تــــــاريخ الانــــقـــــلابـــات الـــعــســـكرية الفاشلة في ســـــــــــوريـــة

syrian wolf

عضو
إنضم
26 أكتوبر 2015
المشاركات
4,023
التفاعل
4,639 0 0

أنقلابات فاشلة في سوريا
==========


ثمة انقلابات أخرى كان لها تأثيرها الواضح على عدم استقرار النظام ، وإن كانت لم تغير في النظام ، لكنها حققت بعضها بعض أهدافها ، رغم أن بعض الباحثين أو السياسيين أدرج بعضها بقائمة العصيانات أو التمردات منكراً عليها صفة الانقلاب على أساس أنها لم تستوف كل شروط الانقلاب وعناصره الرئيسية ، ومهما يكن من أمر فإن الانقلاب إذا لم ينجح أو لم يستكمل نجاحه بإسقاط النظام فيجوز إطلاق اسم تمرد أو عصيان عليه أو اضطراب سياسي أو غير ذلك من الأسماء ، ولهذا السبب أدمج الباحث كل تمرد أو عصيان أو محاولة انقلابية أو غير ذلك من الاضطرابات التي أوشكت على إسقاط النظام أو حاولت ذلك ، مع التنويه والشرح لأي منها ممن إثر سلباً على استمرارية النظام، وساهم في إحداث عدم استقرار سياسي من خلال انقلاب آخر جاء بعده، أو من خلال سقوط حكومة بسببه ، أو المساهمة في ذلك ، وأهم هذه الانقلابات أو التمردات أو غير ذلك من المحاولات العسكرية المؤثرة على النظام هي :


1- انقلاب محمد صفا ((شيعي لبناني)) عام 1945

---------


في محاولة منه لإسقاط نظام الرئيس شكري القوتلي عمل محمد صفا الذي كان من دعاة الوحدة مع العراق ومؤيد للهاشميين في ذلك، لكن تم إحباط انقلابه مباشرة قبل تطوره إلى الشكل النهائي للانقلاب أي قبل بدء التنفيذ ، من خلال رئيس المكتب الثاني سعيد حبي .






2- انقلاب محمد ناصر (( علوي - تكت الضباط العلويين)) عام 1945 .

---------



حيث كان محمد ناصر يقود تكتلاً عسكرياً للعلويين في الجيش من خلال بعض عناصر جيش الشرق الذي كان نواة الجيش السوري بعد عام 1943، أي بعد الاستقلال ، لذلك في إطار محاولته للسيطرة على الحكم قام بمحاولة انقلابية ، لكن تنبه إليها رئيس المكتب الثاني سعيد حبي وأحبطها على الفور .



3- محاولة انقلاب محمد ناصر (( علوي)) في يوليو 1950 .

------------



ففي أعقاب انقلاب الشيشكلي عام 1949 ، حاول العقيد محمد ناصر عمل انقلاب للسيطرة على الحكم ، فقام بالاتصال مع السلطات الأردنية لتأييده على القيام بانقلابه ، وكان قد صرح لرئيس المخابرات العسكرية ( المكتب الثاني ) -وكان آنئذ المقدم إبراهيم الحسيني– إن حالة البلاد تستدعى رجوع شكري القوتلي ، كونه محايداً وغير عسكرياً -أي ضعيفاً أمام قوة الجيش الذي كان يرغب محمد ناصر بالسيطرة عليه من خلال تكتله العسكري وأضاف أنه يجب أن يتم ذلك ولو أدى رجوع شكري القوتلي إلى قتل ستين ضابطاً غير مؤيدين لرجوعه ، وهذا تنويه بنيته القيام بانقلاب عسكري ، فتم اغتياله في مطار المزه في 31 يوليو عام 1950 ، من خلال رئيس المكتب الثاني إبراهيم الحسيني .




4- محاولة انقلاب بهيج كلاس (( مسيحي)) في أغسطس 1950

------



في إطار محاولات أكرم الحوراني (( حموي - مؤسس البعث))للسيطرة على الحكم في سوريا ، عمل على التآمر مع مؤيديه في الجيش وأبرزهم العقيد بهيج كلاس ، إضافة إلى آخرين مثل المقدم حسن الخير ، وقد دعم النظام الأردني الانقلاب ، لكن تم إفشاله من قبل رئيس المكتب الثاني سعيد حبي في الخامس والعشرين من أغسطس عام 1950 ، وقد اتهم الدكتور منير العجلاني بالتخطيط لهذا الانقلاب ، وأصدرت المحكمة الحكم لمدة سنتين ونصف على بهيج كلاس الذي كان قبل ذلك مساعداً للرئيس حسني الزعيم ، كما حكم على رشيد كلاس ومحي الدين مراد بالحكم لمدة خمسة سنوات .



5- محاولة انقلاب أنور بنود في فبراير 1951 .

---


قام قائد أركان الجيش بمحاولة انقلابية في فبراير 1951 للسيطرة على الجيش وإبعاد الشيشكلي عنه ، وقد أيده بعض الضباط في ذلك كما أيده عضو البرلمان الدكتور منير العجلاني ، لكن أحبط الانقلاب وتم إبعاد قائد الأركان عن قيادة الجيش كملحق عسكري في تركيا واعتقال آخرين .



6- محاولة انقلاب عدنان المالكي في 15 ديسمبر 1952 .

----


اتصل رئيس المكتب الثاني إبراهيم الحسيني بأديب الشيشكلي وكان في زيارة لمحمد نجيب حيث تبادل معه التهاني بانقلاب يوليو 1952 في مصر ، وقد أخبره إبراهيم الحسيني ، أن عدنان المالكي يدبر انقلاباً عسكرياً بالتعاون مع أكرم الحوراني مما حذا بالشيشكلي إلى المجيء إلى دمشق في 16 ديسمبر من عام 1952 ، وقد استقبله المقدم عدنان المالكي في المطار وقدم له مطالب، وطلب منه الموافقة عليها ، وكانت هذه المطالب هي :-

- حل حركة التحرير وهي الحزب الذي شكله الرئيس أديب الشيشكلي وجعله يفوز بالبرلمان بأغلبية الأصوات ويعتبر الحزب الوحيد في عهد الشيشكلي .

- إنهاء التبرعات التي تصرف على تسليح الجيش بسبب مزاعم تقول إنها تذهب لحركة التحرير.

- إعادة الحريات السياسية والحياة الحزبية الديمقراطية.

وقد تظاهر الرئيس أديب الشيشكلي بالموافقة عليها ، ثم قام باعتقال جميع المطالبين بذلك ، وعلى رأسهم عدنان المالكي ، فما حذا بالحوراني وقادة البعث إلى الهرب إلى لبنان ، وطلب اللجوء السياسي .



7- محاولة انقلاب يديرها الدكتور منير العجلاني مع بعض الضباط في 24 ديسمبر 1952 .
----

في إطار سعى الدكتور منير العجلاني لوحدة سوريا والعراق تحت سلطة الهاشميين ، استمر في العمل للإطاحة بالعقبة الرئيسية في وجه هذا الهدف الاستراتيجي لسوريا ، لكن تم اكتشاف المحاولة واعتقل على إثرها الدكتور منير العجلاني مع مؤيديه في الجيش .



8- تمرد جبل العرب بقيادة سلطان الأطرش ((تمرد الدروز)) في 27 ديسمبر 1954 .

---


في أعقاب اجتماع أحزاب المعارضة والهيئات السياسية السورية في الرابع من يوليو من عام1953، وقعوا على ميثاق وطني لإسقاط الرئيس أديب الشيشكلي ، على أن تحرر كل محافظة نفسها وأن تقوم كلها مع بعضها ، قيامة رجل واحد ، ولكن قام منصور الأطرش -ابن قائد الثورة السورية الكبرى عام 1925-، مع صديقه شبلي العيسمي بتوزيع منشورات معادية للشيشكلي في جبل العرب((جبل الدروز)) ، وذلك قبل أن تصبح التحضيرات جاهزة ، مما أدى لاكتشافها من قبل السلطات ، و هذا أدى بالرئيس أديب الشيشكلي إلى إلقاء القبض على الوفد الدرزي الموجود في دمشق ومن ضمنهم ، الأمير حسن الأطرش -وهو أمير الدروز في سوريا آنذاك-، كما تم اعتقال منصور الأطرش وشبلي العيسمي ، فاندلعت مظاهرات واشتباكات تنديداً بإجراءات السلطات بحق أقارب سلطان الأطرش والدروز ، مما حذا بالجيش إلى التدخل لإنهاء التمرد ، فقام بأعمال عنف راح ضحيتها من الجانبين ومنهم 66 شخصاً من جبل العرب ، وسيطر الجيش على الجبل مباشرة ، ففر سلطان الأطرش ومؤيديه إلى الأردن ، وكان لهذا التمرد دوراً كبيراً في اندلاع المظاهرات في كل أنحاء سوريا ، مما كان له تأثيراً كبيراً في سقوط نظام الرئيس أديب الشيشكلي .



9- محاولة انقلاب محمد صفا (( شيعي لبناني))عام 1955 .

---



بتأييد من العراق قام العقيد محمد صفا -رئيس حكومة سوريا الحرة سابقاً والتي شكلها في بغداد لمقاومة حكم الشيشكلي والتي كان لها مؤيدين كثر في صفوف الجيش-، بمحاولة انقلابية رغبة في وحدة العراق وسوريا لكن تم اكتشاف محاولة الانقلاب ، فتم إحباطها وإبعاد محمد صفا عن الجيش .



10- محاولة انقلاب أديب الشيشكلي في نوفمبر 1956 .

---


اجتمع الرئيس السابق أديب الشيشكلي في بيروت مع محمد صفا ، ومحمد معروف ، وغسان جديد ، وصلاح الشيشكلي وغيرهم معارضي التقارب مع مصر، والراغبين بوحدة سوريا والعراق ، وإبعاد التيار اليساري عن التأثير على الجيش ، وقد أنضم بعض السياسيين لهذا التحالف مثل ميخائيل إليان وكان رئيساً للحزب الوطني في حلب ، وزعيم الدروز الأمير حسن الأطرش ، ونجل الرئيس السابق هاشم الأتاسي وهو الدكتور عدنان الأتاسي وألقوا ميثاق وطني في ربيع 1956 للإطاحة بالنظام وكان من المتفق عليه اغتيال بعض الضباط والسياسيين المسيطرين على الجيش، والاتصال ببعض السياسيين المؤيدين للوحدة مع العراق .


وتتمثل خطتهم بإحداث اضطرابات في حلب، ثم دعوة الحزب الوطني في حلب لتدخل الجيش العراقي، لإنقاذ الموقف لصالح المعارضة ، و طلب الانقلابيون من الحكومة العراقية مليون دينار عراقي كنفقات للعملية ، والموافقة على تدريب فدائيين سوريين في العراق، والتدخل في حالة استنجاد الحكومة اليسارية القائمة في سوريا بمصر، وتشكيل لجنة ثلاثية تضم مندوبين عن المخابرات الأمريكية والبريطانية والعراقية ، لكن الشيشكلي أخذ عشرة آلاف وسافر لباريس ، وظل يتابعهم من هناك ، وبسبب رفض العراق تلبية كل مطالب الانقلابيين في مجال الأموال ،و وضعه بعض الشروط التي بدونها لا يمكن إرسال جيش عراقي لسوريا، ورغم تمركز الجيش العراقي على حدود الأردن ، وإرساله أسلحة إلى جبل العرب ، لكن تعطل إحدى شاحنات الأسلحة في طريقها إلى جبل العرب في 23 نوفمبر 1956 ، مما حذا برئيس المكتب الثاني عبد الحميد السراج إلى كشفها ، واعتقال الموجودين داخل سوريا، قبل أن تصل إلى مرحلتها النهائية.



11- محاولة انقلاب هشام العظم في عام 1957 .

---


قام قائد الشرطة العسكرية المقدم هشام العظم، بالاتصال ببعض الضباط والسياسيين، لأجل إبعاد الحكومة عن اليسار وعن التقارب مع مصر، لكن تم كشفها من قبل المكتب الثاني، وتم إبعاد هشام العظم كملحق عسكري في الخارج.



12- محاولة انقلاب أديب الشيشكلي في يوليو 1957 .

---


حاول الرئيس السابق أديب الشيشكلي بالتعاون مع الملحق العسكري في روما وهو إبراهيم الحسيني في يوليو عام 1957 لتنفيذ انقلاب عسكري ، من خلال الاتصال ببعض الضباط والسياسيين ، لكن كشف العملية في 12 نوفمبر 1997 ، وكانت هذه العملية بالتعاون مع السفارة الأمريكية في دمشق ، مما أدى لتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية .



13- محاولة انقلاب عبد الكريم الدندشي في عام 1957 .

---


محاولة اليمين السوري إبعاد الحكومة عن التقارب مع اليسار ومصر ، عمل عبد الكريم الدندشي على الاتصال مع بعض الضباط وكبار السياسيين ، ولكن فشلت العملية نتيجة كشفها من قبل السلطات السورية أواخر عام 1957 .



14- عصيان قطنا بقيادة عبد الغني قنوت ((بعثي)) في مارس 1957 .

----



بمحاولة الرئيس شكري القوتلي تحجيم تدخلات اليسار في الجيش من خلال القيام ببعض التنقلات في الجيش ، بإيعازه لقائد الأركان توفيق نظام الدين بذلك ، وذلك في منتصف مارس عام 1957 وقد شملت هذه التنقلات ما يلي :


- نقل عبدا لحميد السراج من المكتب الثاني وتعيينه ملحقاً عسكرياً في الهند وتعيين العقيد أكرم ديري مكانه .

- نقل العقيد أمين النفوري رئيس الشعبة الثالثة إلى معسكر قطنا آمراً لسلاح المدرعات في الجيش (أي آمراً اللواء السبعين المدرع) .

- تعيين المقدم أحمد عبد الكريم مكان العقيد أمين النفوري رئيساً للشعبة الثالثة .


مما حذا بعبد الغني قنوت بالاتفاق مع أكرم الحوراني ومصطفى حمدون بالتخطيط لهذا العصيان ، والقيام به، ولم يتوقف هذا العصيان إلا بعد رضوخ النظام لمطالبهم ، وذلك بإلغاء التنقلات ، وقد كان هذا العمل أصعب من الانقلاب لأنه في العصيان يظل الخصم طليقاً ، وقد رفض الحوراني إسقاط النظام رغم استطاعته ذلك، من خلال هذا العصيان ، والسبب خوفه من بعثرة الضباط الموالين له وخاصة عبد الغني قنوت ومصطفى حمدون .


--15- عصيان حلب بقيادة جاسم علوان في 30 مارس 1962

-



وكان ذلك رداً على مقررات مؤتمر حمص ، حيث كان يدعو لإسقاط النظام بشكل كامل ولإعادة سوريا إلى الحظيرة المصرية مثلما كانت ، بدون أي شخصية أو كيان كون هذا العصيان مدعوماً من قبل مصر ، ويأتمر بالقيادة المصرية ، لكن الحركة أبيدت في مهدها قبل أن تستفحل رغم وقوع ضحايا كثيرة خلالها .



16- تمرد بدر الأعسر في الأول من إبريل عام 1962 .

----



قام قائد المنطقة الوسطى ( حمص ) ، العميد بدر الأعسر بتمرده على انقلاب عبد الكريم النحلاوي الثاني في 28 مارس 1962 ، وخوفاً على وحدة الجيش أرسل العقيد عبد الكريم النحلاوي موفده عبد الكريم زهر الدين ، وبناء عليه عقد مؤتمر حمص .



17- تمرد جاسم علون في الثالث من إبريل عام 1962 .

----------



وقد اشترك معه في هذا التمرد العقيد لؤي الأتاسي ، فسيطر على مطار النيرب وعلى القيادة العسكرية في حلب ، ومحطة البث في سراقب ( إحدى ضواحي حلب ) ، وعزفت إذاعة حلب النشيد الذي كان زمن الوحدة وهو نشيد الوحدة ، وأعلنت أن مطار حلب مفتوح للطائرات المصرية ، وتوعد الحكومة وأعضائها ، لكن التمرد سرعان ما سحقه على الفور العقيد صبحي الشوربجي بعد ضحايا كثيرة من الجانبين ، ثم أعلن الرئيس ناظم القدسي في 14 إبريل عام 1962 عودة الجيش إلى ثكناته ووضع الميثاق الوطني ، والحفاظ على المنجزات الاشتراكية وتشكيل حكومة جديدة برئاسة بشير العظمة .



18- عصيان دمشق بقيادة محمود عوده في إبريل عام 1962 .

-------



وكان رداً على مقررات مؤتمر حمص بتسفير عبد الكريم النحلاوي إلى خارج سوريا وتعيينه ملحقاً عسكرياً في الخارج ، بعد أن خذله موفده عبد الكريم زهر الدين، برضوخه لمطالب المعارضة ، من خلال عقده صفقةً سياسيةً معها مقابل أن يكون قائدا للأركان .


--


-------

19- عصيان قطنا بقيادة محمد عمران (( علوي)) في نهاية إبريل عام 1962 .




ضمن إستراتيجية اللجنة العسكرية البعثية التي يقودها محمد عمران للوصول إلى حكم سوريا، قام تحت شعار الوحدة العربية بعصيانه في معسكر قطنا، لكن العصيان فشل واعتقل وقد قام به مستغلاً الأيديولوجية الثورية والوحدوية، طريقاً لوصوله إلى السلطة وفق المعايير الشخصية .



20- الانقلاب الثالث لعبد الكريم النحلاوي في 13 يناير 1963 .

--


حدثت حركة عصيان في كل من معسكرات قطنا والقابون والكسوة ، ووضع العقيد عبد الكريم النحلاوي بعد رجوعه إلى سوريا ، شروطاً لوقف العصيان ، وهي :-

- إلغاء أمر نقله إلى وزارة الخارجية ، وإعادته مع رفاقه فوراً إلى الجيش .

- إخراج كل من اللواء ( وديع مقعبري ) والعميد خليل الموصلي ، والعقيد عدنان عقل ، من لجنة الضباط لانتسابهم للحزب الشيوعي .

- الإسراع بالمحاكمات ، وضرورة تنفيذ الأحكام التي ستصدر بحق الذين ارتكبوا جرائم القتل في عصيان حلب .

- العودة إلى مؤتمر حمص وتنفيذ المقررات التي لم تنفذ .

- الدعوة إلى وحدة فورية مشروطة مع مصر شريطة تبديل قيادة الثورة المصرية.

وكان قد وعده قائد قوات الجبهة العميد زياد الحريري بدعم انقلاب النحلاوي ، لكنه عمل العكس حيث زحف بقواته من الجبهة لإفشال الانقلاب ، وكان لهذا الانقلاب الدور الأكبر في انقلاب زياد الحريري في 8 مارس 1963 ، حيث لم يجد له منافسين ومؤيدين للعقيد النحلاوي ، باعتبار أن هذا الانقلاب جعل معظم مؤيدي النحلاوي في السجن .



21- انقلاب جاسم علوان في 18 يوليو عام 1963 .

---


كان ذلك ضد سيطرة البعث على السلطة ، لأن الذين قاموا بالانقلاب في 8 مارس 1963 من المستقلين والوحدويين المؤيدين للإعادة الوحدة مع مصر وبدرجة ثانوية البعثيين ، لكن الخلاف بين المستقلين والوحدويين الناصرين، استغله البعث لزيادة نفوذه والسيطرة على الحكومة مما حذا بالوحدويين الناصريين بقيادة جاسم علوان إلى القيام بانقلابهم ، حيث حدثت اشتباكات من أجل السيطرة على مبنى وزارة الدفاع ، مما أدى لمصرع أعداد كبيرة من الجانبين ، وفشل الانقلاب ، فقام البعث باعتقال وتسريح الكثير من الضباط الوحدويين ومعظمهم من الطائفة السنية ، وكانت سلبية قائد الأركان الفريق زياد الحريري –الذي وعد بمناصرتهم كونه مستقل ، ثم خذله لهم– لها الدور الأكبر في فشل الانقلاب ، كما أن العقيد محمد نبهان (( علوي)) الذي كان مع قوات جاسم علوان ، ثبت أنه كان جاسوساً للبعث لدى الوحدويون الناصريون ، وقد ندد الرئيس لؤي الأتاسي رئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس الجمهورية ، بعمليات الإعدام التي حدثت دون موافقته ، مما حذا بنائبه أمين الحافظ بتأييد من القيادة القومية لحزب البعث ، إلى القيام بانقلابه وعزل الرئيس لؤي الأتاسي عن رئاسة الجمهورية ومجلس قيادة الثورة ، وحلوله محله .



22- انقلاب حمد عبيد ((درزي)) في يوليو 1966 .

--


عمل صلاح جديد بعد انقلابه في 23 فبراير عام 1966 ، على إبعاد الضباط غير الموالين له الذين شاركوه في انقلابه ، ومنهم حمد عبيد ، الذي كان قبل ذلك رئيساً للحرس القومي وهو الجيش الذي شكله البعث لمواجهة خصومة من الوحدويين الناصريين والمستقلين ، إضافة إلى تعيينه وزيراً للدفاع في حكومة يوسف زعين عام 1964، وقد تعاون معه الأمين القطري المساعد لحزب البعث السوري حمود الشوفي ، ورغم اشتراك ضباط من مؤيدي أمين الحافظ معه ، لكن الانقلاب فشل واعتقل جميع من شارك وأيد الانقلاب.



23- انقلاب فهد الشاعر ((درزي)) في 10 أغسطس 1966

--



حاول استعادة مركزه في الجيش بعد عمليات التحجيم لهم والتي قام بها صلاح جديد ، من خلال عمليات التصفية التي تعرض لها ضباط جبل العرب رغم اشتراكهم معه في الانقلاب، أي في انقلاب 23 فبراير عام 1966 ، فتحالف اللواء فهد الشاعر قائد قوات الجبهة مع الأمين القومي لحزب البعث العربي الاشتراكي السابق منيف الرزاز ، وشكلوا قيادة قومية جديدة لتأييد الانقلاب المزمع القيام به ولكن انكشاف العملية ، أدى لاعتقال فهد الشاعر وهروب منيف الرزاز إلى خارج البلاد ، إضافة لاعتقال مائتي ضابط وتسريحهم من الجيش.



24- انقلاب سليم حاطوم ((درزي)) في 3 سبتمبر عام 1966 .

--


بعد سلسلة الاعتقالات التي طالت معظم الضباط الغير موالين لصلاح جديد ، بعد الانقلابين السابقين أعلنت قيادة فرع حزب البعث في السويداء عن مطالبها بالإفراج عن الضباط الدروز خاصة ، وهددوا بعدم تنفيذ أوامر القيادة القطرية ، لذلك قررت القيادة القطرية لحزب البعث السوري ، إرسال لجنة حزبية برئاسة الرئيس نور الدين الأتاسي وعضوية نائبه صلاح جديد ، وجميل شيا ، فاستغل سليم حاطوم وجودهم في السويداء واعتقلهم كرهائن ، لكن تدخل وزير الدفاع اللواء حافظ الأسد الذي هب لنصرة صلاح جديد ونور الدين الأتاسي ، فأحاطت قواته بجبل العرب ، وأجرى مفاوضات هاتفية بينه وبين سليم حاطوم ، واشترط حاطوم عدة شروط لوقف الانقلاب وهي :-

1- عودة أهم مؤيديه إلى الجيش، بعد طردهم في فبراير 1966.

2- إطلاق سراح أتباعه ، وزملاءه الذين اعتقلوا بتهمة التآمر .

3- إبعاد أهم أنصار صلاح جديد من الجيش .

4- إعادة قبول جماعة الشوفي في الحزب .

5- استقالة القيادة القطرية التي اختارها صلاح جديد في مارس عام 1966.

وتعيين قيادة قطرية جديدة ، تضم خمسة أعضاء على الأقل من جماعة حمود الشوفي ، إلى جانب الأعضاء الحاليين، ويلاحظ من هذه الشروط أنها كانت طائفية إلى حد بعيد.لكن رفض اللواء حافظ الأسد هذه الشروط وأرسل وحدات عسكرية وكتيبة صواريخ للسيطرة على الموقف ، وتمكن من إحباط الانقلاب ، مما أدى إلى لجوء الانقلابيين إلى الأردن وذلك في مساء الثامن من سبتمبر عام 1966 وبالتالي فشل الانقلاب.



25- انقلاب أحمد سويداني في أغسطس 1968 .

--



عمل صلاح جديد على العمل على إبعاد قائد الأركان أحمد سويداني من الجيش ، فلم يجد اللواء أحمد سويداني سوى القيام بمحاولة انقلابية ، لكنها فشلت بسبب أن معظم ضباط الجيش كانوا من الموالين لصلاح جديد ، وعلى إثر ذلك فشل الانقلاب ، وقد حاول اللجوء إلى العراق لكن القيادة العراقية للبعث العراقي رفضته ثم رفضته الجزائر، أما مصر فقد وافقت على لجوئه إليها ، فعندما حطت الطائرة التي تقله من العراق إلى مصر في مطار دمشق ، تم اعتقاله ، وكان قبل ذلك قد طالب بمذكرة لمحاكمة كافة المسؤولين عن هزيمة حزيران (يونيو) 1967 وبعد اعتقاله في يونيو 1969 ، وقد تم تعيين مصطفى طلاس بدلاً عنه .


من هذا نجد أنه قد أثرت الانقلابات العسكرية بمجموعها، سواء ما نجح منها أو ما فشل ، على استقرار سوريا وسواءاً أكان استقرار سياسياً أم غير ذلك، لأن عدم الاستقرار السياسي سيقود إلى جملة أنواع من عدم الاستقرار مثل عدم الاستقرار رفض الاقتصادي أو الاجتماعي وغير ذلك، وهذا ما حذا برئيس الوزراء فارس الخوري للقول ( بعد انقلاب حسني الزعيم ): " إن صفحة جديدة قد فتحت في الوطن العربي ، وهذه الصفحة ستبقى لمدة نصف قرن من الزمن " ,كما قال رئيس الوزراء لطفي الحفار في ذلك أيضاً : " ما من انقلاب عسكري إلا وينتهي إلى إحدى نتيجتين ، إما إلى فوضى وإما إلى ديكتاتورية عسكرية جامحة " ، ومهما يكن من أمر فإن تلك الانقلابات لم تكن هي الوحيدة، بل كان هناك الكثير من الانقلابات الأخرى التي أوردها الباحثون أو السياسيون بشكل عرضي، وذلك لمحدودية تأثيرها، أو لكشفها في مراحلها الأولى قبل استفحال أي أثر لها على ذلك ، مثل الانقلابين الشيوعيين اللذين قام بها الشيوعيون في عهد القوتلي بين ( 1955 – 1958 ) وغيرها من الانقلابات التي كانت نسبة زعزعتها للنظام قليلة جداً ، ولكن برغم ذلك ، تبقى الانقلابات العسكرية المؤثر الأساسي في تغيير النظام و إسقاطه، إضافة إلى دورها في إسقاط الحكومات نفسها
 

تمرد في حمص وعصيان وفتنة في حلب ردا على انقلاب 28 آذار 1962.
===========



أعلن العميد بدر الأعسر قائد المنطقة الوسطى في حمص بعد ثلاثة أيام من انقلاب الثامن والعشرين من آذار مقاومته لهذا الانقلاب ، طالبا وضع حد لتسلط النحلاوي وجماعته على قيادة الجيش في دمشق، ووجوب مغادرتهم سورية فورا، فاضطرت قيادة الجيش في دمشق الى ارسال لجنة من الضباط في اليوم نفسه الى بعض المدن السورية لاستطلاع آراء الجيش في مختلف القطعات ولبحث هذا الموضوع الخطير وتسوية الخلافات بين ضباط الجيش الذي عقدت قياداته بتاريخ 1/4/62 مؤتمرا في حمص تقرر فيه بالاجماع ما يلي :

أولا : اقصاء المتسلطين على الجيش (النحلاوي وجماعته) على أن يغادروا البلاد في اليوم التالي قبل الساعة الخامسة مساء.

ثانيا: تشكيل قيادة جديدة.

ثالثا: رفض اعادة الوحدة مع مصر فورا، والموافقة على تحقيق وحدة مشروطة ومدروسة، على أن يستفتى بها الشعب، وقرر الضباط أنهم ليسوا أوصياء على الشعب.

رابعا: العفو عن الذين اشتركوا بالتمرد والعصيان.

ولكن بعض الضباط البعثيين والناصريين بقيادة جاسم علوان في حلب تابعوا عصيانهم وأعلنوا عدم قبولهم بهذه المقررات فرفعوا علم الجمهورية العربية المتحدة وطلبوا المؤازرة من مصر ولم يلبث عصيانهم ان باء بالفشل بتاريخ 4/4/62 وكان حصيلته استشهاد الضباط : نصوح النعال، كامل عرنوس، جميل قباني، صفوت خليل.

لقد أصدرت محكمة أمن الدولة التي نظرت في جرائم هذا العصيان الاحكام التالية بتاريخ 17/1/1963.

1- الحكم بالاشغال الشاقة المؤبدة على العقيد المتقاعد جاسم علوان.

2- الحكم عشر سنوات على الرائد حمد عبيد.

3- الحكم بالاعدام على الملازم الأول محمد ابراهيم العلي.

4- الحكم بالسجن المؤبد على الملازم الأول سعيد الدباح.

5- الحكم بالاعدام على العسكري المتطوع محمد مصطفى يوسف، والسجن بين سنة وعشر سنوات مع التجريد من الرتب والحقوق المدنية لباقي المتهمين، وتبرئة من لم تثبت عليه تهمة الاشتراك في القتل والعصيان.

وقد اثبتت تحقيقات المحكمة مساهمة القنصلية الاميركية في حلب بالتحريض على العصيان وتوزيع صور جمال عبد الناصر على المتظاهرين، كما رفعت المحكمة احكامها الى رئيس الجمهورية للتصديق عليها. (نشرت التفاصيل الكاملة لهذه القضية في ملحق خاص للعدد 589 من مجلة الجندي الصادرة عن الجيش السوري).

وبعد أن صدر قرار المحكمة بإدانة القنصل الاميركي في حلب بالتحريض على العصيان وتوزيع صور عبد الناصر، طلبت الحكومة السورية سحب القنصل، ولكن السفير الاميركي قال لخالد العظم الذي أصبح في تلك الفترة رئيسا للوزراء ان حكومته ابلغته بأن سحب القنصل سيكون له ردة فعل غير مستحبة في أمريكا.

بعد مغادرة عبد الكريم النحلاوي وضباطه سورية، وبعد فشل عصيان حلب، وكان قد مر على الأحداث ما يقرب من اسبوع زارني في دمشق قنصل الولايات المتحدة في حلب، ولم يكن لي به سابق معرفة، فقال انه يود التعرف بي وانه يحمل عاطف ودية نحو سورية، قلت له بعد أن نددت بالسياسة الاميركية تجاه القضية العربية:

ما دمت تحمل هذه العواطف الودية نحو سورية، فلماذا إذن قمت مع رجالك بالتحريض على التظاهر في حلب وبتوزيع أعداد كبيرة جدا من صور عبد الناصر؟

قال القنصل ضاحكا :

اننا فعلا قمنا بتوزيع بعض الصور في حلب، ولكنها كانت صورا لممثل أمريكي يشبه عبد الناصر.

ان السؤال الذي يطرح نفسه الآن :

لماذا أصبح الاميركيون خصوما للوضع القائم بعد الانفصال؟
------


لا شك ان اتجاه الرأي العام في الشعب والجيش بعد انقلاب 28/9/1961 قد بدأ يسير في الطريق الذي كانت تسير عليه سورية قبل الوحدة.

ففي مواجهة مطامع اسرائيل التوسعية بتحويل نهر الأردن، كان الجيش وراء ايفاد وزير الدفاع مع وفد عسكري كبير الى موسكو، مما أثار أوهام الاميركيين من جديد من انتشار الشيوعية، ولا سيما بعد أن زال اضطهاد عبد الناصر للحزب الشيوعي، واتجاه الوضع الى تشكيل محور مع عبد الكريم قاسم الموالي للاتحاد السوفيتي. كما زال عزل القوى اليسارية الوطنية عن الحياة الحزبية والسياسية، هذه القوى التي هي بنظر الولايات المتحدة اكثر خطرا من الأحزاب الشيوعية، بالاضافة الى خطر اشتعال الحرب بين سورية واسرائيل، الأمر الذي يهدد الأمن والنفوذ الاميركي في المنطقة، وذلك بعد المعركة الكبيرة التي خاضها الجيش السوري تجاه العدوان الاسرائيلي مما يعرقل تحويل مجرى نهر الاردن الذي اقترب موعده، لأن انشاءات نقل مياهه الى النقب قد قاربت ان تنتهي، وكنا دائما نطالب، سرا وعلنا، بالوقوف في وجه اسرائيل في محاولتها تحويل نهر الأردن.

يضاف الى كل ذلك ان الفئات السياسية اليمينية التي استلمت الحكم بعد الانفصال والموالية للغرب قد سقطت سقوطا ذريعا امام الرأي العام السوري بعد اذاعة الحقائق المذهلة التي تضمنتها اضبارة التحقيق بمؤامرة عبد الكريم الدندشي، هذه الاضبارة التي بقيت حبيسة أربع سنوات في الأدراج السرية لعبد الناصر ثم استخدمها في 23/2/1962 في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة ذكرى الوحدة كما اشرت الى ذلك سابقا:

لقد اصبح الوضع فيما لو أجريت انتخابات جديدة مهيأ لاستلام القوى الوطنية التقدمية المعادية للصهيونية وللنفوذ الاجنبي في سورية مقاليد الأمور، هذه القوى التي ألف بينها الاضطهاد الناصري واكتسبت بعد الانقلابات التي مرت بسورية وبعد الوحدة تجربة سياسية كبرى.

لم يكن هدف الولايات المتحدة اعادة الوحدة بين سورية ومصر، رغم التحسن الكبير في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة في تلك الفترة التي تعددت فيها الرسائل الودية المتبادلة بين الرئيس ناصر والرئيس كندي (سنوات الغليان ص 604-617) وانما كان هدفها اقامة حكم عسكري في سورية وهذا ما جعل القنصل الاميركي وموظفيه، وخلافا للأعراف الدبلوماسية ، يتدخلون في أحداث حلب. أما زيارته لي، بعد فشل الانقلاب، فلا شك أن هدفها كان التحذير من السياسة التي كنا ننتهجها والمعادية للمشاريع الاسرائيلية التوسعية المدعومة من الولايات المتحدة.

وبهذه المناسبة أذكر ان فائق النحلاوي أمين سر المجلس بلغني أوائل عام 1962 بعد الانفصال ، وكان ذلك في مطلع حياة المجلس النيابي التأسيسي أن دعوة قد وجهت من الولايات المتحدة لاستضافة وفد برلماني سوري، وقد قرر الفريق البرلماني المختص بموضوع العلاقات البرلمانية الخارجية قبول الدعوة وتشكيل وفد مؤلف من ممثلي مختلف الكتل البرلمانية والمستقلين، وقال انني اخترت كممثل عن الكتلة الاشتراكية، فاعتذرت بالرغم من الحاح اعضاء الوفد وقولهم انها فرصة لزيارة الولايات المتحدة والتعرف عليها.

بعد اعتذاري اتصل بي عبد الغني قنوت وقال لي:

هل توافق على ذهابي بدلا عنك، إن في ذلك فائدة لاطلاعنا على ما سيدور من أبحاث بين الوفد وبين الادارة الاميركية، قلت له لا مانع من ذلك.

بعد عودة الوفد اخبرني عبد الغني قنوت انه خلال اجتماع الوفد في وزارة الخارجية الاميركية جرى استعراض للموقف الأميركي من القضية العربية وركز الوفد على ضرورة وقوف الولايات المتحدة على الحياد بين العرب واسرائيل، والذي لفت نظر عبد الغني قنوت واعضاء الوفد ان الاميركيين قد أثنوا على سياسة صلاح البيطار وعلى صدقه واستقامته في التعامل معهم، مما دعا أعضاء الوفد بعد خروجهم من الاجتماع ولا سيما رشاد جبري وفيضي الاتاسي الى الغمز والتندر قائلين:

انكم تتهمونا بعلاقاتنا مع الولايات المتحدة والغرب بينما الذي ظهر من هذا الاجتماع ان علاقاتكم هي أقوى وأكثر وثوقا من علاقاتنا.

كما أخبرني عبد الغني أن حديثا أجراه معه أحد الموظفين الاميركيين بلغه فيه: إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تؤيد أي نظام في العالم الثالث ما لم يكن فيه قائد الجيش ورئيس المخابرات على اتفاق تام مع الولايات المتحدة الاميركية.. وكان هذا الحديث رسالة موجهة الينا من قبل المخابرات المركزية الاميركية، فيما إذا كنا نفكر باستلام الحكم بانقلاب على الوضع القائم في سورية.



أسباب فشل انقلاب 28/3/1962 :
=======



كان من أسباب فشل انقلاب 28/3/1962 الذي قام به النحلاوي وضباطه هو أن الرأي العام في الجيش السوري يعتبرهم مشتركين بالمسؤولية مع المشير عبد الحكيم عمر والضباط المصريين في تسريح عدد كبير من ضباط الجيش ونقل بعضهم الآخر الى القاهرة حيث لم يستلموا هنالك أي مسؤولية تناسب رتبهم. كما نقل عدد منهم الى الوظائف المدنية، وقد استمر النحلاوي وضباطه بعد الانفصال بهذه التسريحات ولا سيما تسريح الضباط المعروفين بولائهم للبعث والتقدميين بصورة عامة، فقد أصدرت قيادة الجيش بتاريخ 2/12/1961 قرارا بتسريح 73 ضابطا من الجيش السوري معظمهم من الموالين للبعث وان ذلك من الأسباب التي دعت العقيد بدر الأعسر قائد المنطقة الوسطى لاعلان موقفه المناوئ لتسلط النحلاوي وجماعته على الجيش ومطالبته معه أن يغادروا البلاد واستنكاره تعطيل الحياة الدستورية على هذه الصورة مع إعلانه ان الجيش ليس وصيا على الشعب، ثم تبع عصيان حمص تمرد بعض الضباط الموالين للبعث في حلب وكان تدخل العقيد جاسم علوان في تمرد حلب البعثي محاولة ناصرية جاءت متأخرة للانقلاب على انقلاب 28/3/1962.

لقد أدى تسريح النحلاوي لعدد كبير من الضباط الموالين للبعث بعد الانفصال الى انعكاسات سيئة علي وعلى الكتلة الاشتراكية في مجلس النواب لعدم اثارتنا قضيتهم في المجلس . فقد كانوا يأملون أن نستقيل من المجلس احتجاجا على تسريحهم مما جعلهم يحملوننا مسؤولية التخلي عنهم.

إن تسريح الضباط الموالين للبعث سواء منه ما تم خلال الوحدة أو ما تم بعد الانفصال، كان الدافع للعصيان في حلب بمعزل عن مشورتنا ومعرفتنا، كما كانت هذه التسريحات سببا مهما من الأسباب التي أدت الى انقلاب الثامن من آذار 1963 بتحالف الضباط الموالين للبعث مع الضباط الناصريين مرحليا.

الآثار التي تمخض عنها انقلاب 28 آذار 1962 :
======


لقد كان لانقلاب 28 آذار آثاره البعيدة المدى على مستقبل الأوضاع في سورية والمنطقة العربية. فقد أحدث هذا الانقلاب الدامي آثاره الطائفية المقيتة، فدمشق بأسرها حزنت على أبنائها من الضباط الذين أودى بهم عصيان حلب، وفي مقابل ذلك وصلتني رسائل من بعض القرى في شرقي حمص ومن منطقة اللاذقية تستنجد بي لانقاذ الموقوفين المتهمين بحوادث حلب. وراجعني أهل العديد من الضباط الموقوفينن وفيهم ضباط من حماه (رئيف العلواني وغيره) للسعي لاطلاق سراح الموقوفين، وقد زارني في تلك الفترة الضابطان المسرحان صلاح جديد وعبد الكريم الجندي للغرض ذاته، ولكنني في الحقيقة كنت عاجزا عن القيام بأي مساعدة.

كان اعتقادي ان واجبي يقضي أول ما يقضي وضع حد للآثار الطائفية التي خلفتها أحداث حلب، ثم السعي فيما بعد الى عدم تنفيذ الاحكام او التخفيف منها، ولا سيما أن مؤتمر الجيش في حمص قد قرر وجوب اصدار عفو عن المشتركين بحوادث العصيان، لذلك اتصلت بالصديق القاضي بدر علوش وقلت له :

أنت تعلم يا بدر انني لم أتدخل في حياتي بالقضاء ، ولكن هذه القضية ليست من الجرائم العادية، انها قضية سياسية كبرى، قد يكون لها نتائجها على مستقبل الأوضاع في سورية لذلك أرجو منك أن تنقل على لساني الى عضو المحكمة أحمد الراشد (وهو من مدينة حماه) ضرورة حصر الاتهام بعدد قليل من المشتركين بحوادث العصيان.

وعندما صدرت الاحكام بحق بعض المتهمين، تابعت هذه المهمة الخطيرة فاتصلت بالاتفاق مع وهيب الغانم وفيصل الركبي وبعض الرفاق الآخرين، برئيس الجمهورية ناظم القدسي وحذرته من مغبة المصادقة على أحكام الاعدام. وشرحت له المحاذير التي ستتأتى عن ذلك وانه من الواجب صرف النظر عن تصديقها حتى تطوى صفحة 28 آذار السوداء التي كادت أن تثير النعرات الطائفية في البلاد.

المذكرات تساهم في الكشف عن أحداث انقلاب 28 آذار 1962 :

لقد كشفت مذكرات عبد اللطيف البغدادي الصادرة عام 1977، ومحادثات الوحدة الثلاثية بعد الثامن من آذار 1963، ومذكرات عبد الكريم زهر الدين الصادرة عام 1967 وكتاب محمد حسنين هيكل سنوات الغليان الصادر عام 1988 كثيرا من الوقائع التي تمكننا من استعراض تسلسل الأحداث منذ الانفصال وحتى انقلاب الثامن والعشرين من آذار، ذلك الانقلاب الذي هدد بالاقتتال بين قطعات الجيش السوري واستشهد فيه عدد من الضباط، كما هدد باذكاء الفتنة الطائفية.

لقد كان ضباط الانفصال يطمعون بحكم سورية تحت قيادة المشير عبد الحكيم عامر -كما اشرت الى ذلك سابقا- ولهذا صدر البلاغ رقم 9 يوم 28 ايلول 1961 الذي اقتصر فيه ضباط الانفصال على المطالبة باصلاح أوضاع الجيش بالاتفاق مع المشير، ولكن هذه المحاولة لم تخف على عبد الناصر فرفض مصالحتهم واعتبرهم عصاة متمردين، واستدعى المشير الى القاهرة الذي لم يتمكن من اقناع ناصر بالتفاهم مع النحلاوي وجماعته في الجيش.

هذا كان موقف جمال عبد الناصر ، أما موقف الجيش السوري فقد اثار البلاغ رقم 9 احتجاجه بل وثورته، حتى لقد هدد العديد من قطاعات الجيش النحلاوي وجماعته بأنهم سيهدمون مبنى وزارة الدفاع على رؤوسهم اذا لم يتراجعوا عن البلاغ المذكور.

لقد وقع ضباط حركة 28 ايلول في مأزق بعد أن فشلوا في التفاهم مع عبد الناصر بعد صدور البلاغ رقم 9، كما كانوا عاجزين في الوقت ذاته عن تولي الحكم مباشرة فاتخذوا من عودة الحياة البرلمانية مرحلة موقتة لاعادة التفاهم مع جمال عبد الناصر وتطمينه بأنهم مخلصون لقيادته دون سواه، ولكنهم بالوقت ذاته كانوا غير مطمئنين لعودة سلطة جمال عبد الناصر بشكلها السابق ولذلك طالبوا بصيغة جديدة تضمن لهم حكم سورية في ظل الوفاق والتفاهم معه، والذي أقنعهم اكثر بضرورة هذا التفاهم هو ردود الفعل الغاضبة في الجيش على تصرفات الحكومة والمجلس النيابي التي ذكرتها سابقا وبالتفصيل، مما جعلهم يشعرون بأن هذا الوضع لن يستمر طويلا، وانهم اذا لم يتحركوا فإن غيرهم في الجيش سيسبقهم لوضع يده على مقاليد الحكم في سورية.

لقد كان جمال عبد الناصر مطلعا على المأزق الذي كان ضباط النحلاوي يتخبطون فيه، فحاول استغلاله والاستفادة منه لا لاعادة الوحدة التي أجمعت المصادر على عدم اقتناعه بقيامها من جديد، بل لزعزعة الوضع في سورية وللانتقام من ضباط النحلاوي والأحزاب السورية مما يعيد له اعتباره كزعيم للمنطقة على المستوى العربي والدولي، وقد استخدم لتنفيذ هذه المهمة أحد وزرائه في حكومة الوحدة فريد زين الدين الذي تجمعه صلات حسنة مع عبد الكريم زهر الدين وبعض الضباط ومع حركة القوميين العرب، كما كان قريبا لليمين الدمشقي حيث أنه كان صهرا لعائلة العظم، وقد كشفت مذكرات عبد الكريم زهر الدين مراحل هذه الاتصالات التي جرت قبل انقلاب 28 آذار 1962 :

"كانت القيادة تبدي أسفها لفقدان الوحدة مع مصر وكانت تفتش عن الوسيلة التي تمكنها من اعادة الوحدة ولكن بشروط تحول دون انحرافات الوحدة السابقة".

"ولذلك وبعد الدراسات المتتالية والاجتماعات التي كنا نعقدها أحيانا مع هاني الهندي (من القوميين العرب) وفريد زين الدين وغيرهما من العناصر الوحدوية قررنا أن نخطو الخطوة الأولى ونرسل وفدا من الضباط لمقابلة الرئيس عبد الناصر والتداول بالمواضيع العامة والمتعلقة بالأخطاء التي ارتكبت في زمن الوحدة، وكان ما طلبناه من الوفد هو معالجة الأمور التالية :

1- وقف المهاترات الاذاعية فورا.

2- الاعتراف بالوضع الحالي في سورية ليصار الى معاجلة عودة الوحدة على أسس جديدة.

3- عقد اتفاق عسكري مشترك ما بين مصر وسورية لتطبيق الخطط العسكرية الموضوعة اثناء الوحدة.

4- تصفية الامور الادارية المعلقة بين سورية ومصر (أسلحة وغيرها).

لقد قررنا تشكيل هذا الوفد من العناصر التي ساهمت بـ 28 ايلول وذلك للدلالة على سلامة النية وصدق الطوية ، وقد وافق رئيس الجمهورية على هذه الخطوة .. إلا أن الوفد سافر فجأة دون علمي ودون علم رئيس الجمهورية بل بإيعاز من عبد الكريم النحلاوي الذي أهمل رغبة رئيس الجمهورية عندما رغب بالاجتماع الى الوفد قبل سفره الى القاهرة"(ص 164).

وهكذا يظهر ان هدف عبد الكريم النحلاوي وضباطه كان التفاهم مع عبد الناصر بمنأى عن قائد الجيش زهر الدين وجماعته وعن رئيس الجمهورية ناظم القدسي، ولو كتب لانقلاب 28 آذار 1962 النجاح لكانت الخطوة الثانية بعد حل المجلس النيابي واعتقال رئيس الجمهورية متابعة التصفيات في الجيش والاستغناء عن قيادة زهر الدين والضباط الموالين له.

ويقول زهر الدين أيضا في مذكراته :

"كنا نعقد اجتماعات طويلة وعديدة في مكاتب القيادة، كما عقدنا اجتماعا في منزلي ضم العناصر التالية : اللواء زهر الدين، الواء نامق كمال، المقدم عبد الكريم النحلاوي، المقدم مهيب الهندي، المقدم هشام عبد ربه والرائد فايز الرفاعي (وكل هؤلاء من الضباط الذين خططوا وشاركوا في انقلاب الانفصال 28/9/61) والاستاذ نهاد القاسم والدكتور فريد زين الدين".

ثم يستطرد زهر الدين معترفا باتفاقهم على انقلاب 28 اذار بعد التفاهم مع القاهرة :

"وقد تداولنا موضوع التقارب مع القاهرة ودرسنا مسألة اعادة الوحدة حتى لو أدى ذلك الى انقلاب جديد" (ص 190).

وفد عبد الكريم النحلاوي الى جمال عبد الناصر :

في عام 1988 كشف حسنين هيكل في كتابه سنوات الغليان أن وفدا من ثلاثة من قادة الانفصال زاروا جمال عبد الناصر في بيته، وهم العقيد زهير عقيل والعقيد محمد منصور والرائد فايز الرفاعي بتاريخ 13/1/1962 ويروي حسنين هيكل - عن تسجيل صوتي كما يقول - الحديث الذي جرى بينهم وبين عبد الناصر وهذه خلاصته :

فبعد اعتذار الوفد عن انقلاب 28 أيلول، وبعد التوسلات للصفح والغفران، وبعد تأكيد الضباط على تمسكهم برئاسة جمال عبد الناصر مستشهدين بعبد الحكيم عامر، وبعد استعراض مخاطر اسرائيل على سورية، وبعد أن دغدغ ناصر عواطف وطموحات هؤلاء الضباط واصفا تصوراته فيما لو قام انقلاب وحدوي في سورية يعيد الوحدة فورا بقوله :

"سوف تلتهب الجماهير العربية حماسة .. القوى الاستعمارية المتربصة سوف تتلقى صفعة العمر .. الرجعية سوف تفقد صوابها .. اسرائيل ستجد نفسها امام اكبر خيبة منيت بها .. إنني أكاد الآن أسمع المنطقة كلها تهدر وأكاد ألمح الجموع الشعبية تزحف رافعة أعلامها" بعد ذلك كله ينهي عبد الناصر حديثه بإشارات صريحة إلى ما يود أن يقوم به ضباط النحلاوي كشروط مسبقة للاتفاق معهم :

"أنتم تريدون عودة الوحدة في شكل جديد .. لقد قلتم هذا الآن وأنا أيضا أرى مثل هذا الرأي ، أنا الآخر أطالب بشكل جديد للوحدة".

"إننا في حاجة الى أن ندرس كل ما حدث ونتفهم معانيه، ان ذلك سوف يفرض شكلا جديدا للتجربة وكل هذه أمور تستحق الدراسة بل وتتطلبها كضرورة حيوية للنجاح، ثم هناك مسائل أخرى أقولها لكم بصراحة بينها النظام الاجتماعي انني لا أتصور أن تقوم وحدة بين مصر وسورية وتكون القاهرة اشتراكية بينما دمشق رأسمالية، كذلك بينها مسألتكم أنتم، مسألة الجيش في أي دولة، هل تتلقى الدولة من الجيش أوامرها أم الجيش يتلقى من الدولة أوامره؟

كل هذه مسائل لا بد أن ندرسها وهي ما لا يمكن أن تتم بالانقلاب وإنما بحثها بين حكومات وطنية تلتقي في الهدف وتتحد عليه".

وهنا يسأله الضابط فايز الرفاعي مستعجلا الانقلاب ومتصورا بسذاجة إمكان الحصول على فتوى صريحة بذلك من عبد الناصر :

سيدي الرئيس ، وهل ننتظر الأخطار المحيطة بسورية خصوصا من جانب اسرائيل حتى تجيء الفرصة لاقامة حكومة وطنية في سورية تتذاكر معكم في هذه الأمور كلها؟

ولكن عبد الناصر يتهرب من الجواب واعدا اياهم بأنه لن يترك سورية وحدها في حالة العدوان الاسرائيلي وينهي الجلسة بقوله :

"لقد جعت هل تتعشون معي؟" (ص 577 - 585).

ويعود الضباط الثلاثة الى سورية ويبدو أنهم فهموا أن عبد الناصر سيتفق معهم في حالة إطاحتهم بالنظام القائم في سورية وإلا لما تجرؤا على القيام بانقلاب 28/3/1962، ولكنهم كانوا بالغي السذاجة عندما تصوروا أنه قد صفح عنهم، فلقد كان الدعم الاعلامي من اذاعة القاهرة واضحا وقويا للضباط الذين قاموا بعصيان حلب وكانت الأحداث قد رتب لها أن تكون كالتالي :

أن يقوم ضباط الانفصال أنفسهم بالمرحلة الأولى من الانقلاب في دمشق وهي حل المجلس النيابي والقضاء على الحياة الديموقراطية، وان تكون المرحلة الثانية هي استيلاء الضباط الناصريين على الحكم بقيادة جاسم علوان بواسطة الحركة التي قاموا بها في حلب، ولكن الذي افسد هذه الخطة هو مؤتمر ضباط الجيش في حمص الذي أعلن المؤتمرون فيه أنهم ليسوا أوصياء على الشعب، وقرروا ترحيل ضباط الانفصال من دمشق ومقاومة المتمردين في حلب.

وإلى خطة الانقلاب الناصرية المزدوجة يشير صراحة الفريق لؤي الأتاسي (ناصري) رئيس الدولة السورية بعد انقلاب الثامن من آذار معتبرا اياها عملية واحدة، وذلك في محادثات الوحدة الثلاثية مع عبد الناصر عندما يقول :

"عملية 28 آذار وما قابلها في حلب" كانت عملية ناجحة مئة بالمئة .. ولكن سبب الفشل هو التخطيط الخاطئ من الجماعة المتصلين بالسفارة (المصرية) لأنهم تعاونوا مع بدر الأعسر" (ص63). ويقصد الأتاسي جماعة العقيد جاسم علوان(1) الذي كان على رأس تمرد حلب لأن هؤلاء اتصلوا مع العقيد بدر الأعسر قائد المنطقة الوسطى في حمص حيث انعقد مؤتمر الضباط الذي قرر الوقوف في وجه انقلابيي دمشق وحلب في آن واحد.

ان الذي فشل عمليتي دمشق وحلب في آن واحد ليس بدر الأعسر كما يقول لؤي أتاسي في المحادثات وانما الاتجاه العام في الجيش الذي لم يكن ناصريا بحال من الأحوال والى ذلك يشير زهر الدين في مذكراته :

"أما الاجتماع الآخر فقد عقد برئاستي، وقد استدعيت لحضوره المسؤولين في الجيش، وذلك على صعيد القيادة العامة وصعيد القطعات المحاربة، وصعيد قيادة المناطق والمصالح ومدراء المدارس العسكرية، ولا أزال أذكر من الذين حضروا هذا الاجتماع الذي عقد ليلا في مدرسة المدرعات كلا من : اللواء زهر الدين العميد مسلم صباغ، العميد عدنان عاقل، العميد زهير عقيل، العقيد زياد الحريري، العقيد تيسير الطباع، العميد محمد عودة، العقيد عبد الكريم العابد والعقيد عدنان الشويكاني، العقيد محمد منصور، المقدم عبد الكريم النحلاوي، المقدم مهيب الهندي، المقدم هشام عبد ربه، والرائد فائز الرفاعي، وقد حضر هذا الاجتماع كثيرون غيرهم، غير انني لم أعد أذكر أسماءهم.

لقد استعرضنا في هذا الاجتماع موضوع اعادة الوحدة فأدلى العقيد شرف زعبلاوي نائب رئيس شعبة المخابرات برأيه القاضي بضرورة القيام بانقلاب تعود على أثره الوحدة الفورية، واستند بذلك على الموقف الذي وصفه بأنه خطر، اذ قال بأن الجيش بكامله ناصري وان الشعب بنسبة 90% ناصري، ولذلك فهو يقترح سرعة القيام بهذه الحركة خوفا من المد الناصري، الذي قد يطيح بنا بصورة فجائية.

وهنا تعالت أصوات الاحتجاجات فتدخلت بالموضوع وأعدت الهدوء وقلت إذا اتضح لنا بأن كلام المخابرات واقعي فيجب الاسراع بالانضواء تحت لواء الوحدة الفورية، اما اذا ثبت لنا بأن تلك الأقوال غير مضبوطة فينبغي تحاشي الاصطدامات التي قد تنشأ من جراء القيام بأية حركة لا تكون الاكثرية مؤمنة بها.

ووجهت سؤال الى قادة القطعات المحاربة فيما اذا كانوا يؤيدون قول شعبة المخابرات من أن الجيش بكامله ناصري. وقد سألتهم واحدا واحدا فكانت اجاباتهم نافية نفيا قاطعا لحديث المخابرات، وخاصة زياد الحريري، الذي استهجن هذا القول، وأكد بأن لواءه خال من أي ناصري .. ثم سألت قادة المناطق عن الناحية المدنية فاستنكروا قول شعبة المخابرات وقالوا بأنه خال من الصحة .. وأخذنا جميعا باستعراض مختلف فئات الشعب حيث قلنا بأنه لا يمكن أن تكون النسبة التي حددها نائب رئيس شعبة المخابرات مضبوطة، اذ ان الشيوعيين غير ناصريين، وجماعة أكرم الحوراني غير ناصريين والمسيحيون غير ناصريين والاخوان المسلمون غير ناصريين والتجار غير ناصريين ورجال الصناعة والاقتصاد غير ناصريين، كما أن النسبة الكبرى من الفئات الأخرى كالعمال والفلاحين والطلاب غير ناصريين، ولذلك لا يمكن أن تكون أقوال شعبة المخابرات صحيحة". (ص 193)


مذكرات اكرم الحوراني --مؤسس البعث
 

محاولة انقلاب نوفمبر ١٩٥٦

أو عملية الانتشار الأميركية
=========


لم تكد تهدأ عاصفة اغتيال المالكي 1955 حتى ظهرت في الأجواء بوادر أزمة جديدة تتمثل
في الإعلان عن كشف خيوط محاولة انقلابية تعد لها مجموعة من الضباط السوريين
بالتعاون مع العراق, وذلك في نوفمبر عام ١٩٥٦ . وقد اتهم ثمانية من أعضاء المجلس
النيابي بالتواطؤ مع عدد من الضباط ومجموعة من منسوبي الحزب القومي السوري
بالتآمر مع العراق للقيام بانقلاب عسكري في سورية يطيح بالعناصر اليسارية ويعيد
سورية إلى المعسكر الرأسمالي, وبلغ المتهمون في مجموعهم سبعة وأربعين شخصاً منهم
سياسيون وعسكريون بارزون, وتقرر محاكمتهم أمام محكمة عسكرية لأن البلاد كانت
تخضع للأحكام العرفية التي أعلنت فور العدوان الثلاثي على مصر.

وقد أعادت هذه الحادثة إلى الساحة السياسية المشكلة الطائفية التي سادت في مرحلة
ما قبل الشيشكلي, فقد كان الجيش السوري منقسماً على نفسه ولم تكن أي من
المجموعات المتناحرة في صفوف الجيش قادرة على تشكيل أغلبية في صفوف الضباط,
ولذلك فقد لجأ المخططون للانقلاب إلى الاعتماد على العنصر الطائفي الذي أثبت بأنه لا
يزال أكثر ثباتاً ورسوخاً من أي انتماءات فكرية أو حزبية, فقد تزعم هذه المحاولة
الانقلابية الضابطين العلويين: محمد معروف وغسان جديد, وشاركهم الضابط الشيعي اللبناني محمد صفا, كما تعاون معهم النائب في البرلمان السوري الشيخ العلوي حامد المنصور

وقد تحدث الضابط العلوي محمد معروف في مذكراته عن قيامه هو و الضابط العلوي غسان جديد بالتفاوض مع نائب رئيس الأركان العراقي اللواء غازي الداغستاني في لبنان للتخطيط لانقلاب في
سورية بالتعاون مع الحزب القومي السوري سنة ١٩٥٦ , وتم الاتفاق على فتح باب
التطوع وإرسال مبالغ مالية لتغطية نفقات دورات التدريب, وكان معروف يعتمد
بصورة أساسية على تجنيد العلويين من قضائي طرطوس وجبلة ممن خدموا سابقاً في
جيش الشرق الفرنسي , حيث استجاب له عدد كبير من المتطوعين الذين لم يكونوا بحاجة إلى
تدريب لأنهم كانوا من الرقباء والجنود المسرحين, وكانت الخطة تتلخص في أن:
بعض العشائر العلوية ستتحرك لمؤازرتنا في محافظة اللاذقية »
(عشيرة النميلاتية والمتاورة) عند بداية الحركة, ولا سيما عشيرة
.« سليمان المرشد بزعامة ولديه ساجي وفاتح

وأكدت وثائق محكمة الشعب العراقية البعد الطائفي العلوي والدرزي لهذه المحاولة الانقلابية, حيث دار الحديث عن قيام اتصالات بين اللواء غازي الداغستاني من جهة, وغسان جديد
ومحمد معروف بالإضافة إلى جورج عبد المسيح من جهة أخرى, لتسليح الموالين من
الدروز والعلويين بهدف شل حركة الاشتراكيين والشيوعيين في الجيش السوري, وقد
تسلم غسان جديد عدداً كبيراً من البنادق والذخيرة والأجهزة اللاسلكية والقنابل
اليدوية (الرمانة) وأرسلت كميات أخرى من الأسلحة إلى جبل الدروز ( ٥٠٠ بندقية
موزر ألمانية, ٤ رشاشات, قاذفتين فيات وآلاف الطلقات لهذه البنادق).

و تولى الضابطين الدرزيين: حسن الأطرش وفضل الله جربوع عملية نقل الأسلحة والتخطيط لعصيانشامل ضد الحكم في جبل الدروز.

في حين تعرض ايفلاند في كتابه (( حبال من الرمال)) باقتضاب للحديث عن دور
الاستخبارات الأمريكية في التخطيط لهذا الانقلاب, فإن الوثائق الأمريكية تقدم
معلومات أكثر أهمية مما ذكره إيفلاند عن دور جهاز الاستخبارات المركزية فيما أسمته
حيث تشير الوثائق إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا على ,« عملية الانتشار » : آنذاك
قناعة تامة بضرورة إحداث تغيير جذري في السياسة السورية والتخطيط لانقلاب يهدف
إلى الإطاحة بالعناصر اليسارية وتعيين نظام موال للمعسكر الرأسمالي. وكانت مصادر
الاستخبارات البريطانية تؤكد بأن سورية على وشك السقوط في براثن الشيوعية,
وطالبت الحكومة البريطانية بضرورة العمل على تأسيس نظام حكم في سورية أقرب إلى
الغرب. وبناء على هذه التقارير قررت الحكومة البريطانية التعاون مع الأخوين جون
دالاس وزير الخارجية الأميركي وآلن دالاس رئيس جهاز الاستخبارات المركزية
الأمريكية لوضع خطة تهدف إلى قلب نظام الحكم في سورية.( ٣) وقامت علاقة تعاون
وثيق بين الاستخبارات البريطانية والأمريكية لدعم مخطط عراقي يدبر له نوري السعيد,
الذي كان قد أمر بإعداد خطة تدخل عسكري لدعم حركة انقلابية موالية للغرب في
سورية.

ولكن اللواء غازي الداغستاني جادل بأن هذه الخطة غير ممكنة, واقترح بديلاً
عن ذلك إقامة تجمع من المناوئين للحكم في سورية يتضمن زعماء الحزب القومي
السوري وأنصار أديب الشيشكلي, بالإضافة إلى الضباط العلويين والدروز الذين كانوا
يتمتعون بدعم عشائري كبير في مناطقهم وحشدهم للقيام بانقلاب محلي وتأسيس نظام
بديل يعمل على التقارب مع العراق, وتم استمالة مجموعة من السياسيين على رأسهم منير
العجلاني وميخائيل ليان.( ١) وقد تم الاتفاق على أن تقدم العراق مليون ونصف ليرة
سورية لتمويل الحركة الانقلابية بالإضافة إلى ١٥٠٠ قطعة سلاح, وقد تكفلت
الاستخبارات الأمريكية بتقديم ثلث هذا المبلغ, كما أنها أرسلت شحنة من الأسلحة
تقدر بحوالي ٢٠٠٠ قطعة تم شحنها عن طريق القاعدة البريطانية بالحبانية. وتشير
المصادر إلى أن الزعيم الدرزي حسن الأطرش طلب مائة ألف دينار نظير مشاركته في
المحاولة الانقلابية, وبعد مفاوضات مطولة تم الاتفاق على دفع ٢٥٠ ليرة لكل مقاتل
يتمكن من تجنيده من الدروز, وتم شحن كمية كبيرة من الأسلحة إلى قواعد الحزب
( القومي السوري بلبنان بمعرفة من رئيس الأركان اللبناني اللواء شهاب

وكان من المخطط أن يقوم محمد معروف بإعلان التمرد في اللاذقية, ويقوم حسن
الأطرش بدعم الحركة الانقلابية في السويداء, بينما تتحرك قطعات من الحزب القومي
السوري لفرض الأمن في دمشق, والزحف نحو حاميات حمص وحماة وحلب للسيطرة
عليها. وتم الاتفاق على تنفيذ الانقلاب أثناء رحلة القوتلي إلى موسكو والتي كانت
مقررة في ٣١ أكتوبر ١٩٥٦ , ولكن العدوان الثلاثي على مصر في ٢٩ أكتوبر دفع غسان
جديد لإلغاء الموعد في اللحظة الأخيرة, وبعد مشاورات مع الاستخبارات الأمريكية
كان دالاس يرى بأنه من الأفضل تأجيل العملية إلى ما بعد ١ نوفمبر بسبب الظروف
الحرجة, ولكن الفرصة كانت قد فاتت بسبب اكتشاف الاستخبارات السورية المخطط
( في ٣ نوفمبر


وكان غسان جديد قد أعد مخيماً للتدريب في سهل البقاع, حيث كان حوالي ٣٠٠٠ من الحزب القومي )السوري يتدربون فيه, وأسندت مهمة إمدادهم بالسلاح إلى اللواء غازي الداغستاني الذي قام بشحن ستينرشاشاً و ٢٥٠٠ بندقية, و ٦٠٠٠٠ طلقة, وقد تم إلقاء بعض هذه الإمدادات بالمظلات, بينما أرسلت شحنةمنها عبر مطار بيروت. وقام غسان جديد بتهريب كميات من هذه الأسلحة عبر الحدود السورية, كما قام بدفعمبالغ طائلة لاستمالة مجموعة من ضباط الجيش بدمشق,

لقد أدى فشل هذه المحاولة إلى نتائج عكسية; فبدلاً من تحقيق انقلاب يعيد سورية
أركان الجيش, » إلى المعسكر الغربي, ساعدت هذه الحادثة في دعم التيار اليساري في
فتشكلت محكمة عسكرية ترأسها الضابط اليساري العقيد عفيف البزرة, وتساهل
المحققون في إلقاء التهم التي أخذت تحت وطأة التعذيب, ولم يحظ المتهمون بفرصة عادلة
للدفاع عن أنفسهم فقد أحجم المحامون السوريون عن الدفاع عنهم وقدم وفد من
المحامين اللبنانيين للقيام بهذه المهمة, وبالتالي فلم تكن الأحكام القاسية التي صدرت في
مطلع سنة ١٩٥٧ مفاجئة للرأي العام, حيث حكم بالإعدام حضورياً على النواب هايل
السرور وسامي كبارة وابن الرئيس السوري الأسبق عدنان الأتاسي, وعلى الضابط
الإسماعيلي حسين الحكيم. كما حكم بالإعدام غيابياً على محمد معروف ومحمد صفا
وصلاح الشيشكلي (شقيق أديب الشيشكلي), وميخائيل ليان, وكذلك على الضباط
الدروز: سعيد تقي الدين, وحسن الأطرش وشكيب وهاب, ثم خففت أحكام الإعدام
من قبل رئيس الجمهورية فيما بعد. وحكم على النائب الدرزي فضل الله جربوع وعلى
زيد بن حسن الأطرش, وكذلك على النائب منير العجلاني وفائق الشيشكلي بأحكام
مختلفة, وكان غسان جديد قد تم اغتياله في 19 /2 / 1957

٩
 

تمردات فاشلة محاولة انقلاب الدرزيان حمد عبيد وسليم حاطوم
====


في بداية الثلث الثاني من شهر شباط 1966 أصدر وزير الدفاع اللواء محمد عمران (( علوي))، بناء على قرار القيادة القومية لحزب البعث ، أمرا بنقل الضابطين الرائد سليم حاطوم ((درزي)) والرائد عزت جديد (( علوي)) من وحداتهم العسكرية ، ويعتبر هذا النقل مساسا بموازين القوى التي كانت في صراع بعد حل القيادة القطرية لحزب البعث ، وأن هذا النقل يأتي قبل أيام من موعد محتمل لانعقاد المؤتمر القطري في دورة استثنائية يوم 25/2/1966 لمناقشة الأزمة بين القيادتين القومية والقطرية ، وكان قرار هذا النقل من الأسباب التي حملت القيادة القطرية المؤقتة على تبني العمل العسكري كخيار أخير لحسم الصراع في الحزب .

في ليلة 22/23/شباط 1966 وبعد أن قررت القيادة القطرية المؤقتة بكامل أعضائها القيام بعد منتصف الليل بعمل عسكري تنفذه في دمشق وحدتا الرائد حاطوم المتمركزة في معسكر حرستا والرائد عزت جديد المتمركزة في معسكر القابون .

طلب مني اللواء حمد عبيد (( درزي))، عضو القيادة القطرية المؤقتة ووزير الدفاع قبل حل القيادة القطرية ، أن نذهب معا إلى منزله في جادة الخطيب ليرتدي بدلته العسكرية ، ثم نعود إلى المنزل الذي اتخذ كمقر للقيادة - منزل جميل شيا (( درزي)) في حي المهاجرين - ومن هناك ينطلق اللواء حمد إلى مهمته في معسكرات قطنا . وفي طريق ذهابنا إلى منزله، طلب مني اللواء حمد أن أرشحه في اجتماع القيادة بعد تنفيذ الحركة إلى منصب وزير الداخلية، لأن منصب وزير الدفاع كان قد تقرر قبل أيام من تنفيذ الحركة، وسمي اللواء حافظ الأسد لهذا المنصب.

حين وصل اللواء حمد عبيد إلى معسكرات قطنا، أبلغ من قبل الضباط الموالين للقيادة القطرية المؤقتة أنهم يسيطرون بشكل كامل على المعسكرات ولا حاجة لوجوده، وقد تحتاجه القيادة في مكان آخر.

كلفت القيادة القطرية اللواء حمد عبيد الإشراف على النواحي العسكرية والأمنية في حلب ومطاردة الرائد بدر جمعة - من أنصار الفريق أمين الحافظ - الذي استطاع - وكان مديرا للكلية الحربية - أن يسيطر بالتعاون مع الضابط مصطفى عبدو في حماه على بعض الآليات والمدافع ، ويهرب بها نحو حلب .

وصل اللواء حمد عبيد إلى حلب التي وصل إليها أيضا عضو القيادة القطرية مصطفى رستم ((اسماعيلي)) ليتعاونا في معالجة الوضع المبلبل في حلب ، ولكن اللواء حمد بدأ باتصالات سرية مع بدر جمعة وعبد الغني برو ، رئيس فرع المخابرات في حمص قبل الحركة ، وتمت بينهم عدة اجتماعات في بيت أحمد أبو صالح (( سني )) اتفق خلالها على السيطرة على حلب ، ثم إجراء اتصالات مع المقدم مصطفى طلاس للاستيلاء على المنطقة الوسطى فتكون دعما للجيوب التي تشكل قوة لهم في المنطقة الجنوبية ، وبذلك يقومون بعملية ارتدادية على الحركة .

حضر أحمد أبو صالح يوم 8/3 إلى دمشق والتقى في بيت خالد الحكيم بدوما ببعض الأشخاص من مجموعة " حمود الشوفي - بعث القيادة القومية" وأبلغهم عن حركة عسكرية ارتدادية سيقوم بها اللواء حمد عبيد والرائد بدر جمعة .

كان المقدم مصطفى طلاس قد أبلغ القيادة عن النشاط التآمري للواء حمد ، كما أبلغ ، أيضا ، بعض من تم الاتصال بهم من الحزبيين المدنيين في حلب القيادة التي أدهشها ما يقوم به اللواء حمد ، وقررت تحريك كتيبة دبابات من اللواء الخامس بحمص ، كما قررت ، بنفس الوقت ، أن يتوجه رئيس الأركان اللواء أحمد السويداني (( سني)) إلى حلب لإنهاء الوضع المبلبل.

لما وجد اللواء حمد عبيد والرائد بدر جمعة وبقية الضباط المتورطون معهم ، أن مخططهم لاقى الفشل ، ومع وصول اللواء السويداني وتوجه كتيبة الدبابات ، فر الرائد بدر جمعة إلى تركيا ومنها إلى لبنان .

عاد اللواء السويداني برفقة الضباط الذين كانوا قد تورطوا مع اللواء حمد إلى دمشق جوا ، بينما عاد الأخير يوم 9/4 برا، ووضع نفسه تحت تصرف القيادة القطرية المؤقتة ، وهو أحد أعضائها ، وقد قررت القيادة اعتقاله وتمت فيما بعد محاسبته من قبل لجنة الكسب الغير مشروع التي كان قد أقرها المؤتمر القطري الاستثنائي لمحاسبة الحزبيين والمسئولين الذين استغلوا وجود الحزب في السلطة .

ما أن انتهت مشكلة حلب بفترة وجيزة ، وتم تشكيل الوزارة ، بدأت الإعدادات لانتخابات حزبية لعقد المؤتمر القطري الثالث ،وانصرفت جهود القيادة للاتصال بالمنظمات الحزبية خارج سورية ، وخاصة منظمة الحزب في العراق ، تمهيدا لعقد مؤتمر قومي ، كما انصرفت جهود القيادة والوزارة ، أيضا ، إلى وضع البرامج العسكرية والاقتصادية والاجتماعية ، والعمل على تنفيذها .

لقد أقدم حكم الحزب على استثمار النفط وطنيا، بعد أن كان وقفا على الاحتكارات البترولية، كما أقدم على مطالبة شركة نفط العراق بمئات الملايين من الليرات السورية، وهي حق الشعب الواضح والصريح لقاء مرور النفط في الأنابيب عبر سورية، كما كان الحكم عازما على اجتثاث كل مظاهر الاستعمار ومصالحه في سورية وداعيا إلى ذلك في بقية أقطار الوطن العربي، وبدأت الخطوات سريعة في هذا النطاق، كما بدأت عملية تعميق التحولات الاشتراكية، وبناء البنية التحتية لاقتصاد متين، وتمثل ذلك أكثر ما تمثل في توقيع اتفاقية بناء سد الفرات -حلم فلاحي سورية - مع الاتحاد السوفييتي ، بعد أن ماطلت المؤسسات الغربية في تمويل إنشائه . وكذلك، فإن من يقرر تبني حرب التحرير الشعبية إستراتيجية له في تحرير فلسطين وتصفية الوجود الاستعماري في المنطقة وصولا إلى الوحدة العربية، ويترجم هذه الإستراتيجية إلى وقائع حقيقية وخطوات عملية، يجب أن يدخل في حسبانه أن الأمر البديهي والطبيعي هو أن يتآمر الاستعمار ويحشد كل طاقاته وإمكانياته في معركته وأساليبه التآمرية ضد الحزب وثورته، ويقف جاهدا لإفشال كل المنجزات التي حققتها الثورة للجماهير في سورية ، وأن لا يغيب عن باله أنه معرض إلى تآمر مستمر، وأن ترصد مئات الملايين من الدولارات لتغذية هذا التآمر بغية تقويض النظام الثوري، والتخلص من قادة هذا النظام الذين أطلقت عليهم الدوائر الاستعمارية " أصحاب الرؤوس الحامية ".

إن قوى الاستعمار تعرف بثاقب نظرها، أنها لا يمكن أن تنال من حركة ثورية أصيلة، بالتآمر الخارجي أو التصدي المباشر، لذلك تلجأ إلى اعتماد أسلوب النفس الطويل، وإلى مقتل مضمون النتائج، ألا وهو البحث عن عناصر وقوى تؤجج بها النزاعات الداخلية، حتى ولو لم تكن مرتبطة بشكل مباشر بها، ولكنها ترعاها وتهيئ لها السبل للتفجير من الداخل. وبحكم المصالح الذاتية التي يكتشفها البعض خارج إطار النضال الثوري، تجعلهم غير قادرين على متابعة النضال ومواكبة مسيرة الحزب والثورة وينزلقون بالتالي إلى المواقع المضادة لمصالح الجماهير الكادحة التي تقوم الثورات أصلا من أجلها.

كان الرجعيون في أوج نشاطهم، وبدؤوا بتحركات مريبة واتصالات مشبوهة قبل المؤامرة بأيام، وكانوا على صلات دائمة ودؤوبة مع العملاء الهاربين في الأردن ولبنان، وبندواتهم المكشوفة كانوا يبشرون بزوال العهد في مدة لا تتعدى الأيام القليلة، حتى أن البعض منهم كان يحدد يوم المؤامرة .

بدأت الأردن بحشد قوات عسكرية على الحدود السورية، وأعطيت مهمات لهذه القوات المحتشدة .
وحينما حقق مع أحد المعتقلين الرجعيين الذي تربطه صلات ود وصداقة مع موظفي السفارة الأمريكية بدمشق، طرحت عليه أسئلة واستفسارات تتعلق بتصريحات السفير الأمريكي في سورية التي جاء فيها :" إن هذا العهد ذاهب خلال أيام " ، فأجاب المحقق معه: أنه لما قيل للسفير الأمريكي، بأن تصريحاتك العلنية، وتأكيدك بزوال العهد، أمر مناف للأصول الدبلوماسية، وخاصة أن هذه الأقوال ستصل إلى المسؤولين، أجاب : لم يعد يهمني العرف الدبلوماسي، لأن البعث سيذهب عما قريب .

وكان قد صدر أمر بمنع دخول أحد المطارنة المعروف بعمالته للسفارة الأمريكية، إلى سورية فقال هذا المطران: ما قيمة هذا المنع، إذا كان الوضع سوف ينهار خلال عدة أيام، فليضبطوا أنفسهم قبل أن يمنعونا من دخول البلد؟ ،وفي اعتراف لجلال السيد، " احد مؤسسي البعث وأحد الشخصيات البارزة في تاريخ السياسة السورية "، قال: " في المقابلة التي تمت بيني وبين أكرم زعيتر وزير خارجية الأردن، أخبرني بأن الوضع في سورية سينهار، خلال فترة قريبة، ومصير سورية إما إلحاقها بالأردن ، أو تقسيمها وضمها للدول المجاورة، وذلك للتخلص من النظام البعثي الشيوعي الذي أصبح سائدا في سورية " .

في هذا الظرف المشحون بالتآمر، تم تهريب الأستاذ صلاح البيطار ((سني - مؤسس البعث))والأستاذ شبلي العيسمي (( درزي - مفكري البعث))من مكان احتجازهما في استراحة وزارة الدفاع بمنطقة القصور بدمشق إلى بيروت ، ورغم معرفة القيادة بأن هذا الهرب قد تم بمعرفة الرائد سليم حاطوم ، لأن عناصر الحراسة من وحدته العسكرية ، و الرائد مصطفى الحاج علي (( سني)) رئيس شعبة المخابرات العسكرية ، ولكن القيادة لم تول الأمر اهتماما لأن المحتجزين سيتم إطلاقهم قريبا .

في العشر الأخير من شهر آب 1966 ، صرح الرائد مصطفى الحاج علي في اللاذقية أمام بعض أصدقائه من البعثيين أننا سنقضي على القيادة القطرية في وقت قريب جدا ، كما تم الكشف في القطاع الأوسط من الجبهة ،عن تنظيم عسكري سري ، واعتقل الرائد محمد أحمد النعيمي مع عدد من أفراد الخلية ورحلوا إلى دمشق للتحقيق معهم.

شكلت القيادة لجنة للتحقيق من بعض الضباط برئاسة الرائد سليم حاطوم ، وكان حث القيادة على السرعة بإنجاز التحقيق لمعرفة المنضمين إلى التنظيم ، دون جدوى ، مما اضطرها إلى تشكيل لجنة جديدة ، من رئيس الأركان اللواء أحمد السويداني ورئيس مكتب الأمن القومي عبد الكريم الجندي ((اسماعيلي)) ووزير الداخلية محمد عيد عشاوي وقائد الجيش الشعبي محمد رباح الطويل ، وكشف التحقيق أن سليم حاطوم ومصطفى الحاج علي متورطون في هذا التنظيم ، وهما ممن كانوا يلحون ويطالبون القيادة القطرية المؤقتة لاتخاذ قرار بتحرك عسكري لإنهاء الأزمة في الحزب ، وهو القرار الذي نفذ ، أخيرا ، صبيحة 23 شباط .

تبين من التحقيق أن هدف التنظيم العسكري هو القيام بحركة التفاف على حركة شباط وبالتالي ضربها والإطاحة بها، وبكل الأسس التي قامت عليها، وتم الاتفاق بين قادة التنظيم على وضع خطة عسكرية شملت كافة المناطق والوحدات العسكرية، وأصبح كل شيء جاهزا ، ووزعوا المناصب الرئيسية في الجيش والسلطة فيما بينهم، كما أن خطتهم للتعاون مع الفئات السياسية المختلفة أصبحت منتهية، وأصبح الكل في حالة تأهب للانقضاض على الحزب وثورته.

ساعد هذا الكشف المبكر على اعتقال سريع للرؤوس المتآمرة، وأدى إلى إحباط المؤامرة الواسعة ، ولكن القيادة لم تعتقل الرائدين سليم حاطوم ومصطفى الحاج علي ، وأنصارهما ، ودعتهما لحضور جلسات نقد ذاتي تقوم بها القيادة ، وعاملتهما كعضوينمن أعضائها .

تبدأ قصة الاتصالات بين الأطراف المتعددة، بعد حركة 23 شباط بأيام ، وتتحرك أياد خفية لتجمع الخيوط المشدودة لها، إذ نشط كل من خالد الحكيم ونبيل الشويري ومحمود نوفل وأحمد أبو صالح وآخرين ( وهؤلاء كانوا قد قادوا تكتلا في الانتخابات الحزبية أيلول 1963 وأسقطوا الأستاذ صلاح البيطار في الانتخابات ، كما أنهم قاطعوا المؤتمر القومي السابع شباط 1964 وانشقوا عن الحزب وأسسوا بالتعاون مع كتلة علي صالح السعدي ما عرف بحزب البعث اليساري ، ولم يدم هذا الحزب طويلا إذ انشقت كتلة منه بتاريخ 17 نيسان 964 وأسست حزب العمال الثوري العربي ، بينما انفرط عقد الآخرين وطلب بعضهم العودة للحزب ، أما الباقون ومنهم الأسماء المذكورة وعرفوا بمجموعة حمود الشوفي عادوا والتفوا حول الأستاذ صلاح البيطار ) .

نشط الأشخاص المذكورون بإقناع الرائد حاطوم للالتقاء مع الدكتور منيف الرزاز الذي كان متواريا عن الأنظار ومختبئا في بيت المهندس غسان رزق ، ونجحت جهودهم وتم اللقاء في بيت خالد الحكيم بدوما ، وبعد اجتماعات متعددة تم الاتفاق على تشكيل مكتب سياسي من أعضائه " محمود نوفل وخالد الحكيم " و مكتب عسكري مهمته القيام بتنظيم سري لضباط الجيش - يستبعد منه الضباط العلويون - والتحضير لانقلاب على الحزب .

كان الرزاز (( أردني)) قد شكل المكتب العسكري من :اللواء المتقاعد فهد الشاعر ((درزي))، العقيد المتقاعد صلاح نمور ، العقيد إسماعيل هلال ، الرائد مجلي القائد ، الرائد شريف سعود ، النقيب علي سلطان ، النقيب علي الضماد ، وكان هذا المكتب مرتبطا بالدكتور منيف الرزاز بواسطة المحامي نسيم السفرجلاني ، ثم أضيف إليه الرائد سليم حاطوم ، والرائد شريف الشاقي ، والرائد مصطفى الحاج علي ، ولقد تم الاتفاق ، أيضا ، في حال نجاح انقلابهم على أن يكون اللواء الشاعر وزيرا للدفاع ، والرائد الحاج علي رئيسا للأركان ، والرائد سليم حاطوم قائدا للواء السبعين المدرع < المرابط بالكسوة > ، إضافة إلى كتائب المغاوير ،وتبين أن النية مبيتة عند الرزاز والشاعر على التخلص من حاطوم ومجموعته فور نجاح انقلابهم ، وأنه قد تم تشكيل مكتبين عسكريين ، أحدهما بدون الحاطوم والشاقي .

اجتمع الرائد سليم حاطوم مع اللواء فهد الشاعر ، بناء على طلب الدكتور الرزاز ، للتنسيق معه ، وبعد اجتماعات متعددة وفي أمكنة مختلفة ، ضمت الاجتماعات كلا من اللواء فهد والرائد حاطوم والرائد الشاقي والرائد الحاج علي والنقيب فؤاد منذر والنقيب سلامة المغوش وغيرهم من الضباط ... ، وضعت خطة عسكرية تشمل كافة المناطق والوحدات العسكرية ، وهي خطة مركزية مؤلفة من عشرة صفحات، وتعتمد على ما يلي :

-يتحرك الرائد حاطوم بكتيبته لاحتلال الأركان والإذاعة ومبنى القيادة القطرية بالمالكي وتجميد مدرسة المدرعات بالقابون .

- تتحرك وحدات من معسكرات قطنا - بعد السيطرة عليها واعتقال أو قتل الضباط الموالين لقيادة الحزب - على محورين : الأول ، نحو الصبورة لاحتلال أجهزة بث إذاعة دمشق ، والثاني ، نحو مطار المزة العسكري للسيطرة عليه ، وتبقى مجموعة ثالثة في المعسكرات لحماية مركز القيادة التي ستكون مقرا لفهد الشاعر وأعوانه .

- خطة الجبهة، بعد أن تتم السيطرة عليها بقيادة العقيد طلال أبو عسلي، تتلخص ب :

تحرك ثلاث مجموعات عن طريق سعسع - صحنايا - دمشق و تستهدف هذه القوات تجميد اللواء السبعين في الكسوة واحتلال بعض المناطق والمحاور الرئيسية في مدينة دمشق .

تتم السيطرة على اللواء المدرع الخامس في المنطقة الوسطى- بعد اعتقال آمر اللواء المقدم مصطفى طلاس وقادة الكتائب في منازلهم - بمساعدة طلاب من الكلية الحربية بقيادة أحد الضباط الموالين .

تتم السيطرة على معسكر القطيفة ، من بعض الموالين لهم وتتحرك كتيبة منه نحو حمص ، للدعم ، إذا اقتضت الضرورة .

تجمد بقية الوحدات من الداخل وتصبح غير قادرة على الحركة.

" بجدر التنويه بأن كشف هذه المؤامرة كان سببا في تأخير إطلاق الذين احتجزوا من أعضاء القيادة الحزبية صباح 23 شباط 1966


منقول عن مذكرات أحد أعضاء قيادة البعث الجناح القيادة القطرية​
 

ولد سليم حاطوم سنة 1928م لعائلة فقيرة من قرية دبين في محافظة السويداء. انتسب لحزب البعث، دخل الجيش، وظل يتدرج فيه حتى وصل لرتبة مقدم، ولعب دوراً في انقلاب الثامن من آذار سنة 1963م. ومكافأة لحاطوم الذي كان مسؤولاً عن كتيبة الصاعقة التي تتولى حماية القصر الجمهوري ومواقع استراتيجية أخرى، تم ضمه إلى اللجنة العسكرية ليكون الدرزي الوحيد فيها، وهي لجنة سرية شكلها ضباط بعثيون سوريون في سرب الطيران الليلي في مصر عام 1960، إبان الوحدة السورية المصرية.

حاطوم عضو اللجنة العسكرية
==


في شباط 1966 حاول محمد عمران المطرود سابقاً من اللجنة العسكرية، نقل سليم حاطوم واثنين آخرين من أنصار صلاح جديد إلى وحدات أخرى في الجيش، فقامت اللجنة العسكرية بالرد حيث شنت هجوماً ترأسه المقدم سليم حاطوم ووحدته الفدائية على منزل الفريق أمين الحافظ، وكانت حصيلة القتال خمسين شخصاً واستسلام أمين الحافظ، وتولّي اللجنة العسكرية بقيادة صلاح جديد وحافظ الأسد مقاليد الحكم الفعلي.
شعر سليم حاطوم أن الدَّيْن لم يسدد له، خاصة وأنه لم يتم انتخابه في القيادة القطرية الجديدة للحزب، ولم يحصل على رتبة عالية أو منصب كبير، وبدلاً من ذلك أعيدت كتيبة الصاعقة التابعة له إلى الوظيفة الرتيبة في حراسة محطة الإذاعة والتلفزيون وغيرها من المنشآت. فآذت هذه الضربة كبرياءه ولم ترض طموحه، وشعر بأن زملاءه في اللجنة العسكرية يريدونه أن يتحمل وحده اللوم على قتل ضحايا 23شباط 1966، وهم يخططون للتخلص منه، ثم إقامة تمثال له لتكريمه. فأصبح حاطوم القلق بؤرة للشقاق.

راح سليم حاطوم ينحاز إلى البعثيين القدامى أنصار عفلق والبيطار المطاح بهم، والذين كانوا يبحثون عن حلفاء عسكريين، أو الذين يدعون “الشوفيين”، وكانت خطوته التالية إقامة لجنة عسكرية تابعة له ترأسها ضابط درزي آخر هو اللواء فهد الشاعر… ووضعت خطط الانقلاب، ولكن في كل مرة حدد فيها تاريخاً مقترحاً كان يحدث خطأ ما. وقبل تنفيذ الانقلاب في الموعد المقترح في الثالث من أيلول تم اكتشاف المحاولة وفشلت، ما أدى إلى حملة اعتقالات طالت أعداد واسعة من الضباط الدروز.


اعتقال الضباط الدروز
==

إن اعتقال الضباط الدروز الذين أيدوا انقلاب 23 شباط/فبراير 1966 في البداية واشتركوا فيه، بجانب سعي صلاح جديد وحافظ الأسد إلى تعيين أنصارهم في المراكز السياسية والاستراتيجية الهامة داخل وحدات الجيش التي كان يسيطر عليها أعضاء دروز من مجموعة حاطوم، كل ذلك سبب فزعاً كبيراً وقلقاً في فرع الحزب في السويداء ما دفعه إلى تقديم مذكرة في السابع من أيلول 1966م، بتقديم مذكرة خاصة لصلاح جديد وضحت فيها وجهة نظر ومخاوف الغالبية و من أعضاء فرع السويداء.

قال الأعضاء في مذكرتهم أنهم يؤيدون تصفية ما يسمى بـ “العناصر اليمينية” من الحزب، ما دامت لا تشمل الضباط المتورطين الذين اشتركوا في انقلاب 23 شباط 1966م، وخصوصاً أنهم وقفوا إلى جانب الانقلاب، وطالبوا إعادة جميع من نُقلوا لمراكز أقل أهمية في ذاك الوقت، أو الذين اعتقُلوا، إلى مراكزهم السابقة، حتى يتم إثبات تورطهم المُزمع بصورة قاطعة في المؤامرة الأخيرة، واقترحت المذكرة انعقاد مؤتمر قطري أو اجتماع على مستوى أقل لبحث أزمة الحزب. وفي الختام هددوا في مذكرتهم بتجاهلهم لأية تعليمات أخرى صادرة عن القيادة القطرية، وبمقاطعتهم لاية انتخابات مستقبلية للحزب، إذا ما استمرت عملية تصفية الضباط الذين ينحدرون من جبل الدروز والذين شاركوا في انقلاب شباط حتى انعقاد الاجتماع المقترح.

قررت القيادة القطرية للحزب إرسال لجنة حزبية عليا للسويداء، تتكون من الرئيس السوري والأمين العام للقيادة القطرية السورية نور الدين الأتاسي، والأمين العام المساعد صلاح جديد، وجميل شيا العضو الوحيد الدرزي بالقيادة القطرية.


اعتقال صلاح جديد في السويداء
====

اغتنم سليم حاطوم وأنصاره فرصة وصول اللجنة واعتقلوا صلاح جديد والأتاسي لاستغلالهم كرهائن أثناء مفاوضاتهم اللاحقة مع سلطات الحزب والجيش، بما فيها حافظ الأسد الذي بقي في دمشق، فيما لم يتم اعتقال جميل شيا عضو القيادي القطرية الدرزي، لذلك تمكن من التوسط بين جديد وحاطوم.

طالب حاطوم أثناء مفاوضاته الهاتفية مع حافظ الاسد، ورئيس الوزراء يوسف زعين، بتحقيق عدة أمور أهمها إعادة الضباط الدروز ومؤيديه إلى مواقعهم، ومراكزهم العسكرية التي طرودوا منها أو نقلوا منها بعيد حركة 23 شباط، وإطلاق سراح الضباط الدروز وأتباعه الذين اعتقلوا مؤخراً في المؤامرة المزعومة، وإعادة قبول ما أسماه حاطوم بـ “اليساريين” أي “جماعة الشوفيين” في الحزب.

حافظ الأسد يرسل الصواريخ ويهدد بقصف السويداء
===

رفض حافظ الأسد تلك المطالب، وأمر بإجراء عسكري حاسم، فأرسل نفاثات سلاح الجو لتحوم فوق قلعة السويداء، وامر اللواء المدرع السبعين المتفوق أن يسرع جنوباً إلى السويداء، وأرسل كتيبة صواريخ، وهدد بقصف مدينة السويداء وكلف عبد الكريم الجندي بقيادة العملية في السويداء. ويقول باتريك سيل إن الأسد إذا كانت لديه موانع حالت بينه وبين استخدام سلاح الجو ضد عفلق وأمين الحافظ في شباط 1966، فإنه لم يكن لديه أية موانع من حشد ذلك السلاح ضد حاطوم في السويداء.

نتيجة لهذا الإجراءات المضادة الفعالة فشل سليم حاطوم في الثامن من ايلول 1966م بتحقيق أهدافه، وقرر أخيراً الانتقال إلى الأردن.
في الثالث عشر من أيلول 1966 عقد سليم حاطوم مؤتمراً صحفياً في عمان وسرد روايته لما حدث في السويداء، وصرح بأن الوضع في سوريا مهدد بوقوع حرب أهلية نتيجة لتنمية الروح الطائفية والعشائرية التي يحكم من خلالها اللواء صلاح جديد واللواء حافظ الأسد، والفئات الموجودة حولهما.

واضاف حاطوم قائلاً:” إن الروح الطائفية تنتشر بشكل فاضح في سوريا وخاصة في الجيش سواء بتعيين الضباط وحتى المجندين وان الفئة الحاكمة تعمد إلى تصفية الضباط والفئات المناهضة لها وتحل مكانهم من اتباعها في مختلف المناصب. فقد بلغت نسلة العلويين في الجيش خمسة مقابل واحد من جميع الطوائف الأخرى.

“دولة علوية ذات رسالة خالدة”
==

في مقابلة أجرتها صحيفة النهار مع سليم حاطوم في الرابع عشر من أيلول 1966 صرح بأنهم فروا إلى الأردن من أجل أن يناضلوا بأسلوب آخر أو بطريقة أخرى لإنقاذ الجيش وإبعاد الروح الطائفية التي سيطرت عليه، ومضى قائلاً: “إّذا ما سئل عسكري سوري عن ضباطه الأحرار سيكون جوابه أنهم سرحوا وشردوا ولم يبق سوى الضباط العلويين”، وأضاف: إن الضباط العلويين متمسكون بعشيرتهم وليس بعسكريتهم وهمهم حماية صلاح جديد وحافظ أسد، وإن الاعتقالات الاخيرة شملت مئات الضباط من جميع الفئات إلا العلويين.

وبعد أسبوعين أصدر سليم حاطوم تصريحاً في الثامن والعشرين من ايلول 1966م، شمل وفقاً لما ذكرته جريدة الحياة اتهاماً بأن المجموعة الحاكمة في دمشق عقدت العزم على تنفيذ خطة طائفية بغية إقامة نظام انتهازي يحمل شعار “دولة علوية ذات رسالة خالدة” يلمع فيها العميد صلاح جديد ونور الأنوار إبراهيم ماخوس.

بعد مغادرة حاطوم السويداء، جرت عمليات تصفية واسعة النطاق في الجيش والحزب، وشملت عمليات التصفيات العديد من الضباط الدروز، وهذا أمر طبيعي لأن حاطوم اعتمد بصورة رئيسية على تأييد الدروز في حركته. وشهد السويداء المزيد من حملة تصفيات ضباطها وظل فرع الحزب بجبل الدروز مشلول الحركة والنشاط لأكثر من ستة اشهر بعد فشل حاطوم.


برقية سلطان باشا الأطرش
==

على اثر فشل العملية، طرد وزير الدفاع حافظ الأسد حوالي أربعمائة ضابط في أضخم حملة تطهير عرفها الجيش في تاريخه، وكانت الأغلبية من الضباط المطرودين من أبناء السويداء. وصلت التصفيات والاعتقالات التي قام بها وزير الدفاع حافظ الأسد، والأمين القطري المساعد صلاح جديد في الطائفة الدروزية لدرجة أن سلطان باشا الأطرش أرسل برقية مفتوحة لرئيس الأركان في ديسمبر 1966 هذا نصها:”أولادنا في السجون مضربون نحملكم مسؤولية النتائج. لقد اعتاد الجبل وما يزال أن يقوم بالثورات لطرد الخائن والمستعمر ولكن شهامته تابى عليه أن يثور ضد أخيه ويغدر ببني قومه.هذا الرادع الوحيد نقتصر مبدئياً على المفاوضات”.

في تلك الأثناء، ألقي القبض على اللواء فهد الشاعر واسيئت معاملته، وقيل أنه أجبر على الحبو على أطرافه الأربعة االحيوان في وسط ماء قذر بينما كان معذبوه راكبين فوق ظهره. وفي مارس 1967 قدم العديد من الأشخاص المتورطين في المؤامرة المزعومة، وأحيل اكثرهم بصورة غيابية إلى محكمة عسكرية خاصة شكلت في دمشق برئاسة المقدم مصطفى طلاس، وكانت أهم تهمتين وجهتها للمتهمين هي الاشتراك في مؤامرة للإطاحة بنظام الحكم، والتحريض على حرب أهلية وانقسام طائفي، وطالب النائب العام أن يصدر ضد خمسة من الضباط وجميعهم من الدروز حكم الإعدام وكان على رأسهم اللواء فهد الشاعر، وسليم حاطوم، وطلال أبو عسلي. وقد خلق الشاعر ضجة في المحكمة عندما تحدى صلاحية المحكمة، غير أن حكم الإعدام ضده لم ينفذ في آخر الأمر.

تكسير أضلاع حاطوم
==

حاول سليم حاطوم استغلال ظروف حرب حزيران 1967، والعودة إلى دمشق التي وصلها فعلاً قادماً من الأردن، ولكن ألقي القبض عليه، وسيق للمثول أمام محكمة طلاس العسكرية التي أكدت عليه حكم الإعدام.

يروي عضو القيادة القطرية مروان حبش أن حافظ الأسد طلب عقد اجتماع فوري في منتصف ليلة الثالث والعشرين من حزيران 1967، والسبب لم يكن دراسة تداعيات النكسة أو فقدان الجولان، بل كان سبب الاجتماع كما أوضح حافظ الأسد في الاجتماع هو الخشية من مجيء وفود من السويداء تطلب منهم إعادة النظر في حكم الإعدام الصادر بـ سليم حاطوم الذي ألقي القبض عليه، واقترح الأسد اتخاذ قرار بتنفيذ حكم الإعدام في تلك الليلة.

يقول “حبش” أنه بعد مناقشات طالت لأكثر من ساعة طرح اقتراج وزير الدفاع حافظ الأسد على التصويت ونال موافقة الحاضرين بأكثرية صوت.

في تلك الأثناء كان عبد الكريم الجندي مدير مكتب الأمن القومي في سجن المزة يشرف على تكسير أضلاع حاطوم قبل إرساله لتطلق عليه النار وهو نصف حي في الخامسة من صباح الرابع والعشرين من حزيران 1967م.

وصية حاطوم قبل تصفيته كانت السماح لزوجته بالاحتفاظ بوظيفتها كمعلمة لتتمكن من تربية أطفالها.
 
التعديل الأخير:

وهناك أيضاً محاولة انقلاب فاشلة بين الاخوان المسلمين وبين عدد من بقايا الضباط السنة في الجيش عام 1981 ...

عدد الضباط السنة المتسترين بالبعث والذين كانو سيشاركون بالانقلاب عددهم هو =300 ضابط..

قائد الانقلاب: العميد تيسير لطفي + العميد صلاح حلاوة

الخطة ينقل الاخوان من معسكرات تدريبهم في العراق والأردن 5000 مقاتل الى دمشق ويتم نقل السلاح من الحدود السورية العراقية الى دمشق ويقوم هؤلاء بدخول احدى القطع العسكرية التي ستنفذ الانقلاب وبعضهم سيتوجه في دمشق لدعم الانقلاب وأخرون سيفجرون 10 سيارات مفخخة في الاركان ووزارة الدفاع و فروع المخابرات لدعم الانقلاب

اعتقلت السلطة العميد الركن تيسير صباغ وهو شخصية محترمة في غرفة العمليات في الاركان ( وقد كان هو الذي ينقل تصور الوضع العسكري لحافظ أسد بحرب تشرين1973) وضابط دمشقي آخر هو العميد الدمشقي صلاح حلاوه ( من قبل الأستاذ عصام العطار) وكان الثالث مدنياً وهو الذي ابتلع كبسولة السم ( التي كان ينتجها جهاز الكيمياء في جماعة الإخوان) و التي كانت في احدى ثنايا ثيابه، وكان من المفترض أن تقتله خلال دقائق لكنه اسعف فوراً وبقي على قيد الحياة ، (فلقد تعودت السلطة ذلك ) ، حيث كان قد استشهد حوالي ١٤ شخص من الإخوان بشقيهم بإبتلاع كبسولة السم نفسه ، لأن وسائل التعذيب الاليم قد أجبرت البعض على الإعتراف وتدمير أجزاء من التنظيم جرت خلفها الإعتقالات والإعدامات,

قد كان الخرق من العميد المخبر الخائن أحمد عبد النبي ( حين دعاه العميد صلاح حلاوه ) وليس من القيادة في الخارج كما قال أحدهم في حديثه ، وقد رفعت رتبة أحمد عبد النبي بعد خيانته وانضمامه لصف حافظ وأصبح ببرتبة عماد و قائد فيلق وأعطي ٧ سيارا ت وأربعة بيوت هدية على خدمته، ولم يكن للعميد الشريف عبد المجيد عرفه أي دور خياني وهذا قد كان افتراء وظلماً عليه .
( لكن السلطة لم تعتقل الجميع لأن ذلك كان سيظهر أنها عمليات تصفية طائفية للسنة في الجيش على قلتهم ) بينما بقي حوالي عشرون متهماً مدة عشرين إلى ثلاث وعشرين عاماً قيد السجن منها ثلاث في سجن المزة والباقي في سجن تدمر ، ولقد كان التنظيم مأسوفاً عليه فعلاً فلقد كان مجموع الذين سينفذون الإنقلاب هم حوالي ٣٠٠ ضابط ( وهناك شرح طويل لذلك ) وهنا قد كسر جناح التنظيم العسكري ضمن الجيش وبقي الشق المدني المسلح ومركزه وبل وثقله شبه الوحيد في حماه ، لقد كانت الخطة محكمة ولم تكن عملاً عابثاً كما يفتري البعض .​

 

وهناك أيضاً محاولة انقلاب فاشلة بين الاخوان المسلمين وبين عدد من بقايا الضباط السنة في الجيش عام 1981 ...

عدد الضباط السنة المتسترين بالبعث والذين كانو سيشاركون بالانقلاب عددهم هو =300 ضابط..

قائد الانقلاب: العميد تيسير لطفي + العميد صلاح حلاوة

الخطة ينقل الاخوان من معسكرات تدريبهم في العراق والأردن 5000 مقاتل الى دمشق ويتم نقل السلاح من الحدود السورية العراقية الى دمشق ويقوم هؤلاء بدخول احدى القطع العسكرية التي ستنفذ الانقلاب وبعضهم سيتوجه في دمشق لدعم الانقلاب وأخرون سيفجرون 10 سيارات مفخخة في الاركان ووزارة الدفاع و فروع المخابرات لدعم الانقلاب

اعتقلت السلطة العميد الركن تيسير صباغ وهو شخصية محترمة في غرفة العمليات في الاركان ( وقد كان هو الذي ينقل تصور الوضع العسكري لحافظ أسد بحرب تشرين1973) وضابط دمشقي آخر هو العميد الدمشقي صلاح حلاوه ( من قبل الأستاذ عصام العطار) وكان الثالث مدنياً وهو الذي ابتلع كبسولة السم ( التي كان ينتجها جهاز الكيمياء في جماعة الإخوان) و التي كانت في احدى ثنايا ثيابه، وكان من المفترض أن تقتله خلال دقائق لكنه اسعف فوراً وبقي على قيد الحياة ، (فلقد تعودت السلطة ذلك ) ، حيث كان قد استشهد حوالي ١٤ شخص من الإخوان بشقيهم بإبتلاع كبسولة السم نفسه ، لأن وسائل التعذيب الاليم قد أجبرت البعض على الإعتراف وتدمير أجزاء من التنظيم جرت خلفها الإعتقالات والإعدامات,

قد كان الخرق من العميد المخبر الخائن أحمد عبد النبي ( حين دعاه العميد صلاح حلاوه ) وليس من القيادة في الخارج كما قال أحدهم في حديثه ، وقد رفعت رتبة أحمد عبد النبي بعد خيانته وانضمامه لصف حافظ وأصبح ببرتبة عماد و قائد فيلق وأعطي ٧ سيارا ت وأربعة بيوت هدية على خدمته، ولم يكن للعميد الشريف عبد المجيد عرفه أي دور خياني وهذا قد كان افتراء وظلماً عليه .
( لكن السلطة لم تعتقل الجميع لأن ذلك كان سيظهر أنها عمليات تصفية طائفية للسنة في الجيش على قلتهم ) بينما بقي حوالي عشرون متهماً مدة عشرين إلى ثلاث وعشرين عاماً قيد السجن منها ثلاث في سجن المزة والباقي في سجن تدمر ، ولقد كان التنظيم مأسوفاً عليه فعلاً فلقد كان مجموع الذين سينفذون الإنقلاب هم حوالي ٣٠٠ ضابط ( وهناك شرح طويل لذلك ) وهنا قد كسر جناح التنظيم العسكري ضمن الجيش وبقي الشق المدني المسلح ومركزه وبل وثقله شبه الوحيد في حماه ، لقد كانت الخطة محكمة ولم تكن عملاً عابثاً كما يفتري البعض .​

 
الإنقلابات العسكرية فى سوريا مسخرة تشعرك أنك فى جمهورية اللفت و ليست الموز.
 
السنة خارج النطاق فى سوريا لذلك يدفعون غاليا اليوم لعودتهم داخل النطاق.
 
إنقلابات عسكرية من تدبير الشيعة - الدروز - العلويين - المسيحيين

السنة نيام نيام.
 

عن فشل محاولة انقلاب نوفمبر ١٩٥٦

أو عملية الانتشار الأميركية

show_22771945-ce42-4643-a777-5a7fce984896.jpg


 
عودة
أعلى