما في ذلك تركيا .
المملكة العربية السعودية
لا تصنف المملكة العربية السعودية عادة كدولة تثير القلق من ناحية نشر أسلحة الدمار . ويعتقد أن قدرات هذا البلد وتطلعاته في هذا المجال محدودة بشكل عام ، باستثناء حقل الصواريخ البالستية ، وهو استثناء له أهميته . فالمملكة السعودية ، في واقع الحال ، تنشر منظومة صواريخ هي الأبعد مدى في منطقة الشرق الأوسط ، والمقصود بها منظومة سي أس أس -2 التي اشترتها السعودية من الصين في عام 1987 . وتذكر التقارير أن السعودية تمتلك عدة عشرات من هذه الصواريخ المتوسطة المدى التي يمكّنها مداها البالغ 2000 كيلومتراً من أن تطال معظم أنحاء أوروبا وأوراسيا وشبه القارة الهندية .
ويشير تقرير واحد على الأقل من التقارير الحديثة إلى وجود إمكانيات فنية مستقبلية لدى السعودية قد تجعلها تسعى ، بالإضافة الى ما لديها من دوافع محتملة ، إلى تأسيس مشروع نووي في المستقبل .
أمـن الخليـج
تعتبر الاحتكاكات الحاصلة داخل منطقة الخليج العربي حافزاً دائماً للدول هناك على نشر أسلحة الدمار . فالتنافس بين إيران والعراق ، وضع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأصغر ، والقدرات النووية الباكستانية ، والتواجد العسكري الأميركي كلها متغيرات في معادلة انتشار الأسلحة في منطقة الخليج ، ومن المحتمل أن يصبح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عاملاً أساسياً هو الآخر . بالإضافة إلى ذلك ، فإن وجود صواريخ أبعد مدى قادرة على الوصول إلى إسرائيل أو أبعد من ذلك معناه أن المنظومات التي ستقتنيها دول الخليج ، وكل قد وضع نصب عينيه أعداء معينين ، سوف تؤثر لا محالة على التوازن الإقليمي في منطقة المشرق ، والعكس بالعكس . فالحرب العراقية - الإيرانية شهدت استخداما مكثفاً لأسلحة الدمار الشامل بما فيها التبادل المطول للصواريخ البالستية والاستخدام التكتيكي للأسلحة الكيماوية . وقد أسهم هذا الاحتكاك بين العراق وإيران بشكل كبير في تغيير ديناميكيات الانتشار في المنطقة . إلا أن إيران خرجت مستفيدة من سياسة الاحتواء العسكري للعراق خلال سني التسعينيات ، حيث حسّن انخفاض قدرات العراق التقليدية المرعبة من الوضع الأمني الإيراني ، كما خفض من الناحية الجدلية دوافعها لحيازة أسلحة الدمار الشامل ، ولو أن من الواضح أنه لم يلغها . وأقل ما يقال ، إن احتواء العراق ربما يكون قد سمح بالتقدم في مجال التطوير النووي والصاروخي ولكن بخطوات أبطأ . بعد ذلك جاء الاحتلال الحالي للعراق ليقلل الخطر أكثر من هذا الجانب ، ولكنه من ناحية أخرى أوجد تحديا جديداً متمثلاً في صورة الوجود الأميركي على عتبة إيران وهو وجود قد يدوم لفترة غير معلومة . والسعي لحيازة أسلحة ترفع الشأن وتعزز الثقل الاستراتيجي في حالة إيران تمتد بداياته إلى ما قبل النظام الثوري الحاكم ، ومن المرجح له أن يستمر بصرف النظر عن تطلعات هذا البلد إلى الإصلاح والاعتدال . وهذا معناه أن قيام علاقات إيرانية أفضل مع أوروبا ، وربما مع الولايات المتحدة مستقبلاً ، سوف يفرض درجة من التقييد على محاولة حيازة الأسلحة الفتاكة والتقنيات الأبعد مدى . ولكن بروز باكستان كدولة تمتلك الأسلحة النووية من شأنه أن يفرض على طهران ضغوطاً لمحاولة المواكبة ، وعلى التحريم النووي مزيداً من التهرؤ . والسعودية أيضا معرضة للتهديد بشكل غير صريح بأسلحة الدمار الشامل الإيرانية ، وبالترسانة الإسرائيلية أيضاً . وتحت ظروف التصادم المحتملة في الخليج ، أو بين إسرائيل وجيرانها ، فإن السعودية قد تقع تحت إغراء الاستثمار في مجال الصواريخ الحديثة ، وربما الأسلحة النووية أيضاً في الحالات الأشد تعقيداً . وهذا السيناريو يزداد رجحاناً إذا ما نجحت إيران في أن تصبح " دولة نووية " ، أو إذا ما شهد الخليج نزاعاً جديداً تستخدم فيه أسلحة الدمار الشامل على نحو مكثف ، أو إذا ما تخلت الولايات المتحدة عن الدفاع عن الخليج . وقدرة النظام السعودي على البقاء والاستمرار متغير مهم آخر . فمجيء نظام أكثر راديكالية ( وذو نزعة ثورية لا تقنع بإبقاء الأوضاع على ما هي عليه ) سيكون من شأنه أن يستحث السعودية على حيازة أسلحة الدمار الشامل . ولو حصل أن خفضت أميركا من التزامها بالدفاع عن الخليج ، أو حدث تحول في العلاقات الأميركية مع إيران ، أو طالت فترة الاحتلال الأميركي للعراق ، فإن ذلك كله سيترك آثاره على توجهات نشر الأسلحة . إلا أن المنافسات الإقليمية يرجح لها أن تستمر في تطوير قدراتها في مجال أسلحة الدمار بدرجة ما ، متذرعة بأسبابها المنطقية الخاصة بها .

__________________


__________________
وهدا تقرير اخر برابط اخر
ثانياً ، من خلال المجابهة مع إسرائيل ، وفشل المحادثات مع سوريا ، يلوح شبح التصعيد واحتمال اتساع رقعته ليشمل المنطقة برمتها . وفي هذه الحالة لا يعود أمام سوريا بالذات إلا أن تراهن على بناء قدرتها في مجال أسلحة الدمار الشامل ، ولاسيما الأسلحة الكيماوية والصواريخ البالستية ، كرادع وكأداة من أدوات الحرب غير المتناظرة . ومن تجدد المواجهة قد يبرز احتمال أن تزج دول " الصف الثاني " التي لا تحادد إسرائيل - مثل إيران ، وربما ليبيا وباكستان أيضاً - بقدراتها لتساهم في النزاع عن بعد . وإمكانية الإسهام هذه ، من وراء الأفق ، هي النتيجة الأبرز التي أفرزها انتشار الصواريخ بعيدة المدى في عموم المنطقة . والظروف الراهنة تشدد على هذا التوجه وتفتح أبواب الفرص أمام نشر منظومات من خلال وسطاء لها قدرة الوصول إلى الأراضي الإسرائيلية ، وفي هذا شبه ليس بالبعيد عن أسلوب نشر الصواريخ السوفيتية في مطلع الستينيات . ولدينا هنا مثال حاضر يتجسد في الصواريخ التي تسيطر عليها إيران ، البالغ مداها 70 كيلومتراً ، والتي زعمت التقارير أنها نصبت في لبنان ولها قدرة الوصول إلى حيفا .
ثالثاً ، إن الدمج بين منظومات الصواريخ الأبعد مدى ، ومشاريع إيران التي تدنو من عتبة القدرة النووية ، والتصاعد في قوة المبررات المسببة لاستخدام أسلحة الدمار الشامل سوف يؤدي بالتالي إلى تنامي هواجس إسرائيل تجاه الخطر المهدد لوجودها . كما أنه قد يعيد إثارة الجدال القائم في إسرائيل حول شؤون الردع ، والدفاع ، والإستراتيجية في ظل بيئة تسودها أسلحة الدمار الشامل . والجدال الإسرائيلي حول هذه الأمور يعكس من عدة نواحٍ ذات النقاش الدائر في الولايات المتحدة وأماكن أخرى ، ولكن بشكل أشد إلحاحاً . ونظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي ( بالنسبة لإسرائيل يعد مفهوما " صواريخ الدفاع الوطني " و " صواريخ مسرح العمليات " مترادفين ) الذي يرتكز على برنامج آرو ( السهم ) الإسرائيلي ، بالإضافة إلى التعاون المحتمل مع حلفاء مثل تركيا والولايات المتحدة ، يحظى اليوم باهتمام يفوق ما كان يحظى به في السابق . ومن هنا أصبحت الضربات بعيدة المدى والمسح وجمع المعلومات الاستخبارية المتعلقة بأسلحة الدمار والقدرة على مهاجمة الأهداف المتنقلة أسبقيات واضحة لاجدال فيها . كذلك تبقى الاستراتيجيات الإسرائيلية في حالة صراع دائم مع مشكلة لامفر منها هي مشكلة الدفاعات المخلخلة في منطقة تنوء بأسلحة الدمار الشامل . لذلك كان هناك ، إلى جانب الإجراءات الدفاعية والإجهاضية والردعية ، اهتمام بسلوك سبيل أكثر شمولاً يتضمن من بين ما يتضمن محاولات لـ " تحصين " المجتمع الإسرائيلي ضد المخاطر التي لا مجال لتفاديها . وهذا أمر ينطوي في جانب منه على الدفاع السلبي ( الدفاع المدني ) في حين ينطوي في جانبه الآخر على حسن إدارة الوعي لدى الناس . والفكرة من وراء كل هذا المسعى هو منع التهديد بأسلحة الدمار الشامل من أن يخل بنوعية الحياة التي يحياها المواطنون وما قد يتبع ذلك الخلل من إرباك لتوازن واستقرار صناعة السياسة ، وهذه عواقب من شأنها لو تحققت أن تشجع خصوم إسرائيل على حيازة أسلحة الدمار واستخدامها .
رابعاً ، مجرد وجود أسلحة الدمار الشامل قد يؤثر على طبيعة أية مجابهة تقع بين العرب وإسرائيل تكون دون استخدام أسلحة الدمار وخارج الحرب التقليدية . فتزايد الإمكانية المستقبلية للتصعيد الذي تحمله ترسانات أسلحة الدمار في المنطقة قد يشجع على الارتداد إلى أنواع من المجابهة الواطئة الشدة ، أو إلى استخدام الوسطاء ، أو اللجوء إلى الإرهاب . ومن المرجح أن تكون حرب المدن هي السمة المميزة لهذا النوع من المجابهة . ومثل هذا التوجه يمكن ملاحظته في جنوب لبنان والضفة الغربية وغزة .
كذلك فإنه يبدو جلياً في المجابهة بين الأطراف المتنازعة التي تمتلك الأسلحة النووية في شبه القارة الهندية . فدول المنطقة قد تسعى وراء أسلحة الدمار الشامل بقصد اكتساب الهيبة والثقل الاستراتيجي ، ولكنها سوف تحرص في الوقت ذاته على امتلاك بدائل أوطأ شدة وأدنى مجازفة لأغراض الاستخدام الفعلي.
خلاصات وانعكاسات سياسية
في فترة تتواصل فيها التوترات في منطقة الخليج العربي ، وتتجدد المجابهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، وتقع احتكاكات لها أهميتها في أماكن أخرى من منطقة الشرق الأوسط يصبح انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل حملها إلى مديات أبعد هماً شاغلاً . فأحداث 11 أيلول ، والميل إلى التعامل مع نشر أسلحة الدمار الشامل والإرهاب العالمي كظاهرة مترابطة ذات مرامٍ عالمية متنامية ، والحرب على العراق في عام 2003 تعزز كلها القلق الجدي القائم حالياً في أذهان صانعي السياسة في الولايات المتحدة .
فليبيا والجزائر أقل مدعاة للقلق في الوقت الحاضر ، في حين أن ديناميكيات الانتشار في المشرق والخليج والتأثيرات الآتية من جنوب آسيا تزيد الصورة قتامة . ومجمل القول فأن بيئة الانتشار الإقليمي ستبقى في حالة تغير وحركة حتى لو استمر الإنتشار ماضياً على نفس وتيرته .
وإن ظهور قوة نووية جديدة في المنطقة ، مصحوبة ببرامج لتطوير صواريخ قادرة على بلوغ أوروبا الغربية وشمال أميركا في نهاية المطاف ، سوف تكون وفق الصيغ الإستراتيجية تطوراً مؤدياً إلى التحول .
أما دون ذلك فحتى القدرات الموجودة ستكون لها انعكاساتها المهمة بالنسبة للإستقرار الإقليمي واستراتيجيات الولايات المتحدة . وفي الإمكان أن يستقى من هذا التحليل مزيد من الآثار والانعكاسات السياسية المحددة . أولاً ، أن التوسع في قدرات أسلحة الدمار الشامل والصواريخ في الشرق الأوسط يقيد حرية الولايات المتحدة على العمل بأكثر من طريقة . فهو على الصعيد العملياتي يزيد من هشاشة وضع القوات المنتشرة ويعقد الوضع أمام التواجد العسكري . أما في المناطق البعيدة ( ما وراء الأفق ) ، فإن استراتيجيات التطمين والتدخل قادرة على تقليل هذا التعرض والإنكشاف ولكنها قد لا تكون مناسبة في كثير من الحالات التي يتطلب الأمر فيها نشراً على الأرض . أما على الصعيد الاستراتيجي فإن انكشاف القواعد ومراكز التجمع السكاني في أوروبا للصواريخ البعيدة المدى معناه أن انتشار السلاح في الشرق الأوسط سيعد من مشاكل تهديد الأمن الأوروبي أيضاً . ونهاية حرمة الأراضي الأوروبية سيعني أن المنظومات الدفاعية التي تستهدف إبطال التهديد الصاروخي يجب أن تكون شاملة التغطية لأكثر من منطقة لكي تجعل ترتيبات التخطيط المستقبلي للقوة ممكنة التوقع . ولو وقعت أميركا الشمالية ضمن مدى الصواريخ الشرق أوسطية ، والتي يفترض أنها ستكون مسلحة بأسلحة الدمار الشامل ، فإن إستراتيجية الولايات المتحدة ودبلوماسيتها في الشرق الأوسط سوف تكتسبان أهمية أعظم . كذلك فأن التعامل مع النزاع العربي - الإسرائيلي ، أو أمن منطقة الخليج ، وفق أسلوب تشكل مساره مديات الأسلحة سوف تتزايد صعوبته على قدر ما ستوقعه تطورات الشرق الأوسط من أثر مباشر على أمن أراضي الولايات المتحدة . ثانياً ، إن إقامة دفاع صاروخي ذو فعالية معقولة داخل وحول منطقة الشرق الأوسط ستكون له أهميته في التصدي لمشكلة انكشاف الحلفاء والقوات المنتشرة تحت الظروف الراهنة . كذلك فأن هذا الدفاع سيكون عائقاً أمام سيناريوهات النشر الأشد خطراً التي قد تنتج عن توسع المجابهة العربية - الإسرائيلية ، أو عن ظهور قوة نووية جديدة في المنطقة . والدفاعات المضادة للصواريخ بإمكانها موازنة التآكل الحاصل في درجة التفوق الذي كانت النظم المجهزة من قبل الولايات المتحدة ، وبدرجة أساسية الطائرات التكتيكية الحديثة ، قد منحتها لحلفاء مهمين في المنطقة مثل إسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية وتركيا . ومتى ما انحدر مستوى التفوق وبأي قدر فإن القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة هي الجهة الوحيدة القادرة على سد النقص . فعند وضع التصميم لأية هندسة دفاعية إقليمية مضادة للصواريخ يجب أن يؤخذ في الحسبان تصاعد الشعور بالخطر لدى أولئك الذين سيبقون خارج المنظومة الدفاعية . وهنالك في الوقت الحاضر فرص طيبة مبشرة لتطوير دفاعات مضادة للصواريخ يتم نصبها أو نشرها في قواعد واقعة في أماكن مثل شرق البحر الأبيض المتوسط حيث يكون في وسعها أن تعيد الشعور بالإطمئنان إلى أعضاء حلف شمال الأطلسي والحلفاء الشرق أوسطيين . إن البعد التحالفي في إستراتيجية الدفاع المضاد للصواريخ والتصدي لأسلحة الدمار الشامل يعد أساسياً إذا ما أريد لهذه المحاولات أن تعزز حرية الأميركيين في العمل داخل منطقة الشرق الأوسط وحولها . أخيراً ، فإن التأثيرين الأبرز أهمية ، على جانب العرض والطلب من مشكلة الانتشار ، هما عمليات النقل من روسيا ثم الصين ، ومسار عملية سلام الشرق الأوسط . وهذان التأثيران يعدان أيضاً مصدر شكوك بالغة في المستقبل .
لذلك فأن الحيلولة دون حدوث أي إرسال جديد إلى منطقة الشرق الأوسط ينبغي أن تكون في صميم علاقات الولايات المتحدة بروسيا والصين . كما أن الولايات المتحدة قد تكون بحاجة لإعادة تعديل أسلوب تعاملها مع عملية السلام ، فتقر بمدى عمق الأثر المستقبلي الذي يمكن أن يحدثه نشر أسلحة الدمار الشامل على الهدف المتمثل بـ " وضع نهاية للصراع " ذلك الهدف الذي كان على الدوام مسألة حرجة في هذه العملية .
فامتلاك الدول التي ترفض عملية السلام قدرات الإستمرار في مواجهة إسرائيل عن بعد يشير ، من ضمن ما يمكن أن يشير إليه ، إلى أن المفاوضات الثنائية قد لا تكون كافية لحل نزاع يستمر عدد الأطراف الضالعة فيه بالتزايد .
وأن " التسوية " هنا قد يبقى مضمونها مقتصراً على قيام حالة من التعايش السلمي والمجازفة ضمن حدود التقبل.
المصدر :
جريدة الصباح العراقية

__________________
وادا بدك اعطيك مواضيع اخرى اخي راجع معاوماتك العسكرية واقرا المواضيع ثم ضع المشاركة
ولا تضع مشاركات لا تعرف عنها شيء
 
التعديل الأخير:
... موضوع مثير ...ويؤسفني أني أول مرة أسمع عن القدرات السورية في هذا المجال... ممكن الجيش السوري تعلم الكثير عن إخفاء أسراره...
شكراً أخي ولا تزعل من الردود غير المشجعة ...(وسع بالك وأجرك على الله)!
 
وضع الرئيس الراحل حافظ الاسد رحمه الله استراتيجية جديدة لاحداث توازن نوعي مع اسرائيل بعد ان ايقن ان سوريا غير قادرة على التحمل في مواجهات واسعة النطاق مع اسرائيل فامر بتطوير الاسلحة الصاروخية و الكيميائية لاحداث التوازن و كانت هذه العملية ممتازة و قد وصلت سورية الى خطوات متقدمة في هذا المجال

و ان شاء الله تدوّب هالاسلحة اسرائيل كلها
 
وماشأنك انت
يعني انت بتتمنى ان سوريا لن تمتلك الكيمياوي وانتم فقط تمتلكونه؟؟؟؟؟؟
يا اخى سوريا نتمنى لها الخير وقوه سوريا قوه للعرب وضعف سوريا ضعف للعرب وسوريا لها كامل الحق فى استخدام اى سلاح ايا كان
 
يا اخوان سوريا لعدم قدرتها على امتلاك سلاح نووي يردع العدو الصهيوني ويشكل توازن للرعب قامت بامتلاك السلاح الكيميائي

موضوع اكثر من رائع اخي اسد الاسلام
والاجمل متابعتك للردود وربطها بمصادر
 
قصة اسلحة الدمار الشامل لدى سوريا زي قصة العراق ايام صدام حسين
 
رد: سوريا واسلحة الدمار الشامل

...؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!
 
رد: سوريا واسلحة الدمار الشامل

سوريا أقر بإمتلاكها منظومة صاروخية وكيماوية قوية جدا

لكن لي إنتقاد فقط في شيئ صغير

هو عدم الإهتمام الكافي بالقوات البحرية(سلاح الغواصات تحديدا)

فامتلاك غواصات قادرة على إطلاق صواريخ بحر-أرض سيعطي قدرة ضربة ثانية بعد الصواريخ أرض أرض لحين تكامل القدرة الثالثة وهي القصف الصاروخي الجوي

وهنا نكون قد طبقنا مبدأ الحرب المشتركه

لي تعليق على الموضوع

دول الصف الثاني(ليبيا - باكستان و.........) لن تتدخل في صراع سوري-إسرائيلي

ولن تتدخل طهران نفسها حتى

أطيب التمنيات لسوريا الشقيقة بالتوفيق
 
رد: سوريا واسلحة الدمار الشامل

سوريا أقر بإمتلاكها منظومة صاروخية وكيماوية قوية جدا

لكن لي إنتقاد فقط في شيئ صغير

هو عدم الإهتمام الكافي بالقوات البحرية(سلاح الغواصات تحديدا)

فامتلاك غواصات قادرة على إطلاق صواريخ بحر-أرض سيعطي قدرة ضربة ثانية بعد الصواريخ أرض أرض لحين تكامل القدرة الثالثة وهي القصف الصاروخي الجوي

وهنا نكون قد طبقنا مبدأ الحرب المشتركه

لي تعليق على الموضوع

دول الصف الثاني(ليبيا - باكستان و.........) لن تتدخل في صراع سوري-إسرائيلي

ولن تتدخل طهران نفسها حتى

أطيب التمنيات لسوريا الشقيقة بالتوفيق

بالنسبة للقوة البحرية أخي العزيز مارشال فسوريا تعتمد على الصواريخ و المدفعية الساحلية للدفاع عن شواطئها مع عدم إهمال القوات البحرية طبعاً أما اللجوء للبحرية و بالتحديد الغواصات القادرة على إطلاق صواريخ من العمق إلى داخل إسرائيل كما ذكرت حضرتك و بالرغم من صحة ما تقول إلى أنه يعترضه الكثير من العقبات أهمها التكلفة الكبيرة لمثل هذه الأسلحة و صعوبة الحصول عليها لأسباب الجميع يعرفها أو تصنيعها محلياً بسبب التقنية العالية اللازمة لذلك .

لذا اللجوء لصواريخ أرض أرض هو الخيار الأمثل لدولة كسوريا فمن حيث الترسانة باتت سوريا من الأوائل في الشرق الأوسط هذا عدا عن إمكانية تصنيعها محلياً ما يزيل الكثير من العقبات و يجعل الأفق مفتوحاً لتطوير هذه القدرات أكثر و أكثر .
 
رد: سوريا واسلحة الدمار الشامل

بالنسبة للقوة البحرية أخي العزيز مارشال فسوريا تعتمد على الصواريخ و المدفعية الساحلية للدفاع عن شواطئها مع عدم إهمال القوات البحرية طبعاً أما اللجوء للبحرية و بالتحديد الغواصات القادرة على إطلاق صواريخ من العمق إلى داخل إسرائيل كما ذكرت حضرتك و بالرغم من صحة ما تقول إلى أنه يعترضه الكثير من العقبات أهمها التكلفة الكبيرة لمثل هذه الأسلحة و صعوبة الحصول عليها لأسباب الجميع يعرفها أو تصنيعها محلياً بسبب التقنية العالية اللازمة لذلك .

لذا اللجوء لصواريخ أرض أرض هو الخيار الأمثل لدولة كسوريا فمن حيث الترسانة باتت سوريا من الأوائل في الشرق الأوسط هذا عدا عن إمكانية تصنيعها محلياً ما يزيل الكثير من العقبات و يجعل الأفق مفتوحاً لتطوير هذه القدرات أكثر و أكثر .

أخي العزيز القناص 11

تحياتي أولا

الفكرة مكلفة لكن ستعطي مجالا أكبر لتهديد المرافئ البحرية الصهيونية عامة

ومن الممكن (مع تمنياتي بحدوث توافق عربي أكثر) تمويل مثل هذه الصفقة

أظنها ستكون مكلفة كما تفضلت بالقول لكن ستكون في مكانها الصحيح لتدعيم وتنويع مصادر الردع لتكون من البحر والبر

فقدرا ت الصواريخ السورية على البر معروفة ومشهود لها مسبقا

لكن تنويع مصادر التهديد لإسرائيل سيعطي خيارات أوسع لصانع القرار السوري

وضغوط أكبر على صانع القرار في إسرائيل



وأعتقد بإتفاقنا في هذا
 
عودة
أعلى